المجموع : 120
أتنسَى أيُّها العات
أتنسَى أيُّها العات / ب ظلما ليلةَ النَهْرِ
وكَرَّاتِ مجارِينا / من المختار للجَسْر
وقد قابلكَ البدر / فأخمدْت سنا البدرِ
ولاح الفجرُ من وجه / ك في الليل بلا فجرِ
وفي خدّيك ما رقَّ / عن التشبيه بالخمر
وألفاظُك قد عَطَّر / ن حتّى سَمَكَ البحر
وأضنتنيَ ألحاظ / ك حتى رُحْتُ لا أدري
أَسُقْمٌ بين أجفانِ / ك أم كُحْلٌ من السِحْر
وقد عاطيتني كأسَ / ك ممزوجاً من الثغر
إلى أن مِلتُ واستلقي / ت للَجنْب من السكر
وبِتنا مِن تدانينا / على أضيقَ من فِتْر
مَبِيتَ الصائم الغَرْثا / ن وافَى ليلة الفِطر
بلا بَغْيٍ ولا إثْم / ولا فُحْش ولا نُكْر
فلمَّا طَلَع الصبح / كتمتَ الصبح بالشعر
وقد ظلَّلنَا الغيمُ / بمِثْل السَوْسَن النَضْر
بمنظوم من اللهو / ومنثورٍ من القَطْر
وطاب الجوّ حتى فا / ح من ريحك بالعِطِر
فلولا أنني خِفتُ / على جسمك أن يجري
لأبقيتُ علاماتٍ / من التجميش في النحر
كما أبقي ندايّ اسمِ / يَ وَسْماً في يد الدَهر
أنا المرئيُّ بالأَفها / م والمعروفُ بالخُبرْ
أنا المسموع بالإفضا / ل والمنعوتُ في الشعر
أنا المستحمَد الأمر / أنا المستحسنَ الأثْر
أنا المفتخر البال / غ بالفخر مدى الفخر
أنا السيف الذي يَفْري / أنا الغيث الذي يَقْرِي
أنا الصبح أنا الشمس / أنا البدر الذي يسري
أنا المرجوُّ في العُسْر / أنا المرجوّ في اليُسْر
أنا ابن الآنفُ الشُمّ / أنا ابن الأنجم الزُهْر
أنا ابن الوحي والحكم / ة والفُرْقان والذكر
أنا ابن البيتِ والمرَوْ / ةِ والمَشْعَرِ والحْجِرِ
أنا ابن الشرف الأعلى / أنا ابن النائل الغَمْر
أنا المُسْبِل للنُعْمَى / أنا الكاشف للضُرّ
أنا الراتق للفَتْق / أنا القاصم للظَهْرِ
أنا الهائض للعَظْمِ / أنا الجابر للكسر
أنا المبصِر بالرأي / أنا المسمِع ذا الوَقْر
أنا الضارب بالبِيضِ / أنا الطاعن بالسُمْر
أنا الرائي جبال الأر / ض والعالِم بالذِكْر
أنا المتصِل الحلِم / أنا المجتمِع المكر
أنا المُرهب للجنّ / أنا القاطِع للقَفْر
أنا المجتمِع الجَأْشِ / أنا الرَّحْبُ مَدَى الصدر
فسل عن شرفي فضلي / وسل عن كرمي بِشري
رَبْعٌ لأسماء بربع دارِ
رَبْعٌ لأسماء بربع دارِ / بين نَقَا الصَّمَّان فالضِمارِ
تأبَّدتْ إلاّ من الإقفار / ومن شجيج في الثرى مَوَّار
وشطْر نُؤْيٍ دارِس الآثار / كأنه مقسَّم السِّوارِ
أخنَى عليها كلُّ غادٍ سارِ / داني الربَاب شاسِع الأقطار
واهِي الكُلَى منفتِق الأزرار / كأنّ لَمْع بَرْقه المُثَار
يفترّ عن مثل أُوار النار / أو منتضٍ سيفاً من النُضَار
أو لاعِب في الأُفقْ بالشَرَار / يكاد أن يذهب بالأبصار
حتى إذا أرخى على النهار / هَيْدبهَ ليلاً بلا انفجارِ
