المجموع : 48
أَنتَ المثالُ لِكُلِّ حُرٍّ صادقٍ
أَنتَ المثالُ لِكُلِّ حُرٍّ صادقٍ / يأبَى التقلُّبَ في الأُمورِ سبيلا
اطلعْ بآفاقِ الكنانةِ هَادياً / إنّي أراك إمامَها المأمولا
إنّ الأئمةَ غادروك بموقفٍ / وَقَف الوصُّي به يصون الغيلا
تَجِدُ النبيَّ يَجولُ في غَمراتِه / وترى على أرجائِهِ جِبريلا
وصفوكَ بالفردِ الضّعيفِ وإنّنا / لَنراكَ وَحدكَ أُمّةً وقبيلا
ونرى الغُواةَ المُبطلين وإن همو / زَادوا على عدِد الرّمالِ قليلا
أَحْيَيْتَ دُستورَ البلادِ فَردَّهُ / عَبَثُ الحُماةِ الصّادقينَ قتيلا
حُمِلَ الشّهيدُ على رِقاب رُماتِه / فَانْظُرْ أَتدرِكُ نعشَهُ المحمولا
أنت الملومُ وضعتَ في أَيْمانهم / بعد الهزيمةِ سيفَكَ المصقولا
وبَعثتَ مِن ماضِي العُصورِ مُؤدِّباً / حُرّاً يُعلِّمُ عَصرَهم والجيلا
والشّعبُ أَشْقَى ما يكونُ بعلمهِ / إن سَاءَ أخلاقاً وضَلَّ عُقولا
أَأمينُ أَعطيتَ القضيّةَ حَقَّها / وحكمتَ فيها حُكمَكَ المقبولا
وشرَعتَ لِلزُّعماءِ دينَ هِدايةٍ / يمحو الرِّياءَ ويَمحقُ التَّضليلا
دينٌ يلوذُ الحقُّ مِن أحكامِه / بالبأسِ صَدْقاً والجهادِ طويلا
أُمُّ الكبائر فيه أن يَجِدَ الفَتَى / يَأساً وأن يَغْشَى الكفاحَ مَلولا
والكفرُ أجمعُ أن يُساوِمَ خَصْمَهُ / يَبْغِي من الخَطرِ الجليلِ بَديلا
والخَصمُ لا يُعطيكَ مِن مَنزورِه / إلا إذا أَخذَ العَطاءَ جزيلا
هل في كتابِكَ أن يَنالَ حُقوقَهُ / شَعبٌ يَرَى طَلَبَ الحُقوقِ فُضولا
وَيُراعُ من ذِكرِ الحياةِ كأنّما / يَجِدُ الحياةَ من المخافةِ غُولا
رَكْبَ الرّفاقِ الظّاعِنينَ عِجالا
رَكْبَ الرّفاقِ الظّاعِنينَ عِجالا / أَرحِ المطيَّ فقدر رَزَمْنَ كَلالا
هلا اتّخذتَ سوى القُلوبِ ركائباً / وسوى العيونِ الدّامياتِ رحالا
حَدِّثْ عن الوادي وكيف وَجَدْتَهُ / ألقِيتَ للرُّكبانِ فيه مَجالا
ضاقتْ جوانبُه أسىً فتأجَّجتْ / وتفجَّرتْ فيه الدُّموعُ فسالا
لي في مسايلهِ عُصارةُ مُهجةٍ / حَملَتْ تكاليفَ الهُمومِ ثِقالا
ثارَ الزمانُ عليَّ ثورةَ جاهلٍ / هاجَتْهُ نافضةُ الحلومِ فصالا
يطغى فيسلبني سَراةَ عشيرتي / ويُصيبُني في الأكرمينَ خِلالا
العاقدين من الحفيظةِ ذِمّةً / ومن المُروءةِ والوَفاءِ حبالا
القائمين على الحِمَى يَرْمِي بهم / نُوَبَ الزّمانِ ويَدفَعُ الأهوالا
ثَبَتوا بِمُعتركِ الحُتوفِ مَعاقِلاً / ورَسَوْا بِمُصطَدَمِ الصُّفوفِ جبالا
صاحَبتُهُم مِلءَ الحوادثِ نجدةً / وعرفتُهم مِلءَ الزّمانِ نضالا
