المجموع : 75
اِسعَدْ بيومٍ قد أتاكَ مبكِّرا
اِسعَدْ بيومٍ قد أتاكَ مبكِّرا / بصعودِ جَدِّكَ في العَلاءِ مبشِّرَا
واستقبل العامَ الجديدَ مُحَكَّماً / فيما تراهُ لك العُلى ومخيّرا
واستجلِ وجهَ الدهرِ أزهرَ واضحا / والمُلكَ ملتفَّ الحدائقِ أخضرا
ملكٌ أقمتَ قناتَهُ ورفدتَهُ / بالرأي عَضْباً والعديد مجمهرا
أسهرتَ ليلكَ في صَلاحِ أمورِه / وكفيتَ ربَّ سريرهِ أن يَسْهَرا
قد قال حينَ بلاكَ بعدَ عِصابةٍ / من قبلُ كلُّ الصيدِ في جوف الفَرا
ما أسعدَ السلطانَ بالرأي الذي / فيك ارتأى مستكفياً مستوزَرا
حقّاً لقد ولَّى الأمورَ مجرِّبَاً / إنْ همَّ أمضَى أو تدفَّق أغزرا
يتوقَّف القدَرُ المُتاحُ عنِ الذي / لا يشتهي فإِذا أشار به جرَى
ولي الأمورَ فكان أحسنَ منظراً / ممن تقدَّمهُ وأكرمَ مخبَرا
يُنْبِيكَ نورُ جبينهِ عن جُودِه / كالصُّبْحِ دَلَّ على الغزالةِ مسفرا
يا أيُّها المولَى الذي إنعامُه / شملَ البريةَ مُنْجِداً أو مُغْوِرا
هذا ابنُ عبدِك زارَ بابَكَ راجياً / ظَفَراً لديك فهل ترى أن يَظْفَرا
أَنضى اليك الجُرْدَ يجشِمُها الفلا / عَجِلاً وخاضَ البِيدَ يطوِيها السُّرى
هو غرسُ أنْعُمِكَ الجزيلةِ فاسقِهِ / بسِجالِ أنعُمِك الجِسامِ لِيُثْمِرا
وَاصعَد إِلى درجِ العُلَى متمهِّلا / واسلم على غِيَرِ الزمان معمَّرا
أقولُ وصرفُ الدهرِ يَحْرُقُ نابَهُ
أقولُ وصرفُ الدهرِ يَحْرُقُ نابَهُ / عليَّ ويستولي عليَّ فواقِرُهْ
وقد صَرَدتْ في جانبيَّ نِبالُهُ / وأولعَ بي أنيابُهُ وأظافِرُهْ
خُذيني وجُرِّيني جَعارِ وأبْشِري / بلحمِ امريءٍ لم يُشهدِ اليومَ ناصِرُهْ
فبعدَ ابنِ فضلِ اللّه طأطأ منكبي / يدُ الدهرِ مدلولاً عليَّ فواقِرُهْ
وأَثَّرَ في عُودي النُيوبَ وطالَما / تمنَّعَ واستعصَى عليها مكاسِرُهْ
وأسلمني للنائباتِ بِعَادُهُ / كما أَسلمَ العظمَ المَهيضَ جبائِرُهْ
وراعَ جَنانِي نبأةُ الخطبِ بعدَهْ / ويا رُبَّما هانتْ عليَّ زماجِرُهْ
لقد حازَ نُعماهُ رجالٌ صفَتْ لهمْ / أصائلُ عيشٍ أرمضتهُ هواجرُهْ
أظلَّهمُ منه سَحابٌ تَفَرَّقَتْ / صواعقُه فيه وفيهم مواطِرُهْ
جزتهُمْ جوازي الشَرِّ عن حَسَناتِهِ / ودارتْ عليه بالمَنونِ دوائِرُهْ
ومن يجحدِ النُّعْمى التي هو ربُّها / فإني على العِلّاتِ ما عِشْتُ شاكِرُهْ
لقد كنتُ في غيطاءَ ممطولةِ الذُّرَى / يَبيتُ عليها النجمُ وهي تُسامرُهْ
فلمّا رماهُ الدهرُ أصبحتُ بعدَهُ / بمُستنّ سيلِ الذُّلّ تطغَى زواجِرُهْ
قد كان حظِّي في الكتابةِ ناقصاً
قد كان حظِّي في الكتابةِ ناقصاً / أيامَ حظِّي في الشبيبةِ وافرُ
حتَّى إِذا خدمَ اليراعةَ خاطرِي / قعدَ الجُدودُ بها وهن عواثِرُ
هذا ليمتنعَ الكمالُ ويعلمَ ال / جُهَّالُ أَنَّ اللّهَ فَرْدٌ قادِرُ
أمنَ السويَّةِ أن أكونَ معطَّلاً / ويلي الكتابةَ مستميتٌ جائِرُ
أشكو وما لشكيَّتِي من سَامعٍ / وأصيحُ مضطَهداًوما لي ناصرُ
قد كادتِ الأيامُ تنقصُ شَرْطَها / في الفضلِ لولا أنّهنَّ غوادِرُ
