المجموع : 137
لَقَد سَئمت دنياي نَفسي فإنها
لَقَد سَئمت دنياي نَفسي فإنها / لمنزلة لي دون منزلة القبر
فَما أَنا في قَبري أحس ببعض ما / أحس به في جنب دنياي من شر
لَقَد سامني دَهري بِبَغداد ذلةً
لَقَد سامني دَهري بِبَغداد ذلةً / وَماذا عَسى في مصر أَن يفعل الدهر
وظنيَ أَني سَوفَ ألقى حفاوة / يَطول عَلى الأيام مني لها الشكر
وأَما الألى ما إِن لهم من حَقيقة / فَلا خيرهم خير وَلا شرهم شر
لَقَد ضَرَّ أَعدائي بِمالي وَمَنصبي / وأَما بِعِرضي أَو بجاهي فَما ضروا
وَقفت أَمام السيل ينطح جبهتي / بمنتصف الوادي كَما وقف الصخر
إذا لَم يذد عَن نفسه بلسانه / فَقُل ليَ ماذا يَفعَل الشاعر الحر
هُوَ البحر لا يَبقى عَلى حالة له / فطوراً به مدٌّ وَطوراً به جزر
بَغداد لَيسَت كَما قد كنت تعرفها
بَغداد لَيسَت كَما قد كنت تعرفها / فيما اِنقضى عهده من سابق العصرِ
لَم يغضب الشعب من خسفٍ يسام به / كأَنَّما الشعب قوم لَيسَ من مضر
وَالحر كالعبد قد ماتَت حماسته / وَالصادق القول مثل الكاذب الأشر
عرِّج بِبَغداد تعرف مثل معرفتي / فَما عيان امرئٍ للشيء كالخبر
قد أَحرَجوني بما جاؤوه من سفه / فأَخرجونيَ من أَرضي عَلى كبري
العَيش للحر في بَغداد معتكر / وَلَيسَ في غير بغداد بمعتكر
في لَيل بغداد من فقد الأمان به / لا يَستَطيع امرؤ يَمشي بلا خفر
وَكم هنالك نذلاً في صحيفته / يسبني بلسان بارز قذر
إن قد وزرت بإعلاني مساوئهم / فَلَيسَ يسلم إنسان من الوزر
أُمّاه إنّي ضَريرُ
أُمّاه إنّي ضَريرُ / وَالقَلب مني كَسيرُ
أَعمى فَلست أَرى يو / ماً ما يَراه البَصير
إني إلى حاجة لي / بلا عصا لا أَسير
أُمّاه ما في حَياة ال / طفل الضَرير سرور
يا أُم إن شقائي / لَو تَعلَمين كَبير
يومي وَلَيلي سواء / كِلاهُما لا يُنير
أُمّاه إني إلى أَن / أَراكَ يَوماً فَقير
وإن طرفاً يَرى وج / هَ من أحب قَرير
يا أُم إن لم يضرْني ال / عمى فَماذا يضير
أُمّاه هَل هذه الدن / يا رحبة تَستَنير
وَهَل بها للألى يب / صرون شيء كَثير
صِفِي النهارَ فإني / ما بالنهار خَبير
هَل النهار بأَن يح / مدَ النهار جَدير
هَل الضياء جَميل / كَما يَقول البَصير
وَهَل إذا الشمس ذرت / فضوؤها مُستَطير
وَهَل إِذا الشمس غابَت / لا يلمس الأرض نور
وَهَل هناك خفاء / وَهَل هناك ظهور
وَهَل هناك سماء / فيها النجوم تدور
تَبدو فَتَلمَع حيناً / وَبعد ذاك تغور
وَهَل هنالك بدر / كَما يقال منير
وَهَل إذا طمس الني / يِران ساءَ المَصير
وَهَل إذا جاء فصل ال / رَبيع تَزهو الزهور
وَهَل جَميل عليها ال / فراش حين يطير
وَهَل يروق الى جا / نب الرياض الغَدير
مالي غِنىً عَن جوابٍ / يا أُم إني ضَرير
لهف نَفسي عَلى خلالٍ لِقَومي
لهف نَفسي عَلى خلالٍ لِقَومي / أَفلت بعد نشرها الأنوارا
لست أَدري أَتِلك بيض سجايا / أَم نجوم عَن مُقلَتي تتوارى
إِن يَكن أَهلها الكِرام تولَّوا / فَلَقَد خلَّفوا لنا آثارا
خير قوم تبوأوا خير أَرض / لا يذم النَزيل فيهم جوارا
سل عَن القوم دارسات طلول / تَرَكوها تخبر الأخبارا
ترك الدهرُ وَالحوادِثُ منها / عبراً للعيون واِستعبارا
