القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 307
لا تَجزعنَّ إذا نابَتكَ نائبةٌ
لا تَجزعنَّ إذا نابَتكَ نائبةٌ / ولا تضيقنَّ في خَطبٍ إذا نابا
ما يُغلق اللَه باباً دونَ قارعةٍ / إلّا وَيَفتَحُ بالتَيسير أَبوابا
لا تَحسب الراح أَورثَت يَدهُ
لا تَحسب الراح أَورثَت يَدهُ / من سوئِها رعشَةً لها اِضطربا
لكنَّه لا يَزالُ يَلمسُها / فالكفُّ تهتزُّ دائماً طَرَبا
وَلَو أَنَّني أَسعى لنفسي وجدتني
وَلَو أَنَّني أَسعى لنفسي وجدتني / قَليلَ المَساعي للَّذي أَنا كاسبُه
وَكُنتُ إذا حاوَلتُ في الدهر مطلباً / كَثير التأنّي في الَّذي أَنا طالبُه
وَلَكِنَّني أَسعى لأَنفع صاحبي / على أَنَّ هَذا الدَهرَ أَعيَت مذاهبُه
وإن أَنا لا أَسعى له خفتُ عارَه / وَشبعُ الفَتى عارٌ إذا جاعَ صاحبُه
قَد حالَ ما بيني وَبَينَ مآربي
قَد حالَ ما بيني وَبَينَ مآربي / سُخطي تحمُّلَ منَّةٍ من واهِبِ
لَو كُنتُ أَرضى بالخضوع لمطلبٍ / ما اِستصعَبت يَوماً عليَّ مطالبي
خيَّرتُ نَفسي بَينَ عزِّ المكتفي / بِأَقلِّ ما يَكفي وَذُلِّ الراغبِ
فتخيَّرت عزَّ القَنوع وأَنشدَت / دَعني فَلَيسَ الذلُّ ضَربةَ لازِبِ
لا فَرقَ ما بَينَ المَنيَّة والمُنى / إِن نالَ من عِرضي لِسانُ الثالبِ
إنّي لأَسغبُ والمَطاعِمُ جمَّةٌ / حذراً وخوفاً من مقالةِ عائِبِ
أَصدى ولا أَرِدُ الزُلالَ المُشتَهى / ما لَم ترُق مِمّا يَشينُ مَشاربي
وَعلى اِحتمالي للفَوادِح أَنَّني / ليروعُني هَجرُ الحَبيب العاتبِ
وَيشوقُني ذِكرُ الصَبابة والصِبا / وَيَروقُني حُسنُ الرداح الكاعِبِ
لا تَملكُ الأَعداءُ فضلَ مقادَتي / وَيقودُني ما شاءَ ودُّ الصاحِبِ
إِنّي لأَعذُبُ في مذاقِ أَحبَّتي / وَعدايَ منّي في عَذابٍ واصبِ
وَمَتى يَظُنُّ بي الصَديقُ تملُّقاً / لَم يَلقَني إلّا بظنٍّ كاذِبِ
وإذا رأى منّي الحضورَ لرغبةٍ / أَولَيتُهُ ودَّ الصديق الغائبِ
سيّان عندي مَن أَحَبَّ ومَن قَلى / إِن غضَّ طَرفاً عَن رِعاية جانبي
جرَّبتُ أَبناءَ الزَمان فَلَم أَجِد / من لم تُفدني الزُهدَ فيه تَجاربي
ورحلتي المُشتَهاةُ تُزري
ورحلتي المُشتَهاةُ تُزري / بالرَوضِ عند الفَتى الأَريبِ
فإن تغرَّبتَ فاِصطَحبها / فإنَّها سَلوةُ الغَريبِ
يا حاديَ الظعنِ إِن جُزتَ المواقيتا
يا حاديَ الظعنِ إِن جُزتَ المواقيتا / فحيّ مَن بِمنىً والخَيفِ حُيِّيتا
وَسَل بجمعٍ أَجمعُ الشَملِ مؤتَلِفٌ / أَم غالَه الدَهرُ تفريقاً وتَشتيتا
واِلثِم ثَرى ذَلِكَ الوادي وَحُطَّ بِهِ / عَن الرِحال تَنل يا سَعدُ ما شيتا
عَهدي به وَثَراهُ بالشذا عَبِقٌ / كالمِسكِ فتَّتهُ الداريُّ تَفتيتا
والدرُّ ما زالَ من حَصبائِهِ خجِلاً / كأَنَّ حصباءَه كانَت يواقيتا
يؤمُّه الوَفدُ من عُربٍ ومن عَجمٍ / وَيسبرونَ له البيدَ السَباريتا
يَطوونَ عَرضَ الفَيافي طولَ ليلهمُ / لا يَهتَدون بغيرِ النجم خرِّيتا
من كُلّش مُنخرقِ السِربال تحسَبُه / إذا تسربلَ بالظَلماءِ عِفريتا
لا يَطعَم الماءَ إلّا بلَّ غلَّتِه / ولا يَذوق سِوى سَدِّ الطَوى قوتا
يَفري جُيوبَ الفَلا في كُلِّ هاجِرَةٍ / يُماثِلُ الضَبُّ في رَمضائِها الحوتا
تَرى الحَصى جَمَراتٍ من تَلهُّبِها / كأَنَّما أوقِدَت في القَفر كبريتا
أَجابَ دَعوةَ داعٍ لا مَرَدَّ لَها / قَضى على الناس حَجَّ البَيت تَوقيتا
يَرجو النَجاةَ بِيَومٍ قد أَهابَ به / في مَوقِفٍ يَدَع المنطيقَ سِكِّيتا
فَسارَ وَالعَزمُ يَطويه وَينشرُهُ / يُنازِلُ البينَ تَصبيحاً وتَبييتا
