المجموع : 89
أصبحتُ بعدَك يا شقيقَ النّفسِ في
أصبحتُ بعدَك يا شقيقَ النّفسِ في / بحرٍ من الهمِّ المبرِّحِ زَاخِرِ
متفرّداً بالهمِّ مَن ليَ ساعةً / بِرفَاقِ شَعَيا أو عُلالة دَاهِر
كفَى حزَناً أنّي مقيمٌ ببلدةٍ
كفَى حزَناً أنّي مقيمٌ ببلدةٍ / يُعلّلُني بعدَ الأحبّةِ دَاهِرُ
يحدّثُني ممّا يُجمّعُ عقلُه / أحاديثَ منها مستقيمٌ وجَائِرُ
لقد ولّى زمانٌ نحنُ فيه / فُسقياً للحِمَام به ورُعيَا
إسارٌ بين أتراكٍ ورُومٍ / وفقدُ أحبّةٍ ورِفاقُ شَعَيا
شَبيهةَ حبّاتِ القُلوبِ لك الهَوى
شَبيهةَ حبّاتِ القُلوبِ لك الهَوى / وهل لفؤادٍ عن سُويدائِهِ صَبرُ
على نَحْرِكِ الدّاجِي زهَا الدُّرُّ مثلما / زَهَتْ في دياجي اللّيل أنجمُهُ الزُّهْرُ
لأَنتِ شَبابٌ ما يَشينُ سوادَه / بياضُ مشيبٍ والشّبابُ هو العمْرُ
لقد أكثرَ اللُّوَّامُ فِيكِ وجهلُهم / إذا عنّفونِي في هواكِ هو العُذْرُ
اُنظُر إلى الأيام كيفَ تَقودُنا
اُنظُر إلى الأيام كيفَ تَقودُنا / قَسْراً إلى الإِقرارِ بالأقْدَارِ
ما أوقدَ ابنُ طُلَيْبِ قطُّ بِدارهِ / نَاراً وكان هلاكُها بالنّارِ
يا مُنقِذي ويدُ الزَّمانِ تَنُوشُني
يا مُنقِذي ويدُ الزَّمانِ تَنُوشُني / ومُقيلَ جَدّي وهْو كابٍ عاثِرُ
حتّامَ أنتَ لِثِقْلِ هَمّي حَاملٌ / ولما يهيضُ الدّهرُ منّي جَابِرُ
ومقارِعٌ دونِي الزمانَ وأهلَه / مستلئِمينَ وأنت فَذٌّ حَاسرُ
مهلاً فَدىً لك مهجةٌ دافَعْتَ عن / حَوْبائِها إذ ليسَ غيرَكَ نَاصرُ
خَفِّضْ عليكَ فلِلأُمور نهايةٌ / وإلى النّهايةِ كلُّ شيءٍ صَائِرُ
كلّ يومٍ فتحٌ مبينٌ ونَصرُ
كلّ يومٍ فتحٌ مبينٌ ونَصرُ / واعتلاءٌ على الأعادِي وقَهرُ
قد أتَاكَ الزّمانُ بالعُذرِ والإع / تابِ ممّا جَناهُ إذ هُو غِرُّ
صدَق النّعْتُ فيك أنتَ معينُ الدْ / دِينِ إن النُّعوتَ فَأْلٌ وزَجرُ
أنت سيف الإسلامِ حقّاً فلا فَلْ / لَ غِرَارَيْكَ أيّها السيفُ دهرُ
بك زادَ الإِسلامُ يا سيفَه المِخ / ذَمَ عزّاً وذلَّ شِركٌ وكُفرُ
ثق بإدراكِ ما تؤمِّلُ إنّ الْ / لَهَ يجزِي العبادَ عمّا أسَرُّوا
لم تَزلْ تُضمرُ الجهادَ مُسِرّاً / ثُم أعلنْتَ حينَ أمكنَ جَهرُ
كُلُّ ذخرِ الملوكِ يفنَى وذُخرا / كَ هما الباقيان أجرٌ وشكرُ
للنّدى مالكُ المباحُ وما ما / لُكَ إلاّ جُرْدٌ وبِيضٌ وسُمْرُ
عمَّ أهلَ الشّآمِ عدلُكَ لكنْ / نَا بَعُدنا وغايةُ البعدِ مِصرُ
فَحُرِمْنا من بَينِهِم رَيْعَ ما كُنْ / نَا زَرعنا وقال زيدٌ وعمرُو
