القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أُسامَة بنُ مُنْقِذ الكل
المجموع : 44
أحِنُّ إليكُم والمَهامِهُ بَيْنَنَا
أحِنُّ إليكُم والمَهامِهُ بَيْنَنَا / حَنينَ أَلُوفٍ بانَ عنها قَرِينُها
وأَسْتُر أشْواقِي واعلَمُ أنّ لِي / لَدَى ذِكرِكُم أنفاسَ وجْدٍ تُبينُها
نفسي الفِداءُ لمن أذُودُ بِذكرِهِ
نفسي الفِداءُ لمن أذُودُ بِذكرِهِ / عَنّي عَوادِي الهَمِّ والأشجانِ
وإذَا فَررتُ من الخُطوبِ جَعلتُه / فِئَتِي فَيُفرِقُها امتِنَاعُ مَكانِي
وكأَنّ مُعجزةَ المسيحِ كِتابُهُ / فإذا قَضَيْتُ من الأسى أحْيَاني
وإنَّ امرَأً أضحَى بإرْبِلَ دَارُهُ / وفي شيزَرٍ أحبابُه وشجُونُهُ
لَغيرُ مَلُومٍ في الحنينِ إليهمُ / ومَعذُورَةٌ أن تسْتَهِلَّ جُفُونُهُ
يَا ساكني جَنَّةٍ رِضوانُ خَازنُها
يَا ساكني جَنَّةٍ رِضوانُ خَازنُها / هُنّيتُمُ العيشَ في رَوحٍ ورَيْحَانِ
مُرُوا النّسِيمَ إذا مَا الفجرُ أيقظَه / بحملِهِ طيبَ نَشرٍ مِنهُ أَحياني
أو فَابعَثُوا نَغْمَةً منه يعيشُ بها / قَلبي فقد مَات مُذْ حِينٍ وأَزمانِ
ظَبيٌ أغَنُّ تردَّى بالدُّجَى وَجَلاَ / شَمْس النّهارِ على غُصْنٍ من الْبانِ
في فِيهِ مَا في جِنَانِ الخُلدِ من دُرَرٍ / ومن رَحِيقٍ ومن مسْكٍ ومَرْجَانِ
إذا بَدَا وشَدَا في مَجلسٍ ظَفِرُوا / بمُنية النّفسِ من حُسنٍ وإحسَانِ
لا تَنْسَنِي يا أبا نَصرٍ إذا حَضَرتْ / قُلوبُكم بين مَزمُومٍ وطَرخاني
كُن لي وكيلاً على الرّؤيِا ووكّلْ لِي / سواكَ يَسمعُ عَنّي شَدوَ رضْوانِ
وقُل له يَتَغَنّى من قلائِده / صوتاً يُجدّدُ لي شَجْوي وأشْجَاني
نسيمُه يتلقّاني بزوْرَتِهِ / مُبَشِّراً لي بهِ من قَبلِ يَلقانِي
وصَفُوا لي بغدادَ حيناً فلمّا / جئتُها جئتُ أحسنَ البُلدانِ
منظرٌ مبهِجٌ وقومٌ سَراةٌ / قد تحَلَّوْا بالحُسنِ والإحسَانِ
ليس فيهمْ عيبٌ سوى أنّ في كُلْ / لِ بنانٍ علاّقَةَ الميزانِ
وسمِعْنَا وما رأينَا سوَى / أمِّ ظَلومٍ فيها من النّسوانِ
وهْي جِنِّيَّةٌ كأَقبحِ ما شَوْ / وَهَهُ ربّنَا من الغيلانِ
إنّ فيها من الصّبَايا شُموساً / في غُصونٍ تهتَزُّ في كُثبانِ
شغلَتْنَا السَبعونَ والحجُّ عَنهُنْ / نَ فقلنَا بالسَّمْعِ دُونَ العَيانِ
يا مُنعِماً مَوْردُ إحسانِه
يا مُنعِماً مَوْردُ إحسانِه / سَهلٌ فَما في مَنِّهِ مَنُّ
قد اقْتَدى بالمُزْنِ في جُودِه / بل بِنداهُ يَقتدي المُزنُ
بَسَطْتَ كفّاً في النّدى والوغَى / ما كَفَّها بُخلٌ ولا جُبْنُ
