المجموع : 33
نفدي النزيل ونكرمن
نفدي النزيل ونكرمن / إن لم نكرمه فمن
يا ضيف مصر أقم مقا / م الأهل وانزل في وطن
إنا اشتركنا في الأما / ني والتقينا في المحن
فمن الشآم إلى العرا / قِ إلى الحجاز إلى اليمن
والصرخة الكبرى كمو / جِ البحر تدوي في الأذن
تتباين الأصوات في / ها لا تبالي بالثمن
نبغي الحياة وما الحيا / ة سوى مماشاة الزمن
الدهر دفاق فكي / فَ نعبّ من ماءٍ أسن
العصر عصر السابقي / نَ إلى الشواهق والفتن
لا عصر مفتتنين بال / أحلام غرقى في الوثن
ومقيّدين إلى الثرى / بين التخاذل والوهن
يا أيها الشرق الذي / يدعو رويدك واطمئن
إنا إليك وللشبا / بِ رسالة لا تمتهن
قمنا لها كل بنا / حية رسول مؤتمن
ما في طلائعنا الضعي / ف ولا الذليل المستكن
ما في طبائعنا الخصا / م ولا الحفيظة والضغن
إنا جنود النور من / علم ومن أدب وفن
القاتلون الجهل مث / ل البوم عشش في الدمن
إنا لأعداء الجمو / د وواضعوه في الكفن
يا أيها الضيف العزي / ز نعمت بالعيش الحسن
يا مؤنس المصري في / حلب وما ننسى المنن
صدر الشآم حنا عَلي / ك ومصر لو تدري أحنّ
بردى لنا وصباه وال / جنّات والطير المرن
والأرز والطود المعص / صَب بالجلال المطمئن
والنيل نهركم وما / زان الخميلة والفنن
والقوم أهل والقرى / وطن عطوف والمدن
يا صفوة الأحباب والخلانِ
يا صفوة الأحباب والخلانِ / عفواً إذا استعصى عليّ بياني
الشعر ليس بمسعفٍ في ساعة / هي فوق آي الحمد والشكران
وأنا الذي قضّى الحياة معبراً / ومرجعاً لخوالج الوجدان
أقفُ العشيةَ بالرفاق مقصراً / حيران قد عقد الجميل لساني
يا أيها الشعر الذي نطقت به / روحي وفاض كما يشاء جناني
يا سلوتي في الدهر يا قيثارتي / ما لي أراك حبيسة الألحان
أين البيان وأين ما علمتني / أيام تنطلقين دون عنان
نجواك في الزمن العصيب مخدِّر / نامت عليه يواقظ الأشجان
والناس تسأل والهواجس جمة / طبٌ وشعر كيف يتفقان
الشعرُ مرحمة النفوس وسِرّه / هِبة السماء ومِنحة الدَّيان
والطبُ مرحمة الجسوم ونبعُهُ / من ذلك الفيض العليّ الشان
ومن الغمام ومن معين خلفه / يجدان إلهاماً ويستقيان
يا أيها الحبُّ المطهر للقلو / بِ وغاسل الأرجاس والأدران
ما أعظم النجوى الرفيعة كلما / يشدو بها روحان يحترقان
أنفا من الدنيا وفي جسديهما / ذُلّ السجين وقسوة السجان
فتطلعا نحو السماء وحلقا / صُعُداً إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلف الغمام وأترعا / كأسيهما من نشوة وحنان
اكتب لوجه الفَنِّ لا تعدل به / عَرَض الحياة ولا الحطام الفاني
واستلهم الأمَّ الطبيعةَ وحدَها / كم في الطبيعة من سَرِيِّ مَعان
الشعرُ مملكة وأنتَ أميرُها / ما حاجة الشعراء للتيجان
هومير أمّرهُ الزمانُ لنفسه / وقضت له الأجيال بالسلطان
اهبط على الأزهار وامسح جفنها / واسكب نداك لظامئ صَديان
