القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 30
مَرَّ النَّسيمُ بريّاكم فأحيانا
مَرَّ النَّسيمُ بريّاكم فأحيانا / فهل كذكركُمُ في القلب ذكرانا
من مُبلغُ الجاعلين اللهَو مركبَهُمْ / أنا ركبنا بحارَ الهمِّ طوفانا
إنا سرينا على الأمواجِ تحملنا / وباسْمِكم بعد إسم اللهِ مسرانا
ما للدجى هادئا تزري كواكبه / بنا وقد هاجَتِ الامواجُ شكوانا
لا تسألوا عن جمال البدر يَبْعَثُهُ / فذاك إلا عن الأحباب ألهانا
هذي النجومُ وما خلق سدى خلقت / أنسُ المحبين نرعاها وترعانا
يا حبذا هذبانُ العاشقين بكم / لا شيءَ أفصحُ عندي منه تبيانا
وحبذا تحت النخل مُصْبَحُنا / بدجلةٍ وعلى الأجرافِ مُمْسانا
وليت من دجلةٍ كأساً تصفقه / امواجُها بالرحيق الصفْوِ ملآنا
يا من ذكرناه والالبابُ طائشةٌ / ظلم على خطرات الأنس تنسانا
ما مَسَّ الاعلى طُهْرٍ غرامُكُم / قلبي لاني اعد الحب قرآنا
آنست في غربتي حبّاً يُبدِلُني / بلأهل أهلاً وبالجيران جيرانا
سِيّانِ فيما جنى صحبي ودهرُهُمُ / كلُّ أرانا من التعذيب ألوانا
لا تحسبوا العدَّ بالأرقام يُسعدكم / تحصى النجومُ وما تُحصى بلايانا
ألروحُ جارت علينا في محبتِكم / وطالما أشءقَتِ الأرواحُ أبدانا
والحب أرخص من أقدارنا بكم / لولا هوانا بنا ما كان أغلانا
نَعِمْتُمُ وشَقِينا في الهُيامِ بكم / شتانَ ما بينَ عُقباكُمْ وعقبانا
خذِ الكأس بتوقيرٍ
خذِ الكأس بتوقيرٍ / وقبّلْها بإذعانِ
فقد رُكِّبَ من قِحْفَةِ / جبّارٍ وسلطان
بقايا رأسِ جَمْشيدَ / وبهرامٍ وبهمان
تركوا البلادَ وأمْرَهنَّه
تركوا البلادَ وأمْرَهنَّه / لخيال مسعور بجِنَّهْ
لمغفّلٍ عمّا به / حُمْقاً فكيفَ لما بهنَّه
تركوا البلادَ وأمرَهُنّه / للدائراتِ تُديرُهنّه
وموكَّلٍ بالبائعين / وبالدُروب ورشِّهنَّه
ومرافق نُدلَ الفنادقِ / بين مَردوخ وحَنّه
باللهِ قلْ لي يا ابنَ منتوفِ / السِبال لأنت فتْنَه
"رفائيلُ " دارُك قد أشَرقَتْ
"رفائيلُ " دارُك قد أشَرقَتْ / بأسعدَ داغرَ والمازِني
ففَذٌّ يناضلُ عن أمةٍ / وفَذٌّ لآدابها حاضِن
وإني لمستأذنٌ أسعداً / بما قد يشِقُّ على الآذِن
اذا ما خَصَصْتُ فتى مازنٍ / بضربٍ من الكَلِمِ الفاتِن
فإنّ السياسةَ قد حَجَّبتْ / فتى مصرَ بالبرقُعِ الداكِن
وطبعُ السياسيِّ جمُّ الغُموض / فلا بالصريح ولا الداهن