فاسلَم من الدّهرِ ففِيه على / كلِّ كريمٍ ماجِدٍ ضِغنُ
إليكِ فما تَثنِي شؤونُكِ شاني
إليكِ فما تَثنِي شؤونُكِ شاني / ولا تَملكُ العِينُ الحِسانُ عِناني
ولا تجزَعي من بَغتَةِ البينِ واصبري / لعلَّ التَّنائي مُعْقِبٌ لِتَداني
ولا تَحمِلي همَّ اغترابي فلم أَزل / غَريبَ وفاءٍ في الورَى وبَيانِ
وفيّاً إذا ما خان جَفنٌ لناظِرٍ / ولم تَرْعَ كفٌ صُحبةً لِبَنانِ
فللأُسْدِ غِيلٌ حيثُ حلَّت وإنَّما / يهابُ التّنائي قلبُ كلِّ جبانِ
ولا تَسأليني عن زَماني فإنّني / أُنَزِّهُ عن شكوى الخَطوبِ لِساني
ولكن سَلي عنِّي الزَّمانَ فإنّه / يُحَدِّثُ عن صَبري على الحَدَثانِ
رَمتني الليالي بالخُطوبِ جَهَالةً / بصبري على ما نابني وعَرانِي
فما أوهَنَتْ عظمي الرَّزايا ولا لَها / بحُسنِ اصطباري في المُلِمِّ يَدانِ
وكم نكبةٍ ظَنَّ العِدا أنَّها الرَّدى / سَمتْ بي وأعلَت في البَرِيَّة شاني
وما أنا مِمَّنْ يستكينُ لحادِثٍ / ولا يملأُ الهولُ المَخُوفُ جَناني
وإن كانَ دَهري غالَ وَفْري فلم يَغُلْ / ثَنائي ولا ذكْري بكُلِّ مَكانِ
وما كانَ إِلاّ للنَّوالِ ولِلقِرَى / وغَوثاً لملهوفٍ وفِدْيَةَ عانِ
حُمِدتُ على حالَيْ يَسارٍ وعُسرةٍ / وبرَّزتُ في يومَيْ ندىً وطِعانِ
ولم أدَّخِر للدَّهرِ إن نابَ أو نَبا / وللخَطبِ إلاّ صارِمي وسِناني
لأنَّ جميلَ الذكرِ يَبقى لأهلِه / وكلُّ الذي فوقَ البسيطة فانِ
لا تُودَعنْ سَمع أخٍ شكيّةً
لا تُودَعنْ سَمع أخٍ شكيّةً / فالقلبُ أولى بالذي أَجَنَّا
وكلُّ ما نشكوهُ من زمانِنا / نزولُ عَنهُ أو يَزولُ عَنَّا
اصطبِرْ للزَّمانِ إِن حافَ حِينَا
اصطبِرْ للزَّمانِ إِن حافَ حِينَا / أو تَلقَّاكَ بالمَخاوِفِ حِينَا
إنَّ صبرَ الكلِيمِ وهو طَريدُ الْ / خَوفِ أفضَى بِهِ إلى طُورِ سينَا
مَن ملَّ فاهجُرهُ فَقَدْ
مَن ملَّ فاهجُرهُ فَقَدْ / أبدَى لكَ اليأسَ المُبينا
أعيا شماسُ أخِي التَّلَوْ / وُنِ والمَلالِ الرَّائِضينا
لن يرجعَ الفَخَّاُر بعْ / دَ تَلاَفِهِ بالكسرِ طينا
يا شاربَ الخمرِ بعدَ النّسكِ والدّينِ
يا شاربَ الخمرِ بعدَ النّسكِ والدّينِ / وبعدَ ما تَابَ عمَّا رابَ مُذْ حِينِ
أفسدتَ دينَكَ والسبعونَ أفسَدَتِ اُلدْ / دُنيا فَلَسْتَ بذي دُنيا ولا دينِ
وإنّما أنتَ فَخّارٌ تكسَّرَ لاَ / يُرجى لنفعٍ ولا يُعتَدُّ في الطِّينِ
كم تقصِدُ الماجِدِينَ الفاضِلِين وكم
كم تقصِدُ الماجِدِينَ الفاضِلِين وكم / تُعلِّمُ الكرماءَ البُخْلَ يا زَمنُ
إذا تَوالت عنهم نائباتُك واِجْ / تاحَتْ فواضلَ ما يُولُونَهُ المِحَنُ
