المجموع : 72
رُفعتُ ولم أرفعْ إلى غير منزلي
رُفعتُ ولم أرفعْ إلى غير منزلي / من الغيب أمر المحسن المتفضِّلِ
وقد زجَّ بي في النور نور وجودِهِ / فأصبحتُ معدوماً بغير تحوُّلِ
وجودٌ قديمٌ نحن فيه هياكلٌ / بغير وجودٍ هيئةُ المتخيِّلِ
تعالوا بنا يا تائهون لعلَّنا / نكون كما كنا بترك التعلُّلِ
ونُسلِمُ عن كشفٍ إليه أمورَنا / فليس لكم أمرٌ يكون وليس لي
ونشهد أمرَ الله فينا كأنَّه / بنا لمعُ برقٍ في دُجى الكون ينجلي
وما البرقُ إلا نحنُ إذ نحنُ أمرُهُ / هو القدرُ المقدورُ في الذكر قد تُلي
ولا تبعدوا عني بأحوال غفلةٍ / دهتكم فأصبحتم بعادَ التأمُّلِ
وجار عليكم حبُّ دنيا دنيةٍ / وليس عليها عندنا من معوَّلِ
قفوا في حمى الإيمان لا تتحولوا / إلى غيره بالعقل قصدُ التوصُّلِ
ودوموا على الطاعات خالصةً عسى / بكم يَرِدُ الساقي إلى عَذْبِ منهلِ
هنالك نور الكشف إن شاء ربنا / وإلا فأنتم في مقامِ مؤمِّلِ
مقام أولي الإيمان بالغيب فاسبقوا / إليه ولا تصغوا إلى قولِ عُذَّلِ
إن أحبابنا وهم سادةُ الحَيْ
إن أحبابنا وهم سادةُ الحَيْ /
هجروا بعد وصلهم مغرماً عَيْ /
وعلى البعد مذ لوى ركبَهم لَيّْ /
لمعت نارُهم وقد عسعسَ اللَيْ / لُ ومَلَّ الحادي وتاه الدليلُ
هيَّ بي يا محبهم نحوهم هيّْ /
لا تموِّهْ بزينبٍ لا ولا ميْ /
نارهم في الحشى بدت وكوت كيْ /
فتأملتها وفكري من البيْ / ن عليلٌ ولحظُ عيني كليلُ
جن عقلي بهم إذا الليل جنّا /
والحشى كلما تذكر حنّا /
ليت شعري كيف السلوُّ وأنَّى /
وفؤادي هو الفؤاد المعنَّى / وغرامي ذاك الغرام الدخيل
لذَّ لي في هوى المليحة سلبي /
وكشفت الحجاب عن عين قلبي /
لا تلمني قضيت يا صاح نحبي /
ثم قابلتها وقلت لصحبي / هذه النار نار ليلى فميلوا
أنا من أجلها أحب المليحا /
وفؤادي يهوى القوام الرجيحا /
ضج قومي وحاولوا الترجيحا /
فرموا نحوها لحاظاً صحيحا / ت فعادت خواسئاً وهي حول
ليتهم أقصروا بها ما استطالوا /
وبأيمانهم على القرب آلوا /
قصدوها فخابت الآمال /
ثم مالوا إلى الملام وقالوا / خلَّبٌ ما رأيت أم تخييل
هل أتدري وعلم حالي لديها /
ويح أهل الملام لا موا عليها /
ثم لي موَّهوا بها تمويها /
فتجنبتهم وملت إليها / والهوى مركبي وشوقي الزميل
صار ختمي في حب علوة بدءا /
وتقربت مسمعاً بل ومرأى /
ثم إني دنوت والغير ينأى /
ومعي صاحبٌ أتى يقتفي الآ / ثار والحب شرطه التطفيل
قد شربنا في حبها خمرة الدنّْ /
وعلينا الساقي المليح بها منّْ /
ثم جئنا والقلب من شوقه حنّْ /
وهي تعلو ونحن ندنو إلى أنْ / حجزت بينها طلولٌ حلول
منية القلب بالجمال تعالت /
وإليها ملنا نهيم فمالت /
وقصدنا طلولها حين طالت /
