المجموع : 107
لَوْلاَ الحَيَاءُ وَأَنْ يُقَال صَبَا
لَوْلاَ الحَيَاءُ وَأَنْ يُقَال صَبَا / لَصَرَخْتُ مِلْءَ السَّمْعِ وَاطرَبا
حَضَرَ الحَبيبُ وَغابَ حَاسِدُنا / مِنْ بَعْدِ طُولِ تَحَجُب وَخَبا
فَاليَوْمَ أخْلَعُ فِيكَ يا أَمَلي / ثَوْبَ الوَقارِ وَأطْرَحُ الرُّتَبا
قمْ فاسْقِنِي مِنْ يَدَيْكَ صَافَيةً
قمْ فاسْقِنِي مِنْ يَدَيْكَ صَافَيةً / خَدُّكَ يَكْسُو شُعَاعَهَا لَهَبا
كَأنَّ مَاءَ الصَّفاءِ قَابَلَهَا / مِنْكَ ابتسامٌ فَمَثْلَ الحَبَبا
فَهَا أَنَا فِي الخُضُورِ مُنْتَهز / يا مُنْيَةَ النَّفْسِ غَيْبَةَ الرُّقَبا
مِنْ عَجَبِ أنَّنِي أَزيُدك مِنْ / شُرْبِي وَسُكْرِي على قدْ غَلَبَا
أَهَلاً بمُعْتَلِ النَّسِيمٍ وَمَرْحَبا
أَهَلاً بمُعْتَلِ النَّسِيمٍ وَمَرْحَبا / وَمُذَكْرِي عَهْدَ الصِّبَابَةِ وَالصِّبا
حَمَلَ التَّحِيَّةَ عَنْ أَهَيْل المُنْحَنَى / وَأَبَان عَنْهُمْ بالمَقَالِ وَأَغرَبا
فَعَرَفْتُ عَرْفَهُمُ بِهِ لَكِنَّنِي / أَنْكَرْتُ صَبْراً عَنْ عُهُودِيَ نَكَّبا
يَا عَاذِلي كُنْ عَاذِرِي فِي حُبِّهمْ / لَمْ ألْقَ للسِّلْوَانِ عَنْهُمْ مَذهَبا
لاَ تَلْح فِيْهمْ مُغْرَماً أَلِفَ الضَّنَا / يَجدُ السِّقَامَ بهُمْ لَذِيذاً طَيِّبا
نَزَلَ الغَرَامُ بِهِ فرَحْلَ صَبْرَهُ / عَنْهُ وَخَيْمَ في حَشَاهِ وَطَنْبا
غِبْتُمْ وَأَنْتُمْ حَاضِرونَ بمُهْجَتي / أفْدِي الحُضُورَ بمُهَجَتِي وَالغَيْبا
مَا هَب مِنْ نخوكُمْ نَسِيمُ صَبَا
مَا هَب مِنْ نخوكُمْ نَسِيمُ صَبَا / إِلاَّ وَأَذْكَى بمُهْجَتِي لَهَبا
وَلاَ شَدَا مُطْربٌ بذِكْرِكُمْ / إلاَّ وَنَادَى المَشُوُقُ واطرَبا
وَلاَ تَذكُرْتُ عِيشَةَ سَلفَتْ / بالخِيفِ إلاَّ وَقلْتُ وَا حَرَبا
لا نَالَ مِنْكَ المَشُوُقُ بُغْيَتَهُ / إِنْ كان يَوْماً إلى سِوَاكَ صَبَا
يَا حَبْذا لَوْعَتي عَليْكَ وَيَا / بُشْرَاىَ إنْ مُتُّ فِيكَ مُكْتَئِبا
أحْبَابَنا هَلْ بقُرْبِكُمْ أَمَلُ / أَمْ هَلْ بوَصْلِكُمُ أَرَى سَبَبا
آهاً لأَيَّامِنَا بقُرْبكُمُ / وطِيبِ عَيْشٍ بِوَصْلِكُمْ ذهَبا
يَا سَائقَ العِيسِ نَحْوَ كاظِمَةٍ / أَبْلغْ سَلامِي لِنَازِليِنَ قَبا
وقلْ قضَى ذلِكَ المَشُوُقُ بِكُمْ / وَمَا قضَى مِنْ وصَالِكُمْ أَرَبا
