المجموع : 87
حِكايَةُ الكَلبِ مَعَ الحَمامَه
حِكايَةُ الكَلبِ مَعَ الحَمامَه / تَشهَدُ لِلجِنسَينِ بِالكَرامَه
يُقالُ كانَ الكَلبُ ذاتَ يَومِ / بَينَ الرِياضِ غارِقاً في النَومِ
فَجاءَ مِن وَرائِهِ الثُعبانُ / مُنتَفِخاً كَأَنَّهُ الشَيطانُ
وَهَمَّ أَن يَغدِرَ بِالأَمينِ / فَرَقَّتِ الوَرقاءُ لِلمِسكينِ
وَنَزَلَت توّاً تُغيثُ الكَلبا / وَنَقَرَتهُ نَقرَةً فَهَبّا
فَحَمَدَ اللَهَ عَلى السَلامَه / وَحَفِظَ الجَميلَ لِلحَمامَه
إِذ مَرَّ ما مَرَّ مِنَ الزَمانِ / ثُمَّ أَتى المالِكُ لِلبُستانِ
فَسَبَقَ الكَلبُ لِتِلكَ الشَجَرَه / لِيُنذِرَ الطَيرَ كَما قَد أَنذَرَه
وَاِتَّخَذَ النَبحَ لَهُ عَلامَه / فَفَهِمَت حَديثَهُ الحَمامَه
وَأَقلَعَت في الحالِ لِلخَلاصِ / فَسَلِمَت مِن طائِرِ الرَصاصِ
هَذا هُوَ المَعروفُ يَا أَهلَ الفِطَن / الناسُ بِالناسِ وَمَن يُعِن يُعَن
كانَ ذِئبٌ يَتَغَذّى
كانَ ذِئبٌ يَتَغَذّى / فَجَرَت في الزَورِ عَظمَه
أَلزَمَتهُ الصَومَ حَتّى / فَجَعَت في الروحِ جِسمَه
فَأَتى الثَعلَبُ يَبكي / وَيُعَزّي فيهِ أُمَّه
قالَ يا أُمَّ صَديقي / بِيَ مِمّا بِكِ غُمَّه
فَاِصبِري صَبراً جَميلاً / إِنَّ صَبرَ الأُمِّ رَحمَه
فَأَجابَت يا اِبنَ أُختي / كُلُّ ما قَد قُلتَ حِكمَه
ما بِيَ الغالي وَلَكِن / قَولُهُم ماتَ بِعَظمَه
لَيتَهُ مِثلَ أَخيهِ / ماتَ مَحسوداً بِتُخمَه
تفَدّيكَ يا مَكسُ الجِيادُ الصَلادِمُ
تفَدّيكَ يا مَكسُ الجِيادُ الصَلادِمُ / وَتَفدي الأساةُ النُطسُ مَن أَنتَ خادِمُ
كَأَنَّكَ إِن حارَبتَ فَوقَكَ عَنتَرٌ / وَتَحتَ اِبنِ سينا أَنتَ حينَ تُسالِمُ
سَتُجزى التَماثيلَ الَّتي لَيسَ مِثلُها / إِذا جاءَ يَومٌ فيهِ تُجزى البَهائِمُ
فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالجِيادُ كَواكِبٌ / وَإِنَّكَ دينارٌ وَهُنَّ الدَراهِمُ
مِثالٌ بِساحِ البَرلَمانِ مُنَصَّبٌ / وَآخَرُ في بارِ اللِوا لَكَ قائِمُ
وَلا تَظفَرُ الأَهرامُ إِلّا بِثالِثٍ / مَزاميرُ داوُدٍ عَلَيهِ نَواغِمُ
وَكَم تَدَّعي السودانَ يا مَكسُ هازِلاً / وَما أَنتَ مُسَوَّدٌ وَلا أَنتَ قاتِمُ
وَما بِكَ مِمّا تُبصِرُ العَينُ شُبهَةٌ / وَلَكِن مَشيبٌ عَجَّلَتهُ العَظائِمُ
كَأَنَّكَ خَيلُ التُركِ شابَت مُتونُها / وَشابَت نَواصيها وَشابَ القَوائِمُ
فَيا رُبَّ أَيّامٍ شَهِدتَ عَصيبَةٍ / وَقائِعُها مَشهورَةٌ وَالمَلاحِمُ
قُل لِاِبنِ سينا لا طَبي
قُل لِاِبنِ سينا لا طَبي / بَ اليَومَ إِلّا الدِرهَمُ
هُوَ قَبلَ بقراطٍ وَقَب / لَكَ لِلجِراحَةِ مَرهَمُ
وَالناسُ مُذ كانوا عَلَي / هِ دائِرونَ وَحُوَّمُ
وَبِسِحرِهِ تَعلو الأَسا / فِلُ في العُيونِ وَتَعظُمُ
يا هَل تُرى الأَلفانِ وَق / فٌ لا يُمَسُّ وَمَحرَمُ
بَنكُ السَعيدِ عَلَيهِما / حَتّى القِيامَةِ قَيِّمُ
لا شيكَ يَظهَرُ في البُنو / كِ وَلا حِوالَةَ تُخصَمُ
