القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 109
مَن شانه الفصل لم توصل حقيقته
مَن شانه الفصل لم توصل حقيقته / فإنَّ عينَ الهوى بالوصل مملول
هذا الثبوت الذي ما فيه تعطيل
هذا الثبوت الذي ما فيه تعطيل / الروضُ منها إذا استنشقت مطلول
لذاك يخرج ما فيه على صور / شتى تراها فتبديل وتحويل
لا تسكننّ إلى صور تشاهده / فيه فغايته في الحسِّ تبديل
واثبت على الجوهر الأصليّ تخط به / عِلماً أتاكَ به من صدقه القيل
الله أعظمُ قدراً أن يحاط به / عِلماً فما هو للبرهانِ مدلول
إنَّ استنادي إليه لا أكيفه / فكيف أعلمه والعلمُ تحصيل
وليس عندي منه ما أعينه / إلا افتقاري إليه فهو محصول
كما علمت غناه عن خليقته / من اسمها عالماً أعطاه تنزيل
كفى يسرِّح ما عقلي يقيده / فبيت عقلك بالأفكار معقول
فصاحبُ الفكر بالأوهام في جهة / وصاحب الكشف بالتنزيل مقبول
أرى الأتباع تلحق سابقوهم
أرى الأتباع تلحق سابقوهم / بمن تبعوه في حكم وحالٍ
وهذي لا خفاء بهم لديهم / تبينه مقامات الرجال
ولما أن رأيت وجود عيني / بعين القلب في ظلم الليالي
سجدت لربنا معنى وحسّاً / سجودَ القلب أو عين الظلال
ولم أرفع لما تعطيه ذاتي / من الحاق الأسافل بالأعالي
وإلحام الأباعد بالأداني / وإظهار السوابق بالمآل
وقلت له لقد أسجدت قلبي / لقلبي كالزِّجاج مع العوالي
وخاطبني به فأبى وجودي / قبول خطابه لصلاح بالي
فإني ما علمت من أيّ وجه / يخاطبني فقال من السؤال
فقلت علمت إنك لي مجيب / على قدر السؤال بشرح حالي
فإني ما أريد سوى ملاذي / بملذوذ التواله والنوال
وإن سترناها ولم نبدها / لعينها كنت القسيم الكريم
الأمر موقوف على شعره / تزال عن عين الغريم العديم
فيظهر الأمر بأحكامه / ظهور منعوت بنعت القسيم
إذا كانت الآياتُ تعتاد لم يكن
إذا كانت الآياتُ تعتاد لم يكن / لها أثر في نفسِ كلِّ جهولِ
وما لم تكن تعتادُ فهي لديهمُ / إذا نظروا فيها أدلُّ دليل
وأما فحول القومِ لا فرق عندهم / لقد خصصوا منها بأقوم قيل
إذا جاءت الآيات تترى تراهمُ / سكارى لها خوفاً بكل سبيل
فسبحان من أحياهمُ واصطفاهمُ / وإنهمُ فينا أقل قليل
إذا وضع الميزان في قبةِ العدلِ
إذا وضع الميزان في قبةِ العدلِ / ترجَّح ميزان السماحةِ بالفصلِ
وإن لم يكن بالفضل فالوزنُ خاسرٌ / وإنْ كان إيثاراً بما كان مِن بذلِ
فاوّلُ حقٍّ فيه حقُّ إلهه / وحقُّ رسولِ الله ذي المجدِ والفضلِ
ومن بعدِه حقُّ المكلِّفِ نفسه / وحق فراشِ الشخصِ إنْ كان ذا أهل
وحقُّ بنيه ثم حقُّ خديمه / ومن بعده حقُّ القرابة بالعدلِ
إلى جاره الأدنى إلى أهل دينه / إلى كلِّ ذي حقٍّ ويجري على الأصلِ
