المجموع : 109
مَن شانه الفصل لم توصل حقيقته
مَن شانه الفصل لم توصل حقيقته / فإنَّ عينَ الهوى بالوصل مملول
هذا الثبوت الذي ما فيه تعطيل
هذا الثبوت الذي ما فيه تعطيل / الروضُ منها إذا استنشقت مطلول
لذاك يخرج ما فيه على صور / شتى تراها فتبديل وتحويل
لا تسكننّ إلى صور تشاهده / فيه فغايته في الحسِّ تبديل
واثبت على الجوهر الأصليّ تخط به / عِلماً أتاكَ به من صدقه القيل
الله أعظمُ قدراً أن يحاط به / عِلماً فما هو للبرهانِ مدلول
إنَّ استنادي إليه لا أكيفه / فكيف أعلمه والعلمُ تحصيل
وليس عندي منه ما أعينه / إلا افتقاري إليه فهو محصول
كما علمت غناه عن خليقته / من اسمها عالماً أعطاه تنزيل
كفى يسرِّح ما عقلي يقيده / فبيت عقلك بالأفكار معقول
فصاحبُ الفكر بالأوهام في جهة / وصاحب الكشف بالتنزيل مقبول
أرى الأتباع تلحق سابقوهم
أرى الأتباع تلحق سابقوهم / بمن تبعوه في حكم وحالٍ
وهذي لا خفاء بهم لديهم / تبينه مقامات الرجال
ولما أن رأيت وجود عيني / بعين القلب في ظلم الليالي
سجدت لربنا معنى وحسّاً / سجودَ القلب أو عين الظلال
ولم أرفع لما تعطيه ذاتي / من الحاق الأسافل بالأعالي
وإلحام الأباعد بالأداني / وإظهار السوابق بالمآل
وقلت له لقد أسجدت قلبي / لقلبي كالزِّجاج مع العوالي
وخاطبني به فأبى وجودي / قبول خطابه لصلاح بالي
فإني ما علمت من أيّ وجه / يخاطبني فقال من السؤال
فقلت علمت إنك لي مجيب / على قدر السؤال بشرح حالي
فإني ما أريد سوى ملاذي / بملذوذ التواله والنوال
وإن سترناها ولم نبدها / لعينها كنت القسيم الكريم
الأمر موقوف على شعره / تزال عن عين الغريم العديم
فيظهر الأمر بأحكامه / ظهور منعوت بنعت القسيم
إذا كانت الآياتُ تعتاد لم يكن
إذا كانت الآياتُ تعتاد لم يكن / لها أثر في نفسِ كلِّ جهولِ
وما لم تكن تعتادُ فهي لديهمُ / إذا نظروا فيها أدلُّ دليل
وأما فحول القومِ لا فرق عندهم / لقد خصصوا منها بأقوم قيل
إذا جاءت الآيات تترى تراهمُ / سكارى لها خوفاً بكل سبيل
فسبحان من أحياهمُ واصطفاهمُ / وإنهمُ فينا أقل قليل
إذا وضع الميزان في قبةِ العدلِ
إذا وضع الميزان في قبةِ العدلِ / ترجَّح ميزان السماحةِ بالفصلِ
وإن لم يكن بالفضل فالوزنُ خاسرٌ / وإنْ كان إيثاراً بما كان مِن بذلِ
فاوّلُ حقٍّ فيه حقُّ إلهه / وحقُّ رسولِ الله ذي المجدِ والفضلِ
ومن بعدِه حقُّ المكلِّفِ نفسه / وحق فراشِ الشخصِ إنْ كان ذا أهل
وحقُّ بنيه ثم حقُّ خديمه / ومن بعده حقُّ القرابة بالعدلِ
إلى جاره الأدنى إلى أهل دينه / إلى كلِّ ذي حقٍّ ويجري على الأصلِ
لهذا الذي قد قلته وزن شرعه / وأما الذي للكل فاضربه في الكل
