المجموع : 55
أيا ملكَ الأملاكِ قَد جاءني الّذي
أيا ملكَ الأملاكِ قَد جاءني الّذي / حبَوْتَ به من نعمةٍ وتعهّدِ
وأرسلتَ تستدعِي المديحَ وإنّه / لرأسِيَ تاجٌ والسّواران في يدِي
ولم يكن التّشريفُ لِي دَرَّ درُّه / سوى خزّ أثوابِي ودُرِّ مقلَّدي
وما أخّرَ النَّظْمَ الّذي كنتَ خاطباً / به بين هذا الخلق في كلِّ مشهدِ
سوى مرضٍ حوشيتَ منه وإنّني / لراضٍ بأنّي للأذى عنك مُفتدِ
وحال عن التّجويدِ ما قد شكوتُه / ولم أرضَ قولاً فيكَ غيرَ مجوَّدِ
وليس لمعقول اللّسانِ مقالةٌ / تُقالُ ولا مَشْىٌ لرجلِ المقيَّدِ
وَكَيفَ اِطّراحِي مدحَ مَن كان مدحُه / به الدّهرَ تسبيحي وطولُ تهجّدِي
أصولُ به فعلاً على كلِّ فاعلٍ / وأزهى به قولاً على كلّ منشدِ
وكم لِيَ في مدحِي عُلاكَ قصائدٌ / فَضَلْنَ اِفتِخاراً نَظْمَ كلِّ مُقصِّدِ
يَسِرْن عَلى الأكوار شرقاً ومغرباً / وَيَقطعنَ فينا كلَّ بَرٍّ وفَدْفَدِ
ويُطربن مَن أصغى لهنَّ بسمعِه / كما أطربتْ ذا الخمرِ ألحانُ مَعبدِ
فإنْ غرَّد الشادِي بهنَّ تنغُّماً / تناسيتَ تغريد الحَمامِ المغرّدِ
خَدَمتُكَ كَهلاً مُذ ثلاثون حجّةً / أروح بما ترضاه مِنِّي وأغتدِي
ولم تكُ منِّي هفوةٌ ما اِعتمدتُها / فكيف لما تأتي يدُ المتعمّدِ
وَما كانَ إلّا في رضاك تشمّرِي / وَلا كانَ إلّا في هواك تجرّدِي
تَنامُ الدّجى عنِّي وأقطعُ عرضه / دعاءً بما تهوى بجَفْنٍ مُسهَّدِ
وَأَعلمُ أنّي مُستجابٌ دعاؤُه / لصادقِ إِخلاصِي ومحضِ تودُّدِي
وَكنتَ ملكتَ الرِّقَ مِنِّيَ سالفاً / فخذْ رِبْقتِي عفواً بملكٍ مجدّدِ
فَأَمّا مَوالينا بَنوك فإنّهمْ / علَوْا في سماءٍ للعُلا كلَّ فرقدِ
سُيوفُ غِوارٍ بَيننا وتسلّطٍ / كهوفُ قرارٍ بيننا وتمهّدِ
هُمُ ورِثوا تلك النّجابةَ فيهمُ / كَما شِئتَها عَن سيّدٍ بعد سيّدِ
حُسدتَ بهمْ لمّا تناهى كمالُهمْ / ولا خيرَ فيمن عاش غيرَ محسَّدِ
وكم لهمُ في الملكِ من عَبَقٍ به / ومن مرتقىً عالي البناءِ مشيّدِ
وتُعرَف فيهمْ من شَمائلك التِي / بهرتَ بها آثار مجدٍ وسؤدُدِ
ولم ترمِ لمّا أن رميت إلى المنى / بهمْ أسهماً إلّا بسهمٍ مسدَّدِ
فَلا زلتَ مكفيّاً بهمْ كلَّ ريبةٍ / ولا زلتَ فيهمْ بالغاً كلَّ مقصدِ