قِفَا بالمَطَايا بَيْنَ نَجْدٍ وَشِعْبهِ
قِفَا بالمَطَايا بَيْنَ نَجْدٍ وَشِعْبهِ / نُوْدِي تَحِيْاتِ الغرَامِ لِصْبِّهِ
فبَيْنَ رُبَا تِلْكَ الرِّبُوع منَازلٌ / لِعَلْوَة مَاءَ الدَّمْع أكْثَرُ شرْبِهِ
إذَا مَا التَثَمْنَا بِالنَوَاظِرِ تُرْبَةً / تَمَسَّكَتِ الأَجْفَانُ مِنَّا بِتُرْبِهِ
أَحِنُّ إِليْهَا وَهَىْ قَلْبي وَهَلْ تَرَى / سِوَاىَ أَخُو وَجْدٍ يَحِنُّ لِقَلْبِهِ
وَيُحْجَبُ طَرْفِي عَنْهُ إِذْ هُوَ نَاظِرِي / فَمَا بُعْدُهُ إلاَّ لإِفْرَاطِ قُرْبِهِ
أَيَا عَرَبَ الجَرْعَاءِ مَنْ أَيْمَنِ الشِّعْبِ
أَيَا عَرَبَ الجَرْعَاءِ مَنْ أَيْمَنِ الشِّعْبِ / بِكُمْ لاَ بِشَيءٍ غَيْرِكُمْ شَغَفُ الصِّبَّ
أَلَمْ تَعِدُونَا أَنْ نَرَاكُمْ بِذِي الفَضَا / أَظُنُّكُمُ تَعْنَونَ أَنَّ الغَضَا قَلْبِي
غَرَاماً بِكُمْ والنَّارُ يَضْرمُهَا الصَّبَا / أَقَولُ عَلى نَارِي بِكُمْ لِلصَّبَا هُبِّي
وَوَجْدَاً إذا مِلْتُمْ إليَّ معَ الهَوَى / أقولُ اعتذاراً يَحْسُنُ الميلُ للقُضْبِ
وَإِنْ تُوقِدُوا نَارَ الحَرِيقِ فَكَمْ أَضَا / وَنَارُ فُؤادِي فِي حَشَا الْوَالِهِ الصِّبِّ
وَإِنْ تَجِدُوا بِالشِّعْبِ سَيْلاً وَلُجَةً / فَأَنْتُمْ بِمَجْرَى الدَّمْعِ يَا سَاكِني قَلْبِي
سَبَتْنَا الجُفُونُ البَابِليَّاتُ مِنْكُمُ / وَإِنَّ لُبَانَاتِ الُّلَباءَةِ فِي الحَبِّ
نُصَيْصٌ فَهلاَّ لِلرَقِيبَ وَعَاذِلٍ / لِكَيْمَا يَبِيتَا فِي عَذَابٍ وَفِي نَصْبِ
غَزَالُكُمُ ذَاكَ المُمَنَّعُ وَصْلُهُ / أَبَاحَ حِمى دَمْعِى وَبَالَغَ في نَهْبى
هُوَ الظَّبْىُ لاَ بَلْ صَائِدُ الظَّبْيِ لَحْظُهُ / وَيَا مَا أُحَيْلاَ الصَّيْدَ في شَرَكِ الهُدْبِ
حَلاَ لَحْظُهُ وَالمُرُّ فِي الحُبِّ وَصْلُهُ / وَلَمْ تَحْلُ حَتَّى مَرَّ فِي رِيقِهِ العَذْبِ
عَلَى عِطْفِهِ حَتَّى مِنَ الوُرْقِ غَيْرَتِي / أَلَمْ تَرَهَا هَاجَتْ عَلَى الغُصُنِ الرَّطْبِ
فَإِنْ ذَبَلَتْ أَجْفَانُهَا وَهْيَ نَرْجِسٌ / فَمِنْ طُوْلِ مَا أَدْمَنْتُ فِيهِنَّ مِنْ شُرْبِ
وَمِنْ عَجَبٍ وَهْىَ الكُؤُوُسُ فَمَا لَهَا / إِذَا كُسِّرَتْ صَحَّتْ وَدَارَتْ عَلى الشَّربِ