فدنونا من الطلول فحالت / زفزاتٌ من دونها وغليل
قد تناءت ديارها وطريحُ /
أنا والجفن بالدموع قريحُ /
ثم مذ جئت والغرام صحيحُ /
قلت من بالديار قالوا جريحُ / وأسير مكبَّلٌ وقتيل
دار سلمى ما دار فيها كثيفُ /
قطُّ إلا وناله تلطيفُ /
قيل لي حين جئتها يا شريفُ /
ما الذي جيتَ تبتغي قلت ضيفُ / جاء يبغي القرى فأين النزول
يا لسلمى تُعز قوماً وتحقرْ /
وأسير الهوى يرى الحر في القرْ /
جئتها والفنا من الغير مفقرْ /
فأشارت بالرحب دونك فاعقرْ / ها فما عندنا لضيف رحيل
حبنا العز والعلى من لدنْهُ /
والكمالات والمفاخر منْهُ /
لا ترمنا فما لما رمت كنْهُ /
من أتانا ألقى عصا السير عنْهُ / قلت من لي بها وأين السبيل
حثَّنا الشوقُ في مهامه لومٍ /
لديار الهوى وبهجة يومٍ /
ثم سرنا نزيل آثار نومٍ /
فحططنا إلى منازل قومٍ / صرعتهم قبل المذاق الشمول
لفؤادي في الحب أوفر قسمِ /
والهوى قد هوى بروح وجسمِ /
ونداماي ليس منهم سوى اسمِ /
درس الوجدُ منهمو كلَّ رسمِ / فهو رسم والقوم فيه حلول
هو قلبي عن الهوى ليس ينفكّْ /
فاقطع اللوم صاح من حيثما رَكّْ /
إنما القوم طودهم بالهوى أندكّْ /
منهمو من عفا ولم يَبقَ للشكْ / وى ولا للدموع منه مقيل
منزل الغانيات إياك منْهُ /
فهو للسلب في المحبة كنْهُ /
ولكم عاشق عهدت لدنْهُ /
ليس إلا الأنفاس تخبر عنْهُ / وهو منها مبرَّأٌ معزول
ركن أهل الملام من صبوتي ارتَجّْ /
وأخلاي في الهوى صبرُهم عجّْ /
فترى منهم الطريح وقد لجّْ /
ومن القوم من يشير إلى وجْ / دٍ تبقَّى عليه منه القليل
أنا أهوى نواظراً وقواما /
ذاك رمحاً أرى وتلك سهاما /
ولأهل الهوى غدوتُ إماما /
ولكلٍّ رأيت منه مقاما / شرحه في الكتاب مما يطول
اتركو اللوم يا عواذلُ وَيكمْ /
وامنحوني يا سادتي ما لديكمْ /
أنا أرسلت بالكتاب إليكمْ /
قلت أهل الهوى سلامٌ عليكمْ / لي فؤاد بحبكم مشغول
عَرْفُ ليلى من النسائم أشتمّْ /
وفؤادي بزائد الحب يهتمّْ /
لي ضلوع من كثرة الشوقِ في غمّْ /
وجفون قد قرحتها من الدمْ / ع حثيثاً إلى لقاكم سيول
ليس في الحق يا ابن ودِّيَ جحدُ /
وجدك اسلَمْ به وهل لك وجدُ /
يا كراماً لضدهم ضمَّ لحدُ /
لم يزل حادثٌ من الشوق يحدو / ني إليكم والحادثات تحول
سال دمعي دماً من الماء أميَعْ /
وحديثي من كل ما شاع أشيَعْ /
ضعت والود بين قومي أضيَعْ /
واعتذاري ذنب فهل عند من يَعْ / لَمُ عذري في ترك عذري قبول
إن ذاك الحمى وذاك المكانا /
خطفتني بروقُهُ لمعانا /
يا رعاة الحمى أماناً أمانا /
جئتُ كي أصطلي فهل لي إلى نا / رِكُمو هذه الغداةَ سبيل
أهل ودي أهل الهوى فائْتَمِنْهُمْ /
فالوفا قد وجدته من لدنهمْ /
ورجوت الكرام أطلب منهمْ /
