المجموع : 54
يَا بْنَ الَّذِي رَهَنَ الْخَمَّارَ سُبْحَتَهُ
يَا بْنَ الَّذِي رَهَنَ الْخَمَّارَ سُبْحَتَهُ / يَوْمَ الْعرُوبَةِ في عَدِّ الْقَوارِيرِ
مَا زَالَ يَشْرَبُ خَمْرَاً غَيْرَ مُدَّكِرٍ / إِثْمَاً وَيَأْكُلُ سُحْتَاً غَيْرَ مَنْحُورِ
حَتَّى إِذَا نَالَ مِنْهُ السُّكْرُ قَامَ إِلَى / فَيَّاضَةِ الْقَرْءِ لَمْ تُعْهَدْ بِتَطْهِيرِ
فَكُنْتَ نُطْفَةَ سُوءٍ قَدْ تَعَجَّلَهَا / دَاعِي الْغَوَايَةِ مِنْ خَمْرٍ وَخَنْزِيرِ
يَا أَيُّهَا السَّرِفُ الْمُدِلُّ بِنَفْسِهِ
يَا أَيُّهَا السَّرِفُ الْمُدِلُّ بِنَفْسِهِ / كَسَفِينَةٍ فِي لُجِّ بَحْرٍ ماخِرَهْ
أَتَظُنُّ أَنَّ الْفَخْرَ ثَوْبٌ مُعْلَمٌ / تَزْهُو بِلِبْسَتِهِ وَقِدْرٌ باخِرَهْ
هَيْهَاتَ ظَنُّكَ فَالْعُلا أُمْنِيَةٌ / مِنْ دُونِ مَبْلَغِهَا بِحارٌ زَاخِرَهْ
أَتْلَفْتَ دُنْيَاكَ الَّتِي أُوتِيتَهَا / وَلَسَوْفَ تَهْلِكُ حَسْرَةً فِي الآخِرَهْ
تَاللَّهِ لَوْ رَاجَعْتَ نَفْسَكَ مَرَّةً / لَوَجَدْتَهَا مِنْ سُوءِ فِعْلِكَ سَاخِرَهْ
حَتَّامَ تَفْخَرُ بِالْجُدُودِ وَلَمْ تَنَلْ / مَا أَحْرَزَتْ تِلْكَ الْجُدُودُ الْفَاخِرَهْ
فَاجْعَلْ لِنَفْسِكَ مِنْ فِعَالِكَ شَاهِدَاً / يُغْنِيكَ عَنْ ذِكْرِ الْعِظَامِ النَّاخِرَهْ
فَعَلْتُ خَيْرَاً بِقَوْمٍ
فَعَلْتُ خَيْرَاً بِقَوْمٍ / فَعَامَلُونِي بِضَيْرِ
فَلا تَلُمْنِي إِذَا مَا / أَصْبَحْتُ أَلْعَنُ خَيْرِي
أَلْهَتْكُمُ الدُّنْيَا عَنِ الآخِرَهْ
أَلْهَتْكُمُ الدُّنْيَا عَنِ الآخِرَهْ / وَهِيَ مِنَ الْجَهْلِ بِكُمْ سَاخِرَهْ
وَغَرَّكُمْ مِنْهَا وَأَنْتُمْ بِكُمْ / جُوعٌ إِلَيْهَا قِدْرُهَا الْبَاخِرَهْ
يَمْشِي الْفَتَى تِيهَاً وَفِي ثَوْبِهِ / مِنْ مَعْطِفَيْهِ جِيفَةٌ جَاخِرَهْ
كَأَنَّهُ فِي كِبْرِهِ سَادِرٌ / سَفِينَةٌ فِي لُجَّةٍ مَاخِرَهْ
كَمْ أَنْفُسٍ عَزَّتْ بِسُلْطَانِهَا / فِي ما مَضَى وَهْيَ إِذَنْ دَاخِرَهْ
وَعُصْبَةٍ كَانَتْ لأَمْوَالِهَا / مَظنَّةَ الْفَقْرِ بِهَا ذَاخِرَهْ