حَتىّ أَناخَ عل أُمِّ القُرى سَحَراً / وَقَد نَضا الصُبحُ للظَلماءِ إِصليتا
فَقامَ يَقرَعُ بابَ العَفوِ مُبتَهِلاً / لَم يَخشَ غَيرَ عِتابِ اللَه تَبكيتا
وَطافَ بالبَيتِ سَبعاً واِنثَنى عَجِلاً / إِلى الصَفا حاذِراً لِلوَقتِ تَفويتا
وَراحَ مُلتَمِساً نيلَ المُنى بِمِنىً / وَلَم يَخَف حينَ حَلَّ الخَيفَ تَعنيتا
وَقامَ في عَرفاتٍ عارِفاً ودَعا / ربّاً عوارِفُهُ عمَّتهُ تَربيتا
وَعادَ منها مُفيضاً وَهو مُزدَلِفٌ / يَرجو من اللَهِ تَمكيناً وتَثبيتا
وَباتَ للجَمَراتِ الرُقش مُلتَقِطاً / كأَنَّه لاقِطٌ دُرّاً وَياقوتا
وَحين أَصبَحَ يَومَ النَحرِ قامَ ضُحىً / يوفي مناسِكَه رَمياً وتَسبيتا
وقرَّب الهَديَ تَهديهِ شَرائعُهُ / إِلى الهُدى ذاكِراً لِلَّه تَسميتا
وَملّأتهُ لَيالي الخَيفِ بَهجَتها / فحجَّ للدين والدُنيا مواقيتا
حَتّى إِذا كانَ يَومُ النَفر نفَّرَهُ / وَجدٌ ينكِّتُ في الأَحشاءِ تَنكيتا
ثُمَّ اِغتَدى قاضياً من حجِّه تَفَثاً / يَرجو لتزكيةِ الأَعمالِ تَزكيتا
وودَّع البيتَ يَرجو العَودَ ثانيَةً / وليتَه عنه طولَ الدَهرِ ما ليتا
وأَمَّ طيبةَ مَثوى الطَيِّبين وقد / ثَنى له الشَوقُ نَحو المُصطَفى ليتا
فَواصَلَ السَيرَ لا يَلوي على سَكَنٍ / أَزادَ حُبّاً له أَم زاد تَمقيتا
حتّى رأَى القبَّةَ الخَضراءَ حاكيةً / قَصراً من الفَلَك العُلويِّ مَنحوتا
فقبَّل الأَرضَ من أَعتابِ ساحَتِها / وَعفَّر الخدَّ تَعظيماً وتَشميتا
حيث النُبوَّةُ مَمدودٌ سُرادِقُها / وَالمَجدُ أَنبته الرَحمَنُ تَنبيتا
مَقامُ قُدسٍ يَحار الواصفونَ له / وَيَرجِعُ العقلُ عن عَلياه مَبهوتا
لَو فاخَرَته الطِباقُ السَبعُ لاِنتكسَت / وَعادَ كوكبُها الدُريُّ مَكبوتا
تَستَوقِفُ السَمعَ والأَبصارَ بهجَته / وَيَجمَعُ الفَضلَ مَشهوداً ومَنعوتا
يَقولُ زائرُهُ هاتِ الحَديثَ لنا / عن زَوره لا عَن الزوراء أَو هيتا
وصِف لنا نورَه لا نارَ عاديَةٍ / باتَت تُشبُّ على أَيدي مَصاليتا
مثوى أَجلِّ الوَرى قَدراً وأَرحَبِهم / صَدراً وأَرفعهم يَومَ الثَنا صيتا
نَبيُّ صِدقٍ هَدَت أَنوارُ غُرَّته / بَعد العَمى للهُدى من كانَ عِمِّيتا
وأَصبحت سُبُلُ الدين الحَنيفِ بِهِ / عَوامِراً بعدَ أَن كانَت أَماريتا
أَحيا به اللَه قَوماً قام سعدُهمُ / كَما أَماتَ به قَوماً طواغيتا
لَولاه ما خاطَبَ الرَحمنُ من بشرٍ / ولا أَبان لهم ديناً ولاهوتا
له يَدٌ لا نُرجّي غيرَ نائِلها / وَقاصدُ البحر لا يَرجو الهراميتا
فَلو حَوَت ما حوته السُحبُ مِن كَرَمٍ / لما سَمِعتَ بها للرعد تَصويتا
فَقُل لمن صَدَّه عنه غوايَتُه / لَو اِهتَدَيتَ إِلى سُبل الهُدى جيتا
ما رامَ حصرَ معانيه أَخو لسنٍ / إِلّا وأَصبح بادي العيّ صِمِّيتا
يا أَشرَفَ الرُسلِ والأَملاكِ قاطبةً / ومن به شَرَّف اللَهُ النواسيتا
سَمعاً لدعوة ناءٍ عنك مُكتئِبٍ / فَكَم أَغثتَ كئيباً حينَ نوديتا
يَرجوكَ في الدينِ والدُنيا لمقصدِهِ / حاشا لِراجيكَ من يأسٍ وحوشيتا
أَضحى أَسيراً بأَرضِ الهِند مُغتَرِباً / لَم يَرجُ مخلصَه إلّا إذا شيتا
فنَجِّني يا فدتكَ النَفسُ من بَلَدٍ / أَضحت لِقاحُ العُلى فيهِ مَقاليتا
وَقَد خَدَمتُك من شِعري بِقافيَةٍ / نَبَّتُّ فيها بديعَ القَولِ تَنبيتا
وزانَها الفِكرُ من سِحر البيان بما / أَعيا ببابلَ هاروتاً وماروتا
جلَّت بمدحِكَ عن مِثلٍ يُقاسُ بها / ومن يَقيسُ بنَشر المسكِ حِلتيتا