أأسعدُ إنَّ حديثي إليكَ / حديثُ مقيمٍ إلى ظاعِن
حديثُ أخٍ لك مستأنسٍ / للطفِ مسامِره راكن
أخاف السياسةَ خوفَ اللديغ / من أرقمٍ نافخٍ شاحِن
وما زال جدعٌ بليغُ الوضوح / منها يَلوحُ على مارني
فقبلَك طاوعتُ من أهلِها / صديقاً إلى مَصرَعي قادني
أرانيَ مظهرَ ذي نخوةٍ / كفيلٍ بما أرتجي ضامن
وأسلَمَني عند جِدِّ الخطوبِ / كأني قلتُ له عادِني
فما كنتُ بالمصطفي وُدَّه / ولا كنتُ للنفس بالصائِن
وها أنا أرزحُ في كَلكَلً / مُنيخٍ على نَفسَي رائِن
فعُذراً فما أنا إذ أتّقي / رجالَ السياسة بالمائن
غموضُ السياسة يبدو عليك / في مظهر الهادئ الساكن
على حينَ قد وَضَح المازني / وضوحَ السماوات للكاهن
نظرتُ بعينيكَ إذ يشرُدان / ووجهِك ذي الدَعَة الآمِن
فأنكرت قولك : ما صاغَنى / قبيحاً سوى عبثِ الماجن
وطالعتُ آثارَك الناطقاتِ / بما فيك من جوهرٍ كامِن
وظاهِر لفظٍ رقيقِ الروُاءِ / لطيفٍ يَدُلّ على الباطن
لقد شبَّه العُربُ حسنَ البيانِ / والشعر في الزمنِ البائِن
يَرْدِ النَمير وصَفو الغديرِ / يمرَان بالعاطشِ الساخِن
وأحسِنْ بتشبيه قومٍ بُداة / تعيش على طرق آسن
فحاولت تشبيهها بالجديدِ / يُؤخَذُ من وضعنا الراهن
بكأسٍ تَرُدّ شرورَ الجمام / لذي سَفرٍ مُتعَبٍ واهن
وذائبِ زَهرٍ على سَلْسَلٍ / يصبُّ على رَهَلٍ بادِن
ماذا تُريدُ من الزمانِ
ماذا تُريدُ من الزمانِ / ومن الرغائب والأماني
أوَكلّما شارفتَ من / آمالك الغرِ الحسان
ورعتك الطافُ العناية / بالرفاهِ وبالأمان
أُغْرِمْتَ بالآهات إغرامَ / الحنيفةِ بالأذان؟
إن كنتَ تَحسُدُ من يحوطُ / البابَ منه حارسان
فلديكَ حراسٌ كأنَّك / منهُمُ في معمعان
ومؤكلون بما تُصرِّفُ / في الدقائقِ والثواني
أُسكنتَ داراً مالها / في الصيت والعظموت ثاني
ما إن يباحُ دخولُها / إلا لذي خَطَرٍ وشان
دارٌ يُشيرُ لها صديق / أو عدوٌ بالبنان
أهوى عليها ألفُ باكٍ / وادّعاها ألفُ باني
وُقّيتَ فيها رَغمَ أنفِك / من خبيئات الدِنان
وحُفظْتَ فيها من غرور المال / أو سِحْرِ الحسان
حجبوك عن لحظِ العيونِ / تأنقاً لك في الصيّان
مثل المعيديّ السَّماعُ / به أحب من العِيان
وعلامَ تَحْسُدُ من تلهّى / بالمثالث والمثاني
أوَليس خشخشةُ الحديد / ألَذَّ من عزفِ القِيان
يشدو بها من أجل / لهوك ألفُ مكروبٍ وعاني
أوزانُ شعرِك بعضُ / أوزانٍ حوتها باتزان
