القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 82
للَه ورّاقٌ مررنا به
للَه ورّاقٌ مررنا به / في صَفِّ أصحابِ القراطيسِ
من أصبرِ الناس على صفعه / كأنها وقعةُ فِطِّيسِ
قل للأمير إذا مثلتَ له
قل للأمير إذا مثلتَ له / يا ركن أهل إقامة الخمسِ
يَهنيك أن الفطر حين بدا / نُشِرَ السرور به من الرمس
نَطَقتْ بناتُ اللهو فيه معاً / من بعد خفض الصوتِ والهمس
وجرى لنا فَلَك الكؤوس به / فأمات هَمَّ النفس ذي الهَجْس
ومنِ السعادةِ أن رأيتَ أبا ال / عباس ملءَ العينِ والنفس
سَلَّفتَ فيه فراسةً صَدَقتْ / فحمدتَ ما سلَّفتَ بالأمس
أجْنى جنَىً طابتْ مذاقَتُهُ / إذ كان غَرسَ مباركِ الغرس
كم فيه من جدِّيَةٍ عَذَرتْ / مشتقُّ كنيَتِهِ من العبس
ومحامدٍ نادت مُسمِّيَهُ / تاللَهِ ما سمَّيتَ بالعكس
فاسعد بطول حياته أبداً / يفضي به حَرْسٌ إلى حَرس
واشرب على رغم العدو وما / يلقاه من تعس ومن نكس
كأساً كأنك حين تشربها / قمر يُقبل عارَض الشمس
مشمولةً كالمسك عاتِقةً / لطُفتْ عن الإدراك باللمس
لنسيمِها في قلب شاربها / روح الرجاء وراحة اليأس
حياك بالشاهِسْفَرَمِّ ضحىً / والجلّسان ونفحة الكأس
فطرٌ ونيروز يجاوره / طلعا معاً بالسعد لا النحس
غَدِقَيْن مُخضَلَّين شأنهما / إعمال نفي البؤس والبأس
هذا يُبدّي الجلد منك وذا / يسقيك من صفراءَ كالوَرْس
نضْحٌ ونشحٌ يغمسانك في / فرحٍ ونُعم أيَّما غمس
هذا لذاك ورُبَّ قافيةٍ / قد قلتُها كالطعنة الخلس
وأقول عَودا قول ذي لسنٍ / لم يُؤتَ من عيٍّ ومن ألس
لولا كلابٌ غيرُ آلِيتي / نبحاً إذا أسْمعتُها جَرسي
متعرِّضٌ للفَرْس نابِحُها / والليثُ لا يرضاه للفرس
يؤذي بتكرار النُباحِ وما / من مَنْهسٍ فيه لذي نَهس
فالكَفُّ عن أمثاله غبَنٌ / ومِراسُهُ من أعظم الوكس
كالبيْن بانت عاجَلاً يده / والبيهقيِّ كبا من التعس
وكصاحبٍ لي غيبه دِغلٌ / أنا منه في قَرص وفي نخس
لولا أولئك غير مُعتذرٍ / بالعجز عن وَطءٍ ولا ضَرْس
أهديتُ قافيةً مصنَّعةً / في الخدر قد سيمَتْ مِنَ الحبس
لقريع مجدٍ لا كِفاءَ لَهُ / من مُصعب للرأس فالرأس
ممن يُنيلُ وما استُنيل كما / يُكسَى المدائحَ غير مُستَكس
أعني عبيد الله خير فتى / بالحق ما في ذاك من لبَس
ذاك الذي يجزي الجزاء فلا / يُثني عليه الشعر بالبخس
يا من يقولُ بغير مدحتهِ / البدرُ مُمتنع من اللَّمس
راع قلبي مشيبُ رأسٍ خليسِ
راع قلبي مشيبُ رأسٍ خليسِ / راع جهلي والكَيْس بالتكييسِ
حالكٌ غيَّرته جونٌ وعِيسٌ / فهو لونان بين جُون وعيس
والليالي وناسِخات الليالي / تُوشكُ القَدْحَ في الصحيح المليس
كَم صَليب من الصفا آيستْهُ / عُقبُ الدهر أيما تأييس
لَمَسَتْني أكفُهن فأبقتْ / أثراً لا يروق عَينَي لميس
وكذاك الفتى بموقف موقو / فٍ على حادث الزمان حبيس
خائفٍ من مبارز وكمينٍ / وجِلٍ من مُجاهرٍ ودسيس
تَرحاً للزمان من مُستأيسٍ / ولمن يرتجيه من مُستئِيس
كلما استدرجَ المؤمِّل فاغْتَرْ / رَ رماهُ بفيلق دَرْدَبيس
ثم يدعَى جريحه السالم الغا / نم إذ أخْطَأتْه حال الفَريس
بينما من يروده في مراعي ال / رُطب إذ صار في مراعي اليبيس
ثم يأتي مكان رأسٍ برجْلَي / ن ضلالاً لذاك من تَرْئيس
كم له من بطانة لا يُعفّي / صَرْفُهُ عارها سجيسَ عَجيس
مُحْدَثي رفعةٍ قديمي سَفالٍ / غلّسُوا فيه أيما تَغْليس
سُئلوا كيف نَوْمَة التارِك المج / د فقالوا كَنوْمة التَعريس
لابسي ملبس من الجهل لا ين / فكُّ عينَ الجديد غير اللبيس
أُبْهمَ القومُ غير شك وأُنِّس / تَ فعادوا فضيلة التأنيس
قلت داليةً أعانتني الجن / ن عليها لا شك دون الأنيس
مادحاً صاعداً بها وعلاءً / مُطنباً في الخسيس وابن الخسيس
فكأنّي هَيَّأتُها لحمارَي / ن يَرُودان في خَلِيس الوديس
لم يُصيبَا في أمرها فأصيبا / بعذاب من الإله بئيس
