المجموع : 69
لو تلفَّفتَ في كساءِ الكسائي
لو تلفَّفتَ في كساءِ الكسائي / وتلبَّستَ فروة الفرَّاءِ
وتَخلَّلتَ بالخليل وأضحى / سيبويه لديك رَهْنَ سِباءِ
وتكوّنتَ من سوادِ أبي الأس / ود شخصاً يُكنى أبا السوداءِ
لأَبَى اللَّهُ أن يَعدّك أهلُ ال / علمِ إلا من جملة الأغبياءِ
رأيتُك لا تَلَذُّ لطعمِ شيءٍ
رأيتُك لا تَلَذُّ لطعمِ شيءٍ / تَطعَّمُهُ سوى طعمِ العطاءِ
وما أُهدي إليك من امتياحي / أحبَّ إليك مِن حُسْن الثناءِ
فما لي عند تحكيكي مديحي / أُجشِّمُ خاطري ثقل العناءِ
ولكني أُلقِّي العُرْفَ عُرْفاً / وإن كنت الغنيَّ عن الجزاءِ
أتيتُك لم أشفعْ إليك بشافعٍ
أتيتُك لم أشفعْ إليك بشافعٍ / ولو شئتُ كان الناسُ لي شفعاءَ
ولكنَّني وفَّرتُ حمدي بأَسره / عليك ولم أُشرك بك الشركاءَ
نداك مَعينٌ كالذي قد علمتُه / ولو كان غَوْراً لالتمستُ رشاءَ
وهذا شتاء قد أَظلَّ رِوَاقُه / وجارُك جارٌ لا يخافُ شتاءَ
أيا رب لو سويتَ بيني وبينه
أيا رب لو سويتَ بيني وبينه / لَما كان عَدْلاً أن نكونَ سواءَ
فكيف وقد أعليتَه وخَفَضْتَنِي / فكنتُ له أرضاً وكان سماءَ
وإذا ما تحلَّتِ الأرضُ بالنَّر
وإذا ما تحلَّتِ الأرضُ بالنَّر / جس باهتْ به نجومَ السماءِ
كلُّ امرىءٍ مدح امرأً لنواله
كلُّ امرىءٍ مدح امرأً لنواله / فأطال فيه فقد أراد هجاءَهُ
لو لم يقدِّر فيه بُعْدَ المُسْتقَى / عند الورود لَمَا أطال رشاءَهُ
غيري فإني لا أطيل مدائحي / إلا لأوفي من مدحتُ ثناءَهُ
وأَعُدُّ ظلماً أن أُقِلَّ مديحَهُ / عمداً وأَسخطُ أنْ يُقِلَّ عطاءَهُ
أبو الحسين معجب برائِهِ
أبو الحسين معجب برائِهِ / لا يقبل الشُّورى منَ اَصْدقائِهِ
فلعنة اللَّهِ على إخائِهِ / وأَدْخَلَ الأجردَ في وَجْعَائِهِ
يسبح في الجهل وفي طَخْيائِهِ / وهو لدى الإخوان من جفائِهِ
ومِنْ تَعَدِّيه ومن إلوائِهِ / بالحق إذ جَارَ على أعدائِهِ
قَمَرْتُهُ الفرخَ على ضُغائه / فما يفي وكِعْتُ عن دوائِهِ
إنَّ البخيل ميتٌ بدائِهِ / وأمرُهُ كلٌّ إلى ورائِهِ
لكنني أفرِط في اقتضائِهِ / وأَستخير اللَّه في إقصائِهِ
سِكِّينُنَا هذا له حِدَّةٌ
سِكِّينُنَا هذا له حِدَّةٌ / تصلح للتقطيع والوجْءِ
يَفْجأ من لامسه حَتْفُهُ / بل حتْفُه أَوحَى من الفجءِ
صرَّحتْ عن طَويّة الأصدقاءِ
صرَّحتْ عن طَويّة الأصدقاءِ / واضحاتُ التجريب والابتلاءِ
وأبى المخْضُ أنْ يُكَشِّفَ إلا / عن صريحٍ مهذَّبٍ أو غُثَاءِ
ليس للمُضْمَرِ الدخيل من الصَّا / حب غير التَّكْشيف والاجتلاءِ