إن من كانَ ذا حجىً وَنَشاطٍ / طلب الفوز يمتطي الأخطارا
مشيه للأمام غير مبال / أسهولاً يجوب أَم أوعارا
وَالَّذي كانَ عاجِز الرأي فدماً / فَهو إِن خابَ عاتب الأقدارا
دجلة إِن درى بنو دجلة أَن / يَستَفيدوا منها تَفيض نضارا
إن أَعمالكم لعمري ساءَت / يعرباً في ضريحه وَنزارا
أَيُّها الشعب طال نومك فايقظ / لِلمَساعي فاللَيل صار نهارا
أَنا أُبدي للشعب خالص نصحي / وَعلى الشعب بعد أَن يختارا
أَيُّها الناس إنما الناس في الغر / بِ جنوا من رقيِّهم أَثمارا
اِستَفادوا من الطَبيعة حتى اس / تخدموا كَهرباءها وَالبخارا
ثُمَّ أَنتُم من البَعيد إليهم / أَيُّها الناس تنظرون حيارى
لا تتركنَّ الشرور تَنمو
لا تتركنَّ الشرور تَنمو / فأَول النار من شرارِ
إنَّ لجهل النفوس شراً / حذار من جهلها حذار
الناس لا يكبرون منهم / إلا الَّذي كان ذا يسار
فأَنتَ بالمال ذو نفوذ / وَأَنتَ بالمال ذو اِقتدار
إن كنت تَرجو في البر مالاً / فجب له واسع البراري
أَو كنت في البحر تَرتَجيه / فاركب له غارب البحار
لا يضجر الحر حين يَسعى / إلا من الذل وَالصغار
الغَرب قد أَخذ اللبابَ لنفسه
الغَرب قد أَخذ اللبابَ لنفسه / وَالشرق لاهٍ أَهلُه بقشورِ
لَما رأَت عيناي طياراته / وَقَد اِعتلت شبَّهتها بنسور
العِلم ثروة أُمَّة وَيسارُ
العِلم ثروة أُمَّة وَيسارُ / وَالجهل حرمان لها وَبوارُ
العلم قد دك الجبال فهدها / وأَضاءَ جنح اللَيل فهو نهار
بالعلم أطلعت البلاد كواكباً / بالعلم صارَت تنطق الأحجار
بالعلم قد ناجى مقيم نازحاً / وَعَلى الأثير تمشت الأخبار
بالعلم أدنى الناس شقة أَرضهم / بالعلم غاصوا في البحار وَطاروا
بالعلم قد طالَت فأدركت المنى / أَيدٍ عن الغرض الرَفيع قصار
خدم البلادَ الكَهرباءُ وَقبله / خدم المعامل في البلاد بخار
العلم يَنمو في المدارس دوحه / حيناً وَتقطف بعد ذاك ثمار
يا علم يا كل الهداية للورى / صَلّى عليك اللَه والأبرار
يا علم أَنتَ مخفف أوزارنا / لَولاك أَنقض ظهرنا الأوزار
ما كانَ يفلح في جهاد حَياته / شعب عَلى كسل له استمرار
سَيَموت رب العلم من مرض به / وَتَعيش دهراً بعده الآثار
شتان بين الدار تبسط ظلمة / وَالدار فيها تسطع الأنوار
بالعلم قد لبس العراق حضارة / ما إن تردت مثلها الأمصار
يا علم قل لي مخبراً أَين اِختفت / تلك النجوم الزهر والأقمار
يا علم قد كانَت ربوعك جنة / غناء تَجري تحتها الأنهار
من بعد ما كانت ربوعك جنة / يا علم عمَّ ربوعك الإقفار
يا علم غيرك الزَمان بصرفه / لا أَنت أَنت وَلا الديار ديار
إِن التوقف في زَمان حازم / فيه تقدمت الشعوب لعار
لا نجح إلا وَالمشقة أمُّه / كالنور يظهر حيث تَذكو النار
نور يشق حسامه بغراره / سجف الظلام وَهَكَذا الأسحار
وأهم عضو في الرجال لسانهم / وأهم جزء في السيوف غرار
الحرب بعد اليوم حرب سياسة / وَالغالِبون بها هم الأحرار
العدل فيها للمحارب جنةٌ / وَالعلم فيها المرهف البتار
من كانَ يَمشي في طَريق مستو / أَمن العثار فما هناك عثار
لا توقظنّي إن هجعت من الكرى / حتى يغرد في الصباح هزار
