المجموع : 65
إن بعضاً من الظنو
إن بعضاً من الظنو / ن لكالفجر صادق
حبذا لو تكشفت / بالتَمام الحقائق
فكرة السبق قد بنت
فكرة السبق قد بنت / سؤدداً فوق سؤدُدِ
وَالمساواة قوضت / كل مجد مشيد
إنما الناس من تقد
إنما الناس من تقد / دُمِهم في تجدُّدِ
لا ترى من كثيرهم / حالة اليوم في غد
إِنَّما هذه المَجَر
إِنَّما هذه المَجَر / رة أَم الكَواكِب
شمسنا في فضائها / ذرة في سباسب
أجدُ الحياةَ من الطبيعة تنبعُ
أجدُ الحياةَ من الطبيعة تنبعُ / وإلى الطبيعة بعد حين ترجعُ
وكأنما هي دوحةٌ فينانةٌ / منها الغصون إلى الجهات تَفَرَّعُ
تبدو وتخفى في الطبيعة نفسُها / فكأنما منها لها مستودعُ
إنَّ الطبيعة في جميع شؤونها / كالله عن أعمالها لا تهجعُ
فهي المكان وكل ما هو يحتوي / وهي الزمان وكل ما هو يجمعُ
هي في حياتي جنتي و جهنمي / فيها نعيمٌ لي ونارٌ تلذعُ
ما في الطبيعة أرضها وسمائها / والله تطلبه العقول فترجع
ليست بحادثة ولكن صورةٌ / قدمت كمبدعها فجل المبدع
لا شيءَ عن حضن الطبيعة فاصلي / هي مبدئي وقرارتي والمرجع
أنا لست منها غير جزءٍ قد جثا / في نقطة من أرضه يتطلعُ
أنا طفلها المولود من أحشائها / ولدرها في كل حينٍ أرضعُ
الشمس تطلع في النهار جميلةً / فإذا توارت فالكواكب تطلعُ
من كان قد هدت الطبيعة ذوقه / فبشمسها ونجومها يتمتعُ
أما الذي هو للطبيعة جاهلٌ / فمن الطبيعة حسبهُ المستنقعُ
أهوى منيحتها وأقلي ردَّها / لهابتها فأنا العصيُّ الطيعُ
كم من صديقٍ في التراب دفنتُهُ / وسقت ثراه من عيوني الأدمعُ
فذكرته ولقد تليَّنَ مضجعي / وذكرته ولقد أقضَّ المضجعُ
لم يبق لي في الروضِ إلا زهرةٌ / وأخافُ أن تقضي عليها زعزعُ
ولتلك مؤنستي ولست بعالمٍ / أهي التي بي أم بها أنا أفجعُ
خيط الحياةِ وهى فما عندي سوى / أملٍ يوصِّلُه ويأسٍ يقطعُ
ولقد يُعابُ عليَّ في شيخوختي / أني إلى ليلى الحقيقة أنزعُ
أنا بعدما قد سرتُ في حبي لها / شوطاً بعيداً لست عنه أرجعُ
أبكي إذا مرَّت لترحمني فلا / ليلى ترق ولا دموعي تشفعُ
القلب يخفق فيَّ حين تمر بي / فتعيد ذاك الخفق مني الأضلع
وأرى أماي للهموم سحابةً / أما السحابةُ فهي لا تقشعُ
الضاحكون من البعيد كأنهم / حزبٌ على أن يشمتوا بي أجمعوا
وهناك مفتخرٌ بإيقاع الأذى / وكأن من يؤذي سواه سميذعُ
فإذا سكتُّ أذاب مهجتي الأسى / وإذا شكوتُ فليس لي من يسمعُ
وإذا تصدع منك جسمك للردى / يوماً فروحك مثله تتصدعُ
والروح ليس سوى الحياة تشاركت / زمراً خلايا الجسم فيها أجمعُ
هي في الجماد خفيةٌ لبساطةٍ / فيها فلا تبدو ولا تتفرَّعُ
وتفردَ الإنسان بين لداته / بدهائه فله المقامُ الأرفعُ
جعل اللَه نساء القوم
جعل اللَه نساء القوم / للقوم متاعا
فانكحوا منهن مثنى / وثلاثاً ورباعا
إليك إلهي في بكاء أجيده
إليك إلهي في بكاء أجيده / قصيداً إذا ما نابني الخطب أضرع