وبكيتُ حين مَضُوا إلى أجداثهم / شعباً يُعلَّلُ بالحياةِ ضَلالا
عَبد الغُواةَ الجامحينَ فزادهم / شَططاً وزادوهُ أذىً وخبالا
أرأيْتَ إذ زَعموا الكِنانةَ مَلعباً / وبني الكِنانةِ مَنصِباً أو مالا
جَعلوا الضَّحايا الغالياتِ سبيلَهم / يَمشُونَ فوق رُكامِها أرسالا
فترى الصُّدورَ النّاضراتِ مواطئاً / وترى الوُجوهَ المُشرِقاتِ نعالا
حتّى إذا وَردوا المناصبَ فَخمةً / رَدُّوا الأعِنَّةَ واهنين كُسالى
لمّا قَضَى الشَّعبُ المُقيَّدُ سُؤْلَهم / شدُّوا القُيودَ وأحكموا الأغلالا
تركوه يَلهثُ في حبائلِ قانصٍ / يَجدُ الحياةَ على يَدَيْهِ نَكالا
راحوا سِماناً في المواكبِ بُدَّناً / وأراه يُوشكُ أن يموتَ هُزالا
الغاصبُ المغتالُ أعرضَ ساخراً / لمّا دَعَوهُ الواهبَ المِفضالا
إنّا تأمّلنا الأُمورَ فلم نَجِد / حُريةً هِبَةً ولا استقلالا
جَعلوا خيالَ الجاهِلينَ حقيقةً / وحقيقةَ المُسْتَبصرينَ خيالا
عبدَ اللَطيفِ مَضَيْتَ غيرَ مُذَمَّمٍ / وهجعت أنْعَمَ ما عَهِدتُك بالا
سكَنتْ جِراحُكَ وانتهيتَ إلى مدىً / يَنْفي الهُمومَ ويطردُ الأوجالا
تَجري الخطوبُ فإن بَلَغْنَكَ رُكَّضاً / جَنحَ الزّمانُ بهنَّ عنك فمالا
كُنتَ الأَبيَّ الحُرَّ تجتنبُ التي / تَدَع الكريمَ من الرجالِ مُذالا
وتُقاتِلُ البطلَ النَّجيدَ فلا يرى / غيرَ الهزيمةِ نجدةً وقتالا
لكَ في الحُماةِ الصّابرينَ على الأذى / ذِكرٌ يزيدُكَ في النُّفوسِ جلالا
أنصفتَ قومَكَ والمظالمُ وُقَّعٌ / بِكَ لا تُغيِّرُ بعد حالٍ حالا
قَذفَ المُغيرُ بها يُحاولُ مأرباً / كذبَ المُغيرُ لقد أراد مُحالا
إنّ الأُلى وجدوك فوق ظُنونهم / عَرفوا يَقينكَ للحياةِ مِثالا
عَجَموا قِوامَ مُجرَّبينَ وإنّما / عجموا الحُسامَ وجرَّبوا الرِّئبالا
آثرتَ دُنيا المؤمنينَ ودينَهم / ورَضيتَ ربَّكَ مرجعاً ومآلا
حسبُ الكِنانةِ ما قَضيتَ من الهوى / أَتغيبُ عنها أربعين طوالا
ماذا حملتَ إلى الرِّفاقِ عن الأُلى / ألقى الضِّعافُ عليهمُ الأحمالا
نهضوا بأعباءِ الجهادِ أعزَّةً / وتعاوروا أعلامَه أبطالا
لا تستطيروا في المضاجعِ واهدأوا / عزَّ العرينُ على العدوّ منالا
عامٌ أَهابَ به الزّمانُ فأقبلا
عامٌ أَهابَ به الزّمانُ فأقبلا / يُزجِي المواكبَ بالأهِلَّةِ حُفّلا
مَلَكَ الحوادثَ فهي من أجنادهِ / تأتي وتَذهبُ في الممالكِ جُوّلا
آناً يَهُدُّ بها الشُّعوبَ وتارةً / يبني لها المُلكَ الأشمَّ الأطولا
