المجموع : 53
أليومَ ماتَ التُّقَى والجودُ والكَرَمُ
أليومَ ماتَ التُّقَى والجودُ والكَرَمُ / في جانبِ اللهِ لمَّا زلَّتِ القَدَمُ
مات العُبَيديُّ روفائيلُ فانهَدَمتْ / أركانُهُ وثَناهُ ليس يَنهدِمُ
تدومُ آثارُهُ في مِصرَ باقيةً / في أرضِها ما بقي في الجِيزَة الهَرَمُ
إنَّ الكريمَ الذي يَروي محامِدَهُ / حيّاً ومَيْتاً لسانُ النَّاسِ والقَلَمِ
هذا الذي كان رُكناً يُستغاثُ بهِ / في آلِ عيسى وتُعلي شأنَهُ الأُمَمُ
تشرِّفُ النَّاسَ أموالٌ وكان بهِ / يُشرَّفُ المال إذ تجري بهِ النِعَمُ
مضى وليسَ لهُ مِلْكٌ سوَى كَفَنٍ / في طيِّ رمْسٍ عليه الدُّودُ يزدَحِمُ
لا خيرَ في عيشةٍ للنَّاسِ يعَقُبُها / مَوتٌ ولا في وجودٍ بعدهُ عَدَمُ
فرقَ الثَّرى يَعرِفُ المخدومُ خادِمَهُ / وتحتَهُ يستوي المخدومُ والخَدَمُ
مَن كانَ في دارهِ قلَّ الشَّبيهُ لهُ / صارت تشابهُهُ في لحدِهِ الرِّمَمُ
قد باتَ منطرحاً في كفِّهِ شَلَلٌ / في نُطْقِهِ خَرَسٌ في سَمْعهِ صَمَمُ
ركنٌ عظيمٌ هَوَى في مصرَ فارتعَدَت / من هَوْلهِ عَرَبُ الأقطارِ والعَجمُ
ضجَّتْ بمصرَعهِ مصرٌ وساحتُها / وضجَّت الشَّامُ فارتَّجت بها الأكَمُ
هو الشَّهيرُ الذي تُغنيكَ شُهرتُهُ / عن وصفهِ فاستراحت عندكَ الكَلِمُ
من فاتَهُ نظرٌ ما فاتَهُ خبَرٌ / كلاهما بين كلِّ النَّاسِ منقسمُ
يبكيكَ يا ابنَ عُبيدٍ كلُّ ذي أمَلٍ / قد كان من راحتَيَكَ الخيرَ يَغتنِمُ
تبكيكَ مدرسةٌ شيَّدتَها فبنَتْ / في جنَّةٍ لكَ قصراً فيكَ يبتسِمُ
يبكي عليكَ التُّقى والبِرُّ منتخِباً / والجودُ والحِلمُ والأخلاقُ والشِّيَمُ
عِفَّةٌ كالإناءِ المُصطفَى اعتَصَمتْ / فكُنتَ فيها بحبلِ الله تعتَصِمُ
يا رحمةَ الله حلِّي كالسَّحاب على / وجهٍ كريمٍ بنورِ الله يلتثِمُ
وصافحي تُربةً قد طابَ مضَجَعُها / وصافَحتْها من اللُّطفِ الخَفيِّ النَّسَمُ
وبَشِّري أنَّ روفائيلَ عن ثقةٍ / بين الملائكِ قد رَنَّتْ لهُ النَّغَمُ
كما ابتدتْ في صفاتِ الخيرِ مُدَّتُهُ / كانت عواقِبُهُ بالخيرِ تَختَتِمُ
دعاني من هَوى هندٍ وأَسْما
دعاني من هَوى هندٍ وأَسْما / فذلك قدْ جَعلتُ عَليهِ خَتْما
إذا ولَّى سوادُ الرَّأسِ يوماً / يصيرُ هوَى سوادِ العينِ ظُلما