إليك بداجي الليل في البحر إن طغى / إليك إذا ما ريع قلبي أفزع
عبدتك ما أدرى ولا أحد درى / أسرك أم صدر الطبيعة أوسع
قرأت اسمك المحمود في الليل والضحى / إذ الشمس تستخفي إذ الشمس تطلع
فحققت أن الكون باللَه قائم / وأيقنت أن اللَه للكون مبدع
وأنك معنى والخليقة لفظه / وأنك حسن والطبيعة برقع
أيذكرك الإنسان في العسر جائعاً / وينساك عند اليسر إذ هو يشبع
تعاليت أنت اللَه مقتدراً فما / يضرك نسيان ولا الذكر ينفع
وقلت لفخري حين جئنا لبابه
وقلت لفخري حين جئنا لبابه / نبلِّغه أشجاننا ونودّعُ
لقد رَبطت منا القلوب بحبكم / حبائلُ حتى الموت لا تتقطع
طارت بعزٍّ للسماء الأرفع
طارت بعزٍّ للسماء الأرفع / ورقاء كانت فيكَ ذات تخضُّعِ
قد كان مسكنها بجسمك ضيقاً / واليومَ تسبح في مكان أوسع
اللَه أرسلها إليك وبعد أن / مكثت قليلاً فيك قال لها ارجعي
طلعت كقرن الشمس بعد تبرقع
طلعت كقرن الشمس بعد تبرقع / فوقفت مبهوتاً لحسن المطلع
ورنت بألحاظ تمض فغادرت / قلبي كشلو بالسيوف مبضع
ومشت فهزت عند ذلك قامة / تزرى بأملود الرماح الشُرَّع
بيضاء ناعمة تزين قوامها / بضفائر قد ارسلتها أربع
ما كدت تنجو يا عذولُ من الهوى / لو كنت يوم بدت سعاد بموضعي
شمس إذا طلعت عليَّ أواختفت / عن مقلتي تبدو كواكب أدمعي
قد نال أسباب السعادة مغرم / يبكي بمرأى من سعادَ ومسمع
لي في فراقك لو سمحت بنظرة / خزنٌ تأَجَّجُ ناره في أضلعي
قد كان واحراه بعد تحوُّطي / ما كنت أخشاه فيا نفس اجزعي
لِلّه أيامي بجرعاء الحمى / باللَه يا أيام جرعاء ارجعي
حيث الصبا غضٌّ ودهري بالمنى / سمحٌ وعهد سعاد غير مضيَّع
قضَّيت أوطار الهوى فنسيتها / إلا لبانات بتلك الأربع
ما أنس لا أنس الحمى ومقيلنا / في ظلِّه سُقَى الحمى من موقع
وسعاد تمشي بين أتراب لها / كالبدر في وسط النجوم اللمَّع
أيام لهوٍ لا تعود ذكرتها / فعضضت من أسف عليها إصبعي
في ظل عيش نمت تحت جَناحه / نومَ الرضيع على ذراع المرضعِ
إني إذا بخل الربيع فما سقى / تلك الربوع سقيتها من أدمعي
طبنا بوصلك بُرهةً واليوم قد / وقع الفراق فقلت يا نفس اشجعي
صرعتنيَ الأيام في حملي بكم / عبءَ الغرام فهل حمدتم مصرعي
وتركتني حيران أعشو كالذي / ليلاً أضاع طريقه في بلقع
قد مات منِّي كل ما أقوى به / إلا أمانيَّ التي تحيا معي
ولقد تَقطعُ كل أسباب الهوى / إلا حبالك فهي لم تتقطع
قد كنت أرجع من هواك لغيره / لو كان غير هواك لي من مرجع
يا نفس زوري بعد موتي دارها / ومع النفوس الراكعات بها اركعي
وتصوري فيها بشكل حمامة / وقعي على الجدران ثَمَّةَ واسجعي
سترين يا نفسي هنالك أنفساً / متهافتات كالحمام الوقع
أدرى بأن سعادَ مائلة إلى / شدو الهوى فاذا سجعتِ فرجِّعي
يا نفس لا تخشين من قرب الردى / فالموت فيه راحة المتفجع