يا أيّها العامُ الجديدُ أما ترى / أمَمَ الكتابِ حِيالَ مَهدِكَ مُثّلا
فَزِعَتْ إليكَ تقصُّ من أنبائها / ما رَاعَ راويةَ الدُّهورِ فأجفلا
وتَسوقُ بين يديك من آمالها / ما أَخلفَ الزّمنُ العَسوفُ وعطّلا
عبثت بها الأعوامُ قبلك فانجلت / عن لاعجٍ صَدَعَ القُلوبَ وما انجلى
صُنْها عنِ اليأسِ المُميتِ وكن لها / عامَ الحياةِ تَنَلْ مراتِبَها العُلى
رَفعتْ على آيِ الكتابِ بِناءَها / زمناً فهدَّ الهادمين وزَلْزَلا
أَرِنا كِتابَكَ أو فَدَعْه مُحجَّباً / إنّا نَراهُ على المغيبِ مُؤمَّلا
لسنا بني الخُلفاءِ إن لم نَبْنِه / مجداً على هامِ النُّجوم مُؤثَّلا
الله علّمنا الحياةَ رشيدةً / وأبى علينا أن نَضِلَّ ونجهلا
قُلْ للأُلىَ جَهِلوا اذْهبوا بكتابكم / إنّا لَنَتَّبِعُ الكتابَ المُنزلا
الحقُّ عِصمتُنا نَصونُ سِياجَهُ / بالعلمِ يَمنعُ أن نُضامَ ونُخْذَلا
والعدلُ قُوّتُنا التي نرمِي بها / أَعْدَى العِدَى فَنُصيبُ منه المقتلا
يا باعثَ الحربِ العَوانِ تَشوقُه / فيشُبُّها مِلءَ الممالكِ مُوغِلا
أَعِدِ المناصِلَ في الغُمودِ بريئةً / فالحقُّ إن حاربتَ أقطعُ مُنْصَلا
وَدَعِ المعاقلَ والحُصونَ فلن ترى / كالعلمِ حصناً للشُّعوبِ ومعقِلا
المجدُ للبطلِ المصونِ لِواؤُه / عن أن يُعَلِّ من الدّماءِ ويُنهَلا
يا طلعةَ العامِ الجديدِ تهلَّلي / فالعهدُ بالأعوامِ أن تتهلّلا
طَلعتْ على الإسلامِ في إقبالِه / نُوراً من الأُفُقِِ المُحبَّب مُقبلا
هو الجِدُّ لا عُذْرَ للهازلين
هو الجِدُّ لا عُذْرَ للهازلين / ولا حقَّ إن غَلَب الباطلُ
ولا خيرَ في العيش إن لم يَفُزْ / على الجاهلِ الكيِّسُ العاقلُ
حياةُ البلادِ بِنُوَّابِها / وآفتُها النّائبُ الجاهلُ
تهزّ الزلازلُ أقطارها / وَمقْعَدُهُ نائمٌ غافلُ
إذا جَدَّ أمرٌ تولَّى به / من الهزل شُغلٌ له شاغلُ
جبانُ اللّسانِ جبانُ الجَنان / على أنّه البطلُ الباسلُ
خُذوا الأمرَ يا قومُ أَخْذَ الرجال / فهذا هو الموقفُ الفاصلُ
دَعوا جانباً نَزَعاتِ الهوى / فما في اتّباعِ الهوى طائلُ
أَعن حقِّ مصرَ ودستورِها / ننامُ وقد نشط الواغل
أيبقى الفسادُ فلا حاجزٌ / يهدُّ قُواهُ ولا حائلُ
أَلا فاهدموا النفَر الأرذلين / فخيركم الهادمُ الخاذلُ
بناهم لحاجته مُفسِدٌ / له مأربٌ سيّئٌ سافلُ
تردَّى به الغَيُّ إذ قدّسوه / وطاح به الخَبلُ الخابلُ
بَلَتْهُ المقاديرُ تلهو بهِ / وجرَّبَهُ الزَّمنُ الهازلُ
فلا رأيُه راجحٌ حازمٌ / ولا حُكمُه صالحٌ عادلُ
عَرَفناهُ يركبُ أهواءَه / ويركبُه الجاهلُ العاطلُ