لأيَّامِ الصِّبا زَهْوٌ ولكنْ / سيَخبُثُ بعدهُ ما لَذَّ طَعْما
ويَنسى المرءُ من نَدمٍ حَديثٍ / حلاوةَ كلِّ ما قد مرَّ قِدْما
حَياةُ النَّاسِ في الدُّنيا غَرورٌ / كعينٍ أبصَرَتْ في النَّومِ حُلْما
إذا ما أصبَحتْ ضَحِكت عليهِ / وتَعلَمُ أنَّهُ قد كانَ وَهْما
سَلِ الشَّيخَ الحُسينَ متى تَراهُ / يُفِدْكَ بمشكلاتِ الدَّهرِ حُكما
وتشربُ مِن خَطابتهِ شراباً / طَهوراً ليسَ مَن أرواهُ يَظما
أبَرُّ الصَّالحينَ يداً وقلباً / وأزكَى رَهطِهم خالاً وعَمَّا
وأكرَمُ شيمةً وأجلُّ قَدْراً / وأبلغُ حِكمةً وأشَدُّ حَزما
لقد جَمَعَ الشتَّاتَ من السَّجايا / كعِقدٍ ضَمَّ نثرَ الدُرِّ نَظما
وقامَ على حُدود الله يَبغي / رِضاهُ جامعاً عَملاً وعِلما
قضى الحجَّ الشَّريفَ إلى مَقامٍ / أقامَ لهُ خليلُ اللهِ رَسما
وقد رَمتِ الجِمارَ يداهُ يوماً / فصَبَّ على جنودِ السُّوءِ رَجْما
ألا يا خيرَ مَن في البيتِ لَبَّى / وطافَ وخيرَ من ضَحَّى وسَمَّى
هَنئْتَ بعوْدةٍ من دارِ حجٍّ / لدى تأريخهِ بالخيرِ تَمَّا
ويلاهُ من عُرسٍ تحوَّلَ مأتَما
ويلاهُ من عُرسٍ تحوَّلَ مأتَما / ولذيذِ عيشٍ قد تحوَّلَ علقَما
لم يضحَكِ المسرورُ يومَ سرورهِ / حتَّى بكَى من بعدهِ وتألَّما
يا أيُّها اللاهي بغفلتهِ انتَبِهْ / إن الحِمامَ يحومُ حولكَ في الحِمَى
كم باتَ يندُبُ نائحاً في ليلهِ / مَن كان يطرَبُ في الضُّحى مُتَرَنِّما
عَرِّجْ على غَرْبِ البِلاد وسَلْ بهِ / عَمَّا أصابَ أميرَ قيسٍ مُلحِما
خَطِفَتْ كريمتَهُ المنيَّةُ ليلةً / بسوادِها وجهُ الصَّباحِ تَلثَّما
قد غابتِ الشَّمسُ المنيرةُ في الدُّجَى / فبكى لفُرقَتِها الشِّهابُ وأظلَما
هَبَطَت إلى جوفِ الثَّرَى مِن بُرْجها / فعلا صُراخُ النَّادباتِ إلى السَّما
غابت ولم يَنصلْ خِضابُ زِفافها / عن أعينٍ خَضَبَت مَحاجِرها دَما
وتَسربَلَت ثوبَ البياضِ فالبَسَت / مَن حولها ثوبَ السَّوادِ الأدهما
خانَ الزَّمانُ بها أباها ظالماً / مَن لم يكنْ أحدٌ بهِ مُتظلِّما
والٍ تغيَّرَتِ الوُلاةُ بأسرها / وأقامَ ثابتَ دولةٍ متقدِّما
ولكلِّ والٍ كارِهٌ من دونهِ / فلهُ الوِدادُ مُخصَّصاً ومُعمَّما
جبلٌ على جبلٍ أقامَ وشأنُهُ / ما زالَ أعلى من ذِراهُ وأعظَما
