المجموع : 53
جلَّ الإله فما تُحصى معارفه
جلَّ الإله فما تُحصى معارفه / ولا عوارفُه ولا مواهبهْ
ولن يصاحبه من خلقه أحد / لكنه الله في المشروعِ صاحبه
ومن يكون بهذا الوصفِ فارضَ به / رباً فإنك بالبرهانِ كاسبهْ
واعلم بأنك مجبورٌ على خطر / في خرج مل أنت بالرحمنِ واهبه
فمن يوافقكم فأنت شاكره / ومن يخالفكم فما تطالبه
لعلمكم أنه ما عنده خبر / فالله طالبه ما أنت طالبه
لولا الوجودُ ولولا سرُّ حكمته / ما كان لي أمل فيمن أصاحبه
إني خصيص لما أوليه من كرم / إني خسيسٌ لجانٍ إذ أعاقبه
العفو أولى بنا إن كنتَ ذا كرمٍ / فإنني عارفٌ بمن أراقبه
الخلق من خلقٍ أشفتْ مكانته / ولا يجانبني إذا أجانبه
لعلةٍ ولجهلٍ قامَ بي فأنا / للجهلِ في المنع أنسى إذ أعاتبه
فالله يغفر لي ما قد جنته يدي / مما يكون له مما أقاربه
فالجهل غالبته والجهل من شيمي / وما يغالبني إذا أغالبه
إني عجبتُ لمن قد قال من عجبٍ / الله من كثرت فينا أعاجبه
عجبت لمن دعا ولمن أجابا
عجبت لمن دعا ولمن أجابا / وما علم الدعاء ولا الجوابا
فلما ان تحققَّ من دعاه / وحقق ما دعاه به أنابا
ولكن بالإيابةِ عن قبولٍ / لدعوته فأخطأ ما أصابا
وأما العارفون به فقاموا / عن الكشف الذي يهدي الصوابا
وقرر شرعّه تقرير حبر / وأنزله على شخص كتابا
وفازَ المؤمنون به ونالوا / من الله السعادةَ والثوابا
ونالَ المذنبون كثيرَ عفوٍ / وفي الدنيا فما أمنوا العقابا
إقامة حدِّه المشروعِ فيهم / يقامُ به وقد قبلَ المتابا
ولا ينجيه منه قبولُ توبٍ / إذا علم الإمامُ وقد أنابا
وبدينه الإمام ويصطفيه / ويوليه العقوبةَ والعقابا
وما حكمُ القيامة فيه هذا / وإنْ وفاه خالقه الحسابا
يراه الأشعريُّ بغير حدٍّ / ويثبتُ منكروه له الحجابا
ومن شهدَ الأمور بلا غطاء / تراه وما تراه إذا يحابى
ويشهده العليم بكلِّ وجه / ويعلم أنه إنْ خابَ خابا
ولولا كونُه ما كان كون / وبالإتيان أشهدنا السحابا
أتاك بها الحكمُ الفصلِ فينا / ويفتح ظُله فيه وبابا
إني أغار على المولى وصاحبه
إني أغار على المولى وصاحبه / من الحديثِ بشيء لا أسرّ به
وما يليقُ بحرٍّ أنْ يبلغه / فإنَّ تبليغه يزري بمنصبه
ونائبُ الله يرمي بالسهامِ فلا / يقف لع غرض في صدر مذهبه
وليس يدري الذي بالقلبِ من صور / إلا لبيبٌ يراه في تقلبه
إذا كنتَ تطلبُ ما تركبُ
إذا كنتَ تطلبُ ما تركبُ / وكان لكم كونه المذهبُ
وقمتَ به حين قامت بكم / صفاتٌ تُعار ولا تكسبُ
فمنه إليه يكون الذي / تسمونه الملجأ المهرب
أتاكم بجبريله منزلاً / يوحي على قلبكم يكتب
وما هو جبريل إرساله / ولكنه مَثَلٌ يضرب
فلستُ نبياً ولا مرسلاً / وإني له وارث أحجب
وإن جمعت بيننا حضرة / فإني أنا الحاجب الأقرب
لأني خديم له تابع / أوامره سيِّدٌ مُنجب
يقول لي الله من عرشه / وليّ أنا ذلك المطلب
ظهرتُ بصورةِ ارسالنا / إليكم وإياكمُ أطلب
فأنت الوليّ لنا المجتبى / لك الوهب والأخذ والمنصب