ماذا تريد من الزمان / أُعطيتَ ما لم يُعْطَ ثاني
أُعطيتَ من لطف الطبيعة / أن يُشِعَ النيران
صبحاً وإمساءً وأن / يوحي إليك الفرقدان
سبِّحْ بأنعُمِهِمْ فأنت / بفضل ما أولَوْك جاني
صكّ الحديدِ على يديكَ / جزاءُ ما جَنَتِ اليدان
يا عابثاً بسلامة الوطن / العزيز وبالأمان
ومفرقاً زُمَرَ اليهودِ / طوائفاً كلاًّ لشان
ما أنت و " الكاشير " و " الطاريف " / من بقرٍ وضان
إن الصحافةَ حرةٌ / لكن على شَرطِ الضمان
سبِّحْ بأنعُمِهمْ وإنْ / عانيت منهم ما تعاني
إن لم تُفدْكَ عقوبةٌ / فعسى تُفيدُ عقوبتان
أوْ لَمْ يُفِدْك مطهر / فلقد يُفيدُ مطهران
سالَ شِعري بالرَغم عَنيَّ حزناً
سالَ شِعري بالرَغم عَنيَّ حزناً / أبتغي فَرحةً فما تَتَسَنَّى
كلُّ صَحْبي يشكون شكوايَ لكنْ / ربّما يضحكونِ خُسْراً وغَبنْا
لو ل" جوتٍ " تبد وتعاسةُ هذا الشعبِ / يوماً لكانَ أجملَ فنّا
لتناسَى " الآمَ فَرترّ " طرّاً / رُبَّ حزنٍ يُنسِي أخا البؤسِ حزنا
من شبابِ العراق تعلو الكآباتُ / وُجوهاً تفيضُ طُهراً وُحسْنا
لو تَراها عجبتَ ان لا يَهُزَّ الشرخُ / قلباً او يُضحِكَ الزهوُ سِنا
أعلى هذه النُّفوسِ – من اليأس / استماتت – مستقبلُ الشعب يُبنى
يَتَغَذَّى دمَ القُلوب شبابٌ / لا يُريدُ الحياةَ ذُلاًّ ووَهْنا
خُدْعةٌ هذه المظاهرُ ما في القوم / فردٌ يعيشُ عَيشاً مُهَنْا
الثياب الفَرْهاء رفَّتْ عليهم / كضمادٍ غطَّ جِراحاً وطَعْنا
والاحاديثُ كلُّها تشتكي " البؤسَ " / وفصلُ الخطاب أنّا " يَئِسْنا "
إيهِ أُمّاهُ ما أرابَ شقيقَ النفسِ / منّا حتى تَبعَّدَ عنّا
منذ يومينِ ليسَ يَعرِف عمّا / نحنُ فيه شيئاً ولا كيفَ بِتْنا
جائيا ذاهبا يقسِّم في الأوجه / لحظَيهِ من هُناكَ وهَنْا
إيه أُمّاهُ إن نفسي أحسَّت / ما يُُقذِّي عينا ويُوقِرُ أُذْنا
فانبرت دمعةٌ تُترجم عما / في ضمير الأُمِّ الحنونِ استَكَنّا
اِسمَعي يا عزيزّتي أنَا أوفى / منكِ خُبْراً إذْ كنتُ أكبر سِنا
ولدي مُذْ عَرَفتُه يملأ البيتَ / بتفكيرِهِ ارتهاباً وحُزناً
ولدي طامحٌ تُعنَيه آمالٌ كِثارٌ / إن الطَّموحَ مُعَنَّى
يَتَمنَّى كلَّ السُرور ولا يسطيعُ / نيلاً لبعض ما يَتَمنّى
لو بكفِّي مَنْعتُ جُلَّ القوانينِ / على الحقِ نِقْمةً أن تُسَنَّا
لا نظامٌ حرُّ فيرْعى الكفاءاتِ / ولا مَن يُقيمُ للحر وزْنا