فَأَصْبَحَتْ يَرْحَمُهَا مَنْ يَرَى / وَقَدْ غَنَتْ فِي نِعْمَةٍ فَاخِرَهْ
فَلا جَوَادٌ صَاهِلٌ عَزَّهُمْ / يَوْمَاً وَلا خَيْفَانَةٌ شَاخِرَهْ
بَلْ عَمَّ دُنْيَاهُمْ صُرُوفٌ لَهَا / مِنَ الرَّدَى أَوْدِيَةٌ زَاخِرَهْ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ / وَاخْشَوْا عَذَابَ اللَّهِ وَالآخِرَهْ
أَنْتُمْ قُعُودٌ وَالرَّدَى قَائِمٌ / يُسْقِيكُمُ بِالْكُوبِ وَالصَّاخِرَهْ
فَانْتَبِهُوا مِنْ غَفَلاتِ الْهَوَى / وَاعْتَبِرُوا بِالأَعْظُمِ النَّاخِرَهْ
لَكَ الْحَمْدُ إِنَّ الْخَيْرَ مِنْكَ وَإِنَّنِي
لَكَ الْحَمْدُ إِنَّ الْخَيْرَ مِنْكَ وَإِنَّنِي / لِصُنْعِكَ يَا رَبَّ السَّمَواتِ شَاكِرُ
فَأَنْتَ الَّذِي أَوْلَيْتَنِي كُلَّ نِعْمَةٍ / وَهَذَّبْتَنِي حَتَّى اصْطَفَتْنِي الْعَشَائِرُ
فَقَرِّبْ لِيَ الْخَيْرَ الَّذِي أَنَا رَاغِبٌ / وَبَاعِدْنِيَ الشَّرَّ الَّذِي أَنَا حَاذِرُ
فَلَيْسَ لِمَنْ تُقْصِيهِ فِي النَّاسِ نَافِعٌ / وَلَيْسَ لِمَنْ تُدْنِيهِ فِي النَّاسِ ضَائِرُ
وَلا لاِمْرِئٍ أَلْهَمْتَهُ الرُّشْدَ خَاذلٌ / وَلا لاِمْرِئٍ أَوْرَدْتَهُ الْغَيَّ نَاصِرُ
فَإِنْ أَدْرَكَتْ نَفْسِي الْمَرَامَ وَلَمْ أَقُمْ / مَقَامَ ضَلِيعٍ بِالَّذِي أَنْتَ آمِرُ
فَلا لاحَ لِي في ذُرْوَةِ الْمَجْدِ كَوْكَبٌ / وَلا طَارَ لِي فِي قُنَّةِ الْعِزِّ طَائِرُ
مَنْ خَالَفَ الْحَزْمَ خَانَتْهُ مَعَاذِرُهُ
مَنْ خَالَفَ الْحَزْمَ خَانَتْهُ مَعَاذِرُهُ / وَمَنْ أَطَاعَ هَواهُ قَلَّ نَاصِرُهُ
وَمَنْ تَرَبَّصَ بِالإِخْوَانِ بَادِرَهً / مِنَ الزَّمَانِ فَإِنَّ اللَّهَ قَاهِرُهُ
لا يَجْمُلُ الْمَرْءُ فِي ظَرْفٍ وَفِي أَدَبٍ / مَا لَمْ تَكُنْ فَوْقَ مَرْآهُ سَرَائِرُهُ
وَمَا الصَّدِيقُ الَّذِي يُرْضِيكَ بَاطِنُهُ / مِثْلُ الصَّدِيقِ الَّذِي يُرْضِيكَ ظَاهِرُهُ
قَدْ لا يَفُوهُ الْفَتَى بِالأَمْرِ يُضْمِرُهُ / وَبَيْنَ عَيْنَيهِ مَا تُخْفِي ضَمَائِرُهُ
أَسْتَودِعُ اللَّهَ عَصْرَاً قَدْ خَلَعْتُ بِهِ / عُذْرَ الْهَوَى وَهْوَ غَضَّاتٌ مَكَاسِرُهُ
