المجموع : 98
غموض الحق حين تذبُّ عنه
غموض الحق حين تذبُّ عنه / يقلِّلُ ناصرَ الخصم المحقِّ
تضُلُّ عن الدقيق عقول قومٍ / فتحكم للمجل على المدق
وعند الله خالق كل شيء / تميُّزُ كلِّ ذي كذبٍ وصدق
وما ينفك لي أبداً خصومٌ / أقابل منهم خرقاً برفق
لا يبعدنَّ شبابُك الغرنيقُ
لا يبعدنَّ شبابُك الغرنيقُ / أيام منظره عليك أنيقُ
سقياً لأزمان مضت أيامُها / بيضاً كأن غروبهن شروق
إذ للشبيبة صبوة تُصبي بها / وبشاشة يصبى بها وتروق
يهتز فيك لأريحيات الصبا / غصن تفيَّأه الظباءُ وريق
هيهات أيتها الكواعب كالدمى / مالي بكنَّ مع المشيب صديق
مني عليكن السلام تحية / إن الشباب هراقَه مُهريق
لم تجمع الأيام شمل أحبةٍ / إلا وشرط صروفها التفريق
يا آل طاهر المطهر كاسمه / إن اللسان بمدحكم لطليق
إن ينسني عصر الشباب وعهده / عصر فعصركم لذاك خليق
قد قلت للدهر الملحِّ بصرفه / لما اعتصمت بحبلكم ستفيق
أمسى مجاوركم يحلُّ بنجوةٍ / ما للخطوب بها عليه طريق
من خان أو نكث العهود فعهدُكم / عهدٌ أُمِرَّ على الوفاء وثيق
وكأن وعدكم تقيَّل عهدكم / فلقاحه بنتاجه مرهوق
لِتَعُذ بسَيبِكُمُ المطامعُ والمنى / فعليكم لعداتها التصديق
ما زلتم ترقون في درَج العلى / حتى أشار إليكم العيُّوق
مهما سرقت عن الأوائل فيكمُ / فلغير باع بالمديح يضيق
لكنهم نحلوا سواكم مجدَكم / فرددتُ حقَّكم وذاك حقيق
ما المدح مسروق لكم من غيركم / بل منكم في غيركم مسروق
علاكَ قناعُ المشيبِ اليَقِقْ
علاكَ قناعُ المشيبِ اليَقِقْ / وثوب المشيب جديدٌ خَلِقْ
علاك فأبرق إبراقةً / تُراعُ لها ظبيات البُرَق
وأنى تراع بما أومنت / به من حبالك ذات العُلَق
ومن نَبلك المرسلات التي / صوائبها في الرمايا نسق
بلى في المشيب لها رائعٌ / وإن هو أطفأ فيها الحُرَق
وشرخ الشباب وإن صادها / أحبُّ إليها لذاك الأنق
أعاذِلتي إن بكيت الشبا / ب إني لم أبك ثوباً سحق
لقد علم الدهر أن الشبا / ب ثوب لدى الناس لا كالخرق
لذاك يدب خفيّاً له / فيسلبه سلباً كالسَّرق
ولو كان يسلبه جهرة / للاقى القنا دونه والدرَق
وحُقَّ له مع إقدامه / إذا ابتز مثل الشباب الفرق
رعانا الأمير أبو أحمدٍ / فأرعى المريع وأسقى الغدق
وضمَّ الشتيت ولمَّ الجمي / ع وانتظم الشمل حتى اتفق
وأغنى الفقيرَ وحاط الغنيْ / يَ ما لم يَحُطْ والد ذو شفق
عبيد الإله بن عبد الإلَ / ه خير الملوك وخير السُّوَق
فأضحى وأمسى وقد أجمعت / عليه بأهوائهن الفِرَق
وظلُّوا وباتوا به آمني / ن في ظل عيش أثيث الورق
لياليهمُ مثل أيامهم / ضياءً وأنساً وما من أرق
وأيامهم كلياليهُمُ / سكوناً وروحاً وما من غسق
يداه يمينان لكنه / إذا شاء علَّ الظُّبا بالعلق
وطوراً شمالان لكنه / إذا شاء سح الندى فانبعق
مهيب إذا سار في جيشه / وقد لاح كوكبه فائتلق
أشارت إليه قلوب الورى / وكفَّ البنانُ وغضَّ الحدق
بلا سبب فالتمس رفده / فإنك تقربُ ماءً دفق
وهل يستعدُّ الرشاء امرؤٌ / لورد الفرات إذا ما فهق
ألا فارجُهُ واخشَه إنه / هو البحر فيه الغنى والغرق
ألا فارجه واخشه إنه / هو الغيث فيه الحيا والصعق