فأجابت شواهد الحال عنهمْ / كل حدٍّ من دونها مفلول
إن هذا الضيا وهذا البريقا /
لسليمى فاسلك إليها الطريقا /
وإذا الكون أظهر التزويقا /
لا تروقنَّك الرياض الأنيقا / ت فمن دونها رُبىً ودخول
قف على الباب للمحبة مُدْمِنْ /
فهواها غالي لدى القوم مُثْمِنْ /
هي سلمى لم يدرها غير مؤمنْ /
كم أتاها قوم على غرةٍ مِنْ / ها وراموا أمراً فعز الوصول
حسبوا ماءها يزيلُ أُواما /
فأذيبوا وأعدموا إعداما /
ثم لما أبدت لهم أعلاما /
وقفوا شاخصين حتى إذا ما / لاح للوصل غرةٌ وحُجول
عرفات الهوى بها الشجُّ والعجّْ /
لك طوبى يوما إذا فزت بالحجّْ /
فاقصد الركب إن تجد شوقهم لجّْ /
وبدت رايةُ الوفا بيدِ الوجْ / دِ ونادى أهل الحقائق جولوا
إن عهدي الوثيق في الحب ما انحلّْ /
وأخو الصدق دام والمدعي ملّْ /
وعلوم الهوى تقول الهوى جلّْ /
أين من كان يدَّعينا فهذا الْ / يوم فيه صِبْغُ الدعاوي يحول
نحن قومٌ مقامنا بالعلى خُصّْ /
وعلينا في محكم الذكر قد نُصّْ /
معشر للهدى بهم كلما اقتُصّْ /
حملوا حملةَ الفُحولِ ولا يُصْ / دَعُ يومَ اللقاءِ إلا الفحول
أهل أيد كالغيث بالبذل سحَّتْ /
طالما بالعداة في الحرب ضحَّتْ /
ثم لما النوى عليهم ألحَّتْ /
بذلوا أنفساً سخت حين شحَّتْ / بوصالٍ واستُصغرَ المبذول
سادةٌ قلعةُ الأنا هدموها /
أيُّ حال في الحرب ما علموها /
دخلوا في الوغى ليخترموها /
ثم غابوا من بعدما اقتحموها / بين أمواجها وجاءت سيول
سادة عن قلوبهم زالَ غلٌّ /
ولهم في عز الحقيقة ذلٌّ /
ثم لما بهم لهم كان ظلٌّ /
قذفتهم إلى الرسوم فكلٌّ / دمُهُ في طلولها مطلول
صرَّح القوم لي بما فكرهم حسّْ /
يحرق الكف للجهول إذا جسّْ /
ثم قالوا لكلِّ من يطلب المسّْ /
نارها هذه تضيء لمن يَسْ / ري بليلٍ لكنها لا تُنيل
كم عزيز في الحب لذَّ له الذُلّْ /
ثم من روانق النعيم قد استُلّْ /
شَرُفَتْ حالةً بها شُغِفَ الكُلّْ /
منتهى الحظ ما تزود منه الْ / لَحْظُ والمدركونَ ذاكَ قليل
هي ذاتٌ قد أظهرتنا لباسا /
وبنا منشأً زَكَتْ وأساسا /
ثم يا عقل مذ تركتَ قياسا /
جاءها من عرفت يبغي اقتباسا / وله البسطُ والمنى والسول
نفَّرتْهُ عن حبِّها واشمأزَّتْ /
وعليه من قدِّها الرمحَ هزَّتْ /
كل نفس همَّت بها واستفزَّتْ /
فتعالت عن المثال وعزَّتْ / عن دنوٍّ إليه وهو رسول
أخذتنا مقيدين أسارى /
والجوى قد أقام والصبر سارا /
يا ابن ودي كنا بها نتجارى /
فوقفنا كما عهدتَ حيارى / كلُّ عزمٍ من دونها مخذول
عللتنا بما تشير الملاهي /
فسمعنا منها ولم ندر ما هي /
ثم رحنا والفكر بالشوق ساهي /
ندفع الوقت بالرجاء وناهي / كم بقلب غذاؤُهُ التعليل
يا أخا الوجد من لصبٍّ أسيرٍ /