وَأَعَفُّ مَن لاقَيتَ يَل / قاهُ فَلا يَتَكَرَّمُ
بَراغيثُ مَحجوبٍ لَم أَنسَها
بَراغيثُ مَحجوبٍ لَم أَنسَها / وَلَم أَنسَ ما طَعِمَت مِن دَمي
تَشُقُّ خَراطيمُها جَورَبي / وَتَنفُذُ في اللَحمِ وَالأَعظُمِ
وَكُنتُ إِذا الصَيفُ راحَ اِحتَجَم / تُ فَجاءَ الخَريفُ فَلَم أحجَمِ
تُرَحِّبُ بِالضَيفِ فَوقَ الطَري / قِ فَبابِ العِيادَةِ فَالسُلَّمِ
قَدِ اِنتَشَرَت جَوقَةً جَوقَةً / كَما رُشَّتِ الأَرضُ بِالسِمسِمِ
وَتَرقُصُ رَقصَ المَواسي الحِدادِ / عَلى الجِلدِ وَالعَلَقِ الأَسحَمِ
بَواكيرُ تَطلعُ قَبلَ الشِتاءِ / وَتَرفَعُ أَلوِيَةِ المَوسِمِ
إِذا ما اِبنُ سينا رَمى بَلغَماً / رَأَيتَ البَراغيثَ في البَلغَمِ
وَتُبصِرُها حَولَ بيبا الرَئيس / وَفي شارِبَيهِ وَحَولَ الفَمِ
وَبَينَ حَفائِرِ أَسنانِهِ / مَعَ السوسِ في طَلَبِ المَطعَمِ
سِلك لآلٍ مِن بَني الأَعمامِ
سِلك لآلٍ مِن بَني الأَعمامِ / وَمُلكُ آلٍ مِن بَني الغَمامِ
بجَدّهم في السَنة اِستَسقى عُمَر / هَزّ الغَمامَ بِالغَمام فَاِنهَمَر
وَدُولةُ الحَق بَدَت لِلناسِ / بَينَ رِضى الخَلق وَالاستئناسِ
وَعدُ النَبيّ في الحَياة عَمّه / اللَه مِن بَعدهما أَتمه
وَلَستَ تَدري مَن بَنى أَساسَها / أَعجَبُ أَم مَن شادَها وَساسَها
أَقبلَ يَبنيها مشن الفِتيان / عِصابَةٌ مُحسِنَةُ البُنيانِ
قَد نَفَروا لِلأَمر في أَوقاتِهِ / وَالأَمرُ يَستَأنِسُ في مِيقاتِهِ
وَاِنتَخبوا الأَبطال لِلمَجالِ / وَالخَيرُ في تَخيُّر الرِجال
وَنقدوا الآراءَ وَالسُيوفا / فَنَفو الكُلولَ وَالزيوفا
سَلُّوا خَراسانَ وَنعمَ الماضي / في الأَمر مُستقبلِهِ وَالماضي
خِفّت لِداعيهم وَلَبّت الطَلَب / وَاِعتَصَمَ المَأمونُ فِيها فَغَلَب
لِأَهلِها فيهم هَوى وَنارُ / وَفي مَهَبِّ الريح تَقوى النارُ
رَموا بِها فَجَدلوا أُمَيّه / وَكُلُّ سَهمٍ وَلَهُ رَميّه
بِالشام صادوا الملكَ وَالإِمامَه / ما بال بازيهم غَدا حَمامَه
حَقيقةٌ لَيسَ لَها مُفنِّدُ / كُل مُهنّد لَهُ مُهَنّدُ
مَلَك بأفق الرمل هلّ كريما
مَلَك بأفق الرمل هلّ كريما / يدعو الجماد جماله ليهيما
أبهى من الدنيا وأزين طلعة / وألذ من عَرف الحياة شميما
الريح تحضن بانة من قده / والبحر يرحم درّ فيه يتيما
والشمس تغشى شَعره وكأنما / خلعت عليه نضارها الموهوما
والناس في شغل به وتعجب / لا يذكرون من الهموم قديما
يارملة الثغر استرقى واملكي / من بات من فتن الغرام سليما
تتجمل الدنيا بشمس سمائها / وجمال أفقك بالشموس عموما
بالنعامات اللاهيات بمنتدىً / يبدو أشمّ على المياه فخيما
الحاكيات عليه أندلس الهوى / عربا لنا طورا وحينا روما
الطالعات ولا أقول فراقدا / حذر العيون ولا أقول نجوما
والمائجات من اللطافة لجة / والهافيات من الدلال نسيما
واللافظات عن القيق مرقّقا / والباسمات عن الجمان نظيما
والساحبات من الحرير مطارفا / ودَّ الأصيل فشيبهنّ أديما
