المجموع : 39
رأيتُ نساءَ الزمانِ كثاراً
رأيتُ نساءَ الزمانِ كثاراً / وحسبكَ واحدةٌ في الزمانْ
فإن رمتها فالتمسْ وصفها / فقدء ميزتْ بصفاتٍ ثمانْ
بوجهِ الجمالِ ورأسِ الذكاءِ / وعينِ العفافِ وصدقِ اللسانْ
وقلبِ الحبِّ وصدرِ الصبورِ / ونفسِ الكمالِ ودمِّ الحنانْ
وتلكَ هي السعدُ من نالها / فقد صارَ من بيتهِ في الجنانْ
ومن لم يكنْ حسنُها هكذا / فسخريةٌ عدُّها في الحسانْ
الأرضٌ للناسِ بحر
الأرضٌ للناسِ بحر / والمرءُ فيها سفينهْ
والمرأةُ النار والري / حُ شدَّةٌ ثم لِينهْ
والعمرُ نهرٌ ترى من / حوادثِ الدهرِ طينهْ
وشاطئاهُ قرينٌ / قد قابلتهُ قرينهْ
ولمْ تزلْ عَلِمَ اللّ / هُ مرآةَ المرءِ دونهْ
هذا تُشادُ بهِ الدا / رُ وهي للدارِ زينهْ
يا طلعةَ البدرِ إذا ال
يا طلعةَ البدرِ إذا ال / نجمانِ يكنفانها
أذكرتني حبيبةً / كنتُ على سلوانها
ذا وجهها وذا وذا / فُرطانِ في آذانها
ذهباً هاتِ وإلا فُلجينْ
ذهباً هاتِ وإلا فُلجينْ / إنَّ هذي الراحَ بنتُ القمرينْ
هاتها كلتيهما ثمَّ اسقني / وكلَّ الأفراحَ لي بالقدحينْ
هي في العينينِ نورٌ ساطعٌ / وهواءٌ منعشٌ في الرئتينْ
أخرجوها من حشا الدّنِّ ونا / دوا حنيناً ليرى بنتُ حنينْ
ثم لفوها بكأسٍ وغدتْ / كالصبيِّ من يدينِ ليدينْ
يا حبيبي إننها نرجسةٌ / وأرى في وجنتيكَ وردتينْ
ماعليكَ إنْ شممتْ هذه / أو قطفتَ هذهِ بالشفتينْ
هاتها ثَمَّتَ خُذها واقرعِ الكا / س بالكاسِ وهزَّ المنكبينْ
إنما يعلمنا الكاسانِ أنَّ / ساعة الأفراحِ دقَّتْ دقتينْ
واسقني حتى أرى الناسَ على / أربعٍ يمشونَ لا على اثنتينْ
إنهم واللهِ لا ينقصهم / في الحميرِ غيرَ طولِ الأذنينْ
رأَيتُ الهوى والخمر سيين غدرةً
رأَيتُ الهوى والخمر سيين غدرةً / وليسا على قلبي الحزين بسيين
إذا أتوارى يطلبانِ فضيحتي / فتظهر في وجهي ويظهرُ في عيني
ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ
ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ / والبخلُ إلا في الحسانِ يشينُ
أهواكِ مانعةً وكلُّ مليحةٍ / ليستْ ممنعةَ الوصالِ تهونُ
حسبُ المتيمِ منكِ وحيَ فؤادهِ / إنَّ القلوبَ على القلوبِ عيونُ
وألذُ ما كانَ الخيالُ زيارةً / إنْ كانَ يخفى مرّةً ويبينُ
قالوا بخلتِ وما بخلتِ وإنما / وصلُ المليحةِ في الجفاءِ ثمينُ
نسختْ معاني البخلِ يسرى أحمدٍ / وأتْ بشرعِ الجودِ منهُ يمينُ
أحيا الأولى كنّا نرى أسماءَهم / وغدا يرينا الجودَ كيفَ يكونُ
وسمتْ بهِ مصرٌ على بغدادِ مذ / كانتْ وكانْ بقصرها هارونُ
ورأى لديهِ المالَ بحراً زاخراً / فغدتْ أناملهُ وهنَّ سفينُ
والقومُ ذو فقرٍ يقلبُ كفهُ / وأخو غنى بنعيمهِ مفتونُ
هذا يرنحهُ الأنينُ وذاكَ في / سكراتهِ يهفو بهِ التلحينُ
قل للذينَ استأثروا بكنوزهم / ما كانَ بعدَ كنوزهِ قارونُ
