المجموع : 26
إذا أرواحنا بالطبخ يوماً
إذا أرواحنا بالطبخ يوماً / غلظنَ فذلك العسل الثخين
وبالتركيب يغلظ بعد طبخ / بتدبير له أمدٌ وحين
فأعلى مائنا عسل مصفّى / وآخره عُرَىً ذهب ثمينُ
فيمسك ماؤنا بعراه حتى / يتم وذلك العقد المبين
وبدء جنيننا صلصال طين / بدا من لينه حَمَأٌ سَنينُ
تكوّن نطفة وله قرار / حصين لا يطاف به مكينُ
ففكر تستفد كنزاً دفيناً / فحلمتنا هي الكنز الثمين
إن أخذنا الكبريت ثم خلطنا
إن أخذنا الكبريت ثم خلطنا / جسداً ميتاً به وسقينا
ومزجناهما بصبر ورفق / وقررنا بذلك الرفق علينا
وانغماس الكبريت في الجسد / الأبيض من أصعب الأمور علينا
جسد راسب وروح لطيف / خلق النفس منهما بين بينا
ودعوا ما قد طار منه نضاراً / والذي قَرَّ في الإناء لجينا
فأصاب الكبريت من وهج النا / ر فرام الفرار فيما رأينا
فأَبضته عن الاباق جسوم / صار في جوفهن لما التقينا
واستجنَّ الأرواح في غلظ الاج / ساد من حرها اتقينا
ولزمنا التكرار حلاً وعقداً / فبلغنا من أمرنا ما اشتهينا
ملائكة السماء همُ أمدّوا
ملائكة السماء همُ أمدّوا / ملوك الأرض بالنصر المبينِ
هما خلقان من قدس ولكن / ملوك الأرض تخلق بعد حين
فما في العلو من قدس خفيف / وما في الأرض من قدس ركين
ومازج نارنا حر خفي / فمن زاكٍ ومن جنس لعينِ
خزائن ربنا اجتمعت إليهم / وملك العالمين بلا قرينِ
فألف بينهم تظفر وتخرج / غوامض سرنا الخافي الدفينِ
لنا الأنهار من لبن وخمر
لنا الأنهار من لبن وخمر / ومن عسل ومن ماء معين
وفي أنهارنا رضراض تبر / ودر بين ياقوت ثمينِ
وهيكلنا المقدس فيه روح / وجسم والقرين مع القرينِ
نرشّ عليه من ماء لطيف / يعيش به ويسخنه بلينِ
ونغسله بماء البحر حتى / يزول ظلاله عنه لحينِ
ونجعل جسمه روحاً لطيفاً / فيمتزجان في الكنّ الكنينِ
فذاك دواؤنا الفاروق يشفي / بشربته من الداء الدفينِ
هلموا إذا ما خفتهم الفقر فاصعدوا
هلموا إذا ما خفتهم الفقر فاصعدوا / إلى جبل من فوقكم ينبت الغنى
خذوه فردّوه إلى أصله الذي / تفرّع منه نبته وتكوّنا
هباءًا لطيفاً لا رسوب لثقله / وماء حياة عالي القدر مثمنا
وصونوهما من كل شيء وأحكموا / له من زجاج ناصع اللون معدنا
منيع النواحي محكم الرأس حابس / لما فيه من ريح الهواء تحصّنا
ولا تضجروا بالسحق فهو ملاكه / به يظهر السر الذي كان مبطنا
فإن لانت الأرض الكريمة أخرجت / لكم زهراً يرضي القلوب تلوّنا
هي الأرض حبلى بالأجنّة برهة / وبالنار تغدو الطفل والماء أزمنا
ولا تدعوا البذور الذي قد طرحتمُ / يجفّ فتخطوا من ثماركم الجنى
ولا تهملوا نار الحضان فإنها / تقلّب ما شئتم ظهورا وابطنا
وربّوه دهراَ لا تملّوا رضاعه / لتستحكم الأوصال منه وتمتنا
فذلك عقد الإنفصال لشده / تداخل في أجزائه وتمكنا
فإن أنتم كررتم عقد حلّه / مراراً تباعاً كان اغلى واثمنا
فإن رمتم الحُملان منه فقطّروا / على القشر محمراً من الدم مثخنا
فضحت لكم سري وأظهرت حكمتي / وبحت بسر الله في الخلق معلنا
فغن تجهلوه فاستعينوا بفكرة / تغادر ما استعصى من الأمر هينا
فبالفكر نلنا علم ما غاب بعدما / جعلناه دأباً لا يملّ وديدنا
ولا تدعوا كتمانه إن علمتمُ / وكونوا لسر الله في الأرض مخزنا
حباني بهذا العلم ربي معلماً / وأوضح لي ما ألبسوه مبيّنا
ولا تبطروا إن نلتمُ ما ذكرته / وروموا به العتى وحوزوا به المنى
قد تم بالنقص والتركيب ما طلبوا
قد تم بالنقص والتركيب ما طلبوا / وأنشأوه بتمزيج وتعفينِ
نالوا بأيسر حظ من صناعتهم / غنى وملكاً ولا ملك السلاطينِ