لَمْ يَمْضِ مِنْ حُسْنِهِ مَا كُنْتُ أَعْهَدُهُ / حَتَّى أَصَابَ سَوَادَ الْقَلْبِ نَاقِرُهُ
كَيْفَ الْوُصُولُ إِلَى حَالٍ نَعِيشُ بِهَا / وَالدَّهْرُ مَأْمُونَةٌ فِينَا بَوَادِرُهُ
إِذْ لا صَدِيقَ يَسُرُّ السَّمْعَ غَائِبُهُ / وَلا رَفِيقَ يَرُوقُ الْعَيْنَ حَاضِرُهُ
كُنَّا نَوَدُّ انْقِلابَاً نَسْتَرِيحُ بِهِ / حَتَّى إِذَا تَمَّ سَاءَتْنَا مَصَايِرُهُ
فَالْقَلْبُ مُضْطَرِبٌ فِي مَا يُحَاوِلُهُ / وَالْعَقْلُ مُخْتَبَلٌ مِمَّا يُحَاذِرُهُ
قَدْ كَانَ في السَّلَفِ الْمَاضِينَ نَافِعُهُ / فَصَارَ فِي الْخَلَفِ الْبَاقِينَ ضَائِرُهُ
مَا أَبْعَدَ الْخَيْرَ في الدُّنْيَا لِطَالِبِهِ / وَأَقْرَبَ الشَّرَّ مِنْ نَفْسٍ تُحَاذِرُهُ
أَكُلَّمَا مَرَّ مِنْ دَهْرٍ أَوَائِلُهُ / كَرَّتْ بِمِثْلِ أَوَالِيهِ أَوَاخِرُهُ
إِنْ دَامَ هَذَا أَضَاعَ الرُّشْدَ كَافِلُهُ / فِي مَا أَرَى وَأَطاعَ الْغَيَّ زَاجِرُهُ
تَنَكَّرَتْ مِصْرُ بَعْدَ الْعُرْفِ وَاضْطَرَبَتْ / قَوَاعِدُ الْمُلْكِ حَتَّى رِيعَ طَائِرُهُ
فَأَهْمَلَ الأَرْضَ جَرَّا الظُّلْمِ حَارِثُهَا / وَاسْتَرْجَعَ الْمَالَ خَوْفَ الْعُدْمِ تَاجِرُهُ
وَاسْتَحْكَمَ الْهَوْلُ حَتَّى مَا يَبِيتُ فَتىً / فِي جَوْشَنِ اللَّيْلِ إِلَّا وَهْوَ سَاهِرُهُ
وَيْلُمِّهِ سَكَناً لَوْلا الدَّفِينُ بِهِ / مِنَ الْمَآثِرِ مَا كُنَّا نُجَاوِرُهُ
أَرْضَى بِهِ غَيْرَ مَغْبُوطٍ بِنِعْمَتِهِ / وَفي سِوَاهُ الْمُنَى لَوْلا عَشَائِرُهُ
يَا نَفْسُ لا تَجْزَعِي فَالْخَيْرُ مُنْتَظَرٌ / وَصَاحِبُ الصَّبْرِ لا تَبْلَى مَرَائِرُهُ
لَعَلَّ بُلْجَةَ نُورٍ يُسْتَضَاءُ بِهَا / بَعْدَ الظَّلامِ الَّذِي عَمَّتْ دَيَاجِرُهُ
إِنِّي أَرَى أَنْفُسَاً ضَاقَتْ بِمَا حَمَلَتْ / وَسَوْفَ يَشْهَرُ حَدَّ السَّيْفِ شَاهِرُهُ
شَهْرَانِ أَوْ بَعْضُ شَهْرٍ إِنْ هِيَ احْتَدَمَتْ / وَفِي الْجَدِيدَيْنِ مَا تُغْنِي فَوَاقِرُهُ
فَإِنْ أَصَبْتُ فَعَنْ رَأْيٍ مَلَكْتُ بِهِ / عِلْمَ الْغُيُوبِ وَرَأْيُ الْمَرْءِ نَاظِرُهُ
