القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 92
قلبي بنى فيه الهوى بيتَ الجمالْ
قلبي بنى فيه الهوى بيتَ الجمالْ / حجوا يا عشاقْ من كل الأفاقْ
حولي طوفوا وارموا جمري في الوادي / وادي الأماني وحجكم قامْ
يا طلعة الوجه المنير بالكمالْ / إنني مشتاقْ وافر الأشواقْ
لي لم يوفوا من لقياهم ميعادي / أهل المعاني قلبي بهم هامْ
فاكشف بنور الحق أستار الخيالْ / وافتح الأغلاقْ واقرأ الأوراقْ
ذا المعروفُ واسمع رنات الحادي / فالوصل داني وطابت الشامْ
واستجلى هذا الكاس في جنح الليالْ / إن خمري راقْ زائد الإشراقْ
فالمخطوفُ قلبي هذاك الصادي / لما يعاني بحر الهوى الطامْ
عيني التي قد شاهدت وجه الحبيبْ / مكشوف الأستارْ شعَّاع الأنوارْ
حتى صارت تعطي للغير الأسرارْ / يوم التلاقي من فرط إنعامْ
وكوشف القلب بذا العلم الغريبْ / زادت الأطوارْ حارت الأفكارْ
لما طارت عنا أطيار الأغيارْ / والقلب راقي في أوج إسلامْ
ثم الصلاة والسلام من قريبْ / للهادي المختارْ العالي المقدارْ
من قد سارت لما ناداها الأشجارْ / وهو الواقي بجوده العامْ
ما طاب من عبد الغني الصدر الرحيبْ / في نظم الأشعارْ بالمدح المعطارْ
أو قد دارت أفلاك وقت الأسحارْ / وطاب ساقي بطيب أنغامْ
ظهرت يا نور والسوى عدمُ
ظهرت يا نور والسوى عدمُ / فأشرقت من ظهورك الظلمُ
وبان سرُّ الحدوث في صور / بها عليها تلبَّس القدم
وموج بحر الوجود مختلف / وهو الكتاب المبين والكلم
لنا إلى الحق نسبة ظهرت / بها يكون النعيم والألم
يا أمة النور هذه رتب / تبدو بها الذات ثم تنكتم
نحن وأنتم وأنتما وهما / وهن وهو الجميع قل وهم
وليس إلا الوجود صادرة / شئونه عنه منه تنقسم
وجهٌ له باعتبارها ويدٌ / كذاك عينٌ وصورة وفم
وكل ما جاءت النصوص به / والحكْم منه اقتضاه والحكم
قف عندها يا حجاب حضرتها / مدادها عنه أنت مرتسم
وكن بها لا بغيرها ولها / لا لسواها يزول منبهم
واعلم بأن الوجود ها هو ذا / وما سواه فإنه عدم
يكشف عن ذاته ويظهرها / له ويعطيك غيره الوهم
وهو على نفسه به وله / يكتبنا فوق لوحه القلم
وليس فيما مضى وما هو في / مستقبل غيره هم التهم
الله الله يا موحده / فإنه محسن ومنتقم
وكن له خائفاً ومرتجياً / تمضي البلايا وتقبل النعم
ولا تجد غيره تجده به / فغيره الجهل منك واللمم
من ذل للغير فهو عابده / وذلك الغير عنده صنم
إن كنت نائمْ
إن كنت نائمْ / فالله قائمْ
أو كنت فاني / فالحق دائم
حبيب قلبي / رفقاً بهائم
من فيك حاروا / فهم بهائم
وكيف تخفى / على الملائم
وفيك هامت / أُولُوا العزائم
ومنك زادت / لهم غنائم
وفي الهوى أن / فقت كرائم
وأنت روض / وهم نسائم
وأنت غصن / وهم حمائم
وأنت شمس / وهم غمائم
بلا رؤس / لهم عمائم
وكل صب / لقاك رائم
