القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 62
أقولُ لعبد المحسن اليومَ مُنْشِدا
أقولُ لعبد المحسن اليومَ مُنْشِدا / له ما أَراه في الحقيقة مُرْشِدا
سَعَيْتَ فلم تَحْصَل على طائل به / تَسُرُّ صديقاً أو تسيء به العدى
وقال لك التَّوفيق لو كنت سامعاً / وراءك ما تبغي من الفضل والنَّدى
وقد خابَ ساعٍ أَبْصَرَ البحر خلفه / إلى جرعة يروي بنهلتها الصدى
وأَنْفَقْتَ مالاً لو قنعت ببعضه / إذَنْ لكفاك العمر مرعًى وموردا
فما نِلْتَ ما حاولتَ إلاَّ ذاك مغوِراً / ولا حُزتَ ما أَمَّلْتَ إذ ذاك منجدا
وكم أمَلٍ يشقى به من يرومه / وأمنيَةٍ يلقى الفتى دونها الرَّدى
فأهلاً وسهلاً بعد غيبتك الَّتي / قضيت بها الأَيَّام لكنَّها سدى
ولُذْ بالأَشمّ القَيْل إمَّا مقيله / فظلٌّ وأمَّا ما حواه فللندى
بعذب النَّدى مُرّ العداوة قادر / عَفُوٌّ عن الجاني وإنْ جار واعتدى
أخ طالما تفدى بأنفس ماله / وأُقسمُ لو أنصفت كنت له الفدا
لو كنتَ ممَّن شدَّ عضداً بأزره / بَلَغْتَ لعمرُ الله عزًّا وسؤددا
ولو كنتَ ذا باعٍ طويلٍ جَعَلْتَهُ / بيمناك سيفاً لا يزال مجرَّدا
وإنَّك ما تختار غير رضائه / كمن راح يختار الضَّلال على الهُدى
على أنَّه إنْ لم يكنْ لم مسعدا / فهيهات أنْ تلقى من النَّاس مسعدا
يقيك اتّقاء السابغات سهامها / متى تَرْمِكَ الأَرزاء سهماً مسدَّدا
وإنَّك إنْ تُولِ القطيعةَ مثلَه / قطعتَ لعمري من يديك بها يدا
ولا تسلم الأَطماع من بعد هذه / إلى مستحيلات الأَماني مِقْوَدا
ومن سفهٍ بغيُ امرئٍ وارتكابه / من البغيِ ما إنْ أَصْلَحَ الدَّهر أفسدا
وعشْ مثل ما تهوى بظلِّ جنابه / ترى العيش أهنا ما رأيتَ وأرغدا
نَسيمُ الصَّبا أهدى إلى القلب ما أهدى
نَسيمُ الصَّبا أهدى إلى القلب ما أهدى / وقد حَمَلَتْ أرواحها الشّيحَ والرّندا
ولي كَبدٌ حرَّى لعلِّي أرى بها / بريَّا نسيمٍ مرَّ بي سحراً بَردا
فأصبحتُ أذري الدَّمع فذًّا وتَوْأَماً / تَخُدُّ على خدَّيَّ حينئذٍ خدَّا
كأنِّي اعْتَصَرْتُ المعصرات بأَعْين / نَثَرْنَ غداةَ البين من لؤلؤٍ عقدا
فما بلَّ ذاك الدَّمع منِّي حشاشة / أبى الله إلاَّ أنْ تضرم لي وقدا
ولامَ أُصَيْحابي فؤاداً متيَّماً / فما نَفَعَ اللَّومُ الفؤادَ ولا أجدى
ذكرتُهم والدَّمع يجري فلم أكنْ / مَلَكْتُ لذاك الدَّمع يوم جرى ردَّا
وبتُّ أُداري مهجةً لم أَجِدْ لها / خلاصاً من الأَشجان يوماً ولا بُدَّا
وقلتُ لسعدٍ دَعْ ملامَك في الهوى / فما زادَني لوماً فقد زادَني وجدا
يُهَيِّجُ وَجْدي وهو غير مساعدي / وما أنا لاقٍ منه إنْ لامني سعدا
يقول اصطَبر عمَّن تحبّ وإنَّني / يريني الهوى من دون ما قاله سدَّا
ولا تَشِمِ البَرق اليمانيّ فإنَّه / متى لاحَ أورى في حشاشتك الزّندا
وإيَّاك إيَّاك الصَّريمَ وأَهله / فإنَّ الظْباءَ العُفْرَ تقتنص الأُسْدا
وهل نافعٌ ما قال من بعد ما رمى / بعَيْنَيْه ريم الجزع سهم الرَّدى عمدا
بنفسي الغزالُ القانصي بلواحظٍ / من السّحْرِ مَرضى تمنع الأَسَدَ الوَرْدا
إذا ما رَمَيْنَ القلبَ سهماً أصَبْنَهُ / كأنْ قَصَدَتْ في قتل عاشقها قصدا
به أربي يا هل ترى هذه النوى / تُبَدِّلُنا بالقرب من بُعْدِها بعدا
أرى النَّفس لا تهوى سوى من تَوَدُّه / ولم تَتَكَلَّفْ مهجةُ الوامق الوُدَّا
فَتَنَ الأنام بطَرْفِه وبجيدِه
فَتَنَ الأنام بطَرْفِه وبجيدِه / وأبى الهوى إلاَّ تَلافَ عَميده
مُتَمنِّعٌ وَعدَ المشوقِ بزَورةٍ / يا ليته ممَّن يفي بوعوده
أنَّى أفوزُ بطارق من طيفه / ما دام هذا الطيف في تسهيده
رَشأٌ يصولُ بحدِّ صارم ناظر / وقَفَتْ أسودُ الغاب عند حدوده
فليَحْذَر الصَّمصام من لحظاته / والصَعدة السمراء من أملوده
تاالله ما يحيي المتيَّم وصله / إلاَّ مميت سلوّه بصدوده
شهدت محاسنه بجهل عذوله / وأقام حجّة حسنة بشهوده
ولكم عَصَيْتُ مفنِّداً في حبّه / ورأيتُ عكس الرأي في تفنيده