يُريد فيذهبُ مِلءَ الفجاج / كما يذهبُ الجامح الجافلُ
ويُومِي فيهوي هُوِيَّ الفراش / تخطّفَهُ القدر النّازلُ
لئن بات يبكي بُكاءَ النّساء / لقد هاجه عهدُه الزّائلُ
وإن أكلَتْه عوادي الذّئاب / ففي عِرضِه وَقعَ الآكلُ
يقول الغواةُ إذا ابتاعهم / فيفضحه منهمُ القائلُ
أنحن قتلنا الرئيسَ الجليلَ / غداةَ هوى نجمُه الآفلُ
لقد كذب القومُ كم من قتيل / سوى نفسِه ما له قاتلُ
أعِدِ الرَّجاءَ وجَدِّدِ الأَمَلا
أعِدِ الرَّجاءَ وجَدِّدِ الأَمَلا / وأَقِمْ لَنا مِن قَومِنا المُثُلا
وَاجْمَعْ على دينِ الهُدَى أُممَاً / غَابَ الهُداةُ فَضَلَّتِ السُبُلا
عَكَفَتْ عَلَى الأصنْامِ واتَّخذَتْ / دينَ العَمَى من دينها بَدَلا
مَلَك الغُواةُ عُقولَها فهَوَتْ / وَعَصَتْ مِنَ النُّصَحاءِ من عَقَلا
ضاقتْ بهم ذَرْعاً وأَهْلَكها / مَا قَالَ فَاسِقُها وَمَا فَعَلا
أُمَمٌ يَظَلُّ الجَهْلُ يَقْتُلُها / فَتزيدُ جَهْلاً كُلّما قَتلا
حَارَ الطَّبِيبُ ورَاحَ مِن أَسَفٍ / يُلقِي العُلومَ ويَنبذُ الحِيَلا
حَمَلَ الدَّواءَ لَها فَأَعْجَبَها / أن تَحمِلَ الأَدواءَ والعِلَلا
مَاذَا عَلى الأقْوامِ إذْ عَبَدُوا / أَهْواءَهم أنْ يَعبُدوا الهُبلا
ماذا يُعاني الشّرقُ من مِحَنٍ / تَمحو الشُّعوبَ وتَمْسَحُ الدُّوَلا
يا وَيْلَتا لِلقَومِ إن هَلَكوا / هَلْ يَملِكوَن لأمرِهمْ حِوَلا
إيهٍ مُحبَّ الدّينِ مِن رَجُلٍ / مَا جَازَه مَن يَنْشُدُ الرَّجُلا
نَزَّهتَ حُبَّكَ عَن مفاسِدِها / دُنيا تَزِيدُ مُحِبَّها خَبَلا
ولَزْمتَ رَبَّكَ لا تُفارِقُه / تَبغِي الخَسيسَ وَتَتْبعُ الهَمَلا
أَعطاكَ مِن رضِوانِه قَلماً / ما نامَ عَن حقٍّ ولا غَفَلا
لولا تُسَكِّنُ مِن حَمِيَّتهِ / عِندَ احْتِدامِ البأسِ لاشْتَعلا
أَحْبِبْ بِه مِن مَاجدٍ بَطلٍ / ما انْفَكَّ يَصْحَبُ مَاجِداً بَطَلا
ما اختار إلا الجِدَّ يَجْعَلُه / نَجواهُ إن قَلمُ امرئٍ هَزَلا
لُغةٌ يُناجي اللهَ قَارِئُها / في فتحهِ وَيُحادثُ الرُّسُلا
يا فَتحُ زِدْنَا حِكمةً وَهُدىً / إنّا نَخافُ الزَّيْغَ وَالزَّلَلا
بَيِّنْ لنا سُبْلَ الأُلىَ رَشَدُوا / وَاضْرِبْ بِسَيْفِ الله مَن عَدَلا
واسْطَعْ بِدُنْيانا التي اعْتكَرَتْ / نُوراً على الأيّامِ مُتَّصِلا
يا فتحُ قُلْها غَيْرَ كَاذبةٍ / أفَمَا رَأيتَ الحادِثَ الجَلَلا
أعَمْىَ يَقودُ النَّاسَ في بَلَدٍ / أَعْمَى يُعظِّمُ قَدْرَ مَن جَهِلا