وكل طرف / عليك حائم
وكل حب / له علائم
ومنه لا تن / فع التمائم
والقلب ممن / سواه صائم
فليس يصغى / إلى اللوائم
وفي بحار ال / غرام عائم
وبرق ذات ال / مليح شائم
يمشي ولكن / بلا قوائم
وجوده قد / محا الجرائم
ولطفه لل / صبا يلائم
وتارة يش / به السمائم
والغير في أر / ضه نعائم
وهو الربا وال / ورى سوائم
إنني قد شفني السقمُ
إنني قد شفني السقمُ /
ووجودي فيكمو عدمُ /
فالبقا يا سادتي لكمُ /
أنتم المقصود لا العلَمُ / وأهيل الحيِّ قد علموا
ليت دمعي حين أَرسلَهُ /
ذكرُكم بالقرب أَوصلَهُ /
وفؤادي شفه الولَهُ /
كيف اخفى والغرام لهُ / شاهدانِ الدمع والسقمُ
لم أزل بالله في هممِ /
في وجود كنت أو عدمِ /
فإلى كم مقتضى ألمِ /
يا أصيحابي بذي سلَمِ / مَن أصيحابي وما السَلَمُ
فنيت رويحي بلا مهَلِ /
مثل برق لاح في طللِ /
يا أخلائي بلا عذَلِ /
أنا عني اليوم في شغلِ / فاذكروني إن نسيتكمُ
قد تساوى بالصفا كدري /
وحبيبي غير مستترِ /
فاشهدوا يا سادتي أثري /
وأشيعوا في الحمى خبري / وأذيعوا السر واكتتموا
صرتُ في الأعتاب مرتميا /
وإلى الأحباب منتميا /
وإذا ما كنت مهتديا /
لا يراني الحب منثنيا / بعد ما لاحت ليَ الخيمُ
عالم الدنيا دجى ظلمِ /
نوره حق لمفتهمِ /
كم وجود لي وكم عدمِ /
كنت قبل اليوم في حُلُمِ / وتقضَّى ذلك الحُلُمُ
ما لأشواقي لكم سببُ /
فالورى نائي ومقتربُ /
ساكن حالي ومضطربُ /
فزماني كله طربُ / دونه الأوتار والنغمُ
شق روحي غيم جثتهِ /
وبدا في نور نشأتهِ /
واختفى كوني بظلمتهِ /
وحبيبي من لبهجتهِ / أنا والأشواق نحتكمُ
يا هنا قلبي ويا طربي /
وانعدامي ليس بالعجب /
لاح نوري واختفى حجبي /
كلما وليت يقبل بي / وإذا قطَّبتُ يبتسمُ
فؤادي له في رتبة الحب ما نوى
فؤادي له في رتبة الحب ما نوى /
وبالقرب مني بدلت ساعة النوى /
وصحب عليهم حاكم العقل قد حوى /
يقولون لي ضيعت عمرك في الهوى / وما فاتني شيء إذا كنت ألقاكم
أحباي إني المستهام المجردُ /
وأنتم كرام ما على يدكم يدُ /
ووالله ما لي في يميني ترددُ /
لئن كان قوم بالزوايا تقيدوا / فإني أرى كل الوجود زواياكم
شموس الجمال تزيل الظلمْ
شموس الجمال تزيل الظلمْ / وتَهدي إلى الحق أهل الهممْ
شخوص إليها عيون الأممْ / وجود له صور من عدمْ
بدا وجه سلمى وزال النقابْ / وقد جئت منها إليها كتابْ
وقد لاح ذاك الجمال المهابْ / لعيني وراحت ستور الوهَمْ
ألا يا حداة المطايا قفوا / لقلبي بذاك الحمى موقفُ
وعشقي هو الخمر والقرقفُ / لأهل القلوب بحور الكرمْ
هي الكل والكل عنها بدا / وقد حجبت عن عيون العدى
وأهل الضلال وأهل الهدى / مظاهر أسرارها والحكم
وأزكى الصلاة وأبها السلامْ / على المصطفى خير كل الأنامْ
به زاد عبد الغني في النظامْ / لطائف معنىً تزيل الألمْ
