المجموع : 92
قلبي بنى فيه الهوى بيتَ الجمالْ
قلبي بنى فيه الهوى بيتَ الجمالْ / حجوا يا عشاقْ من كل الأفاقْ
حولي طوفوا وارموا جمري في الوادي / وادي الأماني وحجكم قامْ
يا طلعة الوجه المنير بالكمالْ / إنني مشتاقْ وافر الأشواقْ
لي لم يوفوا من لقياهم ميعادي / أهل المعاني قلبي بهم هامْ
فاكشف بنور الحق أستار الخيالْ / وافتح الأغلاقْ واقرأ الأوراقْ
ذا المعروفُ واسمع رنات الحادي / فالوصل داني وطابت الشامْ
واستجلى هذا الكاس في جنح الليالْ / إن خمري راقْ زائد الإشراقْ
فالمخطوفُ قلبي هذاك الصادي / لما يعاني بحر الهوى الطامْ
عيني التي قد شاهدت وجه الحبيبْ / مكشوف الأستارْ شعَّاع الأنوارْ
حتى صارت تعطي للغير الأسرارْ / يوم التلاقي من فرط إنعامْ
وكوشف القلب بذا العلم الغريبْ / زادت الأطوارْ حارت الأفكارْ
لما طارت عنا أطيار الأغيارْ / والقلب راقي في أوج إسلامْ
ثم الصلاة والسلام من قريبْ / للهادي المختارْ العالي المقدارْ
من قد سارت لما ناداها الأشجارْ / وهو الواقي بجوده العامْ
ما طاب من عبد الغني الصدر الرحيبْ / في نظم الأشعارْ بالمدح المعطارْ
أو قد دارت أفلاك وقت الأسحارْ / وطاب ساقي بطيب أنغامْ
ظهرت يا نور والسوى عدمُ
ظهرت يا نور والسوى عدمُ / فأشرقت من ظهورك الظلمُ
وبان سرُّ الحدوث في صور / بها عليها تلبَّس القدم
وموج بحر الوجود مختلف / وهو الكتاب المبين والكلم
لنا إلى الحق نسبة ظهرت / بها يكون النعيم والألم
يا أمة النور هذه رتب / تبدو بها الذات ثم تنكتم
نحن وأنتم وأنتما وهما / وهن وهو الجميع قل وهم
وليس إلا الوجود صادرة / شئونه عنه منه تنقسم
وجهٌ له باعتبارها ويدٌ / كذاك عينٌ وصورة وفم
وكل ما جاءت النصوص به / والحكْم منه اقتضاه والحكم
قف عندها يا حجاب حضرتها / مدادها عنه أنت مرتسم
وكن بها لا بغيرها ولها / لا لسواها يزول منبهم
واعلم بأن الوجود ها هو ذا / وما سواه فإنه عدم
يكشف عن ذاته ويظهرها / له ويعطيك غيره الوهم
وهو على نفسه به وله / يكتبنا فوق لوحه القلم
وليس فيما مضى وما هو في / مستقبل غيره هم التهم
الله الله يا موحده / فإنه محسن ومنتقم
وكن له خائفاً ومرتجياً / تمضي البلايا وتقبل النعم
ولا تجد غيره تجده به / فغيره الجهل منك واللمم
من ذل للغير فهو عابده / وذلك الغير عنده صنم
إن كنت نائمْ
إن كنت نائمْ / فالله قائمْ
أو كنت فاني / فالحق دائم
حبيب قلبي / رفقاً بهائم
من فيك حاروا / فهم بهائم
وكيف تخفى / على الملائم
وفيك هامت / أُولُوا العزائم
ومنك زادت / لهم غنائم
وفي الهوى أن / فقت كرائم
وأنت روض / وهم نسائم
وأنت غصن / وهم حمائم
وأنت شمس / وهم غمائم
بلا رؤس / لهم عمائم
وكل صب / لقاك رائم
وكل طرف / عليك حائم
وكل حب / له علائم
