المجموع : 61
مَضَتْ لِداتي وإخواني وأفردَني
مَضَتْ لِداتي وإخواني وأفردَني / دهري فعشتُ وحيداً ميِّتاً كَمَدَا
وما أرى لي بحُسنِ الصَّبرِ بَعْدَهُمُ / وإن تجلَّدتُ خوفَ الشّامِتين يَدا
والقَبرُ أرفقُ مسكونٍ ونكْرهُه / إذ كان يسكنُه الإنسانُ منفَرِدَا
تَنظرُ العاجزَ الحظوظُ فيستْعَ
تَنظرُ العاجزَ الحظوظُ فيستْعَ / لِي وتَعْمَى عن حازمٍ محدودِ
في اعتلاءِ الشّرارِ عن راكِدِ الجم / رِ دليلٌ أنَّ العُلا بالجُدودِ
أرى شعَراتٍ يَنْتَبِذْن كأنَّها
أرى شعَراتٍ يَنْتَبِذْن كأنَّها / على الماءِ صَدْعٌ في الزُّجاجةِ بادي
وعَهدي بها فيما مَضَى وكأنَّها / على الفِضَّةِ البيضاءِ نقشُ سَوَادِ
إذا ما جَلاَ اللّيلَ النهارُ بنُورِهِ
إذا ما جَلاَ اللّيلَ النهارُ بنُورِهِ / تعقَّبَهُ ليلٌ أَحمُّ ركُودُ
فما لي أرى لَيلَ الشبابِ إذا جَلا / وجاء نهارُ المشيبِ لَيس يَعودُ
نَظَرتْ بياضَ مفارقي فاسترجَعتْ / أسفاً وقالت أين ذَاك الأَسْوَدُ
قلتُ اضمحلَّ فأطرقَتْ وتنفَّستْ / نفساً تُصعِّدهُ حشاً تَتَوقَّدُ
قالت فَهَلْ من مَوْعِدٍ للقائِنا / فأرى نذيرَ البَينِ قُلتُ الموعدُ
مُذ بصّرَتْني تَجاريبي ونَبَّهَني
مُذ بصّرَتْني تَجاريبي ونَبَّهَني / خُبْرِي بدهرِي فقدتُ العيشةَ الرّغَدَا
كأنَّنِي كنتُ في حُلْمٍ فأيقظَني / خَوْفي وآلَى على جفنيَّ لا رَقَدَا
عجزتُ عن الدنيَا فما ليَ من يدٍ / بِها وليَ الأيَدُ المساعدُ واليَدُ
ولكنّنِي لم أسْلُ عنها فأرْعَوي / ولا نِلتُ منها ما أَوَدُّ وأقصِدُ
شَقِيتُ بما أحرزتُه من فضائلٍ / بأيسرِها يحظى الشقيُّ ويَسعَدُ
وفي النَّفسِ إن ناجَيْتُها باطِّراحِها / وبالزُّهدِ فيها فترةٌ وترَدُّدُ
فيا ربّ أَلْهمْها الرشادَ بتركِها / فإِنَّك تهدِي من تشاءُ وتُرْشِدُ
نزلنَا بِهِ حتّى إذَا يومُنا انقضَى
نزلنَا بِهِ حتّى إذَا يومُنا انقضَى / رحلنا على العيسِ النّجائِب والجُرْدِ
نؤُمُّ بها البيتَ العتيقَ ونبتغِي / من النَّارِ عتقاً جاءَ في سابِقِ الوعدِ
فيا مَنْ قصدْنَا بيتَه ونبيَّهُ / بكَ العَوْذُ يا مولاَي مِن خَيْبَةِ القَصْدِ
أمَا رأوْا تقلُّبَ الدنيا بِنَا
أمَا رأوْا تقلُّبَ الدنيا بِنَا / وفتكهَا بِمَنْ إليهَا أخْلَدَا
كم نَسَفَتْ أيدِي الخطوب جَبَلاً / وصيَّرَتْ لُجّةَ بَحْرٍ ثَمَدَا
وكم أعَادَتْ ذَا ثَرَاءٍ مُعْدَماً / وذا قَبِيلٍ وعَدِيدٍ مُفْرَدَا
عَلِمْتُ مَا لم يَعْلَمُوا ونَظَرتْ / عَيْنَاي دَهْرِي مَصْدَراً ومَوْرِدَا
فما رأيتُ غيرَ ظلٍّ زائلٍ / كلٌّ يَمُدُّ نَحْوَهُ جَهْلاً يَدَا
مَثُوبَةُ الفَاقِدِ عَن فقدِهِ