مضرٌّ بملتمسٍ ضرَّهُ / وفيه لمرتفق مرتَفق
هو السيف إن أنت أنحيته / لرأسك أو رأس قرن فلق
هو الماء فاشربه ذا غُلَّةٍ / وذا غصة وتوقَّ الشرَق
هو النار فاصطلها واستضئ / بها في الدجى وتوقَّ الحرق
إذا ما وعى مدحَه المادحو / ن طاب نسيمُهم والعرق
فتنشر أرواحهم نشرة / وما منهم ذو لسان نطق
فإن أنشدوا مدحه غادروا / من المسك في كل شيء عبق
إذا كذب الناس أو كذبوا / لدى القول والفعل يوماً صدق
وحلم يوازن مثقاُله / جبالَ الشرى وجبال السلق
به يجمع الملك أشتاته / إذا ما عصا الناس طارت شقق
يباشر شوك القنا حاسراً / ويلبس دون اللسان الحلق
إذا بتَّ والفكر تستخرجا
إذا بتَّ والفكر تستخرجا / ن مفتاح أمر عسير الغلق
وأنت لأمر العلا مؤثرٌ / على كل ناعمة المعتنق
وأبدى لك الصبح عن واضحي / نِ رأيك منبلجاً والفلق
فلله صبحك ماذا جلا / ولله ليلك ماذا وسق
وإما أجرت من الحادثا / ت جاراً فليس عليه رهق
يرى الدهر جارك في شاهق / تأزَّر من لجة وانطلق
وقد عَلِقَت قبضتاه عُرى / بها عصم الله تلك الوُثَق
فهل من سبيل إلى مثله / أبى الله ذاك على من خلق
فدونكها يا ابن سيف الملو / ك لهو المجالس زاد الرُّفَق
سبقت إليَّ صنيعةٌ من مُحسنٍ
سبقت إليَّ صنيعةٌ من مُحسنٍ / وأراك تأنفُ أن تكون اللاحقا
وإذا جمعت إلى اللِّحاق محبةٌ / للسبق بالإحسان كنت السابقا
ما قَدرُ ما تجدي عليك بطالتي / قَدْرٌ تبيع به لساناً ناطقا
إن لم تكن في فعل خير قائداً / فاطلب بجهدك أن تكون السائقا
قل للسفيه شنيفٍ
قل للسفيه شنيفٍ / دعني وعاد بُليقا
أخاك ذاك المراعي / خُوَيِّناً أو طُبيقا
يا من حسبناه بدءاً / علقاً فكان عُليقا
لم يجعل الله فضلاً / شاركتني فيه ضَيقا
بل واسعاً لا كرزق / يدعوه داع رُزَيقا
فلم تكالبت فيه / يا مشحذيّاً خُليقا
لكن رضعت عريقا / للؤم ساء عُريقا
صبراً لصوب سحاب / قد شمت منه بُريقا
لقيت أم ربيق / وسوف تلقى رُبيقا
فاستنجدنَّ طُويناً / ومكسباً وزُرَيقا
أقران ظهرك أو فاب / غ من حذارى نُفيقا
بل قد أقمت بذكري / ك يا شنيف سُويقا
مستعبد هيهات إعتاقُهُ
مستعبد هيهات إعتاقُهُ / مستأسِرٌ يعسر إطلاقُهُ
صبٌّ رقيق القلب خفّاقُه / عنّاه فظ القلب خفاقُهُ
محبَّبٌ قُلِّل إحسانه / جداً وإن كُثِّر عشاقه
لدن من الأغصان في روضة / من نرجس تنظر أحداقه
يحسن في التجريد إثماره / وفي الشفوف الخضر إيراقه
فاقت دجى الليل دجى فرعه / وفاق ضوء الصبح إشراقه
أخلقْ إذا جرد رمَّانُه / في العين أن يكثر رمّاقه
وهو المنى إن زيد في حسنه / حريرةُ الحرِّ وأعلاقه
لا ضرَّهُ ظلمي ولا نابه / إقراحه قلبي وإقلاقه
وإن غدا أظلمَ من قاسمٍ / ذاك الذي يجفو وأشتاقه
يا عجباً من ناظري إنه / أضحت تقذّانيَ آماقه
أعرض عني وجفا جانبي / تقديمه البر وإلحاقه
والعذل شيء منه منقاده / والفضل شيء منه منساقه
ما أقرب المعروف من كفه / فلِم أَغَبَّتنيَ أفواقه
واغبرَّ في دولته جانبي / وهو ربيعٌ عمَّ إغداقه
وحسبهُ ذكري بإحسانه / فأي شيء منه يعتاقه
لا أشتكي البدر على بعده / لقد أضاءت لي آفاقه