فَهَلْ عَوْدَةٌ فِي لَيْلَةٍ مِنْ ذَوَابَةٍ / عَنِ البَدْرِ مِنْ ظَلْمَائِهَا دَائِماً تُنْبى
تَرَقَّى بِهَا قَلْبِي إلى سِرِّ وَقْدِهِ / سَلاَمٌ على مَنْ تَحْتَهُ سُبَحُ الرَّطْبِ
أَرَادَ تَوَلَّى الحَلَّ وَالعَقْدَ عِنْدَهُ / فَجَارَ عَلَى المسَجْوُنِ مَنْ مُقْتَضَى الجَذْبِ
دَعَانيِ انْكِسَارُ الجَفْنِ مِنْهُ لِضَمَّةٍ / فَجَاوَبَنِي مَا لِلغُصُونِ سِوَى الهُضْبِ
وَغَرَّدْتُ تَغْرِيدَ الحَمَامِ تَوَصُّلاً / إليْهِ لِمَا بَيْنَ الحَمَائِمَ وَالقُضْبِ
وَقُلْتُ زَكَاةُ الحُسْنِ فَرْضاً فَقَالَ مَا / تَمِيلُ الغُصُونُ الوُرْقُ إلاَّ على النُّدْبِ
يَا ساكِنينَ بِقَلْبِي
يَا ساكِنينَ بِقَلْبِي / مَتَى أَفُوزُ بِقُرْبِ
سَلَبَتُمُونِي وَلَكِنْ / أَنَا السَّعِيدُ بِسَلْبِي
يَا عُرْبَ وَاديَ المُصَلاَّ / لأَنْتُمُ خَيْرُ عُرْبِ
نَزِيلُكُم مُسْتَهَامُ / مُوَلَّهُ القَلْبِ مَسْبي
وَلَسْتُ أَسْلُو هَوَاكُمْ / حَاشَا غَرَامِي وَحُبِّي
إذا رَضِيتُمْ تَلاَفِي / فَذَاكَ مَطْلُوبُ قَلْبِي
رُوحِي لَكُمْ إِنْ قَبِلْتُمْ / وَالرُّوحُ جَهْدُ المُحِبِّ
أَنْتُمْ ذَخِيرَةُ قَلْبِي / يَوْمَ المَعَادِ وَحَسْبِي
عَشِقْتُكُمْ وَبِحَقِّي / إِنْ تِهْتُ مِنْ فَرْطِ عُجْبي
وَمِلْتُ سُكْراً وَلِمْ لاَ / وَمِنْكُمُ كَانَ شُرْبي
وَقَدْ سَقَانِي حَبِيبي / وَخَصَّنِي دُونَ صَحْبِي
وَلَسْتُ بَعْدَ عَيَانِي / جَهْراً سَنَا وَجْهِ رَبِّي
أَصْبُو لِرَنْدٍ وَبَانٍ / وَذِكْرِ غَارٍ وَكُثْبِ
هَاكَ قَلْبِ فَسِرْ بِهِ
هَاكَ قَلْبِ فَسِرْ بِهِ / لِلحْمِىَ دُونَ سَرْبهِ
فَلَكَمْ فِي خَيَامِهِ / مِنْ فَقِيدٍ لِقَلْبِهِ
وَتَعرَّضْ بِذَى النَّقَا / لِلصِّبَا فيِ مَهَبِّهِ
فَهْوَ نَشْرٌ مُعَطَّرٌ / بِشَذَا نَشْرِ عُرْبِهِ
وَإِذَا مَا دَعَاكَ / دَاعِي هَوَاهُمْ فَلَبِّهِ
عُيونَ الحَيَا جُوْدِي لِتُرْبَةِ يَثْربِ
عُيونَ الحَيَا جُوْدِي لِتُرْبَةِ يَثْربِ / بدَمْعٍ هَتُونٍ وَدْقَهُ مُتَصَوِّبِ
وَعُودِي بِطِيبٍ مِنْ سَلاَمِيَ طِيبُهُ / نَسِيمُ الصِّبَا النَّجْدِيِّ يَا خَيْرَ طَيِّبِ
بِلاَدٌ بِهَا لِلْوَحْيِ مَرْبَاً وَمَرْبَعٌ / وَمَنْتَجَعُ الغُفْرَانِ عَنْ كُلِّ مُذْنِبِ