ظَلَمَاها فعوقبا بيد اللَ / هِ فخَرّا من حالق مَرْمَريس
ويدُ اللَه تلك ناصر دين ال / لَهِ ليثُ البِراز لا العِرّيس
والشهابُ الذي تهاوَى فأهوَى / كلَّ عِفْريتِ فتنة عِتْريس
من بني هاشمٍ ومن آل عبَّا / سٍ بَنى اللَّه بيْتَه في الدَخيس
يا لها حُلَّةً نسيجة وَحْدٍ / لم يكن حَظُّها سوى التدنيس
يا لها حِليةً أُجيدت لشَمْطا / ءَ وأخرى مَبْنيّة التَقويس
صاعد وابنه وما للخسيسي / ن وللمدح بالكلام النفيس
لم يكن من حُلَى الخَبِيثَين لكن / من حُلى كل ماجد نِقْريس
وحُلى السادة الأكابر ليست / من حُلى الجاثليق والقِسّيس
لا حَظَاها بغير عينَي سُليما / نَ فلم يَصبُوا إلى بلقيس
حَسُنت كلها وطابت فسادتْ / في الضَّعيفَينِ سورة الخَنْدريس
وكذا الخندريس تُضْحي وتُمْسي / آفةَ العقل غير ذي التأسيس
ذاتُ طَعْمٍ ومنظرٍ ونسيمٍ / وحُمَيّا وهِزّةٍ ورَسيس
حكْمها في العقول تذكية الأق / وى ورمي الضعيف بالتَهويس
لم يكن آفةُ القَصيدةِ إلا / ذاك فاترك مقال ذي التلبيس
ظلمَ الشعرُ صاعداً وكذا كم / ظلمتْهُ الملوكُ بالتَفْريس
بل هو الظالم الذي ظل يرقى / راكباً مركباً من التدليس
يتعاطى الكبيرَ بعد صغير / لم يُطقْ حَمْله بأقصى النَسيس
كاتبٌ ضاق باليراعة ذَرْعاً / فتعاطى القناة نزوَ السريس
واعْتزى كاذباً إلى آل كعبٍ / وانتمى زِيُّهُ إلى باذَغيس
واستباح الأموال يُعمِلُ فِيهِنْ / نَ بلا مدفع ولا تنفيس
نفقات كادت تُفَلِّسُ بيت ال / مال أقصى نهايةِ التفليس
وتولَّى وزارتين فأضحى ال / حقُّ غضبانَ ظاهر التعبيس
وبتدبيره عصى ابْنُ سجستا / نَ ومن قبلِه أخو تَنِّيس
شؤم رأيٍ أتى على الشرق والغر / بِ من المدَّعى الدعِيِّ النحيس
قالتْ الخيلُ للدعي دع المَع / وَ ولا تخلطنَّهُ بالغَسيس
لستَ من شكلنا وليس من الفا / ل عُطاس يكون عن تعطيس
لم تضَع للتي تَكدَّس بالأب / طال بل للحصاد والتكديس
خارَ أصحابُه لَدُنْ صَحِبُوهُ / فغدا اللِّيسُ منهم غير لِيس
وغدت ذِلّة النصارى على المل / ك فأضحى أوزاعَ شِلوٍ نَهيس
عجباً من موفق الرأي ولَّى / كلبَ خَسٍّ مكان رئْبال خِيس
ومن النُكر حَوكيَ المدحَ فيه / وهو أولى بالوطء والتضريس
لم يكن صاعدٌ مكاناً لمدحٍ / لا ولا موضعاً لقوْدِ خَميس
يا لتَفْضيله ومدحيَ فيه / وهو أهل الهجاء والتخسيس
كيف أعطاهُ غير حَقَّيه عدلٌ / لا يُعير النديمَ حق الجليس
كيف قلتُ الفصيح في فاحش العُج / مةِ كالطَمْطَميِّ من بَدْليس
قال يوماً كُنّا بِطُوْسُ فنادَو / هُ ألا اخفض فقال كنا بطِيس
وإذا رام أن يفوه بقدّو / س أبَى مِرْنةً سوى قدّيس
غلبت لكنة النصارى على في / ه فأعيت علاج بُقْراطيس
ربما أرتجته فارتجَّ شدقا / ه من العي كارتجاج القريس
ما أراني غَلِطْتُ في العبد بل قل / ت بتقليد سيدٍ بِرْعيس
ومن اختاره الأميرُ مدحنا / ه وكان السعيدَ غير النحيس
ومن ازْورَّ عنه يوماً هجونا / ه وكان النحيس عين النحيس
وَلَمَا غولِط الأميرُ ومن أي / ن وما غَوْر دَهْيِه بمقيس
بل إخالُ الأمير جرّبَ والمر / ء يُحب التجريبَ للتجريس
كان كالمتلف البضاعة في المت / جر حتى استفاد كيْسا بكيس
ثم صال الأمير بالثعلب الحا / ئن صول المحقِّ لا الغِطريس
فكم انشقَّ مدفنٌ عن دفينٍ / وكم انعقَّ مَكْبسٌ عن كبيس
وثنَى بابنه السفيه المعنَّى / بأساطير أرسطَاطاليس
والذي لم يُصخ بأذْنيه إلا / نحو ذو ثوريوسَ أو واليس
عاقداً طرفَه ببهرامَ أو كي / وان أو هِرمسٍ أو البرجيس
أو بشمس النهارِ والبدر والزُّه / رة عند التثليث والتسديس
واجتماعاتهن في كل قيد / وافتراقاتهن عن كل قِيس
كي يروم القضاء قَسْراً وأولى / أن يُرام القضاء بالتخييس
يشْهد الله أنه كان نجلاً / ما تلقَّتْه لِقوةٌ عن قبيس
سِلمُ عيٍّ محارباً كل شيءٍ / وافرٍ حظه من التقديس
دهَّرَتْهُ جهالةٌ نصَّرته / ثم عادت عليه بالتمجيس