وأقول إذ نَبَتَ العذار بخدِّه / وَرَد الربيع فمرحباً بوروده
ولقد ظفِرْتُ به برغم عواذلي / وضمَمْتُه ولَثِمْتُ وَرْدَ خدوده
وشكوْتُه حَرَّ الفؤاد من الجوى / شوقاً إليه فجاد في تبريده
في مجلس عَبِقَت أرائج ندّه / وتنفَّسَتْ فيه مباخر عوده
واللَّيل يرفل باسوداد ردائه / والرَّوضِ يزهر باخضرار بروده
ويدير شمس الراح في غسق الدجى / قمرٌ تَطلَّع من بروج سعوده
والنَّجْمُ يرقبه بعين رقيبه / والبَدْر يلحظه بلحظ حسوده
والزّقُّ تصْرَعُه السُّقاة وربَّما / قَطَعتْ يدُ الندمان حبلَ وريده
حتَّى رأيتُ يَسْقُط فوقَنا / في نثر لؤلؤه ونظم عقوده
وتفتَّح النّوارُ في أكمامه / فكأنَّما النَّوار أوْجُهُ غيده
وإذا القيان تجاوَبَتْ بلُحونها / طَرب الحمامُ فَلَجَّ في تغريده
سَفَرَت محاسِنُ زهر روض زاهر / وتمايَلَتْ إذ ذاك هيف قدوده
والبان يركع فالنسيم إذا سرى / وصَلَ النسيمُ ركوعَه بسجوده
إن تَنْهَبوا اللّذّات قبل فواتها / وهَبَ الزمان شقيَّه لسعيده
ودعاكمُ داعي الصَّبوح وإنَّه / ليقوم سيفُ الصُّبح في تأييده
أوَ ما ترون الأقحوان وضحكَه / من حَضّ داعيكم ومن تأكيده
وشقائق النُّعمان كيفَ تَضَرَّجتْ / بدَمٍ فظنَّ الكرمُ من عنقوده
يا قومُ قد خُلِقَ السُّرورُ إذا انقضى / فخذوا بكأس الراح في تجديده
يومٌ به سلمان وافى مقبلاً / قد كانَ للمشتاق أكبرَ عيده
قَرَّتْ به عين المفارق طلعةً / قمْريَّة بحضوره وشهوده
في فقدِه فَقِدَ السرور وإنَّما / وُجِدَ السرور جميعُه بوجوده
وتَولَّدَ الفَرح المقيمُ لأهْلهِ / وأجادَ طيبَ العيش في توليده
فكأنَّه فَلَقُ الصَّباح إذا بدا / في رفع رايته وخفق بنوده
فالسعدُ والإقبالُ من خُدّامه / لا بل هما في الرقّ بعض عبيده
ظَفِرَتْ يدي منه بأكرم ماجدٍ / نظمت قوافي الشعر في تمجيده
ما زال مجتهداً بكلّ صنيعةٍ / يدعو الكريمُ بها إلى تقليده
المال ما مَلَكتْه راحةُ كفِّه / فَدَعَتْه شيمتُه إلى تبديده
تُغني مواهبه الحطام تكَرُّماً / نَشْراً لذكر ثنائه وحميده
إنِّي لأذكره وأُنْشدُ مَدْحَه / وأميلُ مَيْل الغصن عند نشيده
ومشيد أبْنِية المفاخر والعلى / تسمو بيوت المجد في تشييده
إنْ عَدَّتِ النَّاس الفخار فإنَّه / إنسانُ مقلته وبيت قصيده
الله أكرمَ آل بيتِ محمدٍ / حيث اصطفاهم من كرام عبيده
حازوا من الشرف الرفيع أبِيَّهُ / فهمُ ولاةُ طريفه وتليده
وإذا تَورَّثَ والدٌ منهمْ عُلىً / لا يورثُ العلياءَ غيرَ وليده
ما للبنين الغُرِّ من آبائه / أم أين للآباء مثل جدوده
نفسي الفداءُ له وقلَّ له الفدى / من كانَ للإحسان غارس عوده
الله يَعلمُ والبريَّةُ كلُّها / أنِّي أفوز بعزّه وبجوده
أقبلت إقبال السحاب تباشرت / زهر الرُّبا ببروقه ورعوده
قد غبتَ عن بغداد غَيْبَة حاضرٍ / في فكر صاحبه وقلب ودوده
وإذا طَلَعتْ على الأحبَّة بعدها / فمُوفَّقٌ كلُّ إلى مقصوده
يا من يَسُرُّ الأنجبين قدومُه / كسروره بضيوفه ووفوده
فلقد ركِبْتَ الوَعَر غير مقصَّرٍ / وقَطَعْتَ يومئذٍ فدافد بيده
ولقد تَعِبْتَ فخذ لنفسك راحةً / واطلق عنان الأُنس من تقييده
واسرح من اللَّذات في مُتَنَزَّهٍ / خَلَطَ الغرامُ ظِباءه بأسوده
متى تَرَني يا سَعْدُ والشَّوقُ مُزعجي
متى تَرَني يا سَعْدُ والشَّوقُ مُزعجي / بما هَيَّجَ التذكار من لاعج الوجدِ
أحُثُّ إلى نجدٍ مطايا كأنَّها / لها قلبُ مفؤود الفؤاد إلى نجد
سوابحُ يطوين الفدافد بالخطا / ومُسْرَجَةٍ جردٍ لواعبَ بالأيدي
تملُّ من الدَّار الَّتي قد ثَوَتْ به / ولكنَّها ليست تملُّ من الوخد
إذا استنشقت أرواح نجدٍ أهاجها / جوًى هاج من مستنشق الشّيح والرّند
لعلِّي أرى يا عين أحبانا الأُلى / وإنْ أعْقَبت تلك التّواصل بالصّدّ
فمن مبلغُ الأَحباب عنِّي تحيَّة / تُنَبِّؤهم أنِّي على ذلك العهد
إذا ذكرتهم نفسُ صبٍّ مشوقة / رَمَتْها صُروف البين بالنَّأْي والبعد
