المجموع : 43
للبرق أسلاك تؤدّي الأخبار
للبرق أسلاك تؤدّي الأخبار / دقيقة مثل دقاق الأوتار
فوق الثرى مدّت وتحت الأبحار / في عمد قد ركزت كالأشجار
ما بين كلٍ عشرات الأمتار / تحسبها في القفر جنّ البقّار
شاخصةً أشباحها للأنظار / ممتدّةً نحو جميع الأقطار
للكهربائية فيها تيّار / تنقل في آن كلمح الأبصار
جوائب الأنباء نحو الأمصار / للّه من سلك دقيق قد صار
في الأرض مجرىً لجليل الأخبار / والكهربائيّة شيء قد حار
في كنهه أهل النهى والأفكار / أسفر منها الوجه بعض الأسفار
ولم يزل محتجباً بالأستار / في طيّها نور مفادٌ من نار
وكم لها بين الورى من آثار / تطوي المسافات بهم في الأسفار
وتنقل الأخبار ذات الأخطار / ثمّ تضيء ليلهم بالأنوار
فتجعل الآصال مثل الأبكار / مشرقةً مبهجة للأنظار
وقد تداوي كل داءٍ ضّرار / فالسقم تشفيه بغير عقّار
والجرح تأسوه بغير مسبار / وهي لعمري ذات لَفحٍ سيّار
لها نفوذ في جميع الأقطار / في الحيوان والثرى والأشجار
وفي رياح الجوّ ذات الأعصار / وفي بحار الأرض ذات التيّار
وقد سرت في كل غيم مدرار / بها تسحّ هاطلات الأمطار
فهي بهذا الكون سرّ الأسرار /
قالوا نخّلد ذكره بحديقة
قالوا نخّلد ذكره بحديقة / غنّاء فيها تنبت الأزهار
ونضيفها في التسميات إلى اسمه / حتى يكون له بها تذكار
هذا لعمر اللّه جهل تضحك ال / عقلاء منه وتهزأ الأحرار
أن الحدائق لا تخّلد بإسمها / من لا تخّلد ذكره الآثار
ما نفع تسمية الأماكن باسم من / خلت الضمائر منه والأفكار
من فاته غرّ المساعي فاته / بعد الممات بغيرها الأنشار
أن المحايي ما لهنّ مآثر / مثل الليالي ما بها أقمار
هل تذكر الأشجار من بعد البلى / إلاّ بما انتضدت بها الأثمار
والذكريات إذا أتت بشهودها / حسن السماع وأحمد التكرار
من سار في دنياه سيرة مصلح / لهجت بخالد ذكره الأمصار
من عاش في خطط البلاد مؤثّراً / أحيته بعد مماته الآثار
ياسين خلوٌ من خوالد سعيه / أنّى تخّلد ذكره الأزهار
ألا من مبلغ عنّي زنيماً
ألا من مبلغ عنّي زنيماً / من اللقطاء ذا نزق وهَذر
أتعلم أن أمك في البغايا / تبيح النيك من قبل ودبر
وأن أباك مغتصب وزان / عشيّة ناكها من غير أجر
وقد ولدتك من دبر خداجاً / فجئت بمنظر كالدبر قذر
بوجهك صفرة من غير سقم / كأن قد ذرّ فيه فتات بعر
وشدقك فيه تزدحم المخازي / وتزخر بالخنى كزخور بحر
فتعلو من سفاهته بمدّ / وتسفل من فهاهته بجزر
خلفت من الشرور فكنت شرّاً / تعذّر منه فاعل كلّ شرّ
فإن تسكت فمن حصرٍ وعيّ / وإن تنطق فعن كذب وهجر
وأن تفعل ففعلك فعل وَغد / وأن تترك فمن زجر وقهر
ولدت لزنية ونشأت نغلاً / ربيباً في حجور ذوات عهر
تلاقي الناس في وجه وقاح / له سحناء من خبث ونكر
تعوّد أن يلوح بلا حياءٍ / وأن لا يستهين بغير حرّ
فيا كلب الزنى ما شئت فانبح / فليس كريه نَبحك بالمضر
فإن تزد النبيح نزدك زجراً / وهل قدر النوابح غير زجر
وإنن لم تنزجر زدناك طرداً / وصتنا عند طردك صوت نقر
ولست بمعجزي أبداً فإنّي / على كَبح الغواة قصرت عمري
شحاك علي بالنكراء شاح / وكم أغراك بالنبهاء مغر
ولست لمن دعاك بكلب صيدٍ / ولكن كلب نائرةٍ وغدر
فكم من فتنةٍ قد كان فيها / نعيرك عاصفاً للشرّ يذري
عجبت لنهشك الأعراض جهلاً / وأمّك فرتني والناس تدري