ليس بمكفورٍ ولا ضائعٍ / إيناسه نفسي وإرفاقه
لي أمل فيه إذا أخلقت / آمال قوم راث إخلاقه
تحيا به نفسي وتلتذُّه / وقد دنا بل آن إحقاقه
فاعقد لسان اللوم عن قاسم / أو فليكن بالشكر إطلاقه
وكيف يلحى خادم سيداً / إليه محياه وإنطاقه
لا يسرقن الحق من قاسم / فليس يخفي الحق سراقه
من قاسم صيغت أماديحه / ومن حمام الأيك أطواقه
لقاسم في كل حالاته / شمائل السيف وأخلاقه
مضاؤه إن أنت أعملته / وقده الحلو ورقراقه
فتى يقر القلب إحسانه / كما يقر العين إيناقه
إن طُلب الخير فمفتاحه / أو طُلب الشر فمغلاقه
جرَّبته في وعده فاستوى / ميعاده عندي وميثاقه
ما قيل في القاسم مدح له / إلا وفي القاسم مصداقه
بفعله لا بأقاويلنا / أربت على الأطلاق أطلاقه
سيان في ميزان تقديره / إفادة المال وإنفاقه
يوجد مسبوقوه في فضله / تترى ولا يوجد سباقه
وكيف لا يثمر أحلى الجنى / من وزراء الصدق أعراقه
غيث مغيث عرفُه ودقُه / وبشره بالناس إبراقه
إذا تعاطى مغرق مدحه / أقصر والتقصير إغراقه
قد حمل الله بحُملانه / من حملته نحوه ساقه
يا ابن سليمان الذي باسمه / تحيا لهذا الخلق أرماقه
يا عدة الملك وأملاكه / لحادث ينباق مُنباقه
يا من له الكيد الذي لم يزل / يفلق صم الصخر أفلاقه
يا مفزع العافي إذا شفَّه / حرمانه واشتدَّ إملاقه
يا معقل الجاني على نفسه / إذا جنى ما فيه إيباقه
لردِّك المصر إلى أمنه / رُدَّت إلى مصرك أُبَّاقه
وبابنك المرخص أمواله / تُغُولِيَ الحمد وأعلاقه
لولا مكان الحمد من قاسم / أوشك أن تكسد أسواقه
قَيِّم ملكٍ وابن قوامه / فتّاق ما أعيا ورتاقه
فالنُجح ما ينجح إمضاؤه / والحزم ما ينتج إطراقه
من أهل بيت ساسة راضة / لديهم السم ودرياقه
تجري على بُطنان أيديهمُ / نقائم الله وأرزاقه
ذو العرف لا يبعد متَّاحُهُ / والنكر لا تُدرك أعماقه
كم جامح أصبح إذ راضه / تدمى لطول الكبح أشداقه
شهاب نورٍ ضامنٌ للهدى / وليس بالمأمون إحراقه
غيث مغيث ضامنٌ للحيا / وليس بالمأمون إصعاقه
يضحي إلى بذل السدى والندى / وهو مشوق القلب مشتاقه
يستعبد الحرَّ له عرفه / وقصده في ذاك إعتاقه
قلتُ لمن جاراه لا يستوي / صهّال مضمار ونهاقه
حُقِّق للسيد تأميلُه / فيه ولا حقق إشفاقه
وطال للحق به عمره / ودام للباطل إزهاقه
واحتل من عاداه في منزل / حميمه آنٍ وغساقه
أطبقت للنوم جفناً ليس ينطبقُ
أطبقت للنوم جفناً ليس ينطبقُ / وبتُّ والدمع في خديَّ يستبقُ
لم يسترح من له عين مؤرقة / وكيف يعرف طعم الراحة الأرِقُ
محمدٌ وعليٌّ فتتا كبدي / إذا ذكرتهما والعيس تنطلق
خلان حل بقلبي من فراقهما / ما كنت أخشى عليه قبل نفترق
قلبٌ رقيق تلظّت في جوانبه / نار الصبابة حتى كاد يحترق
وددت لو تمَّ لي حجِّي بقربهما / ما كل ما تشتهيه النفس يتفق
لا يعجب الناس من وجدي ومن قلقي / إن المشوق إلى أحبابه قلق
لا يكشف الله عن وهب بن إسحاقِ
لا يكشف الله عن وهب بن إسحاقِ / من البلاء سماء ذات إطباقِ
قالوا الخبيث قد استسقى فقلت لهم / لا يشفه طبُّ ذي طبٍّ ولا راق
قد كان يكثر من هاضوم غلمته / بجهده لو وقاه حتفه واقي