توقَّدَتِ النَّار في جوانحي / إلى ساكني وادي الغضا أيّما وقد
فيا ليتَ لي في الحبِّ صبر أحبَّتي / وعندَ أحبَّائي من الشَّوق ما عندي
ذكرتكمُ والدَّمع ينثر نظمه / لعمركم نظم الجمان من العقد
وإنِّي لأستجدي من العين ماءها / على قربنا منكم وإن كانَ لا يجدي
وأَكتُمُ عن صَحْبي غرامي وربَّما / لأظهره بالدَّمع بينَ بَني ودِّي
ومنْ أينَ تخفى لوعةٌ قد كتمتُها / محاذرة الواشي وبالرغم ما أبدي
وقد قرَأَ الواشون سَطري صبابة / بما كتبت تلك الدُّموع على خدِّي
فخُذ من عيوني ما يدلُّ على الجوى / ومن حَرِّ أنفاسي دليلاً على الوجد
ما مات من بعد عبد الواحد الجودُ
ما مات من بعد عبد الواحد الجودُ / وفي بَنيه النجيبُ الشَّهمُ محمودُ
ولا فقدنا من الدُّنيا مكارمه / وفي ذراريه ذاك الفضل موجود
والفرع كالأَصل إنْ تزكُ مغارسُه / زكا وأَثمر في أوراقه العود
لا ينزع الله هذا السّرّ من رجلٍ / فيه السَّعادة والمسعود مسعود
قد بارك الله في آل المبارك مذْ / كانوا فمولودهم للخير مولود
مطهَّرونَ فلا رجسٌ يدَنِّسُهُمْ / ولا يلمُّ بهم للإِثم تفنيد
تأوي إليهم بنو الحاجات راغبة / والمنهل العذب بين النَّاس مورود
وما أرى غيرهم فيمن يناظرهم / من يُسأل الخير أو تطوى له البيد
نزلتُ فيهم على رَحبٍ أُسَرُّ به / ولي بهم أملٌ بالبرّ موعود
إنْ طوَّقوني بطَوقٍ من مكارمهم / فإنَّهم وثنائي الطَّوق والجيد
تُزانُ غرُّ القوافي كلَّما ذكروا / بما تُزان وتزهو الخرَّدُ الغيد
يا من إذا عُدَّتْ الأَنجاب حينئذٍ / فأَوَّل النَّاس في الأَنجاب معدود
يا ابن الَّذي كنت أرجوه وأمدحه / وشاهدٌ لي أياديه ومشهود
ولا يُرَدُّ مقالي في مدائحه / وفي الأَقاويل مقبول ومردود
ورثت أخلاقَه اللاّتي سَموْتَ بها / وشِدْتَ ما شاده آباؤك الصّيد
سَلَكْتَ كلَّ سبيلٍ كانَ يسلكه / فكلُّ فعلك يا محمود محمودُ
أبو الخصيب أراك الخصبَ منك له / وأَنْتَ ظلٌّ إليه اليوم ممدود
أغظتَ كلَّ حَسودٍ أَنْتَ تعرفه / وكلُّ ذي نعمةٍ لا شكَّ محسود
الله أبقاك عمَّن قد مضى خَلَفاً / ولي بمدحك تغريد وترديد
وعشتَ بالأُنس طول الدَّهر في رغدٍ / ولا يسوؤك طول الدَّهر تنكيد
أبا جميلٍ قُرَّ عيناً بمَنْ
أبا جميلٍ قُرَّ عيناً بمَنْ / بَلَّغَك الله به ما تريدْ
وزادك الله سروراً به / زيادةً ما برحت في مزيد
بالولد الماجد من ماجد / لا يَلِدُ الماجدُ إلاَّ مجيد
يا حبَّذا الوالد من والدٍ / وحبَّذا طلعة هذا الوليد
لاحت مزاياك على وجهه / كالبدر في طالع برج سعيد
أَلَمْ تكنْ ربَّ الجميل الَّذي / مل ترك الأَحرار إلاَّ عبيد
وأَنْتَ في النَّاس لمَنْ يقتفي / قافية المجد وبيت القصيد
وكلّ من آوى إلى فضله / آوى إلى ظلٍّ وركنٍ شديد
فليهنك المولود كلّ الهنا / بخالد الذّكر الَّذي لا يبيد
كلَيْلَةِ الأَعياد ميلاده / وأَنْتَ منه كلّ يومٍ بعيد
لمَّا بدا للعين أَرَّخْته / أَشرقتِ الدُّنيا بعبد الحميد
ما لَها مُفْرِيةً بِيداً فَبيدا
ما لَها مُفْرِيةً بِيداً فَبيدا / تَقْطَعُ الأرضَ هُبوطاً وصُعودا
كلَّما لاح لها برق الحمى / نَثَرت من لؤلؤ الدَّمع عقودا
لستُ بالمُنْكِرِ منها عبرة / إنَّها كانت على الحبِّ شهودا
فإلى أينَ سُراها ولمن / تطس البيداء أو تحثو الصَّعيدا
أَوْقَدَ الشَّوق بها نيرانه / فَتَلَظَّتْ بلظى الوجد وقودا
تخمد النَّارُ وما لي أرى / للجوى من مهجة الصّبّ خمودا
يا أَخلاَّئي وأَعلاقُ الهوى / جاوَزَتْ من شغف القلب حدودا
أَخْلَقَت بالصَّبر عنكم لوعة / تَبْعَثُ الشَّوق بها غضًّا جديدا
ووهى يومَ نأَيْتُم جَلَدي / بعدَ ما كنتُ على الدَّهر جليدا
خُنْتُمُ عَهْدَ الهُدى ما بيننا / وَرَعَيْنا لكمُ فيها عهودا
من معيدٌ لي في وادي الغضا / زَمَناً مَرَّ ومن لي أَنْ يعودا
في زَرودٍ وقفة أَذكرُها / فسقى الله حيا المزن زرودا