ومنه لا تن / فع التمائم
والقلب ممن / سواه صائم
فليس يصغى / إلى اللوائم
وفي بحار ال / غرام عائم
وبرق ذات ال / مليح شائم
يمشي ولكن / بلا قوائم
وجوده قد / محا الجرائم
ولطفه لل / صبا يلائم
وتارة يش / به السمائم
والغير في أر / ضه نعائم
وهو الربا وال / ورى سوائم
إنني قد شفني السقمُ
إنني قد شفني السقمُ /
ووجودي فيكمو عدمُ /
فالبقا يا سادتي لكمُ /
أنتم المقصود لا العلَمُ / وأهيل الحيِّ قد علموا
ليت دمعي حين أَرسلَهُ /
ذكرُكم بالقرب أَوصلَهُ /
وفؤادي شفه الولَهُ /
كيف اخفى والغرام لهُ / شاهدانِ الدمع والسقمُ
لم أزل بالله في هممِ /
في وجود كنت أو عدمِ /
فإلى كم مقتضى ألمِ /
يا أصيحابي بذي سلَمِ / مَن أصيحابي وما السَلَمُ
فنيت رويحي بلا مهَلِ /
مثل برق لاح في طللِ /
يا أخلائي بلا عذَلِ /
أنا عني اليوم في شغلِ / فاذكروني إن نسيتكمُ
قد تساوى بالصفا كدري /
وحبيبي غير مستترِ /
فاشهدوا يا سادتي أثري /
وأشيعوا في الحمى خبري / وأذيعوا السر واكتتموا
صرتُ في الأعتاب مرتميا /
وإلى الأحباب منتميا /
وإذا ما كنت مهتديا /
لا يراني الحب منثنيا / بعد ما لاحت ليَ الخيمُ
عالم الدنيا دجى ظلمِ /
نوره حق لمفتهمِ /
كم وجود لي وكم عدمِ /
كنت قبل اليوم في حُلُمِ / وتقضَّى ذلك الحُلُمُ
ما لأشواقي لكم سببُ /
فالورى نائي ومقتربُ /
ساكن حالي ومضطربُ /
فزماني كله طربُ / دونه الأوتار والنغمُ
شق روحي غيم جثتهِ /
وبدا في نور نشأتهِ /
واختفى كوني بظلمتهِ /
وحبيبي من لبهجتهِ / أنا والأشواق نحتكمُ
يا هنا قلبي ويا طربي /
وانعدامي ليس بالعجب /
لاح نوري واختفى حجبي /
كلما وليت يقبل بي / وإذا قطَّبتُ يبتسمُ
فؤادي له في رتبة الحب ما نوى
فؤادي له في رتبة الحب ما نوى /
وبالقرب مني بدلت ساعة النوى /
وصحب عليهم حاكم العقل قد حوى /
يقولون لي ضيعت عمرك في الهوى / وما فاتني شيء إذا كنت ألقاكم
أحباي إني المستهام المجردُ /
وأنتم كرام ما على يدكم يدُ /
ووالله ما لي في يميني ترددُ /
لئن كان قوم بالزوايا تقيدوا / فإني أرى كل الوجود زواياكم
شموس الجمال تزيل الظلمْ
شموس الجمال تزيل الظلمْ / وتَهدي إلى الحق أهل الهممْ
شخوص إليها عيون الأممْ / وجود له صور من عدمْ
بدا وجه سلمى وزال النقابْ / وقد جئت منها إليها كتابْ
وقد لاح ذاك الجمال المهابْ / لعيني وراحت ستور الوهَمْ
ألا يا حداة المطايا قفوا / لقلبي بذاك الحمى موقفُ
وعشقي هو الخمر والقرقفُ / لأهل القلوب بحور الكرمْ
هي الكل والكل عنها بدا / وقد حجبت عن عيون العدى
وأهل الضلال وأهل الهدى / مظاهر أسرارها والحكم
وأزكى الصلاة وأبها السلامْ / على المصطفى خير كل الأنامْ
به زاد عبد الغني في النظامْ / لطائف معنىً تزيل الألمْ