فيخرج كل الكل من ضرب كله / كما تخرج الأمثال من واحد المثل
فإن كان ذا فضلٍ فيوصَل فضله / وما ثَم من وصل وما ثَم من فصل
إذا ضرب الإنسان واحدَ عينه / بعينِ وجودِ الأصل لم يبدُ للمثلِ
سوى نفسِه فافهم حقيقة ضربه / فما ثَم إلا الحقُّ إذ أنت كالظلِّ
إذا سمع الله العليمُ مقالتي
إذا سمع الله العليمُ مقالتي / وأنَّ مدى أمري إليه يؤولُ
فلست أبالي من يخوض بفكره / ويزعم أني بالأمورِ جَهولُ
فيرخي عنان القولِ فيّ ويفتري / عليَّ بشيءٍ ما عليه دَليل
ويطنب في الذمِّ الذي أنا أهله / ويوسع فينا بالهوى ويقول
وإنْ كنت معصوماً فعصمة عرضنا / مُحالٌ وفرضٌ ما إليه سبيلُ
لولا الدعاوى ما ابتلى من ابتلي
لولا الدعاوى ما ابتلى من ابتلي / من كل شخصٍ من رسولٍ أو ولي
لا تبتلي ما تبتلي واستسلمنْ / إلى الذي يَقضي به الرحمن لي
فإنه أعلم بي منا بنا / ومن يكن أعلم بي فهو العلي
علم البلاء خبرة فاحكم له / بالذوقِ فيه وعليه فاعمل
يا نفسُ قومي للذي عرفته / بكلِّ ما يطلبه لا تأتلي
إنْ كان قولُ الله حيّ نحو ما / يعطي اللسان فاطلبي لا تحملي
وليس يدري سرَّ ما أذكره / في شعرنا الا خبير قد ولي
إذا جاء بالإجمال نونٌ فإنه
إذا جاء بالإجمال نونٌ فإنه / يفصِّله العلامُ بالقلمِ الأعلى
فيلقيه في اللوحِ الحفيظِ مفصِّلاً / حروفاً وأشكالاً وآياته تُتلى
وما فصل الإجمال منه بعلمه / وما كان إلا كاتباً حين ما يتلى
عليه الذي ألقاه فيه مسطر / لتبلى به أكوانه وهو لا يبلى
هو العقل حقاً حين يعقل ذاته / له الكشفُ والتحقيق بالمشهد الأجلى
العرشُ يحمله من كان يحمله
العرشُ يحمله من كان يحمله / العرشُ فاعجبْ له من حاملٍ محمول
إن كان عرشَ سريرٍ كان حامله / ملائكُ كالذي قد جاء في المنقول
أو كان مُلكاً فإن الحاملين له / خمسُ ملائكةٍ أنا همُ جبريلْ
ومن أناس ثلاث لا خفاءَ بهم / أئمة روضهم بعلمهم مطلولْ
للصور والروح والأرزاق أجمعها / والوعد ثم وعيد سيفه مسلول
أنا صاحبُ الملك الذي قال إنني
أنا صاحبُ الملك الذي قال إنني / أنا نائبٌ فيه بأصدقِ قيلِ
ولو لم يكن ملكي لما صح أن أرى / موكله والحقُّ فيه وكيلي
وعن أمرنا كانت وكالتنا له / وبرهان دعوايَ وعين دليلي
كتابٌ له حقٌ وفيه اعترافه / بما قلت فيه فالسبيلُ سبيلي
يقول بأضدادِ الأمورِ وجوده / فقد حرتُ فيه وهو خير خليل
عجبت له من غائب وهو حاضر / بتنغيذ أخبار وبعثِ رسول
إلى مَن وإنَّ العينَ عينُ وجودِه / وممن فقد حرنا فكيف وصولي
إلى منزلٍ ما فيه عينٌ غريبةٌ / ولا حيرةٌ فيها شفاءُ خليل
إن الظنونَ على الوجوهِ مُحالُ
إن الظنونَ على الوجوهِ مُحالُ / أهل التفكير هكذا قد قالوا