وَإِنّك مِن قَومٍ إِذا شَهِدوا الوغى / فما شئتَ من عانٍ بها وفتىً رَدِ
وَمِن أَبيضٍ عندَ الضّراب مثلَّمٍ / وَمِن أَسمرٍ عندَ الطّعان مقصّدِ
أَبَوْا أَن يَسدّوا عَن عَظيمِ أناتِهِ / وَأَن يُحجموا عن جاحمٍ متوَقّدِ
وَأَن يَرجعوا إلّا بِشملٍ مجمّعٍ / جنَوْه لهمْ من كفِّ شملٍ مبَدَّدِ
ولم يُرَ فيهمْ والمخاوفُ جمّةٌ / مُوَلٍّ إلى أمنٍ ولا من معرّدِ
وَلَم يَرتووا إلّا بِما سال بالقنا / كما يرتوي بالماءِ من عطشٍ صَدِ
وَدمْ أَبداً لِلمَجدِ وَالحمدِ والنّدى / تَعومُ اِنغِماساً في بقاء مخلَّدِ
وَإِن رامَ دَهرٌ أَن يسوءَك صرفُه / فأصغى بمصلومٍ وعضّ بأدْرَدِ
وَلا طَلعتْ يوماً على دولةٍ بها / بَلغنا بها إلّا كَواكبُ أسعُدِ
هَل أَنتَ لصبّ القلبِ معمودِ
هَل أَنتَ لصبّ القلبِ معمودِ / دَوِي الفؤادِ بغير الخُرّدِ الخُودِ
ما شفّه هجرُ أحبابٍ وَإِنْ هَجَروا / من غير جُرمٍ ولا خُلفِ المواعيدِ
وفي الجفون قذاةٌ غيرُ زائلةٍ / وفي الضّلوع غرامٌ غيرُ مفقودِ
يا عاذلِي ليس وجدٌ بتُّ أكتُمه / بين الحَشى وَجدَ تعنيفٍ وتفنيدِ
شِربِي دموعِي على الخدّين سائلةً / إِن كانَ شربك مِن ماء العناقيدِ
ونمْ فإنّ جفوناً لِي مُسهّدةٌ / عُمْر اللّيالِي ولكنْ أيُّ تسهيدِ
وقد قضيتُ بذاك العذل مَأْرَبَةً / لو كان سمعِيَ عنه غيرَ مسدودِ
تلومنِي لم تُصبْك اليومَ قاذفتِي / ولم يعدْك كما يعتادنِي عيدي
فالظّلمُ عَذْلُ خليِّ القلبِ ذا شَجَنٍ / وهُجنَةٌ لومُ موفورٍ لمجهودِ
كم ليلةٍ بتُّ فيها غيرَ مرتفق / والهمُّ ما بين محلولٍ ومعقودِ
ما إن أحِنُّ إليها وهْيَ ماضيةٌ / ولا أقول لها مستدعياً عودِي
جاءتْ فكانت كعُوّارٍ على بصرٍ / وزايلتْ كزيال المائد المودِي
فإنْ يودّ أناسٌ صبحَ ليلهمُ / فإنّ صبحِيَ صبحٌ غيرُ مودودِ
عشيَّةٌ هجمتْ منها مصائبُها / على قلوبٍ عن البَلوى محاييدِ
يا يوم عاشورَ كم طأْطأْتَ من بصرٍ / بعد السموّ وكم أذللتَ من جِيدِ
يا يومَ عاشورَ كم أطردتَ لي أملاً / قد كان قبلك عندي غيرَ مطرودِ
أنتَ المُرنِّقُ عيشي بعد صفوتِهِ / ومولجُ البيضِ من شيبي على السُّودِ
جُزْ بالطّفوفِ فكم فيهنّ من جبلٍ / خرّ القضاءُ به بين الجلاميدِ
وكم جريحٍ بلا آسٍ تمزّقُهُ / إمّا النُّسُورُ وإمَّا أضبُعُ البيدِ