لهذا الذي قد قلته وزن شرعه / وأما الذي للكل فاضربه في الكل
فيخرج كل الكل من ضرب كله / كما تخرج الأمثال من واحد المثل
فإن كان ذا فضلٍ فيوصَل فضله / وما ثَم من وصل وما ثَم من فصل
إذا ضرب الإنسان واحدَ عينه / بعينِ وجودِ الأصل لم يبدُ للمثلِ
سوى نفسِه فافهم حقيقة ضربه / فما ثَم إلا الحقُّ إذ أنت كالظلِّ
إذا سمع الله العليمُ مقالتي
إذا سمع الله العليمُ مقالتي / وأنَّ مدى أمري إليه يؤولُ
فلست أبالي من يخوض بفكره / ويزعم أني بالأمورِ جَهولُ
فيرخي عنان القولِ فيّ ويفتري / عليَّ بشيءٍ ما عليه دَليل
ويطنب في الذمِّ الذي أنا أهله / ويوسع فينا بالهوى ويقول
وإنْ كنت معصوماً فعصمة عرضنا / مُحالٌ وفرضٌ ما إليه سبيلُ
لولا الدعاوى ما ابتلى من ابتلي
لولا الدعاوى ما ابتلى من ابتلي / من كل شخصٍ من رسولٍ أو ولي
لا تبتلي ما تبتلي واستسلمنْ / إلى الذي يَقضي به الرحمن لي
فإنه أعلم بي منا بنا / ومن يكن أعلم بي فهو العلي
علم البلاء خبرة فاحكم له / بالذوقِ فيه وعليه فاعمل
يا نفسُ قومي للذي عرفته / بكلِّ ما يطلبه لا تأتلي
إنْ كان قولُ الله حيّ نحو ما / يعطي اللسان فاطلبي لا تحملي
وليس يدري سرَّ ما أذكره / في شعرنا الا خبير قد ولي
إذا جاء بالإجمال نونٌ فإنه
إذا جاء بالإجمال نونٌ فإنه / يفصِّله العلامُ بالقلمِ الأعلى
فيلقيه في اللوحِ الحفيظِ مفصِّلاً / حروفاً وأشكالاً وآياته تُتلى
وما فصل الإجمال منه بعلمه / وما كان إلا كاتباً حين ما يتلى
عليه الذي ألقاه فيه مسطر / لتبلى به أكوانه وهو لا يبلى
هو العقل حقاً حين يعقل ذاته / له الكشفُ والتحقيق بالمشهد الأجلى
العرشُ يحمله من كان يحمله
العرشُ يحمله من كان يحمله / العرشُ فاعجبْ له من حاملٍ محمول
إن كان عرشَ سريرٍ كان حامله / ملائكُ كالذي قد جاء في المنقول
أو كان مُلكاً فإن الحاملين له / خمسُ ملائكةٍ أنا همُ جبريلْ
ومن أناس ثلاث لا خفاءَ بهم / أئمة روضهم بعلمهم مطلولْ
للصور والروح والأرزاق أجمعها / والوعد ثم وعيد سيفه مسلول
أنا صاحبُ الملك الذي قال إنني
أنا صاحبُ الملك الذي قال إنني / أنا نائبٌ فيه بأصدقِ قيلِ
ولو لم يكن ملكي لما صح أن أرى / موكله والحقُّ فيه وكيلي
وعن أمرنا كانت وكالتنا له / وبرهان دعوايَ وعين دليلي
كتابٌ له حقٌ وفيه اعترافه / بما قلت فيه فالسبيلُ سبيلي
يقول بأضدادِ الأمورِ وجوده / فقد حرتُ فيه وهو خير خليل
عجبت له من غائب وهو حاضر / بتنغيذ أخبار وبعثِ رسول
إلى مَن وإنَّ العينَ عينُ وجودِه / وممن فقد حرنا فكيف وصولي
إلى منزلٍ ما فيه عينٌ غريبةٌ / ولا حيرةٌ فيها شفاءُ خليل
إن الظنونَ على الوجوهِ مُحالُ
إن الظنونَ على الوجوهِ مُحالُ / أهل التفكير هكذا قد قالوا