ما في سبيل الموت وجه صعوبة / من مات يمشي في طريق مهيع
أنَّي التفت أرى الحياة كأنها / شخص يقابلني بوجه أسفع
والعيش يلقاني بعين ماؤُها / يَستَنُّ من عمشٍ وأنفٍ أجدع
احتط ولا تلجنَّ في غمر الهوى / إني نصحتك يا فؤادي لو تعى
يا قلبُ صبراً لا تكن متضجراً / ما أنت أوَّل وامق متوجع
ما أنت يا قلبي لدى البيض الدُّمى / من شاعرٍ سكن العراق بأضيع
بلد بهِ حط النفاق رحالَه / ما بين ماش في الفساد وموضعِ
الظلمُ حيٌّ فيهِ نامٍ شائعٌ / والعدل ميت لا يجيب إذا دُعى
أما العلوم فإنها مفقودة / بتمامها وإن ادّعاها المدَّعي
جهلوا العلوم ففاتهم نيلُ الغنى / والجهلُ عنوان لفقر مدقع
قد يغفر الرحمن كل ذنوبهم / إلا احتقار العالم المتضلع
كم قد تمتع خادع بمقاله / ما هذه الدنيا بدار تمتع
وقد ادّعى شيخ الطريقة عفة / يا شيخ ما معك العفاف ولا معي
باللَهيا عَرَصات بغدادَ اذكري / أين الرشيد مضى وأين الأصمعي
بليت بها تلك الوجوه كأنها / زهرٌ نمت بمهبّ ريح زعزع
ويل لشعري كيف ضاع وإنه / لألذُّ من عَودِ الشفاء لموجع
وأرقّ من كلمَ يفوه بلفظها / يوم الفراق مودِّع لمودّع
وقصيدة كخريدة محزونة / تشكو بصوت راجف متقطع
وتُغض من عينين دعجاوين في / وجهٍ صبيح فوق جيد أتلع
حَمَلَت فؤاداً بالنوى مصدوعا
حَمَلَت فؤاداً بالنوى مصدوعا / وحشاً يذوب صبابةً وولوعا
وَقَفت على قبرٍ أجنَّ حبيبها / ودعت فما ألفت هناك سميعا
كذب الرجاء فما نجيبٌ يرجع
كذب الرجاء فما نجيبٌ يرجع / وأقضّ يا سلمى عليك المضجعُ
يا حزن نب يا قلب ذب يا طرف صب / خاب الذي كنا له نتوقع
يا أم صدري والنون تذكى الهوى / يا أم كانونٌ لنارٍ تلذع
إن الفؤاد يصير فيهِ أدمعا / وتسيل فوق الخد مني الأدمع
أوجاع ما تبدي العيون شديدة / وأشد منها ما تجُنُّ الأضلع
قلت الإياس به لنفسي راحة / فإذا الإياس وما يولد أوجع
كانت بليل الهجر في قلبي المنى / مثل النجوم المستنيرة تطلع
فأتى سحاب اليأس يملأ جوه / فتغيبت تلك النجوم اللُّمَع
يا أم جربت البكاء وعكسَه / يا أم إن كليهما لا ينفع
قالوا تزوَّجَ في فروق غنية / أموالها تُعلى الرجال وترفع
هذا هو الخبر الذي لسماعه / أمسى رجائي حبله يتقطع
هذا هو الخبر الذي باتت له / في الليل نفسي والنهار تُروّع
ما إن أسيت لكونهِ متزوجاً / ليكن له ليكن حلائل أربع
لكن تَصَوُّرَ كونه يبقى كذا / متباعداً عني لقلبي يصدع
كيف الإقامة يا نجيب فدلني / بالدار بعدك وهي قفرٌ بلقع
حسبي من الآلام ما أشقى بهِ / حسبي من الأقوال ما أنا أسمع
كانت لعمري في بداية أمرها / سلمى وحيدة موسرٍ يتبرع
بنتٌ أبوها جدَّ في تهذيبها / وقضى فناهزت البلوغ ترعرع
عذراء بارعة الجمال فتيةٌ / في وجهها نور الشبيبة يلمع
خدٌّ كنُوار الربيع مورد / ونواظرٌ دعج وجيد أتلع
ربيت وشبَّت في حماية أمها / تلهو بموروث الثَراء وترتع