وكحَّل الجوَّ بمثل القارِ / وقام فيه الرعد كالمِزمار
غنَّت له الريح بلا أوتارِ / ما ظلّ في رفع وفي انحدار
يختلِط الإقبال بالإدبار / ثم حدَتْه الريحُ باقتدارِ
حتى تبدّى يَقَقَ الإزار / واختال بالمشي بلا استدار
كمشية السَكْرى من العُقَار / منبِجساً بالدِيمَ الغِزار
وكلّ سَجْلٍ واكفٍ مِدرارِ / فغنَّتِ الأطيارُ في الأشجار
ونمَّتِ الأرضُ على الأمطار / بما اكتستْ من بِدَع النُوَّار
من أحمرٍ قانٍ على اخضرارِ / وأبيضٍ قد لاح في اصفرار
كدِرهم رُكّب في دينار / وقد بدا السوسنُ في البَهَار
كلازَوَرْدٍ ذُرَّ في جُلْنَار / كأنّ غُدْران الحبَابَ الجاري
لاعبة بالنَرْد في الأنهار / فانظر لحسن الروض في آذار
وما أتى فيه من الأنوار / وداوِ بالخمر أذى الخُمَار
إن الصِبَا أحرى من الوقار / فاغدُ عليه خالعَ العَذَار
وصاحبٍ مهذَّبٍ مختارِ / ليس بفضَّاح ولا غدّار
ولا على نَدمانه بزار / ناديتُه في ليلة مقمارِ
قبل اتّضاح الصبح والإسفار / والطيرُ ما هبَّت من الأوكار
والنجمُ وَسْط الفَلَك الدوّار / يأمُر جيش الليل بالفرار
فهاتِها من كفّ ذي احورارِ / ساجي الجفونِ قانئ الأظفار
فقال لي لَبَّيك باستبشارِ / ثم تمطَّى كالهِزَبْر الضاري
ينقِّض النوم عن الأشفار / وقام محتثّاً إلى الخَمَّار
وابتاع منه الراح باختصارِ / بلا مماراةٍ ولا إكثار
بمثلها وزنا من النُضار / محتسِباً بُعْدَ مَدَى التِجَار
وسَاله هل طُبِخت بنار / فقال لا والطُرَح الكبار
أَوْلاً فإني قاطِع الزُنَّارِ / ما عُذِّبت بالنار والأُوارِ
ولا علتها قَدَما عصَّار / ثم أتانا طيّب الإخبار
كظافرٍ فيما اقتنى بثارِ / جذلانَ يستعبد باب الدار
فلم يَزلْ بالقَدَح المِدرار / يُعمِلها دأْباً وبالكِبار
حتى تضجَّعت بلا اختيار / ونلت مما أَشتهي أوطاري
فهذه وقائع الأخبارِ / لا وقعةُ الحَشَّاك والثرثار
وطامِسِ الأعلام في ازورارِ / مَرْت الرُبَا والسهل والأوعار
كأنما المُصْبِح فيه سارِ / من هَبَواتِ النَقْع والغبار
قطعته خِلْواً من الحِذار / مشتبِه الإعلان بالإسرار
بعيسجورٍ حُرّةٍ مِسيارِ / خطَّارة قَرْواء من خُطَّار
قوداء لم تعطِف على حُوَارِ / يعدو بها منّي أخو أسفارِ
نِضْو جَفَتْهُ لذَّةُ القَرَار / والنومُ حتى سِنَةُ الغِرَار
نحوَ الإمامِ المصطفى نِزارِ / مَنْ فَضَل الأملاك في النِجَارِ
فضلَ ضياءِ الشمس للأقمار / وقام للمُلْك بكل ثار
ولم يزل قَرْماً منيع الجار / عَذْب السجايا حامِيَ الذمَار
دانت له الشُوس من الأعصار / كأنما يَضِرب بالمِقدار
يا بن الهُدَاةِ السادِة الأبرارِ / الأوصياءِ القادة الأطْهار
أربيتَ في الجود على الأمطار / وزِدْتَ في الجَدْوَى على البِحار