وخَبيءُ الفؤاد يعلمه العا / قلُ قبلَ السماع بالإيماءِ
ولهذا اكتفى البليغُ من الإس / هاب فيما يريد بالإيحاءِ
وظنونُ الذكيِّ أَنْفذ في الحق / قِ سهاماً من رؤية الأغبياءِ
وإذا كنت لا تُؤَثِّل إلا / درهماً جائزاً على البُصراءِ
وكذا لستَ تعرفُ الشيء إلا / بعد فحصٍ من أمره وابتلاءِ
وهما يُمْتعان وقتاً من الده / ر ويُفنيهما وشيكُ المَضاءِ
فالصديق المأمون للزمن الفا / دح والمرتجى لدى البُرَحاءِ
والذي أنت وهْو في جوهر النفْ / س جميعاً مِن تربة وهواءِ
وكماءٍ مزجتَه بمُدامٍ / فاستقرّا تَجَنُّساً في وعاءِ
لم يكن فيهما من الفضل إلا / فاصلاتُ الألقاب والأسماءِ
ثم شيءٌ عرفْتَهُ بالتَّجَاري / ب وأخلصتَه بكشف الغطاءِ
إنما تُبْرز الجوَاهِرُ ما في / ها إذا ما أَمَعْتها بالصِّلاءِ
لا يَغُرَّنَّكَ المُماذِقُ بالظا / هر في حال مدة الالتقاءِ
من كلام يُوشَى بمدح جميلٍ / وحديثٍ كالقهوة الصَّهباءِ
ويمينٍ كَعَطِّكَ البُرْدَ لا تنْ / ظر في سُقمها وفي الإبراءِ
عبْدُ عَيْن فإن تغَيَّبْتَ عنه / أَكَل اللحم وارتعى في الدماءِ
وإذا ما أردته لقتيلٍ / لحق الوُدُّ منه بالعَنْقاءِ
ولقد قال سَيِّدٌ من أُولي الفض / ل ومن سِرِّ صفوة الأصفياءِ
ليس أهلُ العراق لي بصحابٍ / إنْ هُمُ جانبوا طريقَ الوفاءِ
إنما صاحبي المُشارك في القُل / ل وذو البذل والندى والحياءِ
لا يلَهِّيهِ عنه خفضٌ ولا ين / ساه عند المُرْبَدَّةِ الشَّوْهَاءِ
مَالُهُ كَنْزُهُ إذا خَفَتَ الغي / ثُ وضاقت خلائق السُّمَحاءِ
وانتفى الشيخ من بنيه ولم تع / طف على بَكْرِهَا أعفُّ النساءِ
حكمةٌ ما ورثتُها عن حكيمٍ / فيلسوفٍ من عِتْرة الأنبياءِ
ليس شيء يُفيدُه المرء في الده / ر على حين فقره والثراءِ
هو خيرٌ من صاحبٍ ورفيقٍ / مُسْعِدٍ في الجَليَّةِ البَهْماءِ
ليس بين الصديق والنفس فرقٌ / عند تحصيل قسمة الأشياءِ
يَا سَمِيَّ الوصيِّ يا شِقَّ نفسي / وأخي في الملمَّة النَّكراءِ
يا أخاً حَلَّ في المكارم والسؤْ / دَدِ أعلى مَحَلِّ أهل السَّناءِ
لم يُقَصِّرْ به اعتيادٌ ولم يق / عد بِه مولدٌ عن استعلاءِ
وَلَهُ بَعْدُ مِنْ مآثره الزُّهْ / رِ خِلالٌ تُرْبي على الحصباءِ
عَجَمَ الدَّهْرُ خلْفَتَيْن وسوَّى / بين حالَيْ رخائه والبلاءِ
كرمُ الخِيْم والنِّجَارِ وتيكُمْ / شيمَةٌ شارفٌ من النبلاءِ
وبيانٌ كأنه خرَزُ النا / ظم في جيد طَفْلةٍ غيداءِ
وطباعٌ أرقُّ من ظُبَةِ السي / ف وأمضى من رِيقة الرقشاءِ
تتراءى له العيون فتلقا / ه نِقاباً بدائها والدواءِ