عُكِسَتْ آيةُ الفضائلِ فالأعلى / مَقاماً من كانَ في النفس أدْنى
ساكنُ القصر لو إلى ذِمة ِ الحقِ / احتكمنا لكانَ يسكُنُ سِجنا
ولكانَ الحريَّ أن تتحاشاهُ البرايا / لا أن يُبَرَّ ويُدْنى
إنَّ ما يجتنيه من مُنكَرات العيشِ / من شَقْوةٍ البريئينَ يُجْنَى
وقناني الخمرِ التي عَصَرُها / من دُموعي ومن دُموعِكِ تُقْنَى
ولدي اختَشي عليه من الموتِ / انتحاراً وختشِي انْ يُجَنّا
أسمعتيه بالأمس ِ اذ يَتحدَّى الناسَ / إني عَرَفتُ مَرْمَاهُ ضِمنا
هوَ يشكوُ من النَّذالةِ خَصْماً / وهو يشكو من الخيانةِ خِدنْا
ولدي لم يكنْ ليحملَ – لولا / ان يُلِحُّوا به – على الناسِ ضِغْنا
ما لزَوجي إذا ذَكَرتُ له الأنسَ / وما أرتجي من العيشِ أنا
انَّّةٌ سرُّها عميقٌ وفيها / ألف معنَّى من القُنوط ومعنى
كاسراً جفنَه يخالِسُني اللحظَ / لأمرٍ في النفسِ يكسِرُ جَفْنا
اتُرى من اشفاقةٍ هذه النظرةُ / أم ساءَ بي وحاشايَ ظنّا
خَلَتِ الغُرفةُ الصغيرةُ من توقيعِ / زوجي فلستُ اسْمعُ لَحنا
أنا واللهِ كنتُ أستشعرُ / معنَى الحياةِ إذْ يَتَغَنى
في سوادِ الدُجى وعاصفةِ الأقدارِ / هبَّت تَجتَثُّ بالعُنفِ غُصنا
من على دجلةٍ تِكَشَّفُ للضيف / عزيزاً على الطبيعة – حِضنا
شَبَحٌ لاح من بعيدٍ يَحُثُّ / الخطوَ طوراً وتارة يتأنَّى
يا لَه موقفاً يمثِّلُ مذهولاً / يُعانِي حالَين خَوفاً وأمْنا
زوجتي سوفَ تستفيقُ من النومَ / صَباحاً فما تَرانيَ وَهْنا
سوف تجتاحُها الظُنونُ ولهفي / اذ تُنبَّي عن صدق ما تَتَظَنّى
زوجتي ما اقترفتُ إثماً ولكنْ / كيفما شاءتِ النواميسُ كُنّا
زوجتي أوسِعي النزاهةَ ما اسطعتِ / سِباباً وأوسعى الحقَ لَعْنا
أُقتلي بنْتَكِ الصغيرةَ لُبنى / لا تكابدْ ما كابدت أمُّ لبنى
وعجوزٌ هنا لِكُمْ حسبُها من رحمةِ / الدهرِ أنْ ستفقِد إبْنا
لو تخيرتُ لي الهاً لما ألَّهْتُ / إلاّ من هيكل الأم بطنا
و"ربابٌ " شقيقتي بعد موتي / أبداً بالحياة لا تَتَهنّا
وسأقِضي فيوسع الناسُ تاريخي / بعد المماتِ سّباً وطَعنا
يا لها من نذالةٍ في أحاديثَ / تُسمِّي شجاعةَ الموتِ جُنبا
اشهَدي دجلةٌ بأني – كما كنتُ - / قوياً جسماً وعزماً وذِهنا
شاعرٌ بالوجود أُغمِضُ عما / فيه من هذه المناظِرِ جَفنا
كلُّ هذا وسوف أنتحرُ اليوم / لأنيّ أرى المعيشةَ غَبنا!
