القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 39
رأيتُ نساءَ الزمانِ كثاراً
رأيتُ نساءَ الزمانِ كثاراً / وحسبكَ واحدةٌ في الزمانْ
فإن رمتها فالتمسْ وصفها / فقدء ميزتْ بصفاتٍ ثمانْ
بوجهِ الجمالِ ورأسِ الذكاءِ / وعينِ العفافِ وصدقِ اللسانْ
وقلبِ الحبِّ وصدرِ الصبورِ / ونفسِ الكمالِ ودمِّ الحنانْ
وتلكَ هي السعدُ من نالها / فقد صارَ من بيتهِ في الجنانْ
ومن لم يكنْ حسنُها هكذا / فسخريةٌ عدُّها في الحسانْ
الأرضٌ للناسِ بحر
الأرضٌ للناسِ بحر / والمرءُ فيها سفينهْ
والمرأةُ النار والري / حُ شدَّةٌ ثم لِينهْ
والعمرُ نهرٌ ترى من / حوادثِ الدهرِ طينهْ
وشاطئاهُ قرينٌ / قد قابلتهُ قرينهْ
ولمْ تزلْ عَلِمَ اللّ / هُ مرآةَ المرءِ دونهْ
هذا تُشادُ بهِ الدا / رُ وهي للدارِ زينهْ
يا طلعةَ البدرِ إذا ال
يا طلعةَ البدرِ إذا ال / نجمانِ يكنفانها
أذكرتني حبيبةً / كنتُ على سلوانها
ذا وجهها وذا وذا / فُرطانِ في آذانها
ذهباً هاتِ وإلا فُلجينْ
ذهباً هاتِ وإلا فُلجينْ / إنَّ هذي الراحَ بنتُ القمرينْ
هاتها كلتيهما ثمَّ اسقني / وكلَّ الأفراحَ لي بالقدحينْ
هي في العينينِ نورٌ ساطعٌ / وهواءٌ منعشٌ في الرئتينْ
أخرجوها من حشا الدّنِّ ونا / دوا حنيناً ليرى بنتُ حنينْ
ثم لفوها بكأسٍ وغدتْ / كالصبيِّ من يدينِ ليدينْ
يا حبيبي إننها نرجسةٌ / وأرى في وجنتيكَ وردتينْ
ماعليكَ إنْ شممتْ هذه / أو قطفتَ هذهِ بالشفتينْ
هاتها ثَمَّتَ خُذها واقرعِ الكا / س بالكاسِ وهزَّ المنكبينْ
إنما يعلمنا الكاسانِ أنَّ / ساعة الأفراحِ دقَّتْ دقتينْ
واسقني حتى أرى الناسَ على / أربعٍ يمشونَ لا على اثنتينْ
إنهم واللهِ لا ينقصهم / في الحميرِ غيرَ طولِ الأذنينْ
رأَيتُ الهوى والخمر سيين غدرةً
رأَيتُ الهوى والخمر سيين غدرةً / وليسا على قلبي الحزين بسيين
إذا أتوارى يطلبانِ فضيحتي / فتظهر في وجهي ويظهرُ في عيني
ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ
ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ / والبخلُ إلا في الحسانِ يشينُ
أهواكِ مانعةً وكلُّ مليحةٍ / ليستْ ممنعةَ الوصالِ تهونُ
حسبُ المتيمِ منكِ وحيَ فؤادهِ / إنَّ القلوبَ على القلوبِ عيونُ
وألذُ ما كانَ الخيالُ زيارةً / إنْ كانَ يخفى مرّةً ويبينُ
قالوا بخلتِ وما بخلتِ وإنما / وصلُ المليحةِ في الجفاءِ ثمينُ
نسختْ معاني البخلِ يسرى أحمدٍ / وأتْ بشرعِ الجودِ منهُ يمينُ
أحيا الأولى كنّا نرى أسماءَهم / وغدا يرينا الجودَ كيفَ يكونُ
وسمتْ بهِ مصرٌ على بغدادِ مذ / كانتْ وكانْ بقصرها هارونُ
ورأى لديهِ المالَ بحراً زاخراً / فغدتْ أناملهُ وهنَّ سفينُ
والقومُ ذو فقرٍ يقلبُ كفهُ / وأخو غنى بنعيمهِ مفتونُ
هذا يرنحهُ الأنينُ وذاكَ في / سكراتهِ يهفو بهِ التلحينُ
