المجموع : 30
مَرَّ النَّسيمُ بريّاكم فأحيانا
مَرَّ النَّسيمُ بريّاكم فأحيانا / فهل كذكركُمُ في القلب ذكرانا
من مُبلغُ الجاعلين اللهَو مركبَهُمْ / أنا ركبنا بحارَ الهمِّ طوفانا
إنا سرينا على الأمواجِ تحملنا / وباسْمِكم بعد إسم اللهِ مسرانا
ما للدجى هادئا تزري كواكبه / بنا وقد هاجَتِ الامواجُ شكوانا
لا تسألوا عن جمال البدر يَبْعَثُهُ / فذاك إلا عن الأحباب ألهانا
هذي النجومُ وما خلق سدى خلقت / أنسُ المحبين نرعاها وترعانا
يا حبذا هذبانُ العاشقين بكم / لا شيءَ أفصحُ عندي منه تبيانا
وحبذا تحت النخل مُصْبَحُنا / بدجلةٍ وعلى الأجرافِ مُمْسانا
وليت من دجلةٍ كأساً تصفقه / امواجُها بالرحيق الصفْوِ ملآنا
يا من ذكرناه والالبابُ طائشةٌ / ظلم على خطرات الأنس تنسانا
ما مَسَّ الاعلى طُهْرٍ غرامُكُم / قلبي لاني اعد الحب قرآنا
آنست في غربتي حبّاً يُبدِلُني / بلأهل أهلاً وبالجيران جيرانا
سِيّانِ فيما جنى صحبي ودهرُهُمُ / كلُّ أرانا من التعذيب ألوانا
لا تحسبوا العدَّ بالأرقام يُسعدكم / تحصى النجومُ وما تُحصى بلايانا
ألروحُ جارت علينا في محبتِكم / وطالما أشءقَتِ الأرواحُ أبدانا
والحب أرخص من أقدارنا بكم / لولا هوانا بنا ما كان أغلانا
نَعِمْتُمُ وشَقِينا في الهُيامِ بكم / شتانَ ما بينَ عُقباكُمْ وعقبانا
خذِ الكأس بتوقيرٍ
خذِ الكأس بتوقيرٍ / وقبّلْها بإذعانِ
فقد رُكِّبَ من قِحْفَةِ / جبّارٍ وسلطان
بقايا رأسِ جَمْشيدَ / وبهرامٍ وبهمان
تركوا البلادَ وأمْرَهنَّه
تركوا البلادَ وأمْرَهنَّه / لخيال مسعور بجِنَّهْ
لمغفّلٍ عمّا به / حُمْقاً فكيفَ لما بهنَّه
تركوا البلادَ وأمرَهُنّه / للدائراتِ تُديرُهنّه
وموكَّلٍ بالبائعين / وبالدُروب ورشِّهنَّه
ومرافق نُدلَ الفنادقِ / بين مَردوخ وحَنّه
باللهِ قلْ لي يا ابنَ منتوفِ / السِبال لأنت فتْنَه
"رفائيلُ " دارُك قد أشَرقَتْ
"رفائيلُ " دارُك قد أشَرقَتْ / بأسعدَ داغرَ والمازِني
ففَذٌّ يناضلُ عن أمةٍ / وفَذٌّ لآدابها حاضِن
وإني لمستأذنٌ أسعداً / بما قد يشِقُّ على الآذِن
اذا ما خَصَصْتُ فتى مازنٍ / بضربٍ من الكَلِمِ الفاتِن
فإنّ السياسةَ قد حَجَّبتْ / فتى مصرَ بالبرقُعِ الداكِن
وطبعُ السياسيِّ جمُّ الغُموض / فلا بالصريح ولا الداهن
أأسعدُ إنَّ حديثي إليكَ / حديثُ مقيمٍ إلى ظاعِن