أنفوا مساعدةَ الضعيفِ وربَّما / خدموا البهائمَ والجنونُ فنونُ
واستحجرتْ راحاتُهم فكأنها / صخرٌ وإن فلقوهُ ليسَ يلينُ
والمجدُ أقتلُ ما يكونُ هزالهُ / أما رأيتَ الكيسَ وهوَ سمينُ
ضلُّوا وأحمدُ بينَهم يدعوهُمُ / أو بعدَ أحمدَ للمكارمِ زَيْنُ
نيلانِ في مصرٍ فذلكَ قد جرى / ماءً وهذا عسجداً ولُجينُ
والنفسُ إن تعزُ الفضائلَ أفلحتْ / كالماءِ يسقاهُ فيحيا الطينُ
يا أحمداً أقرضتَ ربّكَ والسرا / ةَ يئنُّ تحتَ رباهمُ المسكينُ
والدهرُ أطماعٌ وفيهِ حفرةٌ / سيانَ فيها الألفُ والمليونُ
وبنيتَ من كلِّ الضمائرِ منزلاً / هو منكَ ما بقيَ الورى مسكونُ
كالشمسِ من فوق السماءِ محلها / وشعاعُها تحتَ الثرى مخزونُ
ورفعتَ صوتكَ بالمكارمِ جهرةً / تدعو الأنامَ وللسراةِ طنينُ
والشرقُ إن خربتْ نفوسُ رجالهِ / فلربَّ كنزٌ تحتها مدفونُ
قد كنتُ أبخلُ بالقريضِ وإنني / ليعزُّ عندي اللؤلؤُ المكنونُ
فأريتني ديوانَ مجدكَ شامخاً / فحلا لأشعاري بهِ التدوينُ
شعرٌ أفاضَ عليهِ نوركَ مسحةً / فكأنَّهُ صُوَرٌ بها تلوينُ
ما إن يقاسُ بهِ سواهُ وليسَ في / سلكِ الزبرجدِ ينظمُ الزيتونُ
كثرتْ ظنونُ المادحينَ فقولهمْ / ظنٌّ وهذا المدحُ فيكَ يقينُ
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً / أما تُرَوَّحُ عني بعضُ أحزاني
لي فيكَ عصفورةٌ لو أنها نطقتْ / رأيتَ كيفَ يُعادُ الميتُ الفاني
ما صوَّرَ الناس في الأنوارِ أجنحةً / إلا غداةَ بدا منها الجناحانِ
فويحَ قلبي ما من مرّةٍ صدحتْ / إلا شعرتُ بقلبي بينَ آذاني
وويحَ عُذالها ما في جوانبهمْ / قلبي فمن أينَ يحكى شأنهمْ شاني
أنا إذا عذلوا عانٍ وإذا عذروا / فآنٍ وإن حكموا لي أولها جاني
والحبُّ روحٌ لأهليهِ فعندهمُ / هذي الحياةُ وهذا الموتُ سيَّانِ
إن لم يكن عندكِ ما عندنا
إن لم يكن عندكِ ما عندنا / فمن رَمى الخَصْرَ بهذا الضَّنَى
ما لكِ تخفينَ الهوى والهوى / يقولُ في عينيكِ لي ها أنا
وتلكَ أنفاسكِ نمّامةٌ / وبينَ نهديكِ أرى مَكْمنا
حسبيَ ذا الوجهُ وألوانهُ / وما دليلُ الشمسِ إلا السَّنا
كُفي ظنونَ الناسِ واستنكفي / أن تجري الألسنُ يوماً بنا
الا تَرَيْنَ الطيرَ في راحةٍ / من يومِ أمسى بالهوى معلنا
وما كتمنا إذ كتمنا الجوى / إلا كما تخفي الغصونُ الجنى
والحبُّ في الصدرِ بخارٌ إذا / حسبتهُ هنا جرى من هُنا
كلا فؤادينا امتلا بالهوى / وفاضَ حتى ملا الأعينا
وأيُّ ذنبٍ للإناءِ الذي / يفيضُ إن أنتَ ملأتَ الإنا
لا تعجبي مما يُمنّي الهوى / ما في يدِ العشاقِ إلا المنى
قد نالَ بعدَ العشقِ أطماعهُ / من نالَ بعدَ الكيمياِء الغنى
قالوا جفتك ولا تنفكُّ تذكرها
قالوا جفتك ولا تنفكُّ تذكرها / إن النصيحةَ سلوانٌ بسلوانِ
فقلتُ عينيَ مني وهْيَ إنْ رمدتْ / فلا يكونُ دواها كحلُ عميانِ