حيث الحنانُ ظلاله ممدودة / حيث الوداد غصونه تتفرع
كانت تحبُّ الزهر وهو يحبها / فكلاهما متوهج متضوع
يتبسمان بشاشة واليوم قد / ذهبت بشاشات الأحبة أجمع
أما نجيب فهو صادفها فتى / يزهو بحسنٍ للغواني يخدع
جازٌ لها لكنه متقلب / في الفقر إلا أنه يتصنع
يرنو إليها من نوافذ بيتهِ / وإليهِ من شباكها تتطلع
حتى تورَّط قلبها في حبهِ / وغدت بغير لقائهِ لا تقنع
وأبان يخدعها نجيب إنه / بجمالها الفتان صبٌّ مولع
مرت شهور في الغرام عليهما / هذا يغازلها وهذي تسجعُ
والأم لما شاهدت من بنتها / ذاك اللجاج وأنها لا تُقلع
رضيت أخيراً أن تزوِّجها بهِ / كرهاً وكانت قبل ذلك تمنع
مرَّت ثلاث سنين وهو خلالها / في القمرِ يصرف مالها ويُضيَّع
حتى إذا نفدت جميع نقودها / وغدا الأثاث يباع ثم يوزَّع
أنهى لسلمى قائلاً أحبيبتي / ليس الأمور هنا كما أتوقع
إني نويت إلى فروق رحلةً / على أنال بها مقاماً يرفع
فبكت لتمنَعه الرحيل وأعولت / لكن نجيبٌ بالقطيعة مزمع
هو جالس يبدي لسلمى عزمَه / وأمامه سلمى الحزينة تضرع
أحليلتي لا تجزعي من رحلتي / إني إليكم عن قريب أرجع
فمضى ومرَّت حجتان ولم يجئ / منه كتاب للكآبة يدفع
سلمى جثت يوماً بجانب أمها / تبكي كما يبكي الحزين المفجع
تشكو تباريح الفراقِ لها كما / قد كنت في صدر القصيدة تسمع
والهمُّ يضغط قلبها من داخل / حتى يكاد شغافه يتمزع
والأم جالسة تسليها إذا / بالباب من دون انتظار يقرع
فمشت لباب الدار سعياً أمها / ريحانة وكذاك سلمى تهرع
وإذا بمأمور البريد يقل في ال / أَيدي كتاباً لم يكن يتوقع
سلمى تسلمت الكتاب وقلبها / فرقاً يكاد بصدرها يتفلَّع
فضَّته تاليةً له حتى إذا / فرغت من التلوِّ صاحت تجزع
يا أم طلَّقني فماذا حيلتي / يا أم سرَّحني فماذا أصنع
يا أم لا تنأين عني إنني / عما قليل للحياة أودعُ
يا أم في نفسي عذابٌ مؤلم / يا أم في قلبي اضطراب موجع
وأُحسُّ أن سراج روحي ينطفي / والقلب مني بالأسى يتصدَّع
وكان في لحمي وجلدي والحشا / والعظم يا أمي أراقمَ تلسع
ربَّيت مثلَ الزهر آمالاً بها / كان الفؤاد على النوى يتمتع
ويعيش مسروراً بها آهٍ فقد / هبت على الآمال ريحٌ زعزع
ويحي لممحوض العلاقة يزدري / ويحي لمعروض الوداد يضيَّع
لهفي على شرخ الشباب صرفته / في حب غدَّار يغرُّ ويخدع
لهفي على الأيام كيف تبدَّلت / والعيش كيف مضى فما أن يرجع
يا موت إنك أنت أنت الملتجى / وإليك من هول الحياة المفزع
يا موت زر يا موت زر يا موت زر / ليست حياتي بعد فيها أطمع
يا موت يا كلَّ النجاةِ يقول لي / قلبي فضاؤُك من فضائي أوسع
أرأفي يا سماء بالمفجوع
أرأفي يا سماء بالمفجوع / بضراعاته وتلك الدموع
بائس ينخز الاسى قلبه كل / لياليه ليلة الملسوع
ذهبت ايام الشباب سراعا
ذهبت ايام الشباب سراعا / فوداعاً لهن ثم وداعا
كان لي كلما صبوت فاد / لجت كنجم يلقي عليّ شعاعا