حاولت أن ألقى الحَقيقة جهرة / فإذا الحَقيقَة دونها أستار
لَو كانَ للإِنسان رأي صائب / لأتَت مؤيدة له الأقدار
يا قوم قد وعر الطَريق أمامكم / فإذا عزمتم تسهل الأوعار
لا يَرفع الوطن العَزيز سوى أمرئٍ / حر عَلى الوطن العَزيز يغار
إن هدّم العربيُّ حوض جدوده / سخطت عليه يعرب وَنزار
ثوبوا إلى العلم إن العلم مكرمة
ثوبوا إلى العلم إن العلم مكرمة / وَفي تلقيه لا يأخذكم الضجرُ
لَو أَصلح البشر الأنسال مهتدياً / بالعلم يوما لرقَّى نوعَه البشر
ما ذم قط حياتَه
ما ذم قط حياتَه / في الأَرض من هو ذو يسار
إن النهار مطية / وَالليل من بعد النهار
أَما المقلّ فإنه / يطوي الضلوع على سعار
لا يأمن الماشي بلي / لٍ للظلام من العثار
الشعب مستند إلى / جُرُفٍ من الآمال هاري
إنني والهزار فرعان من أص
إنني والهزار فرعان من أص / ل كلانا قد مارس الأشعارا
وكلانا بثَّ الصبابة إلا / أنني قد صرحت وهو أشارا
وكلانا أجاد نظم القوافي / غير أني قد فقت فيها الهزارا
فأنا أخبر الأنام بحبي / وهو بالحب يخبر الأطيارا
أنا فيه محرك ليراعى / وهو فيه يحرك المنقارا
أنا قد طرت في سماء المعاني / وهو في جو روضة قد طارا
وجناح الهزار ريش قليل / وجناحي فكري الَّذي لا يُجارى
أعشق الزُّهرَ في السماء فأشدو / وَهوَ في الأَرض يعشق الأزهارا
هو في نظمه يقلد طيراً / سبقته وإِنَّ فيَّ ابتكارا
يصف الحب وحده ثم إني / أصف الناس والهوى والديارا
وقصارى أنغامه الوجد أما / نغماتي فما لهن قُصارى
إنه شاعر يكرر ما قا / ل وإني لا أحمد التكرارا
شعره في الحياة وقف عليه / فهو إن عاش عاش أو بار بارا
وقريضي يعيش بعدي طويلاً / ويجوب البلاد والأمصارا
شاعر بالعراق ينظم شعرا
شاعر بالعراق ينظم شعرا / فيرى دون نشر ما قال عسرا
فيهادي به على البعد مصرا / حيث يَلقى الشعر المهذب نشرا
ان مصراً ريحانة الأمصار /
تبلغ النفس عند مصرَ مناها / طيَّب اللَه بالسلام ثراها
بلدة صيِّب النجاح سقاها / يجد الحرُ مأمناً في ذُراها
أنت يا مصر ملجأَ الأحرارِ /
يا ربوعَ الهوى عليك السلام / أنت للفنس مقصدٌ ومرامُ
في حماك النزيلُ ليس يضام / لأولى العلم في ذراك احترام
واعتبار في الجاه أي اعتبار /
قد رمتني الأحداث فارحم إلهي / بدواهٍ أَلممن إثر دواهي
ما لآلام روعِها من تناهي / آهِ من روعة الحوادث آهِ
إنها أذهبت جميلَ اصطباري /
ليت شعري أَحالُ همي تحول / وظلام الكروب عني يزول
ُأم كذا في الحياة كربي يطول / أنا كالسيف فيهِ بانت فلول
يعد أن سُلَّ وهو ماضي الغرار /
إنني في طبيعتي عصبيّ / ليَ حسٌّ سامٍ وقلبٌ أَبيُّ
ما تذللت منذ أني صبيّ / ليس يرضى بأسره عربيُّ
معشرَ التاء أطلقوا من إساري /
لي طبعٌ عن الإسارة ينبو / وفؤاد إلى الحضارة يصبو
ولسانٌ رطبٌ وشعرٌ عذب / وبِحارٌ غدا فخاريهِ ثلب
فاسأَلوا ان جهِلتمُ عن نجارى /
خلق الشعر لي أخاً وخدينا / فإذا ما حزنت كان حزينا
مر عمر فيه جميعاً حيينا / فاتل شعري تكسب بحالي يقينا
إن شعري مخبر عن شعارى /
كَنَسيم في آخر الليل يسري / أو كطلٍّ يَروق فوق الزهر
أنا منه إن لم يرق متبري / رققت حرقة الكآبة شعري
وكَذا النور أَصله من نار /
