المجموع : 24
البحر رهوٌ والسما صاحيه
البحر رهوٌ والسما صاحيه / والفخت في الليل شبيه السديم
والبدر في طلعته الزاهية / قد ضاحك البحر بثغرٍ بسيم
والصمت في الأنحاء قد خيّما / فالليل لم يسمع ولم ينطِق
والبدر في مفرق هام السما / تحسبه التاج على المَفرق
أغرق في أنواره الأنجما / وبعضها عام فلم يغرق
والبحر في جبهته الصافيه / قام طريقٌ للسنا مستقيم
لم تخفَ في أثنائه خافيه / حتى ترى فيه اهتزاز النسيم
وقفت والريح سرت سجسجا / وقفة مبهوت على الساحل
أنظر ما فيه يحار الحجا / في الكون من عالٍ ومن سافل
يا منظراً أضحك ثغر الدجى / ورد سحبان إلى باقل
ما أنت إلا صحف عاليه / كم حار في حكمتها من حكيم
إذا وعتها إذن واعيه / فقد وعت خير كتاب كريم
وزان عرض البحر ما قد بدا / من زورق يجري بمجدافتين
عام بذوب الماس أوقد غدا / يسبح في لجة ذوب اللجين
في صامت الليل جرى مفردا / وبين جنبيه حوى عاشقين
من غادة في حسنها غانيه / تبسم عن لألاء درّ نظيم
ومن فتى أدمعه جاريه / قد صافح العشق بجسم سقيم
قابلها والحب قد شفه / وقابلت طلعة بدر السما
وظلّ يرنو تارةً خلفه / وتارة ينظرها مغرما
ثمّ تدانى واضعاً كفّه / في كفّها يطلب أن يلثما
وخرّ من وجد على الناصيه / وقلبه يركض ركض الظليم
وهي غدت من أجله جاثية / واحتضنته كاحتضان الفطيم
ثم رمى نظرة مسترحم / في الكون عن طرف له حائر
وقال قول الكلف المغرم / في حبّ ذات النظر الساحر
أيتها الأرض قفي واسلمي / من أجل هذا المشهد الزاهر
حتى أرى ليلتنا باقيه / محفوفةً مِن وصلنا بالنعيم
فإن هذي ليلةٌ حاليه / تزهو ببدرين وطلق النسيم
وأنت يا بدر اللطيف السنا / في الجو قف وقفة غير الرقيب
ما أبهج النور وما أحسنا / إذا دنا منك لوجه الحبيب
كأنه ندرة لما دنا / نحو المعالي يبتغيها النصيب
فحاز منها جملةً وافيه / ما حازها من أحدٍ من قديم
وصار يدعى الرجل الداهيه / في الفكر والمجد وخلق عظيم
يا آل مطران لكم ندرة / وأكرم الناس هو النادر
لكن معاليكم لها كثرةٌ / يعجز ان يحصرها الحاصر
من أجلها أمست لكم شهرةٌ / عمّ البرايا صيتها الطائر
حيث معاليكم غدت قاضيه / لكم على الناس بفضل عميم
فراية المجد لكم عاليه / و ندرة الشهم عليها زعيم
يا من بنى المجد فأعلى البنا / فكان أعلى الناس في مجده
اِقبل من العبد جميل الثنا / وإن يكن قصّر عن حدّه
ومُره ثم احكم به أن ونى / ما يحكم السيّد في عبده
إذ أنت بالمنقبة الساميه / قد خصّك الله العزيز العليم
فاهنأ ودم عيشة راضيه / رغم المعادي وسرور الحميم
زهرة قد بدت من الأكمام
زهرة قد بدت من الأكمام / فتجلّى مها الجمال السامي
وتراءت فيها الحقيقة حسناً / لم يدنّسه طائف الأوهام
أن تجريدها من الثوب يحكي / أنفساً جُرّدت من الآثام
هي كانت قبل التجرّد منه / كوكباً غمّ نوره بغمام
أن قدس القداس يغضب من أن / تتوارى وسامة الأجسام
وأشدّ الكفر الذي هو رجز / كفر هذا الجمال بالأهدام
ضلّة جاهلية أنكرتها / رسل الفنّ في هدى الإسلام
أنظر الصورة التي انتزعتها / من يد العري ريشة الرسَام
تلق فيها الجمال يضحك ضحكاً / يمتري الدمع من عيون الغرام