يُومي إليهِ لو أصابَ لهُ يداً / ويفوهُ حمداً لو أصابَ لهُ فَما
يا فَرْعَ رَسلانَ الذي من بعدهِ / قد صار أصلاً في الكرامِ مكرَّما
ما زالتِ الدُّنيا تَقولُ لأهلِها / ليسَ الكريمُ على القَناةِ مُحرَّما
ظَلَمَ الزَّمانُ وقد عَدَلتَ أمامَهُ / لو كان فيهِ نَباهةٌ لتعَلَّما
طُبِعَ الخبيثُ على العِنادِ مُعوِّجاً / أحكامَهُ مَعَ مَن يراهُ مُقوَّما
لم يستَطِعْ ضَرَراً لشخصكَ فانثَنى / كيداً ومدَّ إلى فَتاتِكَ مِعصَما
وكأنَّهُ يجني على فُضَلائهِ / حَسَداً لهم فيَرُدُّ ما قد أنعَما
أللهُ يأخُذُ مَن يَشَاءُ مُؤَخَّراً / ولقد يُعاجِلُ من أحبَّ مُقدَّما
سيسلِّمُ الدَّعوى إليهِ كارهاً / مَن لم يكن طَوْعاً إليهِ مُسَلِّما
يا رحمةَ اللهِ العظيمِ تغمَّدي / شمساً لقد أبكتْ عليها الأَنجُما
تسقي المدامعُ بالدِّماءِ ضريحَها / سَحَراً ويغسِلُهُ السَّحابُ إذا هَمى
قد شَرَّفتْ أرضاً ثَوَت في طيِّها / لو صادَفَت ثغراً لها لتَبَسَّما
وسقَى التي فيها شرابُ كرامةٍ / ممَّا يُؤَرَّخُ كأْسُهُ يُرِوي الظَّما
كريمٌ قد تولاّهُ الكريمُ
كريمٌ قد تولاّهُ الكريمُ / برحمتهِ فدامَ لهُ النَّعيمُ
رَجَونا أن يعيشَ لنا سليماً / ولكن ليسَ في الدُّنيا سليمُ
بلايا الدَّهرِ بينَ النَّاسِ شَتَّى / وأعظَمُها يُصابُ بهِ العظيمُ
تُفاجئُ حيثُ لم تَخطُر ببالٍ / ولم يَفطُنْ لَها الرَّجلُ الحكيمُ
إذا لم تأتِ جهراً من أمامٍ / أتَت من فوق خاطفةً تَحومُ
نسُدُّ طريقَها عنَّا فتجري / على طُرُقٍ إلينا تَستقيمُ
لعَمرُكَ كلُّ ما في الأرض فانٍ / وغيرُ جَلالِ ربِّكَ لا يَدومُ
لكلِّ مَصائِبِ الدُّنيا خصوصٌ / بهِ افتَرقَتْ وللموتِ العُمومُ
سَيطرقُ كلَّ جسمٍ فيهِ روحٌ / فلا تَبقَى الحياةُ ولا الجُسومُ
ولو أنَّ النُّجومَ لها حَياةٌ / لذاقتْ غُصَّةَ الموتِ النُّجومُ
سَقَتْ نِعَمُ الإلهِ ثَرَى ضريحٍ / أجَلُّ مُسافِرٍ فيهِ مقيمُ
فينبُتَ فوقهُ زَهرٌ رطيبٌ / ويَروَى تحتَهُ عظمٌ رميمُ
مضى عنَّا وقد غُلَّتْ يَداهُ / وقُطِّبَ ذلكَ الوجهُ الوسيمُ
قدِ اختَطَفَتْهُ بارِقةُ المنايا / بليلٍ لم يَهُبَّ بهِ النَّسيمُ
دعوناهُ سليماً حين رُمنا / سلامتَهُ فخالفَ ما نَرومُ
وصدَّ فما يُجيبُ ولو تَولَّى / مَقامَ خِطابِهِ مَوسَى الكليمُ