لم يزل سادراً يسير ويسري / منِ هواه المضلِّ في إمْليس
وكذا صاعداً أبوه ألا بُع / داً لإبليسَ وابنه لاقيس
تركت آل مَخْلدٍ سخطةُ اللَّ / هِ كطَسْم بحقهم وجَديس
هل ترى رائياً لهم من خيال / هل ترى سامعاً لهم من حَسيس
بَهَظُوا الأرض بالكنوز وقد أض / حوا وما يملكون من هَلْبسيس
نازعوا النحل في جناها فحَالَتْ / حاصبات القَليس دون القليس
ها أنا المنذر المحذِّر من يظ / لم شعراً من سُوقَةٍ ورئيس
فَلَهُ ناصر من اللَه إن جَا / دَ وإن لم يجُدْ فمن إبليس
لم يزل بين نكبة وهجاءٍ / ظالم الشعرِ في أحر وطيس
كالحاً في وثاقه الدائم الجِدْ / دة أو عرضه اللبيس الدَريس
حان كلامُ المُعاتب الخُرُسِ
حان كلامُ المُعاتب الخُرُسِ / في ردّ تلك المعاهدِ الدُّرُسِ
يا أيها السيد المجرد لي / سيفَ جَفاءٍ ولست ذا ترُس
حتى متى نحن من إساءَتِنا / وعَتْبِنا في وقائع حُمُس
لم تُخلني قطُّ من صنائعك الغر / رِ ولا من حُروبك الضُّرس
تصرُّف الغيثِ في صواعِقِه / وتارةً في سِجاله البُجُس
أصبحتُ في مأتمٍ برفضِكَ إي / يَاي ومما منحتَ في عُرُس
لقد تَلوَّنَت لي فدع جُدد ال / أخلاق وارجع بنا إلى اللُّبس
تلك التي لم تزل تخلَّقها / غير المهينات لا ولا الشُرُس
تلك اللواتي حديث مُلستِها / زادٌ لركب الصَّحاصح المُلُس
أيام فوزي بك الضواحك أس / تعدي على مُعْقباتها العُبُس
لا تُبْدِلنّي بما اقتنيتُ من ال / آمال هَجسَ المخاوف الهُجُس
يا فرقداً يهتدي السراةُ به / يا قمراً يُستضاءُ في الدُمُس
أقسمت بالعطف منك حين ترى / مِني شماسَ الخلائِق الشُمُس
وإن هذِي اليمينَ لا كَذِباً / لبعضُ أيمان عَبدِك الغُمُس
لو أنني ما حَييتُ في مِنَحٍ / منك وقوفٍ عليَّ أو حُبُس
ما قُمنَ عندي مَقامَ ذكرك إي / يَايَ إذا ما خَلوتَ للأُنس
لا تحسبنّي استَعضْتُ منك لُهى / كَفَّيك إنّي بكم من النُفُس
والله لا بعتُ باللُّهى أبداً / رؤْيةَ ذاك الجلال والقُدُس
إنّي إذاً إن فعلت ذلكُمُ / لَبائع المُثمِنات بالوُكس
أليس في لمحةٍ لمحتُكها / دفعٌ لنحس الكواعبِ النُحُس
بلى لعمري فكيف يطمع في / بَخْسي خداعُ المَناحس البُخُس
لا تَجْعلنّي لما أرى غَرضاً / تلعبُ فيه مَحادِسُ الحُدُس
رَضيتُ في نصف مُدَّتي بمُلا / قاتك بل رُبعِها بل الخُمُس
بلْ كل دَوْرٍ يدوره أحدٌ / ولا رضىً دون تابع السُدُس
نصيب عينيَّ منك في سُبُع ال / عُمر رِضىً لي لا للعدَى التُعس
فابْذلْه مُتِّعتَ بالقِيان وأُع / دمتَ وجوه الحوافظ الشُكس
فإن قَضى اللَهُ للحوافِظ رز / قاً قَضَاهُ للسُّلُس
لا زلتَ للحادثاتِ مُهْتضماً / في منْعةٍ من أكفِّها الخُلُس
تعُلُّك الكرمَ من ذخائرها / على بُغام الشوادِن اللُّعُس
المدنَفَاتِ العيون لا رمداً / الفاتراتِ الجفونِ لا النُّعُس
مرَبَّيَاتِ الحجورِ في ترفٍ / ظباءِ فيح القُصور لا الكُنُس
يا جَبَل الحِرزِ والثمار ألا / تعصمني من سِباعك النُهُس
لي عصبة لا تزال تُدْحس لي / عندك تَعْساً للعصبة الدُحُس
ليست كأسْد الشَّرى مُجاهرةً / بالبطش لكن كالأذؤب الطُّلُس
لولا ارتقابيك قد رميْتُهُمُ / من كَلِمي بالدَهاَرِس الدُبُس
تلك التي لا يزال جَنْدَلُها / يترك شُمَّ الأنُوف كالفُطُس
والشعر جَيْشٌ شنَنْتُ غارته / قِدْماً فأي الديار لم يَجُس
وكم رماني العدى بداهيةٍ / كاستْ على رأسها ولم أكُس
لا يرمني الجاهلون وَيْبَهمُ / فإنني ذو مَلاطس لُطُس
دعني أسسهُم لمعشرٍ عجزوا / عنهم وأيّ العتاة لم أَسُس
بِشُرَّدٍ تُقْتدى مواقعُها / بألف صينٍ وألف أندلُس
لو راضت الفحل من بني عُدُسٍ / لأذعنَ الفحل من بني عُدُس
أنت ابن كسرى وما تَباعَدت ال / روم بأنسابها عن الفُرُس
الملكُ إن كنتَ ناظراً نسَبٌ / بين ابن بَهرامَ وابن تَوفُلُس
دونك رأيي فما كواكبه / في الظُلَم الداجياتِ بالطُمُس
دونك عزمي فما مَعاوِلُهُ / عند قيام الخطوبِ بالجُلُس