ما مَنْ تَولَّى الحقَّ يَنصرُهُ / ويَصُونُ بَيْضَتَهُ كمن خَذَلا
على ذِكرِها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ
على ذِكرِها فليعرفِ الحقَّ جاهلُهْ / ويُؤمنْ بأنّ البَغْيَ شتّى غوائلُهْ
هي العزوةُ الكُبرى هَوَى الشِّركُ إذْ رَمَتْ / جحافلُها العُظْمَى وَوَلَّتْ جَحافِلُهْ
وأصبح دينُ اللهِ قد قامَ رُكنُهُ / فأَقْصرَ مِن أعدائِه مَنْ يُطاوِلُهْ
بَنَتْهُ سيوفُ اللهِ بالدّمِ إنّه / لأَصلَبُ من صُمِّ الجلاميدِ سائلُهْ
تكِلُّ قُوى الجبّارِ عما تُقيِمه / عليه يدُ الباني وتَنْبُو معاولُهْ
أهاب رسولُ اللهِ بالجندِ أقْدِمُوا / ولا ترهبوا الطّاغوتَ فاللهُ خاذِلُهْ
أَمَا تنظرون الأرضَ كيف أظلّها / من الشِّركِ دينٌ أَهْلَكَ الناسَ باطِلُهْ
خُذوه ببأسٍ لا تَطيشُ سِهامُهُ / فأنتم مناياهُ وهذي مَقاتِلُهْ
علينا الهُدى إمّا بآياتِ ربِّنا / وإمّا بِحَدِّ السّيفِ لا خَابَ حاملُهْ
إذا أنكر القومُ البراهينَ أَخْضَعَتْ / براهينُه أعناقَهم ودلائلُهْ
مَضَى البأسُ بَدْريَّ المَشَاهِدِ ترتمِي / أعاصيرُه ناراً وتغلي مَراجلُهْ
وضجَّ رسولُ اللهِ يدعو إلهَهُ / فيالكَ من جُندٍ طوى الجوَّ جافُلهْ
تَنَزَّلَ يُزجِي النَّصرَ تنسابُ من عَلٍ / شآبيبُه نُوراً وينهلُّ وابلُهْ
أحيزومُ أقْدِمْ إنّه الجِدُّ لن يرى / سِواهُ عَدُوٌّ كاذبُ البأسِ هازلُهْ
هو اللهُ يحمي دينَهُ ويُعِزّهُ / فَمَنْ ذا يُناويهِ ومن ذا يُصاولُهْ
تمزّقَ جيشُ الكُفرِ وانْحلَّ عِقْدُهُ / فخابت أَمانيهِ وأَعْيَتْ وسائلُهْ
وما بِرسولِ اللهِ إذ ناله الأَذَى / سِوَى ما ارْتَضَتْ أخلاقُه وشمائلُهْ
نبيٌّ يُحبُّ اللهَ حبَّ مُجاهدٍ / يَرَى دَمَهُ مِن حقِّهِ فهو باذلُهْ
يُعظِّمُه في نفسِه ويُطِيعُه / وما يَقْضِ من أَمرٍ له فهو قابلُهْ
كذلكَ كان المُسلِمونَ الأُلىَ مَضَوا / فيالكَ عصراً يبعثُ الحُزْنَ زائلُهْ
صَدَفْنَا عَنِ المُثْلىَ فَأصْبَحَ أَمْرُنا / إلى غيرنا نهذِي به وَهوَ شاغِلُهْ
يُجالِدُ من يبغي الحياةَ عَدُوَّهُ / فيا لِعَدُوٍّ لم يجد من يُجادِلُهْ
بِنا من عوادِي الدّهرِ كلُّ مُسلَّطٍ / مكائدُه مَبثوثَةٌ وحَبائِلُهْ
قَضينا المَدَى ما تستقيمُ أُمورُنا / وهل يَستقِيمُ الأمرُ عَاليهِ سافِلُهْ
عجبتُ لِقومِي عُطِّلَ الدّينُ بينهم / وجُنُّوا به والجهلُ شَتَّى مَنازِلُهْ
يُحبُّونَهُ حُبَّ الذي ضلَّ رأيُهُ / فقاطِعُه مِنْهُمْ سَواءٌ وواصلُهْ
صلاةٌ وَصَوْمٌ يَرْكُضُ الشرُّ فيهما / حَثيثاً تَهُزُّ المَشْرِقَينِ صواهِلُهْ