فكيفَ بالجُودِ والأحداثُ تسلُبُ ما / يُولَى به العُرْفُ أو تُسدَى به المِنَنُ
شُغْلُ الزّمان بأهلِ النقصِ يرفعُهم / حَتَّى يُثَمِّرَ للوُرَّاثِ ما خَزَنُوا
ألهاهُ عن كُرماءِ النّاسِ فهْو عَلَى / ذَوي المكارِمِ والأفْضَالِ مُضْطَغِنُ
لما تخطّتنِيَ السَّبعونَ مُعرِضةً
لما تخطّتنِيَ السَّبعونَ مُعرِضةً / وساوَرَ الضَّعفُ بعدَ الأَيْدِ أركاني
وأُدخِلَتْ كانَ في شُكرِي وفي صِفتِي / واسترجَع الدَّهرُ ما قد كان أعطَانِي
رُزقْتُ فَروةَ والسَّبعون تُخبرُها / أن سوف تَيْتَمُ عن قُربٍ وتَنْعانِي
وهي الضّعِيفَةُ ما تنفكُّ كاسِفةً / ذلِيلةً تَمتري دمعي وأحزانِي
ما كان عمَّا ستلقاهُ وعن جَزَعي / لِما ستلقَاهُ أغناهَا وأغْنَانِي
حَمَلَتْ ثِقْلِيَ في السَّهلِ العَصَا
حَمَلَتْ ثِقْلِيَ في السَّهلِ العَصَا / ونَبتْ بي حينَ حاولتُ الحُزونَا
وإذا رجليَ خانَتْني فَلا / لومَ عندي للعصا في أن تَخونَا
لا تَغبِطَنْ أهْلَ بيتٍ سَرّهُمْ زمَنٌ
لا تَغبِطَنْ أهْلَ بيتٍ سَرّهُمْ زمَنٌ / فسوفَ يَطْرُقُهم بالهمِّ والحَزَنِ
يُعيرُهم كلَّ دُنياهم وينْهَبُ ما / أعارَهم بيد الآفاتِ والمِحَنِ
حتى يَروحوا بِلا شيءٍ كما خُلِقوا / كأنَّ ما خُوَّلوه أمسِ لم يكنِ
لا يصحبُ المرءَ مما كان يملِكُهُ / في ظُلمةِ اللَّحدِ إلاّ خِرقَةُ الكَفَنِ
يُستَنْزَعُ المالُ مِنهُ ثم يُسألُ عن / جميعِهِ يا لها من حسرةِ الغَبَنِ
حمائِمَ الأيكِ هيّجتُنَّ أشجانا
حمائِمَ الأيكِ هيّجتُنَّ أشجانا / فليبكِ أصدقُنا بثّاً وأَشجانا
كم ذا الحنينُ على مرّ السّنينَ أَما / أفادكُنّ قديمُ العهدِ نِسيانا
هل ذا العويلُ على غيرِ الهَديلِ وهل / فقيدكُنَّ أعزُّ الخلقِ فِقدانا
ما وجدُ صادحَةٍ في كلّ شارقَةٍ / تُرجِّعُ النَّوحَ في الأفنان أَلحانا
كما وجدتُ على قَومي تخوُّنَهم / ريبُ المَنونِ ودهرٌ طالَ ما خَانا
إذا نَهى الصّبرُ دَمعي عند ذِكرِهِمُ / قال الأَسى فِضْ وجُدْ سَحّاً وتَهتانا
قالوا تَأسَّ وما قالوا بِمَنْ وإِذا / أُفرِدتُ بالرُّزءِ ما أنفكَّ أَسوانا
ما حدَّثتنيَ بالسُّلوانِ بعدَهُمُ / نَفسي ولا حانَ سُلواني ولا آنا
ما استدرَجَ الموتُ قومي في هلاكِهِمُ / ولا تخرَّمَهمْ مَثْنى ووُحدانا
فكنتُ أصبرُ عنهم صبرَ مُحتَسبٍ / وأحملُ الخطبَ فيهم عَزَّ أو هانا
وأقتَدي بالوَرى قبلي فكم فَقدوا / أخاً وكم فارقوا أهلاً وجيرانا
لكنَّ سقبَ المنايا وسطَ جمعِهِمُ / رَغا فخَرُّوا على الأذْقان إِذْعانا
