المجموع : 110
أَصبَحتُ في عُرى وَفي عُسرٍ
أَصبَحتُ في عُرى وَفي عُسرٍ / أَلبَسُ كَفَّيَّ مِنَ القُرِّ
قَد مَسَّني الضُرُّ وَها أَنتَ قَد / صِرتَ عَزيزَ المُلكِ في مِصرِ
أَوَجهَ العُلا أَسفِرْ فَقَد أَقبَلَ البَدرُ
أَوَجهَ العُلا أَسفِرْ فَقَد أَقبَلَ البَدرُ / وَكَفَّ النَدى أَمطِر فَقَد بَخِلَ القَطرُ
وَيا دَهرَنا أَحسِن فَإِنَّكَ مُحسِنٌ / وَمَن سادَ أَهلَ الدَهرِ كانَ هُوَ الدَهرُ
وَيا مَن سَقى بِالخَمرِ مِن طيبِ ذِكرِهِ / أَلا فَاِسقِني خَمراً وَقُل لي هِيَ الخَمرُ
عَدَدنا بِحارَ الماءِ سَبعَةَ أَبحُرٍ / وَلَكِن بِحارُ الجودِ أَنمُلُكَ العَشرُ
أَمِنتُ بِحَمدِ اللَهِ مِمّا أُحاذِرُ
أَمِنتُ بِحَمدِ اللَهِ مِمّا أُحاذِرُ / وَأَمسى لي التَوفيقُ مِمّا يُحاصِرُ
وَأَيُّ مَساءٍ ها هُنا قَد رَأَيتُهُ / فَها أَنا فيهِ إِذ دَجا اللَيلُ باكِرُ
سَأَذكُرُ ما أَولَيتَ وَالذِكرُ شُكرُهُ / وَضامِنَتي فيهِ اللَيالي الغَوابِرُ
وَحَسبُكَ أَنّي بَعدَ عُقلَةِ مِقوَلي / وَبَعدَ بِلاهُ شاكِرٌ لَكَ ذاكِرُ
فَإِنَّ الَّذي تُبقي المحابِرُ لَيسَ مِن / قَبيلِ الَّذي تَعدو عَلَيهِ المَقابِرُ
أَخَذتُ الَّذي أَولَيتَني وَشَكَرتُهُ / وَما لَكَ مِثلي آخِذٌ مِنكَ شاكِرُ
وَقَد بَقِيَت عِندَ الأَمانِيِّ فَضلَةٌ / وَأَنتَ عَلى ما يُعجِزُ الناسَ قادِرُ
فَلا تَرَكنن مِنّي إِلى صَبرِ مُقتَضٍ / فَقَد كادَني مَن قالَ إِنّيَ صابِرُ
إِذا ما مَشى ماشٍ إِلَيكَ بِحاجَةٍ / فَدَع قَولَهُم يَمشي وَقُل هُوَ طائِرُ
أَسَرَّكَ أَن قالوا مَشى في طَريقِهِ / إِلَيكَ المُرَجّي وَاِحتَوَتهُ المَعاثِرُ
أَتَتكَ بِيَ الدُنيا لِتَغفِرَ ذَنبَها / إِلَيَّ فَبَشِّرها بِأَنَّكَ غافِرُ
فَلا يَشغَلَنَّ المَجدُ بِالحَمدِ قَلبَهُ / فَإِنَّ الَّذي يَبغيهِ عِندِيَ حاضِرُ
أَتى تاجِراً لِلحَمدِ سوقُكَ بابُهُ / وَغُرُّ القَوافي في الكِرامِ مَتاجِرُ
وَأَخسَرُ خَلقِ اللَهِ في الصِدقِ صَفحَةً / عَدُوٌّ يَرى أَنّي بِبابِكَ خاسِرُ
حَلَفتُ لَهُم يا بَحرُ أَنَّكَ راجِعي / وَفي فِيَّ وَالكَفَّينِ مِنكَ الجَواهِرُ
لَقَد أَسِفَ الأَعداءُ أَنّي إِلَيكُمُ / حَجَجتُ فَلا سُرّوا بِأَنِّيَ نافِرُ
أَحاديثُ أَذكى الحَقُّ جَذوَةَ نارِها / وَكُلُّ حَديثٍ يَفتَريهِ فَفاتِرُ
إِذا نَحنُ فَضَّلنا عَلى كُبَرائِهِم / فَهَل فيهِمُ مُستَكبِرٌ أَو مُكابِرُ
وَشَرَّفَني دونَ السَريرِ بِوَقفَةٍ / بِها اِستُخلِصَت في الوُدِّ مِنّي السَرائرُ
وَأَدخُلُ مَأَموراً وَأَخرُجُ آمِراً / كَذَلِكَ مَأَمورُ السَلاطينِ آمِرُ
تَلَفَّتُّ فيها لَم أَجِد لَكَ كاثِراً / وَمَن ذا الَّذي فَوقَ السَماءِ يُكاثِرُ
وَصِرتُ بِكَهفٍ تُحجَبُ الشَمسُ دونَهُ / فَللشَمسِ تَحتي مَنكِبٌ مُتَزاوِرُ
لَكُم في زَبورِ اللَهِ يا مُبلِغي الذِكرِ