عبدك غرس جَناه مكرمةٌ / أنتُم لأمثاله من الغُرُس
فارببهُ واحرسْ جَناه تَحْظَ به / وصُنهُ عن مَسِّ معشرٍ نُجُس
يا عمرو فخراً فقد أعْطيتَ منزلةً
يا عمرو فخراً فقد أعْطيتَ منزلةً / ليست لِقَسٍّ ولا كانت لشمّاسِ
للناس فيلٌ إمامُ الناس مالكُهُ / وأنت يا عمرو فيل الله لا الناس
عليك خُرطوم صدق لا فُجعتَ به / فإنه آلةٌ للجود والباس
لو شِئتَ كسباً به صادفتَ مُكتسَباً / أو انتصاراً مضى كالسيف والفاس
من ذَا يقومُ لخرطوم حُبيتَ به / إذا ضربتَ به قِرناً على الراس
أو من يَرَاهُ فلا يُعْطيك خِلْعَتَه / لا تُكذَبنَّ فما بالصدق من ناس
سَقَيتني كأس ذلٍّ يوم تَحْجبُني / فاشربْ بكأسي فإن الكاس بالكاس
حَسوتُ منها مراراً يا أبا حسنٍ / فاصبر فإنك أيضاً مثلها حاس
لا تَحمدنّي وشعري إن لبست بنا / وإنْ خَضَمْتَ بأشداقٍ وأضراس
واشكر لخرطومك المُجدي فأنت به / من قبل شِعري وقبلي طاعمٌ كاس
لأنت أشهرُ قبل الشَعر من عَلمٍ / عليه نارٌ ومن مرآة بُرجَاس
حملتَ أنفاً يراهُ الناسُ كلُّهُمُ / من رأس ميل عياناً لا بمقياس
صرمتَ اليوم حبلَكَ من لَميس
صرمتَ اليوم حبلَكَ من لَميس / على ما في فؤادك من رسيس
كأنك قابلتْك بأنف عمروٍ / ورأس مثل حُلَّتهِ خَليس
متى يستنشق الفيلين عفواً / بلا حسٍّ هُناك ولا حَسيس
وتشكو الخندريس أذىً إذا ما / تنفَّس في كؤوس الخندريس
على عمرو عَفاء من نديمٍ / إذا حُمدَ النديم ومن جليس
سمعتُ بعمرٍو الجنِّيِّ قِدماً / ولم أره يكون مع الأنيس
فأظهره الإله لنا بعمرٍو / أبي الخرطوم ذي الأنفِ الرئيس
نفيس في الأنوفِ على خسيس / وقد تجد النفيسَ على خسيس
إذا عيناك قوبلتا بعمرو / ذكرتَ حديث طَسمٍ أو جديس
من الخِلقِ التي تُركت قديماً / ومن طُرُزِ العمالقة اللبيس
دسيسٌ لليهود إلى النصارى / ليفضَحهم فَقُبِّح من دسيس
يَصَمُّ عن المواعظ والملاهي / ويعجبه حديث الفَنْطليس
ألا يا ابن الوزير ألا انتزعْهُ / ولا تغرسه قُبِّح من غَريس
وقائلةٍ أتخشى بأس عمرٍو / وأنت كعهدنا رئبالُ خِيس
فقلتُ أخافُهُ وصدقتِ إني / هِزبرٌ لا يزالُ على فَريس
ولكن أيُ ليثٍ قِرْنُ فيلٍ / كفى بالفيل من قرن بئيس
عجبتُ لوقْفتي بباب عمرو / ولم يكُ قط بالعلق النَفيس
ولكن ما خسرتُ وذاك أني / وُعظتُ بلؤمه أُخرى العجيس
هو الكيْسُ اشتريناه بكيسٍ / ومن لا يشتري كيساً بكيس
ألا يا عمرو فضلك في النصارى / كفضل الأربعاء على الخميس
فلا تبخل بعرضك حين تُهجَى / فإنك منه في خَلقٍ دريس
وقد فعلتْ بك القالاتُ قبلي / كفعلِ النار بالحطب اليبيس
حاجَيْت فضلاً وهو ذو فطنةٍ
حاجَيْت فضلاً وهو ذو فطنةٍ / ما زال للحكمة درَّاسا
ما هَنَةٌ عمَّت بني آدمٍ / يعير الناس بها الناسا
يَعتمدُ العامدُ إتيانَها / فلا يرى القومُ بها باسا
حتى إذا جاء بها فلتةً / نكَّسَ من سَوْءتها الراسا
يا وهبُ ذو الضرطةِ لا تبتئس / فإن للأستاه أنفاسا
قد تنطق الأستاهُ في مجلسٍ / وتُملأ الأفواهُ إخراسا
فاضرط لنا أخرى بلا حِشمةٍ / كأنما خرَّقت قِرطاسا
لتُؤنس الأولى بها مُحسِناً / فإنها تَطلبُ إيناسا
تَغنى العُلَيْليُّ في مجلسٍ
تَغنى العُلَيْليُّ في مجلسٍ / فما زال يُصفَع حتى خَرِسْ
وظَلْنا نُمازحُه باللِّطامِ / وقفدِ القذال إلى أن نَعِسْ
فغنَّيتُهُ حين دام البلاء / وكادت مفاصلُه تنبجسْ
ودرَّت حماليقُهُ والتوى / كما يلتوي حين يُثنى الهَرِسْ
عليك السلام أبا مُنْتنٍ / فإني أعدُّك فيمن رُمس
لأن أصلِّي كصلاة الفُرسِ
لأن أصلِّي كصلاة الفُرسِ / للَهِ والنجم وعينِ الشمسِ
أو أن أصلي من وراء قَسِّ / قُرانُهُ تمجيدُ روح القُدس
أحْسن عندي من صلاة الخمس / خَلْفَ رباحٍ بأذانٍ دَبس
ألم تُسأل اليوم الظباءُ الكوانسُ
ألم تُسأل اليوم الظباءُ الكوانسُ / متى ظَعنتْ أشباهُهنَّ الأوانسُ