حديثُ أخٍ لك مستأنسٍ / للطفِ مسامِره راكن
أخاف السياسةَ خوفَ اللديغ / من أرقمٍ نافخٍ شاحِن
وما زال جدعٌ بليغُ الوضوح / منها يَلوحُ على مارني
فقبلَك طاوعتُ من أهلِها / صديقاً إلى مَصرَعي قادني
أرانيَ مظهرَ ذي نخوةٍ / كفيلٍ بما أرتجي ضامن
وأسلَمَني عند جِدِّ الخطوبِ / كأني قلتُ له عادِني
فما كنتُ بالمصطفي وُدَّه / ولا كنتُ للنفس بالصائِن
وها أنا أرزحُ في كَلكَلً / مُنيخٍ على نَفسَي رائِن
فعُذراً فما أنا إذ أتّقي / رجالَ السياسة بالمائن
غموضُ السياسة يبدو عليك / في مظهر الهادئ الساكن
على حينَ قد وَضَح المازني / وضوحَ السماوات للكاهن
نظرتُ بعينيكَ إذ يشرُدان / ووجهِك ذي الدَعَة الآمِن
فأنكرت قولك : ما صاغَنى / قبيحاً سوى عبثِ الماجن
وطالعتُ آثارَك الناطقاتِ / بما فيك من جوهرٍ كامِن
وظاهِر لفظٍ رقيقِ الروُاءِ / لطيفٍ يَدُلّ على الباطن
لقد شبَّه العُربُ حسنَ البيانِ / والشعر في الزمنِ البائِن
يَرْدِ النَمير وصَفو الغديرِ / يمرَان بالعاطشِ الساخِن
وأحسِنْ بتشبيه قومٍ بُداة / تعيش على طرق آسن
فحاولت تشبيهها بالجديدِ / يُؤخَذُ من وضعنا الراهن
بكأسٍ تَرُدّ شرورَ الجمام / لذي سَفرٍ مُتعَبٍ واهن
وذائبِ زَهرٍ على سَلْسَلٍ / يصبُّ على رَهَلٍ بادِن
ماذا تُريدُ من الزمانِ
ماذا تُريدُ من الزمانِ / ومن الرغائب والأماني
أوَكلّما شارفتَ من / آمالك الغرِ الحسان
ورعتك الطافُ العناية / بالرفاهِ وبالأمان
أُغْرِمْتَ بالآهات إغرامَ / الحنيفةِ بالأذان؟
إن كنتَ تَحسُدُ من يحوطُ / البابَ منه حارسان
فلديكَ حراسٌ كأنَّك / منهُمُ في معمعان
ومؤكلون بما تُصرِّفُ / في الدقائقِ والثواني
أُسكنتَ داراً مالها / في الصيت والعظموت ثاني
ما إن يباحُ دخولُها / إلا لذي خَطَرٍ وشان
دارٌ يُشيرُ لها صديق / أو عدوٌ بالبنان
أهوى عليها ألفُ باكٍ / وادّعاها ألفُ باني
وُقّيتَ فيها رَغمَ أنفِك / من خبيئات الدِنان
وحُفظْتَ فيها من غرور المال / أو سِحْرِ الحسان
حجبوك عن لحظِ العيونِ / تأنقاً لك في الصيّان
مثل المعيديّ السَّماعُ / به أحب من العِيان
وعلامَ تَحْسُدُ من تلهّى / بالمثالث والمثاني
أوَليس خشخشةُ الحديد / ألَذَّ من عزفِ القِيان
يشدو بها من أجل / لهوك ألفُ مكروبٍ وعاني
أوزانُ شعرِك بعضُ / أوزانٍ حوتها باتزان