لَكُم في زَبورِ اللَهِ يا مُبلِغي الذِكرِ / وِراثَةُ هَذي الأَرضِ وَالخَلقِ وَالأَمرِ
فَلا تَحسَبوا مِصراً تُخَصُّ بِمُلكِكُم / فَلا مِصرَ إِلّا سَوفَ يَلجا إِلى مِصرِ
وَإِنَّ ثُغوراً في يَدَي غَيرِ عامِلٍ / لِمِصرِكَ أَمسَت غَيرَ باسِمَةِ الثَغرِ
هَل الحُبُّ إِلّا أَن وَقَفتُ بِدارِ
هَل الحُبُّ إِلّا أَن وَقَفتُ بِدارِ / وَرَدتُ إِلَيها فَاِستُخِفَّ وَقاري
وَلَيسَ لِذِكرِ جَرَّ دَمعاً جِنايَةٌ / وَهَل غَيرُ ماءٍ كَفَّ جُرأَةَ نارِ
غُصونُ النَقا أَنكَرتُها وَعَرَفتُها / بِقَلبِ مُقِرٍّ أَو بِعَينِ مُمارِ
إِذا هِيَ هَمَّت بِاِعتِناقي رَدَدتُها / وَقُلتُ لَها ما جِئتِني بِثِمارِ
وَأَنتُم زَماني ما عَرَفتُ سِواكُمُ / رِضاكُم وَسُخطٌ لَيلتي وَنَهاري
وَأَنفاسُكُم لَيلُ الوِصالِ وَصَدُّكُم / لَهُ أَثَرٌ ما سَرَّكُم بِعِذاري
فَإِن عاقَبوني في الهَوى بِذُنوبِهِم / فَمِنهُم إِلَيهِم أَن فَرَرتُ فِراري
مَنابِرَ لِلإِسلامَ قامَت سُيوفُكُم / يَقومُ لَها في الدَهرِ أَيُّ مَنارِ
تَمُرُّ بِها أَسماءُ قَومٍ عَوارِياً / وَأَسماؤُكُم يَخلُدنَ غَيرَ عَوارِ
فَلا بَرِحَت سُحبُ المَنابِرِ مِنكُمُ / مُرَصَّعَةً مِن آلِكُم بِدَراري
أَهَذِهِ سِيَرٌ في المَجدِ أَم سُوَرُ
أَهَذِهِ سِيَرٌ في المَجدِ أَم سُوَرُ / وَهَذِهِ أَنجُمٌ في السَعدِ أَم غُرَرُ
وَأَنمُلٌ أَم بِحارٌ وَالسُيوفُ لَها / مَوجٌ وَإِفرِندُها في لِجِّها دُرَرُ
وَأَنتَ في الأَرضِ أَم فَوقَ السَماءِ فَفي / يَمينِكَ البَحرُ أَم في وَجهِكَ القَمَرُ
يُقَبِّلُ البَدرُ تُرباً أَنتَ واطِئُهُ / فَلِلتُرابِ عَلَيهِ ذَلِكَ الأَثَرُ
نَأى بِهِ المُلكُ حَتّى قيلَ ذا مَلَكٌ / دَنا بِهِ الجودُ حَتّى قيلَ ذا بَشَرُ
في كُلِّ يَومٍ لَنا مِن مَجدِهِ عَجَبٌ / وَكُلِّ لَيلٍ لَنا مِن ذِكرِهِ سَمَرُ
نَظَرتُ في نَجمِهِ فَالسَعدُ طالِعُهُ / لا يَنقَضي وَعَلى أَموالِهِ سَفَرُ
أَبا الفَوارِسِ وَالآباءُ مُشفِقَةٌ / وَهُم بَنوك وَما تُبقي وَلا تَذَرُ
تَلقى عَروسَ المَنايا وَهيَ حاسِرَةٌ / وَخدُّها فيهِ مِن فَيضِ الدِما خَفَرُ
وَالضَربُ بِالبيضِ مِن آثارِهِ عُكَنٌ / وَالطَعنُ بِالسمُرِ مِن آثارِهِ سُرَرُ
وَرُبَّ لَيلَةِ خَطبٍ قَد سَرَيتَ بِها / وَما سَرى كَوكَبٌ فيها وَلا قَمَرُ
سُمتَ العَويصَ بِعَزمٍ ما لَهُ ضَجَرٌ / أَو البَعيدَ بِباعٍ ما بِهِ قِصَرُ
وَأَنتَ في جَيشِ رَأي لا غُبارَ لَهُ / تَرمي العُداةَ بِقَوسٍ ما لَها وَتَرُ
هِيَ الحُروبُ الَّتي لا السَيفُ مُنثَلِمٌ / فيها وَلا الذابِلُ الخَطِيُّ مُنأَطِرُ
سِرنا وَسارَ شُجاعٌ وَهوَ يَقدُمُنا / وَعَزمُنا آمِرٌ وَالدَهرُ مُؤتَمِرُ
وَكانَ ذِكرُ اِسمِهِ فيهِ الحَياةُ لَنا / وَالذُخرُ إِنَّ الشُجاعَ الحَيَّةَ الذَكَرُ
كانَ الحُسامُ يَمانِيَّ الهَوى مَعَنا / فَما أَضَرَّ بِنا أَن أَصفَقَت مُضَرُ