حتى حللت عُقْدة الإعسار / وذُدْتَ عنا نَكَد الإقتار
تسري أياديك لكلِ سارِ / أمسى بك الناس ذوي إيسار
قلْ للعزيز الملِك المِغوار / يا خِيرة الله من الأخيار
ووارثَ الآيات والآثار / وصاحبَ الكنز من الجِدَار
ويا مُقِيل زَلَّة العِثار / أضحى بك المُلْكُ منيع الجار
والدينُ فينا واضح المَنَار / وكان لولاك بلا أنصارِ
فالليلُ من عدلك كالنهارِ / والجوَرْ في حَطّ وفي انحدار
والدهر في مُلْكك في وقارِ / ومن أبي القاسم في استبشار
يختال في حِجْلٍ وفي سِوَار / وليّ عهد المسلمين الشاري
للحمد بالدرهم والدينار / ومالك السهل مع الأَوعار
وفاتح البلد والأمصار / لا زال ما عاش بسعد جارِ
مؤيَّد الإيرادِ والإصدار / عفَّ معاني الجهر والإسرار
فكن له اللهمَّ خير جارِ / وهَبْ له أقصى مَدَى الأعمار
وارمِ عَداه عنه بالصَّغَار / واجعلهم أشأم من قُدَار
وصَلّ ما غرَّدتِ القَمارى / على العزيز المصطفى المختار
وهاكَها نتيجةَ الأفكارِ / معشوقةَ الإسهاب والإكثار
تُعدّ في الجوهر لا الأشعار / كالروض غِبَّ المُزْن والقِطار
طيبُ جَنَى أبياتها القَصارِ / من رجزٍ كالشَدْو بالأوتار
والوصِل وافي أَثَر اهتِجار / أحرّ لفظاً من لهيب النار
تبقى بقاء الوسم في الأَبشار /
أَمِن بعدما أطلعِت من وجهك الضحى
أَمِن بعدما أطلعِت من وجهك الضحى / وأسمعتِني من قطع ألفاظك السحرا
تريدين مني الصبر عنك تجنّباً / متى تركت عيناكِ لي في الهوى صبرا
رُوَيدكِ ما قلبي حديداً فينثني / على هجر من أهوى ولا كبِدي صخرا
لا استوحشت لكَ أرْبعٌ وقصورُ
لا استوحشت لكَ أرْبعٌ وقصورُ / وأقام ملكُكَ ما أَقام ثَبِيرُ
واستبهجت أُنْساً ديارك واكتسى / بك حسنَ حالٍ قصرُك المعمور
كادت لغيبة ليلةٍ أرجاؤه / إذ لم تَحُلَّ بها إليك تطير
وشكا كما يشكو المحبّ صبابة / وبدا عليك له أسىً وزفير
فقدتْ جميعَ كمالها الأرضُ التي / خلَّفتها فغدت تكاد تمور
بك تستضِئ الشمس في إشراقها / والبدرُ في أفُق السماء يُنِير
عجباً لحيّ لم تنله بلحظةٍ / عيناك كيف يروح وهو بصير
يأيُّها الملِك العزيز المصطفى / والقائم المستخلَف المنصور
سقياً لأرضٍ زرتها وحللتها / قد حلَّها التقديس والتطهير
نالت بفضلك في العلا سَرَدوسُ ما / قد نال من فضل لموسى الطورُ
لو أنها تدري وتعقِل لانبرت / شوقاً تحجُّك أرضُها وتزور
ولقد شكا القصر الذي خلَّفته / من ليلةٍ ما يشتكي المهجور
وتضاءلت أحجارُه وأقلُّ ما / شكتِ الفِراقَ جنادل وصخور
وشكا تغيّر قلبِه وفؤادِه / فيه صغير مخلص وكبير
وتوحَّشت لك نفسُ كلّ مناصح / يعتادها بك بهجةٌ وسرور
حسد العِنان على يديك يداهما / وعلى المعالي المجد فيك غيورُ
ولقد غدوت على الورى متأمِّراً / والجود غلاَّب عليك أمير