وفاجأتْهُمْ مِن الأَيّامِ قارِعةٌ / سقتهُمُ بكؤوسِ الموتِ ذَيْفانا
ماتوا جميعاً كَرجعِ الطَّرْفِ وانقرضوا / هل ما تَرى تارِكٌ للعينِ إنْسانا
أعزِزْ علَيَّ بِهم من مَعشرٍ صُبُرٍ / عند الحفيظةِ إِنْ ذو لُوثةٍ لانا
لم يتركِ الدهرُ لي من بعدِ فقدِهِمُ / قلباً أُجشِّمُه صبراً وسُلوانا
فلو رأَوْني لقالوا مات أسعدُنا / وعاشَ للهَمِّ والأحزانِ أشقانا
لم يترك الموتُ منهم من يُخبِّرُني / عنهم فيُوضِحُ ما لاقَوْهُ تِبيانا
بادوا جميعاً وما شادوا فوا عَجَباً / للخطبِ أهلَكَ عُمّاراً وعُمرانا
هذي قصورُهُمُ أمست قبورَهُمُ / كذاكَ كانوا بها من قبلُ سكّانا
ويحَ الزّلازِلِ أفنَت مَعشَري فإذا / ذكَرتُهُم خِلتُني في القوم سَكرانا
بَنِي أبي إن تَبيدوا أن عَدا زَمنٌ / عليكُمُ دون هَذا الخلقِ عُدوانا
فلن يَبيدَ جَوى قَلبي ولا كَمَدي / عليكُمُ أو يُبيدَ الدَّهرُ ثَهلانا
أفسدتُمُ عمْرِيَ الباقي عليَّ فما / أَنْفَكُّ فيه كئيبَ القَلبِ ولهانا
أُفردتُ منكُم وما يَصفو لمنفرِدٍ / عيشٌ ولو نال من رِضوانَ رِضوانا
فليتني معَهم أوليتَ أنّهُمُ / بَقَوا وما بَينَنا باقٍ كَما كانا
لقِيتُ منهم تَباريحَ العُقوقِ كَما / لقيتُ من بَعدُهم همّاً وأَحزانا
لولا شَماتُ الأعادي عند ذكرِهِمُ / لغادَرَتْ أدمُعي في الأرض غُدرانا
أرُدُّ فَيضَ دُموعي في مَسالِكِها / فتستحيلُ مياهُ الدَّمعِ نِيرانا
لا ألتقي الدَّهرَ من بعد الزَّلازِل ما / بقيتُ إلاّ كسيرَ القَلب حَيْرانا
أخْنَتْ على مَعشري الأدنَيْنَ فاصطَلَمَتْ / منهم كُهولاً وشُبّاناً ووِلدانا
كم رامَ ما أدرَكَتْه منهمُ مَلِكٌ / فعادَ باليأسِ ممّا رامَ لَهفانا
لم يَحمِهم حِصنُهم منها ولا رَهِبَتْ / بأساً تَناذَرَه الأقرانُ أزمانا
أتاهُمُ قَدرٌ لم يُنْجِهم حَذَرٌ / منه وهل حَذرٌ مُنجٍ لمن حانا
إن أقْفرت شيزَرٌ منهمْ فهم جَعَلوا / منيعَ أسوارِها بيضاً وخُرصانا
هُمُ حَمَوهَا فلو شاهدتَها وهُمُ / بها لشاهدتَ آساداً وخَفّانا
كانوا لمن خافَ ظُلماً أو سُطا مَلِكٍ / كَهفاً وللجاني المطلوبِ جيرانا
عَلَوْا بمجدِهِمُ سيفَ بنَ ذي يَزنٍ / كما علت شيزرٌ في العزِّ غُمْدانا
كانوا مَلاذاً لأيتامٍ وأرمَلَةٍ / وبائِسٍ فاقدٍ أهلاً وأوطانا
إذا أتيتَهُمُ ألفيتَ شطرَهمُ / مُسترفِدين وزُوَّاراً وضيفانا
تراهُمُ في الوَغى أُسداً ويومَ نَدىً / غيثاً هَتُوناً وفي الظَّلْماءِ رُهبانا
حاولتُ كتمانَ بثِّي بعدَ فقدِهِمُ / فلم يُطِقْ قلبيَ المحزونُ كِتمانا