كانت تقاتلُنِي وما ليَ ناصرٌ / واليومَ تقتُلنِي وما لي ثائِرُ
فلئِنْ جُنِنْتُ فلا عجيبٌ أَنَّهُ / قد جُنَّ هذا المنجنونُ الدائِرُ
فعَسى معينُ المُلْكِ يطْلعُ سَعْدُهُ / ويعودُ عيشٌ في ذراهُ ناضِرُ
للمجدِ فيه مواعِدٌ مضمونَةٌ / واللّه ناصرُهُ ونِعْمَ الناصِرُ
توعَّدَنِي في حُبِّ آلِ محمَّدٍ
توعَّدَنِي في حُبِّ آلِ محمَّدٍ / وحبِّ ابنِ فضلِ اللّه قومٌ فأكثروا
فقلتُ لهم لا تُكْثِروا ودعُوا دَمِي / يُراقُ على حُبِّي لهم ثم يُهدَرُ
فهذا نجاحٌ حاضِرٌ لمعيشتِي / وذاكَ نجاةٌ أرتجي يوم أُحْشَرُ
جَنابُ نظامِ المُلك بحرٌ وردتُهٌ
جَنابُ نظامِ المُلك بحرٌ وردتُهٌ / على ظَمأٍ منِّي وأنتَ له جسرُ
وأنت الذي أوردتَنِي بعد ما انطوى / على غُلَّةٍ صدري وطالَ بيَ العَسْرُ
وما يهتدِي صرفُ النوائبِ لامرئٍ / وأنت لهُ من دونِ ما نابَهُ سِتْرُ
ما لي وللحاسدينَ لا بَرِحَتْ
ما لي وللحاسدينَ لا بَرِحَتْ / تذوبُ أكبادُهمْ وتنفَطِرُ
يغتابُنِي عند غيبتي نَفَرٌ / جباهُهم إنْ حضرتُ تنعَفِرُ
ألسنةٌ في مَساءَتِي ذُلُقٌ / يعتادها من مَهابتي حَصَرُ
أنامُ عنهم مِلءَ الجفونِ إِذا / أسهرهمْ في المضاجِعِ الأِبَرُ
يكفيهمُ ما بهم إِذا نظروا / إِلَيَّ مِلءَ العيونِ لا نظروا
تغيظُهمْ رتبِتي وَيكْمَدُهُمْ / جاهي فصفوي عليهمُ كَدَرُ
فنعمةُ اللّهِ وهيَ سابغَةٌ / عندي من الحاسدينَ تنتصرُ
يُعجِبُنِي أنهمْ إِذا كَثُروا / قَلُّوا غَناءً وإِنْ هم كَثروا
لا يُزهِدَنَّكَ في المعروفِ تُودِعُه
لا يُزهِدَنَّكَ في المعروفِ تُودِعُه / مثلي ومن أينَ مثلي سُحْقُ أطمارِ
واستجلِ ما تحتَ أطمارِي الرِّثاثِ تَجِدْ / وراءَها طِيْبَ آثارٍ وأخبارِ
ليس المباذِلُ بالأحرارِ مُزْرِيَةً / فالدُّرُ في صَدَفٍ والخمرُ في قارِ
أنا ابنُ فضلي على ما كان من شرفي / فدَعْ جدودِي ولا تُولَعْ بأسمارِ
فالمِسكُ في هامةِ الجبَّارِ موطِئُهُ / لِطيبهِ وهو منسوبٌ إِلى الفَارِ
إِن ساغَ بعدَكَ لي ماءٌ على ظَمَأٍ
إِن ساغَ بعدَكَ لي ماءٌ على ظَمَأٍ / فلا تجرعتُ غيرَ الصابِ والصَّبَرِ
وإِن نظرتُ من الدنيا إِلى حَسَنٍ / مُذْ بِنْتَ عنِّي فلا مُتِّعْتُ بالنَّظَرِ
صحبتَني والشباب الغضّ ثم مضى / كما مضيتَ فما في العيشِ من وَطَرِ
هَبْنِي بلغتُ من الأعمارِ أطولَها / ثمَّ احتويتُ على آمالي الكُبَرِ
فأين عصرُ شبابِ لا رجوعَ لهُ / أم أينَ أنتَ ومالي عنكَ من خَبَرِ
سبقتمانِي ولو خُيِّرْتُ بعدَكُمَا / لكنتُ أوَّلَ لَحَّاقٍ على الأثَرِ
قد كذَّبَ الظنَّ صادقُ الخَبَرِ
قد كذَّبَ الظنَّ صادقُ الخَبَرِ / وكنتُ من صِدْقِه على حَذَرِ
يا أرضُ تِيهاً فقد ملكتِ به / أعجوبة من محاسنِ الصُّوَرِ
لا غروَ إِن أشرقتْ مضاجعُهُ / فإِنها من منازلِ القمرِ
أو قَذِيَتْ مقلتي فلا عَجَبٌ / فقد حَثَوا تربَها على بَصَرِي
سأصبرُ حتَّى تنجلي كلُّ غُمَّةٍ
سأصبرُ حتَّى تنجلي كلُّ غُمَّةٍ / وتأتي بما تهواهُ نفسي المقادرُ
