المجموع : 53
مَنَحْتُكَ أَلْقَابَ الْعُلا فَادْعُنِي بِاسْمِي
مَنَحْتُكَ أَلْقَابَ الْعُلا فَادْعُنِي بِاسْمِي / فَمَا تَخْفِضُ الأَلْقَابُ حُرّاً وَلا تُسْمِي
إِذَا كَانَ عُقْبَانُ الْجَدِيدِ إِلَى بِلَىً / فَلا فَرْقَ مَا بَيْنَ الْحَدِيثِ وَلا الرَّسْمِ
تَأَمَّلْ إِلَى الدُّنْيَا بِعَيْنٍ بَصِيرَةٍ / لَعَلَّكَ تَرْضَى بِالْقَلِيلِ مِنَ الْقَسْمِ
فَمَا الْعَيْشُ إِلَّا خَطْرَةٌ عَرَضِيَّةٌ / تَزُولُ كَمَا زَالَ الْحَثِيثُ مِنَ النَّسْمِ
وَهَلْ نَحْنُ إِلَّا مِثْلُ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا / فَسَلْ عَنْ جَدِيسٍ أَيْنَ وَلَّتْ وَعَنْ طَسْمِ
تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهِ بُلْغَةٌ / فَسَوْفَ تُعَانِي الْجَدْبَ يَا رَاعِيَ الْوَسْمِي
لَعَمْرِي لَنِعْمَ الْمَرْءُ مَنْ بَاتَ رَاضِياً / بِمَا خَصَّهُ مِنْ فَيْضِهِ سَابِقُ الرَّسْمِ
تَفَلْسَفَ قَوْمٌ فِي الْمَقَالِ وَمَا دَرَوْا / جَرِيرَةَ مَا أَبْقَوا عَلَى الدَّهْرِ مِنْ وَسْمِ
وَلَوْ رَاجَعُوا هَذِي النُّفُوسَ لَعَالَجُوا / بِتَرْكِ الْخَطَايَا مُعْضِلَ الدَّاءِ بِالْحَسْمِ
فَدَعْ هَذِهِ الدُّنْيَا وَإِنْ هِيَ أَقْبَلَتْ / عَلَيْكَ بِإِيمَاضِ الْبَشَاشَةِ وَالْبَسْمِ
فَلَوْ جَرَّبَ الإِنْسَانُ أَخْلاقَ دَهْرِهِ / لأَمْسَكَ بِالْيَأْسِ الْمُرِيحِ عَنِ الْعسْمِ
فَمَنْ لِي بِرَأْيٍ صَادِقٍ أَقْتَفِي بِهِ / مَدَارِجَ قَوْمٍ أَدْرَكُوا الأَمْرَ بِالْقَسْمِ
بَرَتْنِي تَبَارِيحُ الْحَيَاةِ فَلَمْ تَدَعْ / لَدَيَّ سِوَى رُوحٍ تَرَدَّدَ فِي جِسْمِ
يَقُولُونَ مَحْمُودٌ وَيَا لَيْتَ أَنَّنِي / كَمَا زَعَمُوا أَوْلَيْتَ لِي طَائِعاً كَاسْمِي
قَالُوا أَلا تَصِفُ الْغَرَامَ لَنَا
قَالُوا أَلا تَصِفُ الْغَرَامَ لَنَا / حَتَّى يُحِيطَ بِنَعْتِهِ الْفَهْمُ
فَأَجَبْتُهُمْ هَيْهَاتَ أَنْعَتُ مَا / يَعْتَلُّ دُونَ صِفَاتِهِ الْوَهْمُ
الْحُبُّ يَنْفُذُ بِالْفُؤَادِ كَمَا / يَمْضِي عَلَى غُلَوَائِهِ السَّهْمُ
يَعْنُو لِسَوْرَتِهِ الْمَلِيكُ وَلا / يَقْوَى عَلَى صَدَمَاتِهِ الشَّهْمُ
أَدِرْهَا قَبْلَ تَغْرِيدِ الْحَمَامَهْ
أَدِرْهَا قَبْلَ تَغْرِيدِ الْحَمَامَهْ / فَمَا يَنْفِي الْهُمُومَ سِوَى الْمُدَامَهْ
مُعَتَّقَةً إِذَا سَلَكَتْ ضَمِيراً / مَحَتْ عَنْهُ الْكَلالَةَ وَالسَّآمَهْ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ أَصْبَحَتِ الْغَوَادِي / لَهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلامَهْ
فَكَمْ فِي الأَرْضِ مِنْ مَجْرَى غَدِيرٍ / وَكَمْ فِي الْجَوِّ مِنْ مَسْرَى غَمَامَهْ
فَبَادِرْ صَفْوَةَ الأَيَّامِ تَغْنَمْ / لَذَاذَتَهَا وَلا تَخْشَ الْمَلامَهْ
وَلا تَحْزَنْ عَلَى شَيءٍ تَوَلَّى / فَإِنَّ الْحُزْنَ مِقْرَاضُ السَّلامَهْ
مَتَى يَنْقَضِي عُمْرُ الْحَيَاةِ فَتَنْقَضِي