لم اكن ادري قبلما خف ينأى / ان فيه على الرحيل زماعا
يوم اني القويّ اهبط وهدا / ناً فساحاً له واعلو تلاعا
سوف ابكي لو كان يجدى بكائي / املاً بعد ان تقرب ضاعا
ذهب العيش فيه عني حلواً / آه لو كان رده مستطاعا
كان ذاك العيش الذي لم يدم لي / حلماً مر طيفه خداعا
لست انسى جمال تلك الليالي / وان اخترن عن بقاعي بقاعا
ان للذكريات في قلب من فا / رق ما كان قد احب انطباعا
وكأن السنين قد كن ايا / ماً وتلك الايام قد كن ساعا
كان ذاك الشباب مثل ربيع / منبت من انواره انواعا
زهره باسم للحن القماري / فيلذ الانظار والاسماعا
حبذا اللهو اذ دعاني اليه / نزوان الصبا فكان مطاعا
قد حمدت الشباب اذ كان غضا / وذممت المشيب والاوجاعا
ليس هذا القتير في مفرقي ال / لا سحاباً ما ان يريد انقشاعا
انا من بعد ما وهنت من الش / شيب بناء جدرانه تتداعى
حيثما التفت اليه اشاهد / فيه شقاً يخيفني وانصداعا
محزني ان ارى لحبل حياتي / عن قريب من الزمان انقطاعا
ثم من بعد ان اقيم بقبري / لا ارى من شمس النهار شعاعا
انه حفرة من الارض في البط / ن وان كان الظهر منه يفاعا
بئس مثوى المعززين على ال / أرض ضريح يبلي الكلى والنخاعا
وارى بين الموت وهو امامي / وحياتي في كل يوم صراعا
امهلتني الصروف حيناً من الد / دَهر فلما أتين جئن سراعا
وكأني ارى حفيري بعيني / فاغراً فاه يبتغي لي ابتلاعا
وارى ايدياً تحاول دفني / ثم اني لا استطيع دفاعا
ليس من حبي للمنية اني / ان دنت مني اصبعاً ادن باعا
بل هو الشيب والكآبة وال / أمراض يمشين بي اليها سراعا
يحمل الشيخ في الحياة اماني / وقلباً الى الصبا نزاعا
ان قلب الشيخ الكبير كطفل / لم يشأ عن غلوائه اقلاعا
ليس ما للحياة من رونق في / نظر الشيخ الهمّ الاّ خداعا
انا بين الشيوخ لم انفرد في الذ / ذب عنها فان لي اشياعا
كلنا يسعى ان يعيش سعيدا / كلنا يهوى بالحياة انتفاعا
لا اخاف المنون فهو اذا ما / لاح لي القاه بوجهي شجاعا
انه سنة الطبيعة لا تش / هد فيما به تجيء ابتداعا
هل ينافي شجاعتي انني اح / رص ان لا تمضي حياتي ضياعا
ايها العيش انت لست على لو / ن فخير ساعا وشر ساعا
لا تكون الحياة في كل وقت / للألى يرغبون فيها متاعا
ولو ان المنون لم يك حقاً / لاخترعناه للحياة اختراعا
ليس للحملان الشقية في ال / أرض سلام حتى تكون سباعا
طالما في الفناء فكرت فار / تعت وما كان الظن ان ارتاعا
يجد المرء في البقاء على الار / ض لحاجات نفسه اشباعا
اقنعت نفسي بالبقاء ضميري / ولعقلي لم تستطع اقناعا
سدلت حسناء الطبيعة عن / بخل علي وجهها الجميل قناعا
انما هذه الحياة شرار / من زفير الاثير ثار فشاعا
ولها اسرار عن العقل تنبو / انا لا ادعى عليها اطلاعا
لم يضر رأيي في الحياة فتيلا / انه لا يرى له اشياعا
رب رأى للفرد كالسيف ماض / يخرق المأثورات والاجماعا