يا طالبا للحجر المُكَرَّمِ
يا طالبا للحجر المُكَرَّمِ / وراغباً في اسم الإله الأعظمِ
وسائلا عن صنعة الإكسير كن / محققاً لما أقول وافهمِ
فإنها ثلاثة مشهورة / عند الورى مثل الطراز المُعْلَمِ
حارت عقول الناس في إدراكها / كم عربي تائه وأعجمي
وما اهتدوا منها إلى شيء ولا / فاز بها سوى الشجاع الضيغم
مشوا إليها في سوى طريقها / وحاولوها بالخيال المظلم
يعرفها من نفسه كل امرئ / بحسن تقواه بلا تفهم
فالحجر المكرم الذي متى / تجده تظفر بالمنى وتغنم
أمر بسيط ما له تركُّبٌ / جوهره صافٍ يُرى كالعندم
ينبت بالتدريج في ترابه / شيئاً فشيئاً كنبات الكُرْكُمِ
تُلقي على الأجزاء جزءاً منه إن / أردت يقلبها إليه فاعلم
ويستحيل الكل شمساً خالصاً / أو قمراً به كماء أو دم
بالشمس إن أوصلته لأصله / بالغسل والتخليص والتنعم
وإن تركت لبه في قشره / فالقمر الأبيض بسام الفم
وركِّبِ الإكسيرَ إن أردت من / نون وميم مطلق وملجم
وامزجهما معاً بأيدٍ منهما / ممدودة كدرجات السُّلَّمِ
والإسم في الرسم من الغيب بدا / مُسَلَّطاً عليك مثل الطلسمِ
بالهاء والواو به هويَّةٌ / في ملكوت واضح ومبهمِ
واعرف حروفه التي أنت بها / مثلَّث الشكل إليها تنتمي
حققه واحفظ لفظه وادع به / وأنت في كعبته والحرم
تجده في الحال مجيباً بالذي / تريد من نصيبك المنقسم
واستعمل الصدق له وسيلة / ولا تكن عنه بما رمت عمي
لا تأخذُ الخلاقَ يا قومُ
لا تأخذُ الخلاقَ يا قومُ / في خلقه سنة ولا نومُ
فالروح تأخذها به سنةٌ / والجسم نوم فيه مرغومُ
والله عن روح وعن جسد / قد جلَّ لا يحكيه مفهومُ
ما في سماوات له وهي ال / أرواح قيدومٌ فقيدومُ
وكذاك ما في الأرض وهي له / أعني الجسوم وذاك مرسوم
وهو المميت لأنه أبداً / حي على الأكوان قيوم
فإذا أمات أباننا وإذا / أحيى خفينا وهو معلوم
في آية الكرسيْ لنا عبرٌ / منه كتابٌ جاء مرقوم
حق بحق فيه حقَّقنا / وما سواه فهو موهوم
به شرابي كوثر عذبٌ / وشرْبُ أهل الجهل زقوم
لم يفه يا ذا الوجه فمُ
لم يفه يا ذا الوجه فمُ / بك لولا أنني العدمُ
فالتفت وانظر لأصلك لا / تفتخر يلحق بك الندم
إن ربي عند قدرته / تستوي الأنوار والظلم
وعطاياه بلا علل / وكذا الحرمان والنعم
ما استحق المرءُ مرتبة / هو فيها أيها الفهم
ما اقتضت نفس عطيَّتها / بل عطاياه لنا كرم
ما اقتضى القبح القبيح ولا / يقتضي الحرمان منحرم
بل بمحض الإختيار على / كل ذي رأس له قدم
وجميعاً أسر قبضته / منعمٌ طوراً ومنتقم
تقول الأجانب عن علمنا
تقول الأجانب عن علمنا / وعنّا مقالةَ واهي الفهومْ
لماذا ترون السماع الذي / بآلاته طاردٌ للهمومْ
فقلنا لهم ما رأى المصطفى / رأيناه فلينزجر من يلومْ
وقالوا تُسَبِّحُ قلنا نعم / نُسَبِّحُ عُوَّامَ بحرِ العلومْ