أَبَابِلُ رَأْيَ الْعَيْنِ أَمْ هَذِهِ مِصْرُ
أَبَابِلُ رَأْيَ الْعَيْنِ أَمْ هَذِهِ مِصْرُ / فَإِنِّي أَرَى فيها عُيُوناً هِيَ السِّحْرُ
نَوَاعِس أَيْقَظْنَ الْهَوَى بِلَوَاحِظٍ / تَدِينُ لَهَا بِالْفَتْكَةِ الْبِيضُ وَالسُّمْرُ
فَلَيْسَ لِعَقْلٍ دُونَ سُلْطَانِها حِمىً / وَلا لِفُؤادٍ دُونَ غِشْيَانِهَا سِتْرُ
فَإِنْ يَكُ مُوسَى أَبْطَلَ السِّحْرَ مَرَّةً / فَذَلِكَ عَصْرُ الْمُعْجِزَاتِ وَذَا عَصْرُ
فَأَيُّ فُؤادٍ لا يَذُوبُ صَبَابَةً / وَمُزْنَةِ عَيْنٍ لا يَصُوبُ لَهَا قَطْرُ
بِنَفْسِي وَإِنْ عَزَّتْ عَلَيَّ رَبِيبَةٌ / مِنَ الْعينِ في أَجْفَانِ مُقْلَتِهَا فَتْرُ
فَتَاةٌ يَرِفُّ الْبَدْرُ تَحْتَ قِناعِهَا / وَيَخْطِرُ فِي أَبْرَادِهَا الْغُصنُ النَّضْرُ
تُرِيكَ جُمَانَ الْقَطْرِ في أُقْحُوانَةٍ / مُفَلَّجَةِ الأَطْرَافِ قِيلَ لَهَا ثَغْرُ
تَدِينُ لِعَيْنَيْهَا سَوَاحِرُ بَابِلٍ / وَتَسْكَرُ مِنْ صَهْبَاءِ رِيقَتِهَا الْخَمْرُ
فَيَا رَبَّةَ الْخِدْرِ الَّذِي حَالَ دُونَهُ / ضَرَاغِمُ حَرْبٍ غَابُهَا الأَسَلُ السُّمْرُ
أَمَا مِنْ وِصَالٍ أَسْتَعِيذُ بِأُنْسِهِ / نَضَارَةَ عَيْشٍ كَانَ أَفْسَدَهُ الْهَجْرُ
رَضِيتُ مِنَ الدُّنْيَا بِحُبِّكِ عَالِمَاً / بِأَنَّ جُنُونِي فِي هَوَاكِ هُوَ الْفَخْرُ
فَلا تَحْسَبِي شَوْقِي فُكَاهَةَ مَازحٍ / فَمَا هُوَ إِلَّا الْجَمْرُ أَوْ دُونَهُ الْجَمْرُ
هَوىً كَضَمِيرِ الزَّنْدِ لَوْ أَنَّ مَدْمَعِي / تَأَخَّرَ عَنْ سُقْيَاهُ لاحْتَرَقَ الصَّدْرُ
إِذَا مَا أَتَيْتُ الْحَيَّ فَارَتْ بِغَيظِهَا / قُلُوبُ رِجَالٍ حَشْوُ آماقِهَا الْغَدْرُ
يَظُّنُّونَ بِي شَرَّاً وَلَسْتُ بِأَهْلِهِ / وَظَنُّ الْفَتَى مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وِزْرُ
وَمَاذَا عَلَيْهِمْ إِنْ تَرَنَّمَ شَاعِرٌ / بِقَافِيَةٍ لا عَيْبَ فِيهَا وَلا نُكْرُ
أَفِي الْحَقِّ أَنْ تَبْكِي الْحَمَائِمُ شَجْوَها / ويُبْلَى فَلا يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ حُرُّ