ومن السِّرْبِ مهاةٌ لحظُها / يَصْرَعُ اللّبَّ ويصطاد الأُسودا
وبروحي شادنٌ من ريقه / لا أعافُ الخمرَ والماء البرودا
سلبَ الغصن رَطيباً قَدُّه / والظِّباءُ العُفْرُ ألحاظاً وجيدا
لامني اللاّئم عن جهلٍ به / والهوى يأنَفُ إلاَّ أنْ يزيدا
أيُّها العاذلُ يبغي رَشَدي / خَلِّني والغيّ إنْ كنتَ رشيدا
إنَّ مَنْ كانت حياتي عنده / طالما جرَّعني الحتفَ صدودا
وحرامٌ أنْ أرى سُلوانَه / وَلَوَ انِّي مِتُّ في الحبِّ شهيدا
غَلَبَتْني منه أجناد الهوى / إنَّ للحبِّ على الصّبّ جنودا
من يريني البانَ والوردَ معاً / في تَثَنِّيه خدوداً وقدودا
يمِّمي أيَّتها النُّوق بنا / سيّدَ السَّادات والرّكن الشَّديدا
فلئنْ سِرْتِ بنا حينئذٍ / لعليٍّ كانَ مسراك حميدا
لا تَرى وَجْهاً عبوساً عنده / حين تلقاه ولا صدراً حقودا
منعمٌ سابغةٌ نعمتُهُ / ومفيدٌ من نداه المستفيدا
كلَّما قَرَّبْتٍ من حَضْرَته / قَرَّبت أملاً كانَ بعيدا
حيثُ طالعنا فأَبْصَرْنا به / طالعاً من ذلك الوجه سعيدا
أَسرعُ العالم وعداً منجزاً / وإذا أَوْعَدَ أبطاهم وعيدا
آل بيتٍ سَطَعَتْ أنوارهم / لم تَدَعْ للغيِّ شيطاناً مريدا
وإذا أعربتَ عن أبنائهم / فاذكر الآباء منهم والجدودا
تأْخُذُ الآراء عنه رشدها / فيُريها الرّشدَ والرَّأْي السَّديدا
ليّن الجانب فيه شدَّةٌ / قد أذابت من أعاديه الحديدا
قُيِّدَتْ عادية الخطب فما / تضع الأَغلال عنها والقيودا
بِبَنِيه حَفِظَ الله بهم / مهجةَ المجد طريفاً وتليدا
رافعٌ راية أعلام الهُدى / عاقدٌ للدِّين بالعزِّ بنودا
في بيوتٍ أَذِن الله لها / أَنْ نراه في مبانيها عمودا
من سيوف الله إذا ما جُرِّدَتْ / قطعت من عنق الشّرك الوريدا
سيِّدٌ برٌّ رؤوفٌ محسنٌ / ترك الأَحرار بالبرّ عبيدا
فترى الأَشراف في حَضْرَته / قُوَّماً بين يديه وقعودا
أَمْطَرَتْ من يده قَطْرَ النَّدى / في رياض الفضل يُنْبِتْنَ الورودا
فترى الأَقلام في أمداحه / رُكَّعاً تملِي ثناه وسجودا
يا ابن قطب الغوث والغيث الَّذي / لم يَزَلْ يهلُّ إحساناً وجودا
أَنتُم البحر وما زلتُ بكم / مستمدًّا منكم البحر المديدا
إنْ وَرَدْنا منهلاً من نَيلكم / ما صَدَرْنا عنكم إلاَّ ورودا
ما سواكم مقصد الرَّاجي ولا / في سوى شكرانكم نملي القصيدا
يا مريد الخير والخير به / لا عدمناك مراداً ومريدا
ليس بالبدع ولا غروَ إذا / هِمْتُ في مدحك نظماً ونشيدا
جُدْتَ لي بالجود حتَّى خِلْتَني / بندى وابلك الروض المجودا
وقليلٌ فيك لو أنظمها / في مزاياك لها دُرًّا نضيدا
فاهنأ بالنيشان من سلطاننا / مُبدِئاً للفخر فيه ومعيدا
ذلك اليوم الَّذي وافى به / لكن للأَشراف في بغداد عيدا
مَلِكٌ أَرْسَلَهُ مفتخراً / وبه أَرْسَلَ مولاي البريدا
لم تزل ترقى إليها رُتَباً / نكبت الشَّانئَ فيها والحسودا
كم قَدْ أَلينُ لمن قسا بصدودِهِ
كم قَدْ أَلينُ لمن قسا بصدودِهِ / حتَّى ظَنَنْتُ فؤادَه جلمودا
ولَكَمْ أَسَلْتَ من العُيون مدامعاً / وأَهَجْتَ من حَرِّ الغرام وقودا
كبدٌ تذوبُ وحسرةٌ لا تنقضي / ودموعُ طَرفٍ يأْلَفُ التسهيدا
أَنكرتَ معرفتي على عهد النوى / ومَنَحْتَني بَعدَ الوصال صدودا
أَخْلَقْتَ صبري بَعدَ بُعدك بالنوى / وكَسَوْتَني ثوبَ السّقام جديدا
لولا العيون النجل ما عرف النوى / من كانَ صبًّا في هواك عميدا
ولقد أرى نارَ الزَّفير ولا أرى / يوماً لنيران الفؤاد خمودا
فالموقرات بريّها وقطارها / والحاملات بوارقاً ورعودا
تهمي النَّدى وتريكَ كلّ عشيَّةٍ / سَحَبَتْ على زهر الرِّياض برودا
ما زلتُ أحْمدُ للمسير عواقباً / حتَّى حَلَلْتُ مقامك المحمودا
طالَعْتُ في وجه السَّعيد محمَّد / فرأَيْتُ طالع مجتديه سعيدا
قابَلْتُ أحداثَ النحوس بسَعْدِهِ / فأَعادَ هاتيك النحوس سعودا
وزَجَرْتُ طير السَّعد يهتُفُ باسمه / ورأيتُ منه الطَّالع المسعودا
أقْرَرتُ عينَ المجد فيك مدائحاً / وأغَظْتُ فيك معانداً وحسودا