وَحَيْثُ الكَمِالُ الطَّلْقُ والمَرْكَز الذَّي / إِليْهِ انْتَهَى دَوْرُ المُحيِطِ المُكَوْكَبِ
أَفَاضَتُهُ أَنْوِارُ الغُيُوبِ عَلى الوَرَى / إفَاضَةَ وَهْبٍ خَارِجٍَ عنْ تَكَسُّبِ
فَأَخْبَرَ عَمَا غَابَ بِالشَّاهِدِ الذَّي / يُبَرْهِنُ بِالإِعْجَازِ فِي كُلِّ مَطْلَبِ
إذَا نَظَرَتْ عَيْنا بَصِيرَتِهِ إلىَ / حَقِيَقتِهِ المُثْلَى فأَحْسِنْ وَأَطْيِبِ
يَرَى بَرْزَخَ البَحْرَينِ كَوْناً مُكَوَّناً / وَمَطْلَعَهُ فِي حَدِّهِ المُتَرَتِّبِ
فَيَأْخُذُ مِنْ هَذَا لِهَذَا بِحَقِّهِ / عَلَى نِسْبَةٍ مَحْفُوظَةِ الأُمِّ وَالأَبِ
عَلَى يَدِّ مَعْنَاهُ يَمُرُّ وُجُوبُهُ / لإِمْكَانِهِ مَرَّ السَّحَابِ المُصَوِّبِ
فَيَقْبَلُ مِنْهُ قَابِلٌ حُكْمُ فَاعِلٍ / بِمَضْمُونِ مِيَراثِ الكَمَالِ المُهَذَّبِ
وَلَمْ يَكُ فِي هذَا التَّوُسُطِ مُثْبِتاً / عَلَى النَّاسِ حَقّاً أَوْ تَمَيُّزَ مَنْصِبِ
وُمَا ذَاكَ أَنْ لَيْسَ حَوْلٌ وَقُوَّةٌ / بِغَيْرِ الجَوَادِ المُطْلَقِ الجُودِ فَاعْجَبِ
وَلَكِنْ يَرَى إِلاَّ أَنَّ نُكْتَهَ قَلْبِهِ / أُزِيلَ بِهَا دَاعِي الهَوَى وَالتَّحَوُّبِ
فَهَذَا لَهُ مَعْنَى المَقَامِ مُغَيَّبٌ / وَلَمْ يَكُ عَنْهَا أَهْلُهُ بِمُغَيَّبِ
إِذَا صُفَّتِ الأَقْدَامُ مِنَّا وَأَمَّنَا / صَلاَةَ شُهُودٍ لاَ صَلاَةَ تَحَجُّبِ
مَضَى لَمْ يُعَقِّبْ دَانِياً مِنْ شُهُودِهِ / بِنَا وَمَضَيْنَا خَلْفَهُ لَمْ نُعَقِّبِ
أُولئكَ وُرَّاثُ النَّبِيِّ شَهَادَةً / وَغَيْباً وَلَيْسَ البَّرُ مِثْلَ المُقَرَّبِ
وَتِلْكَ سَبِيلٌ قَدْ دَعَا بِبَصِيرَةٍ / لَهَا ودَعَوْنَا كُلَّ شَرْقٍ وَمَغْرِبِ
فَذَلِكَ دَاعِي اللهِ بِالمَنْهَجِ الَّذي / بِهِ صُورَةُ التَّكْمِيلِ فِي كُلِّ مَذْهَبِ
شَرِيعَةُ حَقٍّ حَقُّ كُلِّ شَرِيعَةٍ / مَقامُ خُصُوصٍ عَنْ عُمُومٍ مُرَتَّبِ
مُشَاراً إليْهِ صُورَةً مِنْ جِهَاتِهَا / جَميعاً وَمَعْنىً مِنْ حَقَائِقِ غُيَّبِ
يَا حَبَذَا الكاَسُ بِكَفِّ الحَبِيبْ
يَا حَبَذَا الكاَسُ بِكَفِّ الحَبِيبْ / أَذَابَت الأَنَوْارَ وَسْطَ اللَّهِيبْ
وحَبَذَا الرَّاحُ الَّتِي لَمْ تَزَلْ / تَصْرِفُنِي بِالسُّكْرِ حَتَّى أَغِيبْ
يَا غُصْنَ البَانِ أَدِرْ وَرْدَهُ / والوَرْدُ في البَانِ لَعَمرِي عَجِيبْ