بين شوق نما وصبر يسيرٍ /
ويح قلبي في حب ظبيٍ غريرٍ /
كلما ذاق كأس يأس مريرٍ / جاء كأسٌ من الرجا معسول
لم يجد في هوى المهفهف صبرا /
وبه الشوق قد توقَّد جمرا /
مغرم القلب سرُّهُ صار جهرا /
فإذا سولت له النفس أمرا / حيدَ عنه وقيل صبر جميل
حرم نحن فيه والغير في الحلّْ /
رح سليماً ومن ملامتنا قلّْ /
فإذا ما سئلت يا أيها الخِلّْ /
هذه حالنا وما وصل العل / مُ إليه وكل حالٍ تحول
الحمد لله لا جاه ولا مالُ
الحمد لله لا جاه ولا مالُ / وإنما هو علم الله والحالُ
فلا أخاف على جاه يزول ولا / مال عليه يدٌ تبغي وتحتالُ
عندي علوم وما عندي لها أحد / في عصرنا اليوم بين الناس حمّال
أبثها بين أقوامٍ فيوهمني / بعضٌ بإيمانه والبعض نقال
وهم يلومون في إفشائها وأنا / أخاف تدركني بالكتم أنكال
لعنٌ من الله في القرآن جاء لمن / أخفى بياناً له في الذكرِ إنزال
وإنما أنا أبديها فيؤمن ذو / هدىً وينكرها من فيه إضلال
يا ويحهم كلما أصغوا لها وجدوا / قبولها فدهتهم منه أثقال
فيعرضون اكتفاءً بالذي فهموا / والفهم فيها بدون الذوق بطّال
وغاية الأمر أن البعض ليس له / منها على الجدّ إلا القيل والقال
عقدتي كلها القرآن جملتُهُ / وسنة المصطفى علم وأعمال
واللهُ لي منهما بالكشف يوضح ما / لم تستعدَّ له في القوم أبطال
ذوقٌ أكاد به أدري الغيوبَ بلا / درايةٍ لكنِ الإيمان فعّال
والذل والإنكسار القلب مشتمل / عليها دائماً ما فيه إخلال
وفي الأذيةِ لي صبرٌ ولي جلدٌ / وليس لي في انتظار النصر إهمال
عندي التفاصيل من علم الإله ترى / وغيرنا عنده في العلم إجمال
دينٌ هو الشرع بادي والحقيقة قد / دارت به فأحاطت وهي أحوال
برٌّ وبحرٌ هما دين الإله فلا / تكفر بواحدة منهن تغتال
كن مؤمناً بهما إن لم يكن لهما / فيك اقتدارٌ فللرحمن إقبال
بالشرع مؤمنهم لا بالحقيقة قل / أو بالحقيقة لا بالشرع دجال
ومؤمن بهما في جنة وعُلىً / لكن له عن تجلي الحق أشغال
لأنه ما له ذوق يحققه / بالحق والقلب منه فيه إغفال
وصاحب الذوق سرٌّ لا يباح به / ما عنده قط في الأشياء أشكال
الله أكبر هذا الدين فهتُ به / جميعه ولغيري فيه أقوال
فمن يجد عنده رشداً يدين به / أو لا فذلك للباغين تمثال
ألا إنما المخلوق يعرف بالعقلِ
ألا إنما المخلوق يعرف بالعقلِ / وخالقنا بالحسِّ يُعرَفُ والنقلِ
وهم يعرفون الله بالعقل كلُّهم / كما يعرفون الخلق بالحس والشكل
فلو علموا أن الذي في عقولهم / هو الخلق بل والحق في حسهم مجلي
بآياته في كل شيء منزَّهاً / عن الشيء حيث الشيء فانٍ من الكل
تعالى وجلَّ الله عن كل حادثٍ / بذات ووصف بل وبالإسم والفعل
وقد أمر الله العباد قل انظروا / وذلك بالعينين في النظر الأصلي