وَبِتَّ وَالمَوتُ طَيفٌ قَد أَلَمَّ بِنا / فَما ثَنى الطَيفَ إِلّا ذَلِكَ السَهَرُ
سَقى بِكَ اللَهُ دُنيانا فَأَخصَبَها / وَالعَدلُ يَفعَلُ مالا يَفعَلُ المَطَرُ
لَمّا اِستَقَلَّت سُتورُ المُلكِ لاحَ لَنا / مُلكٌ بِهِ الجودُ عَينٌ وَالثَنا أَثَرُ
في كَعبَةٍ لِلنَدى لَو حَلَّها مَلِكٌ / تَهَيَّبَ النُطقَ حَتّى قيلَ ذا حَجَرُ
وَسائِلٍ لِيَ ما العَلياءُ قُلتُ لَهُ / في فِعلِهِ الخُبرُ أَو في قَولِهِ الخَبَرُ
ما أَنصَفَت مَجدَهُ نُظّامُ سيرَتِهِ / إِنَّ الَّذي سَتَروا فَوقَ الَّذي سَطَروا
نالَ السَماءَ بِأَطرافِ القَنا فَبَدَت / مِنَ النُصولِ عَلَيها أَنجُمٌ زُهُرُ
لا يُحدِثُ النَصرُ في أَعطافِهِم مَرَحاً / حَتّى كَأَنَّهُمُ بِالنَصرِ ما شَعَروا
أَجرَو دِماءَ العِدا بَينَ الرِماحِ فَما / يُقالُ عِندَهُمُ ماءٌ وَلا شَجَرُ
تَرى غَرائِبَ مِن أَفعالِ مَجدِهِمُ / يَرُدُّها الفِكرُ لَو لَم يَشهَدِ النَظَرُ
خَلائِقٌ في سَمَواتِ العُلا زُهُرٌ / مِنها تُنيرُ وَفي رَوضِ الثَنا زَهَرُ
الناسُ أَضيافُكُم وَالأَرضُ دارُكُمُ / فَهوَ المُقامُ فَلِم قالوا هُوَ السَفَرُ
ما أَنصَفَ الشُكرُ لَولا أَن تُسامِحَنا / فَأَنتَ تطنبُ جوداً وَهوَ يَختَصِرُ
كانَ الفَرَنجُ لَهُم نونٌ وَقَد حُذِفَت
كانَ الفَرَنجُ لَهُم نونٌ وَقَد حُذِفَت / وَجاءَنا فَرَجٌ ما كانَ يُذدَكَرُ
يا حُسنَ ما اِختُصِرَت قاماتُ قَومِهِم / كَذاكَ سَيفُكَ لِلقاماتِ يَختَصِرُ
أَمّا سُيوفُكَ لِلمَعنى فَتَفهَمُهُ / وَما عَلَيكَ إِذا لَم تَفهَمِ البَقَرُ
أَصلابُ أَظهُرِهِم تَحكي صَليبَهُمُ / كَلاهُما بِاللِقا وَالرُعبِ مُنكَسِرُ
سَعادَةٌ قابَلَت وَالرُمحُ مُضطَجِعٌ / وَعَزمُةٌ بَرَزَت وَالسَيفُ مُدَّثِرُ
وَلَيلَةٍ لَو سِوَاهُ كانَ كاشِفَها / ما ذابَ في دَمعِها نَجمٌ وَلا قَمَرُ
يا مَن إِذا وَلِيَ البِلادَ فَإِنَّما
يا مَن إِذا وَلِيَ البِلادَ فَإِنَّما / مَنشورُهُ ذاكَ اللِوا مَنشورا
لا يُلقَ إِلّا بِالسَلاسِلِ وَالظُبا / مَن كَيفَما لاقاكَ كانَ أَسيرا
أَلبَستَها وَقتَ الظَهيرَةِ مُظلِماً / وَمَلَأتَها وَقتَ الدُجُنَّةِ نورا
وَسَجَرتَها ناراً فَقَد كانَت لِطو / فانِ العُداةِ لِحَينِهِم تَنّورا
لِجِراحِهِم تَغدو الرِماحُ مَسابِراً / وَالطَعنُ كَيّاً وَالعَجاجُ ذُرورا
لِعَينَيهِ عَلى العُشّاقِ إِمرَهْ
لِعَينَيهِ عَلى العُشّاقِ إِمرَهْ / وَلَيسَ لَهُم إِذا ما جارَ نُصرَهْ
فَأَمّا الهَجرُ مِنهُ فَهوَ إِلفٌ / وأَمّا الوَصلُ مِنهُ فَهوَ نَدرَهْ
إِذا ما سَرَّهُ قَتلي فَأَهلاً / بِما قَد ساءَني إِن كانَ سَرَّهْ
تَلِفتُ بِشَعرِهِ وَسَمِعتُ غَيري / يَقولُ سَلِمتُ مِن تَلَفي بِشَعرَه
لَقَد خَدَعَتكَ أَلحاظٌ مِراضٌ / وَتَمَّمَ بِالفُتورِ عَلَيكَ سِحرَه
فَيا حَذِرَ البَصيرَةِ كَيفَ حَتّى / وَقَعتَ كَما رَأَيتُ وُقوعَ غِرَّه