لا اود المقلدين سواهم / ولقد تنكر الطباع الطباعا
انا لو كنت املك اليوم حر / رية نفسي اذعت ما لن يذاعا
وتجاهرت بالحقيقة مثنى / وثلاثاً من بعده ورباعا
أجد الحياة من الطبيعة تنبع
أجد الحياة من الطبيعة تنبع / وإلى الطبيعة بعد حين ترجع
وكأنما هي دوحة فينانة / منها الغصون الى الجهات تفرع
تبدو وتخفى في الطبيعة نفسها / فكأنما منها لها مستودع
ان الطبيعة في جميع شؤونها / كاللَه عن اعمالها لا تهجع
تمتد في كل الجهات وتملأ / الابعاد حتى ليس يخلو موضع
فهي المكان وكل ما هو يحتوي / وهي الزمان وكل ما هو يجمع
هي في حياتي جنتي وجهنمي / فيها نعيم لي ونار تلذع
ما في الطبيعة ارضها وسمائها / غير الطبيعة ما يضر وينفع
هي مظهر للَه جل جلاله / واللَه تطلبه العقول فترجع
ليست بحادثة ولكن صورة / قدمت كمبدعها فجل المبدع
اما محاسنها فتلك كبيرة / اني بهن من القديم لمولع
تسع المجرة في السماء عوالما / اما الطبيعة فهي منها اوسع
وكأنما تبغي الكواكب مخرجا / منها فتعدو في الفضاء وتسرع
مدفوعة فيه كأن يداً للها / من خلفها في كل حين تدفع
لا شيء عن حضن الطبيعة فاصلى / هي مبدئي وقرارتي والمرجع
انا لست منها غير جزء قد جثا / في نقطة من ارضه يتطلع
انا طفلها المولود من احشائها / ولدرها في كل حين ارضع
الشمس تطلع في النهار جميلة / فاذا توارت فالكواكب تطلع
من كان قد هدت الطبيعة ذوقه / فبشمسها ونجومها يتمتع
اما الذي هو للطبيعة جاهل / فمن الطبيعة حسبه المستنقع
اهوى منيحتها واقلى ردّها / لهباتها فانا العصي الطيع
كم من صديق في التراب دفنته / وسقت ثراه من عيوني الادمع
فذكرته ولقد تلينّ مضجعي / وذكرته ولقد اقضى المضجع
لم يبق لي في الروض الا زهرة / واخاف ان تقضى عليها زعزع
ولتلك مؤنستي ولست بعالم / أهي التي بي ام بها انا افجع
خيط الحياة وهي فما عندي سوى / امل يوصله ويأس يقطع
ولقد اذم من الصبا في زهوه / بعض الجهالة فهي بئس المرتع
ولرب امر جئته بجهالة / واليوم من ندم لسني اقرع
ان لم يكن فيه لشيطان يد / فله اذا فتشت عنه اصبع
لكنما الانسان من اهوائه / والعيش في عهد الصبا لا يشبع
ذهب الشباب فما الشباب براجع / واتى المشيب وانه لا يقلع
ولقد يعاب علي في شيخوختي / اني الى ليلى الحقيقة انزع
انا بعدما قد سرت في حبي لها / شوطاً بعيدا لست عنه ارجع
ابكي اذا مرت لترحمني فلا / ليلى ترق ولا دموعي تشفع
القلب يخفق في حين تمر بي / فتعيد ذاك الخفق مني الاضلعغ
وارى امامي للهموم سحابة / اما السحابة فهي لا تنقشع
الضاحكون من البعيد كأنهم / حزب على ان يشمتوا بي اجمعوا
وهناك مفتخر بايقاع الاذى / وكأن من يؤذي سواه سميذع
فاذا سكت اذاب مهجتي الاسى / واذا شكوت فليس لي من يسمع
بلغ النفاق باهله غاياتهم / فهل النفاق هو الطريق المهيع