وكيف يقومُ الدّينُ ما بين أُمّةٍ / إذا عُطِّلَتْ آدابُه وفضائِلُهْ
سَلامٌ علينا يومَ يَصْدُقُ بأسُنا / فَيَمْضِي بنا في كلِّ أمرٍ نُحاوِلُهْ
ويومَ تكونُ الأرضُ تحتَ لوائِنا / فليس عليها من لواءٍ يُماثلُهْ
أَنَمْشِي بِطاءً والخطوبُ تَنُوبُنا / سِراعاً وعادي الشَّرِّ ينقضُّ عاجِلُهْ
أَلاَ هِمَّةٌ بدريَّةٌ تكشفُ الأَذَى / وتشفِي من الهَمِّ الذي اهتاج دَاخِلُهْ
أَلا أُمّةٌ تَنْهَى النُّفوسَ عنِ الهَوَى / وتُصْغِي إلى القَوْلِ الذي أنا قائِلُهْ
أَلاَ دولةٌ للحقِّ تَسْلُكُ نَهْجَهُ / وتمشِي على آثارهِ ما تُزايلُهْ
إذا نحنُ لم نَرْشُدْ ولم نَتْبَعِ الهُدَى / فلا تُنكِروا يا قومُ ما اللهُ فاعِلُهْ
حَيِّ العُروبةَ آساداً وأشبالاً
حَيِّ العُروبةَ آساداً وأشبالاً / واضِربْ لها من عِظاتِ الدّهرِ أمثالا
هل كان في الأرضِ من أعلامِها علمٌ / مَالَتْ جَوانِبُها فانحطَّ أو مالا
وأيُّ مُلكٍ رَمَتْهُ في مَعَاقِلهِ / بِراجفٍ من عَوادِيها فَما زَالا
رسا على حَدَثَانِ الدّهرِ حائِطُها / فما اتَّقَى عاصِفاً أو خَافَ زِلزالا
بني العُروبةِ أنتمْ هَا هُنا رُسُلٌ / تقضُون للضَّادِ أوطاراً وآمالا
رِدُوا المناهِلَ من عِلمٍ ومن أدبٍ / يجري الهوى فيهما والحبُّ سَلْسَالا
هِيَ الكنانةُ والأَعْراقُ واشِجةٌ / لن تُعْدَمُوا وطناً فيها ولا آلا
أَنتُمْ لها أَمَلٌ تَرْعَاهُ سَاهِرةً / فما تنامُ ولا تألوه إقبالا
أدُّوا رِسالَتَها واقْضُوا لُبانَتَها / وامْضُوا سِراعاً إلى الغاباتِ أرسالا
دَمُ العُروبةِ في الآفاقِ ما بَرِحَتْ / تَجرِي شآبيبُه سَحّاً وتهطالا
هو الحياةُ فَصُونوهُ على يدكم / مِنْ أنْ يَسيلَ كفاكم منه ما سالا
مَنْ لي بها هِمَماً إن هِجْتُها بَعَثَتْ / من قَومنا أُمَماً مَرَّتْ وأجيالا
بني العُروبةِ رَامَ القولَ شاعِرُكم / فما اسْتطَاعَ ولا أرضَاهُ ما قالا
أَوهْىَ قُوايَ وهَدَّ اليومَ من هِمَمي / داءٌ أراهُ شديدَ الفَتْكِ قتّالا
عيشُ الفَتى مُدّةٌ تمضِي على قَدَرٍ / والعمرُ لابُدَّ مطويٌّ وإن طالا
إنْ قَالَ قائلُكم ما كان أكْرَمَهُ / لو زادنا زِدْتُكم حُبَّا وإجلالا
لَمِنِ الجلالُ يَفُوقُ كُلَّ جلالِ
لَمِنِ الجلالُ يَفُوقُ كُلَّ جلالِ / أهِيَ العُروبةُ في حِماها العالي
أهِيَ الحميَّةُ هَاجَها مُتَوَثِّبٌ / دَاسَ العرينَ وهمَّ بالرِّئبالِ
تِلكَ الوفُودُ من المشارقِ أَقْبَلَتْ / تَقْضِي الذِّمامَ لِقَوْمِها والآلِ