عليهِ رحمةٌ في كلِّ يومٍ / يجدِّدُها لهُ المَلِكُ الرَّحيمُ
وتلكَ نِهايةُ الآمالِ يَسعَى / إليها من يُصلِّي أو يَصومُ
نَهنِهْ دموعَكَ أيُّها الباكِي فما
نَهنِهْ دموعَكَ أيُّها الباكِي فما / تُطفي الدُّموعُ لَظىً ولا تُروي ظَما
واعلمْ بأنَّ الدَّمعَ يُصبحُ جَمرةً / إنْ مَسَّ جمراً في فؤادِكَ مُضرَما
كم ضاعَ دمعٌ في الزَّمانِ وقد جَرَى / عَبَثاً ولا عجبٌ فكم ضاعتْ دِما
إن كان قد ضاعَ البكاءُ فلا تُضِعْ / زَمَنَ البكاءِ فذاكَ أفضلُ مَغنما
تبكي لبدر الأرضُ حينَ أصابهُ ال / خَسْفُ الذي يجري على بدرِ السَّما
كلٌّ يصيرُ إلى الفناءِ كما نَرى / حتى يكادَ الدَّهرُ يُفنِي الأنجُما
لا يعدَمُ الأحزانَ في الدُّنيا سِوَى / قلبٍ يكونُ من الأحبَّةِ مُعدَما
إن كنتَ لا ترضى بفُرقةِ صاحبٍ / فاخرُجْ به منها وكن حامي الحِمَى
سَقَمٌ قديمُ العهدِ في الدُّنيا ولا / يُرجى شفاءُ الدَّاءِ حينَ استحكَما
وإذا اعتَرَى الظَّرفَ الفَسادُ لذاتهِ / كيفَ الرَّجاءُ لما بهِ أن يسلَما
فاجعلْ من السَّلوَى لنفسكَ مطعماً / واعقِدْ من الصَّبر المُصَفَّى مَرهمَا
والصَّبرُ لو ادركتَ قيمةَ نفعِهِ / أعطيتَ ديناراً لتأخُذَ دِرهما
نَحْنُ النَّصارَى آلُ عِيسَى المُنتَمي
نَحْنُ النَّصارَى آلُ عِيسَى المُنتَمي / حَسَبَ التَّأَنُّسِ للبتولةِ مَريَمَ
وَهُوَ الإِلهُ ابنُ الإِلهِ وروحُهُ / فثلاثهٌ فِي واحدٍ لم تُقَسمِ
للآبِ لاهوتُ ابنهِ وَكذا ابنُهُ / وكذا هما والرُّوحُ تحتَ تَقنُّمِ
كالشَّمسِ يَظهَرُ جِرمُها بشُعاعها / وبحَرِّها والكُلُّ شُمسٌ فاعلَمِ
واللهُ يَشَهُد هكذ بالحقِّ في / سِفرٍ لتوراةِ الكليمِ مُسَلَّمِ
عن آدمٍ قد قالَ صارَ كواحدٍ / منَّا بلفظِ الجمعِ مِن ذاكَ الفمِ
خَلَقَ البسيطةَ واحداً في جوهرٍ / أَحَدٍ لخِدمةِ آدَمَ المُستَخدَمِ
لكنْ عَصاهُ بزَلَّةٍ لا تنمحي / إلَّا بإِرسال ابنِهِ المتُجسِّمِ
فأَتَى وخلَّصَهُ وخلَّصَ نَسلَهُ / ذاكَ المخلِّصُ من عَذابِ جهنَّمِ
وشَفَى من البَلوَى وفتَّحَ أَعيِناً / وأَقامَ مَيْتاً مثلَ بالي الأعظُمِ
هذا مسيحُ اللهِ فادينا الذي / صَلَبَتْهُ طائفةُ اليهودِ كمُجرِمِ
بطبيعةٍ بَشَريَّةٍ قد أُلِّمَتْ / وطبيعةُ اللاهوتِ لم تتأَلَّمِ
