القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 129
لمائه كلُّنا أواني
لمائه كلُّنا أواني / ونحن في نفسه معاني
والكل عن أمره ظلال / وذاته الشمس في البيان
مراتب بالوجود صارت / حقائق الغيب والعيان
عن كل أوصافه أبانت / عند الورى مثل ترجمان
وجوده لا يزال منها / يطلى بنيل وزعفران
وبظلام وبضياء / وبضراب وبطعان
وبجماد وبنبات / وبأناس وحيوان
وبرجال وبنساء / وأهل شيب وعنفوان
وكل عقل وكل حسن / والمتمنين والأماني
وكل فهم وكل وهم / وكل وقت وكل آن
وملكوت وجبروت / وكل إنس وكل جان
وكل ساق وكل كاس / وكل خمر وكل حان
وبحسانٍ وبقباحٍ / وبهموم وبتهاني
وكل شيء صرفت عنه / ولم يصرّح به لساني
توهُّمات الجميع فيه / من فرط عز ورفع شان
يجل عنها وعن مقالي / يجل فيما به سباني
والعلم بالجهل قد تساوى / عجزهما عنه في قران
وكل عبد بما لديه / في محنة منه وافتتان
وقد تجلى بكل شيء / والشيء من عالم الكيان
فَضَاءَ منه فَضَاءُ كُلٍّ / كالنور في صبغة القناني
وفيه كانت فصار فيها / والقلب ينبيك عن بيان
وليس غير الوجود فيها / بقائم والجميع فاني
وهو على ما عليه قدماً / بلا انتقال ولا اختزان
ولا اتصال ولا انفصال / ولا افتراق ولا اقتران
ولا التفات ولا جهات / ولا زمان ولا مكان
ولا حلول ولا اتحاد / ولا تناء ولا تداني
فإن تكن فاهماً وإلا / فدع كلامي لمن يداني
ولا تعب ما جهلت منه / بقلبك القاصر الجبان
وخل ما قلته لقوم / يطرب أسماعهم أذاني
فإن داعي الكمال مني / يسمع من شاء بامتنان
وكل شيء للحق شان / والحق باد في كل شان
مسك له الكل طيب عرف / معنى له الكل كالمباني
نحن التقادير منه فيه / كالكيف والكمِّ والمكان
وهو الوجود القديم صرفاً / وما له في الوجود ثاني
رآه موسى الكليم ناراً / عنه بدا الكل كالدخان
ورام منه بأن يراه / فجاءه عنه لن تراني
لكونه رائياً فلو لم / يرى رآه إليه داني
لكن علا شوقه عليه / منه عدا مالك العنان
وزاد حتى أزال عنه / تثبُّتاً كان في الجنان
ومنه قد صار في ذهول / وفي اندهاش لما يعاني
والشوق يوهي العقول جدّاً / في رؤية الأوجه الحسان
حتى إذا دك منه طور / و عاد بالصعق في اكتمان
أفاق مستغفراً منيباً / مسبِّحاً طالب الأمان
ما قال إني رأيت أو ما / رأيت إذ كان في عيان
كان محباً له فأضحى / محبوبه الرائق الدنان
وما عليه اختفى تبدى / له جهاراً بلا تواني
وصار يبديه كل شيء / قد كان أخفاه باجتنان
وللمثاني آيات حق / تظهر في نغمة المثاني
يذوقها كل ذي فؤاد / بنيل قرب الإله عاني
سماؤه بالغرام شقت / وورده صار كالدهان
يموت بالفكر ثم يحيى / بالذكر في القلب واللسان
ويستريب الجهول منه / والله يلقيه في امتحان
ولا تراه يعيش إلا / في فرط ذل وفي هوان
وإن يمت فالجزاء نارٌ / لأنه للضلال جاني
وبافتراء وباعتداء / أنكر حقاً وبامتهان
ولا يضيعُ الإلهُ شيئاً / فكيف إيذاء ذي العيان
أنا المعروفُ لي بالله ألوانُ
أنا المعروفُ لي بالله ألوانُ / فرحمنٌ وشيطانٌ وإنسانُ
لقوم ذا وقوم ذا وقوم ذا / على مقدار ما تنويه إخوان
ولا وصفٌ بدا لي قطُّ من ذاتي / ولا نعت ولا حال وشان
