المجموع : 49
نَقيبٌ من الأَشراف أَكرمُ سيِّدٍ
نَقيبٌ من الأَشراف أَكرمُ سيِّدٍ / من الآلِ من بَيْت النُّبُوَّةِ آلُهُ
قضى عُمْرَهُ بالخير والبرّ كلّه / ولاذ بعفو الله جلَّ جلالُهُ
تَنَقَّلَ من دارِ الفَناء فأرِّخوا / عَليًّا وللجنَّات كانَ انتقالُهُ
حَلَفْتَ بتربةِ آبائها
حَلَفْتَ بتربةِ آبائها / ظوامي السُّيوف دوامي العوالي
وكلّ فتًى من بني عمِّها / قريب النوال بعيد المنال
بأنّي كما يَزْعُم العاذلون / على صَبوتي بالهوى غير سالي
وقلتُ لها إنَّ نار الغرام / تَشُبُّ وقلبي بها اليوم صالي
وعندي من الوجد داءٌ عضال / فهلْ من دواءٍ لدائي العضال
ومَن لي بصبر يريح الفؤاد / وما يخطر الصَّبر يوماً ببالي
وإنِّي لأسأل ظبيَ الصريم / وما عن سواك يكون سؤالي
وأنْشُقُ منه نسيماً يَهُبُّ / وأعْرِفُه بأريج الغوالي
وما زلتَ حتَّى خلبت القلوب / وحتى سحرتَ عقول الرِّجال
تُرينَ أخا الوجد لينَ الكلام / فيطمعُ منك بأمر محال
وتَلوينَ بالدَّين حتَّى يقال / نجاز الغواني كثير المطال
بَخلتِ وما منكم الباخلون / فهلاّ سَمَحْتِ ولو بالخيال
ومن أين يخفى عليك الهوى / وقد بان ما بي وأبْصَرْتِ حالي
أما صحّ عندك قول الوشاة / فماذا التجافي وماذا التغالي
ولا شيء عندي وحقّ الهوى / أمرُّ من الهجر بعد الوصال
بدا وَرَنْت لواحظُه دَلالا
بدا وَرَنْت لواحظُه دَلالا / فما أبهى الغزالةَ والغزالا
وأسْفَرَ عن سنا قمرٍ منيرٍ / ولكنْ قدْ وَجَدْتُ به الضلالا
صقيلُ الخَدِّ أبْصَرَ من رآه / سوادُ العين فيه فخال خالا
وممنوع الوصال إذا تبدى / وجدت له من الألفاظ لالا
عجبتُ لثغره البسام أبدى / لنا دُرًّا وقد سكن الزلالا
شهدتُ بشهد ريقته لأنِّي / رأيتُ على سوالفه نمالا
فيا عجباً لحسن قد حواه / وقد أهدى إلى قلبي الوبالا
سأشكو الحبَّ ما بَقِيَتْ حياتي / وأشكرُ من صنائعه الجمالا
زادك الله بهجةً ووقارا
زادك الله بهجةً ووقارا / وجلالاً منه فجَلَّ جلالُه
ولقد خصّنا بنيلك مذ كنتَ / مُنيلاً لنا فَعَمَّ نواله
عادك العيدُ بالسرور ووافا / ك مُشيراً إلى الهناء هلاله
أَنْتَ بدرُ السُّعود في طالع المج / دِ وقد أبْهَرَ العقول كماله
فاز من يرتجيه بالنّجح راجٍ / أُنْزِلَتْ في رحابه آماله
وإذا ساءت الظنون بحالٍ / حَسُنَتْ فيك لا بغيرك حاله
بأبي أَنْتَ من كريم السجايا / تِلك أخلاقه وتلك خلاله
وإذا ما أقْبَلْتُ يوماً عليه / سرَّني من جميله إقباله
وإذا قال في المطالب شيئاً / صَدَقَتْني أقواله وفعاله
فَلَه مِنِّي الثناء عليه / حيثُ لي منه جوده ونواله
نال ما لم يُنَلْ من الفضل حَظًّا / قَصَّرَتْ عن مناله أمثاله