لا تفزعني بالمنية موعدا / فالحر ليس من المنية يفزع
عرج على وادي السلام تجد دما / فهناك ثم هناك كان المصرع
قل للذي يعدو وراء غريمه / إما ظفرت به فماذا تصنع
ان الدم المسفوك يثأره الفتى / لدم سفيك قبله لا يرجع
لا تنقبض ان قلت جدك لم يكن / في الاصل الا قرد غاب يرتع
فاذا تولى مبعدا عن غابه / فمن الخنافس ينتقيها يشبع
والآن لو تصغي ازيدك فانتبه / علماً بقولي جدجدك ضفدع
نسب عليه الشمس من اضوائها / ثوبا جديدا كل يوم تخلع
واذا تصدع منك جسمك للردى / يوما فروحك مثله تتصدع
والروح ليس سوى الحياة تشاركت / زمراً خلايا الجسم فيها اجمع
هي في الجماد خفية لبساطة / فيها فلا تبدو ولا تتفرع
اما النبات فانها منحطة / فيه فلا يرنو ولا يتسمع
وتنوع الحيوان يرقى صاعدا / حتى بدا القرد السوي الافرع
وتفرد الانسان بين لداته / بدهائه فله المقام الارفع
والسبرمان اذا تولد فهو من / هذا وذلك في الدراية اوسع
والسبرمان هو الحكيم فانه / لأذى الطبيعة بالطبيعة يدفع
والسبرمان مجهز بقوى لها / تعنو الرقاب فليس منها مفزع
والسبرمان موفق في امره / والسبرمان لغيره لا يخضع
خطبت تؤبنك الدموع
خطبت تؤبنك الدموع / ومشت تشيعك الجموع
في موقف خطباؤه / عييت ولم تعي الدموع
العين ترسل دمعها / والدمع اكثره نجيع
ليس الدموع لدى الرزايا / غير أفئدة تميع
تحت الضلوع لهيب نا / ر ما تحمله الضلوع
اما الصدوع من الاسى / فلقد تكاثرت الصدوع
ماذا جرى حتى تهيّج / هكذا البلد الوديع
سر في سبيلك راشداً / واذهب كما ذهب الربيع
الشعب يمشي خاشعاً / وامامه النعش الرفيع
قد ميزتك رجاحة / في العقل والخلق الوسيع
وصنعت ما بلغت يدا / ك وحبذا منك الصنيع
والمرء ليس بفاعل / الا لما هو يستطيع
ان كان فيصل آفلا / فلنجله غازي طلوع
غازي زعيم الشعب فهو / لغير غازي لا يطيع
في وحدة عربية / للذود في دمها نزوع
في ليل حزني كانت الظلماء / عابسة تروع
فاذا مضى منه هزيع / جاء يخلفه هزيع
حتى اذا طلع الصبا / ح وقام ابيضه يشيع
ساءلت من ملك العرا / ق فقيل لي غازي القريع
ملك كأن التاج فو / ق جبينه نجم لموع
يا فرحتي بالتاج ان / التاج حق لا يضيع
اصل الزعامة فيصل / والاصل تتبعه الفروع
اشرع فان مهمة / الاصلاح اولها الشروع
وأمر فكل بني العرو / بة حين تأمرهم سميع
الروح لم تهبط علي
الروح لم تهبط علي / ي من المحل الأرفع
بل انها ليست سوى / جرثومة نشأت معي
بعد أن فارقت ليلي مرغما
بعد أن فارقت ليلي مرغما / حثني طيف لها ان ارجعا
والتقينا بغتة بعد النوى / فتعانقنا واجهشنا معا
آه يا ليلى خدرك اليوم قبر
آه يا ليلى خدرك اليوم قبر / فاسمحي ان ابله بدموعي
ثم اقضى نحبي عليه فتدنى / ميتتي فوقه اليك رجوعي
قلدت اهل الغرب في الشعر ناس
قلدت اهل الغرب في الشعر ناس / واذا الشعر انفه مجدوع
ما دروا ان الشعر في كل ارض / هو من نفس اهلها منزوع