ماذا تريد من الزمان / أُعطيتَ ما لم يُعْطَ ثاني
أُعطيتَ من لطف الطبيعة / أن يُشِعَ النيران
صبحاً وإمساءً وأن / يوحي إليك الفرقدان
سبِّحْ بأنعُمِهِمْ فأنت / بفضل ما أولَوْك جاني
صكّ الحديدِ على يديكَ / جزاءُ ما جَنَتِ اليدان
يا عابثاً بسلامة الوطن / العزيز وبالأمان
ومفرقاً زُمَرَ اليهودِ / طوائفاً كلاًّ لشان
ما أنت و " الكاشير " و " الطاريف " / من بقرٍ وضان
إن الصحافةَ حرةٌ / لكن على شَرطِ الضمان
سبِّحْ بأنعُمِهمْ وإنْ / عانيت منهم ما تعاني
إن لم تُفدْكَ عقوبةٌ / فعسى تُفيدُ عقوبتان
أوْ لَمْ يُفِدْك مطهر / فلقد يُفيدُ مطهران
سالَ شِعري بالرَغم عَنيَّ حزناً
سالَ شِعري بالرَغم عَنيَّ حزناً / أبتغي فَرحةً فما تَتَسَنَّى
كلُّ صَحْبي يشكون شكوايَ لكنْ / ربّما يضحكونِ خُسْراً وغَبنْا
لو ل" جوتٍ " تبد وتعاسةُ هذا الشعبِ / يوماً لكانَ أجملَ فنّا
لتناسَى " الآمَ فَرترّ " طرّاً / رُبَّ حزنٍ يُنسِي أخا البؤسِ حزنا
من شبابِ العراق تعلو الكآباتُ / وُجوهاً تفيضُ طُهراً وُحسْنا
لو تَراها عجبتَ ان لا يَهُزَّ الشرخُ / قلباً او يُضحِكَ الزهوُ سِنا
أعلى هذه النُّفوسِ – من اليأس / استماتت – مستقبلُ الشعب يُبنى
يَتَغَذَّى دمَ القُلوب شبابٌ / لا يُريدُ الحياةَ ذُلاًّ ووَهْنا
خُدْعةٌ هذه المظاهرُ ما في القوم / فردٌ يعيشُ عَيشاً مُهَنْا
الثياب الفَرْهاء رفَّتْ عليهم / كضمادٍ غطَّ جِراحاً وطَعْنا
والاحاديثُ كلُّها تشتكي " البؤسَ " / وفصلُ الخطاب أنّا " يَئِسْنا "
إيهِ أُمّاهُ ما أرابَ شقيقَ النفسِ / منّا حتى تَبعَّدَ عنّا
منذ يومينِ ليسَ يَعرِف عمّا / نحنُ فيه شيئاً ولا كيفَ بِتْنا
جائيا ذاهبا يقسِّم في الأوجه / لحظَيهِ من هُناكَ وهَنْا
إيه أُمّاهُ إن نفسي أحسَّت / ما يُُقذِّي عينا ويُوقِرُ أُذْنا
فانبرت دمعةٌ تُترجم عما / في ضمير الأُمِّ الحنونِ استَكَنّا
اِسمَعي يا عزيزّتي أنَا أوفى / منكِ خُبْراً إذْ كنتُ أكبر سِنا
ولدي مُذْ عَرَفتُه يملأ البيتَ / بتفكيرِهِ ارتهاباً وحُزناً
ولدي طامحٌ تُعنَيه آمالٌ كِثارٌ / إن الطَّموحَ مُعَنَّى
يَتَمنَّى كلَّ السُرور ولا يسطيعُ / نيلاً لبعض ما يَتَمنّى
لو بكفِّي مَنْعتُ جُلَّ القوانينِ / على الحقِ نِقْمةً أن تُسَنَّا
لا نظامٌ حرُّ فيرْعى الكفاءاتِ / ولا مَن يُقيمُ للحر وزْنا