لئن أضمرتْهُنّ الحدوجُ ولن ترى / بدوراً بدتْ ليست لَهُنَّ حنادِسُ
لَربَّت يومٍ قد جَلاهُنَّ لي ضُحىً / وللأرض من وشي الربيع ملابسُ
يَسُفن الخُزامى بين أكناف عازبٍ / غذته الغواذي وهو بالماء راغسُ
كَسَاهُ من النوار أبيضُ ناصعٌ / وأحمر قِنوانٌ وأصفرُ وارس
تشب خزاماه إذا الشمسُ طَفَّلتْ / مصابيحُ لم يقبِس لها النارَ قَابس
يُغَازلن منه روضةً بعد روضةٍ / زَرَابيُّها مبثُوثةٌ والطنافس
يظل بها النوّار للشمس راكعاً / يَدورُ إذا دارت له وهو ناكس
وتصرفُ أحياناً عن الشمس وجهَهُ / وجوهٌ تضاهي الشمس بل لا تجانس
إذا الشمس يوماً قابلتهنَّ لم يكد / يُميِّزُها مِنهُنَّ إلا المُقايس
خرجن يُبارينَ الربيع وروضَهُ / بما هُنَّ من تلك البُرودِ لوابس
يَرُدن خلال الروض واليومُ داجنٌ / على أن يوم الدَّجن مِنهن شَامس
كأن العناقيدَ الجِعادَ تهدَّلتْ / بهن على أعْجازهنَّ الفَرادس
بدورٌ وكثبانٌ تُواصل بينها / غصونٌ رَوِيّات المُتون مَوَائس
غصون غَذَاهُنَّ النعيم بمائه / ولم يُسقهنّ الماء في الأرض غَارس
حملن ثُدِيّا لم يجدنَ بِدرَّةٍ / ولم تَبْتذلهنَّ الأكفُّ اللوامس
غرائر ما لم يدَّرين لريبةٍ / نوائرُ من هُجْر الحديث شوامِس
عليهنَّ من إحسانهنَّ ملابسٌ / طَواهرُ لم تعْلق بِهن المدانِس
بأمثالهنَّ انقاد ذو الحلم للهوى / جَنيباً وأبكتهُ الرسومُ الدوارس
بني طاهر ما مَن رأى ما بلغتمُ / بمستنكرٍ أن يلمس النجم لامس
إذا عُدِّدت آلاؤُكم آل طاهرٍ / أقرَّ بها منا مَسُوس وسائس
بلغتم من العلياء والمجد رُتبةً / طوى كشحه من رَامها وهو يائس
ولمْ لا وأثمانُ المعالي لديكُمُ / رِغابُ العطايا والنفوسُ النفائس
مسامعكم نَصبٌ لداعي كريهةٍ / تساقي المنايا رحلُها والفوارس
وطوراً لملهوفٍ تَعرَّق لحمُهُ / عن العظم ذؤبانُ الخطوبِ النَواهس
تُجيبون كلتا الدَعْوتين كأنكمْ / غيوثٌ وأحياناً ليوثٌ عنابس
لأيديكُمُ في الموْطنين كليهما / نقائذُ من أيدي الردى وفرائس
مكارم للماضين منكم تقدَّمت / وأخرى على الباقين منكم حبائس
سأثني على الدهر المذَمّم إذ أتى / بأمثالكم أو لا فإنِّيَ باخس
تضَمَّنتُ أن لا يبخل الدهرُ بعدها / بأي نفيسٍ بعدكم هو نافس
بِكم نَعشَ اللَه الخلافةَ بعدما / هوى جَدُّها من حالق وهو تاعس
تدارك ذاتَ البيْنِ إصلاحُ طاهرٍ / وقد شمَّرت غَبراءُ تَجري وداحس
إذ الدين هَرج والخلافةُ فِتْنَةٌ / يُبلّدُ منها الأحزمُونَ الأكايس
ولما أبت بغداذ إلا شِمَاسها / ولجَّ بها من جِنّة النفر ناخس
تخمَّطها بالبيض والسُّمر عُنوةً / أبو الطَّيب الليثُ الهِزبر الخُنابس
فجاسَ بخيل النصر عُقرَ ديارها / وما جاسها من قبل ذلك جائس
به ألف اللَهُ القلوبَ فأصبحت / مَقاومُ تلك الحرب وهْي مَجالس
وما زال منكم للخلافة مِدرهٌ / يُناضل عنها تارةً ويُرادس
أوائلكُمْ داووا أوائلَ دائِها / وأنتم لها إن تاح للداء ناكس
بأحكامِكم تَمضِي السيوف مضاءها / وتقضي قضاياها الرماحُ المداعِس
إذا القومُ راموا شأْوَكُم خلَّفتْهُمُ / جدودٌ لِئامٌ أو جدودٌ قواعِس
أعمُّكُمُ مدحاً وأختصُّ منكُمُ / فتاكم عبيدَ اللَه والرأسُ رائس
همام له في المجد والخير مقْيسٌ / طويلٌ إذا ما طاولته المَقايس
رأى الملكانِ الهاشميان فضلَهُ / برأيٍ جَلَتْ عن صفحتيه المَداوس
وكيف بأن تخفَى محاسن مِثله / وهُنَّ لأبصار القلوبِ مَقابس
إلى مِثله تُلقي الرعاءُ عِصِيَّها / إذا عاثَ في الشاء الذئاب اللَعاوس
فتى غيرُ مفزاع إذا الحربُ زمجرتْ / زماجِرَها وارتاعَ منها الضغابِس
سواء عليه عندها أترنَّمتْ / مزاهرُ قيْناتٍ له أو معاجس
مَهيب إذا ما كان في القوم أمْسكتْ / عن الهدر والخطر القُروم القَناعس
له هيبةٌ لم يكتسبْها بكلْفةٍ / إذا اكتسبتْ ذاك الوجوهُ العوابس
حَييٌّ وفيه جُرأةٌ وصرامةٌ / إذا هابَ حوماتِ الأمورِ المُغامس