وَأَيُّ نَكِيرٍ فِي هَوىً شَبَّ وَقْدُهُ / بِقَلْبِ أَخِي شَوْقٍ فَبَاحَ بِهِ الشِّعْرُ
فَلا يَبْتَدِرْنِي بِالْمَلامَةِ عَاذِلٌ / فَإِنَّ الْهَوَى فِيهِ لِمُعْتَذِرٍ عُذْرُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحُبِّ فَضْلٌ عَلَى النُّهَى / لَمَا ذَلَّ حَيٌّ لِلْهَوَى وَلَهُ قَدْرُ
وَكَيْفَ أَسُومُ الْقَلْبَ صَبْراً عَلَى الْهَوى / وَلَمْ يَبْقَ لِي فِي الْحُبِّ قَلْبٌ وَلا صَبْرُ
لِيَهْنَ الْهَوَى إِنِّي خَضَعْتُ لِحُكْمِهِ / وَإِنْ كَانَ لِي فِي غَيْرِهِ النَّهْيُ وَالأَمْرُ
وَإِنِّي امْرُؤٌ تَأْبَى لِيَ الضَّيْمَ صَوْلَةٌ / مَوَاقِعُهَا فِي كُلِّ مُعْتَرَكٍ حُمْرُ
أَبِيٌّ عَلَى الْحِدْثَانِ لا يَسْتَفِزُّنِي / عَظِيمٌ وَلا يَأْوِي إِلَى سَاحَتِي ذُعْرُ
إِذَا صُلْتُ صَالَ الْمَوْتُ مِنْ وَكَرَاتِهِ / وَإِنْ قُلْتُ أَرْخَى مِنْ أَعِنَّتِهِ الشِّعْرُ
لِلشِّعْرِ في الدَّهْرِ حُكْمٌ لا يُغَيِّرُهُ
لِلشِّعْرِ في الدَّهْرِ حُكْمٌ لا يُغَيِّرُهُ / مَا بِالْحَوادِثِ مِنْ نَقْضٍ وَتَغْيِيرِ
يَسْمُو بِقَوْمٍ وَيَهْوِي آخَرُونَ بِهِ / كَالدَّهْرِ يَجْرِي بِمَيْسُورٍ وَمَعْسُورِ
لَهُ أَوَابِدُ لا تَنْفَكُّ سَائِرَةً / فِي الأَرْضِ مَا بَيْنَ إِدْلاجٍ وَتَهْجِيرِ
مِنْ كُلِّ عَائِرَةٍ تَسْتَنُّ فِي طَلَقٍ / يَغْتَالُ بِالْبُهْرِ أَنْفَاسَ الْمَحَاضِيرِ
تَجْرِي مَعَ الشَّمْسِ فِي تَيَّارِ كَهْرَبَةٍ / عَلَى إِطارٍ مِنَ الأَضَواءِ مَسْعُورِ
تُطَارِدُ الْبَرْقَ إِنْ مَرَّتْ وَتَتْرُكُهُ / فِي جَوْشَنٍ مِنْ حَبِيكِ الْمُزْنِ مَزْرُورِ
صَحَائِفٌ لَمْ تَزَلْ تُتْلَى بِأَلْسِنَةٍ / لِلدَّهْرِ في كُلِّ نَادٍ مِنْهُ مَعْمُورِ
يَزْهَى بِهَا كُلُّ سَامٍ فِي أَرُومَتِهِ / وَيَتَّقِي الْبَأْسَ مِنْهَا كُلُّ مَغْمُورِ
فَكَمْ بِهَا رَسَخَتْ أَرْكَانُ مَمْلَكَةٍ / وَكَمْ بِهَا خَمَدَتْ أَنْفَاسُ مَغْرُورِ
وَالشِّعْرُ دِيوانُ أَخْلاقٍ يَلوحُ بِهِ / مَا خَطَّهُ الْفِكْرُ مِنْ بَحْثٍ وَتَنْقِيرِ