وكم سليبِ رماحٍ غير مستترٍ / وكم صريعِ حمامٍ غيرِ ملحودِ
كأنَّ أَوجههم بيضاً ملألئةً / كواكبٌ في عِراصِ القفرةِ السُّودِ
لم يطعموا الموتَ إلّا بَعد أنْ حطموا / بالضّربِ والطعنِ أعناقَ الصَّناديدِ
ولم يدعْ فيهمُ خوفُ الجزاءِ غداً / دماً لتُربٍ ولا لحماً إلى سِيدِ
من كلِّ أبلجَ كالدِّينار تشهده / وسْطَ النَدِيّ بفضلٍ غيرِ مجحودِ
يغشى الهياجَ بكفٍّ غيرِ منقبضِ / عن الضّرابِ وقلبٍ غير مَزؤُودِ
لم يعرفوا غيرَ بثِّ العُرْفِ بينهمُ / عفواً ولا طُبعوا إِلّا على الجودِ
يا آلَ أحمدَ كم تُلوى حقوقُكمُ / لَيَّ الغرائبِ عن نبت القراديدِ
وكم أراكمْ بأجواز الفلا جُزُراً / مبدّدين ولكنْ أيَّ تبديدٍ
لَو كانَ يُنصفكم مَن ليسَ ينصفكمْ / ألقى إِليكمْ مطيعاً بالمقاليدِ
حُسدتمُ الفضلَ لم يُحرزه غيركُمُ / والناس ما بين محرومٍ ومحسودِ
جاؤوا إليكمْ وقد أعطوا عهودهمُ / في فيلقٍ كَزُهاءِ الليلِ ممدودِ
مُستَمرِحينَ بِأيديهمْ وَأَرجلهمْ / كَما يَشاؤونَ رَكضَ الضُّمَّرِ القودِ
تَهوِي بهمْ كلُّ جرداءٍ مُطهّمةٍ / هوِيَّ سَجْلٍ من الأوذامِ مجدودِ
مُستشعرين لأطرافِ الرّماح ومِنْ / حدِّ الظّبا أدْرُعاً من نسجِ داودِ
كأنَّ أَصواتَ ضربِ الهامِ بينهمُ / أصوات دوحٍ بأيدي الرّيح مبرودِ
حَمائمُ الأيكِ تَبكيهمْ على فَنَنٍ / مُرنّحٍ بنسيم الرّيح أُملودِ
نوحِي فذاك هديرٌ منك مُحتَسَبٌ / على حسينٍ فتعديدٌ كتغريدِ
أُحبّكم والّذي طاف الحجيجُ به / بمُبْتَنىً بإزاءِ العرش مقصودِ
وزمزمٍ كلّما قسنا مواردَها / أوفى وأربى على كلِّ المواريدِ
والموقِفَيْنِ وما ضحَّوْا على عجلٍ / عند الجِمار من الكومِ المقاحيدِ
وكلّ نُسكٍ تلقّاه القبولُ فما / أَمسى وأَصبحَ إلّا غيرَ مردودِ
وأرتضِي أنّنِي قدْ متُّ قبلكُمُ / في موقفٍ بالرُّدينيّاتِ مشهودِ
جمِّ القتيل فهاماتُ الرّجالِ به / في القاع ما بين متروكٍ ومحصودِ
فقلْ لآلِ زيادٍ أيُّ معضلةٍ / رَكبتموها بِتخبيبٍ وَتخويدِ
كَيفَ اِستَلَبتم منَ الشّجعان أمرَهُمُ / والحربُ تغلِي بأوغادٍ عراديدِ
فرّقتُم الشّملَ ممّن لَفّ شَملَكُمُ / وأنتمُ بين تطريدٍ وتشريدِ
وَمَنْ أعزَّكمُ بعد الخمولِ ومَنْ / أدناكُمُ مِن أمانٍ بعد تبعيدِ