وأما الذي هو غرٌّ بها / فيغرق في بحرها لا يعومْ
ظهر الوجود من العدمْ
ظهر الوجود من العدمْ / وبدا الحدوث من القدمْ
وتفصلت أسماء من / بالوجه أجمل والقدم
وانهدَّ ما بنت العقو / ل من المعاني وانهدم
وتبدل الشخص الذي / قد كان من لحم ودم
وقد استحال جميعه / نوراً فأوقع في الندم
وتداخل المخدوم في / وصف المحاسن والخدم
وتقاصر القصر المشي / د وبار بئرٌ وارتدم
إني أنا المعني القديمُ
إني أنا المعني القديمُ / إني أنا النبأ العظيمُ
وأنا هو السر الخفي / وأنا الصراط المستقمُ
والحق بي هو عالم / وبنفسه فهو العليم
والذات لا معنى لها / تلك الوجود هي القديم
فإذا عرفت فإنما / معنى لمعنى مستديم
هو نزلة أخرى له / قمنا بها وهو المقيم
ولقد رآه بها الذي / هو فضله فينا العميم
يا جوهراً لا جوهر / لكنه وصف كريم
قامت به أعارضه / وبطيبه جاء النسيم
حرنا فقلنا هكذا / والذات غيث يا فهيم
غيب الغيوب تنزهت / عما القلوب به تهيم
إنّا إليك نشير لا ال / موجود نحن بل العديم
والحق ليس عبارةً / منّا له وهو النديم
يدني ويقصي من يشا / وهو العذاب هو النعيم
معناه نحن وإنما / معناه يدركه الشميم
وهو الكوائن كلها / والكهف أيضا والرقيم
الله أكبر لا سوا / ه فإنه العقد النظيم
والسلك وهو وراء كل / ل الكل غفار حليم
وأنا السقيم وقد رتى / عجز ولا يشفى السقيم
والكون مثلي هكذا / لكن رضيع أو فطيم
قد هدينا بالخاطر المستقيمِ
قد هدينا بالخاطر المستقيمِ / لحديث عن الحبيب قديمِ
ووجدنا معارفاً وعلوماً / كان فيها المزاج من تسنيمِ
فشممنا بها روائح غيب / وسكرنا بطيب ذاك الشميم
كرياض زهورها فائحات / لذوي الشم معْ هبوب النسيم
ذات حق أرواحنا أخبرتنا / عن معاني أسمائه في الرقيم
محسنات بأمره يقذف الخل / ق كقذف المدادِ صورةَ ميم
وهو أمر محقق وهو خلقٌ / باطل متقن بصنع الحكيم
ووجود صرف إذا ما تجلى / صبغ الكل بالوجود العظيم
ومراداته هي الكل جاءت / في تراتيبها كعقد نظيم
صبغة لم تكن وبالوهم كانت / ما وجود يكون وصف العديم
حاش لله والبصائر زاغت / قبل زيغ الأبصار في التقديم
والذي يشهد الحقيقة غيباً / بشهود عنها لها مستقيم
لا بشوبٍ من الحلول ولا مع / نى انحلالٍ فيها ولا تجسيم
ويرى الكل فانياً مضمحلاً / فهو عبد فانٍ لحق مقيم
أيها النفس ها هو النور باد / فاكشفي عنه منك ثم استقيمي
ودعي عنك ما سواه فمنه / ما سواه السراب للتوهيم
ثم ناجيه فوق طور التداني / بتدليه إرث موسى الكليم
واعلميه بعلمه لا بعلم / تدعيه يكون بالتعليم
في مقام محمديٍّ شريف / شارع للتحليل والتحريم
فعليه السلام ما راق مَعْنَىً / لِمُعَنَّىً فجاد بالتسليم
عجبت من شيئين قد أجمعت
عجبت من شيئين قد أجمعت / عليهما كل عقول الأنامْ