يا طالبا للحجر المُكَرَّمِ
يا طالبا للحجر المُكَرَّمِ / وراغباً في اسم الإله الأعظمِ
وسائلا عن صنعة الإكسير كن / محققاً لما أقول وافهمِ
فإنها ثلاثة مشهورة / عند الورى مثل الطراز المُعْلَمِ
حارت عقول الناس في إدراكها / كم عربي تائه وأعجمي
وما اهتدوا منها إلى شيء ولا / فاز بها سوى الشجاع الضيغم
مشوا إليها في سوى طريقها / وحاولوها بالخيال المظلم
يعرفها من نفسه كل امرئ / بحسن تقواه بلا تفهم
فالحجر المكرم الذي متى / تجده تظفر بالمنى وتغنم
أمر بسيط ما له تركُّبٌ / جوهره صافٍ يُرى كالعندم
ينبت بالتدريج في ترابه / شيئاً فشيئاً كنبات الكُرْكُمِ
تُلقي على الأجزاء جزءاً منه إن / أردت يقلبها إليه فاعلم
ويستحيل الكل شمساً خالصاً / أو قمراً به كماء أو دم
بالشمس إن أوصلته لأصله / بالغسل والتخليص والتنعم
وإن تركت لبه في قشره / فالقمر الأبيض بسام الفم
وركِّبِ الإكسيرَ إن أردت من / نون وميم مطلق وملجم
وامزجهما معاً بأيدٍ منهما / ممدودة كدرجات السُّلَّمِ
والإسم في الرسم من الغيب بدا / مُسَلَّطاً عليك مثل الطلسمِ
بالهاء والواو به هويَّةٌ / في ملكوت واضح ومبهمِ
واعرف حروفه التي أنت بها / مثلَّث الشكل إليها تنتمي
حققه واحفظ لفظه وادع به / وأنت في كعبته والحرم
تجده في الحال مجيباً بالذي / تريد من نصيبك المنقسم
واستعمل الصدق له وسيلة / ولا تكن عنه بما رمت عمي
لا تأخذُ الخلاقَ يا قومُ
لا تأخذُ الخلاقَ يا قومُ / في خلقه سنة ولا نومُ
فالروح تأخذها به سنةٌ / والجسم نوم فيه مرغومُ
والله عن روح وعن جسد / قد جلَّ لا يحكيه مفهومُ
ما في سماوات له وهي ال / أرواح قيدومٌ فقيدومُ
وكذاك ما في الأرض وهي له / أعني الجسوم وذاك مرسوم
وهو المميت لأنه أبداً / حي على الأكوان قيوم
فإذا أمات أباننا وإذا / أحيى خفينا وهو معلوم
في آية الكرسيْ لنا عبرٌ / منه كتابٌ جاء مرقوم
حق بحق فيه حقَّقنا / وما سواه فهو موهوم
به شرابي كوثر عذبٌ / وشرْبُ أهل الجهل زقوم
لم يفه يا ذا الوجه فمُ
لم يفه يا ذا الوجه فمُ / بك لولا أنني العدمُ
فالتفت وانظر لأصلك لا / تفتخر يلحق بك الندم
إن ربي عند قدرته / تستوي الأنوار والظلم
وعطاياه بلا علل / وكذا الحرمان والنعم
ما استحق المرءُ مرتبة / هو فيها أيها الفهم
ما اقتضت نفس عطيَّتها / بل عطاياه لنا كرم
ما اقتضى القبح القبيح ولا / يقتضي الحرمان منحرم
بل بمحض الإختيار على / كل ذي رأس له قدم
وجميعاً أسر قبضته / منعمٌ طوراً ومنتقم
تقول الأجانب عن علمنا
تقول الأجانب عن علمنا / وعنّا مقالةَ واهي الفهومْ
لماذا ترون السماع الذي / بآلاته طاردٌ للهمومْ
فقلنا لهم ما رأى المصطفى / رأيناه فلينزجر من يلومْ
وقالوا تُسَبِّحُ قلنا نعم / نُسَبِّحُ عُوَّامَ بحرِ العلومْ
