المجموع : 73
دَعْ ذا فما عُذرُ الفَتى
دَعْ ذا فما عُذرُ الفَتى / في غَيِّه والفَودُ شائِبْ
والأرْيَحِيَّةُ تمنعُ ال / كُرماءَ أن يَغْشُوا المعايِبْ
والجهلُ يأبى أن يكو / ن لهُ أخو الستّين صاحِبْ
كَفَّ عنّي واشٍ وأغضى رقيبُ
كَفَّ عنّي واشٍ وأغضى رقيبُ / ونَهاني عن التّصابي المشيبُ
وأرتْنِي الستّونَ نَهجي وقد كا / نَ عَفا وهو مَهْيَعٌ ملحوبُ
وانقضَت شِرَّتِي وشدَّ لي الحِلْ / مُ حُباً لا يحلُّها ما يَريبُ
وخبرتُ الأيَّامَ حتى لقالَ النْ / نَاسُ هذا هو الخبيرُ الأرِيبُ
وعزيزٌ عليَّ أنّي وقد جرْ / رَبتُ دَهري لم يَهدِني التّجريبُ
وإذا حُمَّتِ المقاديرُ أخطا ال / مرءُ في الرّأيِ حيث كان يُصيبُ
لو صَبَرنا على البلاءِ احتساباً
لو صَبَرنا على البلاءِ احتساباً / لرَجونا عنه جزيلَ الثّوابِ
غير أنّ اصطبارَنا صَبْرُ عجزٍ / واضطرارٍ كذاك صبرُ الدَّوابِ
فلَحى الله أنفُساً ترتضي العي / شَ إذا كان فيه ذُلُّ الرِّقابِ
حَسبي من العيشِ خيرُ العيشِ يُدرِكُهُ
حَسبي من العيشِ خيرُ العيشِ يُدرِكُهُ / سَوايَ بي وليَ الأوصابُ والنَّصَبُ
كأنّني البَوُّ تُسْتَمْرى العَجولُ بِهِ / وإِنَّما لِسِواهُ الدَّرُ والحَلَبُ
بُعداً لمن شَرُّه أعْمَى يُصيبُ ولا
بُعداً لمن شَرُّه أعْمَى يُصيبُ ولا / يَرى مكان الأعادي مِن ذَوي النَّسَبِ
كالنَّارِ تحرقُ طبعاً لا تُمَيِّزُ بَيْ / نَ المَنْدَل الرَّطْبِ في الإحراقِ والحَطَبِ
ألفتُ الكجاوَةَ بعد النُّفور
ألفتُ الكجاوَةَ بعد النُّفور / وطابَتْ وما خلتها لي تطيبُ
وصرفُ الزَّمانِ كما قَد علمْ / تَ أمَّنَك اللهُ منهُ عجيبُ
يُعيدُ صديقَكَ وَهْو العَدُوُّ / ويَثني بغيضَكَ وهْو الحبيبُ
أما ترى الماجدَ المِفضالَ ترفَعُه / أيّامُه وهْو بالإِحسانِ مقتَرِبُ
طوعَ القيادِ كغُصنِ البانِ يَجذبُه / مَرُّ النَّسيمِ على ضَعفٍ فينجذِبُ
شاهدتُ نملاً قد تجاذَب زهرةً
شاهدتُ نملاً قد تجاذَب زهرةً / ذا قد تَمَلّكَها وهَذا يَسلِبُ
مثلَ الملوك تجاذَبوا الدّنيا فَما / حصَلتْ لمغلوبٍ ولا مَن يغلِبُ
وشائِمةٍ برقاً بفودَيَّ راعَهَا
وشائِمةٍ برقاً بفودَيَّ راعَهَا / وما كلُّ برقٍ لاحَ يُؤذِنُ بالخِصبِ
رأت شَعَراتٍ أخلَقَتْ بعدَ جِدَّةٍ / ونفساً سَلَتْ بعد الغَواِيةِ في الحُبِّ
فقالَت نهاك الشيبُ عن مَرَحِ الصِّبَا / ورَدَّاكَ بعد الجَوْنِ دهرُكَ بالعَصْبِ
فقلتُ نعَم أصبحتُ طَوعَ عَواذِلي / وأصبحتُ لا أصبُو لِلَهْوٍ ولا أُصبي
ولا عجبٌ لَيلٌ تبلَّجَ فجرُهُ / وحِلمٌ رمَى شيطانَ جهليَ بالشُّهْبِ
وهمٌّ وَرَى بين الجوانِحِ زَنْدُهُ / أضَاءَ له في مَفرِقي لامِعُ اللَّهْبِ
أَما تَرى الشَّيبَ قد رَدَّاكَ بعد دُجَى / فَودَيْكَ واهاً لِذَاك اللّيلِ بالعَصَبِ
وأسمَعَتْكَ اللَّيالي في مواعظِها / أنَّ ابنَ سبعين من وِردٍ على قُرُبِ