وَنَاوِلِ الأَقْمَارَ شُهْبَ الدُّجَى / يَا شمْسُ والأَمْرُ أَيْضاً غَرِيبْ
أَفْدِيكَ مَا فِي صَبْوَتِي رَيْبَةٌ / وَلاَ لِسُلْوَانِي بِقَلْبِ تَصِيبْ
فَاحْكُمْ بِمَا شئْتَ سِوَى جَفْوَتِي / فِعْلُ حَبِيبي كُلُّهُ لي حَبِيبْ
يَا نَسْمَةَ البَانِ هُبِّي
يَا نَسْمَةَ البَانِ هُبِّي / عَلَى رُسُومِ المُحِبِّ
وَمَا عَلَيْكِ إِذَا مَا / وَقَّدْتِ نِيْرَانَ قَلْبي
إنْ تَكْتُمِي سِرَّ لَيْلَى / فطِيبُهَا عَنْهَا يُبْنِي
أَوْ لاَ فَمَا لَشَذَاهَا / يُسْبِي العُقُولَ وَيُصْبِي
أهْدَتْ إِليَّ حَدِيثاً / فَهِمْتَهُ دُونَ صَحْبِي
فَحَلَّ فِي الحَالِ سَلْبِي / دُونَ الجَمِيعِ وَنَهْبِي
يَا طَالِباً حَيَّ لَيْلَى ذ / ذَاتِي حِمَاهَا فَطُفْ بِي
وَنَادِ بَاسْمِي تَجِدْهَا / عَلَى لِسَانِي تُلَبِيِّ
أَمَالِكَ رقِّي لاَ تَلُمْ عَاشِقاً صَبَا
أَمَالِكَ رقِّي لاَ تَلُمْ عَاشِقاً صَبَا / فَحُسْنُكَ لِلأَلْبَابِ يَا مُنْيَتِي سَبَا
وَإِنْ يَكُ ذَنْبِي فَرْطَ عِشْقِي فَطَاعَتِي / هَوَاكَ شَفِيعٌ لِي إِذَا مِتُّ مُذْنِبا
وَهَبْ أَنَّ ذاكَ الحُسْنَ عَنِّي مُحَجَّبٌ / أَلَيْسَ بَرَيَّاهُ سَرَتْ نَسْمَةُ الصِّبَا
فَدَيتُ حَبِيباً رَنَّحَ السُّكْرُ عِطْفَهُ / فَمَاسَ بِغُصْنٍ مَا رَأَتْ مِثْلَهُ الرُّبا
يُجَرِّدُ مِنْ أَجْفَانِهِ السُّودِ أَبْيضَاً / أَرَاقَ دِمَا العُشَّاقِ طُرّاً وَمَانَبا
جَلاَ خَدُّهُ لي كَاسَ رَاحٍ وَإِنَّمَا / بِدُّرِّ اللَّمَى المَعْسُولِ حُسْناً تَحَبَّبا
تَسَتَّرْتُ بِالأَسْقَامِ فِيهِ فَمُذْ بَدَاَ / ظَهَرْتُ كَمَا في الشَّمْسِ قدْ يظْهَرْ الهَبا
وَأَكْسَبَنِي حُسْناً وَلاَ غَرْوَ إِنَّمَا / لِكُلِّ مَليحٍ مِنْهُ مَا قَدْ تَكَسَّبا
وَإِنِّي لَذَاكَ المُغْرَمُ العَاشِقُ الَّذِي / إِلَى غَيْرِ ذَاكَ المُطْلَقِ الحُسْنِ مَا صَبا
يُرَنِّحُهُ بِالأبْرَقِ الفَرْدِ بَارِقٌ / وَيُصْبِيْهِ فِي نَعْمَانَ مِنْ عَلْوَةٍ نَبا
إِذَا رُمْتَ أَنْ تُبْدِي مَصُونَاتِ سِرِّهِ / فَحَدِّثْ بِذْاكَ الحَيِّ عَنْ ذَلِكَ الخِبا
غَرَامِيَ فِيْكُمْ مَا أَلَّذَّ وَأَطْيَبا
غَرَامِيَ فِيْكُمْ مَا أَلَّذَّ وَأَطْيَبا / وَفِي حُبِّكُمْ أَهْلاً بِسُقمِي وَمَرْحَبا