فَإِنَّ الحَربَ تَزرَعُها بِلَفظٍ / وَإِنَّ الحُبَّ تَجنيهِ بِنَظرَه
وَبَعدُ فَإِنَّ قَلبي في يَدَيهِ / فَإِن هُوَ ضاعَ مِنهُ أَذاعَ سِرَّه
وَأَعظَمُ حَسرَةٍ أَنّي بِدائي / أَموتُ وَفي فُؤادي مِنهُ حَسرَه
لَقَد جَمَعَ الإِلَهُ لِناظِرَيهِ / بِنَضرَةِ خَدِّهِ ماءً وَخُضرَه
وَحُمرَتُهُ بِماءِ العَينِ تُذكَى / وَما جَفَّت بِها لِلشِعرِ زَهرَه
وَعِندي أَنَّهُ لَبَنٌ وَخَمرٌ / وَقالَ حَسودُهُ ماءٌ وَجَمرَه
وَإِبريقُ المُدامِ بِريقٍ فيهِ / وَلَم أَشرَب فَكَيفَ وَجَدتُ سُكرَه
حَكى الإِبريقَ في عُنُقٍ وَريقٍ / وَقَد حَلّى الحَبابُ الدُرُّ ثَغرَه
يُرَوِّعُ قُرطَهُ مِن بُعدِ مَهوىً / فَإِن يُرعَدْ فَقَد أَبدَيتُ عُذرَه
وَلَولا جودُهُ ما كانَ ظُلماً / يُغَلِّظُ رِدفَهُ وَيُرِقُّ خَصرَه
وَلَولا بُخلُهُ ما كانَ نَظمي / لَهُ شَفَتانِ تَستَلِمانِ ثَغرَه
وَأَعجَبُ مِن ذُبولِهِما ظَماءً / وَقَد مَنَعا الوَرى مِن وِردِ خَمرَه
بِحُمرَةِ خَدِّهِ لِلشَعرِ خُضرَه / وَقَد زانَ البَياضَ سَوادُ طُرَّه
فَيا شَمساً تَبَدَّت لي عِشاءً / وَيا قَمَراً وَلَيسَ يغيبُ بُكرَه
قَد اِستَخدَمتَ في الأَفكارِ سِرّي / وَما أَطلَقَت لي بِالوَصلِ أُجرَه
وَقَد ضَمِنَ اِغتِرامي عَنكَ صَبري / وَكَم مِن ضامِنٍ يُبلى بِكَسرَه
وَلَم أَرَهُ عَلى الأَيّامِ إِلّا / عَقَدتُ مَحَبَّةً وَحَلَلتُ صُرَّه
وَلا عاتَبتُهُ إِلّا ثَناهُ / عَلَيَّ الغَيظُ وَهوَ عَليَّ شَفرَه
وَلا اِستَمطَرتُ سُحبَ العَينِ إِلّا / بَقيتُ بِأَدمُعي في الشَمسِ عُصرَه
بَكَيتُ عَلَيكَ يا مَولايَ حَتّى / صُرِعتُ وَلَيسَ في عَينَيَّ قَطرَه
وَكَم زَمَنٍ نُواصِلُهُ وَكُنّا / نَقولُ لِذاكَ كَيفَ قَطَعتَ عِشرَه
صَبَبتُ عَلَيهِ لَمّا زادَ دَمعي / فَأَنكَرَهُ فَقُلتُ الماءُ نَثرَه
وَخَوَّفَني مِنَ الأَوزارِ فيهِ / وَمَن لِمُحِبِّهِ لَو نالَ وِزرَه
وَحَلَّمَني هَواهُ فَصِرتُ فيهِ / أُسامِحُ كُلَّ مَن لَحِقَتهُ ضَجرَه
بَدا بَدَراً جَلاهُ لَيلُ شَعرٍ / وَقَد أَهدى لَهُ الشَفَقَ المَزَرَّه
وَجُملَةُ ما أُريدُ بِأَن يَراني / مَكانَ الخَيطِ مِنهُ وَهوَ إِبرَه
وَقُلتُ لَهُ لَقَد أَحرَقتَ جَسمي / وَأَنتَ بهِ فَكَيفَ سَكَنتَ سِرَّه
فَلَو قَبَّلتَني وَقَبِلتَ مِنّي / فَقالَ أَخافُ بَعدَ الحَجِّ عُمرَه
تَمَيدَنَ خَدُّهُ لِخُيولِ لَثمي / وَصَولَجَ صُدغَهُ وَالخالُ أُكرَه
إِذا عايَنتُهُ وَبَدا رَقيبي / فَيا لَكَ حُمرَةً نُسِخَت بِصُفرَه
أَراني كُنتُ في وَطَنِ التَصابي / وَأَشعارُ المَشيبِ دَليلُ سَفرَه
وَما أَخصَبتَ يا نَورَ الأَقاحي / وَإِن أَجدَبتَني إِلَا لِمَطرَه
وَيَنهَرُني نَهارُ الشَيبِ زَجراً / وَلَيلُ شَبيبَتي قَد كانَ سُترَه
وَإِن رابَتكَ أَقوالي فَإِنّي / حَمَلتُ وَقارَهُ وَحَمَلتُ وِقرَه