في كل أيك نفحة وبكل رو / ضٍ طاقة من عاطر الريحان
متى نلتَها كانت لأنفسنا منَى
متى نلتَها كانت لأنفسنا منَى / تلفت تجد مصراً بأجمعها هنا
وما بعجيب موطن البدر في العلى / وما بجديد أن يرى الأفق مسكنا
ولكنَّ قلب الحر تعروه نشوة / فيثني على الآلاء وضاحة السنا
إذ أخذ البدرُ المنير مكانه / ومُلِّك آفاق السما وتمكنا
فذلك تكريم الربيع لروضة / جلاها الأباظيون وارفة الجنى
أجل روضة صارت لكل عظيمة / وللفضل والآداب والعلم موطنا
وميدان سباقين للمجد والعلى / إذا اشتجرت أخرى الميادين بالقنا
من الأدب العالي إذا راح سيد / غدا آخر نحو اللواء فما ونى
عصيُّ القوافي سار نحوك مسرعاً / ولبَّاك من أقصى الفؤاد وأذعنا
وأنت الذي فك القيود جميعها / عن الشعر تأبى أن يهان فيسجنا
إذا المعدن الصافي دعا الشعر مرة / بذلنا له من أجود الشعر معدنا
دسوقي إذا أقللتُ فاقبل تحيتي / فما أنا شاديهم ولا خيرهم أنا
ولكنني صوت المحبين كلهم / ومن روضك الغالي وبستانهم جَنَى
فراش على مصباح مجدك حائم / وأي فراش من جلالك ما دنا
وإني صدى الهمس الذي في قلوبهم / فدعني أقم عما يكنون معلنا
انظر وجوه القوم غر
انظر وجوه القوم غر / رَتها بزينتها المدينه
مسكينة بلهاء لا / تدري الزمان ولا فنونه
يا من يغرِّبها إذا / أرست لصاحبها السفينه
الأفق مضطرب الحوا / شي والسماء بها حزينه
لا تحسن الدنيا إذا / ما المرء جن بها جنونه
وطغت منافعه علَي / ه وصرن دنياه ودينه
العيش حيث الحب حَي / ثُ العطف صاف والسكينه
قد هنأوك بمجدك الإسباني
قد هنأوك بمجدك الإسباني / فمتى تكون مصارع الثيران
أمنحت أوسمة ومجدك أول / ماذا يهمك من وسام ثان
إني أهنيك الغداة لأنني / أهواك من قلبي ومن وجداني
إن المقطم والزمان كليهما / الخالدان وكل شيء فان
يا أبا الأشواق غَن
يا أبا الأشواق غَن / نِ وانقل الألحان عني
إن سونيا ذات حسن / ضارب في كل فن
إيهِ سونيا هجتِ شوقي / وشجوني والتمني
إن تغنيني فإني / طائر في كل غصن
إنني بالحسن أدعى / وأغني كل حسن
إيه سونيا ذاك يومي / فاسكبي لي لا تضني
أفرغي سحر الهوى في / خاطري من كل دنِ
إنما عيدك عيدي / وهو يوم فوق ظني
لا أهنيك ولكن / كل مخلوق أهني
إيه سونيا أنت الرضا والحنان
إيه سونيا أنت الرضا والحنان / كيف ضاءت بكِ الليالي الحسان
وغدا الدهر لحظة من سلام / وإذا كل ما عليه أمان
لا أرانا فيه خُدعنا إذا ما / بك عز الهوى وفات الهوان
كيف أنساك إذ نسيتُ شقائي / وعذابي وليس بي أشجان
وإذا بي أرى لعينيك دنيا / خير ما فكرت به عينان
جمالك الهادئ الرزين
جمالك الهادئ الرزين / وسحرك الواضح المبين
أبدع ما مرّ في خيالٍ / وخير ما أبصرت عيون
وسرّه أنت تجهلين / وكيف لو كنت تعلمين
وكيف أضنى القلوب منا / وكيف جئناه طائعين
وكيف نلقاك في سرور / وكيف نلقاه خاشعين