لولاهُمُ كنتمُ لحماً لمُزدَرِدٍ / أو خُلسةً لقصير الباع مَعْضُودِ
أو كالسّقاءِ يبيساً غيرَ ذي بللٍ / أو كالخباءِ سقيطاً غيرَ معمودِ
أعطاكمُ الدّهرُ ما لا بعد يرفعه / فسالبُ العودِ فيها مورِقُ العودِ
وَلا شَرِبتمْ بِصفوٍ لا ولا عَلِقَتْ / لكمْ بنانٌ بأزمانٍ أراغيدِ
وَلا ظفِرتمْ وقد جُنّتْ بكم نُوَبٌ / مقلقلاتٌ بتمهيدٍ وتوطيدِ
وحوّل الدّهر ريّاناً إلى ظَمَأٍ / منكمْ وبدّل محدوداً بمجدودِ
قد قلتُ للقومِ حطّوا من عمائمهمْ / تَحقّقاً بمصابِ السّادةِ الصّيدِ
نوحوا عَليهِ فَهذا يومُ مصرعهِ / وعدّدوا إنّها أيّامُ تعديدِ
فلِي دموعٌ تُبارِي القَطر واكِفةٌ / جادتْ وإن لم أقلْ يا أَدمعِي جودِي
صددتِ بلا جرمٍ صدودَ قطيعةٍ
صددتِ بلا جرمٍ صدودَ قطيعةٍ / وعندكِ أنّي لا أجازيكِ بالصدِّ
وغرّكِ أنّي في إِسارٍ من الهوى / وَكَم فَلتَ المأسورُ من حَلَقِ القِدِّ
فَلا تَطلبِي ما ليس عندي تعنّتاً / سيكفيك منِّي لو تأمّلتِ ما عندي
ومُنتَقِباتٍ بالجمالِ أتَينَنا
ومُنتَقِباتٍ بالجمالِ أتَينَنا / وقد ملّ مِنّا كلُّ راعٍ وعائدِ
فقُلن وقد أنكرن ما بِيَ مِن ضَنىً / ألا ما ترى ما بين تلك الوسائدِ
فقلتُ وقلبِي واجفٌ غيرُ ساكنٍ / غراماً ودمعِي سافحٌ غيرُ جامدِ
وجدتُ غراماً ما تَجِدْنَ وما اِستَوى / بحامل ثِقلٍ في الهوى غيرُ واجدِ
فملنَ كما مالتْ غصونٌ مريحةٌ / يُضاحكن مِنّا حاضراتِ الولائدِ
قَومٌ ولاؤهم حِصن وودّهُمُ
قَومٌ ولاؤهم حِصن وودّهُمُ / لمِنْ أعدَّ نجاةً أوثقُ العُدَدِ
ما ضرّ من زار وجُنحُ الدّجى
ما ضرّ من زار وجُنحُ الدّجى / يُكحَلُ منه الأفقُ بالإِثمِدِ
لو زارنِي والصّبحُ في شمسِه / بلونها الفاقع في مِجْسَدِ
كيفَ اِهتَدى لِي في قميصِ الدّجى / من كان في الإصباحِ لا يهتدي
أخْلَفنِي وعدُك في زَوْرَةٍ / فكيفَ وافيتَ بلا موعدِ
ليستْ يداً منك وما زدتني / في النّومِ شيئاً لم يكن في يدِي
بات الكرى يوهمنِي أنّه / مضاجعٌ جسمِي على مَرقِدِ
حتّى إِذا الصّبحُ بدا لَمحُهُ / كنتُ مكانَ الأنزح الأبعدِ
وزار قلبِي والهوى كلُّه / زورة طرفِي الأقرِح الأكمدِ
رأيتُ فلم أرَ فيما رأيتُ
رأيتُ فلم أرَ فيما رأيتُ / مصاباً كيومِ ردى الأوحدِ
وعوّدنِي الرُّزءَ مرُّ الزّمانِ / ومثلُ الّذِي حلّ لم أعتدِ