والكشفُ يقضي أنها لحياتها / فيها لها عند الشهود مجالُ
شهدتْ بذلكم الجوارحُ عندنا / في النور إذ جاءت بها الأرسال
إن الثناء على الأسماء أجمعها
إن الثناء على الأسماء أجمعها / بها وليس سواها يعرفون ولا
أليس هذا صحيحاً قد أتاك به / في محكم الذكر قرآناً عليك تلا
في أخذه الذرّ ثم الحق أشهدنا / ألستُ ربكمُ كان الجوابُ بلى
ولم يخص بهذا الحكم امرأة / عند الشهود ولا أيضاً به رجلا
حاز الوجودَ بعيني عينَ صورتِه / فلا أبالي ألاحَ النجم أم أفَلا
إن الوجودَ وجودي لا يزاحمني / فيه سوى من يقول العبد فيه حلا
إن الذي يرتجى فقدي عوارفه / قد حقق الله ظني إذ يقول إلى
في رؤيةِ الوجه والأبصار ناظرة / فلم يرد بالى أداة من والى
إن الظنون أحالت أنْ تكون إلى / كمثلها إليه فانصرف عجِلا
ليلُ الجسوم إذا ولَّتْ منازلُه
ليلُ الجسوم إذا ولَّتْ منازلُه / فأنّ فجرَ ضياءِ الصبح نازله
لذا أتى بالضحى عقيبَ رحلته / ورقبت عند باقيه دلائله
وأضحك الروضُ أزهاراً وقد رقصتْ / من الغصونِ بأوراقِ غَلائِلهْ
وما تبسَّم إلا كي يفرحنا / فلاحَ يانعه إذ راحَ ذابلُه
إنَّ التقي الذي في الروض مسكنه / هو الصدوق الذي عدت فضائله
كما الشقي الذي في الارض مسكنه / هو الكذوب الذي تردى رذائله
وصاحبُ البرزخ الأعرافُ منزله / زُمَّتْ لرحلته عنا رَواحله
اليسرُ شيمةُ ذا والعسر شيمةُ ذا / لولا عطاءُ الغني ما نيلَ نائله
منه تعالى وما كانت مقالةٌ من / قد كان منطقه عيناً يقابله
كان التولي له من أصلِ نشأته / فمن تولَّى تولَّته أباطله
من نازعَ الحقَّ في شيء يكون له / فلن ينازعه إلا مقابله
حق اليقينِ علومٌ لا يحصلها
حق اليقينِ علومٌ لا يحصلها / إلا بلم وهو المخصوصُ بالعللِ
وهي العلوم التي أرستْ قواعدها / بالمشتريّ وبالمعهود من زُحَل
وعينه دونه ذوقاً تشاهده / ولو بغيت فيبقى فيه بالمثل
وعلمه دون هذا العينُ تعلمه / بحدِّه وهو إن أزيل لم يزل
العلمُ بحرٌ ما له من ساحل
العلمُ بحرٌ ما له من ساحل / عذبُ المشارب حكمه في النائلِ
بالجمعِ جاء من الذي أعطاكَه / ما سَلطَن المسؤول غير السائل
لما دعاه دعا له في نفسه / بالمنحر الأعلى الكريمِ القائل
واستخلص الشخصُ الذي قد ذمه / بهواه لما أنْ دعا بالحائلِ
ليصيد من شَرَك العقولِ صيودها / بشريعةٍ جلتْ عن المتطاولِ
فلذاك لم يعقبُ واعقب من له / كل الفضائلِ فاضلاً عن فاضلِ
من اسم العزيزِ إن كنت تعقلُ
من اسم العزيزِ إن كنت تعقلُ / ومن بعدِه فتحٌ له النفسُ تعملُ
فقوموا له واستغفروا الله إنه / رحيمٌ إذا الخطَّاءُ يأتي فيسأل
يختص بالنصرِ العزيزِ مؤيّد / ويختصُّ بالنصر المشاهد مفضل