فيصلٌ للأمور يأتي المعالي / بارتقاء فيها وحُسْن اهتداءِ
وغريمٌ أمضى من الأجل الحتْ / م عصيمٌ بأُربَةٍ بَزْلاءِ
وهو إلفُ الحجا وتِرْبُ المساعي / وعَقيدُ الندى وحِلف البهاءِ
وهو بعلٌ للمكرمات فما ين / فكُّ بين العَوَان والعذارءِ
حافظٌ للصديق إن زَلَّت النعْ / لُ به أو هوى عن العَلياءِ
وجوادٌ عليه بالمال والنف / س وبذلِ العَقيلة الوَفْراءِ
لا يُؤاتي على اقْتسَارٍ وَلا ين / هَضُ إلا بالعزة القعساءِ
غير أنَّ الزمان أقْصدَنِي في / ه بسهمَيْ تفرُّقٍ وانْتئَاءِ
لا أراه إلا على شَحَطِ الدا / ر وإما عن مدة شَقَّاءِ
فإذا ما رأيْتُهُ فكأني / بين أثناء روضةٍ مَرْجاءِ
يتجلَّى عن نَاظِرَيَّ عَشَا الجَهْ / ل بألفاظه العذَابِ الطِّرَاءِ
وأحاديثَ لو دَعَوْتَ بها الأعْ / صَمَ لَبَّى من حسن ذاك الدعاءِ
طِبْتَ خِلّاً فاسلمْ على نَكد الده / ر وعش آمناً من الأَسْواءِ
لا رُزئْنَاكَ عَاتباً طلب العُت / بَى بِإعْفَا مَعَاتِب الأُدَبَاءِ
بكلام لو أن للدهر سمعاً / مالَ من حسنه إلى الإصغاءِ
ولوَ اَنّ البحارَ يُقذَفُ فيها / منه حرفٌ ما أَجَّ طعم الماءِ
وهْو أمضى من السيوف إذا هُز / زَتْ وأَوحَى من مُبْرَمَاتِ القَضاءِ
وهْو يَشفي الصدور من جنَف الحق / د ويُغْضي من مقلة زرقاءِ
يكْتَسِي مُنشدوه منه رداءً / ذا جمال أكرِمْ به من رداءِ
لا تَعَايَى به الرواةُ ولم يُسْ / لِمْهُ مَسْمُوعُه إلى استثناءِ
ليس بالمُعْمِل الهَجين ولا الوَحْ / شِيِّ ذي العُنْجُهيَّةِ العَثْوَاءِ
بل هو الباردُ الزُّلالُ إذا وا / فق من صائم حلول عَشاءِ
تَخْلُقُ الأرضُ وهو غضٌّ جديدٌ / فَلكيٌّ من عنصر الجوزاءِ
عَتْبُ إلْفٍ أرقُّ من كَلِم الأم / مِ وإن كان من ذرى خَلْقاءِ
إن يَكُنْ عَنَّ مِنْ أخيك فَعَالٌ / جارَ فيه عن مذهب الأوفياءِ
جَلَّ في مثله العتابُ وعَالَى / أن يُوَازَى بزَلَّةِ العلماءِ
فَبِحقٍّ أقول عَمَّرَكَ اللَّ / ه طويلاً في رِفْعَةٍ وعلاءِ
ولَكَ القولُ لا لنا ولك التَّسْ / ليمُ منَّا لمذهب الحكماءِ
إن خيراً من التَّقَصِّي على الخِل / لِ سَماحٌ في الأخذ والإعطاءِ
واغتِفارٌ لهفوةٍ إنْ ألمَّت / واطِّرَاحُ التفسير والانتفاءِ
ليس في كل زلَّةٍ يسع العذْ / رُ وفي ضِيقهِ انتكَاسُ الإخاءِ
ما رأيتُ المِراء يوجِبُ إلا / فُرقةً ما اعتمدتَ طول المراءِ
وعَرُوسٍ قد جُهِّزتْ بطلاقٍ / عاتبتْ في وَليدَةٍ شَنْآءِ
إن طول العتاب يَزْدرِعُ البغ / ضاءَ في قلب كَاره البَغْضاءِ
لم أقل ذا لأَنْ عَتبْتُ ولكن / شجرُ العَتْبِ مُثْمرٌ للجفاءِ