والكشفُ يقضي أنها لحياتها / فيها لها عند الشهود مجالُ
شهدتْ بذلكم الجوارحُ عندنا / في النور إذ جاءت بها الأرسال
إن الثناء على الأسماء أجمعها
إن الثناء على الأسماء أجمعها / بها وليس سواها يعرفون ولا
أليس هذا صحيحاً قد أتاك به / في محكم الذكر قرآناً عليك تلا
في أخذه الذرّ ثم الحق أشهدنا / ألستُ ربكمُ كان الجوابُ بلى
ولم يخص بهذا الحكم امرأة / عند الشهود ولا أيضاً به رجلا
حاز الوجودَ بعيني عينَ صورتِه / فلا أبالي ألاحَ النجم أم أفَلا
إن الوجودَ وجودي لا يزاحمني / فيه سوى من يقول العبد فيه حلا
إن الذي يرتجى فقدي عوارفه / قد حقق الله ظني إذ يقول إلى
في رؤيةِ الوجه والأبصار ناظرة / فلم يرد بالى أداة من والى
إن الظنون أحالت أنْ تكون إلى / كمثلها إليه فانصرف عجِلا
ليلُ الجسوم إذا ولَّتْ منازلُه
ليلُ الجسوم إذا ولَّتْ منازلُه / فأنّ فجرَ ضياءِ الصبح نازله
لذا أتى بالضحى عقيبَ رحلته / ورقبت عند باقيه دلائله
وأضحك الروضُ أزهاراً وقد رقصتْ / من الغصونِ بأوراقِ غَلائِلهْ
وما تبسَّم إلا كي يفرحنا / فلاحَ يانعه إذ راحَ ذابلُه
إنَّ التقي الذي في الروض مسكنه / هو الصدوق الذي عدت فضائله
كما الشقي الذي في الارض مسكنه / هو الكذوب الذي تردى رذائله
وصاحبُ البرزخ الأعرافُ منزله / زُمَّتْ لرحلته عنا رَواحله
اليسرُ شيمةُ ذا والعسر شيمةُ ذا / لولا عطاءُ الغني ما نيلَ نائله
منه تعالى وما كانت مقالةٌ من / قد كان منطقه عيناً يقابله
كان التولي له من أصلِ نشأته / فمن تولَّى تولَّته أباطله
من نازعَ الحقَّ في شيء يكون له / فلن ينازعه إلا مقابله
حق اليقينِ علومٌ لا يحصلها
حق اليقينِ علومٌ لا يحصلها / إلا بلم وهو المخصوصُ بالعللِ
وهي العلوم التي أرستْ قواعدها / بالمشتريّ وبالمعهود من زُحَل
وعينه دونه ذوقاً تشاهده / ولو بغيت فيبقى فيه بالمثل
وعلمه دون هذا العينُ تعلمه / بحدِّه وهو إن أزيل لم يزل
العلمُ بحرٌ ما له من ساحل
العلمُ بحرٌ ما له من ساحل / عذبُ المشارب حكمه في النائلِ
بالجمعِ جاء من الذي أعطاكَه / ما سَلطَن المسؤول غير السائل
لما دعاه دعا له في نفسه / بالمنحر الأعلى الكريمِ القائل
واستخلص الشخصُ الذي قد ذمه / بهواه لما أنْ دعا بالحائلِ
ليصيد من شَرَك العقولِ صيودها / بشريعةٍ جلتْ عن المتطاولِ
فلذاك لم يعقبُ واعقب من له / كل الفضائلِ فاضلاً عن فاضلِ
من اسم العزيزِ إن كنت تعقلُ
من اسم العزيزِ إن كنت تعقلُ / ومن بعدِه فتحٌ له النفسُ تعملُ
فقوموا له واستغفروا الله إنه / رحيمٌ إذا الخطَّاءُ يأتي فيسأل
يختص بالنصرِ العزيزِ مؤيّد / ويختصُّ بالنصر المشاهد مفضل