مَثُوبَةُ الفَاقِدِ عَن فقدِهِ / بِصَبْره أنْفَعُ من وَجْدِهِ
يَبْكِيهِ من حُزنٍ عليه فهلْ / يطمعُ في التّخليدِ مِن بعدِهِ
ما حيلةُ النّاسِ وهلْ مِن يدٍ / لهمْ بدفعِ الموتِ أو صَدِّهِ
وُرُودُهُ لا بدَّ منهُ فلِمْ / تُنْكِرُ ما لا بدَّ مِن وِرْدِهِ
سِهامُهُ لم يَستطِعْ ردَّهَا / داودُ بالمُحَكمِ من سَرْدِهِ
ولا سليمانُ ابنُهُ ردَّهَا / بمُلْكِهِ والحشدِ من جُنْدِهِ
عدلٌ تساوَى الخلقُ فيهِ فما / يُمَيِّزُ المالكُ عن عبدِهِ
كلٌّ لهُ حَدٌّ إذا ما انتهَى / إليهِ وافَاهُ على حَدِّهِ
تَجمَعُنا الأرضُ فكلُّ امرِئٍ / في لَحْدِهِ كالطّفْلِ في مَهْدِهِ
أمَا تَرى وُرّادَنَا عَرَّسُوا / بمنزِلٍ دانٍ على بُعْدِهِ
تبوَّءُوا الأرضَ ولم يُخبِروا / عن حَرِّ مَثْواهُم ولا بَرْدِهِ
لِحَادِثٍ أسكتَهم أمسكُوا / عنِ ابتداءِ القولِ أو رَدِّهِ
لو نطقُوا قالُوا التُّقَى خيرُ ما / تزوَّدَ المرءُ إلى لَحْدِهِ
فارجعْ إلى اللهِ وثِقْ بالذِي / وَافاكَ في الصّادِقِ من وَعْدِهِ
للصّابرينَ الأجرُ والأمنُ مِن / عَذابِهِ والفوزُ في خُلْدِهِ
تباركَ اسمُكَ كمْ مِن آيةٍ شهِدَتْ
تباركَ اسمُكَ كمْ مِن آيةٍ شهِدَتْ / بأنّكَ الواحدُ المستعلِيُ الصَّمَدُ
ما يصبغُ الأسودَ الغِربيبَ غيرُكَ مُبْ / يَضّاً ولا يتعاطَى صِبغَهُ أَحَدُ
أَجرَى الحَيَا ماءً
أَجرَى الحَيَا ماءً / وأنبَتَ فيه لي آساً ووَردَا
مُتَحَرِّمٌ أبداً إذا / استعطفته بالعَتبِ صَدَّا
وأَرَى ضلالي في هواهُ / هُدًى وغَيِّي فيهِ رُشدَا
متباهِياً بالحُسن ما / أَنصفتُهُ إلاّ تَعَدَّا
لو كانَ يُنصِفُ لم يكن / بغرائبِ الحُسنِ استَبَدَّا
أن يُوَحَّدَ أو يُوَدَّا /
مَلَّني واستحلَّ ظُلمي
مَلَّني واستحلَّ ظُلمي / وما لي فيه يَدُ
بَدرُ تمٍّ أبهَى من / البدرِ حسناً وأَبعَدُ
خانَ عهدي وخانني / في هواه التّجلُّدُ
أَنا في نارِ هجرِهِ / وقِلاهُ مُخَلَّدُ
كما تقرَّبتُ بالوصالِ / إليهِ وَيبعُدُ
لا أطيعُ النّصيحَ فيه / وإن كانَ يُرشِدُ
وإذا لامني العوا / ذِلُ فيه وفَنَّدُوا
عُدتُ في حُبِّهِ إلى / الغَيِّ والعَودُ أَحمَدُ
تهن يا أطول الملوك يدا
تهن يا أطول الملوك يدا / في بسط عدل وسطوة وندى
أجرا وذكرا من ذلك الشكر في ال / دنيا ومن ذلك الجنان غدا
لا تستقل الذي صنعت فقد / قمت بفرض الجهاد مجتهدا
وجست أرض العدا وأفنيت من / أبطالهم ما يجاوز العددا
وما رأينا غزا الفرنج من ال / ملوك في عقر دارهم أحدا
فسر إلى الشام فالملائكة ال / أبرار تلقاك ملتقى حمدا
فهو فقير إليك يأمل أن / تصلح بالعدل منه ما فسدا