لا يُرجَ بعدك للهاضوم منفعةٌ / إن متَّ في الماء يا وهب بن إسحاق
إذا دعا لك داع قلت حينئذ / لا زال من وصب الشكوى على ساق
أإن رأيت حيائي خلته خنَثاً / قد غُرَّ من غر من أفعى بإطراق
بمثل ظنك هذا يا أبا حسن / أمِنتَ كل مُمَرِّ المتن غرناق
حتى عثوا في نساء كالدمى عُرُبٍ / إذ لم يكن بينهم باب بمغلاق
أحسنت ظنك جداً بالرجال فكن / على محاذرة منهم وإشفاق
لا تعدم الماء من سقيا ويعقبه / سقياك في النار من مهل وغساق
وثُدِيٌّ ناهداتٌ
وثُدِيٌّ ناهداتٌ / لم يُخَضِّدها العناقُ
بينها حلي نفيس / كفؤه تلك الحقاق
في صدور ساليات / لم يُلَذِّعها الفراق
وزائرة الخيال بلا اشتياق
وزائرة الخيال بلا اشتياق / تأوَّبها ولكن باشتياقي
فيا كذب اللقاء وقد تلاقى / خيالانا ويا صدق الفراق
ما لي يزاحمني الخُلصانُ في طرقي
ما لي يزاحمني الخُلصانُ في طرقي / ولا أزاحمه بالشعر في طُرُقِهْ
لا يجهلن على حلمي أخو ثقة / فالجهل من خلقي إن كان من خلقه
يا ليت شعري والحوادث جمة
يا ليت شعري والحوادث جمة / هل أشتكي دهري وأنت صديقي
وشكايتي الأيام دون شكايتي / إن خانني عند النهوض رفيقي
إني أعوذ بما تأكد عقده / بيني وبينك أن تُضيع شقيقي
أو أن يجور به الزمان عن الغنى / أو بي وأنت طريقه وطريقي
قل للمسمَّى بما تكنى الكلاب به
قل للمسمَّى بما تكنى الكلاب به / قولاً سيلحقه عاراً فيلحقُهُ
يا مبتلىً ببلاءٍ لا ثواب له / يوم الحساب ولكن سوف يوبقه
ما قلت فيك هجاء خلته كذباً / إلا بدت منك سوءات تحققه
أنَّى اجتبيت أبا حفص وصحبته / حتى غدوت تؤاخيه فتصدقه
بالله ربك هل شبَّهت صلعته / برأس أير عظيم كنت تعشقه
فيم التنازع والشقاقُ
فيم التنازع والشقاقُ / والأمر بينكما وفاقُ
البنتُ بنتُكما معاً / شهدت به السبع الطباق
فلخالد فيها ولا / دة من له يجب الصداق
ولخصمه فيها ولا / دة من بكفيه الطلاق
يا ذا الطواحن قل لي
يا ذا الطواحن قل لي / بالله ربك حقّا
أهنَّ أدوم طحناً / أم شفر أختك سحقا
بكعبة الله بل بخالقها
بكعبة الله بل بخالقها / أقسم لو أن خالداً غرقا
وجاءه منقذ لينقذه / وهو كظيم يعالج الشرَقا
ما وقعت كفه وقد جعلت / من شدة الكرب تطلب العُلقا
إلا على فيشة المغيث له / تعمداً منه أو كما اتفقا
عدوك من صديقك مستحيلٌ
عدوك من صديقك مستحيلٌ / فلا تستكثرنَّ من الصديقِ
كذاك الداء أكثر ما تراه / من الأشياء تحلو في الحلوق
الدمع في العين لا نوم ولا نظرٌ
الدمع في العين لا نوم ولا نظرٌ / ولا محالة من معنىً له خُلِقا
ولم أجد ذلك المعنى وعيشكما / إلا البكاء إذا ما فاجع طرقا
فخليا أدمعي تقرو مساربها / فإنها عبرٌ إن لم يفض خنقا
رزئي أجلُّ فلا تكذب ظنونكما / من أن يُصدَّق مجلودي ولو صدقا
عزت مطالب دنيا كلِّ ذي أدبٍ
عزت مطالب دنيا كلِّ ذي أدبٍ / وهان مطلب دنيا الأنوَكِ الخَرِقِ
وقدر الله فيها أن يذللها / فهان مطلبها للجاهل الحمق
فليس ينفك ذو علم وتجربة / من مأكل جشب أو مشرب رنق
وذو الجهالة منها في بلهنية / من مسمع حسن أو منظر أنق
تبارك العدل فيها حين يقسمها / بين البرية قسماً غير متفق