وَلَيسَ يُجَوِّزُ الأَيّامَ إِلّا ال / تَخَيُّرُ وَالتَخيُّلُ لِلمَسَرَّه
وَخِلٌّ لا يُخِلُّ بِشَرطِ وُدٍّ / وَلا يُبدي لَعَينِكَ وَجهَ عِذرَه
وَبَعضُ الحِلمِ في الأَوقاتِ جَهلٌ / وَيُعجِبُني الحَليمُ وَلَو بِمَرَّه
وَكَم قَد سَرَّ في سَمعي مَلامٌ / أَخَذتُ لُبابَهُ وَتَرَكتُ قِشرَه
وَما في الأَرضِ أَشعُرُ مِن أَديبٍ / يَقولُ الشِعرَ في البُخَلاءِ سُخرَه
يَروقُنيَ الكَريمُ وَلَو بِفلسٍ / وَلا أَهوى البَخيلَ وَلَو بِبَدرَه
وَكُلُّ مَذاقَةٍ تَحلو وَتُحلي / سِوى طَعمِ السُؤالِ فَما أَمَرَّه
مَرَرتُ عَلى حُطامٍ مِن حُطامٍ / وَيَملِكُني الصَديقُ بِحُسنِ عِشرَه
وَأَمّا سوءُ حَظّي مِن صَديقي / فَذاكَ مِنَ الرُسومِ المُستَقِرَّه
وَخِلٍّ كانَ مودِعَ كُلِّ سِرٍّ / فَكُنتُ أَصونُهُ وَأَصونُ سِرَّه
حَفِظتُ عُهودَهُ وَأَضاعَ عَهدي / وَلَم يَكُ لي بِطُرْقِ الغَدرِ خِبرَه
وَكَم آمَنتُهُ خَدعي وَمَكري / وَلَم آمَن خَديعَتَهُ وَمَكرَه
بَذَلتُ لَهُ عَلى العِلّاتِ خَيري / وَلَكِن ما كَفاني اللَهُ شَرَّه
وَما أَدخَلتُ نارَ الهَجرِ قَلباً / بَقي مِن حُبِّهِ مِثقالُ ذَرَّه
سَتُرجِعُهُ لِيَ الأَيّامُ طَوعاً / وَتَعطِفُهُ التَجارِبُ وَهوَ مُكَره
لِيَ الثِقَةُ الَّتي مَلَأَت يَميني / مِنَ الثِقَةِ الَّذي أَملَيتُ شُكرَه
أُذِمُّ الدَهرَ مِن ذَمّي بِمَدحي / وَذَمَّ خَليلَهُ مَن ذَمَّ دَهرَه
رَبِيُّ رِياسَةٍ وَأَبِيُّ نَفسٍ / وَرَأسُ سِيادَةٍ وَأَمينَ حَضرَه
مِنَ القَومِ الَّذينَ لَهُم حَديثٌ / إِذا نُشِرَ اِستَطابَ المِسكُ نَشرَه
وُجوهُ رِياسَةٍ لَهُمُ وُجوهٌ / وَسِرُّ الجودِ في تِلكَ الأَسِرَّه
تَفانَوا في سَبيلِ المَجدِ لَكِن / لَهُم ذِكرٌ أَطالَ اللَهُ عُمرَه
لَقَد أَحبَبتُهُ سَلَفاً رَميماً / فَعادَ لِإِثرِهِ في المَجدِ أَثرَه
وَما أَخشى عَلَيكَ عِثارَ سَبقِ / أَيَخشى نَيِّرُ الآفاقِ عَثرَه
وَعَثرُ السَمحِ لَمحٌ فَاِرتَقِبها / حُظوظاً أَبطَأَت لِتَجي بِكَثرَه
وَقَد تَتَضاعَفُ الأَنواءُ جِدّاً / إِذا الأَقمارُ كانَت مُستَسِرَّه
وَلِلأَيّامِ في الحُكمِ اِختِلافٌ / وَهَمُّ عَشِيَّةِ يُمحى بِبُكرَه
فَيا مَن سَرَّهُ مِنّي قُصوري / إِذا المَسبوقُ يوضِحُ مِنكَ عُذرَه
حَسِبتُ كِتابَهُ خَدّاً صِقيلاً / ذَكَرتُ عِذارَهُ فَلَثَمتُ سَطرَه
وَشِعرٍ ما حَسِبتُ أَخَفَّ روحاً / وَأَثقَبَ زُهرَةً وَأَغَضَّ زَهرَه
جَلاهُ عَلَيَّ في أَثوابِ لَيلي / فَأَبصَرَ مِنهُ لَيلُ الهَمِّ فَجرَه
وَفَجَّرَتِ البَلاغَةُ مِنهُ بَحراً / أَرَدتُ عُبورَهُ فَخَشيتُ عَبرَه
إِذا غَرِقَ اِمرُؤُ في سيفِ بَحرٍ / فَلا تَذكُر عَلى شَفَتَيكَ قَعرَه
أَلَذُّ مِنَ الرِضا مِن بَعدِ سُخطٍ / وَأَعذَبُ مِن وِصالٍ بَعدَ هَجرَه
قَليلُ اللَفظِ لَكِن في المَعاني / إِذا حَصَّلتَها بِالنَقدِ كَثرَه
وَيُؤنِسُ ثُمَّ يُؤيِسُ مِثلَ بَحرٍ / تَراهُ فَيَستَهينُ الغَمرُ غَمرَه