ولكن كيفما قد كنت يا خلِّي / تراني فيك إشراك وإيمان
تجلى بي على أهل الصفا ربي / فذكرٌ عندهم أتلَى وقرآن
وقد شاء التجلي بي على قوم / لهم خبث وتكدير وحرمان
ومالي لا ولا للغير من صنع / وكل الصنع للمولى كما دانوا
وقولي عند قوم محض تحقيق / وقوم عندهم ذا القول هذيان
وريح المسك لا يدريه مزكوم / وضوء الشمس غابت عنه عميان
ويا من أنكروني إحذروا مني / فأرواح لكم راحت وأديان
وكفُّوا القولَ عن ذكري بتقبيحٍ / ورائي عصبةٌ في الله شجعان
ورائي كل ذي باع إذا مدت / فلا إنسٌ له تبقى ولا جان
وأسياف صقيلات وأرماح / طويلات وضرّاب وطعّان
هي الأطوار لي فيها مقامات / ولا يدري سوى من فيه عرفان
ألا يا قوم كم ذا العيش في جهل / أما فيكم لدين الحق إذعان
لحاكم في فشار القوم قد شابت / وما تابت فآثام وعصيان
ولما أسكرتكم خمرة الدنيا / عميتم عن تقى يوليه رحمان
فتقواكم ظنون في الورى ساءت / وتلبيسٌ على حقٍّ وبهتان
وعند الله هنتم والورى لما / رجال الله جهلاً عندكم هانوا
إذا خفتم لباريكم فمن ذنب / يريكم فيَّ ذاك الذنب شيطان
وإن رمتم لشرع إن تقيموه / على مثلي لكم قد قام ميزان
وأنتم في هواكم كيفما شئتم / فعلتم بينكم زور وأدهان
حقوق العبد من أدنى معاصيكم / ومنكم في حقوق الله طغيان
أبحتم عرض من لم يرض ما أنتم / عليه من نفاق فهو خسران
وزخرفتم مقالات بها انغرّت / كهولٌ في مَذَمّاتي وشبان
أجار الله من وسواسكم قلبي / ومني وقيت عن ذاك آذان
اعبد على الكشف وادخل ساحة الإحسانْ
اعبد على الكشف وادخل ساحة الإحسانْ / واطلق جوادكْ بلا لجمٍ ولا أرسانْ
وحاصل الأمر عند العي والمِلْسانْ / الروح للحق مثل النفس للإنسانْ
يقول الناس دع ما فيه ظنٌّ
يقول الناس دع ما فيه ظنٌّ / به الوسواس فيك سطا علينا
ونحن الأصدقاء ولم نرجِّحْ / عليك سواك بين العالمينا
لقد كذبوا بذاك وهل صديق / تراه يصدِّقُ الشيطانَ فينا
إن قلتَ لم أقدر ولم أستطع
إن قلتَ لم أقدر ولم أستطع / ادفع عني كيد شيطاني
أو قلتَ ذا صعب على همتي / فأنت في كذب وبهتان
إن الشياطين من النار هم / والماء منه كل إنسان
والماء يطفي النار والنار لا / تسطو على الماء بسلطان
ما لم يحل بينهما موصل / لبرد ماء حر نيران
وها هنا النفس غدت حائلاً / فاكسر إناء الحائل الفاني
يبقى بعيداً عنك يخشاك أن / تُطفِيَهُ شيطانُك الداني
طرف الذي طلب التحقيق سهرانُ
طرف الذي طلب التحقيق سهرانُ / وعقلُه بشراب الله سكرانُ
وقلبه فيه أخلاق مطهرة / حيمدة وهو بالتوفيق ملآن
إن رمت أخلاقه الحسنى تعددها / فلتصغ منك لما أبديه آذان
هي الوقار كذا التقصير في أمل / ونيةٌ رحمةٌ أيضاً وإيمان
نصيحةٌ غيرةٌ شكرٌ مجاهدةٌ / تصوفٌ ثم إخلاصٌ وإحسان
خوف من الله مع حزن له أدب / وذكر موت وتفويض وإيقان
وغبطة في التقى رشدٌ مرابطةٌ / شجاعة ثم تحقيق وإمعان
وكظم غيظٍ وعفوٌ والخشوع كذا / رفق وصدق وما تبديه فتيان
والحب في الله ثم البغض فيه به / أنس وشوق إلى المولى وأشجان
وحسن ظنٍّ وزهدٌ عفةٌ وحياً / أمانة ثم تسليم وإذعان
صلابة الدين ثم الإستقامة مع / قناعة وعلى الرحمن تكلان