وأما الذي هو غرٌّ بها / فيغرق في بحرها لا يعومْ
ظهر الوجود من العدمْ
ظهر الوجود من العدمْ / وبدا الحدوث من القدمْ
وتفصلت أسماء من / بالوجه أجمل والقدم
وانهدَّ ما بنت العقو / ل من المعاني وانهدم
وتبدل الشخص الذي / قد كان من لحم ودم
وقد استحال جميعه / نوراً فأوقع في الندم
وتداخل المخدوم في / وصف المحاسن والخدم
وتقاصر القصر المشي / د وبار بئرٌ وارتدم
إني أنا المعني القديمُ
إني أنا المعني القديمُ / إني أنا النبأ العظيمُ
وأنا هو السر الخفي / وأنا الصراط المستقمُ
والحق بي هو عالم / وبنفسه فهو العليم
والذات لا معنى لها / تلك الوجود هي القديم
فإذا عرفت فإنما / معنى لمعنى مستديم
هو نزلة أخرى له / قمنا بها وهو المقيم
ولقد رآه بها الذي / هو فضله فينا العميم
يا جوهراً لا جوهر / لكنه وصف كريم
قامت به أعارضه / وبطيبه جاء النسيم
حرنا فقلنا هكذا / والذات غيث يا فهيم
غيب الغيوب تنزهت / عما القلوب به تهيم
إنّا إليك نشير لا ال / موجود نحن بل العديم
والحق ليس عبارةً / منّا له وهو النديم
يدني ويقصي من يشا / وهو العذاب هو النعيم
معناه نحن وإنما / معناه يدركه الشميم
وهو الكوائن كلها / والكهف أيضا والرقيم
الله أكبر لا سوا / ه فإنه العقد النظيم
والسلك وهو وراء كل / ل الكل غفار حليم
وأنا السقيم وقد رتى / عجز ولا يشفى السقيم
والكون مثلي هكذا / لكن رضيع أو فطيم
قد هدينا بالخاطر المستقيمِ
قد هدينا بالخاطر المستقيمِ / لحديث عن الحبيب قديمِ
ووجدنا معارفاً وعلوماً / كان فيها المزاج من تسنيمِ
فشممنا بها روائح غيب / وسكرنا بطيب ذاك الشميم
كرياض زهورها فائحات / لذوي الشم معْ هبوب النسيم
ذات حق أرواحنا أخبرتنا / عن معاني أسمائه في الرقيم
محسنات بأمره يقذف الخل / ق كقذف المدادِ صورةَ ميم
وهو أمر محقق وهو خلقٌ / باطل متقن بصنع الحكيم
ووجود صرف إذا ما تجلى / صبغ الكل بالوجود العظيم
ومراداته هي الكل جاءت / في تراتيبها كعقد نظيم
صبغة لم تكن وبالوهم كانت / ما وجود يكون وصف العديم
حاش لله والبصائر زاغت / قبل زيغ الأبصار في التقديم
والذي يشهد الحقيقة غيباً / بشهود عنها لها مستقيم
لا بشوبٍ من الحلول ولا مع / نى انحلالٍ فيها ولا تجسيم
ويرى الكل فانياً مضمحلاً / فهو عبد فانٍ لحق مقيم
أيها النفس ها هو النور باد / فاكشفي عنه منك ثم استقيمي
ودعي عنك ما سواه فمنه / ما سواه السراب للتوهيم
ثم ناجيه فوق طور التداني / بتدليه إرث موسى الكليم
واعلميه بعلمه لا بعلم / تدعيه يكون بالتعليم
في مقام محمديٍّ شريف / شارع للتحليل والتحريم
فعليه السلام ما راق مَعْنَىً / لِمُعَنَّىً فجاد بالتسليم
عجبت من شيئين قد أجمعت
عجبت من شيئين قد أجمعت / عليهما كل عقول الأنامْ