ليس كلُّ الإخوان يجمع ما يُرْ / ضيكَ من كل خلَّةٍ حسناءِ
فيه ما في الرجال من خَلَّةٍ تُحْ / مدُ يوماً وخَلَّةٍ سَوآءِ
أيُّ خلٍّ تراه كالذهب الأح / مر أو كالوذِيلة الزهراءِ
أين من يحفظ الصديقَ بظَهْرِ ال / غيب من سوء قِرفة الأعداءِ
فات هذا فلن تراه يد الدَه / ر فَأنْعِمْ في إثْره بالبكاءِ
مثلاً ما ضَرْبتُه لك فاسمع / وتَثَبَّتْ جُزيتَ خيرَ الجزاءِ
كلُّ شيء بالحس يُعرف أو بال / سَمع أو بالأدلَّة الفُصحاءِ
فله موضعٌ وفيه طَباخٌ / لبلاغٍ ذي مدة وانقضاءِ
ولكل من الأخلاء حالٌ / هوَ فيها كفءٌ من الأكفاءِ
أي شيء أجلُّ قدراً من السي / فِ ليوم الكريهة العزَّاء
فأبِنْ لي هل يصلح السيفُ في العز / زَاءِ إلا للضربةِ الرَّعلاءِ
والوَشيجُ الخَطِّيُّ وهو رِشاءُ ال / موتِ يومَ الزلزال والبأساءِ
هل تراه يُراد في حومة المأ / قِطِ إلا للطعنة النجلاءِ
فكذاك الصديقُ يصلح للسا / عة دون الإصباح والإمساءِ
فتمسَّكْ به ولا تَدَعنْهُ / فتراه خَصماً من الخُصماءِ
وهما يُذْخران للحال لا الإحْ / وال بين الفؤاد والأحشاءِ
وصغار الأمور رِدْفٌ لذي الرُّت / بة منها والفخرِ والكبرياءِ
وملوكُ الأنام قد أحوج اللَّ / هُ عُرا ملكها إلى الدَّهماءِ
ولوَ اَنَّ الملوكَ أفردها اللَّ / ه من التابعين والوُزَعاءِ
لَبدتْ خَلَّةٌ وثُلَّثْ عُروش / واسْتوت بالأخِسَّة الوُضعاءِ
ولَمَا كان بين أكمل خلق ال / لاهِ فرقٌ وبين أهل الغباءِ
حَلقُ الدرعِ ليس يُمسكُ منها / سَرْدها غيرُ شكَّة الحِرباءِ
ولهذا الإنسانِ قد سخَّر الرح / منُ ما بين أرضه والسماءِ
وبحَسْب النعماءِ يُطَّلَبُ الشك / رُ كِفاءً لواهب النعماءِ
ثم لم يُخْلِهِ من النقص والحا / جة والعجز قِسمةً بالسَّواءِ
ليكونَ الإنسانُ في غاية التعْ / ديلِ بين السراء والضراءِ
فاصْطبرْ للصديق إن زلَّ أو جا / رَ برجلٍ عن الهُدى نَكْباءِ
فهو كالماء هل رأيتَ مَعين ال / ماء يُعْفَى من نُطفةٍ كَدْراءِ
وتَمتَّع به ففيه مَتاعٌ / وادّخارٌ لساعةٍ سَوْعاءِ
أيُّ جسم يَبقى على غِيَر الده / ر خَلِيَّاً من قاتل الأدواءِ
أيّما روضةٍ رأيتَ يدَ الأي / يام في عبقريةٍ خضراءِ
أوَ ما أبصرتْ لك الخيرُ عينا / ك رُباها مُصفَرَّةَ الأرجاءِ
إنما هذه الحياةُ غرورٌ / وشقاءٌ للمَعْشر الأشقياءِ
نحن فيها رَكبٌ نؤمُّ بلاداً / فكأْن قد أُلْنا إلى الإنتهاءِ
ما عسى نَرتجي ونحن مع الأم / وات يُحْدَى بنا أَحَثَّ الحُداءِ
فإذا أعرض الصديقُ وولَّى / لِقِفار لا تُهْتَدى فَيْفَاءِ