من كل مقبلة تخف لها النهى / وثبا ويأخذها الفؤاد صميما
هيفاء تندى بهجة في إثرها / هيفاء تقطر نضرة ونعيما
متجانسات في سياق وفودها / يحكين هذا اللؤلؤ المنظوما
لولا الليالي ما حملنا القذى
لولا الليالي ما حملنا القذى / ليتك عنا يا ليالي نيام
هبِك حميِت النفس أن تشتكي / لن تمنعيها أن تمج اللئام
نرحو بحلمي أن سنعلو وأن / تبقى معاليا ليوم القيام
وأن نصون الحق عن معشر / قد كتموا الحق وظنوا اكتتام
لعل أن ينصر من نصره ال / نصر ومن يرجى به الانتقام
سلام الله لا أرضى سلامي
سلام الله لا أرضى سلامي / فكل تحية دون المقام
وعين من رسول الله ترعى / وتحرس حامل الأمر الجُسام
وتنَجد مقلة في الله يقظى / وتخلفها على أمم نيام
تقلَّب في ليال من خطوب / تركن المسلمين بلا سلام
ومن عجبٍ قيامك في الليالي / وأنت الشمس في نظر الأنام
أحب خليفة الرحمن جهدي / وحب الله في حب الإمام
وأجعل عصره عنوان شعري / وحسن العقد يظهر في النظام
فإن نفت الموانع فيه حظى / فليس بفائت حظ الكلام
وقد يُرعى الغمام الأرض أذنا / وأين الأرض من سمع الغمام
إلى ابن محمد أهدي كتابي
إلى ابن محمد أهدي كتابي / وقد يُهدَى القليل إلى الكريم
وما أهدى له إلا فؤادي / وما بين الفؤاد من الصميم
وغرس طفولتي وجَنَى شبابي / وما أوعيت من وحي قديم
وما حاولت من عصر عظيم / من الآداب للوطن العظيم
وكان محمد أوفى وأرعى / لهذا الدرّ من واعي اليتيم
وإن الشعر ريحان الموالي / وراحة كل ذى ذوق سليم
وما شرب الملوك ولا استعادوا / كهذى الكأس من هذا النديم
زاحمت كل أخي جهل وزاحمني
زاحمت كل أخي جهل وزاحمني / كالبدر غالب فيما حاول الظلما
ولاح لي من زماني مظهر كذب / حتى رميت على عُبَّاده الصنما
من يرد حقه فللحق أنصا
من يرد حقه فللحق أنصا / ر كثير وفي الزمان كرام
لا تروقنّ نومة الحق للبا / غي فللحق هزة وأنتقام
تحبك صاحبي منا قلوب
تحبك صاحبي منا قلوب / لغيرك ظهرها ولك الصميم
وترجو أن تعيش لها نفوس / إذا تبقى لها يبقى النعيم
عن اللذات صامت لم تجادل / فإما عن هواك فلا تصوم
أفي هذا الشباب تعف نفس
أفي هذا الشباب تعف نفس / ولا يلهى الفتى هذا النعيم
ألا يدعوك للذات صفو / وأكثرنا على كدر يحوم
كأن مكارم الأخلاق روض / وأنت الزهر فيه والنسيم
فهلا أختار هذا النهج قوم / خلالُ الدين بينهم رسوم
وما جهلوا فوائد ما أضاعوا / ولكن ربما نسى العليم
تَغَيَّرنا فلا ظن جميل / بخالقنا ولا قلب سليم
كأنا في التلون قوم موسى / وأنت بنا كما شقى الكليم
فإن لم نرض أخلاقا فعذرا / لعل ضلالنا هذا قديم
أما وزهر الأنجم
أما وزهر الأنجم / وطول ليل المغرم
وما شكا أهل الهوى / من الجوى واللوّم
بل والمقام والحطيم / والحجيج الأعظم
والمروتين وثبير / ومنىً وزمزم
والمشعر الحرام / والبيت العتيق الأكرم
لقد أضعتَ العمر في / زهو ولهو فأندم
فكم ركبت للمعا / صى متن ليل أدهم
وكم جنيت جهرة / من لذة لم تدم
وكم فتاة قد دعو / ت للهوى لم تحجم