فالأول المعدوم من كل شَيْ / أزال عنه الله وصف انعدامْ
فصار موجوداً وأضحى له / وصفَ وجودٍ ظاهرٍ للعوام
فاعجب لموصوفٍ هو المنتفي / ووصفه الثابت دون انبهام
بمن ترى الوصف غدا قائماً / تحققوا يا قوم هذا الكلام
والآخر الحق الوجود الذي / قَدَّر كل الخلق بالإنتظام
كيف بمعدوماته قد غدا / متصفاً والعقل فيها إمام
حتى بدا التنزيه عنها به / واحتاج هذا الأمر للإختصام
وإنما القهار وهو الذي / أفعاله تجرى بحكم المرام
فيطلع العقل على ما يشا / من المعاني عن ضيا أو ظلام
تصرُّفاً منه به كيفما / أراد لا عتبٌ كما لا ملام
ذو العلم قصر مشيد ليس ينهدمُ
ذو العلم قصر مشيد ليس ينهدمُ / بئرٌ معطلةٌ ذو الجهل مرتدمُ
والقرب من خالق الأكوان معرفة / بها قلوب ذويها فيه تأتدمُ
ما الزهد إلا مقام السالكين إلى / قرب الإله لهم يعلو به قدم
وكيف يمكن زهد لامرئٍ نظرت / عيناه أن جميع الكون منعدم
لكنه ثابت يعني فليس له / نفيٌ بإثبات قولٍ وصفُهُ القدم
وإنما الكل بالحق المبين لهم / بانوا وبنيانهم لولاه منهدم
فهو الوجود الذي لا غيره أبداً / وهم تقاديره المخدوم والخدم
وواحد هو في ذات وفي وصفة / ومطلق وقيود لحمهم ودم
والواصلون إليه قائمون به / فهو الوجود لهم بالوهم ينعدم
وليس شيء مع الحق المبين وهل / مع الوجود سواه والسوى عدم
أنا التَعَيُّنُ والرب المهين ما
أنا التَعَيُّنُ والرب المهين ما / به التعين طوبى للذي فهما
هو الوجود القديم المحض جل ولم / أزل مُقَدَّرَهُ والحادثَ العدما
فرَّقتُ بيني بتحقيق الوجودِ له / وبينه بعد درْكِ الجمع بينهما
والجاهل الغر لا يدري مقالتنا / فيه وإن كان محسوباً من العُلَما
ومن عجائب أمري أنني عدم / ولي وجود به قد صرت متَّهَما
وهو الذي قبضتني هكذا يده / لها وقد بسطتني صنعة الحُكَما
فحرت فيه وفي أمري فأرشدني / إليه يثبت لي في علمه قَدَما
فها أنا اليوم مشغوفٌ برؤيته / محققاً ظاهراً في الكون منبهما
هل من فتى يا بني قومي أُفَهِّمُهُ / فيكشف الله عنه هذه الغُمَما
ويصبح القطب في سامي دوائره / وفي الحقائق يمسي المفرد العلما
ما قلت ذلك من نفسي ولا جهلت / حقيقتي فادعت ما قلته شمما
وإنما الغيب لي لاحت إشارته / لتُسمعَ اللوحَ ما قالته والقلما
لوحُ الوجود المسمى روح نفخته / وعقلُهُ قلمٌ كلَّ الورى رقما
مراتب هن للحق الوجود بدت / فيهن كان قديماً واسمهنَّ عَمَا
معرفتي مخلوقة وهي لا
معرفتي مخلوقة وهي لا / تليق بالخالق ربي القديمْ
لأجل ذا في كل وقت بدت / في صورة يطرب منها النديمْ
إذا تأملنا تناويعها / في كل معوجٍّ وفي مستقيم
وإنها قاصرة كلها / عن حضرة الغيب النزيه العظيم
قلنا صواب كلها قول من / يعتبر المخلوق ذاك العديم
وإنها استعداده قد بدا / منه لها يرجى قبول الكريم