وفارقنِي بغتةً مثلما / يفارق مقبض سيفِي يدِي
على حين دانَتْ له الْآبياتُ / وقاد القُرومَ ولم يُقتَدِ
وقد كنتُ أحسب أنّ الحِمامَ / بعيدٌ عليه فلم يَبعدِ
وما كان إِلا كقولِ العجولِ / لمن قام وسْطَ النّدى أقعُدِ
وَساعدني في بكائِي علي / هِ كلُّ بعيد الأسى أصْيَدِ
تَلينُ القلوبُ وفي صدرهِ / أصمُّ الجوانبِ كالجَلْمدِ
وَكَم ذا رَأَينا عيوناً بكي / نَ عند الرّزايا بلا مُسعِدِ
جَرَين فَألحقنَ عند الدّموعِ / صحاحَ النّواظرِ بالأرمدِ
وأعيَتْ محاسنُه أن تنالَ / فإنْ حَسدَ القوم لم يَحْسُدِ
وكم قعد القومُ بعد القيامِ / ومذ قام بالفضلِ لم يقعدِ
ومات وغادَرَه جُودُه / خليَّ اليدين من العَسجدِ
ولم يدّخرْ غيرَ عزِّ الرّجال / وعزٍّ يبين مع الفرقَدِ
وغيرَ ضِرابٍ يقطُّ الرؤوسَ / إذا خَمَد الجمرُ لم يخمُدِ
وطعنٍ يمزّق أُهبَ النّحورِ / كمَعْمَعَةِ النّارِ بالفَرْقَدِ
وكم قد شهدناه يومَ الوغى / وبيضُ النّصولِ بلا أغْمُدِ
يَشُلُّ الكُماةَ بصدرِ القناةِ / شلَّكَ للنَّعَمِ الشُّرَّدِ
وتهديهِ في الظُّلماتِ السُّيوفُ / وكم ضلَّ في الرَّوْعِ من مهتدِ
فتىً في المشيبِ وما كلُّ مَنْ / حوى الفضلَ في الشَّعَرِ الأسودِ
فيا لوعتي فيه لا تقصُرِي / ويا دمعتي فيه لا تجمُدِي
يا سلوتي فيه لا تقربي / وإن كنت دانيةً فاِبعدِي
ويا لائمي في ثناءٍ له / هَجَدْتَ وعينِيَ لم تَهجُدِ
فلم أرثِه وحدَه بلْ رثيتُ / معالم عُرِّينَ من سُؤدَدِ
وما جاد جَفنِي وقد كان لا / يجودك إلّا على الأجودِ
ووافقني بالوفاقِ الصّريحِ / موافقةَ النّومِ للسُّهَّدِ
وإنّ التناسبَ بين الرّجالِ / بالوُدِّ خيرٌ من المحْتِدِ
وخلّفنِي باِنتِحابٍ عليهِ / يقضُّ على أضلُعي مرقدِي
فإنْ عاد مضجَعِيَ العائدون / خفيتُ نحولاً على العُوَّدِ
فقُلْ للقنابِلِ لا تركبي / وقلْ للكتائبٍ لا تحشُدِي
وَقلْ للصُّلاةِ بنار الحرو / بِ قد ذهبَ الموتُ بالمُوقِدِ
وقلْ للصّوارمِ مسلولةً / فُجِعْتُنَّ بالصّارمِ المُغمَدِ
وقلْ للجيادِ يَلُكْنَ الشَّكيمَ / بلا مُسرِجٍ وبلا مُلبِدِ
أقمنَ فما بعده للخيولِ / مقاديرُ حتَّى مع القُوَّدِ
وقلْ لأنابيبِ سُمرِ الرّماحِ / ثوينَ حِياماً بلا مَوْرِدِ