وكم توسدت من ال / حسان أبهى معصم
صادت فؤاد أصيد / من قبلها لم يكلم
هيفاء تمشى مرحا / من عزة التنعم
مديمة الدلال والإ / عجاب والتبسم
غيداء ذات شعَر / مرجل ململم
شعر بلون مذهب / أملس كالإبريسم
ووجه بدر في دجى / ثوبِ حرير أسحم
وأعينٍ تذيب قل / ب الفارس المستلئم
ما أحسن الأضداد في / هذا الجمال المحكم
خصر نحيل لين / على ثقيل مفعم
تفِتن في الصلاة قل / ب الراهب المصمم
ورأيها أن قتيل الح / ب مطلول الدم
ولم تصادف إِبِلا / تسف حب الخِمخِم
لم تبك من ذكرى طلو / ل قد عفت وأرسم
ولم تعاين ديسما / يعدوا وراء شيهم
لم تدر أن عنترا / توعد ابنى ضمضم
وعمرَها ما سمعت / بالقشعم بن الأرقم
ولا بمن فرقهم / حادث سيل العرم
ولا بحكم عمر / في لطمة ابن الأيهم
ولا بقتلة الإمام / من يد ابن ملجم
لم تشرب الصفراء في / الدّباء أو في الحنتم
تهزأ بالقانون والط / ب وسير الأنجم
وساسة الدنيا وتا / ريخ الزمان الأقدم
وسيبويه النحو وال / شنتمرِىّ الأعلم
وكل شاعر قديم ال / عصر أو مخضرم
قابلتها مقبِّلا / لليد منها والفم
ونحس بختى غاب حي / ث رحل أم قشعم
وألسن العزال خُر / س والرقيب قد عمى
والثلج يحكى في الهوى / نطاف قطن ترتمى
قد فرش الأرض بسا / طا ناصعا لم يرقم
تسوخ في أوحاله / رِجل القوىّ المحكم
وتزلق الأطفال وال / شيوخ عند المقدم
وكل غصن مائل / بالثلج أو مقوّم
كأشيبٍ من الفِرِ / نج منحن مسلم
أو عربي شاحبٍ / بأبيضٍ معمم
قلت لها مسلّما / كُمَّن سَقَا ما شيرامى
صفا الزمان لحظة / لمغرم متيم
قطعت وصل الغانيا / ت قطع حبل مبرم
لاهُمَّ عفوا عن عُبي / د مستجير مجرم
الحق صعب طعمه / مرّ كطعم العلقم
من مات مات وانتهى / ومن يعمر يهرم
ومن يخاف الموت هل / ينجو من المحتم
وم يرد إحياء غد / راتِ الزمان يسأم
المال ظل زائل / والجهل موت الأمم
أحوم على حسنكم ما أحوم
أحوم على حسنكم ما أحوم / وأذكركم بطلوع النجوم
وأصبو إليكم وأشتاقكم / كما اشتاق طيب الشفاء السقيم
وما بيننا غير هذا الفناء / وهذا الجدار وهذى الحريم
وهذى الرياض وهذا الحياض / وهذا النخيل وهذى الكروم
ونحن كمن فرت بينهم / ممالك في الحرب تحمى التخوم
إذا شئت لقياك خنت الملي / ك وإن لم اشأ خنت قلبي الكليم
ويا ليل طلت وطال الأسى / فما لك حد ولا للهموم
فماذا تريد بهذا السكون / وماذا تريد بهذا الوجوم
ويا ماء ما تبتغى بالخرير / ويا نجم بالخفق ماذا تروم
ويا زهر لا حسدتك القلوب / فشملك في العاشقين النظيم
ويا طير يهنيك طيب الكرى / وطول العناق وفرط النعيم
سما بك غصن على كثرة / وضاق عن أثنين قصر عظيم
فيا طير يهنيك طيب الكرى
فيا طير يهنيك طيب الكرى / وطول العناق وفرط النعيم
سما بك غصن على كثرة / وضاق عن أثنين قصر عظيم
وما بيننا غير هذا الفناء / وهذا الجدار وهذا الحريم
وهذى الرياض وهذى الحياض / وهذا النخيل وهذى الكروم
ونحن كمن فرقت بينهم / ممالك في الحرب تحمى التخوم
الحرب لا بدّ منها