ورقة والتأني والتملق في / تحصيل علم لدى شيخ له شان
سلامة الصدر من حقدٍ مراقبةٌ / فراسةٌ ذكرُ أنَّ الله منان
والمدح والذم فيه الإستواء كذا / تفكرٌ حكمةٌ تنمو وتزدان
مروءة واعتقاد لا ابتداع به / حبُّ الخمولِ فلا يدريه إنسان
صبر وسعي وحلم توبة ورجا / محبة الله حتى عنه رضوان
وفاء عهد وإنجاز لموعدة / عقاب نفس عتاب فيه تبيان
تواضع ثم إيثار مشارطة / حساب نفس له في العدل ميزان
كذا عبودية حرية وكذا / إرادة والسخا ما فيه نقصان
وقصد طول حياة للتقى وإلى / خير مبادرة إذ فيه إمكان
فخذ حميدة أخلاق ثمانية / أتت وسبعين عقد فيه مرجان
تعلم حفظَ آفاتِ اللسانِ
تعلم حفظَ آفاتِ اللسانِ / لتحظى بالأمان وبالإماني
وخذها إنها سبعون شيئاً / حكت في نظمها عقد الجمان
فكفر والخطا مع خوف كفر / وكذْب ثم سب في هوان
وفحش غيبة ونميمة مع / مرآء والجدال وطعن جاني
وسخرية وتعريض ولعن / ونوح واشتغال بالأغاني
مخاصمة وإفشاء لسر / وخوض في محال بافتتان
سؤال المال والدنيا نفاق / بقول والكلام لدى الأذان
سؤالك عن أغاليط وأيضا / عوام الناس عن صعب المعاني
وتغليظ الكلام وأمرُ نكرٍ / ونهيُ العرفِ مع خطأ اللسان
سؤال عن عيوب الناس أخذ / لذي الوجهين في أمر الدهان
كلامك حالة القرآن يتلى / وبعد طلوع فجر للعيان
وحالة خطبة وبمسجد مع / دخول خلا لحاجات تعاني
وفي حال الصلاة وفي جماع / وفتح القول عند كبير شان
وبالألقاب نبز مع يمين / غموس أو بغير الله داني
أخافة مؤمن وفضول قول / وإكثار اليمين بلا تواني
على غير الدعاء لأهل ظلم / بدون صلاح حال كل آن
سؤال إمارة ووصاية مع / توليه على دار وخان
ورد كلام متبوعٍ وقطعٌ / لقول الغيرِ شعرٌ ذو امتهان
تَناجي اثنين مدحٌ مع مزاجٍ / ونطقٌ بالذي هو غير عاني
على النفس الدعاء ورد عذر / أتى بالرأي تفسير القران
سؤالك عن حلال أو طهور / بغير محله قصد امتحان
وسجع والفصاحة مع سلام / على الذمِّيْ وذي فسقٍ مهان
كذا متغوط أو بائل مع / كلام الأجنبية في مكان
وإرشاد لنحو طريق سوء / وإذن في المعاصي للمداني
وآفات العبادات اللواتي / تعدت والتي قصرت لعاني
كذا الآفات ضمن معاملات / وآفات السكوت بلا بيان
وقد تمت بعون الله فاخلص / لناظمِها دعاءك بالجنان
لله حمدي دائماً في الورى
لله حمدي دائماً في الورى / حمد مقيم النعمة القاطنِ
على انصلاح القلب والجسم من / سوء بليدٍ ضلَّ أو فاطن
أمامنا الأعظم في ظاهر / وشيخنا الأكبر في الباطن
قل لمن قال عن ذوي العرفانِ
قل لمن قال عن ذوي العرفانِ / ورجال التحقيق والإيمانِ
طاعناً في اعتقادهم أوهاماً / وخيالاً جميع ذي الأكوان
مثل أهل الضلال ذا منك جهل / بنصوص الحديث و القرآن
إن أهل الضلال ليسوا بشيء / حاضر عندهم ذوي إذعان
لينالوا ثبوتَ ما غاب عنهم / بل همو بالجميع في كفران
أين منهم أهل التحقيق باللَ / هِ وأهل الكمال والعرفان
ونجوم الهدى لكل جهول / ورجوم لعصبة الشيطان
وإذا الشمس أشرقت لا تراها / دائم الدهر أعين العميان
إنما الله عندنا هو حق / لا سواه والكل في بطلان
واستمع أينما تولوا فثم ال / وجه والوجه ذاته يا معاني