تقسم قلبي في هواه وإنه / لداء عظيم إن تحققتَ مُعضل
فرؤية علمي تغني عن عينِ ناظري / وما رؤيتي الأخرى عن العلمِ تعدلُ
فما تعطي أبصارٌ سوى شخصٍ ما رأتْ / ويعطيك عينُ القلبِ ما كنَت تجهلُ
إلا أنه المنكور من حيثُ ناظري / كما أنه المعروفُ للعقلِ فاعقلوا
وقد جاء في الأخبار هذا الذي أنا / أقول به حُكماً لمَنْ كان يعقلُ
ألا إنني مولى لمن أنا عبدُه
ألا إنني مولى لمن أنا عبدُه / فأنصره عن أمرِه وأناضلُ
وإنَّ سهامي لا تطيشُ وإنها / تصيبُ إذا التفتْ عليّ القبائلُ
أقاتلهم بالسيفِ والحجةِ التي / بها يدمغ القرن الكميِّ المنازل
انظر إليَّ ولا تنظر إلى حالي
انظر إليَّ ولا تنظر إلى حالي / واحذر من العذلِ لا تخطره بالبالِ
وافرغ إلى طلبِ الفضلِ الذي صبنت / عنه ظنوني في ترتيب أحوالي
لو أنَّ لي سيِّداً فتَّ الأنام جداً / ولم أعرِّج على جاهٍ ولا مال
المالُ مالُ الذي مالَ الوجودُ به / إليه من كرمٍ فلا تقل ما لي
بل قل إذا جاء من يبغي نزالكمُ / ما لي من المالِ إلا حظ آمالي
وقد علمتُ بأنَّ الجودَ من خلقي / طبعاً جبلتُ عليه فيه إقبالي
لا تفرحنَّ بشيءٍ لستَ مالكه / بل أنت مستخلفٌ فيه وكالوالي
مكانتي عند من أصبحتُ نائبه / في ملكه حاكماً بقدر أعمالي
فإنْ عدلتَ فإن العدلَ شيمتنا / لعلمنا أو تفضّلنا فلا ما لي
الفضلُ فضلُ إلهي ما لنا قدمٌ / فيه لفقري وما أدريه من حالي
فليس يفضل عني ما أجود به / ولا يليق بنا قصد لأمثالي
فما لنا غيرُ من تُرجَّى عوارفه / وهو الغنيّ عن الحاجاتِ والعالي
لما رأى من رأى حكمي ومملكتي / وما درى أنني العاطلُ الحالي
وقد رأى من أنا فيهم خليفته / يقولُ تقرضني من عرض أموالي
وما رأى أنه قد جال في خَلَدي / أقرضن بالفعلِ لا بالعقد والحالِ
لذاك نطقهم فيه بأنَّ له / فقراً إلينا وما ربي من أشكالي
الفيت فيه الذي عليَّ يلبسه / بأنْ تشخص لي أفعال أفعى لي
لا أعرف اللغو في قولٍ أفوه به / إنَّ السديد من الأقوالِ أقوالي
أَجلُّ وصفي أنّ الله أهَّلني / لحلِّ ما عند أشكالي من أشكالي
إذا جاءتِ الأرسال من عند مُرسِلِ
إذا جاءتِ الأرسال من عند مُرسِلِ / إلى كلِّ ذي قلبٍ بوحيٍ مُنزَلِ
علمتُ به ما لم أكن قد علمته / وعللته بي وهو خيرُ معلل
فلولا وجودي لم يكن ثَم نازلٌ / كما أنه بي كان عينُ التنزُّلِ
وقد علمتْ أسماؤه أنّ ذاتنا / بعلمٍ صحيحٍ أنها خيرُ منزل
تخيلتُ أني سامعٌ وحيَ قولِه / فشاهدتُ من أوحى السميع لمقولي
فقلت أنا عين المقولِ فقال لي / تأمل فليس القولُ عني بمعزِل
فثبت عندي أنه القول مثلما / هو السمع فالأمران منه له ولي
وإني وإنْ كنتُ المبلغَ وحيه / إلى كل ذي سمعٍ فلستُ عرسل