قل للذينَ استأثروا بكنوزهم / ما كانَ بعدَ كنوزهِ قارونُ
أنفوا مساعدةَ الضعيفِ وربَّما / خدموا البهائمَ والجنونُ فنونُ
واستحجرتْ راحاتُهم فكأنها / صخرٌ وإن فلقوهُ ليسَ يلينُ
والمجدُ أقتلُ ما يكونُ هزالهُ / أما رأيتَ الكيسَ وهوَ سمينُ
ضلُّوا وأحمدُ بينَهم يدعوهُمُ / أو بعدَ أحمدَ للمكارمِ زَيْنُ
نيلانِ في مصرٍ فذلكَ قد جرى / ماءً وهذا عسجداً ولُجينُ
والنفسُ إن تعزُ الفضائلَ أفلحتْ / كالماءِ يسقاهُ فيحيا الطينُ
يا أحمداً أقرضتَ ربّكَ والسرا / ةَ يئنُّ تحتَ رباهمُ المسكينُ
والدهرُ أطماعٌ وفيهِ حفرةٌ / سيانَ فيها الألفُ والمليونُ
وبنيتَ من كلِّ الضمائرِ منزلاً / هو منكَ ما بقيَ الورى مسكونُ
كالشمسِ من فوق السماءِ محلها / وشعاعُها تحتَ الثرى مخزونُ
ورفعتَ صوتكَ بالمكارمِ جهرةً / تدعو الأنامَ وللسراةِ طنينُ
والشرقُ إن خربتْ نفوسُ رجالهِ / فلربَّ كنزٌ تحتها مدفونُ
قد كنتُ أبخلُ بالقريضِ وإنني / ليعزُّ عندي اللؤلؤُ المكنونُ
فأريتني ديوانَ مجدكَ شامخاً / فحلا لأشعاري بهِ التدوينُ
شعرٌ أفاضَ عليهِ نوركَ مسحةً / فكأنَّهُ صُوَرٌ بها تلوينُ
ما إن يقاسُ بهِ سواهُ وليسَ في / سلكِ الزبرجدِ ينظمُ الزيتونُ
كثرتْ ظنونُ المادحينَ فقولهمْ / ظنٌّ وهذا المدحُ فيكَ يقينُ
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً / أما تُرَوَّحُ عني بعضُ أحزاني
لي فيكَ عصفورةٌ لو أنها نطقتْ / رأيتَ كيفَ يُعادُ الميتُ الفاني
ما صوَّرَ الناس في الأنوارِ أجنحةً / إلا غداةَ بدا منها الجناحانِ
فويحَ قلبي ما من مرّةٍ صدحتْ / إلا شعرتُ بقلبي بينَ آذاني
وويحَ عُذالها ما في جوانبهمْ / قلبي فمن أينَ يحكى شأنهمْ شاني
أنا إذا عذلوا عانٍ وإذا عذروا / فآنٍ وإن حكموا لي أولها جاني
والحبُّ روحٌ لأهليهِ فعندهمُ / هذي الحياةُ وهذا الموتُ سيَّانِ
إن لم يكن عندكِ ما عندنا
إن لم يكن عندكِ ما عندنا / فمن رَمى الخَصْرَ بهذا الضَّنَى
ما لكِ تخفينَ الهوى والهوى / يقولُ في عينيكِ لي ها أنا
وتلكَ أنفاسكِ نمّامةٌ / وبينَ نهديكِ أرى مَكْمنا
حسبيَ ذا الوجهُ وألوانهُ / وما دليلُ الشمسِ إلا السَّنا
كُفي ظنونَ الناسِ واستنكفي / أن تجري الألسنُ يوماً بنا
الا تَرَيْنَ الطيرَ في راحةٍ / من يومِ أمسى بالهوى معلنا
وما كتمنا إذ كتمنا الجوى / إلا كما تخفي الغصونُ الجنى
والحبُّ في الصدرِ بخارٌ إذا / حسبتهُ هنا جرى من هُنا
كلا فؤادينا امتلا بالهوى / وفاضَ حتى ملا الأعينا
وأيُّ ذنبٍ للإناءِ الذي / يفيضُ إن أنتَ ملأتَ الإنا
لا تعجبي مما يُمنّي الهوى / ما في يدِ العشاقِ إلا المنى
قد نالَ بعدَ العشقِ أطماعهُ / من نالَ بعدَ الكيمياِء الغنى
قالوا جفتك ولا تنفكُّ تذكرها
قالوا جفتك ولا تنفكُّ تذكرها / إن النصيحةَ سلوانٌ بسلوانِ
فقلتُ عينيَ مني وهْيَ إنْ رمدتْ / فلا يكونُ دواها كحلُ عميانِ