تقسم قلبي في هواه وإنه / لداء عظيم إن تحققتَ مُعضل
فرؤية علمي تغني عن عينِ ناظري / وما رؤيتي الأخرى عن العلمِ تعدلُ
فما تعطي أبصارٌ سوى شخصٍ ما رأتْ / ويعطيك عينُ القلبِ ما كنَت تجهلُ
إلا أنه المنكور من حيثُ ناظري / كما أنه المعروفُ للعقلِ فاعقلوا
وقد جاء في الأخبار هذا الذي أنا / أقول به حُكماً لمَنْ كان يعقلُ
ألا إنني مولى لمن أنا عبدُه
ألا إنني مولى لمن أنا عبدُه / فأنصره عن أمرِه وأناضلُ
وإنَّ سهامي لا تطيشُ وإنها / تصيبُ إذا التفتْ عليّ القبائلُ
أقاتلهم بالسيفِ والحجةِ التي / بها يدمغ القرن الكميِّ المنازل
انظر إليَّ ولا تنظر إلى حالي
انظر إليَّ ولا تنظر إلى حالي / واحذر من العذلِ لا تخطره بالبالِ
وافرغ إلى طلبِ الفضلِ الذي صبنت / عنه ظنوني في ترتيب أحوالي
لو أنَّ لي سيِّداً فتَّ الأنام جداً / ولم أعرِّج على جاهٍ ولا مال
المالُ مالُ الذي مالَ الوجودُ به / إليه من كرمٍ فلا تقل ما لي
بل قل إذا جاء من يبغي نزالكمُ / ما لي من المالِ إلا حظ آمالي
وقد علمتُ بأنَّ الجودَ من خلقي / طبعاً جبلتُ عليه فيه إقبالي
لا تفرحنَّ بشيءٍ لستَ مالكه / بل أنت مستخلفٌ فيه وكالوالي
مكانتي عند من أصبحتُ نائبه / في ملكه حاكماً بقدر أعمالي
فإنْ عدلتَ فإن العدلَ شيمتنا / لعلمنا أو تفضّلنا فلا ما لي
الفضلُ فضلُ إلهي ما لنا قدمٌ / فيه لفقري وما أدريه من حالي
فليس يفضل عني ما أجود به / ولا يليق بنا قصد لأمثالي
فما لنا غيرُ من تُرجَّى عوارفه / وهو الغنيّ عن الحاجاتِ والعالي
لما رأى من رأى حكمي ومملكتي / وما درى أنني العاطلُ الحالي
وقد رأى من أنا فيهم خليفته / يقولُ تقرضني من عرض أموالي
وما رأى أنه قد جال في خَلَدي / أقرضن بالفعلِ لا بالعقد والحالِ
لذاك نطقهم فيه بأنَّ له / فقراً إلينا وما ربي من أشكالي
الفيت فيه الذي عليَّ يلبسه / بأنْ تشخص لي أفعال أفعى لي
لا أعرف اللغو في قولٍ أفوه به / إنَّ السديد من الأقوالِ أقوالي
أَجلُّ وصفي أنّ الله أهَّلني / لحلِّ ما عند أشكالي من أشكالي
إذا جاءتِ الأرسال من عند مُرسِلِ
إذا جاءتِ الأرسال من عند مُرسِلِ / إلى كلِّ ذي قلبٍ بوحيٍ مُنزَلِ
علمتُ به ما لم أكن قد علمته / وعللته بي وهو خيرُ معلل
فلولا وجودي لم يكن ثَم نازلٌ / كما أنه بي كان عينُ التنزُّلِ
وقد علمتْ أسماؤه أنّ ذاتنا / بعلمٍ صحيحٍ أنها خيرُ منزل
تخيلتُ أني سامعٌ وحيَ قولِه / فشاهدتُ من أوحى السميع لمقولي
فقلت أنا عين المقولِ فقال لي / تأمل فليس القولُ عني بمعزِل
فثبت عندي أنه القول مثلما / هو السمع فالأمران منه له ولي
وإني وإنْ كنتُ المبلغَ وحيه / إلى كل ذي سمعٍ فلستُ عرسل