يا أبا مصطفى فداؤك عبدٌ / بك يا صفوة الكرام اتصاله
فيك مولاي سؤْلُه ومناه / وإذا غبتَ كانَ عنك سؤاله
إنَّ داعيك والشواغل شتّى / لك في خالص الدعاء اشتغاله
وإلى الله في بقائك في العِزِّ / قَديماً دعاؤه وابتهاله
ما تأخَّرْتُ عنك إلاَّ لأمرٍ / ولحظٍّ تعوقني أغلاله
وسواءٌ لدى المودَّة عندي / بعد ذاك اتّصاله وانفصاله
وعلى كلِّ حالةٍ أَنْتَ في النا / س لعمري ملاذه ومآله
أيُّها المطلق العذار لقد راق / لِعَيني شبابُه واكتهاله
كلُّ من قد رآك قال فأرِّخ / زادَ سلمان بالعذار جماله
يا سيّد الساداتِ من هاشمٍ
يا سيّد الساداتِ من هاشمٍ / وواحدَ الأشرافِ في نُبْلِهِ
وسابقُ الّلاحق من بعده / واللاَّحق السابق من قبله
أَنْتَ كهذا الظلّ في فضله / وجودُ هذا الغيث في نيله
أَنْتَ تقينا بأسَ ما نتّقي / وكلّ ما نخشاه من أجْلِهِ
ألا يا سيّد العلماء طرًّا
ألا يا سيّد العلماء طرًّا / ورَبَّ الجود والمجدِ الأثيلِ
ويا حُلْوَ المذاقة يومَ يُفتي / بجود الطبع والفعل الجميلِ
أضَرَّ بنا فَدَتْك النَّفس جوع / ويعجبنا مربّى الزنجفيل
وأذهَلَنا إليه اليومَ شوقٌ / فكِدْنا أن نصيرَ بلا عقول
ومثلُكَ من يجودُ بما لديه / ويسخو بالكثير من القليل
بَقيتَ بقاءَ الدهر هل أَنْتَ عالمٌ
بَقيتَ بقاءَ الدهر هل أَنْتَ عالمٌ / من العَتب ما يُملى عليك وما أُملي
لقد كنتَ تجزيني بما أَنْتَ أهْلَه / على الشعر قبل اليوم بالنائل الجزل
فأرجعُ عن نعماك في ألف درهم / أُزيلُ بها فَقري وأغني بها أهلي
فنقّصْتَني شيئاً فشيئاً جوائزي / وأوْقَفْت حَظِّي منك في موقف الذل
فأصْبَحْتُ مثل الوقح لا فرق بينه / وبَيني ولا بونٌ بجزء ولا كُلّ
ولي فيك ملء الخافقين مدائح / ولي غُرَرٌ ما قالها أحدٌ قبلي
فمن أيّ وجه أَنْتَ أنزلتَ رتبتي / وأصبحتُ بعد الويل أقنع بالطل
فإنْ كانَ من بخل فلم يُرَ قبلها / فتًى من رسول الله يوصف بالبخل
وإنْ كانَ من قلٍّ هناك وجدته / فما تعذر القوم الكرام من القلّ
وإن كانَ من طعن العداة وقدحهم / فما قولهم قولي ولا فعلهم فعلي
أكان لمولانا بذلك حكمة / فقصّر عن إدراك حكمته عقلي
فليس من الإنصاف مثلي تُضيعُه / وتجهله ظلماً وحاشاك من جهل
وبحرك تيار ومالك وافر / وجودك معلوم وأَنْتَ أبو الفضل
وتبلغ منك النَّاس أقصى مرامها / ويحرم من دون الورى شاعر مثلي
سَيحظى شهابُ الدِّين فيما يرومه
سَيحظى شهابُ الدِّين فيما يرومه / ويبلُغُ في الأيام ما هو أهلُهُ
ويُنصِفُ هذا الدهر يوماً بحكمه / فينحطّ شانيه ويعلو محلّه
ويرفع هذا العالمَ البحرَ عِلْمُه / ويخفض ذاك الجاهلَ الغمرَ جهله
وكلٌّ يرى إذ ذاك ما يستحقّه / ويشغل كلاًّ في الحقيقة شغْلُه