فالأول المعدوم من كل شَيْ / أزال عنه الله وصف انعدامْ
فصار موجوداً وأضحى له / وصفَ وجودٍ ظاهرٍ للعوام
فاعجب لموصوفٍ هو المنتفي / ووصفه الثابت دون انبهام
بمن ترى الوصف غدا قائماً / تحققوا يا قوم هذا الكلام
والآخر الحق الوجود الذي / قَدَّر كل الخلق بالإنتظام
كيف بمعدوماته قد غدا / متصفاً والعقل فيها إمام
حتى بدا التنزيه عنها به / واحتاج هذا الأمر للإختصام
وإنما القهار وهو الذي / أفعاله تجرى بحكم المرام
فيطلع العقل على ما يشا / من المعاني عن ضيا أو ظلام
تصرُّفاً منه به كيفما / أراد لا عتبٌ كما لا ملام
ذو العلم قصر مشيد ليس ينهدمُ
ذو العلم قصر مشيد ليس ينهدمُ / بئرٌ معطلةٌ ذو الجهل مرتدمُ
والقرب من خالق الأكوان معرفة / بها قلوب ذويها فيه تأتدمُ
ما الزهد إلا مقام السالكين إلى / قرب الإله لهم يعلو به قدم
وكيف يمكن زهد لامرئٍ نظرت / عيناه أن جميع الكون منعدم
لكنه ثابت يعني فليس له / نفيٌ بإثبات قولٍ وصفُهُ القدم
وإنما الكل بالحق المبين لهم / بانوا وبنيانهم لولاه منهدم
فهو الوجود الذي لا غيره أبداً / وهم تقاديره المخدوم والخدم
وواحد هو في ذات وفي وصفة / ومطلق وقيود لحمهم ودم
والواصلون إليه قائمون به / فهو الوجود لهم بالوهم ينعدم
وليس شيء مع الحق المبين وهل / مع الوجود سواه والسوى عدم
أنا التَعَيُّنُ والرب المهين ما
أنا التَعَيُّنُ والرب المهين ما / به التعين طوبى للذي فهما
هو الوجود القديم المحض جل ولم / أزل مُقَدَّرَهُ والحادثَ العدما
فرَّقتُ بيني بتحقيق الوجودِ له / وبينه بعد درْكِ الجمع بينهما
والجاهل الغر لا يدري مقالتنا / فيه وإن كان محسوباً من العُلَما
ومن عجائب أمري أنني عدم / ولي وجود به قد صرت متَّهَما
وهو الذي قبضتني هكذا يده / لها وقد بسطتني صنعة الحُكَما
فحرت فيه وفي أمري فأرشدني / إليه يثبت لي في علمه قَدَما
فها أنا اليوم مشغوفٌ برؤيته / محققاً ظاهراً في الكون منبهما
هل من فتى يا بني قومي أُفَهِّمُهُ / فيكشف الله عنه هذه الغُمَما
ويصبح القطب في سامي دوائره / وفي الحقائق يمسي المفرد العلما
ما قلت ذلك من نفسي ولا جهلت / حقيقتي فادعت ما قلته شمما
وإنما الغيب لي لاحت إشارته / لتُسمعَ اللوحَ ما قالته والقلما
لوحُ الوجود المسمى روح نفخته / وعقلُهُ قلمٌ كلَّ الورى رقما
مراتب هن للحق الوجود بدت / فيهن كان قديماً واسمهنَّ عَمَا
معرفتي مخلوقة وهي لا
معرفتي مخلوقة وهي لا / تليق بالخالق ربي القديمْ
لأجل ذا في كل وقت بدت / في صورة يطرب منها النديمْ
إذا تأملنا تناويعها / في كل معوجٍّ وفي مستقيم
وإنها قاصرة كلها / عن حضرة الغيب النزيه العظيم
قلنا صواب كلها قول من / يعتبر المخلوق ذاك العديم