أَقوم في روضتي صباحاً
أَقوم في روضتي صباحاً / مستمعاً نغمة الهزار
وأبصر الشمس حين تبدو / أشعة الشمس كالنُضار
فأنظم الشعر غير صعب / كأَنما الشعر من شعاري
شعر قد اخترته لِنَفسي / والناس منه على الخيار
كأنه الحق حين يتلى / وما على الحق من غبار
علمني أن أجيد فيه / طول تعاطيه واختباري
والشعر إن لم يصف ذويه / فهو كثوب لهم معار
إن الغناء يثير في ال
إن الغناء يثير في ال / إنسان مبهمة الخواطرْ
والشعر يشبهه فَفي ال / فنَّين تسلية الضمائر
يا شعر إِنَّك أَنت صوت ضميري
يا شعر إِنَّك أَنت صوت ضميري / يبديك حزني تارة وَسروري
يا شعر أَنت بكاي يوم كآبتي / وَتبسمي يا شعر يوم حبوري
يا شعر أنت ممثل قلبي الَّذي / هو في الحَياة محركي ومديري
أَنا أَنت يا شعري وأَنت أَنا فمن / يقرأك يقرأ سيرتي وشعوري
ما أَنت إلّا صيحة أرسلتها / في اللَيل عند تكاثف الديجور
قد كنت حيناً في خفائك خافياً / حتى ظهرت فكان فيك ظهوري
يا شعر أنت إذا وصفتك موجزاً / شكوى الكظيم ونفثة المصدور
مالي أراك على الإجادة في الَّذي / توحيه منسياً من الجمهور
هَل أَنتَ في بلد أضاعك أهله / أَم أَنت بالإقبال غير جدير
أَحمامة غنت بجانب دجلة / لم يبق مستمع إليك فطيري
يا شعر إني سوف أدثر في الثرى / ميتاً وأَنت تعيش بعد دثوري
ولسوف تقرأك العيون مجلة / وتلذك الأسماع بعد عصور
يجد الغراب على صموت عاذراً / أَما الهزار فَلَيسَ بالمعذور
في الصبح زار العَندليب شقيقه / أفديكما من زائر ومزور
يا عندليب الروض ألقِ من الربى / بعضَ القصيد كشاعر مشهور
غرد هنالك ثم غرد ههنا / من أَجل ناس أَنصتوا وطيور
يا شعر أَنتَ سماء
يا شعر أَنتَ سماء / أطير فيها بفكري
طوراً أَسف وطوراً / أعلو كتَحليق نسر
إن لم تصور شعوري / فلست يا شعر شعري
من بعد موتي بحين / سيعلم القوم قدري
فقد وقفت حَياتي / لهم وأَفنيت عمري
أود أن تحفروا في / جنب النواسيّ قبري
إني أمت اليه / وإن تأخَّر عصري
بعد غمض نظرا
بعد غمض نظرا / فَرأى ما نكرا
وجد البيت الَّذي / شاده قد دثرا
ورأى البحر الَّذي / مدّه قد جزرا
حصر الشعر أُنا / سٌ غووا فانحصرا
فقد الشعر بهم / سمعه والبصرا
سلبوه ذلك ال / عز حتى حقرا
وأضاعوا فرصاً / ثم لاموا القدرا
من مشى منطلقاً / في ظلام عثرا
آه للشعر فقد / طاح فيما حذرا
شرب الكأس فما ار / تد حتى سكرا
ترك الصفوة من / ها وسفَّ الكدرا
ومضى معتدياً / وأتى معتذرا
إنهم قد هضموا ال / شعر حتى اِنتحرا
بعدما مات وفي / حفرة قد قبرا
قيض اللَه يَرا / عاً له قد نشرا
فنما في حقله / مخصباً وازدهرا
بعد ما الشعر اِختَفى / في عصور ظهرا
لا يجلي شاعر / لم يكن مبتكرا
شاعر العصر إذا / قال شعراً سحرا
هو يبني شعره / مثلما قد شعرا
لا كمن يطري به / لِنَوال نفرا
كل يوم سامع / أنت منه غررا
عندما تسمعه / فيك يبقي أثرا
كهزار قد نزا / فوق غصن خضرا
واِنثَنى منتفضاً / وجثا مستترا
نمَّ من مجثمه / هبّ يعطو حذرا
ثم أدنى سمعه / ثم ألقى نظرا
ثم غنى غرداً / وشدا مقتدرا
مثل خود لمست / ببنان وترا
أَو كروح قد أتت / لك تروى خبرا
فيك يا شعر أَنا / قد صرفت العمرا