حَمَلَ الجِرَاحَ بنفسِهِ مُتَعمِّداً / حتَّى تكونَ لجُرْحِنا كالمرهمِ
قد كانَ ذلكَ منهُ طَوعاً وَهْوَ قد / وافَى لهُ يَفدِي بهِ الدَّمَ بالدَّمِ
مَن قالَ للأعدا أنا هُوَ فانهوَوا / صَرْعَى أَليسَ بقادرٍ أَن يحتمي
لو لم يُرِدْ لم يأْتِ قَطُّ فإنَّهُ / أَدرَى بذا في عِلمهِ المُتَقدِّمِ
لاهوتهُ المالي الوجودِ إذا اكتَسى / جسماً فهل ضَرَرٌ لهُ بتجسُّمِ
وإذا تأَلَّمَ هل عَلَى اللاهوتِ من / أَلَمِ فليس اللهُ بالمُتألِّمِ
لكنَّهُ قد شاءَ ذاكَ لحِكمةٍ / سَبَقَتْ بغامضِ علمهِ المستحكِمِ
فَأَتَى المسيحَ بأمرهِ مُتجسِّداً / من خيرِ سِبطٍ في اليهودِ مُكَّرمِ
مُتَنازِلاً مُتَذلِّلاً مُتَواضِعاً / مُتَصاغِراً رُغماً عَلَى المتُعَظِّمِ
وهُو الإِلهُ الأعظمُ الآتي لنا / من نَسْلِ داودَ النبيِّ المُلهَمِ
أعطتهُ توراةُ الكليمِ شَهادَةً / وشَهادةً وشَهادةً لم تُكتَمِ
وكتابُهُ الإِنجيلُ حقٌّ واضحٌ / لا ريبَ فيهِ ولا سبيلَ لمُتهِمِ
في كلِّ طائفةٍ وقُطرٍ واجدٌ / ما بين أَصل عندَهم ومتُرجَمِ
كم في النَّصارَى شيعةً قد ناقضَت / أُخَرى وقد حَكَمَتْ بِما لم تحكُمِ
سبعونَ أو مئةٌ من الأحزابِ في / خُلْفٍ عَلَى لَزَمٍ وما لم يَلَزَمِ
يا طالما اختَلَفوا فما اتَّفقوا عَلَى / شيءٍ سِواهُ فغيرُهُ لم يَسَلمِ
كم آيةٍ فيهِ تُخالفُ بعضَهم / لكن عَلَى تغييرها لم يُقدِمَ
ولئنْ أخلَّ بها فأَنَّى وافَقَتْ / نَقْلَ النقيضِ ونصُّها لم يُخرَمِ
ولو استُهينَ بضبطهِ لَرأَيتَهُ / نُسَخاً بهِنَّ النَّقلُ لم يَتَقوَّمِ
وإذا تعطَّلَ كُلُّهنَّ فقُلْ لنَا / كيفَ الصَّحيحُ وأينَ يُوجَدُ واُسلَمِ
والحالُ أَنَّ لهُ كذا ألفاً من الن / نُسَخِ التي اتَّفَقتْ بضبطٍ مُحَكمِ
يَرضَى النقيضُ نقيضَهُ كنظيرهِ / فيهنَّ وَهْوَ عليهِ غيرُ مُسَلِّمِ
وإذا افتَرَضناهُ حديثاً باطلاً / ضَبَطوهُ نقلاً كالطِّرازِ المُعَلَمِ
كحديثِ عنترةِ الفوارسِ وابنِ ذي / يَزَنٍ وبعضٍ من رجال الدَّيلَمِ
فتُرَى لَوَ أنَّ الأَصمعيَّ رَوَى الذي / نجدٌ رَواهُ من الحديثِ المُتْهَمِ
وأَبا عُبَيْدَةَ مثلَهُ وجهُيَنةً / وسِواهما من كاتبٍ ومتُرجِمِ
هل يستوي النَّقلُ الذي أَودَى بهِ / نقضُ الرُّواةِ فصارَ كالمتهدِّمِ