عَلَيكَ مِن صَلوات اللَه أَشرَفُها / وآلك الغُرِّ ما حُيّوا وحُيّيتا
خطرَت في شَمائِلٍ ونُعوتِ
خطرَت في شَمائِلٍ ونُعوتِ / نَفتِ العَقلَ في مَحلِّ الثُبوتِ
وَتَجَلَّت تَميسُ في ثَوب حُسنٍ / حيكَ بالكبرياءِ والجَبَروتِ
شاهدَ العَقلُ من وَميضِ سَناها / ما سَباهُ فظلَّ كالمَبهوتِ
وَرآها قَد أَرخصَت كلَّ غالٍ / فَتَغالى في حُسنها المَنعوتِ
رامَ ذو النُطق أَن يَفوهَ بِقَولٍ / فاِنثنى لم يَسَعه غير السكوتِ
إن تيمَّمتَ سَمتها فتجنَّب / يا أَخا العَزم عَن جَميع السموتِ
وإذا ما دَنوتَ قُربَ حِماها / فاِخلع النَعلَ خاضِعاً بقُنوتِ
واِحفظِ القَلبَ أَن يَبوحَ بسرٍّ / واِنتظِرها لوَقتِها المَوقوتِ
وإذا أَصفَتِ الهَوى وأَدارَت / في صفا الدرِّ ذائبَ الياقوتِ
فاِغتبِقها ولا تمِل لِسِواها / فهي تُغني المحبَّ عن كُلِّ قوتِ
لَو تَجَلّى منها على الكون كأسٌ / أَسكرَت كلَّ ناطِقٍ وَصَموتِ
ولَعمري لَولا سَناها بِلَيلٍ / ما اِهتَدى مُدلجٌ إِلى الحانوتِ
يا سُروري بها وقد وَلِهَ القل / بُ فأَلهت بِسِرِّها اللاهوتي
آنسَت وحشةَ الفؤادِ وجلَّت / عنه بالنور ظُلمَةَ الناسوتِ
قد رآها الكَليمُ نورَ هُداهُ / ثُمَّ كانَت سَكينَةَ التابوتِ
أَمَّ طالوتُ حانَها فحبَتهُ / مُلكَ قَوم طالوا على طالوتِ
واِحتَساها داودُ صِرفاً فأَضحى / ظافِراً في الوَغى على جالوتِ
وأَضَلَّت عقولَ قَومٍ فَقالوا / هيَ سِحرٌ يُعزى إلى هاروتِ
وَطَغى من طَغى بِجَهلٍ عليها / فهدَتهُ للجِبتِ والطاغوتِ
وَنَفَته عَن مَشهد القُربِ منها / فَنَفاها بِعَقلهِ المَسبوتِ
زادَتِ العالِمَ الوَقورَ ثَباتاً / واِستخفَّت بالجاهِل المَمقوتِ
كيفَ يَخفى عن العيون سَناها / وهوَ بادٍ في المُلك والمَلَكوتِ
قل لِنَفسٍ قد نازَعَتكَ إِليها / إِن تَرومي بها الحَياةَ فَموتي
مَعاطِفٌ أَم رماحٌ سمهريّات
مَعاطِفٌ أَم رماحٌ سمهريّات / وَأَعينٌ أَم مواضٍ مشرفيّاتُ
سَل عَن دَمي عندما تَلقاك مُسفرة / تُخبِركَ عنه الخدودَ العَندِميّاتُ
يا قاتلَ اللَه ألحاظاً سفكنَ دَمي / هَل كانَ عِندي لَها في الحُبِّ ثاراتُ
ما بَلبلَ القَلبَ من وَجدٍ ومن وَلَهٍ / هوايَ لَولا العيونُ البابليّاتُ
وَما أُبرّئُ نَفسي إِنَّها حَكمَت / بالحبِّ فاِحتكَمَت فيها الصَباباتُ
وَلَيسَ بِدعاً فكم بالعِشق قد بليت / قَبلي نفوسٌ عن البَلوى أَبيّاتُ
يا عاذِلي في الهوى أَسرَفتَ في عَذلي / وكانَ يَكفيكَ لو تُجدي إِشاراتُ
كَيفَ السلوُّ وأَشواقي مضاعفةٌ / وَبين حُبّي وَسُلواني مُنافاةُ
هَيهاتَ قَلبي عَصاني في محبَّتهم / لَمّا غَدا وَلَهُ في الحُبِّ طاعاتُ
وَما ربوعُ الهوى يَوماً بدراسَةٍ / وَقَد وَفَت لي الحسانُ العامريّاتُ
لي من سُعادَ سَعاداتٌ أَفوزُ بها / يوم اللِقاء ومن لُبنى لُباناتُ
وَفي غَراميَ سرٌّ لا أَبوحُ به / وَللمحبّينَ أَسرارٌ خَفيّاتُ
لا أنكرنَّ الهوى مِن بعدما تُليَت / عليَّ من سوَر الأَحباب آياتُ
فخذ صَحيحَ الهوى عَنّي ومُسنَدَهُ / فَكَم بإِسنادِه عنّي رِواياتُ
ومن يُناظِرُني فيه وقد نُشِرَت / عَلى مَفارقِ لَهوي منه راياتُ
واِستفرَغَتهُ صَباباتي فما بقيَت / بَعدي لأَهل الهوى إلّا صباباتُ
أَنالَت مُنى قَلبي المُنى حين غَنَّتِ
أَنالَت مُنى قَلبي المُنى حين غَنَّتِ / فَلَم أَدرِ هَل غنَّتهُ أَم هي غنَّتِ
وَشاقَت فُؤادي لِلحجاز وأَهلِه / عشيَّة غَنَّت بالحجاز وَرَنَّتِ
وَجُنَّ بها العُشّاقُ لَمّا شدَت به / وأَبدَت من الأَشجان ما قد أَجنَّتِ