غَزَالُكُمُ ذَاكَ المَصُونُ جَمَالُهُ / إلَى غَيْرِهِ فِي الحُبِّ قَلْبِيَ مَا صَبا
تَجَلَّى عَلى كُلِّ العُيونِ فَعِنْدَمَا / سَبَى حُسْنُهُ كُلَّ القُلُوبِ تَحَجَّبا
أَأَحْبَابَنَا هَلْ عَابِدٌ فِي حَمِاكُمُ / أَوَيْقَاتِ وَصْلٍ كُلُّهَا زَمَنُ الصِّبا
عَلَى حُبِّكُمْ أَنْفَقْتُ حَاصِلَ أَدْمُعِي
عَلَى حُبِّكُمْ أَنْفَقْتُ حَاصِلَ أَدْمُعِي / وَغَيْرَ وَلاَكُمْ عَبْدُكُمْ مَا تَكَسْبا
وحَاشَكُمُ أَنْ تُبْعِدُوا عَنْ جَنَابِكُمْ / حَلِيفَ هَوىً بالرُّوحِ فِيْكُمْ تَقَرَّبا
وَأَنْ تَهْجُروا مَنْ وَاصَلَ السُّهْدُ جَفْنَهُ / وَهَذْبَ فِيْكُمْ عِشْقَهُ فَتَهَذَّبا
وَأَحْسنْتُمُ تَأْدِيبَهُ بِصُدُودِكُمْ / فَلاَ تَهْجُروهُ بَعْدَ مَا قَدْ تَأَدَّبا
وَلِي مُهْجَةٌ دِينُ الصَّبَابَةِ دَيْنُهَا / فَكَيْفَ تَرى عَنْكُمْ مَدَى الدَّهِرْ مَذْهَبا
وَلِي فِي ظِلاَلِ السِّرحَتَينِ تَنَزُّلٌ / لَبِسْنَا بِهِ بُرْداً مِنَ الوَصْلِ مُذْهَبا
يَرُوقُكَ أَنْ يَرْوِي أَحَادِيثَ وُرْقِهِ / وَتَصْبُوا إِلى الأَلْحَانِ شَجْواً فَتْطْرَبا
وَتَسْتَنْشِقَ الأَنْفَاسَ مِنْ نَسَمَاتِهِ / فَتَفْهَمَ مَعْنَى الزَّهْرِ مِنْ مَنْطَقِ الصَّبا
تُرَى يَا جِيرَةَ الشِّعْبِ
تُرَى يَا جِيرَةَ الشِّعْبِ / يُسَرُّ بِوَصْلِكُمْ قَلْبِي
وَتَجْمَعُ بَيْنَنَا دَارٌ / عَلى الإِكْرَامِ وَالرَّحْبِ
أُهَيْلَ الحَيِّ وَا عَطَشِي / لِذَاكَ المَنْهَلِ العَذْبِ
وَيَا شَوْقِي إلى عَيْشٍ / مَضَى فِي ظِلِّهِ الرَّحْبِ
وَأَيّامٍ بِلاَ عَتْبٍ / تَقَضَّتْ فِي هَوَى عُتْبِ
إِذَا ذُكِرَتْ لَيالِيهِ / تَهِيجُ لَوَاعِجُ الصَّبَ
وَيُحْيِي قَلْبَ عَاشِقِهِ / حَدِيث نَسِيمِهِ الرَّطْبِ
وَمُحْتَجِبٍ تَبَسُّمُّهُ / يُمَزِّقُ ظُلْمَةَ الحُجْبِ
يُصَانُ حِمَاهُ بِالاِجْلاَلِ / لاَ بِالسُّمْرِ وَالقُضْبِ
مِنَ الأَقْمَارِ مَنْزِلَتَاهُ / فِي طَرْفِي وَفِي قُلْبِي
وَظَبْيِّ نَقاً وَبِالأسْرَارِ / يَأْنَسُ لَيْسَ بالْسرْبِ
بَعَثَتْ فِي طَيِّ أَنْفَاسِ الجَنُوبِ
بَعَثَتْ فِي طَيِّ أَنْفَاسِ الجَنُوبِ / لِينَ عِطْفَيْهَا إِلَى بَانِ الكَثِيبِ