احملي " دجلةٌ " سلامي الى الأهل / وقولي : قد استراحَ المعنّى
حَمَلوا – بعد أربعٍ – جُثةً لم / تتميز منها النواظرُ رُكنا
وانحنَتْ فوقها الأمومةُ خرساءَ / تُزجّى يُسرى وتَرفع يُمنَى
لم تُطِق أنةٍ فماتت – وقد يدفع - / موتاً عن ثاكلٍ أن تئنّا
واستخفَّ الشقيقةَ " الصْرعُ " فهي اليومَ / نِضوٌ يعالج الموتَ مُضنَى
وحديثُ الأخرى اتركوهُ فقد / يُغنيكُمُ عن صراحةٍ أن يُكَنّى
ألا لا تسألاني ما دهَاني
ألا لا تسألاني ما دهَاني / فعن أيِّ الحوادثِ تسألانِ
بكَيت وما على نفسي ولكنْ / على وَطَنٍ مُضام مُستَهان
على وَطن عجيفٍ ليس يقوَى / على نُوَبٍ مُسلْسلةٍ سمان
تظُنُّ زعانفٌ . والظنُ إثم / باني لا أُرامي من رَماني
أأتركُهم وقد أغرَوا بأخذي / وأنساهُم وقد غَصَبوا مَكاني
اما واللهِ لولا خوفُ واشٍ / يحرَّفُ عن مقاصِده بَياني
إذنْ لملأتُ محفِلَكم شُجوناً / دماً يبكي عليها الرافدان
ولكني أطمَّنُ من هِياجي / وأمنع أن يغالبَني جَناني
لِحاظاً للعواقب وانتظاراً / ليومٍ ضامنٍ نيلَ الأماني
أمثلي تَمنَعون عن القوافي / ومثلي تحبِسون عن البيان ؟
سيمنعُ من طلاقته لساني / متى مُنِعَ الظهورَ الفرقدان
دعوه انه بالرغم منكم / جوادٌ سابقٌ ملءَ العِنان
عريقٌ ليسَ بالمجهول أصلاً / ولا يَنمي لآباء هِجان
أنا الصَبُّ الذي مَلَك القوافي / ولم يبلُغْ سوى عشرٍ زماني
حياتي للعراق فِدىً ووقفٌ / على وطني ومُصلِحُه كياني
ولو سُئِل الجمادُ لمن قريضٌ / تَهَشُّ له إذا يُروَى عَناني
" ولو اني بُلِيتُ بهاشميٍّ / خُؤولته بنو عبدِالمَدان
لهان عليّ ما ألقى ولكنْ / هلُّموا وانظروا بمن ابتلاني "
سهولُ العراق وكثبانُهُ
سهولُ العراق وكثبانُهُ / وروحُ العراقِ وريحانُهُ
ودجلةُ خمراً وشُهداً تسيلُ / وزهوُ الفُراتِ وطُغيانه
وصَفصافهُ وظِلالُ النخيل / على ضَفَّتَيه ورُمانه
تحييكَ جذلانةً طلقةً / وخيرُ الهوى الصِدقِ جذلانه
يحييك جَوٌّ وطيّارةٌ / وبحرٌ ركبت وربانه
تكاد ل" لندن ِ " شوقاً تطيرُ / لترجعَ بالضيف " بَغدانه "
ولو تستطيعُ نُهُوضاً سَعَت / قُراه اللِطافُ وبُلدانه
يحييك " فخر شباب العراق " / شِيبُ العراق وشُبّانه
قدومُك " غازي " يَزين الأوانَ / وكم قادمٍ زانَه آنه
على حينَ عَجَّت لنأي المليكِ / حُداة البيانِ ورُكبْانه
سلمت فهذا أوانُ القَريض / ويومُ الشُعور ومَيدانه
وما أنا مَن سِيمَ في شعرِه / ولا أنا مَن ضيمَ وجدانه
ولكنه نَفَسٌ طاهرٌ / قديمُ القصائد بُرهانه