وإنها استعداده قد بدا / منه لها يرجى قبول الكريم
وباعتبار الحق قلنا خطا / جميعها والوصف فيها ذميم
وإنما الحق تعالى الذي / بنفسه دون سواه عليم
فعلمنا بالحق منا له / إسلامُنا والقلب منا سليم
ونحن بالعلم الذي نفسه / تعلمه نعلمه يا فهيم
عدم يحيط به الوجود وإنما
عدم يحيط به الوجود وإنما / عرف الوجود إذا الوجود تكلما
وهو الوجود وكلنا عدم بنا / هو قد أحاط وقد أشار فأفهما
صور بقرطاس تُقَصُّ فإنها / معدومة ولها الوجود توهَّما
أعنى بذلك أنها مقصوصة / في داخل القرطاس قصاً محكما
قرطاسها الموجود لا هي وحده / وهو المحيط بها وعنها أبهما
وله الظهور بها بوصف إحاطة / فانظر وليس لنا الظهور لتعلما
وجميع هذا كله في لمحة / يبدو ويخفى منةً وتكرُّما
والأمر أمر الله يعني شأنه / هو كل يوم فيه لن يتصرما
والخلق خلق الله أيضاً كلهم / عدم إذا حققت أرضٌ أو سما
وإذا مشيت مع العقول ووهمها / كنت المؤخَّر والمحقُّ مقدَّما
إذ ما سوى مولاك جاءك باطل / في النص فانٍ هالكٌ كم ذا العمى
فالمبطلون هم الذين تعلقوا / بسوى الإله الحق من جهل نما
والعارفون هم الذين قد اهتدوا / فاتبعْ طريقَهمو وخذْها سُلَّما
واسلك بها في الشرع شرع محمد / تجد الذي وجدوا وتصبح مسلما
صلى عليه الله ما ذهب الدجى / وأتى الصباح وما الهزار ترنّما
تجلت لنا ذاتٌ وفعلٌ بدا واسمُ
تجلت لنا ذاتٌ وفعلٌ بدا واسمُ / فكانت وما كنا وليس لنا وسمُ
هنالك قامت بالوجود قيامةٌ / بها حشرت أرواحنا واختفى الجسمُ
مدام بها الأفراح دامت لأهلها / ومن لم يذقها كل أوقاته غمُّ
وقام بها الساقي وحيى فساقنا / إلى مورد منها لذيذ به الطعم
إذا ما تراءت في الكؤوس بدا لها / شعاع له في كل ناحية نجم
هي السر للأشياء والجهر دائماً / على عدد الأنفاس والبدءُ والختم
بها يهتدي الأعمى إليها ويسمع ال / أصمُّ وتأتي ناطقين بها البُكم
ويأمنُ ذو خوفٍ ويفرح ذو أسىً / ويعتزُّ ذو ذلٍّ ويبرا بها السقم
ولو أنهم صبوا على البحر قطرة / لعاد بها عذباً ولو أنه سم
ولو ذكروا حول الحطيم صفاتها / لزال عن البيت العتيق بها الحطم
ولو لم يكن أسماؤها قد تبينت / لما بان في الأكوان كيفٌ ولا كم
ولولا سنا كاساتها من ورا الورى / لما كان ذوق في الندامى ولا فهم
ولو أن ميتاً لقَّنوه بلفظها / لقام سريعاً نحوها شوقه ينمو
ولولا بدت لم يشعر الأشعريْ بها / ولولا تخفت ما تجهمها جهم
ولولا معاني حسنها ظهرت على / ملاح الورى ما كان عشق ولا وهم
ولو بيتيم الوالدين قد اعتلت / لعز وعنه زال من ذله اليتم
جمال تجلى في جلال وعكسه / فقوم لهم مدح وقوم لهم ذم
وكل قلوب الناس لو لم تَهِم بها / لما طاب نثر في الكلام ولا نظم
ولكنهم هاموا ورقت طباعهم / ولم يعلموا في أي واد بها همّوا