عُكِسَتْ آيةُ الفضائلِ فالأعلى / مَقاماً من كانَ في النفس أدْنى
ساكنُ القصر لو إلى ذِمة ِ الحقِ / احتكمنا لكانَ يسكُنُ سِجنا
ولكانَ الحريَّ أن تتحاشاهُ البرايا / لا أن يُبَرَّ ويُدْنى
إنَّ ما يجتنيه من مُنكَرات العيشِ / من شَقْوةٍ البريئينَ يُجْنَى
وقناني الخمرِ التي عَصَرُها / من دُموعي ومن دُموعِكِ تُقْنَى
ولدي اختَشي عليه من الموتِ / انتحاراً وختشِي انْ يُجَنّا
أسمعتيه بالأمس ِ اذ يَتحدَّى الناسَ / إني عَرَفتُ مَرْمَاهُ ضِمنا
هوَ يشكوُ من النَّذالةِ خَصْماً / وهو يشكو من الخيانةِ خِدنْا
ولدي لم يكنْ ليحملَ – لولا / ان يُلِحُّوا به – على الناسِ ضِغْنا
ما لزَوجي إذا ذَكَرتُ له الأنسَ / وما أرتجي من العيشِ أنا
انَّّةٌ سرُّها عميقٌ وفيها / ألف معنَّى من القُنوط ومعنى
كاسراً جفنَه يخالِسُني اللحظَ / لأمرٍ في النفسِ يكسِرُ جَفْنا
اتُرى من اشفاقةٍ هذه النظرةُ / أم ساءَ بي وحاشايَ ظنّا
خَلَتِ الغُرفةُ الصغيرةُ من توقيعِ / زوجي فلستُ اسْمعُ لَحنا
أنا واللهِ كنتُ أستشعرُ / معنَى الحياةِ إذْ يَتَغَنى
في سوادِ الدُجى وعاصفةِ الأقدارِ / هبَّت تَجتَثُّ بالعُنفِ غُصنا
من على دجلةٍ تِكَشَّفُ للضيف / عزيزاً على الطبيعة – حِضنا
شَبَحٌ لاح من بعيدٍ يَحُثُّ / الخطوَ طوراً وتارة يتأنَّى
يا لَه موقفاً يمثِّلُ مذهولاً / يُعانِي حالَين خَوفاً وأمْنا
زوجتي سوفَ تستفيقُ من النومَ / صَباحاً فما تَرانيَ وَهْنا
سوف تجتاحُها الظُنونُ ولهفي / اذ تُنبَّي عن صدق ما تَتَظَنّى
زوجتي ما اقترفتُ إثماً ولكنْ / كيفما شاءتِ النواميسُ كُنّا
زوجتي أوسِعي النزاهةَ ما اسطعتِ / سِباباً وأوسعى الحقَ لَعْنا
أُقتلي بنْتَكِ الصغيرةَ لُبنى / لا تكابدْ ما كابدت أمُّ لبنى
وعجوزٌ هنا لِكُمْ حسبُها من رحمةِ / الدهرِ أنْ ستفقِد إبْنا
لو تخيرتُ لي الهاً لما ألَّهْتُ / إلاّ من هيكل الأم بطنا
و"ربابٌ " شقيقتي بعد موتي / أبداً بالحياة لا تَتَهنّا
وسأقِضي فيوسع الناسُ تاريخي / بعد المماتِ سّباً وطَعنا
يا لها من نذالةٍ في أحاديثَ / تُسمِّي شجاعةَ الموتِ جُنبا
اشهَدي دجلةٌ بأني – كما كنتُ - / قوياً جسماً وعزماً وذِهنا
شاعرٌ بالوجود أُغمِضُ عما / فيه من هذه المناظِرِ جَفنا
كلُّ هذا وسوف أنتحرُ اليوم / لأنيّ أرى المعيشةَ غَبنا!