من كلِّ واضِحَةِ الجَبينِ يَزيُنها / بأسُ الكُماةِ ونجدةُ الأبطالِ
شَتَّى مَناقِبُها تَوارَثَ قومُها / أحسابَ يَعْرُبَ في الزّمانِ الخالي
تَبْغِي الحياةَ عَزيزَةً لِبلادِها / وتَرُدُّ حُكْمَ الطَّامعِ المُغْتالِ
هُنّ ائْتَمَرْنَ بخيرِ دارٍ أُنْشِئَتْ / بالمَشرِقَينِ لِصالحِ الأعمالِ
للناهِضَاتِ الذاَّئِداتِ عنِ الحِمَى / الحامِلاتِ فَوادِحَ الأثقالِ
المُدْرِكاتِ الحقَّ يَفْزَعُ صَارِخاً / ويَضِجُّ بين مَخالِبِ الأغوالِ
أوَمَا كَفَى نَوْمُ الحماةِ وما جَنَتْ / تلك المضاجعُ من أذىً وخَبالِ
شَرَفُ الحياةِ لِكُلِّ نفسٍ حُرَّةٍ / تَأْبَى حَياةَ الضّيْمِ والأذلالِ
والشّعبُ إن خَفَضَ الجَناحَ ولم يَذُدْ / عن حوضهِ أَمْسَى بأسوإ حالِ
هو يا فلسطينُ النِّضالُ وهل نجا / من حَتْفِه وَطَنٌ بغيرِ نِضالِ
لا تُنكِري شِيَمَ النُّفوسِ وأَبْشري / بِأَحَبِّ مُنْقَلَبٍ وخيرِ مآلِ
وثِقِي بربِّكِ إنّه لكِ ناصرٌ / ما مِثلُه من ناصرٍ أو والِ
قُولي لِرُوزْفلْتَ المؤمَّلِ عَدلُهُ / رُوزْفِلْتُ ما لِلظّالمينَ ومالي
أعَليَّ إيواءُ الشرَّيدِ ومن دَمِي / يُسْقَى ويُطْعَمُ بعد قتل عِيالي
شرُّ القُضاةِ سَجِيّةً وأضَرُّهم / قاضٍ يرى الإنصافَ غَيْرَ حلالِ
يا بائِعي عِرضَ العُروبةِ وَيْحَكُمْ / لا تجهلوا عِرضُ العروبةِ غالِ
إن شِئتُمُ البَيْعَ المُباحَ فإنّما / هو بالدّمِ المسفوكِ لا بالمالِ
دنُيا من الأهواءِ إن لم تَسْتَفِقْ / عصفت بها دُنيا مِنَ الأهوالِ
رفعوا على الوهمِ البِناءَ وما دَرَوْا / أنّ الخطوبَ شديدةُ الزِّلزالِ
جَمَحَ الغُرورُ بهم فظنَّ غُلاتُهم / أنّ العروبةَ آذنتْ بِزَوالِ
أَفَما رأوها في منازلِ عِزِّها / غَضْبَى الليوثِ أبيَّةَ الأشبالِ
ذُخْرُ الدُّهورِ فإن تَكُنْ من مِرْيةٍ / بالقومِ فَهْيَ أمانةُ الأجيالِ
إنّي استفدتُ على يدِ الفُضْلىَ هُدَى / أَغْلىَ العِظاتِ وأبلغَ الأمثالِ
كذب الذي زَعمَ المُحالَ لِقومِه / ومَضَى يقولُ مَقالةَ الجُهَّالِ
فَمِنَ العقائلِ للبلادِ معاقِلٌ / ومن الحِسانِ البيضِ بيضُ نِصالِ
كم من أُناسٍ إن نظرتَ رَأَيْتَهُمْ / بين الرجالِ وما هُمو برجالِ
من كُلِّ مُستَلَبِ الحَميَّةِ جامدٍ / واهِي القُوَى مُتخاذِلِ الأوصالِ
جافٍ يَبيتُ الخطبُ يَقْرَعُ قَوْمَه / ويَبيتُ في دَعَةٍ رَخِيَّ البالِ
عزمٌ يُبَرِّحُ بالخطوبِ وهِمّةٌ / تَطْوِي المَدَى وتجولُ كلَّ مَجالِ
أمَمُ العُروبة إن تَتَابَع شُكرُها / فَلِفَضْلِها المُتتابِع المتوالي