وَسارَت رِكابُ القوم تُرملُ عندما / شدَت رَمَلاً حتّى إِلى الرَملِ حَنَّتِ
وإِن غَنَّت الرَكبيَّ وَالركب سائِرٌ / غدا حائراً ما كدَّرَته وَثَنَّتِ
وَكَم من مَقامٍ قَد تَعالى مَقامُه / بأَلحانها لما به قد تَغَنَّتِ
لَقَد ذَهبَت أَنفسُ العاشقين
لَقَد ذَهبَت أَنفسُ العاشقين / عَلى نار وَجنَتِه حَسراتِ
وَلا غروَ إِن أَصبَحَت تُشتَهى / فَقَد حُفَّت النارُ بالشَهواتِ
أَلا إِنَّما الياقوتُ أَحسَنُ جَوهرٍ
أَلا إِنَّما الياقوتُ أَحسَنُ جَوهرٍ / وَأَحسن منه في البَريّاتِ ياقوتُ
على أَنَّه قوتُ القلوب بأَسرِها / أَلَم تَرَ كُلَّ الخَلقِ يَدعوهُ ياقوتُ
أَما وَالهَوى حِلفاً وَلَستُ بحانِث
أَما وَالهَوى حِلفاً وَلَستُ بحانِث / لما أَنا لِلعَهدِ القَديم بناكِثِ
يحدِّثُها الواشي بأَنّي سَلوتُها / لَقَد حدَّثَ الواشي بأَعظم حادثِ
وَما عَلِمت أَنّي تفرَّدتُ في الهَوى / فأَنّى لها مِثلي بثانٍ وَثالثِ
بُليتُ بفَدمٍ لَيسَ يَعرِفُ ما الهَوى / وآخرَ عن سِرِّ المَحَبَّة باحثِ
يسائلُني هَل للصَبابة باعِثٌ / فَقُلتُ نعم عِندي لها أَلفُ باعِثِ
توزَّعَ قَلبي بين خَدٍّ مُضرَّجٍ / وَجَفنٍ كَليلِ الطَرفِ بالسِحر نافِثِ
وَخمرةِ حُبٍّ عُتِّقت قَبلَ آدمٍ / فَكانَ حَديثاً عندَها عَهدُ يافِثِ
سَكِرتُ بها فاِرتحتُ من فَرطِ نَشوَتي / لخَفقِ المَثاني واِصطِكاكِ المَثالِثِ
وَبنت كِرامٍ رحتُ منتشياً بها / إِذا ما اِنتَشى غَيري بأمِّ الخَبائِثِ
كلِفتُ بها وَالعمر مُقتبلُ الصِبا / وَلَم تَنتَهِب شَملي صَروفُ الحَوادِثِ
حججتُ الى داعي الغَرام مُلبِّياً / وَلَم أَكُ في حجّي إليه برافِثِ
ولَم أَكتَرِث في الحُبِّ من لوم لائِمٍ / وَلكن سَماعُ اللوم إِحدى الكَوارِثِ
وَلِلَّه عَهدٌ فرَّقَ البَينُ شَملَه / وَعاثَت به أَيدي اللَيالي العوابثِ
فأَصبَحَ صَبري راحِلاً عن مَقَرِّه / وَقَد كُنتُ أَدري أَنَّه غَيرُ لابِثِ
فَقُلتُ لِقَلبي كَيفَ حالُكَ قال لي / دَعِ القَولَ إِنّي بعدهم غيرُ ماكِثِ
ما عَلى حاديهُمُ لَو كانَ عاجا
ما عَلى حاديهُمُ لَو كانَ عاجا / فَقَضى حين مَضى للصبِّ حاجا
ظعنوا وَالقَلبُ يَقفو إِثرَهُم / تَبِعَ العيسَ بُكوراً واِدِّلاجا
سَلَكوا من بطن فجٍّ سُبُلاً / لا عَدى صَوبُ الحيا تلك الفِجاجا
هم أَراقوا بِنَواهم أَدمُعي / وأَهاجوا لاعجَ الوَجدِ فَهاجا
كَم أداجي في هواهُم كاشِحاً / أَعجزَ الكتمانُ مَن حبَّ فَداجى
وعَذولاً يُظهرُ النُصحَ بهم / فإِذا نَهنَهتُهُ زاد لجاجا
طارَحَتني الورقُ فيهم شَجَناً / وَالصبا أَوحَت شَجاً وَالبَرقُ ناجى
يا بَريقاً لاحَ من حيِّهمُ / يَصدعُ الجوَّ ضياءً واِبتلاجا
أَنتَ جدَّدتَ بتَذكارِهُمُ / للحشى وَجداً وَللطَرف اِختلاجا
هاتِ فاِشرَح لي أَحاديثَهُم / إِنَّها كانَت لما أَشكو عِلاجا
عَلَّها تُبرئ وَجداً كامِناً / كلَّما عالجتهُ زاد اِعتِلاجا
ما لِقَلبي والصَبا وَيحَ الصَبا / كُلَّما مرَّت به زادَ اِهتِياجا
خَطرَت سَكرى بريّا نَشرِهم / وَتَحَلَّت منهمُ عِقداً وتاجا
يحسدُ الرَوضُ شذاها سَحَراً / فَترى الأَغصانَ سِرّاً تَتَناجى
آهِ مِن قَومٍ سَقَوني في الهَوى / صِرفَ حبٍّ لم أَذق مَعه مِزاجا
خَلَّفوا جِسمي وَقَلبي معهُم / كيفما عاجَت حُداةُ الرَكبِ عاجا
أَتراهُم عَلِموا كَيفَ دَجا / مَربَعٌ كانوا لناديهِ سِراجا
أَم دَروا أَنّا وردنا بَعدَهم / سائغَ العَذبِ من البَلوى أجاجا
وهم غايةُ آمالي هُمُ / سارَ في حبِّهمُ ذِكري فَراجا