ورمى بالإخاء من رأس عَلْيا / ءَ إلى مُدْلَهِمَّة ظَلْماءِ
لم يُراقب إلّاً ولم يَرجُ أن يأ / تيَ يوماً يمشي على استحياءِ
فاتركَنْهُ لا يهتدى لمبيتٍ / بنُباحٍ ولا بطولِ عُواءِ
إنما تُرْتجى البقيّةُ ممن / فيه بُقيا وموضعٌ للبقاءِ
واشدُدَنْ راحتيكَ بالصاحب المُس / عِدِ يومَ البَليسة الغمّاءِ
والذي إن دُعي أجاب وإن كا / ن قِراعَ الفوارِس الشجعاءِ
كأبي القاسم الذي كلُّ ما يم / لكُ للمعتفينَ والخُلطاءِ
والذي إن أردتَه لمَقامٍ / جاء سَبْقاً كاللِّقوةِ الشَّغواءِ
وإذا ما أردتَهُ لجِدالٍ / جاء كالمُصْمَئلَّة الدَّهياءِ
فإذا دَلَّ جاء بالحُجّةِ الغَر / رَاء ذاتِ المعالم الغراءِ
مُنْجحُ القيل ما علمتُ وحاشا / لخليلي من تَرْحةِ الإكداءِ
أرْيَحيٌّ بمثلهِ يُبْتنى المج / دُ وتسمو به فروعُ البناءِ
باسطُ الوجهِ ضاحكُ السن بسَّا / مٌ على حين كُرْهِهِ والرّضاءِ
وثَبيتُ المَقام في الموقف الدَّح / ض إذا ما أضاق رحبُ الفضاءِ
وله فكرةٌ يعيد بها الأم / وات في مثل صورة الأحياءِ
فتراها تَفْري الفَرِيَّ وكانت / قَبله لا تُحيرُ رجعَ النداءِ
ليس يرضى لها التحرُّك أو يُب / رِزُها في زلازلِ الهيجاءِ
فترى بينها مُقارعة الأب / طالِ راحت من غارةٍ شعواءِ
بتدابيرَ تَفلِقُ الحجرَ الصلْ / د وتَشفي من كل داء عياءِ
يَهزم الجيشَ ذكرهُ فتراهم / جَزَرَ الهام عُرْضةَ الأصداءِ
يتلقّاهُمُ بسيفٍ من الفك / رِ ورمح من صَنعة الآراءِ
وسيوفُ العقول أمضى من الصَّم / صام في كفِّ فارسِ الغبراءِ
فترى القوم في قليبٍ من المو / ت أسارى لدَلوه والرِّشاءِ
وله حَرْشَفٌ يُديرُ قُداما / هُ زحافاً كالفَيلَق الشهباءِ
والمغاويرُ بالياتٌ كما عا / يَنْتَ مَوْرَ الكتيبة الجأواءِ
وهي خُرْسُ البيان من جهة النُّط / ق فصاحُ الآثار والأنباءِ
أيُّ شيءٍ يكونُ أحسنَ منه / فارساً ماشياً على العَفْراءِ
في حروبٍ لا تُصطَلى لتراتٍ / وقتال بغير ما شَحْناءِ
وقتيلٍ بغير جُرمٍ جناه / وجريحٍ مُسَلَّمِ الأعضاءِ
وصريعٍ تحت السنابك ينجو / برِماقٍ ولات حين نجاءِ
وهْو في ذاك ناعمُ البال لا يف / صل بين القتيل والأُسَراءِ
وتراهُ يحثُّ كأسَ طِلاءٍ / باقتراحٍ لقُبْلةٍ أو غناءِ
لا يُدانيه في الشجاعة بِسطا / مُ بن قيس وفارسُ الضحياءِ
حلَّ من خُلَّتي محلَّ زُلالِ ال / ماء من ذات غُلَّةٍ صَدْياءِ
بودادٍ كأنه النرجسُ الغض / ضُ عليلاً بمِسكةٍ ذَفْراءِ
راسياً ثابتاً وإن خَلَت الدا / رُ جنابا وامتدَّ عهدُ اللقاءِ
لستُ أخشى منه الغيابَ ولا تخ / شاه في حال قربنا والعَداءِ