فلا تطلعَنْ فوقكنّ النّجوم / فذاك طلوعٌ بلا أسعُدِ
وكيف يرِدْنَ نجيع الكُماةِ / بغيرِ شديدِ القُوى أَيِّدِ
وقالوا تسلَّ وكلَّ اِمرئٍ / أرى ذا أسىً فبِمَنْ أقتدِي
وكيف السُّلُوُّ وعندي الغرامُ / يبرّح بالرّجلِ الأجلَدِ
ولي أسفٌ بِاِفتقادٍ له / نَفَدْتُ حنيناً ولم يَنفدِ
فيا غافلاً عن طروقِ الحمامِ / رَقدتَ اِغتراراً ولم يرقُدِ
وَيا كادحاً جامعاً للأُلوفِ / وغيرُك يأخذها من غدِ
وَهَل للفَتى عَن جميعِ الغِنى / سوى بلِّ أنمُلةٍ من يدِ
فَبِنْ مِثلَما بان ظلُّ الغَمامِ / عن طالبي سحّهِ الرُّوَّدِ
وبِتْ كارهاً في بطونِ التّراب / وكم سكن التُّربَ من سيّدِ
ولا زال قبرك بين القبو / رِ يُنضَحُ بالسَّبِلِ المُزْبدِ
ويندى وإنْ جاورته القبورُ / وفيهنَّ بالقاعِ غيرُ الندِي
وحيَّاك ربّك عند اللّقاءِ / بعفوٍ ومغفرةٍ سَرمَدِ
وخصّك يومَ مَفَرِّ العبا / دِ بالعَطَنِ الأفسحِ الأرغدِ
سقاني السُّلافةَ من ريقه
سقاني السُّلافةَ من ريقه / وأقطفنِي الوردَ من خدِّهِ
وعوّضنِي بقصير الوصا / لِ عمّا تطاول من صدِّهِ
وأوسعنِي الكَثْرَ من رِفْدِه / وما كنتُ أطمع في وعدِهِ
وقلتُ لمن لام في حبّهِ / غَششتَ فمن ليَ مِن بعدِهِ
وشاع غرامي به في الأنامِ / فما لي سبيلٌ إلى جَحْدِهِ
ومن أين أطلب في حُسنهِ / لَه الشَّبه والحسنُ من عندِهِ
أمِن شعرٍ في الرّأس بُدّلَ لونُه
أمِن شعرٍ في الرّأس بُدّلَ لونُه / تبدّلتِ يا أسماءُ عنّي وعن ودِّي
فإنْ يكُ هذا الهجرُ منكِ أو القِلى / فليس بياضُ الرّأس يا أسْمُ من عندي
تصدّين عمداً والهوى أنتِ كلّهُ / وما كان شيبي لو تأمّلتِ من عمدي
وليس لمن جازته ستُّون حجّةً / من الشيب إنْ لم يردِه الموتُ من بُدِّ
ولا لومَ يوماً من تغيّرِ صِبغتي / إِذا لم يكن ذاك التغيُّرُ من عهدِي
إلى كم أقود قوماً
إلى كم أقود قوماً / بطاءً إلى ودادي
وأهوى لهمْ دُنوّاً / ويهوَوْنَ لِي بعادِي
وأُضحِي لهمْ صديقاً / وما همْ سوى أعادِ
وأبغِي صلاحَ شأنِي / بمنْ همُّه فسادِي
وكم ذا أجود دهرِي / لمن ليس بالجوادِ
أرى معشراً غضاباً / لأن كنتُ ذا تِلادِ
وأنْ كنتُ في الثُريّا / وكانوا ثَرى الوِهادِ
ألا طالما رأيتمْ / جثومِي على الوِسادِ
أنال الهوى ويُلقى / إلى راحتِي مُرادِي