لا عَراهُم حادِثُ الدَهرِ ولا / بَرحَت أَيّامُهم تُبدي اِبتِهاجا
مَن عَمَّ طلعَتك الغَرّاءَ بالبلَج
مَن عَمَّ طلعَتك الغَرّاءَ بالبلَج / وخصَّ مَبسِمَك الدُريَّ بالفَلَجِ
وَموَّهَ السِحرَ في جَفنَيكَ فاِتَّفَقا / عَلى اِستلاب النُهى بالغُنج والدَعَجِ
وَضاعفَ الوَردَ في خَدَّيكَ حين بَدا / رَيحانُ عارِضكَ المِسكيِّ بالضَرَجِ
وأَكسبَ الوردَ من ريّاك طيبَ شذاً / حتّى روى مُسنداً عن نَشركَ الأَرجِ
وَكَم لحُسنكَ مَعنىً قد خُصِصتَ به / ما بين مُنفردٍ منه ومُزدَوجِ
ما كُلُّ ذي بَهجَة راقَت محاسنُهُ / يَحوي محاسنَ هَذا المنظَرِ البهجِ
من رامَ حُسنَك لم ينظر إِلى حَسَنٍ / وفي سَنى الشَمس ما يُغني عَن السُرُجِ
قَد كادَ يَحكيكَ لَولا الفرقُ لاحَ لنا / بدرُ التَمام وَشَمسُ الأفق في البَلَجِ
فَلَم يقَع منكَ ذو حُسنٍ على شَبهٍ / سِوى الهِلالِ على ما فيهِ من عِوَجِ
كَيفَ النَجاةُ لمن ولّاكَ مهجتَه / وَسَيفُ لحظِكَ لا يُبقي على المُهَجِ
خذ في التَجنّي وَدَع من ماتَ فيك يَقُل / أَنا القَتيلُ بلا إِثم ولا حَرَجِ
خَلعتُ فيكَ عِذاري غيرَ مُعتذرٍ / وَفي عذارِكَ عذري واضحُ الحُجَجِ
وَكَيفَ أَصحو غَراماً من هَواكَ وقد / سَقَيتَني الحبَّ صِرفاً غيرَ مُمتَزجِ
هامَ المحبُّونَ وجداً فيك فاِنزَعجوا / وهمتُ فيكَ بِقَلبٍ غير مُنزَعجِ
شتّانَ ما بين صَبٍّ راحَ مُكتَئِباً / وَبين صَبٍّ بجَور الحبِّ مُبتَهجِ
يا لاهِجاً بمَرامي في هوى رشأٍ / بسَلب أَلباب أَربابِ الهَوى لَهِجِ
إن لم يَلج حسنُه في ناطريكَ فَلي / سمعٌ وحقِّك فيه العَذلُ لم يَلجِ
حَلَت حلاه لِقَلبي إذُ شُغِفتُ به / وَالحبُّ أَعذَبُ لي من عَذلكَ السَمِجِ
لي من ذوائبه لَيلٌ دَجا فَسَجا / فيهِ يَطيبُ السُرى وَهناً لمدَّلجِ
ومن محيّاهُ صبحٌ إِن أَضاءَ لنا / جَلا الدُجى بصباحٍ منه مُنبَلجِ
لا غَروَ إِن فتنَت قَلبي نَواظره / كَم فِتنَةٍ دونَ ذاك الناظِر الغَنِجِ
ما كُنتُ أَوَّلَ من أَذكت بمهجتِه / نارُ الصَبابة وَجداً دائمَ الوَهَجِ
فَقَلبُه من سَعير الوَجدِ ذو حُرَقٍ / وَجَفنُه من بحار الدَمع في لُجَجِ
أَهفو إِلى الريح إِن مَرَّت على إِضمٍ / شَوقاً لمن قَلبُه بالشَوق لم يَهِجِ
يا حَبَّذا نسمَةٌ هَبَّت لنا سحراً / تَختالُ في الجَوِّ من طيبٍ ومن أَرَجِ
روت أَحاديثَ سُكّان الحِمى وَسَرت / تَهيجُ كلَّ فؤادٍ بالغَرام شَجِ
فَهَل دَرَت نَسَماتُ الحيِّ حين سَرت / ماذا أَسَرَّت لعاني الحبِّ من فَرَجِ
وافت مُبَشِّرَةً بالوَصل منشدةً / لكَ البِشارَةُ مُضنى الحُبِّ فاِبتَهِجِ
قُم هاتِها حَمراءَ قَبلَ المَزاج
قُم هاتِها حَمراءَ قَبلَ المَزاج / تَسطَعُ نوراً في كؤوس الزُجاج
كأَنَّها في كأَسِها لمحةٌ / من بارقٍ أَو لَمعَةٌ من سِراج
عَذراءُ قد أَلبَسها إذ بدت / حَبابُها الدُرّيُّ عِقداً وَتاج
يُديرها أَغيدُ ساجي الرَنا / أَحوى رَشيقُ القَدِّ حلوُ المِزاج
يَهتَزُّ كالغُصن إذا ما مَشى / ورِدفُه من مَشيه في اِرتجاج
إِذا رآه عاذلي مُسفِراً / لجلجَ في القَول وكفَّ اللجاج
بادر إِلى اللَّذّات في وَقتِها / واِفتح لِداعي الأُنسِ عنها رِتاج
واِصطَبح الراحَ فقد أَشرَقَت / وَالصبحُ إِشراقه في اِنبِلاج
أَما ترى يا صاحِ زَهرَ الرُبى / ماجت به الريحُ سُحيراً فَماج
وَالجوُّ قد أَرَّجَ أَرجاءَه / وَالروضُ من قَطر النَدى في اِبتهاج
وَالريحُ هَبَّت موهِناً نشرُها / يَملأ بالطيب الرُبى والفِجاج
إنّي اِمرؤٌ لَيسَ لدائي سِوى / هذي الَّتي أَنعَتُها من عِلاج