ما قَضَيْنا حَقًّا لرسْمٍ محيل
ما قَضَيْنا حَقًّا لرسْمٍ محيل / ببكاءٍ على الدْيار طويلِ
يا رفيقي وصاحبي وخليلي / قفْ بنا بين دارساتِ الطلول
نَقْضِ حقّ البُكا لها والعويل /
فالمطايا وَهَتْ وأَنْتَ تراها / يأكلُ السَّيْرُ ما ترى من ذراها
قفْ بها كي ترتاحَ ممّا اعتراها / وأنخها قلائصاً قد عراها
ما عرانا من الضنى والنحولِ /
إنَّ غِبَّ الغرام منذ امتطاها / أطلقَ الوَخدُ والذميلُ خطاها
خلّها من لغويها أنْ يطاها / وأرِحها سُوَيْعَةً فمطاها
قد دهى من وجيفها والذميلِ /
أصْبَحتْ بعدَ ريّها تتولّى / كبدا من غليلها النار تصلى
علّها ما وَرَدَتْ ماءك عَلاّ / واسقها من مَعين وجرةَ نهلا
فعَساها تطفي لهيب الغليل /
خَلّها لا عدمتَ ذا اليوم خلاّ / إن تحاولْ بقطعك البيد وصلا
وإذا سرتَ بالمطيِّ فمهلاّ / وتَرَفَّقْ بها فيما هي إلاَّ
عُدَّةً قد أعدَدْتُها للوصولِ /
فَسقى مربع الحِسان وجادَتْ / مُزُنٌ أحْسَنَتْ به وأجادَتْ
تبلُغ النفسُ عنده ما أرادَتْ / يا لمغنًى به الغواني تهادَتْ
وخَلَتْ من مؤنّبٍ وعذولِ /
كم لَهَوْنا بكلّ ظبي غريرِ / وشَرِبْنا في كلّ رَوضٍ نضيرِ
شمسَ راحٍ من كفّ بدرٍ منير / وأُديرَتْ لنا كؤوسُ سرورِ
من ثغورٍ رضابها من شمولِ /
حبّذا أوْجُهٌ تروقُك وَصْفا / وثغورٌ تحكي المدامةَ صِرْفا
فالثنايا العِذاب تمنح رشفا / ومياهُ الجمالِ تقطرُ لُطفا
فوقَ خدٍّ من الشباب أسيلِ /
قد رَعَينا لذاذةَ العيشِ رغدا / وطرِبْنا به مَراحاً ومَغْدى
في رياضٍ من المحاسن تندى / وطيورُ الهَنا تغرِّدُ وَجْدا
بهديرٍ مستعذبٍ وهديلِ /
يا لعيشٍ ما كانَ أمرى وأحلى / وزمانٍ من جوهر الرُّوحِ أغلى
فالشبابُ الَّذي قَلَّص ظِلاّ / قد مضى وانقضى وفاتَ وَوَلّى
كشموسٍ قد آذَنَتْ للأفولِ /
أينَ قومي لهم على النَّاس فخرُ / وإباءٌ بأنْفِهِ مشمخرُّ
قد دَهاهم من المنيّة أمرُ / وتمطّى بساعدِ الغَدْرِ دهرُ
غالَ أهلَ النهى بأنياب غولِ /
كم كريمٍ لدى عذابٍ أليمِ / ولئيمٍ من دهره في نعيمِ
إنَّ دهراً عَدوَّ كلِّ كريم / فهوَ سلمٌ لكلِّ فدمٍ لئيم
وهو حربٌ لكلِّ حرِّ نبيلِ /
ساءنا الدهرُ مأخذاً ونزاعا / واتّصالاً وفرقةً واجتماعا
غادرٌ باسطٌ لغَدرٍ ذراعا / ولَكَمْ مَدَّ للخيانةِ باعا
رَدَّ عنها الحجى بطرف كليلِ /
عَمَّ سوحي حال الزمان وخصّا / وأرى فيه كلّما زِدْتُ نَقْصا
لا تظنَّن أنّها تُستقصى / فأحاديثُ دهرِنا ليسَ تُحصى
خلّ عن شرحها العريضِ الطويلِ /
كمْ أمورٍ لدَهْرِنا مهلكاتِ / لاحقاتِ أبناءه مدركات
زَمَنٌ ظلّ أهلُه في شكاةِ / كم له في الكرام من فتكاتِ
كلَّ آن يسطو بأمرٍ مهولِ /