نأَتْ دنَتْ وصلَتْ ضمتْ نفتْ هجرتْ / في كلِّ ذلك أهواها وتهواني
لا يخملُ الصدَّ منها والهوى بدني
لا يخملُ الصدَّ منها والهوى بدني / ولا أطيقُ بلايا الحبِّ والزمنِ
جسمٌ تراهُ فلا تدري أمشتملٌ / بالثوبِ أم درجوهُ منهُ في كفنِ
يكادُ يومُ التناجي أن يطيَّرهُ / مرُّ الهواءِ معِ الشكوى إلى الأذنِ
لولا الحبيبُ وقصدي أن يبينَ لهُ / يريهِ ما فعلتْ عيناهُ لم يبنِ
أتاني بعدَ فرقتنا سلامٌ
أتاني بعدَ فرقتنا سلامٌ / فكيفَ وعذَّلي حولي أتاني
تقولُ أأنت لا تنفكُّ حياً / تعاني من هولنا ما تعاني
كفى هجراً فقد أصبحتُ نضوا / تمرُّ بي العيونُ ولا تراني
ولو هبَّ النسيمُ عليَّ يوماً / لزحزحني وربكِ عن مكاني
وها أنا حينَ أنظمُ فيكِ شعراً / أكادُ أكونُ فيهِ من المعاني
لو أنَّ الحورَ حولي قد تجلَّتْ / لجدَ الناسُ في طلبِ الجنانِ
رأيناهُ يخطرُ في روضةٍ
رأيناهُ يخطرُ في روضةٍ / كأنْ قد تعلمَ من بانها
فكانتْ بهِ جنةُ العاشقين / وكانَ فؤادي كرضوانها
وما سميَّ الروضُ باسمِ الجنان / لو لم يكن بعضَ ولدانها
بأبي الذي كتبت يداه تحيتي
بأبي الذي كتبت يداه تحيتي / وكسا الكلامَ بنعسةِ الأجفانِ
وأرى محاسنهُ على ألفاظهِ / ودموع عينيهِ على العنوانِ
وكأنما كانَ اللسانُ يراعَهُ / ومدادُه من مهجةِ الولهانِ
فكتابهُ عندي وكتْبي عندهُ / غنجُ الحبيبِ وآهةُ الثكلانِ
وبي من الأنسِ ظبيٌ
وبي من الأنسِ ظبيٌ / رميتهُ ورماني
جرى معي في هواهُ / كما جرى بي زماني
فنمتُ كيما أراهُ / ونامَ كيلا يراني
يا مُدْنيَ الجمرةَ من خدّهِ
يا مُدْنيَ الجمرةَ من خدّهِ / صيّرتَ قلبي بينَ نارينِ
فما عجيبٌ إن همتْ أدمعي / تجري بها عينايَ نهرينِ
لمن الأمرُ غيرهُ سبحانهُ
لمن الأمرُ غيرهُ سبحانهُ / أترى المرءُ دائناً ديانهْ
جرتِ الناسُ في الغرورِ بعيدا / وقضا اللهُ قد جرى جريانهْ
فكأنَّ البسيطَ ميدانُ سبقٍ / رامحاتٍ أفراسهُ فرسانهْ
إن دعا فارسٌ إلى الموتِ قرنا / سبقَ الموتُ نحوهُ أقرانهْ
فلكٌ دائرُ الحوادثِ والنا / سِ يظنونَ وقفةً دورانهْ
باعَ في لأرضِ انفساً بنفوسٍ / فلذا الموتُ ناصبٌ ميزانهْ
ربَّ ذي زينةٍ يميلُ على الأر / ض أرتنا أثوابهُ أكفانهْ
وإذا ما البستانُ أنب / تَ زهراً جعلَ الريحُ قبرهُ بستانهْ
إنما الأرضُ لابنِ آدمَ سجنٌ / وأرى الموتَ عندها سجّانهْ
فمن الجهلِ أن تشيعَ بالحز / نِ سجيناً قد فرّجوا أحزانهْ
فاتّئدْ أحمد فتلكَ سبيلٌ / كلُّ حيٍّ لاقٍ بها إخوانهْ
ما ترى النجمةَ المضيئةَ فجراً / كيفَ أغرى بها الضحى طوفانهْ
إنَّ نفساً أراكَ سلتْ عليها / درة أديت وكانت أمانهْ
صاغها اللهُ كالنسيمِ فلا غر / وإذا ما النسيمُ حلّ جنانهْ
فكلُّ الأمرِ للذي صرّفَ الأمرَ / وأحسن رضا تنل إحسانهْ
إن سخطَ النفوسِ كفرٌ بنعمى / اللهِ فليحرسِ الفتى إيمانهْ