وهم عدلوا عنه لأنظار عقلهم / ودانوا كما دانت فلاسفةُ الخبل
وما العقل إلا للمعاشِ فإنه / لتدبير ملبوس وللشرب والأكل
وأما الحواس الخمسُ فهي لربنا / بها نشهدُ الآياتِ في العلْوِ والسفل
كما جاء في القرآن والسنة التي / عن المصطفى بالحسن تهدي ذوي العقل
لرؤيةِ محسوساتِ آياته فَخُذْ / متابعةَ الآياتِ تُنْبِتْكَ كالبقل
وتبصر فعل الله في كائناته / وتشهدها الآيات تتلى على الوصل
وذاك كلام الله والله قارئٌ / كلاماً قديماً لا ببدءٍ ولا فصل
حروف بدت منا بأصواتنا له / تجل عن الأصوات والأحرف المثل
وكانت وما كنّا جميعاً وإنما / هو العلم نور الذات يبديه كالظل
وغيب غيوب الحق عز وجل عن / مشابهة الأكوان والبعد والقبل
ولكننا نومي إلى علمنا به / ونعلم أن العلم منا أخو الجهل
ربي تجلَّى بأنواع الخلائق لي
ربي تجلَّى بأنواع الخلائق لي / تجلياً هو كشف القول والعملِ
فالقول كن فيكون اسمع مقالتنا / فإنها لك تهدي أوضح السبل
والفعل قدرتُه بعد الإرادة لم / يترك من الكون شيئاً غير منفعل
فانظر بعقلك فيما أنت تدركه / فإنه الخلق من عال ومنسفل
وانظر إلى ربك الفعال ثم إلى / كلامه الحق عين الأحرف الأول
بالجمع قرآنه والفرق أجمعه / فرقانه فتحقق فالمقام جلي
إن من آيات ربي هو قالْ
إن من آيات ربي هو قالْ / نومَكم كل نهار وليالْ
وكذا الناس نيامٌ قاله / من أتى بالحق في صدق المقالْ
وإذا ماتوا يقول انتبهوا / ومضى عنهم به حكم الخيال
فافهموا ذا القول يا أمته / تهتدوا للحق من غير جدال
كل ما أدركتموه صوَرٌ / في منام من جلال وجمال
عَبِّروه تعرفوه واجزموا / أنه الحق تعالى ذو الجلال
مطلقٌ في نومكم تلقونه / في قيود كلُّها عنه محال
ما له كيفٌ لا كيفيةٌ / يتجلَّى بنساءٍ ورجال
وكبارٍ وصغارٍ مثل ما / جاء في القرآن عنه وهو قال
قال إنَّا كلَّ شيءٍ فارفعوا / لامَ كلٍّ خبراً يتلوه تال
وكذا قال له ما في السما / وات والأرض وكم قال مثال
يا نياماً عبِّروا الرؤيا به / هو حقٌّ وسوى الحق ضلال
كل شيءٍ هالكٌ قال وَكُل / مَنْ عليها هو فانٍ بالزوال
واقرأوا القرآنَ مثلي تجدوا / كلَّ ما قد قلته كلَّ الكمال
لا أنا أيضاً ولا أنتم ولا / كل شيء من مياه وجبال
بل خيلات عقول ظهرت / في منام وهو رب متعال
إنه الله وجودٌ واحدٌ / حكمه فينا حرام وحلال
وهو حق وسواه باطل / وإلى الحق رجوع ومآل
وإليه ترجعون اللهُ قد / قال في القرآنِ والسبع الطوال
أينما أنتم تولوا ثم وج / هُ الإِله الحق محمود الفعال
لا تصدق أنت رؤياك كما / للخليل القول قد كان يقال
واتبع التعبير في الرؤيا تَفُز / بالمنى لا بجواب وسؤال
هذه الغاية في العرفان لا / ما يقول الغير من قيل وقال
نفخ روحٍ بالعز صار ذليلا