ولكنني في رتبةِ القومِ وارث / بحال وعقدٍ ثم قولٌ مفصّل
وقل تابع إن شئت فالقولُ واحد / ولا تبتدع قولاً فلستُ بأفضل
به ختم الله الشرائعَ فاعلمن / ولا تعملن يا صاح في غير معمل
وما انقطع الوحي المنزلُ بعدَه / ولكن بغير الشرعِ فاعلمه واعمل
تصرَّفتِ الأرواح بيني وبينه / بشرقٍ وغربٍ في جنوبٍ وشمأل
وما أنا ممن قيَّد الحب قلبَه / بليلي ولبنى أو دخولٍ ومأسلِ
ألا إنَّ حبي مطلق الكونِ ظاهرٌ / بصورةِ مَنْ يهواه منه تخيلي
وما لي منه ما أقيده به / سوى ما شهدنا منه عند التمثل
كمريم إذ جاء البشير ممثلاً / على صورةٍ مشهودةٍ في التبعل
فألقى إليها الروح روحاً مقدّساً / يُسمى بعيسى خيرِ عبدٍ ومُرسَل
فلم أدر هل بالذاتِ كان وجودُ ما / رأيت بها أو كان عند تأمل
أنا واقف فيه إلى الآن لم أقل / بما هو إلا أنْ يقولَ فينجلي
وقلت له لا بدّ إن كنت قاطعاً / وجودي على التحقيقِ منك فأجمل
فإني ورب البيتِ لستُ من الذي / إذا قال قولاً كان فيه بمؤتل
كمثلِ ابنِ حَجرٍ حين قال بجهله / لمحبوبةٍ كانت له عند حوملِ
وإنْ كنتِ قد ساءتكِ مني خليقةٌ / فسُلِّي ثيابي من ثيابِكِ تنسلِ
وهيهاتِ كيف السل والثوبُ واحدٌ / فممن وعيني ليس غير مؤمل
بذلتُ له جهدي على القربِ والنوى / وكانت حياتي بالمنى والتعلل
وهذا مُحالٌ أنْ يكون فإنني / حقيقة من أهواه من غير فيصل
توليت عنهم حين قالوا بأنهم / سواي فما أعطيتهم في تململي
أغرّك إقبالي بصورة مُعرضٍ / كذلك إعراضي بصورةِ مُقبل
فمكري كمر الله إنْ كنت عالماً / فمهما تشا فأمر فؤادي يفعل
أبيتُ لعز أنت فيه محقق / على كلِّ عقدٍ كان إلا تذللي
فو الله ما عزي سوى عين ذلتي / فإن شئتَ فاعلم ذاك أو شئت فاجهلِ
و و الله ما عزي سوى ذلتي التي / يكون لها فضلٌ لكلِّ موصل
كذا قال بسطامينا في شهوده / بعلمٍ صحيحٍ ما به من تحيُّل
فإنْ وصالي ليس لي بحقيقة / وإنَّ فصالي حاكم بالتوسُّل
فما لي من وصلٍ سوى ما ذكرتُه / ففقري وذلِّي فيه عينُ التوصُّل
دليلي على ما قلت في ذاك أنني / إذا جئتُ أسكنُ قيل لي قم ترحل
وما هي إلا من شؤونك رحلتي / وما الشانُ إلا غليُ قدرٍ بمرجل
فأسفله أعلاه والعلو سافلُ / فقل ما تشا واحمله في كلِّ محملِ
يسع حمله فالحالُ حالي وإنه / بريء فلا تعدل به غيرَ معدل
ونزِّه وجودَ الحقِّ عن كل حادثٍ / فإن وجودَ الحق كوني فضلل
فما علمنا بالله إلا تحيرٌ / كذا جاءنا في محكم الذكرِ واسأل
فكن عبدَ قنٍّ لا تكن عبدَ نعمةٍ / وإنْ هو ولاّك الأمورَ فلا تل
فما ثَم إلا العرضُ ما ثم فيصَلٌ / فقد أغلقَ البابُ الذي كان للولي
أراح به الأتباعَ أتباعَ رُسْله / فكم بين معلولٍ وبين معللِ