احملي " دجلةٌ " سلامي الى الأهل / وقولي : قد استراحَ المعنّى
حَمَلوا – بعد أربعٍ – جُثةً لم / تتميز منها النواظرُ رُكنا
وانحنَتْ فوقها الأمومةُ خرساءَ / تُزجّى يُسرى وتَرفع يُمنَى
لم تُطِق أنةٍ فماتت – وقد يدفع - / موتاً عن ثاكلٍ أن تئنّا
واستخفَّ الشقيقةَ " الصْرعُ " فهي اليومَ / نِضوٌ يعالج الموتَ مُضنَى
وحديثُ الأخرى اتركوهُ فقد / يُغنيكُمُ عن صراحةٍ أن يُكَنّى
ألا لا تسألاني ما دهَاني
ألا لا تسألاني ما دهَاني / فعن أيِّ الحوادثِ تسألانِ
بكَيت وما على نفسي ولكنْ / على وَطَنٍ مُضام مُستَهان
على وَطن عجيفٍ ليس يقوَى / على نُوَبٍ مُسلْسلةٍ سمان
تظُنُّ زعانفٌ . والظنُ إثم / باني لا أُرامي من رَماني
أأتركُهم وقد أغرَوا بأخذي / وأنساهُم وقد غَصَبوا مَكاني
اما واللهِ لولا خوفُ واشٍ / يحرَّفُ عن مقاصِده بَياني
إذنْ لملأتُ محفِلَكم شُجوناً / دماً يبكي عليها الرافدان
ولكني أطمَّنُ من هِياجي / وأمنع أن يغالبَني جَناني
لِحاظاً للعواقب وانتظاراً / ليومٍ ضامنٍ نيلَ الأماني
أمثلي تَمنَعون عن القوافي / ومثلي تحبِسون عن البيان ؟
سيمنعُ من طلاقته لساني / متى مُنِعَ الظهورَ الفرقدان
دعوه انه بالرغم منكم / جوادٌ سابقٌ ملءَ العِنان
عريقٌ ليسَ بالمجهول أصلاً / ولا يَنمي لآباء هِجان
أنا الصَبُّ الذي مَلَك القوافي / ولم يبلُغْ سوى عشرٍ زماني
حياتي للعراق فِدىً ووقفٌ / على وطني ومُصلِحُه كياني
ولو سُئِل الجمادُ لمن قريضٌ / تَهَشُّ له إذا يُروَى عَناني
" ولو اني بُلِيتُ بهاشميٍّ / خُؤولته بنو عبدِالمَدان
لهان عليّ ما ألقى ولكنْ / هلُّموا وانظروا بمن ابتلاني "
سهولُ العراق وكثبانُهُ
سهولُ العراق وكثبانُهُ / وروحُ العراقِ وريحانُهُ
ودجلةُ خمراً وشُهداً تسيلُ / وزهوُ الفُراتِ وطُغيانه
وصَفصافهُ وظِلالُ النخيل / على ضَفَّتَيه ورُمانه
تحييكَ جذلانةً طلقةً / وخيرُ الهوى الصِدقِ جذلانه
يحييك جَوٌّ وطيّارةٌ / وبحرٌ ركبت وربانه
تكاد ل" لندن ِ " شوقاً تطيرُ / لترجعَ بالضيف " بَغدانه "
ولو تستطيعُ نُهُوضاً سَعَت / قُراه اللِطافُ وبُلدانه
يحييك " فخر شباب العراق " / شِيبُ العراق وشُبّانه
قدومُك " غازي " يَزين الأوانَ / وكم قادمٍ زانَه آنه
على حينَ عَجَّت لنأي المليكِ / حُداة البيانِ ورُكبْانه
سلمت فهذا أوانُ القَريض / ويومُ الشُعور ومَيدانه
وما أنا مَن سِيمَ في شعرِه / ولا أنا مَن ضيمَ وجدانه
ولكنه نَفَسٌ طاهرٌ / قديمُ القصائد بُرهانه