نفخ روحٍ بالعز صار ذليلا / دين رب مؤجل تأجيلا
لترى الربح باتجارك فيه / تفعل الخير بكرة وأصيلا
فبذات الدين الميسَّر فيما / تشتهيه ونلت حظاً قليلا
ثم حل الدين المؤجل حتى / جاء يبغيه منك لا تمهيلا
أنت إنسان خيالي
أنت إنسان خيالي / لك عقل كالعقالِ
أنت جسمٌ من ترابٍ / فيه روح متلالي
أنت في أنت كثيف / في لطيف الروح عالي
ليس في الخارج شيءٌ / منك بل لمعة آل
إنما الخارج حقٌّ / أمرُ رب متعالي
وكذاك الخلق طراً / من نساء ورجال
وسموات وأرض / وبحار وجبال
كلهم عندك في صف / حة مرآة الخيال
صوَرٌ تبدو وتخفى / وهو حق في المجالي
فتحقق بك وافهم / قبل محو وزوال
واعرف المعروف تنجو / من تناويع الضلال
كم غادة كاملة في حسنها
كم غادة كاملة في حسنها / لو يدرك البدرُ سناها لاختبلْ
لبَّستُها ثوبَ حريرٍ ناعم / بكراً وزررتُ عليها بالقُبَلْ
ولي فؤاد بالحسان مغرم / يَدكُّه محبوبه دكَّ الجبلْ
واللات والعزى ظهورانِ له / بما وراهما وما ورا هبل
والحب كالحب هو الأصل وما / تبدو له الفروع إلا بالسبل
ألا فتحقق أن كل استقامة
ألا فتحقق أن كل استقامة / بغير اعوجاج ما عليها معوَّلُ
فإن اعوجاج القوس عين استقامة / له في يد الرامي فلا يتحول
ولما استقام السهم زال بسرعة / عن القوس فافهم أيها المتطول
وقصدي بهذا الإعوجاج هو الذي / رأته نفوس جاهلون فجهّلوا
ولا يفرقون الحق من باطل السوى / وشيطانهم يملي لهم ويسوِّل
وإلا فإن الإستقامة عين ما / هو الشرع يسمو من بها يتجمل
وما الشرع إلا والحقيقة عينه / وبينهما لا فرق مفصل
صفا الوجود فلا علم ولا عملُ
صفا الوجود فلا علم ولا عملُ / وإنما الكل أوهامٌ بها الخبلُ
تقدير مولاك يا هذا جميعك قد / بدا فكن ذائقاً قولي ولا زلل
قَشِّرْ وجودَكَ إنَّ القشرَ تأكُلُهُ / دوابُّنا أنت قشرٌ أيها الرجل
وعلمنا في أولي الألباب يعرفه / من قد تخفَّى بهم لما به جهلوا
تبارك الله لا حق سواه ولا / لباطل أثر يدري به البطل
يا من تصفَّى وجوداً خالصاً وبدا / مِنْ قشرِهِ إذ عليه كان يشتمل
قشرٌ هو العدمُ الموهوم ليس له / أصلٌ وما ثم لا سهلٌ ولا جبل
لما رأى الصعقَ موسى كان ليس هنا / موسى وقل جبل بالدك منجبل
نعم تصفَّيتَ من دعوى الوجود وقد / فنيت فاصدق إذا ما كنت تحتمل
أنت الذي هو أنت الكل أجمعهم / لا كل لكن علينا ضاقت الحيل
أنا الوجود وكل الخلق أفعالي
أنا الوجود وكل الخلق أفعالي / والنفس إن لم أمتها فهي أفعى لي
يا مكثرَ اللومِ في تقبيح أعمالي / شيطان أرسلَكَ الرحمنُ أعمى لي
الفعل معدوم لا يظهر بلا فاعلْ
الفعل معدوم لا يظهر بلا فاعلْ / يكون عند سعالٌ كان من ساعلْ
فالكل مجعول فاني خلقة الجاعلْ / نور الوجود به قنديلنا شاعلْ