لعلَّ مَن يعرفُ الأمرَ الذي بَعُدتَ / بَعدَ التّصاقُبِ من جَرَّاهُ دارانا
يقولُ بالظَّنِّ إذْ لم يَدرِ ما خُلُقي / ولا مُحافَظتي مَن حانَ أو بانا
أسامةٌ لم يَسُؤْهُ فقدُ معشرِهِ / كم أوغروا صَدرَه غيظاً وأضغانا
وما دَرَى أنَّ في قلبي لفقدِهِمُ / ناراً تلظّى وفي الأجفانِ طُوفانا
بنو أبي وبنو عمّي دَمِي دمُهُمْ / وإن أرَوْني مُناواةً وشَنَآنا
كانوا جَناحي فحَصَّتْهُ الخطوبُ وإِخْ / واني فلم تُبقِ لي الأيّامُ إخوانا
كانوا سُيوفي إذا نازلتُ حادِثةً / وجُنَّتي حين ألقَى الخطبَ عُريانا
بهِمْ أصولُ على الأمرِ المَهولِ إذا / عَرا وألقى عَبوسَ الدَّهرِ جذْلانا
فكيف بالصبرِ لي عنهم وقد نَظَموا / دَمعي على فَقدِهم دُرّاً ومَرجانا
يُطَيِّبُ النَّفسَ عنهم أنَّهم رَحَلوا / وخلَّفوني على الآثارِ عَجلانا
سَقى ثَرىً أُودِعُوهُ رحمةً مَلأَتْ / مَثوى قُبورِهِمُ رَوْحاً ورَيْحانا
وألبسَ اللهُ هاتيكَ العظامَ وإن / بَلِينَ تحتَ الثّرى عفواً وغُفرانا
حَسْبي من العيشِ كم لاقيتُ فيهِ أذَىً
حَسْبي من العيشِ كم لاقيتُ فيهِ أذَىً / أقَلُّهُ فَقدُ أترابي وخُلاّني
لم يَبقَ لي من مُشْتَكى بثٍّ أحَمِّلُهُ / همّي ولا مَنْ إذا استصرختُ لَبّاني
وصُمَّ عنِّي صَدى صوتي وأفردَني / ظِلِّي وملَّ الكَرى والطيفُ غِشياني
وما نظرتُ إلى ما كان يُبهِجُني / إلاّ شَجاني وآسانِي وأَبْكاني
ناحَتْ فباحَت في فُروعِ البانِ / عن لوعَتي وعن جَوَى أحْزاني
بخيلةُ العينينِ بالدّمعِ وَلِي / عينٌ تجودُ بالنجيعِ القاني
إذا دعَتْ أجَبْتُها بروعةٍ / وُرْقٌ تداعت في ذُرا الأغصانِ
وحَسْرَتي أنّ الزمانَ غالَ مَنْ / كنتُ إِذا دعَوْتُه لبّاني
إذا بكى لديار باد ساكنها
إذا بكى لديار باد ساكنها / ذو وحدة ساءه في داره الزمن
بكيت أهلي وأوطاني وآسفني / أن ليس لي بعدهم دار ولا سكن
أخنى الزمان على قومي وملك أو / طاني سواي فلا أهل ولا وطن
ولم تدع لي المنايا مشتكى حزن / أبثه كمدي إن عادني حزن
إن كان عندهم وقد ظعنوا
إن كان عندهم وقد ظعنوا / أنا نقيم فبئس ما ظنوا
واسترهنوا قلبي فوا عجبي / الدين لي وفؤادي الرهن
لهفي لشرخ شبيبتي وزماني
لهفي لشرخ شبيبتي وزماني / وتروحي لفتوة وطعان
أيام لا أعطي الصبابة مقودي / أنفا ولا يثني الغرام عناني
وإذا اللواحي في تقحمي الردى / لا في المدام ولا الهوى تلحاني
وإذا الكماة على يقين أنهم / يلقى الردى في الحرب من يلقاني
اعتدهم وهم الأسود فرائسي / فهم دريئة صارمي وسناني