ولكنني في رتبةِ القومِ وارث / بحال وعقدٍ ثم قولٌ مفصّل
وقل تابع إن شئت فالقولُ واحد / ولا تبتدع قولاً فلستُ بأفضل
به ختم الله الشرائعَ فاعلمن / ولا تعملن يا صاح في غير معمل
وما انقطع الوحي المنزلُ بعدَه / ولكن بغير الشرعِ فاعلمه واعمل
تصرَّفتِ الأرواح بيني وبينه / بشرقٍ وغربٍ في جنوبٍ وشمأل
وما أنا ممن قيَّد الحب قلبَه / بليلي ولبنى أو دخولٍ ومأسلِ
ألا إنَّ حبي مطلق الكونِ ظاهرٌ / بصورةِ مَنْ يهواه منه تخيلي
وما لي منه ما أقيده به / سوى ما شهدنا منه عند التمثل
كمريم إذ جاء البشير ممثلاً / على صورةٍ مشهودةٍ في التبعل
فألقى إليها الروح روحاً مقدّساً / يُسمى بعيسى خيرِ عبدٍ ومُرسَل
فلم أدر هل بالذاتِ كان وجودُ ما / رأيت بها أو كان عند تأمل
أنا واقف فيه إلى الآن لم أقل / بما هو إلا أنْ يقولَ فينجلي
وقلت له لا بدّ إن كنت قاطعاً / وجودي على التحقيقِ منك فأجمل
فإني ورب البيتِ لستُ من الذي / إذا قال قولاً كان فيه بمؤتل
كمثلِ ابنِ حَجرٍ حين قال بجهله / لمحبوبةٍ كانت له عند حوملِ
وإنْ كنتِ قد ساءتكِ مني خليقةٌ / فسُلِّي ثيابي من ثيابِكِ تنسلِ
وهيهاتِ كيف السل والثوبُ واحدٌ / فممن وعيني ليس غير مؤمل
بذلتُ له جهدي على القربِ والنوى / وكانت حياتي بالمنى والتعلل
وهذا مُحالٌ أنْ يكون فإنني / حقيقة من أهواه من غير فيصل
توليت عنهم حين قالوا بأنهم / سواي فما أعطيتهم في تململي
أغرّك إقبالي بصورة مُعرضٍ / كذلك إعراضي بصورةِ مُقبل
فمكري كمر الله إنْ كنت عالماً / فمهما تشا فأمر فؤادي يفعل
أبيتُ لعز أنت فيه محقق / على كلِّ عقدٍ كان إلا تذللي
فو الله ما عزي سوى عين ذلتي / فإن شئتَ فاعلم ذاك أو شئت فاجهلِ
و و الله ما عزي سوى ذلتي التي / يكون لها فضلٌ لكلِّ موصل
كذا قال بسطامينا في شهوده / بعلمٍ صحيحٍ ما به من تحيُّل
فإنْ وصالي ليس لي بحقيقة / وإنَّ فصالي حاكم بالتوسُّل
فما لي من وصلٍ سوى ما ذكرتُه / ففقري وذلِّي فيه عينُ التوصُّل
دليلي على ما قلت في ذاك أنني / إذا جئتُ أسكنُ قيل لي قم ترحل
وما هي إلا من شؤونك رحلتي / وما الشانُ إلا غليُ قدرٍ بمرجل
فأسفله أعلاه والعلو سافلُ / فقل ما تشا واحمله في كلِّ محملِ
يسع حمله فالحالُ حالي وإنه / بريء فلا تعدل به غيرَ معدل
ونزِّه وجودَ الحقِّ عن كل حادثٍ / فإن وجودَ الحق كوني فضلل
فما علمنا بالله إلا تحيرٌ / كذا جاءنا في محكم الذكرِ واسأل
فكن عبدَ قنٍّ لا تكن عبدَ نعمةٍ / وإنْ هو ولاّك الأمورَ فلا تل
فما ثَم إلا العرضُ ما ثم فيصَلٌ / فقد أغلقَ البابُ الذي كان للولي
أراح به الأتباعَ أتباعَ رُسْله / فكم بين معلولٍ وبين معللِ