أمِنَ العدلِ أنّنَا في بلادِ ال / كُفرِ شَفعٌ وأنتَ في الغزوِ وَتْرُ
كان حظِّي من ذاكَ ذكراً شَنيعَا / ثُمّ مالي فيمن يُجاهِدُ ذِكرُ
لا تَنَاسَى مَن كانَ ظِلَّكَ في العُسْ / رِ وضيقِ الزّمانِ إذ جَاءَ يُسْرُ
إنّ حسنَ الوفاءِ من مَلكٍ مِثْ / لَكَ فضلٌ يَرويهِ بدوٌ وحَضْرُ
فابقَ واسلَم وزِدْ على رغْمِ أعدا / ئِكَ جَدّاً ما أعقبَ الليلَ فَجرُ
لا أغبّ الزّمانُ قصدَ أعادي / كَ ولا شدَّ من تهَيَّضْتَ جَبرُ
صديقٌ لنا كاللّيلِ يَستُر ال / دّخان ويُبدِي النّورَ للمتَنوِّرِ
يُوارِي إساءَاتي ويُبدِي محاسِنِي / ويحفَظُ غَيبي في مغيبي ومَحضَرِي
يَا من يُهينُ المالَ في كَسبِ العُلا
يَا من يُهينُ المالَ في كَسبِ العُلا / ويَرى الثَناءَ أجلَّ ذُخرٍ يُذْخَرُ
أغْرَبْتَ في بذلِ النّوالِ وخاطبُ ال / علياءِ ليسَ بضائعٍ ما يَمهَرُ
وسعيتَ للمجد الّذي في مِثله / إلاّ عليكَ حُزونةٌ وتَوعُّرُ
وبذلتَ جودَك للعُفاةِ فما لهم / وِردٌ سواهُ وليس عنهُ مَصدَرُ
كَم من يَدٍ أوليتَنِيها أثْمرتْ / عِندِي وما كلّ الأيادِي تُثمرُ
وكرامةٍ أبداً أبوحُ بشكرِها / إنّ الكريمَ على الكرامةِ يُشكَرُ
والشكرُ من مثلي يَزينُ وإنّما / بِثَناءِ من يُثنَى عليهِ يُفْخَرُ
وصنائِعُ المعروفِ كالوسمِيِّ ذَا / من قَطره نبتٌ وهذا جوهَرُ
لكنْ مكانِي من أَنْعُمِ الملكِ الصْ / صالِحِ لا تهتدي له الغِيَرُ
أَنهَلَنِي ثمّ علّني جودُه الْ / غمرُ فبُعدي عن بابِه صَدَرُ
فقُلْ لِمن سَرَّهُ بِعادِيَ ما / تبعدُ أرضٌ يؤمّها المَطَرُ
ما ضَرّنِي البعدُ عن نَدى ملكٍ / يبلغُ ما ليسَ يبلغُ الخَبَرُ
يطلبُ طُلاّبَ جُوِده فَلِمَنْ / يرجو مُقَامٌ وللنّدَى سَفَرُ
أبقتْ عطاياهُ لي غنايَ كما / تبقَى عَقيبَ السّحائب الغُدُرُ
يا مالكاً أصبَحَتْ بدَوْلَتِه ال / أَيّامُ تزهو تيهاً وتَفْتَخِرُ
أطالَ باعِي جميلُ رأيِك فال / أَحداثُ دونِي في باعِها قِصَرُ
وشَدَّ أزرِي حتّى تَرَجَّيتُ أَنْ / يَحْملَ عنّي أَثْقالَ ما أَزِرُ
أَنْشَرْتَ لي أُسْرَتِي فشُكريَ ما / فاه فمِي في البلادِ مُنْتَشِرُ
وانْتَشتَهم من يدِ الخطوبِ ولا / ملجأَ منها يُنجِي ولا وَزَرُ
سيَّرهُمْ فضلُك الذي أَعْجَزَ ال / وصفَ ولم تَتلُ مثلَهُ السِّيَرُ
فَاْعُل وُدْم ما علا النّهَارُ ومَا / أضاء في حِندِس الدّجَى القَمَرُ
مشَرِّفاً عصرَنا البهيمَ فأيْ / يامُكَ فيه الأوضاحُ والغُرَرُ
واجْتلِها بنتَ يومها ثمّ عُمْ / رُ الدّهرِ حتى يَفنى لها عُمُرُ