وإذا نظرتَ إلى سناه ومجده / لنَظَرتَ من فلق الصَّباح عمودا
ما زالَ يولينا الجميل بفضله / كرماً يَسرُّ الآملين وجودا
وإذا استَمَحتُ به النَّوال وجدْتُه / غَيثاً يسِحُّ ومنهلاً مورودا
ولقد مدحتُ الماجدينَ فلا أرى / إلاَّ مديحاً مقنعاً ومفيدا
لا فارَقتْ عينايَ طَلْعَتَك الَّتي / مَدَّتْ علينا ظِلَّكَ الممدودا
سادات أبناء الزَّمان بأسرهم / وَرِثوا المكارمَ طارفاً وتليدا
تَفني مكارمُه الحطامَ ويَقْتَني / ذكراً يُخَلَّد في الثَّناء خلودا
فلَقَدْ رَقَيْتُ بها لأرفع رُتبةٍ / فبَلغت أسباب السَّماء صعودا
ويُريك إنْ ضلَّتْ عقولُ أُولي النهى / رأياً يريك به الصَّواب سديدا
أخَذوا بناصية المفاخر والعلى / وتسَنَّموها قُوَّماً وقعودا
وتَخالُهم عند العطاء غمائماً / وتَظنّهم يوم اللقاء أُسودا
إنِّي لأشكر من جميلك ما به / أكْبَتُّ من بعد الحسود حسودا
هذا الذكاء ولا مزيد على الَّذي / أبْصَرتُ منك لمن أراد مزيدا
أبَتِ المحاسنُ والمكارم في النَّدى / إلاَّ بقاءً بعدهم وخلودا
أخَذوا المذاهبَ في الجميل فلم نجِدْ / إلاَّ مُقَلِّدهم به تقليدا
قَلَّدْتَني نِعماً أنوءُ بحملِها / فنَظَمْتُ فيك قلائداً وعقودا
لا زِلْتَ لي عيداً أُشاهد عَوْده / حتَّى أُلاقي يوميَ الموعودا
يا قبرَ محمود لا جازَتْك غاديةٌ
يا قبرَ محمود لا جازَتْك غاديةٌ / تَسقي ثَراكَ بصَوْبٍ غير مفقودِ
لقد فَقَدْتُ بك المعروفَ أجمَعَهُ / يا خيرَ من راحَ مفقوداً لموجود
وقد كرهتُ حياة لا أراكَ بها / مذ كانَ موتُك موت الفضل والجود
وليس بعدكَ عيشي ما أُسَرُّ به / ما العيش من بعد محمود بمحمود
كنَّا بفضلك في خِصبٍ وفي سعةٍ / ومنهلٍ من ندى كفَّيك مورود
ونستظلُّ بحيث الدَّهر هاجرة / ولا ظلال بظلٍّ منك ممدود
أبكيك والحقّ أن أبكي عليك دماً / بأَدْمُعٍ فوقَ خدّي ذات أخدود
أَنْتَ الَّذي تحكي مناقبه / بشاهدٍ من معاليه ومشهود
أيَّامه كانت الأَعيادَ أذكرها / فلم تَرُقْ بعده لي طلعةُ العيد
ما بعد صاحب هذا القبر من أحَدٍ / يُرجى الخيرُ أو يُدْعى إلى الجود
جَرَّبْتُ من بعده السَّادات أجمعها / فَصَحَّ لي فيه بعد الله توحيدي
وربَّما قادَني ظنِّي إلى أرب / فخاب ظنِّي ولم أظفر بمقصودي
وليس من بعده حظٌّ لذي أملٍ / ولا السَّراب وإنْ يطغى بمورود
إنِّي لأبكي عليه كلَّما ذُكرت / أيَّامه البيضُ في أيَّاميَ السُّود
أبكي على ابن رسول الله يتركني / في فقده بين تنغيصٍ وتنكيدِ
ليتَ المنايا بما غالت وما تركت / قد بَدَّلَتْ أَلْفَ موجودٍ بمفقود
أَذمُّ دهراً لعيشٍ لَسْتُ أَحْمدُهُ / ولستُ أحمدُ عيشاً بعد محمود
بالعيد كنتُ أُهنِّيه وأمْدَحُهُ / فصِرْتُ أبكيه أو أرثيه بالعيد
مَحَوْتَ بسَيف سَطوتك الفَسادا
مَحَوْتَ بسَيف سَطوتك الفَسادا / بحكْمٍ قَد أَرَحْتَ به العبادا
دَخَلْتَ البصرة الفيحاءَ صُبحاً / ونارُ الشّرِّ تَتَّقِدُ اتّقادا
وقد عَبَثَتْ يدُ الأَشرار فيها / وطالَ فسادهم فيها وزادا
لقد حَكَمَتْ بها جُهَّال قومٍ / يَرَوْنَ الغيَّ يومئذٍ رشادا
عَمُوا عمَّا بَصُرْتَ به وصَمُّوا / فما بلغوا بما صنعوا مرادا
فلو عُرِضَ الصَّوابُ إذَنْ عليهم / بحالٍ أَعْرَضوا عنه عنادا
وهل تثِقُ النفوسُ بعين راءٍ / يرى لونَ البياض بها سوادا
تفاوَتَتِ العُقول بما نراه / مَداركُها قياساً واطّرادا
ومن حقّ الرّئاسة أنْ نراها / لأَورى النَّاس إنْ قَدَحَتْ زنادا
وأَعلاها لدى الآراء رأياً / وأرفعها وأطولها عمادا
خطوبٌ ما مضى منهنَّ خطبٌ / بطارقِ ليلةٍ إلاَّ وعادا
وكم هَدَرَتْ دماءٌ من أُناسٍ / وأموالٌ لهم نَفِدَت نفادا
بحيثُ الأَشقياء استضعفتهم / وَقدْ طال الشقا وقد تمادى
ولمَّا ساءَت الأَحوال فيهم / ولا نَفَعَ الحِفاظُ ولا أفادا
ولم يُرَ مَنْ يُسَدُّ به خِلالٌ / إذا ما أَعْوَزَ الأَمر السدادا
وباتَ النَّاس في وَجَلٍ عظيم / يُريعُ السَّمعَ منه والفؤادا