حبذا أنتُما خليلا صفاءٍ / لا يُدانيكما خليلا صفاءِ
لكما طوعُ خُلَّتي وقِيادي / ما تغنت خَطباءُ في شَجْراءِ
ذاك جُهدي إذا وَدِدتُ وإن أق / در أكافِئْكُما بخيرِ كِفاءِ
وحباءُ الوداد بالمنطق الغض / ضِ يُجازَى به أَجلُّ حِباء
ألا اَبْلغْ لديكَ بني طاهرٍ
ألا اَبْلغْ لديكَ بني طاهرٍ / أُساةَ الخلافةِ من دائِها
عَلوتم عُلوَّ نجومِ السماء / فَنُوؤوا علينا كأنَوائِها
لا عَدِمْتَ السرورَ يا بن أبي بَكْ
لا عَدِمْتَ السرورَ يا بن أبي بَكْ / رٍ وأُعْقبْتَ صحةً من دوائِكْ
وأطال الإلهُ عمرك في عز / زٍ يسوءُ الجميعَ من أعدائِكْ
عاليَ القدر نافذَ الأمر والنَّه / ي تَسُرُّ الجميعَ من أوليائِكْ
رُمتُ إذ قيل لي أخذتَ دواءً / لَطَفاً عالياً بقدرِ اعتلائِكْ
فإذا ما ملكتُهُ مُسْتَقَلٌّ / لك لا بل لخادمٍ بفنائِكْ
وإذا الشكرُ والثناء هُمَا أف / ضلُ شيءٍ يُهْدَى إلى نُظرائِكْ
فبعثتُ الدعاء والشكر فاعرفْ / فضلَ عِلْقَيْن أخبرا عن علائِكْ
يا باذلَ العُرفِ لأعدائِهِ
يا باذلَ العُرفِ لأعدائِهِ / مُذ كان فضلاً عن أوِدّائِهِ
ويا أخا الجودِ وخُلْصانَهُ / لكُلِّ ما يشفيه من دائِهِ
جاء البَنَفْسُ الرَّطبُ فامْنُنْ به / ما دام مَطلولاً بأندائِهِ
قد جادت الأرضُ بإنباتِهِ / فجُدْ لنا أنت بإهدائِهِ
ولا تكن أَبخلَ من طينةٍ / تُبديه في إبّانِ إبدائِهِ
ما الأرضُ أولى من فتى ماجد / بفعلِ معروفٍ وإسدائِهِ
والحُرُّ لا يقطعُ في حالة / عاداتِ جدواهُ وإجدائِهِ
ولا أياديهِ بمقْفُوّةٍ / بَيْضاؤُهُ منه بسودائِهِ
ولا عطاياهُ بمتْلُوَّةٍ / منها الهنيئاتُ بنَكْدائِهِ
ما حَقُّ من أسلف تأميلَهُ / مثلك أن يُجزى بإكْدائِهِ
يا أبا الفضل لم تكن عَوْجةٌ من
يا أبا الفضل لم تكن عَوْجةٌ من / ك علينا تَحُطُّ من عَليائِكْ
لا ولا في قَضاءِ حقِّ أبي شَيْ / بَةَ ما يوجبُ انتكاثَ إخائِكْ
قد بَغَيْنا كما بغيتَ وقد كا / ن حقيقاً وفاؤنا بوَفائِكْ
إن تكن قد علوتَ عن ساكني الأر / ضِ فخاطِبْهمُ إذاً من سَمائِكْ
إنَّ ابن بلبلَ نخلةٌ
إنَّ ابن بلبلَ نخلةٌ / لانتْ لصقرٍ من وراءِ
ذاكَ الذي نسخَ الإجا / رةَ بالوزارة للقضاءِ
ملكَ الرَّجالَ بعزَّةٍ / مِلْكَ الرجالِ الأقوياءِ
ولَطَالَ ما ملكَ الرجا / لَ بذلّةٍ مثل النساءِ
أضحتْ سعادتُه له / رَهناً مَليّاً بالشقاءِ
عْبدُ الندى ملكُ الحجا / ب تُراهُ جبّارَ اللقاءِ
يهوي سَفالاً في الحضي / ضِ وأنفهُ فوقَ السماءِ
أسلُ الغِنى عنك الذي
أسلُ الغِنى عنك الذي / أغناكَ عنّي بالثراءِ