لا تقل أينما تفيد مكاناً / وعليه استحال كل مكان
إنما تلك باعتبارك إذ ان / ت مع الكل في الفنا سيان
ما عدا الوجه فهو لا شك حق / والسوى فيه باطل باقتران
وكذا قول ربنا كل شيء / هالكٌ كلُّ من عليها فاني
وحديث النبيْ ألا كلُّ شيءٍ / ما خلا الله باطلٌ منك داني
ولهذا بربهم قام قومي / عابديه على تُقىً وعيان
جملة العارفين في كل وقت / حسنات الدهور والأزمان
أيها المنكر الذي ليس يدري / ما الذي فيه من غرور يعاني
قد أضاع الزمان بالقيل والقا / ل وفرط الضلال والطغيان
يحسب النفس منه تخلق شيئاً / فهو منها يبيت أسر الأماني
كل ما أنت فيه مع من يحاكي / ك به في اللسان أو في الجنان
عندكم ربكم خيالٌ ووهمٌ / وهو شيءٌ في عقلكم ذو معاني
وجيمعُ الأكوان حق وصدقٌ / عندكم بالعيان والبرهان
لو عقلتم تعاكسَ الأمرُ فيكم / وانجلى يا مظاهر الخذلان
لكن البغي والتنكُّر منكم / أوصلاكم فينا إلى الحرمان
ولهذا ملتم على ما سوى الل / ه سكارى كميلة الهيمان
وعميتم بحبكم كلَّ شيء / وصممتم عن الهدى والبيان
وافتتنتم بما سوى الله جهراً / واشتغلتم بلذة الحيوان
حيث أشقت نفوسَكم شهواتٌ / عن حصول السعادة المتداني
فقفوا عند حدكم لا تغطّوا / خبثَكم بالفجور والبهتان
ها هنا غابة بها أسدُ حربٍ / مشرعاتٌ رماحهم للطعان
أنا في الملاح على اليقينِ
أنا في الملاح على اليقينِ / ومحبة المحبوب ديني
فتنكبوا يا زائغي / ن عن الصراط المتبين
نار المحبة عندكم / والنور عندي في كميني
وأنا الذي في بحر قد / س الذات أسبحُ كل حين
وعيونكم وقلوبكم / يسبحن في ماء وطين
متمتع أنا في الجما / ل بحضرة الحق المبين
ونفوسكم مفتونة / بزخارف الماء المهين
ماذا دهاكم يا كلا / ب النبح من ليث العرين
حتى كفرتم بالملي / ح ككفر إبليس اللعين
لو لم يكن في الحسن ما / فيه من السر الخزين
ما الله أعمى عنه أع / يُنَكم بأسلوب متين
وأضلكم عن وجهه ال / باقي بمعدوم مهين
ورمى بكم للطمس في / بطن الطبائع كالجنين
أو يستوى الإلهام بالأ / ملاك معْ نُطْقِ القرين
لكمُ الوساوس في الصدو / ر من السطور بلا معين
ولنا علوم الحق بال / تحقيق عن حق اليقين
ومحبة الوجه الملي / ح لدي في حصن حصين
وخواطري رأت الهدى / في حب وضاح الجبين
عيني به في جنة / تزهو بحور منه عين
والقلب يظفر كل وق / ت منه بالعقد الثمين
وجمالُ دِحْيَةَ قد حكا / هُ ظهورُ جبريل الأمين
لا في الحنين له أنا / كلا ولا أنا في الأنين
بل في التواصل واللقا / وموارد الماء المعين
لا قيد لي في مطلق ال / حسن المفرِّح للحزين
أبداً ولا بنواظرٍ / ألهو ولا قلب رهين
ومحبتي نورٌ بلا / نار ولا شيء مشين
وهي التي أنا عابد / ربي بها طول السنين
خلصتها مني ومن / غيري بتشديد ولين
وبها عرفت تجليا / ت الله بالنور المبين
وغدا بها ألقى المنى / وأكون من أهل اليمين
أنا النور المبينُ
أنا النور المبينُ / أنا الحق اليقينُ
أنا القرآن أتلى / أنا الحبل المتينُ
أنا عرش التجلي / أنا الروح الأمين
أنا الكرسي مني / بدا السر الكمين
أنا المحفوظ لوحي / أنا الحصن الحصين
وما عندي تراب / ولا ماء مهين
سوى الأسرار عنها / أضاء لي الجبين