دُعيتَ لكشفِ هذا الضرّ عنها / ولا يُدعى سواك ولا يُنادى
ومنذُ قَدِمْتَ مدعوًّا إليها / أَرَحْتَ بما قَدِمْتَ به العبادا
عَلِمْنا أنَّ رأيَك فلْسفيٌّ / وأنَّك تَكشِفُ الكُرَبَ الشدادا
وتَنْظُرُ بالفَراسة مِن يقينٍ / فَتَنْتَقِدُ الرِّجالَ بها انتقادا
وما قَلَّدتهم بالرأي منهم / وَلَمْ تحكُم لهم إلاَّ اجتهادا
لقد أَخمدْتَ نيراناً تَلَظَّى / وتلك النار قد أمستْ رمادا
وقَرَّتْ أعيُنٌ لولاك باتَتْ / على وَجَلٍ ولم تذق الرقادا
جُزِيتُم آل راشد كلَّ خيرٍ / ففيكُمْ تعرِفُ النَّاس الرشادا
لكم صَدْرُ الرئاسة في المعالي / وأَنتُمْ في بني العليا فُرادى
تدين لك الأَقاصي والأَداني / وتنقادُ الأُمور لك انقيادا
وقُدْتَ صِعابها ذُلُلاً وكانتْ / على الأَيَّام تأبى أنْ تقادا
لقد فازَ المشيرُ بك اتّكالاً / عَلَيْك بما يُؤَمّل واعتمادا
بَلَغَ الشَّوْقُ لعمري ما أراد
بَلَغَ الشَّوْقُ لعمري ما أراد / وقَضى من مُهجةِ الصَّبِّ المُرادا
فليَدَعْهُ في الهوى عاذِلُه / يَحْسَبُ الغيَّ وإنْ ضَلَّ رشادا
يُرسِلُ الوَجْدَ إلى أجفانه / رُسُلَ الأدمع مثنى وفرادى
لم يُرقْها عَبرةً إلاَّ إذا / اتَّقَدَتْ نارُ الجوى فيه اتقادا
قد مَنعتُم أعيني طيبَ الكرى / فحريٌّ أنْ يُصارمن الرقادا
وبخلتُم بخيالِ طارقٍ / لو دنا ما بِتُّ أشكوه البعادا
فابخلوا ما شِئْتُم أن تَبْخَلوا / إنَّ طرفي كانَ بالدمع جوادا
أهلَ وُدّي لِمَ لا ترعَوْن لي / ذِمَّةَ الوُدِّ وأرعاكم ودادا
أنْفَدَ الصَّبُّ عليكم صَبْرَه / وهو لا يخشى على الدَّمع نفادا
وعلى ما أنا فيه من جوًى / ما أظنُّ الوَجْدَ يبقى لي فؤادا
فسقى عهد الهوى من مربع / بتُّ أسقيه من القطر العهادا
أيُّ ربع وَقَفَ الركبُ به / ذاكراً بالربع سلمى وسعادا
وبكى أرْسُمَ رسمٍ دارسٍ / أحْسَنَ القطرُ بكاها وأجادا
يَقِفُ المغرمُ فيها وقفةً / يخضل السَّيف عليها والنجادا
ما حَضَ النُّصحَ به مجتهداً / أخطأ الرأي به والاجتهادا
ذاكراً في الربع أيام الهوى / من لأيامك فيها أن تعادا
أينَ أسرابك ما إن سَنَحَتْ / أعْيَتْ القانِصَ إلاَّ أن يُصادا
وإذا ما نَظَرَتْ أو خَطَرَتْ / عَرَّفَتْك البيضَ والسُّمْر الصعادا
ولكَمْ من طُرَّةٍ في غُرَّةٍ / خلع الليلُ على الصُّبحِ السوادا
وقَوامٍ يَرقُصُ البانُ له / وتَثَنَّى مُعْجَباً فيه ومادا
آه من فاتكةٍ ألحاظُهُ / فتكةَ السَّهمِ إذا أصمى الفؤادا
لا تؤاخِذْ بدمي ناظِرَهُ / وقَتيلُ الحبّ يأبى أن يفادى
قد بَلَوْتُ الدهر وَصلاً وقلًى / وَوَرَدْتُ الحبَّ غمراً وثمادا
فتمنَّيْتُ مع الوصل القلى / وتخيَّرْتُ على القرب البعادا
عَرف العالمَ من خالَطَهم / واستفاد العلمَ فيهم وأفادا
وإذا ما اتقد النَّاسَ امرؤٌ / زهد النَّاسَ وملَّ الانتقادا
قل لمن ظنَّ علياً راجياً / أن يبارى في المعالي أو يحادى
وإذا ما قَدَحَتْ أيديهُمُ / بزنادٍ كانَ أوراهم زنادا
بَعُدَ النجمُ على طالبه / ومن المعجز يوماً أن يرادا
رفعةٌ قائمةٌ في ذاتِه / أطِرافاً يبتغيها أم تلادا
قمرُ النادي إذا نادَيته / حبَّذا النادي مجيباً والمنادى
لِمُلِمٍ تَتَرجَّى نَقْصَه / ونوالٍ تبتَغي منه ازديادا
أبحُر الجود وكلٌّ منهمُ / ربَّما أربى على البحر وزادا
جاذَبوا العَلياءَ فانقادت لهم / يوم قادوها من الخيل جيادا
ولئن لانوا قلوباً خَشَعَتْ / فلقد كانوا على الكفر شدادا
أعْرَضوا عن عَرض الدنيا وما / زُوِّدوا غيرَ التقى في الله زادا
سادَةَ الدّنيا وأعلام الهدى / أكرمَ الخلق على الله عبادا
حَسْبُ آل البيت من مفتخر / ولَبيتِ المجد مذ أضحى عمادا
سيْد في الغرّ من أبنائهم / لمباني مجدهم شاد وسادا
منعمٌ أمرح في أنعامه / وإذا ما زدته بالشكر زادا
يا أبا سلمان يا ربَّ النَّدى / والأيادي البيض ما أعطى وجادا
قُدْتَها مستصعباتٍ في العُلى / قد أبَتْ إلاَّ لعلياك انقيادا