الحرب لا بدّ منها / وإن أباها الأنام
حقيقة وضعوها / فليس فيها كلام
ما دام شر فحرب / والشر فيهم لزام
في كل يوم دعاوي / لا تنقضي وخصام
إذا أستراح حسام / في الغمد قام حسام
وإن تصالح قوم / تقاتلت أقوام
والناس للناس بالحر / ب سيد وغلام
عرابي كيف أوفيك الملاما
عرابي كيف أوفيك الملاما / جمعت على ملامتك الأناما
فقف بالتل واستمع العظاما / فإن لها كما لهمو كلاما
سمعت من الورى جدا وهزلا / فانصت إذ تقول القول فصلا
كانك قاتل والحكم يتلى / عليك وانت تنتظر الحماما
ولا تامل من الأموات عفوا / وإن كان الحسين اباك دعوى
ارقت دماءهم لعبا ولهوا / ولم تعرف لغاليها مقاما
دماء قد فدتك ولم تصنها / نفضت يديك يوم التل منها
فكيف تنام عين الله عنها / إذا غفل الملا عنها وناما
لقد سفكت بجهلك شر سفك / لغير شهادة او رفع ملك
وانت على قديم العز تبكى / وتندب رتبة لك او وساما
تقول لك العظام مقال صدق / ورب مقالة من غير نطق
قتلت المسلمين بغير حق / وضيّعتَ الأمانة والذماما
تقول لقد بقيت وما بقينا / ثبتنا للعدا حتى فنينا
فما حكم الليالي في بنينا / وما صنع الأرامل واليتامى
وتقول وصوتها رعد قوىّ / ونحل في الضمير لها دوى
لقد مات الكرام وأنت حىّ / حياة تنقضى عارا وذاما
تقول وصوتها ملأ الدهورا / وأنت أصم من حجر شعورا
عرابي هل تركت لنا قبورا / يقول الطائفون بها سلاما
تقول وصورتها بلغ السماء / وأسمع خير من سمع النداء
إله العالمين أجب دماء / تصيح الانتقاما الانتقاما
تقول جبنت حين الظلم ينمو / وثر ولم يكن في مصر ظلم
وغرك من أبي العباس حلم / ولما يكتمل في الحكم عاما
وقفت له وما ظلم الأمير / ولم يكن آطمأن به السرير
فجل الخطب واضطربت أمور / عييت بأن تكون لها نظاما
تقول مقالة فيها اعتبار / عشية حال بينكما الفرار
أموتٌ يا عرابي ثم عار / يلازمنا بقائدنا لزاما
رمانا بالجبانة كل شعب / وسبتنا الخلائق أى سب
لأجلك حين تخرج لحرب / ولا جردت في الهيجا حساما
وقيل زعيمهم ولى الفرارا / وفي بلبيس قد ساق القطارا
وخلف جيشه فوضى حيارى / وقد بلغ العِدى فيهم مراما
نسائل عن عرابي لا نراه / وننشد حاميا خلّى حماه
ركبنا الموت لم نركب سواه / ونت ركبت للعار الظلاما
رويدا يا شعوب الأرض مهلا / فما كنا لهذا اللوم أهلا
أراكم واحد جبنا وجهلا / فأنساكم مواقفنا العظاما
سلوا تاريخنا وسلوا عليا / ألم يملأ بنا الدنيا دويا
لقد عاش الأمير بنا قويا / وعشنا تحت رايته كراما
يَعزّبنا ويقهر من يشاء / كأنا تحت رايته القضاء
لنا في ظلها وله علاء / ومجد يملأ الدنيا ابتساما
ألم نكف الحجاز عوان حرب / وأنقذناه من حرب وكرب
فكنا للمهيمن خير حزب / أجرنا الدين والبيت الحراما
سلوه وأهله أيام ثاروا / ألم نقبض عليه وهو نار
وكان الدين ليس له قرار / فثبتناه يومئذ دعاما
ألم نك خلف إبراهيم لما / رمى بجواده الأبراج شما
وكبرّ يوم مورة ثم سمى / فكنا الصف إذ كان الإماما
ترانا في مواقفه نليه / كما جمع الأب الوافي بنيه