فما العلةُ الأولى سوى العلةِ التي / هي القمر العالي على كل معتلي
أنا أكرم الأسلافِ في كل مشهدٍ / أعين فيه من مُعمٍّ ومُخولِ
فوالدنا من قد علمتم وجودَه / ولم تعملوا ما هو لمنصبه العلي
وأميِّ التي ما زلتُ أذكرها لكم / من النفس العالي النزيه المكمل
بهم كنت في أهل الولاية خاتماً / فكلُّ وليّ جاء من بعدنا يلي
فيحصل فيه نائباً عن ولايتي / بذا قال أهل الكشف عن خير مرسل
كعيسى رسول الله بعد محمد / فأنزله الرحمنْ منزلةَ الولي
فيحكم فينا من شريعةِ أحمد / ويتبعه في كلِّ حكمٍ مُنزلِ
رأيت الذي قد جاء من أرضِ بابلٍ
رأيت الذي قد جاء من أرضِ بابلٍ / بعلمٍ صحيحٍ للهوى غيرِ قابلِ
فقلتُ له أهلاً وسهلاً ومَرحباً / فردَّ بتأهيلٍ على كلِّ آهلِ
ألا إنَّ شرَّ الناسِ من كان أعزبا / وإنْ كان بين الناسِ جمَّ الفضائلِ
وما في عبادِ الله من هو أعزب / فيا جاهلاً لم تخل مني بطائل
تأملْ وجودَ الأصل إذ شاء كوننا / فهل كنتَ إلا بين قولٍ وقائلِ
فقال لشيءٍ كُن فكان لحينه / عن أمر إله بالطبيعةِ فاعل
فأرضعني حولين جوداً ومنَّةً / تماماً لكي أربى على كلِّ كاملِ
فثَّنى ولم يفردْ فعمَّ وجودُنا / بحوليه جوداً كلَّ عالٍ وسافلِ
وفاطمتي ما كانت إلا طبيعتي / لآخذَ عنه العلمَ من غيرِ حائلِ
لقد فطمتني والهوى حاكمٌ لها / عليَّ بحبٍ من ثابتِ زائلِ
فما ثَمَّ إلا عاشقُ عينِ ذاته / عموماً وتخصيصاً لدى كلِّ عاقل
فلو لم يكن لي شاهدٌ غيرَ نشأتي / على الصورةِ المثلى كفاني لسائلِ
بها أقبل الأسماء منه تحققاً / ويقبل آسمائي حكومةَ عادل
إذا هو ناداني فتى فأجبتُه / به عند فصلِ واصلٍ غيرَ فاصل
لقد قسم الرحمن بيني وبينه / صلاةً على رغم الأنوفِ الأوائل
فقمت بها والعلم يشهد أنني / بها بين مفضولٍ يقومُ وفاضل
فقال وقلنا والخطوبُ كثيرةٌ / فاسمني شرّ الخطوبِ النَّوازل
وما قسمَ الرحمنُ إلا كلامه / فنحكي وما يُتلى بغير المقاتل
بذا جاء لفظُ العبدِ فيها لأنه / غيورٌ فينفي عنه جدَّ المماثل
كما جاء في الشورى وفيه تنبُّه / لكلِّ لبيبٍ في المحاضر واصل
تمنيت منه أن أفوز بقربه / فقال تمن حكمه غير حاصل
ومنْ يقتربْ منه يجد غيرَ نفسه / وليس أخو علم بأمرٍ كجاهل
ولو علمَ الرآؤون ماذا يرونه / وفيما رأوه لم يفوزوا بنائل
ولكنها الأوهام لم تخل فيهم / بأحكامها ما بين بادٍ وآفل
فيعطيك زهداً بالأفولِ ورغبةً / إذا هي تبدو ناجزاً غير آجل
تحفظ فإنَّ الوهم مدَّ شِباكه / وما يبتغي غيرَ النفوسِ الغوافل
فلا تطمعَنْ في الحبِّ فهو خديعة / أراك لتمشي في حِبالةِ حابل
لذلك كان الزهد أشرفَ حليةٍ / تحلَّى بها قلبُ الشجاعِ المناضل

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025