نأَتْ دنَتْ وصلَتْ ضمتْ نفتْ هجرتْ / في كلِّ ذلك أهواها وتهواني
لا يخملُ الصدَّ منها والهوى بدني
لا يخملُ الصدَّ منها والهوى بدني / ولا أطيقُ بلايا الحبِّ والزمنِ
جسمٌ تراهُ فلا تدري أمشتملٌ / بالثوبِ أم درجوهُ منهُ في كفنِ
يكادُ يومُ التناجي أن يطيَّرهُ / مرُّ الهواءِ معِ الشكوى إلى الأذنِ
لولا الحبيبُ وقصدي أن يبينَ لهُ / يريهِ ما فعلتْ عيناهُ لم يبنِ
أتاني بعدَ فرقتنا سلامٌ
أتاني بعدَ فرقتنا سلامٌ / فكيفَ وعذَّلي حولي أتاني
تقولُ أأنت لا تنفكُّ حياً / تعاني من هولنا ما تعاني
كفى هجراً فقد أصبحتُ نضوا / تمرُّ بي العيونُ ولا تراني
ولو هبَّ النسيمُ عليَّ يوماً / لزحزحني وربكِ عن مكاني
وها أنا حينَ أنظمُ فيكِ شعراً / أكادُ أكونُ فيهِ من المعاني
لو أنَّ الحورَ حولي قد تجلَّتْ / لجدَ الناسُ في طلبِ الجنانِ
رأيناهُ يخطرُ في روضةٍ
رأيناهُ يخطرُ في روضةٍ / كأنْ قد تعلمَ من بانها
فكانتْ بهِ جنةُ العاشقين / وكانَ فؤادي كرضوانها
وما سميَّ الروضُ باسمِ الجنان / لو لم يكن بعضَ ولدانها
بأبي الذي كتبت يداه تحيتي
بأبي الذي كتبت يداه تحيتي / وكسا الكلامَ بنعسةِ الأجفانِ
وأرى محاسنهُ على ألفاظهِ / ودموع عينيهِ على العنوانِ
وكأنما كانَ اللسانُ يراعَهُ / ومدادُه من مهجةِ الولهانِ
فكتابهُ عندي وكتْبي عندهُ / غنجُ الحبيبِ وآهةُ الثكلانِ
وبي من الأنسِ ظبيٌ
وبي من الأنسِ ظبيٌ / رميتهُ ورماني
جرى معي في هواهُ / كما جرى بي زماني
فنمتُ كيما أراهُ / ونامَ كيلا يراني
يا مُدْنيَ الجمرةَ من خدّهِ
يا مُدْنيَ الجمرةَ من خدّهِ / صيّرتَ قلبي بينَ نارينِ
فما عجيبٌ إن همتْ أدمعي / تجري بها عينايَ نهرينِ
لمن الأمرُ غيرهُ سبحانهُ
لمن الأمرُ غيرهُ سبحانهُ / أترى المرءُ دائناً ديانهْ
جرتِ الناسُ في الغرورِ بعيدا / وقضا اللهُ قد جرى جريانهْ
فكأنَّ البسيطَ ميدانُ سبقٍ / رامحاتٍ أفراسهُ فرسانهْ
إن دعا فارسٌ إلى الموتِ قرنا / سبقَ الموتُ نحوهُ أقرانهْ
فلكٌ دائرُ الحوادثِ والنا / سِ يظنونَ وقفةً دورانهْ
باعَ في لأرضِ انفساً بنفوسٍ / فلذا الموتُ ناصبٌ ميزانهْ
ربَّ ذي زينةٍ يميلُ على الأر / ض أرتنا أثوابهُ أكفانهْ
وإذا ما البستانُ أنب / تَ زهراً جعلَ الريحُ قبرهُ بستانهْ
إنما الأرضُ لابنِ آدمَ سجنٌ / وأرى الموتَ عندها سجّانهْ
فمن الجهلِ أن تشيعَ بالحز / نِ سجيناً قد فرّجوا أحزانهْ
فاتّئدْ أحمد فتلكَ سبيلٌ / كلُّ حيٍّ لاقٍ بها إخوانهْ
ما ترى النجمةَ المضيئةَ فجراً / كيفَ أغرى بها الضحى طوفانهْ
إنَّ نفساً أراكَ سلتْ عليها / درة أديت وكانت أمانهْ
صاغها اللهُ كالنسيمِ فلا غر / وإذا ما النسيمُ حلّ جنانهْ
فكلُّ الأمرِ للذي صرّفَ الأمرَ / وأحسن رضا تنل إحسانهْ
إن سخطَ النفوسِ كفرٌ بنعمى / اللهِ فليحرسِ الفتى إيمانهْ