"حسين " و" قبرصُه " يعرفانِ / و " عبد الاله " و "عَمّانه "
مَن الشاعرُ المستثيرُ الشجونَ / اذا هزَّت الصدرَ أشجانه
اذا ما " دواويننا " نُشِّرت / فكلٌّ وما ضَمَّ " ديوانه "
فديتُك خَلِّ الأسى راقداً / فقد يَقتُلُ المرءَ يَقظانه
ولا تَستَثرْ شاعراً إنه / مَخوفٌ إذا جاشَ بُركانه
فلو كلُّ ما الحرُّ يدري يقول / لضاقَتْ على الحرِّ أوطانه
لقد فَقَدَ العُرْبُ حريةٍ / كما الروحُ خلاّه جُثمانه
زمانُ الوفود مضَى وانقضَى / وما قال كِسرى ونُعمانه
وإذ سيِّدُ العَرَبِ الأولينَ / يتمِّمُ بالسيف نُقصانه
وهذا زمانٌ يُلينُ اللسانَ / على وَغَر القلبِ إنسانه
اريدُ سرورَك والقلبُ فيه / ما لا يَسُّرك إعلانه
مليكٌ وتكفيهِ أتعابهُ / وشَعبٌ وتكفيه أحزانه
فحدِّثْ فقد أذنِنت بالسَماع / لحلو حديثِك آذانه
عن العلم في الغرب ِ ما بالهُ / وعن رجلِ الغرب ما شأنه
وهل في الشدائد أحقادهُ / تُعينُ عليه وأضعانه
وهل للدسيسةِ بين الصفوف / تَلاقَت .. تُسخِّرُ أديانه
تباهي بمثلِك أكفاؤهُ / ولاةُ العهودِ و" أقرانه"
وحسبُك مُنطلقاً منشأً / نشأتَ وضمَّتْكَ أحضانه
رعايهُ جدّك نثور النَّبي / وبيتُ الالهِ وأركانه
ولا خيرَ في المُلك ما لم يُشَدْ / على أُسُسِ العلمِ بُنيانه
أنابغةَ الدين الذي دون عِرضه
أنابغةَ الدين الذي دون عِرضه / تدافع يُسراه وتحمي يمينُهُ
مقالُك هز المشرقَيْنِ وقد بكى / لما هاجه ركنُ الصفا وحُجونه
شحذتَ له الذهن الذكي توقداً / كما شحذت عضبَ الغِرار قُيونه
فجاء كما راقت شَمولٌ أجادها / بنا جَوْدُها دهرأسفَّتْ سنسنه
وما كنت شيعياً ولكن مذهباً / دعاك لكف الظن عنه يقينه
صدقتَ فإما ذنبُه فسكوتُهُ / لدنيا وأما عاره فسكونه
كثيرٌ محبوه الكرام وإنما / لما قد عراه أخرستهم شجونه
هو الدين اما حاكمته خصومه / فقرآنُهُ يقضي عليهم مبينه
وما هو الا واحد في جميعه / وإن رجم الغاوي وساءت ظنونه
أخلايَ ما أحلى التآلفَ في الهوى / إذا كثُرت عُذّالُهُ وعُيونه
هلُموا فهذا الروض زاهٍ أريضُهُ / لنرتاده والماءُ صاف معينه
نسير معاً لا العرق مني بنابِض / سواكم ولا عهد الإخاء أخونه
فلو ريْمَ كشفُ الستر عن قبر أحمدٍ / إذن لشجانا نَوْحُه وحنينه
تجمعنا من أمره لو نطيعه / ووحدتناً من عهده لو نصونه
أعد نُصرةَ الاسلام تقض دُيونه / سيَجزيك عنه الله فالدين دينه
أثرها على اسم الله نفثةَ واجد / تهيج الذي يطوى عليه حزينه
الستَ الذي إن قال أصغت لشعره / رياض الحمى واستنشدته غُصونه