وليس يَعيبُ السيفَ لينُ مَهَزِّهِ / إذا كان عَضْباً تجتويه الأيابس
يُساهي مُساهيه كريماً مُغَفَّلاً / وأمَّا مُداهيه فحوتاً يُقامس
له خُلُقا خيرٍ ونفعٍ كلاهما / يُحاذره عاتٍ ويَرجُوه يائس
من المبْشرين المؤْدمِين خلائقاً / له تحت أيدي اللامسين مَلامس
يلين لمن أعطاه سمعاً وطاعةً / ويخشنُ محموداً على من يمارس
له عزماتٌ ليس للسيف مِثلُها / مضاءً ولا للسيل والسيلُ مارس
ورأي كرأي العين صدقاً وصحةً / إذا أخطأتْ بالحادسين المَحادس
يرى آخر العقبى بأول نظرةٍ / وبينهما غيبٌ من الليل دامس
حياةٌ لمن والاهُ حتفٌ على العدى / مُصابُ الرمايا لا تَوقّاهُ تارس
هو الأجل القاضي على كل حائن / وفيه لمن أمْلى له اللَّه حارس
وفيٌّ وتلكم شيمةٌ طاهريةٌ / له سلفٌ فيها قديمٌ قُدامس
يرى الوعدَ مثل العهد سِيان عنده / إذا خاس بالوعد المؤكدِ خائس
جميلُ المحيا بين عينيه غرّةٌ / تُضيء لساري الليل والنجمُ طامس
جوادٌ إذا سامَ المكارمَ نفسه / فليس له منها شريكٌ مشاكس
وكم من يدٍ تُعطي اللهى ووراءها / ضميرٌ بما جادت به متقاعس
إذا بذل المعروفَ أغْضى جُفُونَهُ / وطاطأ رأساً لم يذلِّله عاكس
لكي لا يرى في وجه حُرٍّ مذلةً / على أنها من يُغض والوجه عابس
يُساجل أنواءَ الربيع إذا جَرَتْ / ويخلُفُها في المحْل والعودُ يابس
وحُق لمن بين النجوم مقامُهُ / مُبَاراتُها إن النظير منافس
كفى الماحلين السائلين بجوده / وأغنى تِجار الحمدِ عمَّن يُماكس
به صدَق اللَه الأماني حديثَها / وقد مر دهرٌ والأماني وساوس
فتىً آنس الآدابَ من بعد وحشةٍ / وجدَّد منهاجَ العلا وهو دارس
رأى الشعرَ ديوان المكارم فاغتدى / يُدارس منه أهْلَهُ ما يدارس
فتى لو تُجاري الريحُ في المجد أوْلَهُ / غدا شأوُها عن شأوه وهو خانس
دعا الصمَّ حتى أسمع الصمَّ جُودُهُ / وأنطق حتى قال فيه الأخارس
تطاول أفلاكٌ فقصَّر جدُّهم / ونال الثريّا عفوُهُ وهو جالس
غدا والعلا أفعالُهُ وخصالُهُ / وهنّ لأقوامٍ هُمومٌ هواجس
لعمرِي لئن طابتْ عُصارةُ عوده / لقد كرمتْ أعراقه والمغارس
زهى الملكُ والإسلامُ ممن مضى له / بخمسة آباءٍ لهم منه سادس
فأوَّلهم قاد الجيوش وذادها / زُريقٌ وعبد الله للقوم خامس
أولئك آباءٌ بمثل تُراثهم / تَشَاوس وسط المحفل المتشاوس
وكم من ملوكٍ قَبلهم سَلفوا لهُ / لياليَ كانت تملكُ الناسَ فارس
لتهْنَك يا ابن الأكرمين إمارةٌ / بطالع سعدٍ جانبتْه المنَاحس
مَقَالةُ لا مُسْتَعْظمٍ ما وَليتَهُ / ولو كان ما هبَّتْ عليه الروامس
وإن التي سُرْبلتهما لتطُولُها / إذا قاسَها يوماً بقدرِك قائس
يَدلُّ على إقبال أمْرك أنه / غريسةُ حينٍ فيه تحيا الغَرائس
فَقُلِّدتَ ما قُلِّدتَ والعودُ مورق / بجدته والعرق ريانُ قالس
وليتَ التي تهوي إليها نَوازعاً / قلوبُ الورى واليعمُلات العرامس
ولما تولاها اسمُكَ الخير أصبحتْ / وجانبُها الوحشي باسمك آنس
تَلَقَّتْكَ في بَزِّ الربيع وحَلْيهِ / تِهامةُ والأنجادُ وهي عرائس
ولو زُرتها في وغرة القَيْظ أمرْعت / بوَجْهِكَ وانهلَّ الغمامُ الرواجس
وأضحى وأمسى كل ما بين بَلْدحٍ / به حرماً حتى القفارُ البسابس
تَجَلَّلها أمنٌ وعدلٌ فظبيُها / مع الذئبِ راعٍ كيف شاء وكانس
إليك ذعرتُ الوحشَ من كل مأمنٍ / لهنَّ به عن سَخْلهن مَلاحس
إليكَ تداعتني القوافي ولم أقل / إليك تداعتني الفيافي البسابس
أتيْتُك من أدنى مزاري يخب بي / إليك رجائي لا القِلاصُ العرامس
أجاوزُ بيتاً بعد بيتٍ وأمتطي / هواجسَ فكرٍ بعدهُنَّ هواجس
دعوتُ غريب الشعر باسمك فارعوى / إليَّ مُجيباً وهو باسمك آنس
فألَّفت منه إذ تجمَّع وحشُهُ / وهنَّ رُتوعٌ بالفلا وكوانس
فجاءتْ قوافيه تُباري صدورَهُ / كما تتبارى القاربات الخوامس
منحتُكها تحدو المطيَّ على الونَى / وتنفي الكرى عن ذي السُرى وهو ناعس