فاِشرَح بها لا روَّعتك النَوى / صَدراً لهمِّ البَينِ فيها اِعتِلاج
لِلَّه طَيفٌ من حَبيبٍ نأى / سَرى يَخوضُ اللَيلَ وَاللَيلُ داج
مرَّ بنا لكنَّه لم يَعُج / ما ضَرَّه إذ مَرَّ لو كانَ عاج
آهٍ لعصرٍ نلتُ فيه المُنى / بحاجَةٍ قضَّيتها بعد حاج
يا لَيتَهُ لو عادَ يَوماً فَقَد / عادَ فُراتُ الماءِ عِندي أجاج
وَاللَه ما هَيَّج ذكرُ الحِمى / وَجدي بِذاكَ الحيِّ إلّا وَهاج
لِمَن العيسُ لها في البيد نفحُ
لِمَن العيسُ لها في البيد نفحُ / شَفَّها التأويبُ وَالشَوقُ الملحُّ
ضُمَّرٌ تمرحُ شَوقاً في البُرى / وَبها من لاعج الأَشواقِ برحُ
تقطعُ الأَرضَ وِهاداً ورُبى / وَلَها في لجِّ بَحر الآلِ سَبحُ
وإذا ما لاحَ بَرقٌ بالحِمى / وَهي تَعدو مَرَحاً كادَت تُلحُّ
ما على من حَمَّلوها قَمَراً / يَهتَدي الرَكبُ به إِن جَنَّ جُنحُ
لو أَصاخوا للمُعَنّى ساعةً / يَشرح الوَجدَ وهل لِلوَجدِ شَرحُ
خلَّفوهُ عانياً لا يُفتَدى / من هَواه وَعليلاً لا يَصِحُّ
كَيفَ يَقفو إِثرَ من قد ظعنوا / تابعاً وَالدَمعُ للآثار يَمحو
وَمَتى يَرجو التَسَلّي مُغرَمٌ / يَنطَوي منه على الأَحزان كَشحُ
كُلَّما حنَّ إِلى السَفح هوىً / بلَّ ردنَيه من الأَجفان سَفحُ
ما لِوَرقاءِ الحِمى لا صَدَحَت / أَنا أَهوى وَهيَ بالشَكوى تلحُّ
أَينَ مِن شَوقي وَرقاءُ الحِمى / للحِشا صدعٌ وَلِلوَرقاءِ صَدحُ
وَدَفينُ الشَوق يُبديه الجَوى / مِثلُ سِرِّ الزَند إذ يوريه قَدحُ
آهِ من ذِكرى لُييلاتِ اللِوى / حيث أَهلي جيرَةٌ وَالدَهرُ صُلحُ
هَكَذا تفدحُ أَيّامُ النَوى / كَم لأَيّام النوى بالبين فَدحُ
وَعَناءٌ في تَصاريف الهَوى / عاذِلٌ يَلحو وأَشواقٌ تُلحُّ
يا خَليليَّ اِبذلا نُصحَكما / إِن يكن عندَكما للخلِّ نُصحُ
هَل قَضى حقَّ التَصابي كَلِفٌ / هو بالروح وحقِّ اللَهِ سَمحُ
جدَّ في الحُبِّ بيَ الوَجدُ وقد / كانَ ظَنّي أَنَّ جدَّ الحبّ مَزحُ
وَالهَوى صَعبٌ على عِلّاته / وَقُصارى الحبِّ إِكداءٌ وكَدحُ
غير أَنّي بأَحاديث الصِبا / نَحوَ لذّات الصِبا وَاللَهو أَنحو
لَستُ أَشكو لَفحَ نيران الجَوى / إِن يكن لي من رَسول اللَه نَفحُ
سَيَّدُ الكونَين والمَولى الَّذي / غَمرَ الخلقَ له مَنٌّ ومَنحُ
بهرت آياتُه إِذ ظهرَت / فَلَها بالسَعد إِشراقٌ ولَمحُ
قامَ يَجلو ظُلَمَ الكفر بها / مثلما يَجلو ظَلامَ اللَيلِ صُبحُ
وَفَرى الشِركَ بماضيهِ فَلَم / يُرأمُ الدَهرَ له مِن بَعد جُرحُ
رجَحَ الخلقَ كمالاً فَلَه / النُهى الأَرجَحُ وَالقَولُ الأَصحُّ
وله القِدحُ المُعَلّى في العُلى / كلَّما فازَ لذي العلياءِ قِدحُ
كَم وَكَم مِن نِعمَةٍ وَشَّحَها / عاتقُ الدهر بكفٍّ لا تَشحُّ
وَشَفى قَرحاً بأسنى هِمَّةٍ / من عُلاهُ حين مَسَّ القومَ قَرحُ
وإِذا خابَ لراجٍ أَملٌ / فَلَه عند رَسول اللَهِ نُجحُ
سَيِّدٌ أَدنى مَزاياهُ العُلى / وأَقلُّ النَيل من جَدواه سَحُّ
يا رَسولَ اللَه يا مَن لم يَزَل / للوَرى من فَضلِهِ كسبٌ وربحُ
أَنتَ أَنتَ المُرتَجى إِن سَنحَت / كُربَةٌ أَو أَعوزَ الإِقبالَ سُنحُ
هب لراجيك وهَبهُ عاصيا / أَينَ منكَ اليومَ إِغضاءٌ وَصَفحُ
واِنتقِدهُ من يد البَين الَّذي / لَم يَزَل يَشذبُهُ جَوراً وَيَلحو
أَدنِهِ منكَ جِواراً فَلَقَد / ضاقَ وَاللَه به في الهِند فَسحُ
وَقوافٍ قُدتُها طوعَ يَدي / بعد أَن أَعيا الوَرى منهنَّ جَمحُ
يَحسدُ الروضُ لآلي نَظمِها / إِذ حَكاها من سَقيط الطَلِّ رشحُ