لا كَدَّر الرحمن صفوك إنها / ربّ على محياك فيه قدير
واسلم سلمِت لدولة أعزرتها / وأنرتها لا نالك المحذور
قد جاءك النصر مقروناً به الظفر
قد جاءك النصر مقروناً به الظفر / عفواً وأرضاك في أعدائك القَدَرُ
لقد سبقْتَ أمير المؤمنين إلى / مفاخرٍ لم يُحزْها قطُّ مفتخِر
ما دام مدحُك فكري حين أطلبه / لا كنت يوماً من التقصير أعتذر
إذا رأيتك والأقوامَ في ملأ / كانوا الظلام وأنت الشمس والقمر
قد سالمتك الليالي سِلم منهزم / لم يستطِع وأراها ذلك النظر
عِداك في كل أرضٍ غير آمِنةٍ / من أن تخافك فهي الدهر تنتظِر
في كل يومٍ فُتوح للعزيز على / أعدائه ورزايا فيهمُ كُبَر
إذا انقضى خَبَر فيه له ظفر / عليهمُ أبداً وافاهُم خبر
حوادث الدهر جيش غير منهزمِ / على أعاديك لا تُبقِي ولا تَذَر
يَهنِيك أسطولُ جيش لم تزل خَدَماً / له الرياحُ بما قد شاء تأتمِر
حتى أتاك بأُسْد في الكريهة لا / يثنِهم الخوفُ عن خَطْبٍ ولا الحَذَرُ
قد حكَّمتهم رِقاق البِيض فاحتكموا / وأنجدتهم طِوالُ السُمْر فانتصروا
وأصبح الشرك للتوحيد منخفِضاً / والروم ليس لهم وِرْد ولا صَدَرُ
لم تدع منهم بِيضُ السيوف سوى / من قد حماها اللمَى والدَلُّ والخَفَر
تخالف الناس في فضل الملوك ولم / يأتِ الخلافُ على تفضِيلك البشر
وكيف يعتادنا فيك الخلاف وقد / أتى بفضلك نصُّ الوحي والسور
أقوله فيك تصريحاً أدِين به / وفي فمِ الصامِت الشاني لك الحَجَر
لا زال ملكك بالإعزاز معتلِياً / فنيا وصفُوك لا يعتاده الكدر
ربَّ صفراء علَّلتني بصفرا
ربَّ صفراء علَّلتني بصفرا / ء وجِنْح الظلام جَوْن الإزار
بين ماءٍ وروضةٍ وكُرومٍ / وقِبابٍ مِنيفةٍ وصحارى
تتثنى بها الغصونُ علينا / وتجِيب القِيانَ فيها القمارى
وكأن الدجى غدائر شَعْرٍ / وكأن النجوم فيه مَدارِى
وأنجلى الغيمُ عن هلالٍ تبدّى / في يد الأُفْق مثلَ نصف سِوارِ
فاسقِيانِي فإنني أطلب المج / د بثارٍ والحادثاتِ بثارِ
وندامى لو لم يكونوا من الإن / س لما ناسبوا سوى الأقمار
بتُّ أسقِيهم ويسقونني الرا / ح على طِيب صحَّة الأوتار
وبساطٍ من الحديث تبدّى / كنباتِ النِسْرين بين البَهَار
لم نزل نلثم الكؤوس إلى أن / دُفِن الليل في فؤاد النهار
وباكيةٍ من غير دمع بأعينٍ
وباكيةٍ من غير دمع بأعينٍ / على غير خدّ دائماً تتحدّرُ
يغنّي بها زجل المدِير لقُطْبها / فيطرِبها حُسْن الغِناء فتنعَر
إذا نزف العشّاق دمعَ عيونهمْ / فأدمعها مع كثرةِ السكب تغزُر
يا من حوى الفضل وحاز الفخرا
يا من حوى الفضل وحاز الفخرا / وكسف الشمسَ وفاق البدرا
إني وإن أتعبتُ فيك الفكرا / حتى أَجَدْتُ وزنه والنثرا
لمستقِلّ لعُلاك الشعرا / يا من إذا ما جاد فاق القَطْرا