وَفي شِعرِ الوَرى غُرٌّ وَدُهمٌ / وَهَذا كُلُّ بَيتٍ مِنهُ غُرَّه
قَوافٍ شارِداتٌ طالِعاتٌ / لِإِمرَةِ قادِرٍ لَم تَعصِ أَمرَه
وَجِئتَ بِها عَلى قَدرٍ فَجاءَت / تُرينا مِنكَ في التَقديرِ قُدرَه
وَلَيسَ كَمَن يُغيرُ عَلى المَعاني / فَإِن ظَهَرَ اِدَّعى بِالنَقدِ غِرَّه
رَقيقُ الطَبعِ مُرهَفُهُ فَأَمّا / خَواطِرُهُ فَمِثلُ السَيفِ خَطرَه
وَقَد عَرَفَ الأُمورِ وَعَرَّفَتهُ / فَصارَ لَهُ بعُقبَى الأَمرِ خِبرَه
وَما يُخفي غِناهُ عَن صَديقٍ / وَلَكِن ما أَراهُ أَراهُ فَقرَه
جَزاكَ اللَهُ خَيراً عَن صَديقٍ / بِتَخفيفِ الأَسى أَثقَلتَ ظَهرَه
عَرائِسُ يَجتَليها وَجهُ نَقدي / فَتَنقُدُ مِن صَفاءِ الوُدِّ مَهرَه
لَئِن سَهُلَت لَقَد صَعُبَت وَأَضحَت / كَرَوضٍ دونَهُ الطُرُقاتُ وَعرَه
فَلا تَعتَدَّ كُلَّ النَظمِ شِعراً / فَتَحسَبَ كُلَّ سَودا مِنهُ تَمرَه
تَعِلَّةُ حاضِرٍ وَنَشيدُ سَفرٍ / وَمَرشَفُ ناهِلٍ وَأَنيسُ قَفرَه
تُخَفِّضُ فَترَةَ الأَفكارِ عَنّي / وَكَم دَبَّت لَها بِالسُكرِ فَترَه
فَخُذها بِنتَ لَيلَتِها اِرتِجالاً / وَلَكِن أَصبَحَت شَمطاءَ سُحرَه
لَئِن طالَت لَقَد طابَت وَراقَت / عَلى نَظَرِ الخواطِرِ حُسنَ نَظرَه
وَسارَت أَو غَدَت لِلنَجمِ نَجماً / فَطَيَّرَها وَأَوقَعَ ثَمَّ نَسرَه
تُعَرِّفُني إِلَيهِ وَلا أَراهُ / وَتَعقِدُ لي مِنَ الفُضَلاءِ أُسرَه
عَقائِلُ سَنَّ شَرعُ الشِعرِ أَنّي / أبٌ مَن شاءَ كُنتُ بِهِنَّ صِهرَه
مَلَكتُ قِيادَها بِيَمينِ فِكري / وَقَد عُتِقَت لِوَجهِ المَجدِ حُرَّه
أَطالَ اللَهُ عُمرَكَ في سُعودٍ / تَجُرُّ ذُيولَها فَوقَ المَجَرَّه
سَأَسكُتُ عَن شُكري نَداهُ لِعِلَّةٍ
سَأَسكُتُ عَن شُكري نَداهُ لِعِلَّةٍ / يَقومُ لَها ذَنبي بِأَحسَنِ عُذرِه
إِذا أَنا بَعدَ الجُهدِ قَصَّرتُ شاكِراً / فَقَد صارَ لِلتَقصيرِ ذَنبي كَشُكرِه
بِرَأيِكُمُ أَمسى الزَمانُ مُدارا
بِرَأيِكُمُ أَمسى الزَمانُ مُدارا / وَكانَ مَخوفاً قَبلَكُم وَمُدارى
وَرُبَّ طَليقٍ قَد أَسَرتُم بِكَفِّكُم / كَذا طُلَقاءُ المَكرُماتِ أَسارى
سَأُنصِفُ أَصنافَ القَوافي بِمَدحِهِ / فَإِنَّ القَوافي في عُلاهُ غَيارى
فَإِن أَبصَروا في الطِرسِ أَثْرَ مِدادِهِ / فَذَلِكَ سَبقٌ قَد أَثارَ غُبارا
تَفيضُ لَنا كَفّاً وَلِلَهِ مُقلَةً / فَتَجتَمِعُ الأَنواءُ مِنكَ غِزارا
وَتَقدَحُ نارَ الحَربِ مِن أَزنُدِ الظُبا / فَتُرسِلُ مِن فَيضِ الدِماءِ شَرارا
كِلانا جَنى هَذا الهَوى وَاِصطَلَيتُهُ
كِلانا جَنى هَذا الهَوى وَاِصطَلَيتُهُ / فَناظِرُهُ أَصلُ الغَرامِ وَناظِري
أُراقِبُ وَجهَ الأُفقِ حَتّى كَأَنَّما / أُحاوِلُكُم بَينَ النُجومِ الزَواهِرِ
أَمَنّا عَلى المُلكِ اللَيالِيَ بَعدَما / أُمِدَّ بِسَعدِ الناصِرِ المُتَناصِرِ