أعرضْتُ عن صبَوَاتٍ كنتُ ذا شَغفٍ / بها وجانبتُ ما يُدني من الرِّيبِ
وسرتُ طوعَ النُّهى تُرضَى أنَاتِيَ في / سَيري ومَرِّيَ في شَدَّي وفي خَبَبي
لو كانَ صدَّ مغاضِباً ومُعَاتِبَا
لو كانَ صدَّ مغاضِباً ومُعَاتِبَا / أعتبتُه ووضعتُ خَدّيَ تَائِبَا
لكِنْ رأى تلكَ النَّضارَةَ قد ذَوَتْ / لَمَّا غَدا ماءُ الشَّبيبةِ نَاضِبَا
وتعاقُبُ الأيّامِ أعقَب لِمَّتي / من حالِكٍ جَثْلٍ شَكِيراً شَائِبَا
ورأى النُّهى بعد الغَوايةِ صَاحبي / فثَنى العِنَانَ يُريغُ غَيري صَاحِبَا
وأبيهِ ما ظَلَم المشيبُ وإِنَّهُ / أمَلي فقلتُ عَساه عنِّيَ راغِبَا
أنا كالدُّجَى لما انتهَى نَشَرَتْ لَهُ / أيدي الصّباحِ من الضّياءِ ذوائِبَا
خمسونَ من عُمري مضتْ لم أَتَّعِظْ / فيها كأنِي كُنتُ عنها غَائِبَا
لم أنْتَفعْ بتجَارِبِي فيها عَلى / أنّي لقيتُ من الزّمانِ عَجائِبَا
وأتَتْ عليَّ بمصرَ عَشْرٌ بعدَها / كانت عِظَاتٍ كلُّها وتَجارِبَا
شاهدتُ من لَعِبِ الزمانِ بأهلِهِ / وتَقلُّبِ الدُّنيا الرّقُوبِ عَجائِبَا
يا رَبِّ حُسْنُ رجائي فيكَ حسَّنَ لي
يا رَبِّ حُسْنُ رجائي فيكَ حسَّنَ لي / تضييعَ وقتيَ في لهوٍ وفي لَعِبِ
وأنتَ قلتَ لِمن أضحى على ثِقَةٍ / بحسنِ عفوِكَ إنّي عند ظنِّكَ بي
قَد كنتُ أسمَعُ لكن خِلتُه مثَلاً
قَد كنتُ أسمَعُ لكن خِلتُه مثَلاً / أنَّ اللّيالِي يَصِدْن الصّقرَ بالخَرَبِ
وأن أَيدِيَها شَلّتْ ولا انبسطَت / إذا ضَربنَ كَسرْن النّبعَ بالغَرَبِ
حتّى رأيتُ النّعامَ الرّبْدَ قد قَتَلَتَ / أُسْدَ العرينِ فيا لَلنّاسِ للعَجَبِ
كأَنَّ سقْبَ المنَايا وسْطَ جمعِهِمُ / رغَا فماتُوا جميعاً جيرةَ الصّقَبِ
لم تُغنِ نجدتُهُم إذ حانَ يَومُهُمُ / عنْهم ولم تَحمهم من سطوةِ النُّوَبِ
وَيْحَ الغَريبةِ والدّيارُ دِيارُها / لم تَرتَحِلْ عنها ولم تَتَغَرَّبِ
ماتت غريبةَ وِحدةٍ من تِرْبِها / وشقيقِها ومن العُمومةِ والأبِ
فهي الوحيدةُ والأقارِبُ حولَها / وهي البعيدةُ في المحَلِّ الأقربِ
فإذا تضرَّمَ في الجوانِحِ ذكرُها / قال الأسَى باللهِ يا عينُ اسكُبِي
لَهْفَ نَفسي لِهلالٍ طالعٍ
لَهْفَ نَفسي لِهلالٍ طالعٍ / ما استَوى في أُفْقِهِ حتَّى غَرَبْ
لو رأَى ما حلَّ بي مِن بعدِهِ / مِن هُمومٍ غَشِيَتْني وكُرَبْ
لَبَكَى لي تحتَ أطباقِ الثَّرى / وبكاءُ الميْتِ للحيِّ عَجَبْ
أنا ميْتٌ مِثلُه لكنَّهُ / مستريحٌ ومماتي في تَعَبْ
يا نفسُ أينَ جميلُ صَبْ
يا نفسُ أينَ جميلُ صَبْ / رِكِ حينَ تَطرقُكِ الخُطوبُ
أين احتمالُكِ ما تَكا / دُ الرّاسياتُ لَه تَذوبُ
وثَباتُ جَأشِكِ حين تَض / طَرِبُ الجَوانحُ والقُلوبُ
ماذا دَهاكِ إلى مَتى / هذا التَأسُّفُ والنَّحيبُ
كيف استَزَلَّكِ بَعد صِدْ / قِ يَقينِكِ الأملُ الكَذوبُ