"حسين " و" قبرصُه " يعرفانِ / و " عبد الاله " و "عَمّانه "
مَن الشاعرُ المستثيرُ الشجونَ / اذا هزَّت الصدرَ أشجانه
اذا ما " دواويننا " نُشِّرت / فكلٌّ وما ضَمَّ " ديوانه "
فديتُك خَلِّ الأسى راقداً / فقد يَقتُلُ المرءَ يَقظانه
ولا تَستَثرْ شاعراً إنه / مَخوفٌ إذا جاشَ بُركانه
فلو كلُّ ما الحرُّ يدري يقول / لضاقَتْ على الحرِّ أوطانه
لقد فَقَدَ العُرْبُ حريةٍ / كما الروحُ خلاّه جُثمانه
زمانُ الوفود مضَى وانقضَى / وما قال كِسرى ونُعمانه
وإذ سيِّدُ العَرَبِ الأولينَ / يتمِّمُ بالسيف نُقصانه
وهذا زمانٌ يُلينُ اللسانَ / على وَغَر القلبِ إنسانه
اريدُ سرورَك والقلبُ فيه / ما لا يَسُّرك إعلانه
مليكٌ وتكفيهِ أتعابهُ / وشَعبٌ وتكفيه أحزانه
فحدِّثْ فقد أذنِنت بالسَماع / لحلو حديثِك آذانه
عن العلم في الغرب ِ ما بالهُ / وعن رجلِ الغرب ما شأنه
وهل في الشدائد أحقادهُ / تُعينُ عليه وأضعانه
وهل للدسيسةِ بين الصفوف / تَلاقَت .. تُسخِّرُ أديانه
تباهي بمثلِك أكفاؤهُ / ولاةُ العهودِ و" أقرانه"
وحسبُك مُنطلقاً منشأً / نشأتَ وضمَّتْكَ أحضانه
رعايهُ جدّك نثور النَّبي / وبيتُ الالهِ وأركانه
ولا خيرَ في المُلك ما لم يُشَدْ / على أُسُسِ العلمِ بُنيانه
أنابغةَ الدين الذي دون عِرضه
أنابغةَ الدين الذي دون عِرضه / تدافع يُسراه وتحمي يمينُهُ
مقالُك هز المشرقَيْنِ وقد بكى / لما هاجه ركنُ الصفا وحُجونه
شحذتَ له الذهن الذكي توقداً / كما شحذت عضبَ الغِرار قُيونه
فجاء كما راقت شَمولٌ أجادها / بنا جَوْدُها دهرأسفَّتْ سنسنه
وما كنت شيعياً ولكن مذهباً / دعاك لكف الظن عنه يقينه
صدقتَ فإما ذنبُه فسكوتُهُ / لدنيا وأما عاره فسكونه
كثيرٌ محبوه الكرام وإنما / لما قد عراه أخرستهم شجونه
هو الدين اما حاكمته خصومه / فقرآنُهُ يقضي عليهم مبينه
وما هو الا واحد في جميعه / وإن رجم الغاوي وساءت ظنونه
أخلايَ ما أحلى التآلفَ في الهوى / إذا كثُرت عُذّالُهُ وعُيونه
هلُموا فهذا الروض زاهٍ أريضُهُ / لنرتاده والماءُ صاف معينه
نسير معاً لا العرق مني بنابِض / سواكم ولا عهد الإخاء أخونه
فلو ريْمَ كشفُ الستر عن قبر أحمدٍ / إذن لشجانا نَوْحُه وحنينه
تجمعنا من أمره لو نطيعه / ووحدتناً من عهده لو نصونه
أعد نُصرةَ الاسلام تقض دُيونه / سيَجزيك عنه الله فالدين دينه
أثرها على اسم الله نفثةَ واجد / تهيج الذي يطوى عليه حزينه
الستَ الذي إن قال أصغت لشعره / رياض الحمى واستنشدته غُصونه
يبين له السرُّ الخفي اذا خفى / على غيره ما لا يكاد يبينه