إِمامٌ أَقَرّوا جَوهَرَ المُلكِ عِندَهُ / وَلا عَجَبٌ لِلبَحرِ صَونُ الجَواهِرِ
دِيارُ العِدى مِن نَقعِهِ وَدِمائِهِم / كَرَبعِ الهَوى ما بَينَ سافٍ وَماطِرِ
يُلاقيهِمُ بِالسَيفِ وَالطَيرِ طاعِماً / فَهُم مِنهُما بَينَ الرَدى وَالمَقابِرِ
وَلَمّا اِنثَنَت مِنّا عَلَيهِ خَناصِرٌ / جَعَلنا حُلى تَختيمِنا لِلخَناصِرِ
لَأَفنَت ظُباكُم في الوَغى وَصِفاتُها / دِماءَ الأَعادي أَو دِماءَ المَحابِرِ
فَيا عَجَباً لِلمُلكِ قَرَّ قَرارُهُ / بِمُختَلِفاتٍ مِن قَناكَ الشَواجِرِ
طَواعِنُ أَسرارِ القُلوبِ نَواظِرٌ / كَأَنَّكَ قَد نَصَّلتَها بِنَواظِرِ
تَمُدُّ إِلى الأَعداءِ مِنها مَعاصِماً / فَتَرجِعُ مِن ماءِ الكُلى بِأَساوِرِ
لَها غُرَرٌ يَستَضحِكُ النَصرُ وَجهَها / وَتَفهَمُ مِنها العَينُ مَعنى البَشائِرِ
إِذا ما أَتَت تَختالُ بَينَ سُطورِها / فَهُنِّئتَها عَذراءَ ذاتَ ضَفائِرِ
هِيَ السائِراتُ الخالِداتُ بِمَجدِهِ / وَسائِرُ ما يُؤتى بِهِ غَيرُ سائِرِ
لِيَهنِ الَّذي تَسري إِلَيكَ رِكابُهُ
لِيَهنِ الَّذي تَسري إِلَيكَ رِكابُهُ / يُسايِرُ في الوَجهِ العَبوسِ بِها بِشرُ
فَأَوَّلَ ما يَمشي يُحاضِرُهُ العُلا / وَأَوَّلَ ما يَسري يُطالِعُهُ الفَجرُ
وَأَوَّلَ ما يُمسي يُضيءُ لَهُ الدُجى / وَأَوَّلَ ما يُضحي يُطالِعُهُ الزَهرُ
وَإِن كانَ مِن صَرعى حُروبِ زَمانِهِ / فَقَد جاءَ نَصرُ اللَهِ فَليَهنِهِ النَصرُ
أَيادٍ هِيَ البَحرُ الَّتي لَو وَصَفتُها / بِأَفعالِها يُمناً إِذاً نَفِدَ البَحرُ
وَفي البَحرِ أَصدافٌ وَدُرٌّ مُجَزَّعُ / وَصَيدٌ وَهَذا البَحرُ أَجمَعُهُ دُرُّ
وَذاكَ لَهُ عَبرٌ وَمَقصىً وَغايَةٌ / وَبَحرُكَ في الإِحسانِ لَيسَ لَهُ عَبرُ
تَغَنَّم أَحاديثي عَنِ المَجدِ وَاِقنَها / فَأَنتَ الَّذي تَبقى عَلى الدَهرِ وَالذِكرُ
يَدُ الجودِ عِندي مِن يَدَيكَ عَظيمَةٌ / وَأَعظَمُ مِنها عِندِيَ الحَمدُ وَالشُكرُ
وَمَجلِسُكَ الأَعلى المُطَهَّرُ مَسجِدٌ / فَما قُلتُ خُذها خيفَةً أَنَّها خَمرُ
وَما اِستَغرَبَت عَينايَ قَفراً فَإِنَّني / خَرَجتُ وَبَيني مِثلُهُ صَفصَفٌ قَفرُ
وَلَمّا رَأَيتُ الجَيشَ في عَرَصاتِهِ / وَوَفدَ نَداهُ قُلتُ هَذا هُوَ الحَشرُ
يا شُجاعُ بنَ شاوِرِ بنِ مُجيرِ
يا شُجاعُ بنَ شاوِرِ بنِ مُجيرِ / يا كَبيراً يَنميهِ كُلُّ كَبيرِ
القَديمَينِ في زَمانٍ قَديمٍ / لا الجَديدَينِ في زَمانٍ أَخيرِ
تُشرِقُ الأَرضُ مِن وُجوهِكُمُ الغُر / رِ بِسُرجٍ مِن قَبلِ سُرجِ النورِ
بَشَّرَ اللَهُ آدَماً بِأَبيكُم / فَاِبتَدا البِشرُ وَقتَ ذاكَ البَشيرِ
جاءَ طَبعاً لِلخَيرِ يَغلِبُ ما في / كُلِّ طَبعٍ مِن كامِناتِ الشُرورِ
أَيُّما أَلسُنٍ وَأَيُّ وُجوهٍ / هِيَ أَكفاءُ مِنبَرٍ وَسَريرِ
وَرُبيتُم وَالجودُ مَعكُم تَرَبّى / في جُحورِ السَحابِ لا في الحُجورِ