أرَجَوتِ أن سَيَرُدُّ مَن / غال الرّدى دَمعٌ سَكوبُ
أم خِلتِ أنّ نوائبَ الدْ / دُنيا لغيرِكِ لا تَنوبُ
هيهاتَ كُلُّ الخِلقِِ مِن / نكباتِها لهُمُ نَصيبُ
وبكُلِّ قَلبٍ من حَوا / دِثِها وأسهُمِها نُدوبُ
من ذا الذي يَبقى على / مَرِّ الزَّمان له حَبيبُ
لكنْ يُسلِّي النَّفسَ أنْ / نَ لَحاقَنا بهمُ قَريبُ
وإليهمُ مِن بَعدِ غَيْ / بَتِهمْ وإن طالتْ نَئُوبُ
نفسي الفِداءُ لظالمٍ مُتَعتّبٍ
نفسي الفِداءُ لظالمٍ مُتَعتّبٍ / مُتباعِدٍ بالهجر وَهوَ قريبُ
فقَمَرٌ عليهِ من ذوائبِهِ دُجًى / يهتزُّ منهُ على القَضيبِ كثيبُ
يمشي وقد فعل الصبا بقوامه / فعل الصبا بالغصن وهو رطيب
في وجهِهِ ماءُ الملاحةِ حائِرٌ / فقلوبُنا الظَّمأَى عليه تلوبُ
لِلِحاظِهِ في القلبِ وَقعُ سهامِهِ / لكنَّ تلكَ تطيشُ وَهيَ تُصيبُ
أشتاقُهُ وهو السَّوادُ بناظري / مَن لي بحُسنِ الصَّبر حينَ يغيبُ
أَحبَبتُ فيه اللائِمينَ لأَنَّهُ / يحلو بسمعي ذكرُهُ ويَطيبُ
ومنحتُهُ كلَّ الهوى دونَ الورى / طُرّاً ومالي من هواهُ نصيبُ
ومنَ العجائبِ فعلُهُ بي في الهوى / ما تفعلُ الأعداءُ وهو حبيبُ
إن جارَ إذ حَكَّمتُهُ في مُهجَتي / فالعَدلُ في حُكمِ الغرامِ غريبُ
والصَّبُّ يَستَحلِي مراراتِ الهوى / فيه ويعذبُ عنده التّعذيبُ
يا ظالماً أبداً يُرَوِّ
يا ظالماً أبداً يُرَوِّ / عُني بإعراضٍ وعَتبِ
كَم ذا الصُّدودُ أما تخا / فُ الله في ظُلم المُحِبِّ
أترى هواكَ وحفظَ عهد / كَ حيثُ لم تحفظهُ ذنبي
حَسبي الّذي ألقاهُ مِن / لومِ اللّوائم فِيكَ حسبي
حمدتُ على طول عمري المشيبا
حمدتُ على طول عمري المشيبا / وإن كنت أكثرت فيه الذّنوبا
لأنّي حييت إلى أن لقي / ت بعد العدو صديقاً حبيبا
لو سرتَ في عرض البسيطة طالباً
لو سرتَ في عرض البسيطة طالباً / رجلاً خبيراً بالحروب مجرّبا
عانى الحروب مجاهراً ومخاتلاً / طفلاً إلى ان عاد همّاً أشيبا
قتل الأسود ونازل الأبطال في ال / هيجاء واقتاد الكميّ المحربا
لم تلقَ مثلي من يكاد يريه حس / ن الرأي ما قد كان عنه مغيّبا
وأرى مسير الألف تطلب وترها / ضمن الغرائر فرية وتكذّبا
دعوت وقد أمّن الحافظان
دعوت وقد أمّن الحافظان / وذو العرش ممن دعاه قريب
وقد قال سبحانه للعباد / سلوني فإني سميع مجيب
ديار خلت من أهلها وتوحشت
ديار خلت من أهلها وتوحشت / فليس بها مرعى لعين ولا خصب
علاها البلى حتى تعفنت رسومها / وأنكرها طرفي فأثبتها القلب
ألوم الردى كم خضته متعرضا
ألوم الردى كم خضته متعرضا / له وهو عني معرض متجنب
وكم أخذت مني السيوف مآخذ ال / حمام ولكن القضاء مغيب
إلى أن تجاوزت الثمانين وانقضت / بلهنية العيش الذي فيه يرغب
وأصبحت أستهدي العصا فتميل بي / لضعفي عن قصدي كأني أنكب
فمكروه ما تخشى النفوس من الردى / ألذ وأحلى من حياتي وأعذب