دجا الظلامُ فيا لَيلَى أَمَا فينا
دجا الظلامُ فيا لَيلَى أَمَا فينا / روح ام الموت مثل الرزق جافينا
يأتي الصباح علينا لا يكفّننا / ويذهب الليل عنا لا يُوارينا
وتطلع الشمس تُحيينا وليس لنا / زادُ الحياة فلم يا ربِّ تحيينا
تنير عالمَ سوءٍ كلهُ ظُلمٌ / كالظلّ ضُمن منهُ النور تضمينا
الله كوَّنهُ تكوين مرحَمَةٍ / وكوَّن الناسُ بعد اللهِ تكوينا
فأيُّهم مااعتدى ظلماً وهل وجدوا / من أمةٍ لم تقل بعد اللهِ تكوينا
يا ربِّ قد عاد صخراً عاتياً وقحاً / ما كنت أنشأتهُ من قبلها طينا
حبُّ الانام محاباة وقد فقدت / عيني المحبين فيهم والمُحابينا
كأنني لستُ انساناً يشابههم / ولا أُعدُّ ولا بين المرائينا
يا نفس ويحك قرّي غير جائشة / كانوا وكنا وما شاؤا ولاشينا
وكلُّنا صائرٌ يوماً لمصرعهِ / إن الذي هو سؤانا يُساوينا
هي الرذيلة تبلوهم فتضحكهم / وهي الفضيلة تبلونا فتبكينا
وكل حسناءَ بين الناس ان شقيت / فمن محاسنها لا من مساوينا
لا يخدعنَّك منا ظاهر حَفلٌ / بالابتسام وغَلغِل في خوافينا
وجهُ المنافق مرآةٌ منافقةٌ / تَحسِّنُ القبح للابصار تحسينا
فإن عييتَ بنا فانظر ضمائرنا / فما ضمائرنا الاَّ مَرائينا
ماذا ادَّخرتُ من الدنيا فتعجبني / وكيف تغترُّ بالدنيا امانينا
شيخ ضعيف تناهي السن طاح بهِ / واليوم أهدف يرمي للثمانينا
برى الزمانُ لهُ من عظمهِ قلماً / ما انفكَّ يُرعشهُ خطًّا وتدوينا
جِلدٌ يضم كتاباً حين الّفهُ / من الشقا دهرهُ سمَّاه مسكينا
حملتُ من نكدي ما إِنَّ ايسرَهُ / ليتركُ العُقلا بُلهاً مجانينا
ترمي الحوادث بي في كل بادرةٍ / ولم ازل دائباً أَبقى ويمضينا
كأن لي روح بركانٍ فما برحت / حولي الحوادث يفجُرنَ البراكينا
حتى الزمان قناتي بعد معركة / كان الشباب لنا فيها ميادينا
فكم لنا فتراتٌ في الزمان جرت / سوانحُ اليمن فيها من نواحينا
وكم لنا طمحات في المنى نسموا / روح الجنان بها من زهر وادينا
وكم لنا ضحكات في الصبا ملأت / فمَ الشباب تغاريدا وتلحينا
إنا لنمضي لدُن يمضي الشباب ولا / يعيش من بعدهِ الاَّ اسامينا
فها أنا اليوم نضوٌ رازحٌ لصقٌ / بالارض يا حشرات الارض واسينا
مُلقًى تطايرُ حولي الناس لا وَزَرٌ / منهم ولا ملجأٌ في الناس يؤوينا
ينظّفون طريق السابلين ولا / يرون في طرُق الدنيا المساكينا
فلو رأوا موضعي في ارضهم حجراً / رأيتهم عرفوهُ غير ناسينا
يا من تكبكبهُ الاقدام ان كُتبت / لك الحياة فمن أيدي المعينينا
ليلى وما أنتِ الأدمعة جمعت / حسناً وطُهراً وآلاماً وتحزينا
ليلى أَحُسنُكِ غاظ الزهر فاحتفلت / بهِ الصبابة تعطيراً وتلوينا
ليلى أَأزريتِ بالاغصان فانتسجت / لها الطبيعة ذي الاثوابَ تزينا
ليلى ويا لهفي لو ان حليتها / من لؤلؤءٍ غير ما تذري مآقينا
ليلى ويا حزني ان لم تكن ملَكاً / الى يد الله لا ما بين أيدينا