دجا الظلامُ فيا لَيلَى أَمَا فينا
دجا الظلامُ فيا لَيلَى أَمَا فينا / روح ام الموت مثل الرزق جافينا
يأتي الصباح علينا لا يكفّننا / ويذهب الليل عنا لا يُوارينا
وتطلع الشمس تُحيينا وليس لنا / زادُ الحياة فلم يا ربِّ تحيينا
تنير عالمَ سوءٍ كلهُ ظُلمٌ / كالظلّ ضُمن منهُ النور تضمينا
الله كوَّنهُ تكوين مرحَمَةٍ / وكوَّن الناسُ بعد اللهِ تكوينا
فأيُّهم مااعتدى ظلماً وهل وجدوا / من أمةٍ لم تقل بعد اللهِ تكوينا
يا ربِّ قد عاد صخراً عاتياً وقحاً / ما كنت أنشأتهُ من قبلها طينا
حبُّ الانام محاباة وقد فقدت / عيني المحبين فيهم والمُحابينا
كأنني لستُ انساناً يشابههم / ولا أُعدُّ ولا بين المرائينا
يا نفس ويحك قرّي غير جائشة / كانوا وكنا وما شاؤا ولاشينا
وكلُّنا صائرٌ يوماً لمصرعهِ / إن الذي هو سؤانا يُساوينا
هي الرذيلة تبلوهم فتضحكهم / وهي الفضيلة تبلونا فتبكينا
وكل حسناءَ بين الناس ان شقيت / فمن محاسنها لا من مساوينا
لا يخدعنَّك منا ظاهر حَفلٌ / بالابتسام وغَلغِل في خوافينا
وجهُ المنافق مرآةٌ منافقةٌ / تَحسِّنُ القبح للابصار تحسينا
فإن عييتَ بنا فانظر ضمائرنا / فما ضمائرنا الاَّ مَرائينا
ماذا ادَّخرتُ من الدنيا فتعجبني / وكيف تغترُّ بالدنيا امانينا
شيخ ضعيف تناهي السن طاح بهِ / واليوم أهدف يرمي للثمانينا
برى الزمانُ لهُ من عظمهِ قلماً / ما انفكَّ يُرعشهُ خطًّا وتدوينا
جِلدٌ يضم كتاباً حين الّفهُ / من الشقا دهرهُ سمَّاه مسكينا
حملتُ من نكدي ما إِنَّ ايسرَهُ / ليتركُ العُقلا بُلهاً مجانينا
ترمي الحوادث بي في كل بادرةٍ / ولم ازل دائباً أَبقى ويمضينا
كأن لي روح بركانٍ فما برحت / حولي الحوادث يفجُرنَ البراكينا
حتى الزمان قناتي بعد معركة / كان الشباب لنا فيها ميادينا
فكم لنا فتراتٌ في الزمان جرت / سوانحُ اليمن فيها من نواحينا
وكم لنا طمحات في المنى نسموا / روح الجنان بها من زهر وادينا
وكم لنا ضحكات في الصبا ملأت / فمَ الشباب تغاريدا وتلحينا
إنا لنمضي لدُن يمضي الشباب ولا / يعيش من بعدهِ الاَّ اسامينا
فها أنا اليوم نضوٌ رازحٌ لصقٌ / بالارض يا حشرات الارض واسينا
مُلقًى تطايرُ حولي الناس لا وَزَرٌ / منهم ولا ملجأٌ في الناس يؤوينا
ينظّفون طريق السابلين ولا / يرون في طرُق الدنيا المساكينا
فلو رأوا موضعي في ارضهم حجراً / رأيتهم عرفوهُ غير ناسينا
يا من تكبكبهُ الاقدام ان كُتبت / لك الحياة فمن أيدي المعينينا
ليلى وما أنتِ الأدمعة جمعت / حسناً وطُهراً وآلاماً وتحزينا
ليلى أَحُسنُكِ غاظ الزهر فاحتفلت / بهِ الصبابة تعطيراً وتلوينا
ليلى أَأزريتِ بالاغصان فانتسجت / لها الطبيعة ذي الاثوابَ تزينا
ليلى ويا لهفي لو ان حليتها / من لؤلؤءٍ غير ما تذري مآقينا
ليلى ويا حزني ان لم تكن ملَكاً / الى يد الله لا ما بين أيدينا