وقلبي مستنير / وحقي مستبين
فحوِّل عن طريقي / وأمري يا لعين
وإن أنكرت حالي / وكنت لي تشين
فإنك في غرور / وفي جهل يهين
وتعبد كل وقت / هواك وتستعين
لك الدينار رب / ومعبود معين
وبالأغيار تلهو / ويطغيك القرين
ولا عتب على من / له دنياه دين
وفي الشهوات أضحى / له قلب رهين
ولا يدري شمال / بما حوت اليمين
أنا النور المبين ولا أكنّي
أنا النور المبين ولا أكنّي / أنا التنزيل يعرفني ابن فني
يضل الله بي خلقاً كثيراً / ويهدي بي كثيراً فاسْتَبِنّي
ولكن لا يضل سوى نفوس / بإنكار بغت وبسوء ظن
وإني الملْك والملكوت فضلاً / وإني صخرة الوادي وإني
ولما كنتُ منه بغير فصلٍ / ولا وصلٍ شهدت الكلَّ مني
أحقق من أريد بعلم حقي / وأسكر من أشاء بخمر دني
وأسعدُ باللقا قوماً وأُشقي / بهجري آخرين وبالتجني
مقامي ليس يحصل بالترجّي / وحالي ليس يدرك بالتمني
وما باب الهبات ولا العطايا / بمسدود على أهل التهني
ولكن القلوب لها عليها / من الأغيار ينشأ كل كنّ
وبالتوحيد يعرف كل شيء / ويجهل كل شيء بالتثني
هي الأبواب قد سدت جميعاً / سوى بابي فدع عنك التعني
وما أنا شاعر وجميع نظمي / بعيد عن مدى شعر المغني
وميز بين إلهامٍ وشعر / وصرِّح بالمقام ولا تكني
ولا تكفر بجهلك في كلامي / ودعه لمن يوحِّد يا مثني
ولا تعجل على ما لست تدري / فإنك سوف تدري بالتأني
نصحتك فاستطع صبراً معي إن / سلكت عن الروافض نهج سني
تعالى أصلنا عن كل فرع / وجل عن التزوج والتبني
وكل فتى على مقدار ما قد / سقاه بكفه الساقي يغني
وحين رويتُ عنه روتْ بصدقٍ / جميعُ رجال هذا العصر عني
نحن قوم نهوى الوجوه الحسانا
نحن قوم نهوى الوجوه الحسانا / وبها الله زادنا إحسانا
وعلينا من المهين عين / أوسعتنا تحقُّقاً وعيانا
ولنا قد أدير خمر التجلي / وبه صار كأسنا ملآنا
وشهدنا الوجود حوضاً وكانت / صور الكل عندنا كيزانا
إن من نال شربة منه يوماً / لا تراه على المدى ظمآنا
وأناس قد بدلوا الدين عنه / طردوا فامتلوا له طغيانا
كل ما حاولوه أبعد عنهم / لا تلمهم أضلهم من هدانا
حوض خير الأنام عذبٌ زلالٌ / بارد سائغٌ لمن يتعانى
بيننا وعده على الحوض نلقى / صاحب الحوض مثل ما يلقانا
وبوجه المليح سرُّ شهودٍ / عنه مازالت الورى عميانا
ضل عنه من قبل إبليس جهلاً / وأبى عن كماله نقصانا
وإليه اهتدت ملائكة الل / ه وزادت بأمره إيقانا
حضرات الأسما به قد تبدت / وأبينت عند الجميع بيانا
وعليه السجود كان دليلاً / فتسمى الإسلام والإيمانا
كن به عارفا ودُمْ فيه مغريً / وتقرب له تكن إنسانا
والذي حاد عنه فهو جهول / حيث سماه ربه شيطانا
إنه الباب لكن الفتح صعب / زاد قوماً خوفاً وقوماً أمانا
كاس حسن وكاس عشق وإني / بهما الآن لم أزل سكرانا
هذه في العموم جملة حالي / وتعالى من أنزل الفرقانا
ولأهل الخصوص مني مقام / كل حال في ذاته يتفانى
كان في بيت عزتي من قديم / ثم صارت ثيابه الحدثانا
وهو قرآننا بليلة قدر / قد تلوناه ساعةً وتلانا
إن تكن قد مضت لأحمد صحبٌ / إننا لم نزل له إخوانا
هكذا جاء في الأحاديث عنه / ودَّ لو أنه يكون رآنا
ظاهر العلم في الصحابة باد / وهو علم التكليف إنساً وجانا