وَتَوَدُّ الخودُ إذ تُصغي لها / أَنَّها في جيدِها طَوقٌ ووشحُ
كُلُّ غَرّاءَ اذا ما أنشِدَت / زانَها في شيَم المُختار مَدحُ
أَما تَرى الأَيكَ قَد غَنَّت صوادحُهُ
أَما تَرى الأَيكَ قَد غَنَّت صوادحُهُ / وَالرَوضَ نَمَّت بريّاه نَوافحُهُ
فاِنهض إلى وَردَةٍ حُفَّت بنرجسةٍ / حَبابُها زَهَرٌ طابَت روائحُهُ
حَمراءَ يسطعُ في الظَلماءِ ساطعها / كأَنَّها شَرَرٌ أَوراهُ قادحُهُ
إِذا اِحتَساها أخو سِرّ بجُنحِ دُجىً / يَكادُ يظهرُ ما تُخفي جوانحُهُ
مِن كَفِّ أَغيدَ ما لِلبَدر طلعتُه / ولا لِشَمسِ الضُحى منه مَلامحُهُ
مورَّدُ الخَدِّ لَدنُ القدِّ ذو هَيفٍ / خَفيفُ روحٍ ثَقيلُ الرِدفِ راجحُهُ
بَدرٌ ولكنَّما قَلبي مطالعُه / ظَبيٌ ولكنَّ أَحشائي مسارحُهُ
لَم تبدُ رقَّةُ كشحَيه لناظرِه / إلّا ورقَّ له بالرَغم كاشحُهُ
إذا تَجَلَّت بِشَمسِ الراح راحتهُ / ودَّت نُجومُ الدَياجي لو تُصافحُهُ
يفترُّ ثَغرُ حَبابِ الكأسِ في يَدِه / كأَنَّها حين يَجلوها تُمازِحُهُ
ما اِهتزَّ من طَرَبٍ إلّا شَدا طَرَباً / من الحُليِّ على عِطفيه صادِحُهُ
قاسوه بالبَدرِ في ظَلماء طُرَّته / وَالفَرقُ يَظهَرُ مِثلَ الصبح واضحهُ
ما كانَ أَغنى النَدامى عَن مُدامَتهِ / لَو أَنَّه سامحٌ بالثَغر مانِحُهُ
لا يَمنع الصبَّ وَعداً حين يسأَلُه / لكنَّه ربَّما عزَّت منائحُهُ
قد كانَ يُقنعُه طَيفٌ يُلِمُّ بِهِ / لو أَنَّه بالكرى لَيلاً يسامحُهُ
كَم رامَ يكتمُ ما يَلقاهُ من كَمَدٍ / في حبِّه غير أَنَّ الدَمعَ فاضِحُهُ
يا ناصحَ الصَبِّ فيه لا تقل سَفهاً / تاللَه ما برَّ فيما قالَ ناصحُهُ
ما زِلتُ أُحسِنُ شِعري في مَحاسِنهِ / وواصفُ الحُسن لا تَكبو قَرائحهُ
لا يَحسُنُ الشِعرُ إِلّا من تغزُّله / فيه وَفي المُصطَفى الهادي مدائحهُ
هُوَ الحَبيبُ الَّذي راقَت خلائقُه / ورَبُّه بعظيم الخُلق مادحُهُ
إِن ضَلَّ مَن أَمَّ لَيلاً سوحَ حضرته / هداه من نَشره الذاكي فوائحُهُ
هُوَ الكَريمُ الَّذي ما زالَ نائلُه / تَتلو غواديَه فينا روائحُهُ
محمَّدٌ خَيرُ محمودٍ وأَحمَدُ من / وافَت بأسعدِ إِقبالٍ سوانحُهُ
أَتى بِفُرقانِ حقٍّ في نبوَّتِه / ضاهَت خواتِمَهُ الحُسنى فواتحهُ
من اِقتفاهُ أَغاثَتهُ صحائفُه / وَمَن أَباهُ أَبادَته صفايحُهُ
وَلَيسَ بابُ هُدىً تُرجى النَجاةُ بِهِ / يوم القيامة إِلّا وهو فاتحُهُ
الموسعُ الجود إِن ضاقَت مذاهبُهُ / وَالفاتحُ الخير إِن أَعيَت مفاتحُهُ
ما زالَ مجتهداً في نُصح أمَّتهِ / حتّى هَدَتهم إلى الحُسنى نصائحُهُ
بصدقِه شهدَت أَنوارُ غرَّته / وَالحَقُّ أَبلجُ لا تَخفى لوائحُهُ
لَم يبرحِ العَدلُ بالعدوان ملتبساً / حتّى أَتى وهو بالفُرقان شارحُهُ
فأَصبحَ الحَقُّ قد دَرَّت غَزائرُهُ / وأَنتجَت بالهُدى فينا لواقحُهُ
وَأَصلحَ الدينَ والدُنيا بملَّتهِ / وأَقبلت في الوَرى تَترى مصالحُهُ
قَد فازَ منه مواليهِ بمُنيتِهِ / وطوَّحت بمُعاديه طوائحُهُ
ما مَسَّ مُجدِبَ وادٍ نعلُ أَخمصِه / إِلّا وسالَت بما تَهوى أَباطحُهُ
لَو فاخَرَ البَحرَ جَدوى راحَتيه غدا / قَفراً وغاضَت على غيظٍ طوافحُهُ
ولَو أمِدَّ غَمامٌ يَومَ نائله / من فيض كفَّيه ما كفَّت سوافحُهُ
وَكَم لَه من جَميلٍ دُرُّ مُجمَلِهِ / زانَت ترائبَ أَقوالي وشائحُهُ
لا يَبلغ الواصفُ المُطري مناقبهُ / وَكَيفَ يَبلغُ أَقصى البحر سابحُهُ
يا سيَّدَ الخَلقِ ما لِلعَبد غيركَ من / يَرجوهُ غوثاً إِذا ضاقَت منادِحُهُ
فأَنتَ أَنتَ المرجّى إِن عرَت نُوَبٌ / وَبَلبَلَ البالَ من دَهرٍ فوادحُهُ