وإِنّي لبئسَ العبدُ إِنْ كنتُ آيِسَاً / من اللّهِ أنْ دارتْ عليَّ الدوائِرُ
فلا أنا للنعماءِ تشملُ شاكِرٌ / ولا أنا للبأساءِ تنزِلُ صابرُ
كأن لم يكنْ بالمرء من قبلُ عَثْرةٌ / إِذا انتعشتْ تلك الجدودُ العواثرُ
إنّ آثاركَ الجميلةَ عمَّتْ
إنّ آثاركَ الجميلةَ عمَّتْ / فهي تبقى وتُنْفِدُ الأعمارا
لا أُريدُ الآثارَ بعَدكَ تبقَى / أنتَ تبقى وتُخْلِفُ الآثارا
فضحَتْكَ رائحةُ الذنوبِ بنتنِها
فضحَتْكَ رائحةُ الذنوبِ بنتنِها / فتعطَّرَنْ منهنَّ باستغفارِ
ورقدتَ ليلَكَ آمِناً متمِهّلاً / ونَسِيتَ كيف طَوارِقُ الأسحارِ
الحمد لله الذي خصّنا
الحمد لله الذي خصّنا / من فضله بالنعم الغامره
ألهمنا فكّ الرموز التي / تكاتمتها الأمم الغابره
بغير أستاذ ولا مرشد / إلى اختيار الطرق الجابره
إلا بتوفيق له سابق / منّتنا عن شكره قاصره
وهمه تقضي بتسديده / قد ساعدتها مقلة ساهره
والبحث عن كل الفنون التي / بها تزكى الأنفس الزاهره
وصلوات الله تترى على / محمد والعترة الطاهره
وبعد فالحكمة مخزونة / مكتومة شاردة نافره
قد ضلّ قوم بتآويلها / فيالها من صفقة خاسره
محجوبة بالرمز لكنها / بالكشف في أثنائها سافره
نشراً بها فينا وطياً لها / في همج حائرة بائره
وربما جاءك من رمزنا / خلاف ما عندك بالنادره
فأحسن الظن بنا إنما / كلامنا في الصنعة الفاخره
وذاك كشف للرموز التي / قد أضمرتها الفطن العابره
وإنما تعريض أسلافنا / بالرمز والترجمة الساتره
ضناً بسر الله في أرضه / وخفية للفتن الثائره
فإِن تفطنت فلا تبده / إلا تكن تبغي به الآخره
وكل وأنفق غير مستأثر / فقد كفيت الفقر والفاقره
واسعَ لعقباك ولا تغترر / بهذه الغادرة الساحره
وقدّم الخيرات واسهر لها / ليلك إنّ الموعد الساهره
وكن على نفسك مستحفظا / واحذر جوار الأنفس الحائره
وطائر يخرج من حفرة
وطائر يخرج من حفرة / لطيفة مظلمة القعرِ
يعرفه الناس جميعاً ولا / يدرون ما فيه من الأمرِ
يطير في الجو إلى قُلّة / كهوفها تطبق بالصخرِ
فيحرق الصخر ويرثى على / قُلّته يا لك من وكرِ
يؤخذ حياً ثم يلقى على / نار لنا حامية الجمرِ
حتى إذا صار رماداً بلا / محَشَّةٍ تنشف في البحرِ
تبنى له في بحرنا قبة / حصينة الأرجاء كالقصرِ
يلبث فيها مدة مثلما / يبقى رميم الميت في القبر
وروحه ينفخ فيها على ال / تدريج من شهر إلى شهرِ
حتى إذا استكمل أيامه / عاد جناحاه لدى الحشرِ
في المعدنيات لنا حكمة
في المعدنيات لنا حكمة / مخبوءة في الصدور
أعمالنا فيها وأسرارنا / وما سواها فمتاع الغرور
لا شعرة نعني ولا بيضة / فعدّ عن تدبيرهم في الشعور
وأخرج الأشياء عن طبعها / فبالتصاعيد تصحّ الأمور
وفي انقلاب الأرض عن طبعها / غنى وملك دائم لا يبور
فحلّ رمز القوم واحرص على / فهم المعاني فعليها تدور
إحراقنا البالغ في أول ال
إحراقنا البالغ في أول ال / تكليس روح ثابت لا يطير
والكلس إن أدخل آثالنا أل / أبيض روح نخلت بالحرير