وتُرقص أوتار القلوب لحونُه / يُخال بها مسُ الصبَّ او جنونه
فلا تبتئسْ ان طاولتك قصائر / وناطحتك الكبشُ الخفاء قرونه
فذلك دأب الدهر جرَّع من مضى / بمثل الذي جُرِّعَته مَنْجَنُوْنُه
مضى عالم الآداب عنا فهذه / حقائقه تفنى ويحيا مُجونه
وللعلم مثل َ الشعب عمرٌ مقدر / وكلا أراه حان للموت حينه
أفي العدل يعلو من ذُباب طنينه / ويَصغِر بالليث الهزبر عرينه
ويسكت عن حق ويعزى بباطل / وتغضي على هضم الأبي جُفونه
ويُظلم من كانت تَهَشُ لصوته / سهول الفلا شوقاً وتبكي حُزونه
يُردّد في صدح الهزار صُداحُهُ / وتستقطر الصخر الاصم لُحونه
وما كان بالمستضعف العزم من سطا / بعز المعالي والمعالي تُعينه
وراءك أقلام يهوِّن وقعُها / شبا السيف إن ساوى القرينَ قرينه
تُمَدُّ بها أيدٍ طِوال يُطيعها البيانُ / جنيباً إن تعاصت فُنونه
ويَرْفِدها الفكر الغزير كأنه / مصبُّ غدير طافحات ٌ مُتونه
سَلوا الجماهيرَ التي تَبصرونْ
سَلوا الجماهيرَ التي تَبصرونْ / ماذا أتاحتْ لكُمُ الاربعونْ
تخبركُم حرقةُ انفاسِهم / كيف – تقضَّت – وانتفاخُ العيون
سَلوهُمُ ما بالُكُمْ كلَّما / عنَتْ لكم خاطرةٌ تنحَبون
أكلُ شيٍْ موجبٌ للبكا / أكلُّ شيء باعثٌ للشجون
ريعتْ قلوبٌ واستضيمتْ جفون / واحتقروا أعزَّ ما يملكون
راضونَ ممتَّنون عن حالةٍ / لا يرتضيها مَن به يحتفون
يبكون للشعرِ ولا يعرفون / وللخطاباتِ ولا يسمعون
ما رقة الأشعارِ أبكتهُمُ / لكنهم بالقلب يستعبِرون
مكدودةٌ أنفسهُمْ حسرةً / وبالبكاء المرِّ يستروَحون
وهكذا الدمع بريئاً يُرى / وهكذا الحزنُ بليغاً يكون
أبكى وأشجى لوحةً أحكمت / تصويرَها كفُّ الزمانِ الخؤون
مَغنىً على دجلة مستشرفٌ / دامعة ترتدُّ عنه العيون
احتلَّت الوحشةُ أطرافَه / ورفرفَ الحزنُ به والسكون
أخلاه فرطُ العزَّ من ربِّه / والعزُّ باب مُشرَعٌ للمنون
أقولُ للقوم الغَيارى وقد / أعوزَهُم كيفَ به يحتفون
أحسن من كلِّ اقتراحاتِكم / مما تشيدون وما تنحِتون
قارورة يُحفَظ فيها دم / يعرفه الخائنُ والمخلصون
يلقَى بها تشجيعةً مخلصٌ / وعبرة مخجلة مَن يخون
مِيتةُ هذا الشهم قد بيَّنتْ / للقوم أنا غيرُ ما يدَّعون
وأننا ناسٌ أباةٌ متى / نُرهق فمضطرُّون لا مُرتَضون
وأننا بالرُغم من صبرِنا / إن حانت الفرصةُ مستغنِمون
انتبهوا لا الحزنُ يُجديكُمُ / شيئاً ولا استنزافُ هذي الشؤون
هاتوا بما نبني دليلاً على / أنا على آثاره مقتفون

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025