رُبَّ أنْفٍ شامخٍ أرْغَمْتَه / فاستحالت نارهُ فيك رمادا
قد جَنَيْتَ العزَّ غضاً يانعاً / ومضى يخرُط شانيك القَتادا
مَنَعَ الصدقُ أكاذيب العدى / فإذا خاضوا بها خاضوا عنادا
عَقَدَ الله به ألْسِنَةً / كانت الأمس على الزور حدادا
لستُ أستوفي ثنائي فيكم / ولو انِّي أجعل البحر مدادا
أنا ممن يرتجي إحسانكم / أبَدَ الدهر وإن مات وبادا
قد مَلأتُ الأرض فيكم مِدَحاً / ذَهَبَتْ في الأرض تستقري البلادا
كلَّما أنْشَدَها مُنْشِدُها / أطربَ الإنسانَ فيها والجمادا
ولقد ألتَذُّ في مدحي لكم / في الأحاديث وإن كانَ معادا
وإذا أمْلَقْتُ أيْقَنْتُ الغنى / ثقةً بالجود منكم واعتمادا
إنَّ النَّقيب عَليًّا طابَ عنصُرُه
إنَّ النَّقيب عَليًّا طابَ عنصُرُه / وشَرَّفَ الله في السادات محتدَه
لجدّه الشيخ باز الله حين بنى / معمّراً في سبيل الله مسجدَه
شيخ الطريقة لم يقصده قاصده / إلاَّ وأعطاه ربُّ العرش مقصده
أو جاءَ مسترشداً يبغي النجاة به / إلاَّ هداه إلى التقوى وأرشده
فصلِّ لله وادع الله حينئذ / وَزُرْ من الشيخ قطب الغوث مرقده
فلم تَزَلْ نفحاتُ القدس سارية / منه إليك بما لا كنتَ تعهده
واشْهَدْ لبانيه إعجاباً بهمَّتِه / بما بناه وعَلاّه وشيّده
وقل لمنْ رام منه أن يُؤرِّخَه / ذا جامعٌ وعليُّ القَدْر جَدَّده
هذا البناءُ الَّذي محمودُ أنْشَأهُ
هذا البناءُ الَّذي محمودُ أنْشَأهُ / وزانَه زُخْرُفُ زاهٍ وتشييدُ
فجاءَ في غاية الإتقان منتزهاً / فيه السُّرور وفيه الأنْس موجود
لا يسمع المرءُ في مغناه لاغيةً / وطائر اليمن في مغناه غرّيد
آل المبارك لا زالت مباركة / لكم منازل فيها الفضل مشهود
قد أسعدَ الله أرضاً تنزلون بها / ومنزل السعد في أهليه مسعود
فقلْ لأحبابنا زوروه وانبسطوا / فيه ومن بعدها إنْ شئتم عودوا
من زارنا فهوَ في خيرٍ وفي دَعةٍ / ولم يَفُتْه بحول الله مقصود
يا حبّذا ذلك الباني وبنْيَتُه / فللمسرّات في ناديه تجديد
لذاك في ذلك التاريخ قيلَ له / هذا مقامُك يا محمودُ محمود
لامَني سَعْدُ على
لامَني سَعْدُ على / وجديَ في آل سُعادِ
فَذَرِ اللَّومَ ولا تعبأ / بِغَيٍّ أو رشاد
أنا في وادٍ ومَن / لام على الوجد بواد
قوَّضَ الركبُ صباحاً / وحدا بالركب حادي
فدموعي بانسكابٍ / وفؤادي باتّقاد
قادني الوَجْدُ وقد / كنتُ له صعب القياد
وإلى الجزع وأهل الج / زع هذا القلب صادي
فسقى الجزع ومن في / الجزعِ منهلّ الغوادي
قرَّبوا منِّي تَلافي / يومَ جَدُّوا بالبعاد
وأرادوا بنواهم / في الهوى غيرَ مرادي
حانَ حَيني يا رفيقيَّ / وأبناءَ ودادي
من نعيمٍ لعُيوني / وعذابٍ لفؤادي
هذه الغاية في الحبّ / لهاتيك المبادي
بُشرى بمولد نجلِكُم من مَوْلِدِ
بُشرى بمولد نجلِكُم من مَوْلِدِ / من صُلْب أكرمِ ماجدٍ ومُمَجَّدِ
كالسيف أصْلِتَ نصلُه من غمده / فبدا نظيرَ الكوكب المتوقد
يحيي مناقَب من مَضى من أهلِهِ / من ناصرٍ حزب العلى ومؤيّد
العاطسين بأنف كلّ أبيّة / والمرعفين بها أُنوف الحُسَّد
والباسطين على العُفاة أيادياً / كم من يدٍ بيضاء تولى من يد
لا تنكرُ الأعداءُ معروفاً لهم / بمكارم لأكارمٍ لم تجحد
حَدِّثْ ولا حرجٌ عليك بذكرهم / وأعِدْ حديثَك ما استطعت وردّد
فليهنكم ولدٌ بدا في وجهه / سيماء سَعْدٍ في الزمان الأسعد
فالله يحفظه ويرفع قدره / ويديمه في طيب عيش أرغد
سُرَّتْ به النجباء وافتخرت به / لا زال في فخر عظيم السؤدد
قد جاءَ تاريخي وَقَرَّ عيونهم / بالناصر بن القاسم بن محمد
يا قدوةَ العُلماء يا من عِلْمُه
يا قدوةَ العُلماء يا من عِلْمُه / بحرٌ ومنهلٌ فضلِه مَوْرودُ
يهنيك مولانا بمنصبك الَّذي / فازَ الوليَّ به وخاب حسود
فلقد حباك الله بالفضل الَّذي / يسمو على رغم العدى ويسود
في حالَتي عِلْمٍ وبذل مكارم / فعلى كلا الحالين أَنْتَ مفيد
وحَبَتْك ألطاف الوزير علي الرضا / مَن ذكره في الخافقين حميد