ويتبِع المعروفَ منه العُذْرا / ويبذل المال ويَشْري الشُكْرا
قصَّرتُ إن خِلْتُ نداك البحرا / وكيف يحكي المستطابُ المُرَّا
إن المعِزَّ الملِك الأغرّا / لم يُبْق من بذل نداه حُرّا
قد ملك الناسَ معاً والدهرا / وإن غدا أسنى وأعلى قَدْرا
إن يملِك العالمَ أوْ ذا العصرا / كم طال بالمجد النجومَ الزُهْرا
وفلّ بالرأي العوالي السُمْرا / وصيَّر الجود عطايا تَتْرَى
حتى نَفَى العُدْم وجَلَّى الفقرا / لو صافح الصخَر ألان الصخرا
لولاه لم نلق الندى والبِرّا / ولا رأينا الجود فينا جهرا
يُكسبه بذلُ نداه بِشرا / ولا يَرَى المعروف شيئاً وَعْرا
سَمْح السجايا مستهِلاًّ عَمْرا / أرحب مَن يمشي عليها صدرا
يدَّرِع التقوى ويوفِي النَذْرا / لاهمَّ قد قصَّرت فيه غَفْرا
جادَك الغيث من محلّة دارِ
جادَك الغيث من محلّة دارِ / وثوى فيكِ كلُّ غادٍ وسارِ
حكَمَتْ بعد قاطِنِيكِ الليالي / في مغاني رُبَاكِ بالإقفار
ورمْتِك الخطوبُ منهم ببينٍ / ورحيلُ القطينِ موتُ الديار
فاسِقياها الدموع إِن بخل الغي / ثُ عليها بواكف مِدرار
ليس للدمع إن تأخّر عذرٌ / فدعاه فيها خليعَ العِذار
يا طلول الِلوَى غدوتِ رسوماً / دارسِات الأعلامِ والأحجار
بعد ما كنتِ مَأْلَفَ العزّ والحس / ن وملهىً لأعينِ النظار
وكذاك الزمان منقلب الحا / لين بين الإقبالِ والإدبار
وخَنُوفٍ عَيْرانة عَنْتَريسٍ / عَيْسَجُور شِمِلَّة مِسيارٍ
تصل الوَخْد بالذَمِيل إذا ما / خان أمثالُها بني الأسفار
من بناتِ الجَدِيل وهي من السر / عة معدودةٌ من الأطيار
أكلتْ لحمَ زوْرها دُلَجُ اللي / ل ووصلُ الرواح بالإبكار
ترتمي مَجْهَل المهامِه مني / بقليلِ الكَرَى قليلِ الحِذار
ببعيد المُرَاد أصبح نِضْو ال / جسم نضو السرور نضو القرار
وحرامٌ عليَّ كلُّ حَلاَل / أو أُقَضِّي من العلا أوطاري
يا بني هاشم ولسنا سواء / في صِغَار من العلا أو كبار
إن نكن ننتمي لجَدّ فإنا / قد سبقناكُم لكلّ فخار
ليس عبّاسُكم كمثل عليّ / هل تقاس النجوم بالأقمار
من له الفضل والتقدم في الإس / لام والناس شِيعةُ الكفار
من له الصِهْر والمواساة والنُصْ / رة والحرب ترتمي بالشَرار
من دعاه النبي خدْناً وسمَّا / ه أخاً في الخفاء والإظهار
من له قال أنت مِنّي كهارو / ن وموسَى أكرِمْ به من نِجارِ
ثم يوم الغَدِير ما قد علمتم / خَصّه دون سائر الحُضَّار
من له قال لا فتى كعليّ / لا ولا مُنْصُل سوى ذي الفَقَار
وبَمْن بأهل النبيَّ أأنتم / جُهَلاء بواضح الأخبار
أبعبد الإله أم بحسين / وأخيه سُلاَلة الأطهار
يا بني عمّنا ظَلَمتم وطِرْتم / عن سبيل الإنصاف كل مَطَار
كيف تحوون بالأكفّ مكاناً / لم تنالوا رؤياه بالأبصار