من اللائي لا يُخزي الوجوه نشيدُها / إذا منشدٌ باهَى بها من يُجالس
تهزُّ قناةَ الظهر عن أرْيَحيَّةٍ / كما هز رُمحاً للطعانِ مُداعس
وما زلت لَبَّاساً مديحاً تَحُوكُهُ / مساعيك لم يَلبسْه قبلك لابس
ولا مدحُ ما لم يمدح المرءُ نفسَهُ / بأفعال صدقٍ لم تَشُبها الخسائس
ليأمنْ صروفَ الدهرِ من أنت جارُهُ / فقد أفلَتْ عنه النجومُ النواحس
إذا ما بنو الحاجات كان مجازُهم / على ملك كانت عليك المحابس
وينصرف العافُون تُثْني عيابُهُم / عليك ولم ينبسْ من القوم نابس
فعش سالماً لا زال مجدُك باقياً / وإن رغمت من حَاسدِيك المعاطس
أعزِزْ عليَّ أبا إسحاقَ أنْ ذهبت
أعزِزْ عليَّ أبا إسحاقَ أنْ ذهبت / منكَ الليالي بعلق جدِّ منفوسِ
أخٍ بل ابنٍ وإن سمّيته ابن أخٍ / معطىً من الحظ فضلاً غير مَخْسُوس
يا لهف نفسيَ أن أضحت مجالسُهُ / وكلها منه خالٍ غيرُ مأنوس
يا لهف نفسيَ أن أضحت ملابسه / وكلها منه عُطلٌ غير ملبوس
أما لئن بات مرموساً لقد نَشرت / له الفضائلُ ذكراً غير مرموس
بدرٌ تنزَّل من أعلى منازله / ثم استقل فأمسى غيرَ ملموس
يا أيها القبر لا تطمس محاسنَهُ / فَهُنَّ من بيت نورٍ غير مطموس
بيتِ الحديث وبيتِ الفقه كم قَبَسٍ / فيه لقابِس نورِ اللَه مقبوس
صبراً جميلاً أبا إسحاقَ من كثَبٍ / فإنما العيش من نُعمى ومن بُوس
والدهرُ كالليث فَرّاس ونحن له / فرائسٌ ليس فيها غير مفروس
وما قوي علمناه بمحترِسٍ / ولا ضعيفٌ رأيناه بمحروس
إذا سعى لهلاك الناس لم ترهُ / يخشى رئيساً ولا يأوي لمرؤوس
بَينا سرورٌ بموهوب لأسرته / عاد السرورُ شجا فيه لمخلوس
كذلك الدهر فاعرفه بشيمته / نُضْحي له بين منزوعٍ ومغروس
إن اللياليَ والأيام مُوقِعةٌ / بذي النعيم وذي المِسْحَينِ في البوس
كم من هرقل وكسرى قد أصيبَ له / ومَرْزُبانٍ ونُعمان وقابوس
بين اعتباطٍ كحَطْمِ الأُسْدِ أو هَرَمٍ / يعيثُ فينا دبيباً عِيثةَ السوس
أُعْطيتَ رزءك حقّاً من أسىً وبكاً / وللتجلد حق غير منجوس
وبعد كرب الرزايا والهلاع لها / رَوحٌ من اللَّه آتٍ غير محبوس
واللَه يا آل حماد مجِيرُكُمُ / من كل يومٍ كحد السيف منحوس
ومن عيونٍ إليكم جد طامحةٍ / كأنصل النبل من خُزْرٍ ومن شوس
فما لسان الخنا فيكم بمنِطلقٍ / ولا كتابُ الخنا فيكم بمدروس
ولا نثَا سيِّئٌ فيكم بمتَّسقٍ / ولا نثا حسنٌ فيكم بمعكوس
ولا استغاثتكُم في كل نائبةٍ / إلا بتكرار سُبُّوحٍ وقُدُّوس
للَه درُّكَ يا عباس قارئةً
للَه درُّكَ يا عباس قارئةً / لقد عَلَوتَ فلم يبْلُغك مقياسُ
إن كان داودُ أبقى بعده خَلفاً / في حُسنِ نغمٍ وجُرم فهْو عباس
صوتٌ نديٌّ وأنفاسٌ مساعدةٌ / كأنما نَفسٌ منهَن أنفاس
يظلُّ سامعه لُدْناً مفاصلُهُ / كأنما فتَّرتْ أوصاله الكاس
أحيا لنا سلَفَ القُرَّاء كلَّهمُ / فأسمعونا وهم هامٌ وأرماس
لا ينكر اللَّه إثباتي فضيلتَهُ / ولا الملائكةُ الأبرارُ والناس
أيعيبُ مشيي جاهلٌ لو أنه
أيعيبُ مشيي جاهلٌ لو أنه / يمشي لأصبح ضُحكةً في الناسِ
بل رُجمةً لهُمُ سماجة منظرٍ / بل رحمة لتتابع الأنفاس
لو رُمتها لنثرتَ فَرْثَكَ دُونَها / من ضيقِ صدرٍ واتساع مَفاسي
ألا إنما الدنيا كجيفةِ مَيْتةٍ
ألا إنما الدنيا كجيفةِ مَيْتةٍ / وطُلّابها مثل الكلاب النواهِسِ
وأعظمهمْ ذمّاً لها وأشدُّهم / بها شعفاً قوم طوالُ القلانِسِ
زارت على غفلةٍ من الحَرسِ
زارت على غفلةٍ من الحَرسِ / تُهدي إلي السلام في الغَلسِ
كأنما البدر حين قابلها ال / سعد تجلّى في حالك الغبس
أنّى تَجَشَّمتِ نحو أرحلنا ال / هول ولم ترهبي أذى العسس
قالت ترامى بنا إليك من ال / شَوق مُغصٌّ بالبارد السلس
كم زفرةٍ لي تبيت تُنهض أح / شائي ودمعٍ عليك منبجِس
وأنت لاهٍ بغيرنا ولنا / منك هوى ممسِكٌ على النفَس
عجبْتُ من ذِلتي ومن قلبك ال / قاسي علينا وخُلْقِكَ الشَّكِس
لا تأمننَّ الهوى وسطوتَه / واخْشى رَداه ومنه فاحْترس