وباعتبار الحق قلنا خطا / جميعها والوصف فيها ذميم
وإنما الحق تعالى الذي / بنفسه دون سواه عليم
فعلمنا بالحق منا له / إسلامُنا والقلب منا سليم
ونحن بالعلم الذي نفسه / تعلمه نعلمه يا فهيم
عدم يحيط به الوجود وإنما
عدم يحيط به الوجود وإنما / عرف الوجود إذا الوجود تكلما
وهو الوجود وكلنا عدم بنا / هو قد أحاط وقد أشار فأفهما
صور بقرطاس تُقَصُّ فإنها / معدومة ولها الوجود توهَّما
أعنى بذلك أنها مقصوصة / في داخل القرطاس قصاً محكما
قرطاسها الموجود لا هي وحده / وهو المحيط بها وعنها أبهما
وله الظهور بها بوصف إحاطة / فانظر وليس لنا الظهور لتعلما
وجميع هذا كله في لمحة / يبدو ويخفى منةً وتكرُّما
والأمر أمر الله يعني شأنه / هو كل يوم فيه لن يتصرما
والخلق خلق الله أيضاً كلهم / عدم إذا حققت أرضٌ أو سما
وإذا مشيت مع العقول ووهمها / كنت المؤخَّر والمحقُّ مقدَّما
إذ ما سوى مولاك جاءك باطل / في النص فانٍ هالكٌ كم ذا العمى
فالمبطلون هم الذين تعلقوا / بسوى الإله الحق من جهل نما
والعارفون هم الذين قد اهتدوا / فاتبعْ طريقَهمو وخذْها سُلَّما
واسلك بها في الشرع شرع محمد / تجد الذي وجدوا وتصبح مسلما
صلى عليه الله ما ذهب الدجى / وأتى الصباح وما الهزار ترنّما
تجلت لنا ذاتٌ وفعلٌ بدا واسمُ
تجلت لنا ذاتٌ وفعلٌ بدا واسمُ / فكانت وما كنا وليس لنا وسمُ
هنالك قامت بالوجود قيامةٌ / بها حشرت أرواحنا واختفى الجسمُ
مدام بها الأفراح دامت لأهلها / ومن لم يذقها كل أوقاته غمُّ
وقام بها الساقي وحيى فساقنا / إلى مورد منها لذيذ به الطعم
إذا ما تراءت في الكؤوس بدا لها / شعاع له في كل ناحية نجم
هي السر للأشياء والجهر دائماً / على عدد الأنفاس والبدءُ والختم
بها يهتدي الأعمى إليها ويسمع ال / أصمُّ وتأتي ناطقين بها البُكم
ويأمنُ ذو خوفٍ ويفرح ذو أسىً / ويعتزُّ ذو ذلٍّ ويبرا بها السقم
ولو أنهم صبوا على البحر قطرة / لعاد بها عذباً ولو أنه سم
ولو ذكروا حول الحطيم صفاتها / لزال عن البيت العتيق بها الحطم
ولو لم يكن أسماؤها قد تبينت / لما بان في الأكوان كيفٌ ولا كم
ولولا سنا كاساتها من ورا الورى / لما كان ذوق في الندامى ولا فهم
ولو أن ميتاً لقَّنوه بلفظها / لقام سريعاً نحوها شوقه ينمو
ولولا بدت لم يشعر الأشعريْ بها / ولولا تخفت ما تجهمها جهم
ولولا معاني حسنها ظهرت على / ملاح الورى ما كان عشق ولا وهم
ولو بيتيم الوالدين قد اعتلت / لعز وعنه زال من ذله اليتم
جمال تجلى في جلال وعكسه / فقوم لهم مدح وقوم لهم ذم
وكل قلوب الناس لو لم تَهِم بها / لما طاب نثر في الكلام ولا نظم
ولكنهم هاموا ورقت طباعهم / ولم يعلموا في أي واد بها همّوا
لئام من الأشياء يحجب وجهها / حلا لعيون العاشقين به اللثم