كَيْما تَراني في الذي / أبصرتُ فيكَ من القضاءِ
ولقد أرَقْتُ بلا انتفا / عٍ ماءَ وجهي بالرَّجاءِ
فمنَعتني منكَ الجَدا / وسرقتني طِيب الثناءِ
أبيتُم أن تُفيدوا شكرَ مثلي
أبيتُم أن تُفيدوا شكرَ مثلي / بل اللَّهُ الذي خلق الإباءَ
رآني اللَّه أرفعَ من جَداكم / وأنَّى تُمْطِر الأرضُ والسماءَ
لَعَمْرُكَ ما أدري إذا ما تنفَّستْ
لَعَمْرُكَ ما أدري إذا ما تنفَّستْ / كُنَيزَةُ ما أنفاسُها من فُسائِها
بها غُلْمَةٌ قد أحرقَتْها بحرِّها / تُبرِّدُها عن نفسها بِغنائِها
لَعَمْرُك ما الدنيا بدارِ إقامةٍ
لَعَمْرُك ما الدنيا بدارِ إقامةٍ / إذا زالَ عن عين البصير غطاؤها
وكيف بقاءُ الناس فيها وإنما / يُنالُ بأسباب الفناء بقاؤها
وما الفقرُ عيباً ما تَجمَّلَ أهلُهُ
وما الفقرُ عيباً ما تَجمَّلَ أهلُهُ / ولم يسألوا إلا مُداواةَ دائِهِ
ولا عيب إلا عيبُ من يملك الغِنى / ويمنعُ أهلَ الفقرِ فضلَ ثرائِهِ
عجِبتُ لعيب العائبينَ فقيرهَم / بأمرٍ قَضاهُ ربُّه من سمائِهِ
وتركِهِمُ عيبَ الغنيِّ ببخله / ولؤمِ مساعيه وسُوءِ بلائِهِ
وأعجَبُ منه المادحونَ أخا الغنى / وليس غِناهُ فيهمُ بغَنائِهِ
ولو أنه أغنَى ووَكَّل نفسه / بجمع فضول المالِ بعد اقتنائِهِ
لَمَا كان أهلُ الحمد من قُربائه / إذا ائتمروا رُشداً ولا بُعدائِهِ
ولا حَمِدَ اللَّهُ الأولى يَحْمَدونه / ولا اعتدَّهم في الناس من أوليائِهِ
أولئك أتباعُ المطامع والمنى / جزاهم مليكُ الناس شرَّ جزائِهِ
بعيبهمُ أهلَ العفافِ ومدْحِهمْ / حريصاً يكُدُّ النفسَ بعد اكتفائِهِ
يؤثّل لا للحمدِ ما هو كاسبٌ / ولا الأجرِ في إصباحه ومسائِهِ
ولكنْ لكنزٍ من لُجينٍ وعَسْجَدٍ / يودُّ فناءَ العُمر قبل فنائِهِ
يقيه ويحميه بصفحة وجهه / ويجعل أيضاً عِرضَه من فدائِهِ
ولو حُظَّ أضحى مالُه من أمامه / وِقاءً وأضحى عِرضُه من ورائِهِ
ولكنْ أبى إلا الخَسَارَ لغَيِّهِ / وما فوق عَيْنَيْ قلبهِ من غطائِهِ
ولو وَزنَ استمتاعَهُ بغَنائِهِ / إذاً ما وفَى استمتاعُهُ بعَنائِهِ
سأمنحُهُ ذمِّي وأختصُّ حِزبَهُ / بأوفَى نصيب من قبيحِ ثنائِهِ
رضيتُ لمن يشقى عقاباً شقاءه / وإن لم أكن أرضى له بشفائِهِ
إذا حُرم الفاني من الخير حَظَّهُ / فَلِمْ يفرح الباقي بطول بقائِهِ
ضَلالاً لمن يسعى إلى غير غايةٍ / ولا يرتجى ناهيهِ عند انتهائِهِ
ما لِلْمَلولِ وفاءٌ في مَودَّتِهِ
ما لِلْمَلولِ وفاءٌ في مَودَّتِهِ / قَلْبُ الملولِ إلى هجرٍ وإقصاءِ
كأنني كلما أصبحتُ أَعتِبُهُ / أخُطُّ حرفاً على صفحٍ من الماءِ