واجز مُحبِّيك بالوصال ولا / تَطْغَ وفيهم للأجرِ فالتمس
فقلت إني عليك مُنعطفٌ / وعنكِ ما عشتُ غيرُ محتبس
لا تنكريني فإنني رجلٌ / شَيَّد مجدي ربيعةُ الفرَس
أخرسُ عن غِيبة الصديق وعن / طِيب نَثاه فلستُ بالخَرس
مُقتبس للثناء والحمد بال / بذل وللذم غيرُ مقتبس
يأمن غدْري أخو الصفا ولا / أعرف إلا الوفاءَ من أُنُس
فلم نزل من نعيم ليلتنا / باللهو في مثل ليلة العُرس
ثم تغنَّتْ صوتاً شربت له / على اقتراحٍ رِطلين في نفَس
قد كنتُ في منظرٍ ومستمعٍ / عن غزو بهراءَ غيرَ ذي فرس
طيلسانٌ سامريٌّ
طيلسانٌ سامريٌّ / يتداعَىَ لا مِساسا
قد طَوى قَرناً فقرناً / وأناساً فأناسا
لَبِس الأيامَ حتى / لم يدع فيها لِباسا
غاب تحت الحسِّ حتى / ما يُرى إلا قِياسا
يدعو الحمامُ بها الهديلَ تأسِّياً
يدعو الحمامُ بها الهديلَ تأسِّياً / وتبارياً فوق الغصونِ المُيَّسِ
فَمُفَجَّعٌ خلجَ الفراقُ قرينَه / وممتَّعٌ بقرينه لم يَبْأس
متهزِّجٌ بَهجاً بألفةِ شَملِه / هَزَجاً يخفُّ له الوقورُ المجلِس
وشجٍ أماويتُ الشجى في صوته / لأياً تنالُ مسامعَ المتوجِّس
فكأن لذة صوته ودَبِيبَها / سِنةٌ تمشَّى في مفاصل نُعَّس
بان الشبابُ وأيُ جار مَضِنَّةٍ / ودَّعت منه وأيُّ عِلقٍ مُنفِسِ
للَّه درُّ العيش إذ أوطارُهُ / طُرَفٌ وإذ لذَّاته لم تُعْنس
عُذراتُهُ مَختومةٌ وثمارُهُ / مكهُومَةٌ وجديدُه لم يُلْبس
وتصيبُ بَعضَهمُ المصيبةُ مرَّةً / فتنوب نوبتُها أخاه فَيَأتسي
حتى كأن كلومهم مأسُوَّةً / بكلوم إخوتهم تَعادي أنفس
فَبِع الأنيس من الأنيس فبيعُهم / وأبيك أكيسُ للأريب الأكيس
هل ما ترى من منظر أو مَسمعٍ / أو مطعمٍ أو منكحٍ أو مَلْبس
إلّا وهم شركاءُ في مُتعاته / فمَن السليمُ من الشريك الأشْكَس
لا بد للشركاء أن يتشاكسوا / في هذه الخمس التي لم تُسْدَس
فَتَوقَّل النجواتِ من لمم الأذى / واحللْ لكل مَحلَّةٍ لم تُؤنس
إن الحياة نفيسةٌ مَوقوتةٌ / فانفَس بها عما يُريبُك وانفس
لو أن هذا الموتَ لم يَعْمُمْهُمُ / لَتَغاير الموتى سَجيسَ الأوجَس
فَلْينجُ من طَلبَ السلامة منهُمُ / وحبالُهُ بحبالهم لم تُمرس
يسطو بسيف في المخاطبِ ناطقٍ / شَفعٍ بآخر في الضرائب أخرس
هذا يُصمِّم في الفُصوص وذاكُمُ / في أيِّما فصٍّ أصاب وأبؤس
ماضي القضاء يكاد يسبق عَضُّهُ / ظهرَ القَطاة صَليله في القَونَس
أرواحُها الأرواحُ تَمَعج بينها / فترى بها منفُوسةً لم تُنفَس
فإذا أعارتْها الصَبا حركاتِها / أنستْ كأنس الناطق المتنفس
ولقد أديرُ عيونهن كأنني / شمسٌ تدير ضُحىً عيون النرجس
إحدى محابسكَ القديمةِ فاحبسِ / واسأل معاهدها وإن لم تنبس
دلَّت معالمُها على أغفالها / فعرفتُ دارسَها بما لم يدرس
حتى إذا حسرتْ ظلالُ عمايتي / أعرضتُ عنه بصفحةِ المستيئس
لَضَلَلتُ إن أمَّلتُ مرجع ما مضى / أو منطق الربع الأصم الأخرس
إذا شئتُ حيِّتني رياحينُ جنّةٍ
إذا شئتُ حيِّتني رياحينُ جنّةٍ / على سُوقها في كل حينٍ تَنفَّسُ
وإن شئتُ ألْهاني سماعٌ بمثله / حمامٌ تغنَّى في غصونٍ تُوَسوسُ
تُلاعبها أيدي الرياح إذا جرتْ / فَتَسمو وتَحنو تارةً فتنكَّس
إذا ما أعارتها الصَبا حركاتِها / أفادت بها أنسَ الحياة فتؤنس
تَوامَضُ فيها كلَّما تَلع الضحى / كواكبُ يذكو نورُها حين تُشمس
كريمٌ أتاه أنني قلتُ مُنكراً
كريمٌ أتاه أنني قلتُ مُنكراً / فظن ولم يوقن وما حك بالنفسِ
فعاقبني والحلمُ بيني وبينهُ / عقاباً بلا ضرب أليمٍ ولا حَبس
ولكن بشمِّ المسك والبان ذُوِّفا / فلا يكن الحساد من ذاك في لَبِس
ولا يأملوا إظلام جانب مثلِهِ / عليَّ فلا إظلام في جانب الشمس
أرقْتُ كأنِّي النجمُ يجري ويكنسُ
أرقْتُ كأنِّي النجمُ يجري ويكنسُ / مدى ليلتي أنْضُو دُجَاها وألبسُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025