والأسد تلقى مثلها مني إذا / لاقيتها بقوى يد وجنان
كم قد حطمت الرمح في لباتها / فتركتها صرعى على الأذقان
حتى إذا السبعون قصر عشرها / خطوي وعاث الضعف في أركاني
أبلتني الأيام حتى كل عن / ضرب المهند ساعدي وبناني
هذا وكم للدهر عندي نكبة / في المال والأهلين والأوطان
نوب يروض بها إباي وقد عسا / عودي فما تثنيه كف الحاني
لا أستكين ولا ألين وقد بلا / فيما مضى صبري على الحدثان
فالآن يطمع في اهتضامي إنه / قد رام أمرا ليس في الإمكان
والناصر الملك المتوج ناصري / وعلاه قد خطت كتاب أماني
قد كنت أرهب صرف دهري قبله / فأعاد صرف الدهر من أعواني
أنا جاره ويد الخطوب قصيرة / عن ان تنال مجاور السلطان
ملك يمن على أسارى سيبه / فيعيدهم في الأسر بالإحسان
خضعت له صيد الملوك فمن برى / أقلامه غرر على التيجان
ملأ القلوب محبة ومهابة / فخلت من البغضاء والشنآن
لي منه إكرام علوت به على / زهر النجوم ونائل أغناني
قرن الكرامة بالنوال مواليا / فعجزت عن إحصاء ما أولاني
فناده أخلف ما مضى من ثروتي / وبقاؤه عن أسرتي أسلاني
فلأهدين إلى علاه مدائحا / تبقى على الأحقاب والأزمان
مدحاً أفوق بها زهيرا مثلما / فاق المليك الناصر ابن سنان
يا ناصر الإسلام حين تخاذلت / عنه الملوك ومظهر الإيمان
بك قد أعز الله حزب جنوده / وأذل حزب الكفر والطغيان
لما رأيت الناس قد أغواهم ال / شيطان بالإلحاد والعصيان
جردت سيفك في العدا لا رغبة / في الملك بل في طاعة الرحمن
فضربتهم ضرب الغرائب واضعا / بالسيف ما رفعوا من الصلبان
وغضبت لله الذي أعطاك فص / ل الحكم غضبة ثائر حران
فقتلت من صدق الوغى ووسمت من / نجى الفرار بذلة وهوان
وبذلت أموال الخزائن بعدما / هرمت وراء خواتم الخزان
في جمع كل مجاهد ومجالد / ومبارز ومنازل الأقرام
من كل من يرد الحروب بأبيض / عضب ويصدر وهو أحمر قان
ويخوض نيران الوغى وكأنه / ظمآن خاض موارد الغدران
قوم إذا شهدوا الوغى قال الورى / ماذا أتى بالاسد من خفان
لو أنهم صدعوا الجبال لزعزعوا / أركانها بالبيض والخرصان
فهم الذخيرة للوقائع بالعدا / ولفتح ما استعصى من البلدان
واسعد بشهر الصوم فهو مبشر / لعلاك بالتأييد والغفران
في دولة عمت بنائلها الورى / فدعا لها بالخلد كل لسان
غضبوا وقالوا باح دمعك بالهوى
غضبوا وقالوا باح دمعك بالهوى / والذنب للهجر الذي أبكاني
هب أنني أخفي بكاي فمال الذي / يخفي ضناي وصدهم أضناني
كيف السبيل إلى رضى متجرم / يأبى قبول العذر وهو الجاني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025