كَمْ شَادَ مَجْدَاً وَكَمْ أَوْدَى بِمَنْقَبَةٍ / رَفْعاً وَخَفْضَاً بِمَرْجُوٍّ وَمَحْذُورِ
أَبْقَى زُهَيْرٌ بِهِ مَا شَادَهُ هَرِمٌ / مِنَ الْفَخَارِ حَدِيثاً جدَّ مَأْثُورِ
وَفَلَّ جَرْوَلُ غَرْبَ الزِّبْرِقَانِ بِهِ / فَبَاءَ مِنْهُ بِصَدْعٍ غَيْرِ مَجْبُورِ
أَخْزَى جَرِيرٌ بِهِ حَيَّ النُّمَيْرِ فَمَا / عَادُوا بِغَيْرِ حَدِيثٍ مِنْهُ مَشْهُورِ
لَوْلا أَبُو الطَّيِّبِ الْمَأْثُورُ مَنْطِقُهُ / مَا سَارَ فِي الدَّهْرِ يَوْمَاً ذِكْرُ كَافُورِ
فُؤَادِي وَالْهَوَى قَدَحٌ وَخَمْرُ
فُؤَادِي وَالْهَوَى قَدَحٌ وَخَمْرُ / أَمَا في ذَاكَ لِي طَرَبٌ وَسُكْرُ
يَلُومُونِي عَلَى كَلَفِي بِلَيْلَى / وَلَيْلَى في سَمَاءِ الْحُسْنِ بَدْرُ
لَهَا خَدٌّ بِهِ لِلْحُسْنِ وَرْدٌ / وَلَحْظٌ فِيهِ لِلْمَلَكَيْنِ سِحْرُ
تَضِنُّ عَلَيَّ بِالتَّسْلِيمِ تِيهاً / وَهَلْ فِي سُنَّةِ التَّسْلِيمِ وِزْرُ
يَلُوحُ جَبِينُهَا في طُرَّتَيْهَا / كَما أَوْفَى عَلَى الظَّلْمَاءِ فَجْرُ
وَتَبْسِمُ عَنْ جُمَانٍ فِي عَقِيقٍ / يُقَالُ لَهُ بِحُكْمِ الذَّوْقِ ثَغْرُ
أَبَى الضَّيْمَ فَاسْتَلَّ الْحُسَامَ وَأَصْحَرَا
أَبَى الضَّيْمَ فَاسْتَلَّ الْحُسَامَ وَأَصْحَرَا / وَذُو الْحِلْمِ إِنْ سِيمَ الْهَوَانَ تَنَمَّرَا
وَطَارَتْ بِهِ فِي مُلْتَقَى الْخَيْلِ عَزْمَةٌ / أَعَادَتْ جَبِينَ الصُّبْحِ بِالنَّقْعِ أَكْدَرَا
فَرَدَّ ذُبَابَ الْمَشْرَفيِّ مُثَلَّماً / وَغَادَرَ صَدْرَ السَّمْهَرِيِّ مُكَسَّرَا
جِلادُ امْرِئٍ آلَى بِقَائِمِ سَيْفِهِ / عَلَى الْمَجْدِ أَنْ يُولِيهِ نَصْرَاً مُؤَزَّرَا
جَدِيرٌ إِذَا مَا هَمَّ أَنْ يَكْسُوَ الْقَنَا / وَبِيضَ الظُّبَا ثَوْباً مِنَ الدَّمِ أَحْمَرَا
وَمَا كُلُّ مَنْ سَاسَ الأَعِنَّةَ فَارِسَاً / وَلا كُلُّ مَنْ نَاشَ الأَسِنَّةَ قَسْوَرَا
حَبَّذَا الرَّاحُ فِي أَوَانِ الْبَهَارِ
حَبَّذَا الرَّاحُ فِي أَوَانِ الْبَهَارِ / وَاقْتِرانُ الْكُؤُوسِ بِالنُّوَّارِ
وَرَنِينُ الأَوْتَارِ فِي فَلَقِ الصُّبْ / حِ وَسَجْعُ الطُّيُورِ فِي الأَوْكَارِ