إنَّ هذي الأيام منذ ابتداها / قَلَّ ما تَمْنَحُ الكرامَ نداها
ما استَقَرَّتْ بريّها وصداها / والليالي لا تستقرُّ مداها
كلَّ يوم تأتي بحال محلولِ /
نرتجي الفوزَ في بلوغ أمانِ / بزمانٍ يَعِزُّ كلَّ مُهانِ
ما ثنى عِطفَه لحرٍّ مُصانِ / ليتَ شعري ما يرتجى من زمان
عَطفُه للكرامِ كالمستحيلِ /
كيف نلتذُّ في الحياة وُجودا / إذ نرى حيثُما التَفَتْنا فقيدا
لك يكنْ طيبُ عيشنا محمودا / ومتى نستطيبُ عيشاً رغيدا
والمنايا تحدو بنا للرحيلِ /
إنَّما هذه الحياة ابتلاءُ / ولغوبٌ وشِقْوَةٌ وعَناءُ
ثم قد يُعقِبُ الوجودَ فناءُ / والرزايا مع المنايا بلاءُ
وعظيمُ البلاء رفع الرذيل /
فالبلاءُ الشديدُ أنْ يُستَعاذا / بالذي لمْ يكنْ لعَمري مَعاذا
أو يكونُ الدنيُّ فينا ملاذا / وبلاءٌ أشدُّ من ذا وهذا
ذلُّ حُرٍّ إلى لئيمٍ بخيلِ /
ما أراحَتْ يوماً من النَّاس حيًّا / بلْ أساءتْ إليه مَوتاً ومحيا
نحنُ نبغي في هذه الدَّار بُقيا / ومضِرٌّ بنا البقاءُ بدنيا
غَدَرَتْ قبلَنا بآل الرسولِ /
لأناسٍ عَلَوْا فخاراً ومجدا / وأباً ماجداً كريماً وجدّا
كيف كانت إذ ذاك خصماً ألدّا / ما رَعَتْ فيهم ذماماً وعهدا
وحمى المستجير والمستنيل /
يا نجوماً في كلِّ بَرّ وبحر / هاديات الأنام في كلّ عَصْرِ
يا بدوراً في حالكٍ مكفهرّ / شَتَّتْ شملَهُم وكانوا حماة
وهداةً إلى سواء السبيل /
خيرُ من حَلَّ بقعةً ووطاها / قد كشفْتُم عن العيون غطاها
وحميْتُم ممَّا يروع سطاها / يا بني أحمدٍ ويا آل طه
يا هداة الورى ومأوى الدخيل /
بولائي لكم قديماً وحبّي / أنا أرجو النجاةَ من كلّ كربِ
يا شفائي إذا اعتَلَلْتُ وطبّي / ضِقْتُ ذَرعاً من عِلَّةٍ بَرَّحَتْ بي
ودوائي أنتم وبرءُ العليل /
عن خلوصِ الولاءِ صِدقُ مقالي / في طفوليَّتي وحالِ اكتهالي
لم تغيِّرْه حادثاتُ الليالي / صرتُ شيخاً وما تَغَيَّر حالي
عن ولائي لكم بِصدقِ المقولِ /
تركَتْني الأيامُ من غير جِرم / حاملاً عِبءَ كلّ همٍّ وغمِّ
حيث فَقْدُ الشبابِ انحل جسمي / وأنا اليوم شابَ رأسي وعظمي
أوْهَنَتْه أثْقال وِزرٍ ثقيل /
إنَّ ضُعْفَ القُوى وفقدانَ عَوني / قد أحالا من بينَ قَصدي وبيني
طَعَنَتْ في مضاضة العيش شنِّي / وانقضى العمرُ كلُّه بالتمنِّي
واتّباعِ الهوى بقالٍ وقيلِ /
أنْتُم مَطلَبي وأنْتم مرادي / وعَليكم بَعدَ الإله اعتمادي
فإذا كانَ بَعْدَ بدئي معادي / حبّكم يا بني الوصيّ عتادي
في معادي عند الإله الجليلِ /
قَرَّبَتْني منكُمْ دنوًّا بقربِ / نِسْبَةٌ في الجميل من فضل ربِّي
حينَ أدعى ما بين قومي وصحبي / أنْتُمْ أَنْتُم الجميلُ وحَسْبي
بينَ قومي أُدعى بابن الجميل /