الناس للمال دون الدين قد صبأُوا / فويح من اشبهت في فقرها الدنيا
ما يصنع الفضل والتقوى بفقرهما / وذى فوائد لا تغني المُرابينا
يا حسرتا حسرةً أُمسي أُجنُّ لها / من أنَّ سافلنا بالمال عالينا
الفقر حكَّم في الدنيا شرائعها / والمال حكَّم في الفقر القوانينا
كأن هذا الذي يدعونهُ ذهباً / روح من النار ما تنفك تكوينا
لولاهُ في الناس قد صاروا ملائكةً / لكنهُ ملأ الدنيا شياطينا
قد استرَدنا لامرِ الله كيف قضى / فهوّني عنكِ يا ليلايَ تهوينا
اما الجميلة فارتاعت مدامعها / واستنفرت من عيون للقلب يجرينا
وحيدة ما لها كهفٌ تلوذ بهِ / الا الفضيلة حينا والمُنى حينا
أودى ابوها واودت امها وطوى / عنها ترابهما حبَّ المحبينا
وجَدُّها كبقايا العمر قد طُرحت / على طريق الردى طرح المهينينا
فليس تعرف غير الحزن منعطفاً / وليس تعهد في غير البكا لينا
تبكي ولا مسعدٌ يرثي لأَدمعها / في الاكثرين ولا بين الاقلينا
دمعٌ يتيم اذا عينُ الحزين رأت / قرابة الحزن في دمع المعزينا
يا ضيعة الحب امسى المال يعرضهُ / عرض المذلة في وجه الاذلينا
ندى الشباب بفجر الحسن رفَّ على / روض الهوى لا يرى فيهِ رياحينا
لا تعجبوا بعدها لله يُنذرنا / من وزن اعمالنا في يوم يجزينا
حبُّ الغنى جعل الدنيا متاجرة / فالعدل أن تنصب الاخرى موازينا
قالت لهُ ولجاج الدمع يغلبها / وما تكاد تقيم اللفظ تبيينا
لا تأسَ يا أبتي اني اصبتُ لنا / من عاديات الذي نخشاهُ تأمينا
أصبت قوماً كراماً أهل مرحمةٍ / يلقَون اوجهنا غرّاً ميامينا
عصابة الّف الاحسان بينهُم / وبيننا فهمُ منَّا كاَهلينا
إن شئتهم اخوةً لم يأنفوا واذا / اردتَ نصرتهم كانوا المحامينا
وان بغتك صروف الدهر غائلةً / فزعزعتك تجد منهم اساطينا
وان دهتنا من الاسقام فادحة / رأَيت منهم لها خير المداوينا
قومٌ إذا ولجوا دار الفقير غدوا / لا نعم الله في البؤسى عناوينا
الحمد لله أيدي الناس تهدمنا / لكنَّ أيديهم تأتي فتبنينا
يا مَن لهذا المريض المدنَف العاني
يا مَن لهذا المريض المدنَف العاني / مُرِدَّدِ النفس من آن إلى آنِ
إذا رأى الليلَ ظنَّ القبرَ شُقَّ لهُ / وظنّ انجمَهُ آثار أكفانِ
ويحسبُ الصبح بابَ الموت لاح لهُ / وفوقهُ الشمسُ قُفلٌ فتحُهُ داني
نضوٌ على رَمقٍ فان يعيشُ بهِ / لكنهُ رمقٌ مهما يعيش فاني
مُطَرَّح الهمّ في كل الجهات فما / يرى بكل مكان غيرَ أَحزانِ
تَؤُزُّهُ كبِدٌ حرَّىن مُعَلَّقَةٌ / من الاضالع في اعوادِ نيرانِ
يا من لهُ إِذ يرى الدنيا كما اشتَبَهَت / بقيةُ الحلم في اجفان يقظانِ
يا من لهُ اذ يرى الاشياءَ واهنةً / كما بدا اثر الذكرى بنسيانِ
حَيٌّ طريحٌ يراهم يُلحِدونَ لهُ / لم يستحقوا أَن تراهم منهُ عينانِ
يا من لذا الشرق يا من للطريح على / لحد الزمان بأيدي شرِّ اعوانِ
مُستيئسين ولمَّا يأملوا أَملاً / واليأسُ داءٌ لنفس العاجز الواني