وأعطي مقادَ قَرْمٍ / أبيٍّ على القيادِ
وتجرِي إلى الأمانِي / فلا تلتوِي جِيادي
ولِي منزلٌ حصينٌ / مكينٌ من الفؤادِ
إذا همّ لِي بلاءٌ / فلِي منه ألفُ فادِ
وأنتمْ جُفاءُ سيلٍ / مُطارٍ بخَبْتِ وادِ
وَإِلّا فَسفرُ دوٍّ / بعيدٍ بغير زادِ
سرَوْا في القَواءِ صُبحاً / عَطاشى بلا مَزادِ
وجابوا الفَلاةَ ليلاً / ضلالاً بغير هادِ
قُل للّذي يَحسدنا في الهوى
قُل للّذي يَحسدنا في الهوى / وَالمَرءُ لا يخلو من الحاسدِ
قد زارنِي الظبيُ الذي لم يزلْ / يفلتُ من أُنشوطةِ الصَّائدِ
في ليلةٍ ساهرها نائلاً / ما يشتهي خيرٌ من الرّاقدِ
قلتُ له والقولُ في حقّهِ / يستخرج الحِقْدَ من الحاقِدِ
ليتَكَ لمّا كنتَ لِي مُمرضاً / جئتَ مع العوّادِ لِي عائدِي
إنّ عناءَ الواجدِ المُبتلى / عتابُه مَن ليس بالواجدِ
قادَتْ حِرانِيَ يوم النَّفْرِ خُرعُبَةٌ
قادَتْ حِرانِيَ يوم النَّفْرِ خُرعُبَةٌ / وضلَّ عنِّي ما أُوتيتُ من جَلَدِ
قضتْ عليَّ ولم تعمدْ بنظرتها / وكم أصابَ صميماً غيرُ معتمدِ
كأنّما مهجتِي والبُزلُ مُرحلةٌ / مطيعةٌ للنّوى في ماضِغي أسدِ
فليتنِي ساعةً أشكو صبابتها / سرّاً إِلَيها ولا أشكو إلى أحدِ
قلتُ وقد لاح بريقُ الدُّجى
قلتُ وقد لاح بريقُ الدُّجى / مَنْ رَصّع الظّلماءَ بالعسجدِ
كأنّه يخفق ريحٌ على / رابيةٍ تلعب بالمِطْرَدِ
هديتني الطُّرْقَ ولو لم تُنرْ / لكنتُ في الظّلماء لا أهتدِي
كأنّه سَيفٌ ولكنّه / طوعُ بنانِ المُخرِجِ المغمدِ
تقول لِي إنّما الستّون مقطعةٌ
تقول لِي إنّما الستّون مقطعةٌ / بين الرّجال ووصلِ الخُرَّد الغِيدِ
وَما اِستوى يَفَنٌ ولّتْ نضارتُه / في الغانياتِ بغضٍّ ناضرِ العودِ
فقلتُ ما الشّيبُ إلّا لبسةٌ لُبستْ / ما أثّرتْ بِيَ في بخلٍ ولا جودِ
ولا وفاءٍ ولا غدرٍ ولا كَلَفٍ / ولا ملالٍ ولا إنجازِ موعودِ
إنّ الحِفاظَ وبيِضي فيه لامعةٌ / خيرٌ من الغدرِ لو جرّبتِ في سودِي
لا تَلُمني عَلى الهَوى
لا تَلُمني عَلى الهَوى / فَالهَوى غالبُ الجَلد
أيّما صالِحٍ مَضى / بِهَوى البيضِ ما فَسد
لَيسَ يَنجو مِن أن يصا / دَ بِحَبل الهوى أَحد
أَنا أَهواه ظالِماً / مخلفاً ما بهِ وعد
كلّما قُمت طالباً / وَصلهُ في الهَوى قَعد
وَإِذا ما نَفى وشر / رَدَ عنّي الكرى رَقد