ملكٌ فأمَّا حِلْمُه فموقّرٌ / ضافٍ وأمَّا بطشه فشديد
ولاّك إفتاءَ الأنام محبّذا / رأيٌ لعَمري إنَّه لسديد
إنَّ الشريعة فيك لابس تاجها / قرمٌ وحامِلٌ سيفها صنديد
وتنوف في كلّ العلوم فأرِّخوا / نَوَّفْتَ في الإفتاء يا محمود
ألا أيُّها النّحرير والعالم الَّذي
ألا أيُّها النّحرير والعالم الَّذي / فضائلُه كالبَحر والفيض والجودِ
لقد جَدْتَ في هذا الكتاب وشرحه / وقد جئت بالتبيان في كلّ مقصود
قوافٍ كأمثال الجُمان قلائد / وأزهى من العِقيان في عُنُق الغيد
وأوْرَدْتَ من نَصِّ الكتاب مواعظاً / لمن كانَ منه القلب من نحت جلمود
أقَمْتَ إلى القوم الخوارج حُجَّةً / وجئتَهُم في كلّ خوف وتهديد
إلى حضرة السلطان دام بقاؤه / وأيّده ربّ السَّماء بتأييد
خليفة خير المرسلين وقائم / بتشديد دين الله أيَّة تشييد
وحامى عن الإسلام بالسيف والقنا / فأيَّامنا في حكمه العدل كالعيد
تُبَيّنُ فرضاً أن يطاع فأرِّخوا / فتبيانُ محمودٍ لطاعةِ محمود
دُمْتَ بالنيشان والعيد سعيدا
دُمْتَ بالنيشان والعيد سعيدا / فترى أيَّامَك الغَرّاء عيدا
أَنْتَ قد ألَّفْتَ فيما بينهم / وأغظْتَ البَرْمَ والخصم الحسودا
تترقّى رُتَب المجد الَّتي / ترتقي فيك إلى المجد صعودا
أقْبَلَ الخيرُ علينا كلُّه / ولقد أوسَعنا قبلُ صدودا
يا أميراً في كرامٍ نُجُبٍ / فَضَلوا العالم إحساناً وجودا
كانَ روضُ الأنس روضاً ذاوياً / فَغَدا من فَضْلكم غَضًّا جَديدا
شملَتْهم رأفةٌ منك بهم / وألانتهم وإنْ كانوا حديدا
تلكَ أيَّام نحوس قد خَلَتْ / واستحالت في مزاياك سعودا
قلت يا عُنْقَ المعالي فَزَهَتْ / عُنْقاً منك إلى المجد وجيدا
قُطْبٌ تدورُ عليه أفلاك الهدى
قُطْبٌ تدورُ عليه أفلاك الهدى / من كانَ يَرتَضِعُ الهدى في مَهْدِه
عرشٌ به عِلْمُ الشريعة ثابتٌ / إذ قام كرسي العلوم بحدّه
وسماءُ عرفانٍ كأنَّ نجومها / طَلَعَتْ علينا من مطالع برده
ظَفِرَتْ يدُ الأيام منه بجوهر / قَد حَيَّر الألباب جوهر فرده
نادته أعلام الأنام وصدقهم / يبدو كما تبدو طوالع سعده
يا سيّداً من حيدرٍ ومحمْدٍ / مَنْ مثلُ والده الإمام وجدّه
جَدَّدْتَ فينا دينَ جدِّك فارتقت / أضواؤه لما قَدَحْتَ بزنده
فَرَويت من أخباره ورَوَيت من / آثاره وخلفتنا من بعده
قد كنتَ في يوم الكساء ضميمةً / مخبوءةً في ظهر أكرم ولده
ما زال يعبق منك نشر عبيره / حتَّى شَمِمْنا منك ريحة نده
الله يَعْلَمُ والأنام شهودُ
الله يَعْلَمُ والأنام شهودُ / أنَّ الَّذي فَقَد الورى لفريدُ
كانَ الإمام به الأئمة تقتدي / فَلَه الهدى ولغيره التقليد
ظلاًّ على الإسلام كانَ وجوده / حتَّى تقلّص ظِلُّه الممدود
فَلِفَقْده في كلِّ قلب لوعة / ولذكره في حمده ترديد
فزوال ذاك الطود بعد ثباته / ينبيك أنَّ الراسيات تبيد
هَيْهات يُرفَعُ للمدارس بعده / عَلَمٌ ويورقُ بالمكارم عود
سِمْط الفضائل والفواضل كلّها / نُثِرَتْ عليه من الدموع عقود
أسدٌ من الآساد يصرعه الرّدى / ومن الرِّجال بهائمٌ وأُسودُ
عجباً لمن ضاق الفضاءُ بعلمه / أنّى حَوَتْهُ من القبور لحود
وإذا الملائك بُشّرت بقدومه / فَعَلام تنتحب الرِّجال الصيد
لا جاز قَبرَك صَوبُ غادته الحيا / تسقي ثراك بصوبها وتزيد
وجُزيت خيراً بعدها عن أُمَّةٍ / علماؤها مما أفَدْتَ تفيد
فمقامك المحمودُ فوقَ مقامهم / وعلى الجميع لِواؤك المعقود
أظهَرْتَ بالآيات ما بظهورها / يُخفى النفاق ويُعلن التوحيد
وكشَفْتَ غامضَ ما تشابه فانجلَتْ / شُبَهٌ على وجه الحقيقة سود
يا أيُّها الثاوي بأكرم تُربَةٍ / تالله أَنْتَ الصارم المغمود
يا شدَّ ما دهم العراق بساعة / خشناء يُصدعُ عندها الجلمود
إذ حان حَينُ أبي الثناء وجاءه / بين الأكارم يومُه الموعود
ونعماه ناعيه وقال مؤَرِّخاً / قد مات ويك أبو الثنا محمود

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025