والذي قد بدا بنا هو علم / زاد عن كل باطن إبطانا
وهو علم التشريف علم المزايا / ليس ظناً لنا ولا حُسبانا
بل يقين محقق أخذته / قومُنا بالشهود آناً فآنا
وهو علم الإله يظهر فيمن / قرأ الله ذاته قرآنا
خذه منا بالحال والقال وادخل / لحمانا وافرغْ لنا عن سوانا
هو عشق لا وهمَ لا فهمَ فيه / لا تواني لا فكرَ لا إذعانا
يملأ العقل يملأ الحس نوراً / كل من عز في معانيه هانا
هو أمر ترى الجبان شجاعاً / إن بدا منه والشجاع جبانا
ليس يدريه غير صاحب قرب / كلما أبعد الجميع تدانى
عين حق إنسانها الإنسانُ
عين حق إنسانها الإنسانُ / وهي نار عنها سواها دخانُ
ما لها صورة سوى كل شيء / أمرها لابسٌ لنا عريان
إن بدت أفنت الجميع بوجه / مشرق زان حسنه الإحسان
وإذا ما اختفت أعارت سناها / كل شيء فلاحت الأعيان
بنت عقل أهل السوى عبدوها / ليت لو كان عندهم إذعان
يحسبون الذي يرون كمالاً / وهو لو يعقلونه نقصان
ويظنون أنهم في حصول / والذي حصلوا هو الحرمان
ينصرون الهوى على الشرع عمداً / وعليه يستحوذ الشيطان
بعدت درة الوجود عليهم / فبأصدافها لهم لَوَذان
علمهم قشرُ علمِنا ولبوبٌ / بقشورٍ عن الدواب تصان
عندهم من عقولهم حشراتٌ / ولهم من نفوسهم ثعبان
ربنا الله لا سواه وأما / ربهم فهو عسجدٌ وجمان
تعسوا أين هم وأين هوانا / هو فينا عز وفيهم هوان
فهوانا يزداد بالله طيباً / وهواهم بخبثهم يزدان
أمحلت أرضهم وغيثُ علومٍ / هو في كل أرضنا هتّان
وهي تعلو عنهم وتدنو إلينا / وهي فيهم خوف وفينا أمان
إن لله في الوجود رجالاً / كل حين بدين أحمد دانوا
أسلموا ثم آمنوا بأمور / تم فيها الإسلام والإيمان
هم على الجهل فطرة ليس يدرو / ن وما العلم غير ما فيه كانوا
هم أولوا العلم لا سواهم وفيه / لم يزالوا لما عليه تفانوا
قطعوا أنهم له بيقين / فاستراحوا وزالت الأوثان
ورموا بالسوى على الكشف منهم / في بحار الفنا فبان البيان
أمة المهيمن الحق قامت / وعلى عرشها استوى الرحمن
دخلت في غيب الغيوب فعنها / قد تولى مكانها والزمان
ذهب الجسم وانطوى الروح عنهم / ومضى الخمر واستقل الدنان
هم على حالهم به من قديم / وكذا عندهم به الأكوان
وهو أيضاً على الذي هو فيه / ما عليه بنا تغيَّرَ شان
حلة أهل ديننا لبسوها / ما بهم بدعة ولا طغيان
نحن من المنسوبين
نحن من المنسوبين / لسنا من المطلوبين
أرسل ذا القول لنا / والدنا بالتعيين
في سبب نعرفه / بشارة للتحصين
وأمر القائل أن / يخبرنا في ذا الحين
وذاك في نصف جما / دى أوّل بالتهوين
لمائة والألف من / هجرة ذخر الناجين
وكان في واقعة ال / رؤيا لبعض الأهلين
أَحْفَظَهُ ألفاظَها / وزاده في التلقين
وقال قل له كذا / عني لفرط التحنين
فإنه يعلم ما / أقوله بالتبيين
نعم به أعلم عن / قطع بدون التخمين
يعني به نسبتنا / لله حقاً والدين
وللعلوم والتقى / وسيرة المهديين
وللكمال والمعا / رف العلى والتمكين
وللمقامات التي / تمكينها في تلوين
وللجمال والجلا / ل إرث آل ياسين
وإرث من كلمه ال / حق بطور سينين
ومن عليه أُنبتت / شجرة من يقطين
وكل مأمون على ال / وحي الذي بجبرين