فما العلةُ الأولى سوى العلةِ التي / هي القمر العالي على كل معتلي
أنا أكرم الأسلافِ في كل مشهدٍ / أعين فيه من مُعمٍّ ومُخولِ
فوالدنا من قد علمتم وجودَه / ولم تعملوا ما هو لمنصبه العلي
وأميِّ التي ما زلتُ أذكرها لكم / من النفس العالي النزيه المكمل
بهم كنت في أهل الولاية خاتماً / فكلُّ وليّ جاء من بعدنا يلي
فيحصل فيه نائباً عن ولايتي / بذا قال أهل الكشف عن خير مرسل
كعيسى رسول الله بعد محمد / فأنزله الرحمنْ منزلةَ الولي
فيحكم فينا من شريعةِ أحمد / ويتبعه في كلِّ حكمٍ مُنزلِ
رأيت الذي قد جاء من أرضِ بابلٍ
رأيت الذي قد جاء من أرضِ بابلٍ / بعلمٍ صحيحٍ للهوى غيرِ قابلِ
فقلتُ له أهلاً وسهلاً ومَرحباً / فردَّ بتأهيلٍ على كلِّ آهلِ
ألا إنَّ شرَّ الناسِ من كان أعزبا / وإنْ كان بين الناسِ جمَّ الفضائلِ
وما في عبادِ الله من هو أعزب / فيا جاهلاً لم تخل مني بطائل
تأملْ وجودَ الأصل إذ شاء كوننا / فهل كنتَ إلا بين قولٍ وقائلِ
فقال لشيءٍ كُن فكان لحينه / عن أمر إله بالطبيعةِ فاعل
فأرضعني حولين جوداً ومنَّةً / تماماً لكي أربى على كلِّ كاملِ
فثَّنى ولم يفردْ فعمَّ وجودُنا / بحوليه جوداً كلَّ عالٍ وسافلِ
وفاطمتي ما كانت إلا طبيعتي / لآخذَ عنه العلمَ من غيرِ حائلِ
لقد فطمتني والهوى حاكمٌ لها / عليَّ بحبٍ من ثابتِ زائلِ
فما ثَمَّ إلا عاشقُ عينِ ذاته / عموماً وتخصيصاً لدى كلِّ عاقل
فلو لم يكن لي شاهدٌ غيرَ نشأتي / على الصورةِ المثلى كفاني لسائلِ
بها أقبل الأسماء منه تحققاً / ويقبل آسمائي حكومةَ عادل
إذا هو ناداني فتى فأجبتُه / به عند فصلِ واصلٍ غيرَ فاصل
لقد قسم الرحمن بيني وبينه / صلاةً على رغم الأنوفِ الأوائل
فقمت بها والعلم يشهد أنني / بها بين مفضولٍ يقومُ وفاضل
فقال وقلنا والخطوبُ كثيرةٌ / فاسمني شرّ الخطوبِ النَّوازل
وما قسمَ الرحمنُ إلا كلامه / فنحكي وما يُتلى بغير المقاتل
بذا جاء لفظُ العبدِ فيها لأنه / غيورٌ فينفي عنه جدَّ المماثل
كما جاء في الشورى وفيه تنبُّه / لكلِّ لبيبٍ في المحاضر واصل
تمنيت منه أن أفوز بقربه / فقال تمن حكمه غير حاصل
ومنْ يقتربْ منه يجد غيرَ نفسه / وليس أخو علم بأمرٍ كجاهل
ولو علمَ الرآؤون ماذا يرونه / وفيما رأوه لم يفوزوا بنائل
ولكنها الأوهام لم تخل فيهم / بأحكامها ما بين بادٍ وآفل
فيعطيك زهداً بالأفولِ ورغبةً / إذا هي تبدو ناجزاً غير آجل
تحفظ فإنَّ الوهم مدَّ شِباكه / وما يبتغي غيرَ النفوسِ الغوافل
فلا تطمعَنْ في الحبِّ فهو خديعة / أراك لتمشي في حِبالةِ حابل
لذلك كان الزهد أشرفَ حليةٍ / تحلَّى بها قلبُ الشجاعِ المناضل