ولَوِ الحَواريُّونَ نَصُّوهُ عَلَى / قَدَرٍ بمجتمعٍ لهم ومخُيَّمِ
جعلوهُ في التعبيرِ لفظاً واحداً / لا فرقَ فيه لناظرِ المتُوسِّمِ
ولَوَ أَنَّهم كتبوا كما شاءَ الهوى / شُقَّ الكتابُ لِكذْبهِ وبهِ رُمِي
ولكانَ في التأْريخِ ما هُوَ ضِدُّهم / دَحضاً وضِدُّ مسيحهم كمُسَيْلِمِ
أو كانَ سُطِّرَ بعدَ حينٍ مثلما / قد ظَنَّ بعضُ النَّاسِ ظَنَّ مُرَجِّمِ
هل مَنْ يُصدِّقهُ ويترُكُ دينَهُ / بسَماعهِ عن حادثٍ مُترَدِّمِ
وإذا تقرَّر بعدَ ذلك أَنَّهُ / هذا الصحيحُ وأَنَّهُ لم يُثلَمِ
لزِمَتْ بهِ ثِقَةُ الجميعِ بأَنَّهُ / حقٌّ وغيرَ الحقِّ لم يَتَكَلَّمِ
واستلزَمَ التَّصحيحُ إِقراراً بما / في طيِّهِ كاللاّزمِ المُستلْزِمِ
فتعيَّنَ الإيمانُ فيهِ بكلِّ ما / يَرويهِ تصديقاً بغيرِ توَهُّمِ
وغدَا المُماري في المسيحِ كأَنَّهُ / في الشَّمس مارَى في الضُّحَى المُتبسِّمِ
وتَعطَّلَت آرآءُ كلِّ مكذِّبٍ / ومفُنِّدٍ ومُرجِّمٍ ومنُجِّمِ
شَهِدَتْ عجائبُهُ لهُ في عصرِهِ / فدَرَى الحكيمُ وتاهَ مَن لم يَفَهمِ
ولنا عليهِ أَدِلَّةٌ قَطْعيَّةٌ / عقلاً ونقلاً ليسَ قطعَ تحكُّمِ
قد جاءَ لا بيتٌ ولا مالٌ ولا / فَرَسٌ ولا شيءٌ يُباعُ بدِرْهَمِ
يأْوي المغارةَ مثلَ راعي الضأْنِ لا / راعي الممالكِ في السَّريرِالأَعظَمِ
وهوَ ابنُ يُوسُفَ لا ابنُ قيصرَ عندَهم / يغزو بجيشٍ في البلادِ عَرَمرَمِ
فأَتاهُ من شعبِ اليهودِ جماعةٌ / كانوا عَلَى الدِّينِ التليدِ الأَقدَمِ
وتَبرَّأُوا من دِينِ موسى صاحب ال / طُّورِ المكلَّمِ في الغَمامِ الأَدهمِ
وتَباعَدوا من قومهِم بمذَلَّةٍ / يأْبونَ كلَّ كَرامةٍ وتَنعُّمِ
وتعلَّقُوا بحبِالِ مسكينٍ أَتَى / بالذُّلِّ مثلَ السَّائلِ المُسترحِمِ
قالوا هُوَ ابنُ اللهِ جهراً والعِدَى / من حولهم مثلُ الذِّئابِ الحُوَّمِ
والناسُ بينَ عَواذِلٍ وعَواذِرٍ / لهمُ وبينَ مُحَلِّلٍ ومُحَرِّمِ
ما غرَّكم يا قومُ فيهِ أَسَيفُهُ / أم جاهُهُ أم مالُهُ في الأنعمِ
هُوَ ساحرٌ يُطغي فقالوا لم نَجِدْ / من ساحرٍ يُحيي الرَّميمَ بطَلْسَمِ
كانت رِجالُ اللهِ تُحيي ميِّتاً / بصَلاتها ودُعائها المُتقدِّمِ