إنني غير الَّذي / قد رأوا فيك أَرى
أَنتَ غصن مزهر / وَستحوى ثمرا
لَقَد هاجَ فيَّ الشعرَ ذكرُ أحبتي
لَقَد هاجَ فيَّ الشعرَ ذكرُ أحبتي / وأحسن شعر قيل ما هاجه الذكرُ
وَما الشعر إلا بالمَعاني الَّتي له / إذا كبر المعنى به كبر الشعر
كأنيَ من حبي لِلَيلى ومن نوىً
كأنيَ من حبي لِلَيلى ومن نوىً / نأت بيَ عن لَيلى أبيتُ على جمر
ويحدث عندي ذكر ليلى صبابةً / فماذا ترى لي محدثاً عندها ذكري
أحبك يا لَيلى على السخط والرضى / وأهواك يا ليلى على الوصل والهجر
لعلك يا ليلى إذا متُّ آسياً / تمرين يوماً بعد ذكري على قبري
تريدين مني الشعر يا ابنة يعرب / وإنك أنت الشعر أو قبلة الشعر
ونحن بأرض جمَّة شعراؤُها / ولما يُجِدْ في الشعر منهم سوى النزر
كثار لعمري المعجبون بشعرهم / وليس الألى قد برزوا فيه بالكثر
وما كل من قد غاص في البحر طالباً / ليخرج منه الدر يظفر بالدر
ويرزي بفحل الشعر ناسٌ حسادةً / أولئك فحل الشعر أيضاً بهم يزرى
ويدري غواة الشعر من هو مفرد / ولكنَّ من لم يغو بالشعر لا يدري
وليس المجيد المستقل مقلداً / ولا ذا مغالاة يبالغ في الأمر
وليس بسبّاقٍ سوى الشاعر الَّذي / إذا قال كان الشعر ضرباً من السحر
وهل عُدَّ يوماً غير ذي عبقرية / من الشعراء المستقلين في الفكر
ومن كانَ حراً في شعور يبثه / قريضاً يفك الشعر من ربقة الأسر
إذا الشعر لم يوقظ أناساً من الكرى / فَلَيسَ عليه وهو قد هزَّ من وزر
إذا كان من بحر الطبيعة يستقي / فَلَيسَ إلى التَقليد للشعر من فقر
تكاد على طول الجفاء ومضِّه / تَموت السَجايا الغرّ في الشاعر الحر
أدير بروض الشعر يا قوم أبصاري
أدير بروض الشعر يا قوم أبصاري / فأنظر أشواكاً بجانب أزهارِ
وما الشعر يخشى في العراق معارضاً / ولكنما أنصاره غير أنصار
وليس على ليل قد اسودَّ فحمه / ملام ولكنَّ الملام على الساري
وَللشعر إما قيل بالحق قيمة / وإن كانَ في بغداد لَيسَ له شاري
إذا لم يبث الشعر إحساس أهله / فَلَيسَ خليقاً أَن يفوز بإكبار
وأحسن شعر ما يتم انطباقه / على الأمر أو يبدي الخيال بمقدار
وأحسن منه حكمة عربية / تدور على الأَفواه كالمثل الجاري
ويكدر ماء الشعر بعد صفائه / ويصفو لمن يُعْنَى به بعد أكدار
سيأتي زَمان فيه للشعر دولة / فتخبر فيه القوم من أنا آثاري
اذا أَنا لم أَتبع شعوراً يجيش بي / فكيف إذا حاولتُ أنظم أَشعاري
أَقول لمن يزري على الشاعر الَّذي / له الحق جماً أن يكون هو الزاري
تريد مَع التقليد في الشعر جدة / وما زند أصحاب التقاليد بالواري
أراك بإيعاز الجهالة ساعياً / لتحويل ماء عن مجاريه موار
وكم تدعي بالشعر علما ونقده / وأَنتَ عن العلم الَّذي تدعي عاري
تريد بظفر منك تمزيق جلده / فهل لك عند الشعر ويحك من ثار
لعلك لا تدري بانك واقف / بليل وقد أَدجى على جرف هاري
أرى الناس في الآداب فوضى فما بهم / جريءٌ يعز الحق منها بإظهار
وإني دريت الحال ثم ذممته / فهل أَنتَ يا من جاء يحمده داري
إذا كان شعري لا يلاقي حفاوة / فَلَيسَ على شعري هنالك من عار
بل العار كل العار يلحق معشراً / أبوا لفساد الذوق أنساً بأفكاري