والله يعطيك فيه عاقبة الن / نصر كما في كتابه وعدا
فما حباك الورى وألهمك ال / عدل وأعطاك ما ملكت سدى
فما أنت إلا الشمس لولاك لم تزل
فما أنت إلا الشمس لولاك لم تزل / على مصر ظلماء الضلالة سرمدا
وكان بها طغيان فرعون لم يزل / كما كان لما أن طغا وتمردا
فبصرتهم بعد الغواية والعمى / وأرشدتهم تحت الضلال إلى الهدى
لما بلغت من الحياة إلى مدى
لما بلغت من الحياة إلى مدى / قد كنت أهواه تمنيت الردى
لم يبق طول العمر مني منة / ألقى بها صرف الزمان إذا اعتدى
ضعفت قواي وخانني الثقتان من / بصري وسمعي حين شارفت المدى
فإذا نهضت حسبت أني حامل / جبلا وأمشي إن مشيت مقيدا
أقمت عمود الدين حين أماله
أقمت عمود الدين حين أماله / لطاغي الفرنج الغتم طاغي بني سعد
وجاهدت حزب الكفر حتى رددتهم / خزايا عليهم خيبة الذل والرد
أفدت بما قدمت ملكا مخلدا / وذكرا مدى الأيام يقرن بالحمد
وذكرك في الآفاق يسري كأنه ال / صباح له نشر الألوة والند
سقوف الدور في خربرت سود
سقوف الدور في خربرت سود / كستها النار أثواب الحداد
فلا تعجب إذا ارتفعت علينا / فللحظ اعتناء بالسواد
بياض العين يكسوها جمالا / وليس النور إلا في السواد
ونور الشيب مكروه وتهوى / سواد الشعر أصناف العباد
وطرس الخط ليس يفيد علما / وكل العلم في وشي المداد
أبا الفوارس ما لاقيت من زمني
أبا الفوارس ما لاقيت من زمني / أشد من قبضه كفي عن الجود
رأى سماحي بمنذور تجانف لي / عنه وجودي به فاجتاح موجودي
فصرت إن هزني جان تعود أن / يجني نداي رآني يابس العود
مع الثمانين عاث الدهر في جلدي
مع الثمانين عاث الدهر في جلدي / وساءني ضعف رجلي واضطراب يدي
إذا كتبت فخطي جد مضطرب / كخط مرتعش الكفين مرتعد
فاعجب لضعف يدي عن حملا قلما / من بعد حطم القنا في لبة الأسد
وإن مشيت وفي كفي العصا ثقلت / رجلي كأني أخوض الوحل في الجلد
فقل لمن يتمنى طول مدته / هذي عواقب طول العمر والمدد
حبسوك والطير النواطق إنما
حبسوك والطير النواطق إنما / حبست لميزتها على الأنداد
وتهيبوك وأنت موضع سجنهم / وكذا السيوف تهاب في الأغماد
ما الحبس دار مهانة لذوي العلى / لكنها كالغيل للآساد
عماد الدين أنت لكل داع
عماد الدين أنت لكل داع / دعاك لعونه خير العماد
تقوم لنصره كرما إذا ما / تقاعد ذو القرابة والوداد
قضى لك بالعلى كرم السجايا / وما أوتيت من كرم الولاد
أبئك وحشتي لك واشتياقي / إليك وما لقيت من البعاد
وإني في دمشق ومن حوته / لبعدك ذو اغتراب وانفراد
ومثلك إن تطلبه خبير / بهذا الخلق ليس بمستفاد
أنار بك الزمان فلا علته / لفقد علاك أثواب الحداد