ونَراهُ يُحيي المائتينَ بأَمرِهِ / فهوَ الإِلهُ ومَنْ تَشكَّكَ يَندَمِ
ولَئِنْ همُ انخَدَعوا لغَفْلتِهم فقد / ضَعُفتْ عُقولهُمُ كَمَنْ لم يَحلُمِ
فتُرَى بما خَدَعوا البِلاَدِ ومَن بها / من عالِمٍ يفتي ومن مُتعلِّمِ
فإذا اعتَبرْنا ما ذكرتُ بدا لنا / بالحقِّ وجهُ الحقِّ غيرَ مُلثَّمِ
وهُوَ الدَّليلُ لنا عَلَى إِثباتهِ / كالشَّمسِ تَطلُعُ فِي سماءِ الأَنُجمِ
ولكُلِّ معُتَرِضٍ علينا مِنَّهٌ / إن كانَ يدَحضُهُ بقولٍ مُلزِمِ
أهديتَ ممَّا في يديكَ محبةً
أهديتَ ممَّا في يديكَ محبةً / فعليَّ أنْ أُهديكَ ممَّا في فَمِي
أُهدِيكَ حمدَ الشاكرينَ فإنَّهم / قد قابلوا بالحمدِ جُودَ المُنعِمِ
وإذا عَدَلتَ هديَّةً بهديَّةٍ / ما زال حُكمُ الفضلِ للمُتقَدِّمِ
دَعِ الأيامَ تفعلُ ما ترومُ
دَعِ الأيامَ تفعلُ ما ترومُ / ولا تَعبَث بهمَّتِكَ الهُمومُ
يزولُ الشَّرُّ مثلَ الخير عنَّا / فلا هذا ولا هذا يدومُ
سَوادُ اللَّيلِ يَعقُبُهُ بَياضٌ / وهُوجُ الرِّيحِ يَعقُبُها النَّسيمُ
يُصيبُ كُنوزَ مالٍ كلُّ فَدْمٍ
يُصيبُ كُنوزَ مالٍ كلُّ فَدْمٍ / بقيمةِ بعضِ فلسٍ لا يقومُ
وكم يُمسي لبيبٌ لا يُصلِّي / لشِدَّةِ ضُعفِهِ لكنْ يصومُ
ولو يُعطى من الأرزاقِ كلٌّ / على مِقدارِهِ انتَصَفَ الحكيمُ
ولم يعتبْ على الأيَّامِ شخصٌ / يَرَى عدلَ القضاءِ ولا يلومُ
وبَينَ النَّاسِ ذو مالٍ بخيلٌ / بفَضْلتهِ وصُعلُوكٌ كريمُ
وإنَّ تَكَرُّمَ الفُقَراءِ عِندي / كبُخلِ ذَوي الغِنَى عَيبٌ ذميمُ
وبعضٌ يَدَّعي ما ليسَ فيهِ / وبعضٌ يشتري ما لا يَسومُ
وآخرُ يَنصَحُ الأصحابَ عمَّا / بهِ كمُعالجٍ وَهُوَ السَّقيمُ
وفي الشُّعراءِ مَن في كلِّ وادٍ / إذا هَدَرَتْ شَقاشِقُهُ يَهيمُ
وبعضُ الشِّعرِ في أُذُنٍ كلامٌ / يَطيبُ وبعضُهُ فيها كُلُومُ
وكم رَجُلٍ يقومُ مَقامَ جيشٍ / ويَسقُطُ دونَهُ الجيشُ العظيمُ
وبعدَ الشَّمسِ كم تبدو نجومٌ / ولكنْ ليسَ تَخلُفها النُّجومُ
وما سَلِمَ الكمالُ لذاتِ شخصٍ / فلا إنسانَ مِن عيبٍ سليمُ
ويَغلِبُ كلَّ مقتَدِرٍ قديرٌ / ويعلو كلَّ ذي علمٍ عليمُ
لأفئدةِ النِّساءِ هوىً جديدُ
لأفئدةِ النِّساءِ هوىً جديدُ / ولكن ما لَهُنَّ هوىً قديمُ
يزورُ قلوبَهنَّ الحُبُّ ضيفاً / على قدَمِ الرَّحيلِ فلا يقيمُ