من توطّا الفراش يُخلف فيه / أحمدا وهْو نحوَ يثربَ سار
أين كان العبّاس إِذ ذاك في الهج / رة أم في الفراش أم في الغار
ألكم حُرْمة بعمّ رسول ال / لهِ ليس فيكمْ بذات توار
ولنا حُرمة الوِلادة والأع / مام والسبق والهدى والمنار
ولنا هجرةُ المهاجِر قِدْماً / ولنا نُصْرةٌ من الأنصار
ولنا الصوم والصلاة وبذل ال / عُر في عُسْرنا وفي الإيسار
نحن أهل الكِساء سادسنا الروُ / ح أمين المهيمِن الجبّار
نحن أهل التقى وأهل المواسا / ة من بني بيت أحمدَ الأبرار
أو فلوموا الإله في أن برانا / فوقكم واغضبوا على المِقدار
أجعلتم سَقْيَ الحجيج كمن آ / من بالله مؤمِناً لا يداري
أو جعلتم نِداء عبّاس في الحر / ب وقد فُرَّ عن لقاء الشِفَار
كوقوفِ الوصيّ في غَمْرة المو / ت لضرب الرؤوس تحت الغُبار
حين ولَّى صَحْبُ النبيّ فِراراً / وهو يحمي النبيَّ عند الفِرار
واسألوا يوم خيبرٍ واسألوا مكْ / كة عن كَرِّه على الفُجّار
واسألوا يوم بَدْر مَن فارسُ الإس / لام فيه وطالبُ الأوتار
اسألوا كلّ غزوة لرسول ال / له عمَّن أغار كلَّ مُغَار
يا بني هاشمٍ أليس عليٌّ / كاشفَ الكرب والرزايا الكبار
فبماذا ملكتُم دوننا إر / ث نبيّ الهدى بلا استِظهار
أَبِقُربَي فنحن أقرب للمو / روث منك ومن مكان الشِعار
أم بإرث ورِثتموه فإنا / نحن أهلُ الآثارِ والأخطار
لا تُغَطَّوا بحيفكم واضح الح / ق فيُفْضِي بكم لكلّ دَمَار
وأصِيخوا لوقعة تملأ الأر / ض عليكم بجحفلٍ جرّار
تحت أعلامه من الفاطِمِيي / ن أُسودٌ تُدمِي شَبَا الأظفارِ
فاصدُروا عن موارد الملك إنا / نحن أهل الإيراد والإصدار
ولنا العزّ والسموّ عليكم / والمساعي وقُطْب كلَّ مَدَار
يا بني فاطم إلى كم أقِيكم / بلساني ومُنْصُلي وانتصاري
فخذوها منّي نتيجة فهم / بين حَدّ الإقلال والإكثار
سلمتْ من تعصُّب وغُلُوٍّ / وتبَّرت من سوء كلّ اختيار
غير أن البيان يظهر فيها / ساطعاً نورهُ بغير استِتار
حُجَج كلَّما تأمّلها العا / لم بانت له بيانَ النهار
أصبحت أفتك خَلْقِ الله بالنظر
أصبحت أفتك خَلْقِ الله بالنظر / عفَّ الضمير عن الفحشاء والنُكُر
والجِدّ أشبهُ بي فما أحاوله / لولا اكتحالُ جفون الغِيد بالحَوَر
ماءُ المعالي لذيذ في فمي شَبِم / أحلى وأعذب من رِيق الدُمَى العطِر
دم العِدَى في ظُبَا الأسياف يُطرِبني / تطرُّب الشَرْب بالصهباء والوَتَر
قد أغتدي قبل طلوعِ الفجر
قد أغتدي قبل طلوعِ الفجر / والليل في مثل خِضاب الشَعْرِ
كالجَور أو كالظُلْم أو كالغَدْر / وأنجمُ الجوزاء فيه تسري
كأنما تقِيسه لتدري / كم فيه من باع لها وفِتر
وللثريّا طمع في البدر / فهي له حيث مضى في الإثْر
كأنما تطلبه بوِتر / بأكلبٍ تطِير حين تجري