والنسب الذاتي الذي / جل عن المخلوقين
الطاهر الظاهر في / شهم أشم العرنين
فما له من أحد / يطلبه بالتكوين
بعزة الشان وما / لديه من فرط اللين
فليس مطلوباً لمن / سواه من معلومين
وهو الذي يطلب من / شاء مقام المسكين
أعزنا الله به / وزادنا في التمكين
ولم تزل حلَّتنا / بحسنه في تحسين
ما أسفر الصبح وصا / ح طيره بالتلحين
ولبس الروض من ال / زهور ثوب التزيين
وما انجلى الغصن على / نسيم عرف النسرين
لقد نظرت قومٌ بطرف لهم قذِي
لقد نظرت قومٌ بطرف لهم قذِي /
فلم يشهدوا إلا حجاب جمال ذي /
وقوم لقد شموا شذا روضها الشذِي /
يقولون لي ما العلم ما السر ما الذي / هو الجوهر الغالي عن البحر خبِّرْنا
على صحبنا غنت فِصاحُ طيورِنا /
وذات الحميا أشرقت في صدورِنا /
تجلت علينا تنجلي فوق طورِنا /
فقلت لهم هذي مطالع نورِنا / ومغربها فينا ومشرقها منّا
إلى حضرات الحق كان ارتفاعُنا /
ومنا لقد مدت إلى الغيب باعُنا /
وفي أزل الآزال زاد انتفاعُنا /
على الدرة البيضاء كان اجتماعُنا / ومن قبل خلق الخلق والعرش قد كنّا
سحاب غيوب الذات تمطر ماءَنا /
ومن حُطَّ قدراً كيف يدري سماءَنا /
ولما استرحنا واطَّرحنا عناءَنا /
تركنا البحار الزخرات وراءَنا / فمن أين تدري الناس أين توجهنا
كشفنا عن الوجه الجميل غياهبا /
وقد صار منا السر للكل ناهبا /
ومن حضرة الرحمن نلنا مواهبا /
ألا يا لقومي قد قرأتم مذاهبا / ولم تُدْرَ يا قومي رموزُ مذاهِبْنا
فوائدكم أضحت قيودَ رهينِنا /
وعنكم لقد أُخْفِي مقامُ أمينِنا /
ويا علماء الرسم هل من معينِنا /
مذاهبكم نرفو بها بعضَ ديننا / ومذهبنا عُمِّي عليكم وما قلنا
طلعة كلها جمال
طلعة كلها جمال / إن بدت تفتن الجيمع
حال زال مال آلْ / كل شيء إلى الفنا
زان عشاقها الكمال / يتهنَّى بها الخليع
طال صال عال غال / للمسرات والهنا
نحن آيات وجهها / ليس ندري بكنهها
صاح باح ساح طاح / مَن إلى نحوها دنا
لا تحم حول شبهها / من ترى ذاك يستطيع
لاح راح فاح ناح / طائر الشوق بالمنى
صل ربي على النبي / أحمد المصطفى الهمام
فاق راق ساق شاق / مغرم القلب بالغرام
منه عبد الغني حُبِي / رفعة الجاه والمقام
حاق تاق لاق ذاق / كلما غرد الحمام
وعلى الآل والصحاب / من حووا رفعة الجناب
باه جاه شاه تاه / كل من غيرهم أجاب
وذوي القرب والخطاب / من غدا برقهم لميع
ساه واه فاه لاه / بسواهم من اعتنى
بدا جمال حبيبي
بدا جمال حبيبي / والكل قد غابوا
والمضنى أفنى لا يرفق / بالمغرم العاني
والوجه منه نصيبي / والحسن جلباب
لي أغنى أقنى قد أشرق / في عين إنسان
وفوق قلبي خطيبي / للسر وهاب
والأدنى أدنى بالأبرق / فرد بلا ثاني
يا صاحبي فاقتدي بي / إني أنا الباب
فالمعنى معنا ما أفرق / عن سر روحاني
يا واحداً قد تثنّى / فأشركوا فيه
والساقي باقي يسقيني / بكأسه الصافي
ونلت ما أتمنى / والغير في التيه
والراقي واقي يحميني / عن السوا كافي
ومن يشاهدْ تَهَنَّى / من غير تمويه
أشواقي لاقى تغنيني / عن كل أوصافي
في النور كان مغيبي / والكون أسباب
والحسنى أسنى لي أحرق / وجه له داني
صلى إله البرايا / ربي على المختار