يضُوعُ منها في كلّ قُطرٍ من ال / أرضِ ثناءٌ كأنّه قُطُرُ
ولو رأَى الجوهريّ ألفاظَها الْ / غُرِّ لَما شَكَّ أنّها دُرَرُ
هَذَا وفيها إن رُمْتُ شكراً لإِنْ / عامِكَ أو حَصْرَ بعضِه حَصَرُ
سأرحَلُ عن جَنابِكَ غيرَ قالٍ
سأرحَلُ عن جَنابِكَ غيرَ قالٍ / بِشُكرٍ يفْغَمُ الآفاقَ نَشْرَا
وما شُكرِي لِما أوليتَ كُفءٌ / ولكنّي سأُبلي فيهِ عُذرَا
أظَنَّ العِدَا أنَّ ارتحالِيَ ضائِري
أظَنَّ العِدَا أنَّ ارتحالِيَ ضائِري / ضَلالاً لِمَا ظَنَّوا وهل يكسُدُ التَّبرُ
وما زَادنِي بُعدِي سِوَى بُعدِ همّةٍ / كما زاد نُوراً في تباعُدِه البَدرُ
ولو كانَ في طُولِ الثَّواء فضيلةٌ / لما انتقلتْ في أفْقِها الأنجمُ الزُّهْرُ
ولو لَزِمت أغمادَها البيضُ ما انجَلتْ / بها غَمَراتُ الحربِ واتَّضَحَ النّصرُ
وهلْ في ارتحالي عن بلادٍ تنكّرتْ / لِمثليَ أو للسّاكِنينَ بها فَخرُ
وإنّ بلاداً ضاق عنّي فضاؤُها / لأرحَبُ من أكنافِها للعُلا فِترُ
وأرضاً نَبَتْ بي وهي آهِلَةُ الرُّبى / هي القَفرُ لاَ بل دُون وحشتها القَفْرُ
وهل يُنكرُ الأعداءُ فضلِي وإنّه / لأَسْيَرُ ذِكراً أن يوارِيَهُ الكَفْرُ
ألستُ الذي ما زال كهلاً ويافعاً / له المُكْرَماتُ الغُرُّ والنّائلُ الغَمْرُ
وخائضَ وقْعَاتٍ بوارقُها الظُّبَا / ووابلُ هاتِيكَ البروقِ دمٌ هَمْرُ
يهولُ الرّدى منّى تَقحُّمِيَ الرّدى / ويَعتادُه من جأشيَ الرابطُ الذُّعرُ
ولو حكَمَتْ بيني وبَينهُم الظُّبَا / رضيتُ بما تَقضي المهنَّدَةُ البُتْرُ
ولكنْ تولَّى الحاكمانِ قضاءَنا / فكان أبُو مُوسى لنا ولهمُ عمرُو
إن فاجَأَتْكَ اللّيالي
إن فاجَأَتْكَ اللّيالي / بما يسوءُ فَصَبْرَا
فالدهرُ يُرهِقُ عُسراً / ويُتبِعُ العُسرَ يُسرا
لو دامَ ما ساءَ مِنْهُ / لدامَ ما كانَ سَرَّا
الْق الخُطوبَ إذا طَرقْ
الْق الخُطوبَ إذا طَرقْ / نَ بقلبِ مُحتسبٍ صَبورِ
فَسينقَضي زمنُ الهُمُو / مِ كَما اُنقَضى زَمنُ السُّرورِ
فَمِنَ المُحالِ دوامُ حا / لٍ في مَدى العمرِ القَصيرِ
اُستُر هُمومَكَ بالتَّجمُّلِ واُصطَبِر
اُستُر هُمومَكَ بالتَّجمُّلِ واُصطَبِر / إنَّ الكريمَ على الحوادثِ يَصبِرُ
كالشَّمعِ يُظهرُ نورَه مُتجَمِّلاً / خوفَ الشَّماتِ وفيه نارٌ تُسعَرُ
لا تَأْمَنَنْ كَيدَ العَدُوْ
لا تَأْمَنَنْ كَيدَ العَدُوْ / وِ فَأَمنُ كيدِهِمُ غَرَرْ
كُنْ منْه إن كان القَوِيْ / يَ أو الضَّعيفَ على حَذَرْ
فالماءُ يُطفي النارَ طب / عَاً في الصَّفاءِ وفي الكَدَرْ