قسوتِ فلم نجد ظِلا يقينَا
قسوتِ فلم نجد ظِلا يقينَا / أحلما كانَ عطفُكِ أم يقينَا
أهجراً في الصبابة بعد هجرٍ / أرى أيامَه لا ينتهينَا
لقد أسرفتِ فيه وجُرتِ حتى / على الرمقِ الذي أبقيتِ فينَا
كأن قلوبَنَا خُلِقَت لأمرٍ / فمذ أبصرنَ من نهوى نسينَا
شُغلنَ عن الحياة ونمنَ عنها / وبتنَ بمن نحِبُّ موكلينَا
فإن مُلِئَت عروقٌ من دماء / فإنَّا قد ملأناهَا حنينَا
يمر الناسُ ما مروا وشاءوا / على هَذا الثرى متنقلينَا
وأنت تَنَقَّلينَ على قلوبٍ / وأكبادٍ وأرواحٍ بلينَا
فرفقاً بالذي أبقيتِ منها / وأقسمُ كم تركتِ لنا أنينَا
فإنك إن سررتِ فلم نجدها / فرشنا الدمعَ هتَّاناً سخينَا
لا الروحُ غاربةٌ ولا أنا فاني
لا الروحُ غاربةٌ ولا أنا فاني / إني ضمنتُ بكِ الشبابَ الثاني
اليوم أهزأُ بالردى فليَرمِني / ما شاءَ إني اليومَ غيرُ جبانِ
فارقت عالَمَنَا وعفتُ همومَه / وخلتُ عالَمَ حسنِكِ الفتانِ
فنسيتُ آبادَ الحياةِ وطولَها / وعرفتُ أنَّ الخلدَ بضعُ ثوانِ
ربَّ يومٍ إذ حكينا ما لدينا
ربَّ يومٍ إذ حكينا ما لدينا / وقصصنَا
قد أطلت ذقنُ محجوبٍ علينا / فرقصنا
ماجتِ الأرضُ ومادت بالسرور / والحياة
مقبلاً يقرعها قَرعَ الأمير / بعصاه
رب ذقن قد تجلت حول ثغرٍ / باسمِ
وتدلت بدلالٍ فوق صدرٍ / أعظمِ
هي روحٌ هي قديسٌ عظيم / للتبرك
شعرُ شمشون هو السرُّ القديم / وَهيَ سرُّك
هي للأزمةِ في مصرَ دواء / وعلاج
وعن السودانِ صوتٌ ونداء / واحتجاج
تفهمُ القولَ وتصغي للكلام / سامعَة
وهي للآدابِ والعلمِ التمام / جامعَة
زادها الله ولا زالت عليك / تتمادَى
وأراني فرعَها في قدميك / يتهادَى
وأراني وَجهَك البدر التمام / ها هنَا
أنت مدعو لديهم كلَّ عام / وأنَا
هذه دَارُهَا فلا تَدَعَاني
هذه دَارُهَا فلا تَدَعَاني / آهِ يا صاحبيَّ ممَّا عراني
أتقولانِ قد تسليتُ عنها / ومسحتُ الدموعَ من أجفاني
فَلِمَ الرجفةُ التي في دمائي / ولم الرعدةُ التي في كياني
وانفاقُ الحياةِ واضحكُ الأيامِ / مني واكذبةُ السلوانِ
أسكبُ الدمعَ مرةً ثم أغدو / ذلكَ الساخرَ الخليَّ الهاني
أسكبُ الدمعَ مرةً ثم أمضي / أنا أحببتُ مرةً في زماني
أنا أحببتُ مرةً وبلوتُ / الموتَ ألفاً لو كنتما تعلمانِ
ضِحكتي ثورتي وقهقهةُ / السخرِ عندي تمرد البركانِ
يا مرحباً بالورد في إبَّانِه
يا مرحباً بالورد في إبَّانِه / وبموكبِ الآمالِ في بستانِه
يا محسناً للعينِ في إقباله / ما تنتهي العينانِ من إحسانِه
قل لي أهذا الطَلُّ دمعٌ حائرٌ / يروي الربيعَ النَضرَ من أشجانِه
عجباً له والحسنُ ملء عيونِه / يبكي عليكَ وأنتَ في أحضانِه
إنّي رأيتُكَ بعدما وَلَّى الصِبَا / فبكى الشبابُ على ربيعِ زمانِه
ورأيتُ عرسَك في مجالي أُنسِه / والطيرُ صدَّاحٌ على أفنانِه
فَتلفتت روحي تُرَجّى قطرةً / من كأسِه أو وقفةً في جانِه