أقبل على الحق لا تقبل على الباطلْ
أقبل على الحق لا تقبل على الباطلْ / فالحق فاعل وغيره كله العاطلْ
والله بالوعد موفي والسوى ماطلْ / والغير ماحِلْ وربي غيثه الهاطلْ
الله حق وأغيارُهْ عدمْ باطلْ
الله حق وأغيارُهْ عدمْ باطلْ / والفاعل الله ربي و السوى عاطلْ
والحق يوفي وغيرُهْ بالوفا ماطلْ / والغير ماحِلْ وربي غيثه هاطلْ
قل لعُبَّاد الخيالِ
قل لعُبَّاد الخيالِ / كم قيام في الخبالِ
تعبدون الله معقو / لاً عليه العقل والي
وهو معقول بمعنى / خاطر فيكم ببال
عندكم حصلتموه / ببراهينَ طوال
هي في علم كلام / عمدة بين الرجال
جادل الماضون فيه / مع أهل الإعتزال
صنفوه بخصام / في المعاني وجدال
وخيالاتِ فهمومٍ / وتماثيلِ المثال
وتصاويرٍ وفكرٍ / وبقيلٍ وبقال
وهو لولا فيه سمعي / ياتُهُ محضُ ضلال
أصله العقل ومعقو / لاته مثل العقال
أيها الأقوام كفوا / عقلكم عن رب عالي
وبحكم كم قد عبدتم / ولد العقل المزال
وشهدتم أنه الل / ه بزور وتغالي
ويحكم ما ولد العق / ل لرب متعالي
وهو لم يولد كما قا / ل بنص متلالي
كيفما شئتم عرفتم / ربكم مولى الموالي
ويح إنسان يناجي / صورة ذات انفعال
يعبد الله الذي في / عقله ولا يبالي
وإذا قيل له رب / بك باد في الجبال
وبأرض وسماء / ورياض وظلال
وبناس وبجنٍّ / وبأملاك عجال
وبأطيارٍ ونملٍ / وبخيل وبغال
وبكل الخلق في الأي / يام طراً والليالي
كل هذا فعل رب / قد تجلى ذي جلال
ظاهر بالفعل منه / وهو أنواع الفعال
يتجلّى بالذي يُب / ديه في أهل ابتهال
وهو في التنزيه عن مخ / لوقه في كل حال
قال مع إنكاره ما / قلته يبغي جدالي
يتعالى الله عما / قلته يا ابن الحلال
كل هذا هو خلقٌ / قلته لي باحتفال
جل ربي وتعالى / عنه مع كل مجال
إنما الله بعقلي / ظاهر وبخيالي
وأنا أعرفه من / قبل أيامٍ خوالي
ما درى المسكين أن ال / لَه يُجْلَى بالمجالي
ظاهر في كل شيء / ليس يخفى بانعزال
وهو حق وسواه / باطل لمعة آل
قال إبراهيم قد وج / جهتُ وجهي في سؤالي
للذي قد فَطَر الأر / ضَ بأنواعِ الفعال
وكذا أصحابُ كهفٍ / قولُهم أقوى المقال
ربنا رب السموا / ت العلى السبع الثقال
وكذاك الأنبيا وال / أوليا أهل الكمال
كلهم لم يعبدوا بال / عقل ربّاً ذا اتصال
إنما هم عبدوا رب / ب الدراري والهلال
وله شمس الضحى مخ / لوقة ذات انفعال
خالق كل البرايا / عن يمين وشمال
خالق الفوق مع التح / ت وما في ذالك صالي
خالق القُدَّام والخل / فَ وما في كل كالي
والهوا خالقه كال / ترب والماء الزلال
خالق النار وما تح / رقه بالإشتعال
ظاهر في كل شيء / ليس شيء عنه خالي
ثم عنه كل شيء / هالك فيه وبالي
واقرأ القرآنَ وافهم / لا تكن عنه بقالي