فاجعل لأجسادك تنهض بها / أجنحة من روحها في السعير
وكلما ثَقَّلتَ أرواحها / كان لها أنهضَ نحو الأثير
وَروحِ الأجساد في حلّها / فحلَّها أمر علينا يسير
وَجّردِ الأرواح في عقدها / لجسمها عقد مُمَرِّ المَرِير
فهذه غاية ما عندنا / في الحل والعقد بقول شهير
وإنما الصنعة في جنب ما / عَلِّمَنا اللهُ جزاءٌ حقير
فاسعد بما أوتيتَ من حكمة / واعمر بها عقباك فهي المصير
وما أعَدَّ الله في جنة ال / مأوى لنا فهو الثواب الكبير
خلق الله للظلام جحيماً
خلق الله للظلام جحيماً / فهي من غيظها عليه تفورُ
ثم أنشا سحابة فسقاها / ريّ صوب من السحاب درورُ
وأماط الظلام منه برفق / فهي نور وما سواه غرورُ
يا لها ظلمة أقامت زماناً / ثم غابت فأصبحت وهي نورُ
هكذا جاءنا الخفي من العل / م عليه من الرموز ستورُ
الصلب يخلط بالرطوبة مدة
الصلب يخلط بالرطوبة مدة / فيصير رطباً سائلاً طيارا
والرطب يخلط بالصلابة مدة / فيصير صلباً يشبه الأحجارا
والصبغ روح بالحصان تولدت / وتعودت وسط الجحيم قرارا
والروح في التركيب غاضت فاغتدت / أجساده روحاً يروم مطارا
وبهذه الأجساد لما جن في ال / أجساد قد صار الثخين نضارا
فإذا البخارات ارتقت في رأسها / عكست لتنزل لا تطيق قرارا
كالأرض عفّنها المياه وصعّدت / منها السخونة في الهواء بخارا
حتى إذا بلغ البخارات المدى / نزلت وصارت ديمة مدرارا
وتغلغلت في الأرض وهي جدية / فاستخرجت من قعرها الأزهارا
فلذاك وسعنا الأداة وهكذا / تبني العوالم مركزا وقرارا
فافطن لحكمتنا التي ضربت لها ال / أمثال واستنبط بها الأسرارا
واستبقِ بالكتمان ملكك إنه ال / الملك الذي قد أوتي الأبرارا
الحمد لله الذي خصّنا
الحمد لله الذي خصّنا / بالعلم والعقبى لمن يشكر
ألهمنا علم أداة لنا / مكتومة تخفى ولا تظهر
معمولة من جوهر خالص / داخله من خارج يبصر
في رأسها فتح وإكليلها ال / مقلوب في داخلها يقطرُ
ممرّد الصرح له غرفة / غامضة المسلك لا تظهر
أم ملوك الأرض في جوفها / جنينها الأبيض والأحمر
تسقيهم فهي بهم برة / من لبن العذراء ما يحصر
تحملهم في جوفها أشهرا / معدودة تتبعها أشهرُ
وإنما إكليلها ثديها / يرضعه الأصغر فالأكبر
في جوفها تقبر موتاهمُ / حيناً ومن باطنها تحشرُ
لطيفة الخصر وأردافها / وجيدها من خصرها أكبرُ
في وسط البحر ومن تحتها / نار حضان أبداً تسعرُ
هذي أداة القوم أظهرتُها / بارزة وهي التي تضمرُ
فضحت أسرارهمُ دفعة / وبحتُ بالسر لمن يشعرُ
وبؤتُ بالذنب ومن خالقني / أستوهبُ الذنبَ وأستغفرُ
فواصلوا الدرس ولا تسأموا / وأعملوا الفكر ولا تضجروا
وقايسوا أمركم تدركوا / مكنون سر الله واستبصروا
أيمنُ مولود رأيناه في
أيمنُ مولود رأيناه في / علومنا مولودنا الأخضر
وهو نحاس الحكماء الذي / صَدّهُ في التركيب أو زَنجَروا
من السما والأرض مستخرج / يلين منه الحجر الأغبر
إن لان بالادهان أحجارُنا / فالدهن من أحجارنا يعصر
تبصر فيها زبدا رائبا / تحمله الأمواج إذ تزخرُ