بَيْنَ جَوٍّ مَعَ الْغَمَائِمِ سَارٍ / وَفَضَاءٍ مَعَ الْجَدَاوِلِ جَارِي
مَنْظَرٌ يَفْتِنُ الْعُقُولَ وَيَجْلُو / صَفَحَاتِ الْقُلُوبِ وَالأَبْصَارِ
إِنَّ عَصْرَ الشَّبَابِ فِينَا مُعَارٌ / وَاللَّيَالِي تَرُدُّ كُلَّ مُعَارِ
فَاسْرَحَا وَامْرَحَا فَقَدْ آذَنَتْنَا / نَسَمَاتُ الصَّبَا بِخَلْعِ الْعِذَارِ
وَاغْنَما صَفْوَةَ الرَّبِيعِ بِدَاراً / فَالأَمَانِي مَعْقُودَةٌ بِالْبِدارِ
هُوَ فَصْلٌ تَخْتَالُ فِيهِ غُصُونُ الرْ / رَوْضِ فِي حِلْيَةٍ مِنَ الأَزْهَارِ
مَائِساتٍ مِثْلَ الْعَذَارَى عَلَيْهِنْ / نَ ثِيَابٌ دُرِّيَّةُ الأَزْرَارِ
غَمَزَتْهَا يَدُ الصَّبَا فَتَلَوَّتْ / رَاقِصَاتٍ عَلَى غِنَاءِ الْقَمَارِي
رَشَفَتْ خَمْرَةَ النَّدَى مِنْ كُؤُوسِ الزْ / زَهْرِ حَتَّى تَمَايَلَتْ مِنْ خُمَارِ
فَانْتَبِهْ يَا نَدِيمُ وَاسْتَصْبِحِ السَّا / قِي بِكَأْسٍ تَفِيضُ بِالأَنْوَارِ
وَاسْقِيَانِي وَغَنِّيَانِي بِلَحْنٍ / يَبْعَثُ النَّفْسَ مِنْ إِسَارِ الْوَقَارِ
فَلَقَدْ آذَنَ الشَّتَاءُ بسَيْرٍ / وَاسْتَهَلَّتْ طَلائِعُ النُّوبَهارِ
وَاسْتَدَارَ النَّهَارُ حَتَّى تَساوَتْ / كَفَّتَاهُ بَيْنَ الدُّجَى وَالنَّهَارِ
يَلُومُونَنِي في الْجُودِ وَالْجُودُ مُزْنَةٌ
يَلُومُونَنِي في الْجُودِ وَالْجُودُ مُزْنَةٌ / إِذَا هَمَلَتْ فِي مَوْضِعٍ نَبَتَ الشُّكْرُ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يُنْفِقْ مِنَ الْمَالِ وُسْعَ مَا / دَعَتْهُ الْمَعَالِي فَالثَّراءُ هُوَ الْفَقْرُ
أَرَى كُلَّ شَيءٍ عُرْضَةً لِلتَّغَيُّرِ
أَرَى كُلَّ شَيءٍ عُرْضَةً لِلتَّغَيُّرِ / فَمَا بَالُنَا بَعْدَ الْحَقِيقَةِ نَمْتَرِي
تَرَسَّمْ فَضَاءَ الأَرْضِ شَرْقَاً وَمَغْرِبَاً / عَسَاكَ تَرَى آثَارَ كِسْرَى وَقَيْصَرِ
أَلائِمَتِي كُفِّي الْمَلامَ عَن الَّذِي
أَلائِمَتِي كُفِّي الْمَلامَ عَن الَّذِي / أُحَاوِلُهُ مِنْ رِحْلَةٍ وَسِفَارِ
فَلَوْلا سُرَى الْبَدْرِ الْمُنِيرِ لَعَاقَهُ / عَنِ التِّمِّ لُبْثٌ فِي مَغِيبِ سِرَارِ