نصبت من أسمائنا مسلماً / لكم فاعرجوا فيه لا ترهبوا
ولا ترغبوا عن وجودي إذا / وصلتم وفيه ألا فارغبوا
وكم قلتُ فيكم ولم تسمعوا / قواكم أنا فافرحوا واطربوا
إذا ما سعيتَ لأمرٍ أنا / لك الرِّجلُ في سعيها فاعجبوا
تعاليت عن ذا وعن ذا فما / أنا مثلكم فكلوا واشربوا
هنيئاً مريئاً ولكن بنا / فنحن لك المأكل والمشرب
فإني القويُ وعينُ القوي / وإني المقوّى الذي يطلب
فجولوا بميدان أسمائنا / فميدان أسمائنا ملعب
أفسر قولي بما أشتهي / لتضمينه كل ما يرغب
فسبحان من كلنا عينه / ولسنا وليس وما نكذب
سبحان من صار لنا مطلباً
سبحان من صار لنا مطلباً / أطلبه شرَّق أم غرَّبا
فباطني صيَّره مشرقا / وظاهري صيره مغربا
وقال لي الكل أنا فاطلبوا / على الذي صيَّره مطلبا
فاهتم قلبي للذي قال لي / فأنشأ الحقُّ لنا مركبا
ركبتُ فيه هربا أبتغي / نجاتَنا فلم أجد مَهربا
أطلبه بالكشفِ من ذاتنا / وذاتنا أطلبها مُطِنبا
فكشفنا قوَّض بنيانه / والفكر في أنفسنا طنبا
أخبرني أحمد عن كشفه / في أول الحالِ زمانَ الصبى
بأنه أبصرَ في نومه / أملاك عيسى مثل رجل الدبى
يومَ خروجي طالباً مكةَ / ويثربا ومسجدا في قبا
قالوا نزلنا رسلا حفظا / ختم النبي المصطفى المجتبى
محمد فليقصد واقصده / فسيفُه في صدقه ما نبا
وسهمه فيما رمى نافذ / وطرفه في شأوهِ ما كبا
قد عرضَ الحقّ عليه الذي / في ملكه ولايةً فأبى
إلا خمول الذكر حتى يرى / كأنه المختار في المجتبى
ونحن أنصار له إن بدا / يحاربُ الأقرب فالأقربا
كذلك الريح له سخرت / ريح جنوبٍ بعد ريحِ الصَّبا
وراثة علوية نالها / من أحمد خير الورى منصبا
وهذه البشرى أتانا بها / مجربٌ في الصدقِ لن يكذبا
ليس لعينِ الحقِّ في خلقه
ليس لعينِ الحقِّ في خلقه / إذا بدا بي مثلٌ يُضربُ
فإن بالغير يكون الذي / يضربه الأقرب فالأقربُ
والغير ما ثم فلا تضربن / فإنه الضاربُ والمضرب
وقد أتى عنه الذي قاله ال / أمثال لله فلا تضربوا
فإنه يعلم والخلق لا / تعلم ما ثم وذا أعجب
لو أنه يدركه خلقُه / لم يك بالربِّ الذي يطلب
إذا علمتم أنه هكذا / فقصِّروا في ذاك أو طِّنبوا
ما عندنا منه سوى ذاتنا / وذاتنا تكفي فلا ترغبوا
عنها وجولوا في ميادينها / فإنها الميدانُ والملعب
مأدبةُ الحقِّ لنا كوننا / فكوننا المأكلُ والمشرب
كما هو الطالبُ والمطلّبُ / كذا هو الذاهب والمذهب
لكلِّ شخص منزلٌ يمتاز به
لكلِّ شخص منزلٌ يمتاز به / فلا تبالِ فالأمور تشتبه
أنت بما ترمي به نفوسَنا / من الذي تدري به يُصاب به
فإنه لا فعلَ للعبد الذي / أثبته عينُ الوجودِ المشتبه
وليس يدري علمَ ما جئت به / إلا خبير ذو مذاقٍ منتبه
فكم دعوتكَ يا عيني ولم تجبْ
فكم دعوتكَ يا عيني ولم تجبْ / خابتْ سهامُ دعائي فيك لم تصبِ
شُغلتَ عني بأمرٍ أنت تعرفه / ولا تظنَّ بنا شيئاً من الريب
رميت حب قبول في حبالتكم / فصدت والله يا عيني ولم تخب
فاهنأ فديتك صياداً أظفرت بما / تريده من فتى من سادةٍ نجبِ