لئام من الأشياء يحجب وجهها / حلا لعيون العاشقين به اللثم
ألا حيِّ يا صاحي على سكرةٍ بها / ودع عنك من هُمْ دونَها عندهم وهم
وشقق بها الأثواب عنها وكن بها / مجرد عزم لا يقاس به عزم
وبت في ثرى حاناتها متلففاً / بأثواب ذلٍّ في هواها بها تسمو
وكن عاجزاً عنها تكن قادراً بها / فعدلك عنها منك نحو السوى ظلم
هي البيت بيت الله حجت قلوبنا / إليها فلا ذنب علينا ولا جرم
إذا نحن أحرمنا نلبي بذكرها / وفي عَلَمَيها عندنا يَكثرُ العلم
وإن زمزم الحادي بها فهي زمزم / وعن مصِّنا من ثديها ما لنا فطم
نعمنا بها في لذة العيش والصبى / وما ذاك إلا أنها أنعمت نُعْم
هي الدهر في تقليب أيامه على / بنيه له حرب بهم وله سلم
إذا ما شربناها خفينا بنورها / وعند طلوع الشمس ما للدجى رسم
بها للحواس الخمس منا تمتع / فسمع ولمس ذوقنا بصر شم
وللعقل أيضا لذةٌ في جمالها / وسر بدا منها له وجب الكتم
وقد سكرت حاناتها وكؤوسها / بها في تجليها وقد سكر الكرم
ولو أن إنسانا صحا لرأى هنا / من السكر قد هامت بها العرب والعجم
ومن سكرهم منها يقولون غيرها / وهذا أبٌ قالوا كما هذه أم
وقالوا عيون في وجوه وأرجل / وأيد وقالوا أرؤس ودم لحم
معان تبدت في صفاء وجودها / فقوم لهم أجر وقوم لهم إثم
وتلك نعوت قائمات بها لها / على الفرض والتقدير لا أنه حتم
أشاراتها اللاتي بوصف مشيئة / تسمّى بأشيا وهي هالكةٌ عقم
وما ثم توليدٌ وليس مناسباً / لها ذاك بل وصفٌ إليها له ضم
تحقق بما قلناه فيها مجانباً / سواه فما قلناه فيها هو الغنم
وإياك والتوليد في جعلها السوى / فذلك قذف منك في حقها شتم
وإن جهل الأقوام ذلك واختفى / عليهم فللتوحيد توليدهم هدم
نصحتك فامسح عن بصيرتك العمى / بقولي وإلا فالنصوص لك الخصم
وهذا هوالحق الذي هو ظاهر / وبالغيب فيها ما عداه هو الرجم
خذ الكاس مني يا ابن ودي فإنه / رويٌّ بهذا فليكن عندك الحزم
ومل طرباً في النشأتين بشربِهِ / فإن شرابي للضلال به هضم
شراب طهور في كؤوس نظيفة / كريم به الساقي ومنه العطا الجم
على رنة الأسماء دام مدامنا / وإن نمق الزور الوشاة وإن نموا
وفي مقعد الصدق العزيز مناله / تجلت لنا ذات وفعل بدا واسم
العفو أليق لا جرمْ
العفو أليق لا جرمْ / خلف الوعيد من الكرمْ
إن الكمال هو الذي / حبل الوجود به انبرمْ
وعليه نكسب لا علي / نا كاسب هو ما انخرم
لولا النصوص أتت بأخ / بار الوعيد المحترم
قلنا لكم ما الكل إل / لا النور يلمع في الحرم
والنار نورٌ أصلها / والكل حق ما انصرم
والواو حين تحركت / قلبت لأمر لم يُرَم
ألفاً هي الذاتُ انجلتْ / ذات العماد وقل إِرَم
والمنتهى منه إلي / ه فلا شباب ولا هرم
والغير ينفخ في الرما / د ونحن ننفخ في ضرم
وكلامنا سمن وقو / ل الغير أجمعه ورم