من كل قباءِ الحَشَا والخَصْر / تكاد من تلويحها والضُمْر
تلمِس بالبطن فَقارَ الظهر / وافِرة الزَوْر رحيب الصدر
ذواتِ أشداق كفتح الشبر / شُقِقن للآذان أو للشطر
من الخدود السائلاتِ الصفر / عن مثل أطراف الرماح السُمْر
فهنّ أمضى من خُطُوب الدهر / حتى إذا ما أوغلت في القَفْر
وهنّ في فَرْط القُوَى والكِبر / يمرَحْن في العَدْو مَرَاح السُكْر
كأنّ فيهن حُمَيَّا الخمر / ينظرن عن تقطيع لحظٍ شَزْر
أهوى بها الكَلاَّبُ نحو عشر / من بقر الوحش بدت في سَطْر
ومثلِها من الظِباء العُفْر / فطِرْن كالبرق خِلاَل القَطْر
يهوِين مَهْوَى النجم حين يسري / أمضى من الماء جرى في حَفْر
حتى إذا مَلَكْن مِلْك القَهْر / وحشَ الفلا تحت غبار النسر
غادرنها في النَّقع مثل الجُزْر / فهنّ صرعى دمُهنّ يجري
ثم نزلت مسرِعاً عن مُهْري / أقطعُ من أوصالها وأفري
حتى غلت فوق الأثافي قِدْرِي / يالكَ من طَرْد كحرّ الجمر
نحرت فيه الوحش أيَّ نحر / نحر الوصيّ جيشَ آل صخر
أصونُ أبشارَ خدود الدُمَى
أصونُ أبشارَ خدود الدُمَى / وأمنع الغاوي من النظره
وظاهري في العين مستحسَن / واسمِيَ مشتق من الستره
ومُذْكرةٍ ريحَ الحبيب بريحها
ومُذْكرةٍ ريحَ الحبيب بريحها / وحاكية خدَّيه لي باحمرارها
تجاورَ لوناها اخضرار وحمرة / فيا عجباً من مائها قرب نارها
بك من بِعادك أستجِير
بك من بِعادك أستجِير / يا أيها الصمد الأمير
قد كِدتُ لَمَّا أن رحل / تُ إليك من شوقي أطير
إني وإن شطَّ المزا / ر ففي منامي قد أزور
ما البعد بالأجسامِ ل / كِن بالذي تُخفي الصدور
يا من به تُزْهَى الدهور
يا من به تُزْهَى الدهور / وبقربه يقوى السرور
وببعده تدنو الكآ / بة والصبابة والزفير
قد كان لي أُنس بقر / بك فيه للظلماء نور
وتطرُّب وتنعّم / يختال بينهما الحُبُور
حتى كأني في جِوا / رِك للورى طُرّاً سمير
وكأنّ كل الفاضِلي / نَ لديَّ أجمعَهم حُضُور
بل أنت أدناهم إذا أخ / تلفت على الناس الأمور
تعلوهُم فضلاً كما / يعلو رعيَّته الأمير
ثم انتقلتُ فعاد أُن / سِي وهو منتقِل نَفُور
وعلت طِباعيَ نَبْوةٌ / واعتاد أخلاقي فتور
حتى غدوتُ وناظري / عن كل مرأىً لي حَسِير
وتعطّلت فينا الصِّغا / رُ عن الندامى والكبير
وشَكَت لِمثْلِثها البُمُو / مُ تعجَماً وشكاه زِير
وتفجَّع المختار حتْ / تى زُلزِلت منه الصخور
فلوَ أنّ شعرك لم يُزِل / بَثِّي سنا المستطير
لتطايرت منا النفو / س ولم تحصّنها الصدور
رفّت معانيك اللوا / تي ما له فيها نظير
مستحكمات تحت لف / ظٍ أشرقت منه السطور
عذْباً كأنّ بيانه / للسامعين له سَحُور
وكأنّ نظم فُصولِه / دُرّ على سَبَج نَثِير
تصبو لرقَّته الخوا / طِرُ حين يبدو والضمير