فاِسمع لدَعوةِ مُضطرٍّ به ضَرَرٌ / يَدعوكَ وهو بَعيدُ الإِلفِ نازِحُهُ
قد غادرَته النوى رهنَ الخُطوب ولَم / يزل يُماسيه منها ما يُصابِحُهُ
أَضحى غَريباً بأَرض الهِند لَيسَ له / سوى تفكُّره خِلٌّ يطارحُهُ
لَعَلَّ رُحماكَ من بَلواهُ تُنقذُه / وَيُصبح البينُ قد بانَت بوارحُهُ
فاِشفَع فدَيتُكَ في عَبدٍ تكاءَدَهُ / من الحوادِثِ ما أَعياهُ جامِحُهُ
يَرجو شفاعَتَكَ العُظمى إذا شَهِدت / بما جَناه على عَمدٍ جوارحُهُ
وَسل إِلهكَ يَعفو عَن جَرائمِهِ / قبلَ السؤالَ فَلا تَبدو قبائحُهُ
أَنتَ الشَهيدُ عَلَينا وَالشَفيعُ لنا / فمن شفعتَ له تُستر فضائحُهُ
وَلي مطالِبُ شَتّى أَنتَ مُنجحُها / فَضلاً إِذا أَعيت الراجي مناجِحُهُ
عَلَيكَ من صَلواتِ اللَه أَشرَفها / ومن تحيَّاته ما طابَ فائحُهُ
والآلِ والصَحب ما غَنَّت مطوَّقَةٌ / ولاحَ من بارق الجَرعاء لائحُهُ
يا ربِّ كَم لَكَ من يَدٍ عظُمَت
يا ربِّ كَم لَكَ من يَدٍ عظُمَت / عِندي فنِلتُ بها المُنى سَرحا
وأَجَلُّهنَّ يَدٌ كتبتُ بها / لزبورِ آل مُحمَّدٍ شَرحا
عَلى بابِ ابنِ مَعصومٍ أَنَخنا
عَلى بابِ ابنِ مَعصومٍ أَنَخنا / فَفُزنا بالنَجاة وبالنَجاحِ
هو ابنُ عَطاءٍ المُعطي كَثيراً / لنا من جودِه ابنَ أَبي رَباحِ
وافى إليكَ بكأسِ الرّاحِ يَرتاحُ
وافى إليكَ بكأسِ الرّاحِ يَرتاحُ / كأَنَّه في ظَلام اللَّيل مصباحُ
ساقٍ لعشَّاقِه من جُنح طُرَّته / وضوءِ غرَّته لَيلٌ وإِصباحُ
لَم تَدرِ حين يُدير الراحَ مُبتَسِماً / من ثغره العَذب أَم من كأَسِه الراحُ
أَمسى النَدامى نَشاوى من لَواحِظه / كأَنَّ أَحداقَه للخَمر أَقداحُ
إِن راحَ يَرتاحُ من ماءِ الشَباب فَلي / قَلبٌ عليه بنارِ الوَجدِ يَلتاحُ
أَما تَرى عاشِقيه من هُيامِهمُ / غدوا عليه بوجدٍ مثل ما راحوا
طَووا على سِرِّ شكواهُ ضمائرَهم / وَلَو أَباحَ لهم شَكواهُ ما باحوا
أَمّا الصَبوحُ فقد لاحَت لوائحُهُ / رقَّ الظَلامُ وَجَيبُ الأفق مُنصاحُ
وَفاحَ عَرفُ الصبا عند الصَباح شذاً / كأَنَّهُ بأَريج المِسكِ نضَّاحُ
وَصاحَ بالقوم شادٍ هاجَه طَرَبٌ / وَبُلبل في فروع الدَوح صيّاحُ
فاِمسَح من النَوم جَفناً زانَه كحَلٌ / وحمّل الكفَّ كأَساً زانَه راحُ
وأَحي بالراح أَشباحاً معطَّلةً / فإنَّما هي للأَشباح أَرواحُ
أَما تَرى العودَ قد رَنَّت مثالِثُه / له بألسِنة الأوتار إِفصاحُ
تَشدو بِهِ قينةٌ غَرّاءُ آنسةٌ / كأَنَّ مِضرَبَها للأُنس مفتاحُ
يَرتاحُ في حِجرها من صَوتها طَرَباً / كأَنَّه غُصُنٌ في الرَوض مرتاحُ
وَالصبح قد لاحَ تَجلو اللَيلَ طلعتهُ / كأَنَّما اللَيلُ وَعدٌ وهو إِنجاحُ
وَساحَ يَملأ آفاقَ السَماءِ سَنىً / وغصَّ للأَرض من أَضوائِهِ ساحُ
وَالرَوضُ قد نَفحت رَيّا نوافحهِ / وَهبَّ منها على الأَرواح أَرواحُ
قم فاِسقنيها على ورد الخُدودِ فقد / زها وَفاحَ بها وَردٌ وتُفّاحُ
لا يُلهينَّك حزنٌ بانَ عن فَرحٍ / فإنَّما الدَهرُ أَفراح وأَتراحُ
سَقياً لعصرٍ مَضى بالسَفح من إِضم / إِذِ الزَمانُ بما أَهواه سَمّاحُ
وإِذ دواعي الهوى للَّهوِ داعيةٌ / وَالقَلبُ في راحَةٍ وَالعَيشُ رَحراحُ
وَالنَفسُ من غير شُغل الحبِّ فارغَةٌ / والأنسُ تُملأ من راحاتِه الراحُ
أَيّامَ لا مَشربي مرٌّ مذاقته / كلّا وَلا وردُه المَعسولُ ضَحضاحُ
لا تعجبنَّ لجَفني إِذ بكاهُ دماً / فإنَّه من قَليب القَلبِ يَمتاحُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025