ويسبقون الردى للقبر وهو قضاً / في الغَيب فاعجب لهذا الشان من شان
ويُذعنون ولا ما يُذعنون لهُ / لكنَّهُ خلُقٌ يقضي بإِذعانِ
ويسأَلون المُنَى تجري بلا عمل / كالريح جارية في غير ارسانِ
سُخفٌ وأَسخفُ منهُ وهو مَعجَزةٌ / وَضلَّهُ أَن يُسمَّوهُ بايمان
يا ويح للشرق من أَمر بهِ لَبكٍ / كالهِمّ ملتبس في رأي حيرانِ
من كل مُضلِعة ترمى بمُعضلِة / رميَ النحوس لذي بؤس بحرمانِ
تعقَّدت والتوَت كالمستحيل فما / تُريك من موضع فيها لإِمكانِ
لو صوَّرها لكانت صورة امرأة / مصبوغة من جهالات بأَلوان
ربُّوا لذا الشرق يا قومي ممرِّضةً / تحنو عليهِ بإِحساس ووجدان
تطبهُ روحُها مما أَلمَّ بهِ / فان أَقتلَ داءِ الشرق روحاني
يرى عواطفَها الأَديانَ خالصةً / اذا تلعَّب أَهلوهُ بأَديان
يرى بها عهدَهُ عهدَ الملائك في ال / بِر الطبيعيّ في حسنٍ واحسانِ
يرى حناناً كعهد الانبياء وما / تشتاقهُ الروحُ فيهِ منذُ أزمانِ
يرى الفضائل بعد اليأس قد ظفرت / آمالهنَّ ونالت قلب إِنسانِ
رَبُّوا له الأَّمَّ يا قومي فلو وُجدت / في الشرق ما طاح في ذلّ واهوانِ
تلك التي ترفع الدنيا وتخفضهُا / بطفلها فهوَ والدنيا بميزانِ
تلك السماءُ التي تُلقي لهم مَلكاً / فلا يربُّونهُ الاَّ كشيطانِ
تلك التي جعلوها في المنازل كال / مرآة مطروحةً في دار عميانِ
ذنبُ الرجال ولكنَّ النساء بهِ / مُعاقباتٌ بآلام واشجانِ
كمقلة العين في آلامها اعتَجَلت / والداءُ ما مسّ منها غير اجفانِ
لهفي لجوهرة زهراءَ ما سطعت / في جيد غانية او فوق تيجانِ
لهفي لريحانة خضراءَ ما قُطعت / الاَّ لتذبلَ في واحات نشوانِ
لهفي لغانية عذراءَ ما وُضعت / الاَّ بمنزل اسواءٍ واضغانِ
لكل معنى جميل ما يلائمهُ / كما تمازجُ الحانٌ بالحانِ
وليس يُطرب صوتُ الماء منحدراً / كما ترى وقعهُ في سمع ظمآن
فيا إِلهي اذا اجريتَ في قدَر / يوماً بان يلتقي في الناس ضدَّان
فاجعل للطفك معنى في التقائهما / كيلا يكون من الضدين زوجان
فما خلقتَ كمثل البغض في امرأَةٍ / ينالها رجلٌ يوماً بطغيان
ولا خلقت كمثل الذل في رجلٍ / تسومهُ امرأَة سوءاً بعُدوان
يابانياً بقلوب الناس يجعلها / قصر الحياة تبصَّر أيُّها الباني
أسس على الحب لا تُلق القلوب سُدًى / وَضع لكل فؤَاد شكلهُ الثاني
فلست تبني سوى دارٍ اذا خَرِبَت / اركانها خربت من كل عمران
دار السعادة دارُ الحب دارُ مُنى ال / أَحباب دارُ الغرام الخالد الهاني
يا حبيباً إذا حننت إليه
يا حبيباً إذا حننت إليه / حن في رقتي عليه حنيني
أنت شخصان في الفؤاد فشخص / عند ظني وآخر في يقيني
واحد كيف شئت أنت وثان / كيفما شئته أنا وظنوني
لا بهذا رحمتني أو بهذا / بل بعقلي عذبتني وجنوني
أملي فيك كالخيال على المرآ / ة كذب مصور للعيون

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025