يبين له السرُّ الخفي اذا خفى / على غيره ما لا يكاد يبينه
وتُرقص أوتار القلوب لحونُه / يُخال بها مسُ الصبَّ او جنونه
فلا تبتئسْ ان طاولتك قصائر / وناطحتك الكبشُ الخفاء قرونه
فذلك دأب الدهر جرَّع من مضى / بمثل الذي جُرِّعَته مَنْجَنُوْنُه
مضى عالم الآداب عنا فهذه / حقائقه تفنى ويحيا مُجونه
وللعلم مثل َ الشعب عمرٌ مقدر / وكلا أراه حان للموت حينه
أفي العدل يعلو من ذُباب طنينه / ويَصغِر بالليث الهزبر عرينه
ويسكت عن حق ويعزى بباطل / وتغضي على هضم الأبي جُفونه
ويُظلم من كانت تَهَشُ لصوته / سهول الفلا شوقاً وتبكي حُزونه
يُردّد في صدح الهزار صُداحُهُ / وتستقطر الصخر الاصم لُحونه
وما كان بالمستضعف العزم من سطا / بعز المعالي والمعالي تُعينه
وراءك أقلام يهوِّن وقعُها / شبا السيف إن ساوى القرينَ قرينه
تُمَدُّ بها أيدٍ طِوال يُطيعها البيانُ / جنيباً إن تعاصت فُنونه
ويَرْفِدها الفكر الغزير كأنه / مصبُّ غدير طافحات ٌ مُتونه
سَلوا الجماهيرَ التي تَبصرونْ
سَلوا الجماهيرَ التي تَبصرونْ / ماذا أتاحتْ لكُمُ الاربعونْ
تخبركُم حرقةُ انفاسِهم / كيف – تقضَّت – وانتفاخُ العيون
سَلوهُمُ ما بالُكُمْ كلَّما / عنَتْ لكم خاطرةٌ تنحَبون
أكلُ شيٍْ موجبٌ للبكا / أكلُّ شيء باعثٌ للشجون
ريعتْ قلوبٌ واستضيمتْ جفون / واحتقروا أعزَّ ما يملكون
راضونَ ممتَّنون عن حالةٍ / لا يرتضيها مَن به يحتفون
يبكون للشعرِ ولا يعرفون / وللخطاباتِ ولا يسمعون
ما رقة الأشعارِ أبكتهُمُ / لكنهم بالقلب يستعبِرون
مكدودةٌ أنفسهُمْ حسرةً / وبالبكاء المرِّ يستروَحون
وهكذا الدمع بريئاً يُرى / وهكذا الحزنُ بليغاً يكون
أبكى وأشجى لوحةً أحكمت / تصويرَها كفُّ الزمانِ الخؤون
مَغنىً على دجلة مستشرفٌ / دامعة ترتدُّ عنه العيون
احتلَّت الوحشةُ أطرافَه / ورفرفَ الحزنُ به والسكون
أخلاه فرطُ العزَّ من ربِّه / والعزُّ باب مُشرَعٌ للمنون
أقولُ للقوم الغَيارى وقد / أعوزَهُم كيفَ به يحتفون
أحسن من كلِّ اقتراحاتِكم / مما تشيدون وما تنحِتون
قارورة يُحفَظ فيها دم / يعرفه الخائنُ والمخلصون
يلقَى بها تشجيعةً مخلصٌ / وعبرة مخجلة مَن يخون
مِيتةُ هذا الشهم قد بيَّنتْ / للقوم أنا غيرُ ما يدَّعون
وأننا ناسٌ أباةٌ متى / نُرهق فمضطرُّون لا مُرتَضون
وأننا بالرُغم من صبرِنا / إن حانت الفرصةُ مستغنِمون
انتبهوا لا الحزنُ يُجديكُمُ / شيئاً ولا استنزافُ هذي الشؤون
هاتوا بما نبني دليلاً على / أنا على آثاره مقتفون