فَغَدَتْ أَكْمَامُ أَزْهَارِ الرُّبَى / طَرَباً تَفْتُقُ أَزْرَارَ الجُيوُبِ
فَعُموُمُ الكَوْنِ يَهْوىَ حُسْنَهَا / وَخُصُوصاً صاحِبُ القَلْبِ الطَّروْبِ
وَإِذَا يَا سَعْدُ جَاوَزْتَ النَّقَا / فَاحْبِسْ العِيسَ تَرَى نَهْبَ القُلُوبِ
فَبِذاكَ الحَيِّ كَمْ مَيْتِ هَوَى / قَدْ بَراهُ السُقْمُ عَنْ عَيْنِ الطَّبِيبِ
يَا بِرُوحِي أَنَأ أَفْدِي شَادِناً / فَاتِناً أَمْسَى نَدِيمِي وَحَبِيبي
لَوْ سَقَيْنَا الرُّبُوعَ مَاءَ الشَّبَابِ
لَوْ سَقَيْنَا الرُّبُوعَ مَاءَ الشَّبَابِ / مَا وَفَيْنَا فَكَيْفَ مَاءُ التَّصَابِي
فَاسْقِنِي مِنْ مَنَازِلِ الحَيِّ وَجْداً / يَا رُبُوعَ دُمُوعَ السَّحَابِ
يَا ثُغُورَ الأَقَاحِ كُونِي رِضَاباً / إنَّ أَشْهَى الأقَاحِ ذَاتُ الرِّضَابِ
وَبِكأَسِ الشَّقِيقِ كُونِي شَرَاباً / أَنْتِ فِي حُمْرَةٍ كَلَوْنِ الشَّرابِ
أَوْثَقَتْنَا بِالنَّرْجِسِ الغَضِّ مِنْهَا / أَعْيُنٌ لاَ كَأَعْيُنِ الأَحْبَابِ
تِلْكَ فِيهَا مِنْ فَتْرَةِ الحُسْنِ جَمْعٌ / فَارِقٌ لِلجُسُومِ والأَلْبَابِ
بَدَا عَلَمٌ لِلحُبِّ يَمَّمْتُ نَحْوَهُ
بَدَا عَلَمٌ لِلحُبِّ يَمَّمْتُ نَحْوَهُ / فَلَمْ أَنْقَلِبْ حَتَّى احْتَسَبْتُ بِهِ قَلْبِي
بَلَوْتُ الهَوىَ قَبْلَ الهَوىَ فَوَجَدْتُهُ / إِسَاراً بِلاَ فَكٍّ سُقَاماً بِلاَ طِبِّ
بِرُوحِي حَبِيبٌ لاَ أُصَرِّحُ بِاسْمِهِ / وَكُلًّ مُحِبٍّ فَهْوَ يُكْنِ عَنِ الحُبِّ
بَرانِي هَوَاهُ ظَاهِراً بَعْدَ بَاطِنٍ / فَجِسْمِي بِلاَ رُوحٍ وَقَلْبِي بِلاَ لُبِّ
بِحُبِّكَ هَلْ لِي فِي لِقَائِكَ مَطْمَعٌ / فَإِنِّيَ مِنْ كَرْبٍ عَلَيْكَ إلى كَرْبِ
بِكُلِّ طَرِيقٍ لي إِلَيْكِ مَنِيَّةٌ / كَأَنِّي مَعَ الأَيّامِ بَعْدَكَ فِي حَرْبِ
بَكَيْتُ فَقَالُوا أَنْتَ بِالحُبِّ بَائِحٌ / صَمَتُّ فَقَالُوا أَنْتَ خُلْوٌ مِنَ الحُبِّ
بَوَارِقُ لاَحَتْ لِلْوِصَالِ فَثَّمَّهَا / فَيَا بَعْدَ بُعْدٍ قَدْ دَنَا زَمَنُ القُرْبِ
بَقِيتُ وَهَلْ يَبْقَى صَبٌ بهِ لَوْعَةٌ / تُقَلِّبُهُ الأَشوَاقُ جَنْباً إِلى جَنْبِ
بَلَغْتُ المُنَى مِمَّنْ أُحِبُّ بِحُبِّهِ / ولاَ بُدْ لِلمَرْبُوبِ مِنْ رَحْمَةِ الرَّبِّ
لَمَّا انْتَهَتْ عَيْني إِلىَ أَحْبَابِهَا