وَرَبا الجودُ في يَدَيكُم إِلى أَن / فاضَ فيها وَلا تَقُل كَالبُحورِ
تِلكَ مِلحٌ حَقٌّ كَما أَخبَرَ اللَ / هُ أُجاجٌ وَفَضلُكُم كَالنَميرِ
ساعَةً جاءَ مِن أَبيكَ لَهُ اِبنٌ / كانَ مَبدا التَهليلِ وَالتَكبيرِ
يَكمُنُ الماءُ في السَحابِ حَياءً / مِن نَداهُم وَيَختَبي في البيرِ
كُلُّ شَيءٍ مِنّي لَهُ مِنهُ شُغلٌ / فيهِ روحي وَراحَتي وَسُروري
جودُهُ في أَنامِلي وَثَناهُ / في لِساني وَوُدُّهُ في ضَميري
يا مُسيءَ الظُنونِ بِالدَهرِ يَأَتي / نُجحُهُ فيكَ قَبلَ وَعدٍ نَكيرِ
وَأَياديهِ كُلُّها عَزَماتٌ / قاطِعاتٌ عَلائِقَ التَأخيرِ
لِلصُدورِ الصُدورُ في كُلِّ حَفلٍ / فيهِ أَهلُ الصُدورِ غَيرُ صُدورِ
وَكَثيرٌ وَالخَيرُ فيهِم كَثيرٌ / ثُمَّ لا خَيرَ بَعدَهُم في كَثيرِ
يَلبَسونَ الأَعراضَ بيضاً وَمُلساً / فَاِرجِعِ السَمعَ هَل تَرى مِن فُطورِ
أَطيَبُ المَيِّتينَ ريحَ قُبورٍ / وَالثَناءُ المَبثوثُ ريحُ القُبورُ
فَتَراهُم لَوناً وَبَرداً وَطيباً / وَسَلاماً كَالنَفحِ مِن كافورِ
فَلا تُمكِنِ الأَيّامَ مِن أَن تَمَسّني
فَلا تُمكِنِ الأَيّامَ مِن أَن تَمَسّني / فَمَهما تَمَسَّ الحُرَّ تَمسَسهُ بِالضُرِّ
وَأَنتَ بِحَمدِ اللَهِ أَعدَلُ حاكِمٍ / فَلا تَرفَعَنَّ الحَجرَ عَن سَفَهِ الدَهرِ
وَلَم آتِ هَذا البَيتَ مِن غَيرِ بابِهِ
وَلَم آتِ هَذا البَيتَ مِن غَيرِ بابِهِ / وَبابُ أَميرِ القَومِ فَهوَ وَزيرُهُ
وَإِن كانَ مَولانا الأَميرَ وَكُلُّنا / عَبيدٌ لِنُعماهُ فَأَنتَ أَميرُهُ
وَلّى العَدُوُّ وَعُثمانٌ وَراءَهُمُ
وَلّى العَدُوُّ وَعُثمانٌ وَراءَهُمُ / وَالمُسلِمونَ وَهَذا جُملَةُ الخَبَرِ
جاءَ البَشيرُ بِأَخبارٍ مُطَوَّلَةٍ / قالوا اِختَصِرها فَقُلتُ اللُطفُ بِالبَشَرِ
النَصرُ كانَ مُواعِداً لِلناصِرِ
النَصرُ كانَ مُواعِداً لِلناصِرِ / ما كانَ يَحضُرُ وَهوَ لَيسَ بِحاضِرِ
وَالنَصرُ قالَ إِذا أَتاني نَجدَةً / فَبِنَفسِهِ يكفي بِغَيرِ عَساكِرِ
ما لَهُ في زَمانِنا مِن نَظيرِ
ما لَهُ في زَمانِنا مِن نَظيرِ / قَدرُهُ ما جَرى عَلى تَقديرِ
فَاِستَقَرَّت قَواعِدُ الدينِ وَالمُل / كِ بِدارَينِ مِنبَرٍ وَسَريرِ
اِغضُض عِنانَكَ هَذا مُنتَهى السَفَرِ
اِغضُض عِنانَكَ هَذا مُنتَهى السَفَرِ / وَاِمدُد بَنانَكَ هَذا مُجتَنى الثَمَرِ
ها أَنتَ فَوقَ سَماءِ المَكرُماتِ فَزِد / عَفواً بِلا مِنَّةٍ صَفواً بِلا كَدَرِ
وَقَد بَدا لَكَ إِسفارُ القُبولِ عَلى / ثَلاثَةِ الوَجهِ وَالإِصباحِ وَالسَفَرِ
قُم سابِقاً بِثَناءٍ يُستَطابُ لَهُ / ما باتَ مُعتَلِجاً في خاطِرِ السَحَرِ
اغرُب فَمُذ كُنتَ لا تَأتي بِمُغرِبَةٍ / هَل جِئتَهُ عَن سِوى نُعماهُ بِالخَبَرِ
الجودُ أَمدَحُ مِمَّن قامَ يَمدَحُهُ / وَالناسُ ما سَمِعوا إِلّا مِنَ النَظَرِ
وَلا تَقُل عِندَ خَتمِ الشِعرِ تَمدَحُهُ / خُذها وَقُل لا تُؤاخِذها بِذا الحَصَرِ