لولا لبانة موسى النور ما انقلبا
لولا لبانة موسى النور ما انقلبا / نارا وما أحرقت نبتاً وما التهبا
فاحذر فديتك إنّ الأمر ذو خدع / يريك مضطجعاً من كان منتصبا
لقد تحوّل للرائين في صور / شتى وما صدق الرائي وما كذبا
كقوله ما رمى من قد رمى ومضى / في أفقه طالعا لقطاً وما غربا
وظلَّ يطلبه في كلِّ شارقةٍ / بيضاء من حُرق عليه ملتهبا
ليس التعجبُ من خيرٍ نعمتَ به / لكنه من عذابٍ فيه قد عذبا
إنَّ المعارفَ أنوارٌ مخبرة / من عنده تُخرقُ الأستارُ والحُجُبا
إنَّ اللبيب كذي القرنين شيمته / ما ينقضي سببٌ إلا ابتغى سببا
إذا انتهى حكمه في نفسِ صاحبه / يريك في كونه من أمره عجبا
فتبصر الفضةَ البيضاءَ خالصةً / عادتْ بصنعة المثلى لنا ذهبا
كما بصيرُّ عينَ الشمسِ في نظري / من أيمن الطورِ في وادٍ به لهبا
لقد تحوَّل لي من عينِ صورته / بغير صورتِه فيما به ذهبا
فكنتُ أطلبه والعينُ تشهده / ولستُ أعرفه لما به احتجبا
فقلتُ هذا أنا فقال ها أنا ذا / فقلتُ من قال لي لا تترك الطبا
والله لو نظرتْ عيناك من نظرت / لما رأت غيرنا فلتلزم الأدبا
ولست تنظره إلا بنا فعسى / تقولُ حالَ عليه النومَ قد غلبا
حديثُ نفسي بنفسي والحديث أنا / كالفرد يضربه فيه الذي ضربا
فلا تضاعفه ولا تعدِّده / لأنه عينُه أكرم به نسبا
إذا تحققتَ شيئاً أنت تعلمه
إذا تحققتَ شيئاً أنت تعلمه / ساويتَ فيه جميعَ العالمين بهِ
أقولُ هذا لأمرٍ قد سمعتُ به / عن واحدٍ فطنٍ للعلمِ منتبِهِ
فقال ليس كما قالوه واعتقدوا / فما لعالمنا العلاّم من شبه
وذا لجهلُ بما قلناه قامَ به / فليس في قولنا المذكور من شبه
هل نسبة الذهب الإبريز في شِبه / ما صاغَه الصائغُ العلاّم من شَبَه
حقيقتي أن أكون عبداً
حقيقتي أن أكون عبداً / وحقُّه أن يكون ربا
إن كان لي في الشهود مثلا / كنتُ له في المثال قلبا
ما زال إذ زدت منه بعدا / بالوجد يوليني منه قربا
أو كنت ذا لوعة معنى / يكون لي الصادق المحبا
ولولا وجودُ الربِّ لم تكن عيننا
ولولا وجودُ الربِّ لم تكن عيننا / ولولا وجودُ العبدِ ما عُرف الرب
فوقتا يكون الجسم والقلبُ انتم / ووقتا يكون الجسمُ والسيِّد القلبُ
فمجموعنا شخصٌ لذاك أتى به / وسمَّاه شخصاً مرسَلا من له القرب
أنا صورةٌ من صورةٍ لم تقم بنا / ولو أنها قامتْ لأدركني العجبُ
أنا سرُّه الفاني وسرُّ بقائه / كما هو لي تاجٌ وفي ساعدي قلبُ
كلفتُ بمن يدريه إذ كان عاشقي / وأظهر عشقي شهرةَ الحبِّ لا الحب
كذا قال شيخي لي شفاها وزادني / بأني بها المقتولُ والواله الصَّبُّ
ليس في الوجودِ
ليس في الوجودِ / من يقولُ ربي
غيره تعالى / إذ أقول ربي
ما أرى محباً / في هوى محب
إنما هواه / أن يكون حبي
في هواه يجري / إذ دعا يلبي
ما أرى حبيبا / من أحب حبي
إنما حبيبي / من أحب حبي
في هوى حبيبي / قد قضيتُ نحبي
ليس لي حبيبٌ / يرتضيه قلبي
كيفَ يرتضيه / من يقولُ حسبي