ذي المجد يجدي بالإحسان / للبائس الراجي
طه شريف المزيا / من جاء بالأسرار
للرفد يفدي مما كان / فكلهم ناجي
عبد الغني بالعطايا / مشعشع الأنوار
لي وجدي يجدي بالألحان / في الغيهب الساجي
ما جدول بالصبيب / في الروض ينساب
أواهنا وهنا مذ أطرق / ريان الأغصان
إليك من البعد قلبي دنا
إليك من البعد قلبي دنا /
ومنك لقد نلت كل المنى /
فيامن لنا قال إني أنا /
أتيناك بالفقر يا ذا الغنى / وأنت الذي لم تزل محسنا
وعند الصباح وعند المسا /
نهيم اشتياقاً بفرط الأسى /
عهدناك بَرّاً بنا مؤنسا /
وعودتنا كلَّ فضلٍ عسى / يعود الذي منك عوَّدتنا
سراة الهوى بالهوى وُلِّهُوا /
وفيك عن الغير قد تُوِّهُوا /
إليك كفوف الدعا وَجَّهُوا /
مساكينك الشعث قد مُوِّهُوا / بحبك إذ هو أقصى المنى
لقد جاء من فرعنا أصلُكم /
ونحن الذي عمنا فضلُكم /
وهيهات أنا نكافي لكُم /
فما في الغنى واحد مثلُكم / وفي الفقر لا عصبة مثلنا
فنينا بمن لم يزل سرمدا /
ومنه به قد سمعنا الندا /
ويا من خفيْ عن عيون العدى /
رأيناك في كل أمرٍ بدا / وليس من الأمر شيء لنا
طمسنا بأنواركم والسنا /
وآلَ الورى عندنا للفنا /
وقد صار لي حبكم ديدنا /
سترت اسمكم غيرةً ها أنا / أموِّهُ بالشعب والمنحنى
جرت خوف هذا الجفا أدمعي /
وشوقي به التهبت أضلعي /
وأنت الذي لا سواه أعي /
إذا كنت في كل حال معي / فعن حمل زادي أنا في غنى
على سيرنا لم يزل سيرُكم /
وفي روض قلبي شدا طيرُكم /
وخير جميع الورى خيرُكم /
فأنتم هم الحق لا غيرُكم / فياليت شعري أنا من أنا
نحن الجفون نحفظ العيونا
نحن الجفون نحفظ العيونا / ونحن أهل الذكر فاسألونا
ونحن ذات من بدت صفاته / تكشف من صبغتنا فنونا
جنوننا في حبكم عقلاً يُرى / وعقلنا في ديننا جنونا
وجودنا الحق ونحن باطل / نذوق في حياته المنونا
وهو الذي له الصفات كلها / والغافلون عنه يدَّعونا
الله وحده هو الموجود لا / سواه والجميع معدومونا
لإنهم هم التقادير التي / قدَّرها لنا بأن تكونا
ويظهر الوجود منه في الذي / يظهر عنه واضحاً مكنونا
والنور نور الذات في ظلامنا / ولم نزل نحنُ له الشئونا
نلوح كالبرق له ونختفي / فنعرف الظهور والبطونا
ونحن في كلامه حروفه / نحمل معناه لنا المصونا
وأمره الواحد ينجلي لنا / فيرسم الكاف بنا والنونا
كاف كفاية ونون نعمة / روحاً وجسماً سَلِساً موزونا
وفعله نحن على مراده / فنقتضي التحريك والسكونا
عز وجل عن مشابه له / قد أعجز الأفكار والظنونا
وهو الغنيُّ والورى جميعهم / يرجون غيث فضله الهتونا
أضلَّ في آدمَ عن طلعته / عدوَّه إبليساً الملعونا
وقد هدى فيه إليه أمةً / بأمره قد جاء يعملونا
تبارك الله الذي بوجهه / في كل شيء هيج الشجونا
وأتعب العاشق المسبي به / وحيَّر المتيم المفتونا
وإن يشأ بالبعد يحرق الذي / أراد غيراً أو أحب دونا
وإن يشأ يكشف عن الوجه لمن / يحبه ويخرج المسجونا
مطروده بغيره مفتتن / ولم يزل مقبوله المحصونا
وحكمه ليس له من علة / فإن بدا لا تمنع الماعونا
وكن به له خفياً ظاهراً / ولا تكن بجهله مغبونا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025