لقد ناحَت رُبَى لُبنانَ حُزناً
لقد ناحَت رُبَى لُبنانَ حُزناً / على مَن كانَ في يدِهِ الزِّمامُ
أميرٌ مِن بني رَسلانَ كانتْ / تَذِلُّ لهُ الجَبابِرةُ العِظامُ
كريمٌ قد تَوارَى في ضريحٍ / تُحيطُ بهِ الملائِكةُ الكِرامُ
فصادَفَ أرِّخوهُ مَقَرَّ مجدٍ / تَجاوَرَ فيهِ أحمَدُ والإمامُ
فَقدَتْ كِرامُ بني طِرادٍ فاضلاً
فَقدَتْ كِرامُ بني طِرادٍ فاضلاً / قد باتَ في دارِ النعيمِ مُنعَّما
في إثْرهِ التأريخُ يدعو قائلاً / فُتحتْ لفتحِ اللهِ أبوابُ السما
قد بَناها مُحمَّدٌ شيخنا المُفْ
قد بَناها مُحمَّدٌ شيخنا المُفْ / تِي مقاماً لِلحَقِّ فيهِ اُستَقاما
ذاكَ بابٌ بالفتحِ أرَّختُ بادٍ / فادخُلوا مَرحباً وقولوا سلاما
ضريحٌ قد سقاهُ سَحابُ فضلٍ
ضريحٌ قد سقاهُ سَحابُ فضلٍ / وعَمَّتْهُ اللَّطائِفُ والمَراحِم
ثَوَى في جانبَيهِ كَريمُ قومٍ / شهيرٌ بالفضائِل والمَكارِمِ
ولمَّا حلَّ في أكنافِ تُرْبٍ / على عَهدِ الصبِّا والموتُ ظالِمْ
أتى تاريخهُ يُهدَى لبِشْرٍ / بدارِ الخُلدِ قُسْطَنْطينُ سالِمْ
لِموسَى بُسْتُرُسْ نَجلٌ سعيدٌ
لِموسَى بُسْتُرُسْ نَجلٌ سعيدٌ / بَنى داراً لها شأنٌ عظيمُ
لدَى التاريخِ في الأبوابِ نادَت / بحفيظِ اللهِ بانيها سليمُ
هذا مكَانٌ للطَّهارةِ والنَّقا
هذا مكَانٌ للطَّهارةِ والنَّقا / فادخُل إليهِ بالسُّرورِ مُلازِما
وانعَمْ بماءِ الطُّهرِ منهُ مؤرَّخاً / فلقَد كَتبتُ بهِ نعيماً دائما
تجلى في مَنازِلِنا هلالٌ
تجلى في مَنازِلِنا هلالٌ / قد انكسَفَتْ بطلْعتِهِ النُّجومُ
فأنشدَ فألُ تاريخٍ أراهُ / بشكر اللهِ نِعمتُنا تدومُ
تلكَ الكريمةُ مِن بني ذِبَّانةٍ
تلكَ الكريمةُ مِن بني ذِبَّانةٍ / طَلَبَتْ لها حَظاً يدومُ مُكرَّما
لمَّا مَضَتْ مِن بيتِ عيدٍ أرَّخوا / أضحَى لمريمَ بيتُ عيدٍ في السَّما
قد فارقَتْ بنتُ السَّماطِ دِيارَها
قد فارقَتْ بنتُ السَّماطِ دِيارَها / لمَّا استعدَّ لها السِّماطُ الأعظَمُ
ولأجلِها كَتَبَ المؤرِّخُ عاجِلاً / مِن عن يمينِ العرشِ قامَت مَريمُ
هذا الضريحُ لبُطرسِ العازارِ من
هذا الضريحُ لبُطرسِ العازارِ من / بيتٍ كبيرٍ في البِلادِ تَقدَّما
فكتبتُ في تأريخنا هذا لهُ / قد جاورَ العازارَ بطرُسُ في السَّما