ألا حيِّ يا صاحي على سكرةٍ بها / ودع عنك من هُمْ دونَها عندهم وهم
وشقق بها الأثواب عنها وكن بها / مجرد عزم لا يقاس به عزم
وبت في ثرى حاناتها متلففاً / بأثواب ذلٍّ في هواها بها تسمو
وكن عاجزاً عنها تكن قادراً بها / فعدلك عنها منك نحو السوى ظلم
هي البيت بيت الله حجت قلوبنا / إليها فلا ذنب علينا ولا جرم
إذا نحن أحرمنا نلبي بذكرها / وفي عَلَمَيها عندنا يَكثرُ العلم
وإن زمزم الحادي بها فهي زمزم / وعن مصِّنا من ثديها ما لنا فطم
نعمنا بها في لذة العيش والصبى / وما ذاك إلا أنها أنعمت نُعْم
هي الدهر في تقليب أيامه على / بنيه له حرب بهم وله سلم
إذا ما شربناها خفينا بنورها / وعند طلوع الشمس ما للدجى رسم
بها للحواس الخمس منا تمتع / فسمع ولمس ذوقنا بصر شم
وللعقل أيضا لذةٌ في جمالها / وسر بدا منها له وجب الكتم
وقد سكرت حاناتها وكؤوسها / بها في تجليها وقد سكر الكرم
ولو أن إنسانا صحا لرأى هنا / من السكر قد هامت بها العرب والعجم
ومن سكرهم منها يقولون غيرها / وهذا أبٌ قالوا كما هذه أم
وقالوا عيون في وجوه وأرجل / وأيد وقالوا أرؤس ودم لحم
معان تبدت في صفاء وجودها / فقوم لهم أجر وقوم لهم إثم
وتلك نعوت قائمات بها لها / على الفرض والتقدير لا أنه حتم
أشاراتها اللاتي بوصف مشيئة / تسمّى بأشيا وهي هالكةٌ عقم
وما ثم توليدٌ وليس مناسباً / لها ذاك بل وصفٌ إليها له ضم
تحقق بما قلناه فيها مجانباً / سواه فما قلناه فيها هو الغنم
وإياك والتوليد في جعلها السوى / فذلك قذف منك في حقها شتم
وإن جهل الأقوام ذلك واختفى / عليهم فللتوحيد توليدهم هدم
نصحتك فامسح عن بصيرتك العمى / بقولي وإلا فالنصوص لك الخصم
وهذا هوالحق الذي هو ظاهر / وبالغيب فيها ما عداه هو الرجم
خذ الكاس مني يا ابن ودي فإنه / رويٌّ بهذا فليكن عندك الحزم
ومل طرباً في النشأتين بشربِهِ / فإن شرابي للضلال به هضم
شراب طهور في كؤوس نظيفة / كريم به الساقي ومنه العطا الجم
على رنة الأسماء دام مدامنا / وإن نمق الزور الوشاة وإن نموا
وفي مقعد الصدق العزيز مناله / تجلت لنا ذات وفعل بدا واسم
العفو أليق لا جرمْ
العفو أليق لا جرمْ / خلف الوعيد من الكرمْ
إن الكمال هو الذي / حبل الوجود به انبرمْ
وعليه نكسب لا علي / نا كاسب هو ما انخرم
لولا النصوص أتت بأخ / بار الوعيد المحترم
قلنا لكم ما الكل إل / لا النور يلمع في الحرم
والنار نورٌ أصلها / والكل حق ما انصرم
والواو حين تحركت / قلبت لأمر لم يُرَم
ألفاً هي الذاتُ انجلتْ / ذات العماد وقل إِرَم
والمنتهى منه إلي / ه فلا شباب ولا هرم
والغير ينفخ في الرما / د ونحن ننفخ في ضرم
وكلامنا سمن وقو / ل الغير أجمعه ورم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025