عش واحداً أو فالتَمِسْ لكَ صاحِباً
عش واحداً أو فالتَمِسْ لكَ صاحِباً / في مَحتِدَيْ ورَعٍ وطيبِ نِجارِ
واحذَر مُصاحَبةِ السَّفيهِ فشَرُّ ما / جلبَ النَّدامَةَ صُحبةُ الأشْرارِ
والنّاسُ كالأشجار هَذي يُجتَنى / منها الثِّمَارُ وذي وَقودُ النّارِ
إن يستُروا وجْهَ إحساني بكُفرهِمُ
إن يستُروا وجْهَ إحساني بكُفرهِمُ / فالشَّمسُ أدنى سحابٍ عَنَّ يَستُرُها
وإن هُمُ كدّروا صفوي بغشِّهِمُ / فالعينُ أدنى القذى فيها يكدِّرُها
إن كنتُ في مصرَ مجهولاً وقد شُهِرَتْ
إن كنتُ في مصرَ مجهولاً وقد شُهِرَتْ / فَضائِلي بينَ بَدْوِ النّاسِ والحَضَرِ
فما على الشّمسِ من عارٍ تُعابُ به / إذا اختَفى ضَوءُها عن غيرِ ذي بَصَرِ
كفى حَزَناً أَنَّ الحوادثَ قصَّرَتْ / يَدي ولساني عن نَوالٍ وعن أَمْرِ
فما يَخْتَشي الأعداءُ بأسي وسَطوَتي / ولا يرتَجي الإخوانُ نَفعي ولا نَصْري
إذا نابَهُم خطبٌ فكلُّ استِطاعَتي / تلَهُّبُ أنفاسٍ أحَرُّ مِن الجَمرِ
ولا خيرَ في الدّنيا لمِثلي ولو صَفَتْ / إذا كان لا يُرجى لنفعٍ ولا ضَرِّ
سهلٌ على العارِفِ بالدَّهرِ / ما نابَ من مُستصْعَبِ الأَمْرِ
وكلُّ ما استُعْظِمَ من حادِثٍ / مُسْتَصْغَرٌ في جانِبِ الصَّبْرِ
أُنظُر إلى حسن صَبرِ الشّمعِ يُظهر للرْ
أُنظُر إلى حسن صَبرِ الشّمعِ يُظهر للرْ / رَائين نوراً وفيه النّارُ تَستَعِرُ
كذا الكريمُ تراه ضاحِكاً جَذِلاً / وقلبُه بدخيل الهِمِّ مُنفَطِرُ
اصْبِر على ما كرِهتَ تَحْظَ بما
اصْبِر على ما كرِهتَ تَحْظَ بما / تَهْوَى فما جازِعٌ بمعذورِ
إنّ اصطبارَ الجَنينِ في ظُلَمِ ال / أحشاءِ أفضى به إلى النّورِ
إنّي لأعرِفُ من وجهِ العدُوِّ وَإِن
إنّي لأعرِفُ من وجهِ العدُوِّ وَإِن / أبدى المُداجاةَ ما تُخفي ضَمائِرُهُ
كالخَطِّ يلحَظُهُ القاري فيوصِلُ مَعْ / ناهُ إلى قَلْبِه في الوقتِ ناظرُهُ
يقولون جارَ عليك المشيبُ
يقولون جارَ عليك المشيبُ / ومَن ذا يُجيرُ إِذا الشيبُ جَارَا
وما كنتُ مغتبطاً بالشّبابِ / وهل كان إلاّ رِداءً مُعارَا
ولكنَّني ساءَني فَقدُهُ / فواهاً له أيَّ همٍّ أثَارَا
وما سَاءَني أن أحالَ الزّمانُ / لَيلي نهاراً وجَهلي وقَارَا
ولكن يقولُون عَصرُ الشّبابِ / يكونُ لكلِّ سرورٍ قَرارَا
وما زلتُ مُنذ تردّيتُهُ / كخَابِط ليلٍ أُعانِي العثَارَا
أكابِدُ دهراً يُشيب الوليدَ / وهمّا يَشُبُّ بأحشايَ ناَرَا
فوجْديَ أنِّيَ فارَقتُه / ولم أَبْلُ ما يزعُمونَ اختِبَارَا