لَمَّا انْتَهَتْ عَيْني إِلىَ أَحْبَابِهَا / شَاهَدْتُ صِرْفَ الرَّاحِ عَيْنَ حَبَابِهَا
أَأَرَى سِوَى لَيْلَى إِذَا حَكَمَ الجَفَا / مِنْهَا عَلَيَّ بِبُعْدِهَا وَحِجَابِهَا
والَكَوْنُ مِنْ عُشَّاقِهَا وَيَفُوتُنُي / أَدَبٌ يَرَاهُ الحُبِّ مِنْ آدَابِهَا
لاَ وَالَّذي جَعَل الضَّنَا وَالحُزْنَ / جِلْبَابِي بِهَا وَالحُسْنَ مِنْ جِلْبَابِهَا
وَنَعِمْتُ مِنْ أَكْوَانِهَا وَرَأَى السِّوى / غَيْريِ فَأَصْبَحَ قَلْبُهُ يُكْوَى بِهَا
وَلَقَدْ طَرَقْتُ الحَيَّ بَيْنَ خِيَامِهِ / فَكَأَنَّنِي لِلسُّقْمِ مِنْ أَطْنَابِهَا
وَقَرأْت هَاتِيكَ البِيُوتَ تَصَفُّحاً / فَكَأَنَّنِي المَسْئُولُ عَنْ إِعْرَابِهَا
حَتَّى إِذَا جَذَبَ الصَّبَاحُ لِثَامَهُ / وَرَمَتْ مَلِيَحةُ شَمْسِهِ بَنَقِابِهَا
رَأَتْ الدُّجَيْنَةُ أَنَّني مِنْ بَعْضِهَا / فَذَهَبْتُ بِالأَنْوَارِ عِنْدَ ذِهَابِهَا
وَشَهِدْتُ لَيْلَى لاَ يَرَاهَا غَيْرُهَا / وَجَمَالُهَا قَدْ شَفَّ مِنْ جِلْبَابِهَا
وَطَلَبْتُهَا فَوَجَدْتُ أَسْبَابَ المُنَى / مَوْصُولَةً بالْيَأْسِ مَنْ أَسْبَابِهَا
إلاَّ لِمَنْ أَعْطَى الصَّبَابَةَ حَقَّهَا / وَأَتَى بيوُتَ الحَيِّ مِنْ أَبْوَابِهَا
وَوَفَى بِعَهْدِ رَسُولِهَا في أَمْرِهِ / عَنْهَا فَقَامَ مَقَامَهُ في بَابِهَا
عَيْنَاكِ إنْ سَلَبَتْ نَوْمي بِلاَ سَبَبِ
عَيْنَاكِ إنْ سَلَبَتْ نَوْمي بِلاَ سَبَبِ / فَالنَّهْبُ يَا أُخْتَ سَعْدٍ شِيَمةُ العَرَبِ
وَقَدْ سَلَبْتِ رُقَادَ النَّاسِ كُلِّهُمُ / لِذَاكَ جَفْنُكِ كَسْلانٌ مِنْ التّعَبِ
هَلْ ذاكَ لاَمِعُ بَرْقٍ لاَحَ مِنْ إِضمِ / أَمْ ابْتَسَمْتِ فَهَذَأ بَارِقُ الشَّنَبِ
وَتِلكَ نَارُكِ بِالجَرْعَاءِ سَاطِعَةٌ / أَمْ ذَاكَ خَدُّكِ وَهَّاجُ مِنَ اللَّهَبِ
لاَ أَنْقَذَ اللهُ مِنْ نَارِ الجَوَى أَبَداً / قَلْبي الَّذي عَنْ هَوَاكُمْ غَيْرُ مُنْقَلِبِ
إِنْ عَذَبَتْهُ بِنَارٍ مِنَ مَحَبَّتِهَا / نُعْمَ فَذَاكَ نَعِيمٌ غَيْرُ مُحْتَجُبِ
منْ رامَ ذِكْرَ سِوَاهَا يَلْتَمِسْ أَحَداً / غَيْرِي فَذِكْرُ سِوَاهَا لَيْسَ مِنْ أَرَبي
إِنْ حَدَّثَتْهُ الأَمَانِي أَنَّنِي أَبداً / أَسْلُوا هَوَاهَا فَقَدْ أَصْغَى إِلى الكَذِبِ