وكأن أسطُرَه الدُجَى / وكأنه فيها بُدور
لله أنت فقد شَعَر / ت وزِدتَ حتى لا نظِير
وعلمتَ حتى إنك ال / علاَّمة الفَرْد الخطير
عيِّ الفَرزْدق عن قري / ضك وانْثَنَى عنه جَريرُ
ولقد طرِبتُ عليه حتْ / تى كِدتُ من طربٍ أطير
فاسلم سلمِت ممتَّعاً / ما دام رَضْوى أو ثَبِيرُ
إنّي أتيتُ إلى البستان مختارا
إنّي أتيتُ إلى البستان مختارا / ولم أكن في انصرافي عنه مختارا
وكيف أختار بُعْداً عن محلّ عُلاً / يظلُّ فخري به في الناس قد سارا
لكن تصرَّم يومٌ كنتُ آمُلُه / نوراً لعيني فأجدى قلبيّ النارا
ولم يكن لِيَ بَيْت ثَمَّ يمكِنني / فقمتُ مكتئباً لم أقضِ أوطارا
ومثلَ ما قلتُ قال القوم كلّهمُ / نقول ذلك إعلاناً وإسرارا
وسوف تُغرم عَشْراً كي تكون بها / بالذنب من عذرنا بالغُرْم مِعشارا
فمهِّداً عُذْرنا قُدِّمتُ قبلكما / فلم نُصِرّ على الهجْران إصرارا
ونحن عندكما قبل الضّحَاء من ال / إثنين أو قبله في الصبح إسفارا
أحسنتَ إحسان من تمّت فَطانتَهُ
أحسنتَ إحسان من تمّت فَطانتَهُ / ولَوْذَعيَّتُه جهراً وإسرارا
كان انصرافك عنَّا علَّةً قدحتْ / في كل حبَّة قلبٍ عندنا نارا
ولم تَزل من نواك النفس والهةً / والقلبُ مكتئباً والدمع مِدْرارا
حتى وَعدتَ بأن تأتي على طربٍ / حُرّاً يقود إلى اللذَّات أحرارا
واتِ الضَّحَاء من الاثنين في عجلٍ / كذا الكريم إذا لم يستَزر زارا
فاقدَم فِداك بنو الآداب كلّهم / فقد غدوتُ لما تختار مختارا
لأِربعُ جادهنّ الغيثُ مبتكِراً / حتَّى كساها أزاهيرا وأنوارا
تميسُ تحت الصبا أغصانها غَيَدا / ونَعْمَة ويناغي الطيرُ أطيارا
يضوع فيها فَتِيقُ المِسك منتثِراً / وعنبرُ الشِّحْر آصالاً وأسحارا
وقد رضِيتكُمُ شَرْباً بها ولها / كما رضيتُ بها قِدْماً لكم دارا
فأعطوا التذاكر والصَّهباء حقّهما / فيها وقَضُّوا من اللذّات أوطارا
لو فُرِش المجلس بالدُرّ
لو فُرِش المجلس بالدُرّ / نَضْداً وبالياقوت والتِّبْرِ
ما كان عن حسنِيَ مستغنِياً / لا خير في بيت بلا سِتْرِ
رُبَّ مَن سألَني ليَعلم حالي
رُبَّ مَن سألَني ليَعلم حالي / قلتُ بي علّةٌ من الإخبار
زمنِي راح عابساً قمطريراً / بجميع الأبرار لا الفُجَّار
حالُنا في ذِلّة وسكون / مثل وصف الإله للكفّار
يوم لا ينطِقون فيه ولا يؤ / ذَن في هُوْلِه لَهمْ باعتذار
سَقِّياني بسَفْح دَيْرِ القُصَيرِ
سَقِّياني بسَفْح دَيْرِ القُصَيرِ / بين حُلْوانَ والنَقَا فسُدَيرِ
ما ترى الروض كيف قد حرّكْته / بنَداها دموعُ هذا المُطَير
وغيومُ السحاب تَنْشر سَكْباً / ثم تنجابُ تارةً عن قُمَير
أَنْحفَتْهُ أواخِرُ الشهرِ حتَّى / عاد في أُفْقِه كقَصِّ ظُفَير
فاسقِياني فليس للحمد والمج / د سِوائي وليس للراح غيري