واترك العقل لأصحا / بِ عذابٍ ونكال
يفهمون الدين منه / بشباكٍ وحبال
ليس هذا دين ربي / هو من قبح الخصال
دينه الحق تعالى / ذو جمال وجلال
وله الأحكام فينا / بحرام وحلال
والذي يعرض عن أق / والنا بالإشتغال
فهو مشغول بدنيا / ه بجاه أو بمال
أو بعشق الهُيَّفِ المر / د وربات الحجال
فهو مفتون وممقو / ت ومحروم النوال
ما له حظ من الل / ه ومن طيب الوصال
إنما الطرد له وال / بعد تعداد الرمال
كل وقت ما تغنَّى / طائر فوق التلال
يحبني وأنا المعدوم لم أزلِ
يحبني وأنا المعدوم لم أزلِ / أحبُّه وهو موجود من الأزلِ
إنا كلانا محب واحد وهما ال / مصوران على أحوالنا الأول
حق هو الله فرد دائم أبداً / وباطل أنا مع قولي ومع عملي
يا أيها الباطل المغرور تطمع أن / ترى وجوداً بلا شبه ولا مثل
وإنما أنت رأيٌ قد أضلك في / بطلانه فاقتصر واعرض عن الجدل
نعم ترى أنت نور الوجه منه بدا / يغشى الكوائن من سهلٍ ومن جبل
الله نور السموات استمع خبراً / والأرضِ عن ربِّنا في الذكر منه تُلي
وتبصر النور مرشوشاً عليك كما / جاء الحديث به عن أشرف الرسل
فاجعل فناءك معراجاً إليه ولا / تكن جباناً وكن كالفارس البطل
هذا مقامك في دنيا وآخرة / واترك وجودك تقرب منه بل تَصِل
إن الوجود بدا في كل كائنة / معدومة وهو في حق الجميع جَلي
الناس موصوفون بالأفعالِ
الناس موصوفون بالأفعالِ / بسائرِ الأقوال والأعمالِ
من غير تأثير لهم في كل ما / يكون من ذلك باستئصال
فإن معنى أنهم قد أثروا / أي أظهروا من عدم للحال
والله وحده هو المظهر لا / سواه في الماضي والإستقبال
فإن تكن نفوسهم قد ادعت / إظهار فعل هم على الضلال
لا يظهرون من جميع ما به / قد وصفوا فعلا من الأفعال
في ظاهر أو باطن وإنما / يظهره الخلاق ذو الجلال
وكلهم خلقُ الإلهِ ربنا / مع كل الاَفعال على التتالي
ظهر النور من النور ولا
ظهر النور من النور ولا / نور إلا واحد ما انتقلا
وهما سيان في الفرق كما / أن ذا النورين شخص كملا
وهما في الجمع شيء واحد / والتفاصيل تحوز الجملا
قول كن عين الذي قال غدت / وبها القرآن فينا نزلا
وجميع الكون في نشأته / واحد ما قد علا أوسفلا
وأنا أنت كما أنت أنا / وبدا نجم ونجم أفلا
والذي نعرفه أجمعه / هو أنت انضمَّ حتى حصلا
ولقد أظهرت ما أكتمه / لك إن كنت الذي قد عقلا
نزل القرآن فرقاناً لنا / فتلوناه كما النور تلا
وهو نحن الآن نبديه لكم / كيف شئنا واضحاً مكتملا
أيها الجاهل الذي ليس يدري
أيها الجاهل الذي ليس يدري / ما يلاقيه بكرة وأصيلا
كلما ازاداد من سوى الله علماً / زاد شيطانه له تسويلا
لا تغرنك الظواهر واترك / عنك قالاً به فُتِنتَ وقيلا
وتأمل في كل شيء تشاهد / كل شيء يفنى قليلا قليلا