الناس للمال دون الدين قد صبأُوا / فويح من اشبهت في فقرها الدنيا
ما يصنع الفضل والتقوى بفقرهما / وذى فوائد لا تغني المُرابينا
يا حسرتا حسرةً أُمسي أُجنُّ لها / من أنَّ سافلنا بالمال عالينا
الفقر حكَّم في الدنيا شرائعها / والمال حكَّم في الفقر القوانينا
كأن هذا الذي يدعونهُ ذهباً / روح من النار ما تنفك تكوينا
لولاهُ في الناس قد صاروا ملائكةً / لكنهُ ملأ الدنيا شياطينا
قد استرَدنا لامرِ الله كيف قضى / فهوّني عنكِ يا ليلايَ تهوينا
اما الجميلة فارتاعت مدامعها / واستنفرت من عيون للقلب يجرينا
وحيدة ما لها كهفٌ تلوذ بهِ / الا الفضيلة حينا والمُنى حينا
أودى ابوها واودت امها وطوى / عنها ترابهما حبَّ المحبينا
وجَدُّها كبقايا العمر قد طُرحت / على طريق الردى طرح المهينينا
فليس تعرف غير الحزن منعطفاً / وليس تعهد في غير البكا لينا
تبكي ولا مسعدٌ يرثي لأَدمعها / في الاكثرين ولا بين الاقلينا
دمعٌ يتيم اذا عينُ الحزين رأت / قرابة الحزن في دمع المعزينا
يا ضيعة الحب امسى المال يعرضهُ / عرض المذلة في وجه الاذلينا
ندى الشباب بفجر الحسن رفَّ على / روض الهوى لا يرى فيهِ رياحينا
لا تعجبوا بعدها لله يُنذرنا / من وزن اعمالنا في يوم يجزينا
حبُّ الغنى جعل الدنيا متاجرة / فالعدل أن تنصب الاخرى موازينا
قالت لهُ ولجاج الدمع يغلبها / وما تكاد تقيم اللفظ تبيينا
لا تأسَ يا أبتي اني اصبتُ لنا / من عاديات الذي نخشاهُ تأمينا
أصبت قوماً كراماً أهل مرحمةٍ / يلقَون اوجهنا غرّاً ميامينا
عصابة الّف الاحسان بينهُم / وبيننا فهمُ منَّا كاَهلينا
إن شئتهم اخوةً لم يأنفوا واذا / اردتَ نصرتهم كانوا المحامينا
وان بغتك صروف الدهر غائلةً / فزعزعتك تجد منهم اساطينا
وان دهتنا من الاسقام فادحة / رأَيت منهم لها خير المداوينا
قومٌ إذا ولجوا دار الفقير غدوا / لا نعم الله في البؤسى عناوينا
الحمد لله أيدي الناس تهدمنا / لكنَّ أيديهم تأتي فتبنينا
يا مَن لهذا المريض المدنَف العاني
يا مَن لهذا المريض المدنَف العاني / مُرِدَّدِ النفس من آن إلى آنِ
إذا رأى الليلَ ظنَّ القبرَ شُقَّ لهُ / وظنّ انجمَهُ آثار أكفانِ
ويحسبُ الصبح بابَ الموت لاح لهُ / وفوقهُ الشمسُ قُفلٌ فتحُهُ داني
نضوٌ على رَمقٍ فان يعيشُ بهِ / لكنهُ رمقٌ مهما يعيش فاني
مُطَرَّح الهمّ في كل الجهات فما / يرى بكل مكان غيرَ أَحزانِ
تَؤُزُّهُ كبِدٌ حرَّىن مُعَلَّقَةٌ / من الاضالع في اعوادِ نيرانِ
يا من لهُ إِذ يرى الدنيا كما اشتَبَهَت / بقيةُ الحلم في اجفان يقظانِ
يا من لهُ اذ يرى الاشياءَ واهنةً / كما بدا اثر الذكرى بنسيانِ
حَيٌّ طريحٌ يراهم يُلحِدونَ لهُ / لم يستحقوا أَن تراهم منهُ عينانِ
يا من لذا الشرق يا من للطريح على / لحد الزمان بأيدي شرِّ اعوانِ