وليس الجيش إلا قائديه / إذا ما قوموا الجيش استقاما
نلبى إن أشار براحتيه / إلى حصن فيسبقنا إليه
كأن سميّه في بردتيه / يخوض النار في الهيجا سلاما
وفي اليونان أحسنا البلاء / وهز المسلمون بنا اللواء
وقدّمنا بوارجنا فداء / على الأمواج تضطرم اضطراما
وفي البلغار صلنا ثم صلنا / وطاولنا الجبال بها فطلنا
وأنزلنا العدوّ وما نزلنا / وكنا للرواسى الشم هاما
وسل بأسنا سودان ومصرا / فبعد الله والمهدىّ أدرى
بأنا الأسد إقداما وأجرا / إذا اصدم الفريقان اصطداما
وفي المسكوف شدنا ذكرا مصرا / على قتلى بها منا وأسرى
بلغنا نحن والأتراك عذرا / وأرضينا المهيمن والإماما
وكان لنا بلاء في كريد / بيوم ثائر الهيجا شديد
أذبناها وكانت من حديد / وأطفأنا لثورتها ضِراما
رفعنا الملك بالمهج الغوالي / تسيل على القواضب والعوالي
وبالأذكار لم نحيى الليالي / ولا بتنا على ضيم نياما
تقول لك العظام دع الأماني / ولا تحِفل بسيف غير قاني
وليس بذى الفقار ولا اليماني / ولا المقهور دفعا واستلاما
أراح الله منك حدِيدَتَيه / وأنسى الناس ما علموا عليه
وأنت تنبه الدنيا إليه / وتفتأ تذكر العار الجُساما
تحنّ له كأنك لم تضعه / فسعه بجبنك المأثور سعه
ودعه في ظلام الغمد دعه / لعل مع الظلام له احتراما
أما والله ما لُعَب الصغار / ولا خُشُب يقلدن الجوارى
ولا الأوتار في ايدى الجوارى / بأحسن منه في الهيجا قياما
وهذا الصدر أضيق أن يحلَّى / وأن يسترجع الشأن الأجلا
فلم يك للقنا يوما محلا / ولا لقى الرصاص ولا السهاما
لقد ضاع الفخار على الخفير / وضاعت عنده نعم الأمير
أمن تحت السلاح إلى وزير / يسمى السيد البطل الهماما
عمَّى في الشرق كان ولا يزال / فما برحت معاليه تنال
ويبلغ شاوها الأقصى رجال / لهم في الجهل قدر لا يسامى
فخذ رتب المعالي أو فدعها / وإن شئت اشِرها أو شئت بعها
فإنك إن تنلها لا تضعها / وحاشا ترفع الرتب الطغاما
تقول كل العظام وأنت لاه / تمنى النفس من مال وجاه
وتكذب بالصلاة على إله / ولما بتلغ الروح التراقي
سنأخذ منك يوما بالخناق / ولما تبلغ الروح التراقي
تلاقى يوم ذلك ما تلاقى / دماء الخلق والموت الزؤاما
نجيئك يوم يحضُرك الحمام / يسل حسامه ولنا حسام
وتسبق سهمه منا سهام / لها بالحق رام لا يرامى
نجيئك يوم تحضُرك المنون / ويأتى العقل إذ يمضى الجنون
نقول لنا على الجاني ديون / فياربَّ الدم احتكم احتكاما
ونُسأل ما جنى ماذا أساء / ليلقى عن جنايته الجزاء
فنرفعها إلى البارى دماء / ونعرضها له جثثا وهاما
نقول جنى ومنَّ بما جناه / وحاول أن تُردّ له علاه
وضيع أنفسنا ذهبت فداه / وأنت الله فانتقم انتقاما
هناك ترى جهنم وهي تُحمَى / وتذكر ما مضى جرما فجرما
فَتُشرقَ بالدم المسفوك ظلما / وبالوطن العثور ولا قياما
أمحمد فرغت حقيبتك التي
أمحمد فرغت حقيبتك التي / أخرجت منها قول كل حكيم
فإذا لُطِمت بألف كف لم تجد / للفخر قولا يا ابن إبراهيم