وترى نفسك الكئيبة منها / في سرور مهاجم مترام
أنت منها في نشوة المتحسّي / بنت كرم ولوعة المستهام
منظر يترك الجوانح منّا / في هياج من الهوى وهيام
ويردّ الوجوه مستبشراتٍ / ويرد الثغور ذات ابتسام
يبهج النفس إذ يحرّك منها / وتر الشعر مطرب الأنغام
خلعت ثوبها وأغضت حياءً / فأرتنا خلاعة في احتشام
جلست جلسة الحييّ وأبدت / بالتعرّي بداعة في الوسام
ما احيلى اغضاءة جعلتها / كغريق في لجّة الأحلام
يتعامى عنها الحياء حياءً / ليراها بحيلة المتعامي
لسقوط الرداء عن منكبيها / نهض الفنّ قائماً باحترام
وغدا الحبّ راقصاً بابتهاج / وجرى الشعر شادياً بانسجام
أن هذا الجمال شيء عجيب / حيرة في العقول والأفهام
بين ألوانه وبين قلوب الن / اس جذب ذو مرّة وعرام
هو في الناس صاحب الأمر والنه / ي مطاع في النقض والإبرام
هو نور يضيء في أوجه الحبّ / ويهدي نفوسهم للغرام
أن يشأ فالصغار غير صغار / وعظام الرجال غير عظام
قصدوا الرياضة لاعبين وبينهم
قصدوا الرياضة لاعبين وبينهم / كرة تراض بلعبها الأجسام
وقفوا لها متشمّرين فالقيت / فتعاورتها منهم الأقدام
يتراكضون وراءها في ساحة / للسوق معترك بها وصدام
وبرفس أرجلهم تساق وضربها / بالكفّ عند اللاعبين حرام
ولقد تحلَق في الهواء وأن هوت / شرعوا الرءوس فناطحتها الهام
وتخالها حيناً قذيفة مدفع / فتمرّ صائتة لها أرزام
ولربما سقطت فقام حيالها / للضرب عبل الساعدَين همام
فتخالها وتخاله كفريسةٍ / سقطت فزمجر دونها الضرغام
لا تستقرّ بحالة فكأنها / أمل به تتقاذف الأوهام
تنحو الشمال بضربةٍ فيردّها / نجو الجنوب ملاعب لطّام
وتمر واثبةً على وجه الثرى / مراً كما تتواثب الآرام
وتدور بين اللاعبين فمحجِم / عنها وآخر ضارب مقدام
وكأنها والقوم يَحتوِ شونها / قلبٌ عليه تهاجم الآلام
راضوا بها الأبدان بعد طلابهم / علماً تراض بدرسه الأفهام
أبناء مدرسة أولاء وكلّهم / يفع مرير المرفقين غلام
لابد من هزل النفوس فجدّها / تعبٌ وبعض مزاحها استجمام
فإذا شغلت العقل فالْهُ سويعةً / فاللهو للعقل الطليح جمام
والفكر منهكة فباستمراره / تهن العقول وتهزل الأجسام
ورياضة الأبدان ملعبة بها / حفظت نشاط جسومها الأقوام
أن الجسوم إذا تكون نشيطةً / تقوى بفضل نشاطها الأحلام
هذي ملاعبهم فجسمك رض بها / وأسلك مسالكهم عداك الذام
أسمعي لي قبل الرحيل كلاما
أسمعي لي قبل الرحيل كلاما / ودعيني أموت فيك غراما
هاك صبري خذيه تذكرة لي / وأمنحي جسمي الضني والسقاما
لست ممن يرجو الحياة إذا فا / رق أحبابه ويخشى الحماما
لك يا ظبية الصريمة طرف / شدّ ما أوسع القلوب غراما
حُبَّ ماءُ الحياة منك بثغر / طائر القلب حول سمطَيه حاما
شغل الكاتبين وصفك حتى / لا دويّاً أبقوا ولا أقلاما
كلما زاد عاذلي فيك عذلاً / زدت في حسنك البديع هياما
أفاحظي بزَورة منك تشفي / صدع قلبي ولو تكون مناما
ربّ ليل بالوصل كان ضياءً / ونهارٍ بالهجر كان ظلاما
قد شربت السهاد فيه مداماً / وتخذت النجوم فيه ندامى
ما لقبي إذا ذكرتك يهفو / ولعيني تُذري الدموع سجاما
أن شكوت الهوى تلعثمت حتى / خلتني في تكلّمي تمتاما