مُستيئسين ولمَّا يأملوا أَملاً / واليأسُ داءٌ لنفس العاجز الواني
ويسبقون الردى للقبر وهو قضاً / في الغَيب فاعجب لهذا الشان من شان
ويُذعنون ولا ما يُذعنون لهُ / لكنَّهُ خلُقٌ يقضي بإِذعانِ
ويسأَلون المُنَى تجري بلا عمل / كالريح جارية في غير ارسانِ
سُخفٌ وأَسخفُ منهُ وهو مَعجَزةٌ / وَضلَّهُ أَن يُسمَّوهُ بايمان
يا ويح للشرق من أَمر بهِ لَبكٍ / كالهِمّ ملتبس في رأي حيرانِ
من كل مُضلِعة ترمى بمُعضلِة / رميَ النحوس لذي بؤس بحرمانِ
تعقَّدت والتوَت كالمستحيل فما / تُريك من موضع فيها لإِمكانِ
لو صوَّرها لكانت صورة امرأة / مصبوغة من جهالات بأَلوان
ربُّوا لذا الشرق يا قومي ممرِّضةً / تحنو عليهِ بإِحساس ووجدان
تطبهُ روحُها مما أَلمَّ بهِ / فان أَقتلَ داءِ الشرق روحاني
يرى عواطفَها الأَديانَ خالصةً / اذا تلعَّب أَهلوهُ بأَديان
يرى بها عهدَهُ عهدَ الملائك في ال / بِر الطبيعيّ في حسنٍ واحسانِ
يرى حناناً كعهد الانبياء وما / تشتاقهُ الروحُ فيهِ منذُ أزمانِ
يرى الفضائل بعد اليأس قد ظفرت / آمالهنَّ ونالت قلب إِنسانِ
رَبُّوا له الأَّمَّ يا قومي فلو وُجدت / في الشرق ما طاح في ذلّ واهوانِ
تلك التي ترفع الدنيا وتخفضهُا / بطفلها فهوَ والدنيا بميزانِ
تلك السماءُ التي تُلقي لهم مَلكاً / فلا يربُّونهُ الاَّ كشيطانِ
تلك التي جعلوها في المنازل كال / مرآة مطروحةً في دار عميانِ
ذنبُ الرجال ولكنَّ النساء بهِ / مُعاقباتٌ بآلام واشجانِ
كمقلة العين في آلامها اعتَجَلت / والداءُ ما مسّ منها غير اجفانِ
لهفي لجوهرة زهراءَ ما سطعت / في جيد غانية او فوق تيجانِ
لهفي لريحانة خضراءَ ما قُطعت / الاَّ لتذبلَ في واحات نشوانِ
لهفي لغانية عذراءَ ما وُضعت / الاَّ بمنزل اسواءٍ واضغانِ
لكل معنى جميل ما يلائمهُ / كما تمازجُ الحانٌ بالحانِ
وليس يُطرب صوتُ الماء منحدراً / كما ترى وقعهُ في سمع ظمآن
فيا إِلهي اذا اجريتَ في قدَر / يوماً بان يلتقي في الناس ضدَّان
فاجعل للطفك معنى في التقائهما / كيلا يكون من الضدين زوجان
فما خلقتَ كمثل البغض في امرأَةٍ / ينالها رجلٌ يوماً بطغيان
ولا خلقت كمثل الذل في رجلٍ / تسومهُ امرأَة سوءاً بعُدوان
يابانياً بقلوب الناس يجعلها / قصر الحياة تبصَّر أيُّها الباني
أسس على الحب لا تُلق القلوب سُدًى / وَضع لكل فؤَاد شكلهُ الثاني
فلست تبني سوى دارٍ اذا خَرِبَت / اركانها خربت من كل عمران
دار السعادة دارُ الحب دارُ مُنى ال / أَحباب دارُ الغرام الخالد الهاني
يا حبيباً إذا حننت إليه
يا حبيباً إذا حننت إليه / حن في رقتي عليه حنيني
أنت شخصان في الفؤاد فشخص / عند ظني وآخر في يقيني
واحد كيف شئت أنت وثان / كيفما شئته أنا وظنوني
لا بهذا رحمتني أو بهذا / بل بعقلي عذبتني وجنوني
أملي فيك كالخيال على المرآ / ة كذب مصور للعيون