مَتَى يَنْقَضِي عُمْرُ الْحَيَاةِ فَتَنْقَضِي / مَآرِبُ كَانَتْ عِلّةً لِلْمَظَالِمِ
تَسَاوَتْ نُفُوسُ الْخَلْقِ فِي الشَّرِّ فَاسْتَعِذْ / بِرَبِّ الْبَرَايَا مِنْ جَهُولٍ وَعَالِمِ
وَلَوْ عَرَفُوا مَا أَنْكَرُوهُ لأَيْقَنُوا / بِأَنَّ نَعِيمَ الدَّهْرِ خُدْعَةُ حَالِمِ
تَأَمَّلْ رُويْداً يَا بْنَ وُدِّي هَلْ تَرَى / عَلَى صَفَحَاتِ الأَرْضِ غَيْرَ مَعَالِمِ
يَظُنُّ عَلِيلُ الْقَوْمِ فِي الطِّبِّ بُرْأَهُ / وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الطَّبَّ لَيْسَ بِسَالِمِ
فَطِرْ لِلسُّهَا أَوْ فَاتَّخِذْ لَكَ سُلَّمَاً / لِتَرْقَى إِلَى أَبْرَاجِهِ بِالسَّلالِمِ
وَكَيْفَ تَنَالُ النَّفْسُ فِي الدَّهْرِ عِيشَةً / تَلَذُّ بِهَا وَالدَّهْرُ غَيْرُ مُسَالِمِ
خَلِيلَيَّ مَا فِي الدَّهْرِ أَطْوَلُ حَسْرَةً
خَلِيلَيَّ مَا فِي الدَّهْرِ أَطْوَلُ حَسْرَةً / مِنَ الْمَرْءِ يَلْقَى فُرْصَةً فَيَخِيمُ
وَإِنَّ امْرَءاً يَلْقَى فَوَاضِلَ نِعْمَةٍ / بِأَرْضٍ وَيَنْوِي غَيْرَهَا لَمُلِيمُ
أَخُو الْعِلْمِ فِي الدُّنْيَا لِذِي الْجَهْلِ مُحْوَجٌ
أَخُو الْعِلْمِ فِي الدُّنْيَا لِذِي الْجَهْلِ مُحْوَجٌ / وَكُلٌّ لَهُ عِنْدَ الْقِيَاسِ مَعَالِمُ
فَلَوْلا وُجُودُ الْعِلْمِ مَا عَاشَ جَاهِلٌ / وَلَوْلا وُجُودُ الْجَهْلِ مَا عَاشَ عَالِمُ
أَنَا فِي الْحُبِّ وَفِيٌّ
أَنَا فِي الْحُبِّ وَفِيٌّ / لَيْسَ لِي بِالْغَدْرِ عِلْمُ
لا تَظُنُّوا بِيَ سُوءاً / إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمُ
أَنَا فِي الدَّهْرِ ضَائِعٌ بَيْنَ فَهْمٍ
أَنَا فِي الدَّهْرِ ضَائِعٌ بَيْنَ فَهْمٍ / فَاتِكٍ حَدُّهُ وَجدٍّ كَهَامِ
حُزْتُ عِلْمَاً وَمَا رُزِقْتُ قَبُولاً / فَكَأَنِّي مَجَلَّةُ الأَحْكَامِ
إِذَا مَا كَتَمْتُ الْحُبَّ كَانَ شَرَارَةً
إِذَا مَا كَتَمْتُ الْحُبَّ كَانَ شَرَارَةً / وَإِنْ بُحْتُ بِالْكِتْمَانِ كَانَ مَلامَا
فَكَيْفَ احْتِيَالِي بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَشْكَلا / عَلَيَّ فَصَارَا شِقْوَةً وَغَرَامَا
مَا لِي بِوُدِّكَ بَعْدَ الْيَوْمِ إِلْمَامُ
مَا لِي بِوُدِّكَ بَعْدَ الْيَوْمِ إِلْمَامُ / فَاذْهَبْ فَأَنْتَ لَئِيمُ الْعَهْدِ نَمَّامُ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي أَدْرَكْتُ مَأْرُبَةً / مِنَ الْمُنَى فَإِذَا مَا خِلْتُ أَحْلامُ
هَيْهَاتَ مِنِّي الرِّضَا مِنْ بَعْدِ تَجْرِبَةٍ / إِنَّ الْمَوَدَّةَ بَيْنَ النَّاسِ أَقْسَامُ
فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ غَيْرِي إِنَّنِي رَجُلٌ / يَأْبَى لِيَ الْغَدْرَ أَخْوَالٌ وَأَعْمَامُ
كُلُّ امْرِئٍ تَابِعٌ أَعْرَاقَ نَبْعَتِهِ / وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ أَنْسَابٌ وَأَرْحَامُ
فَانْظُرْ لفِعْلِ الْفَتَى تَعْرِفْ مَنَاسِبَهُ / إِنَّ الْفِعَالَ لأَصْلِ الْمَرْءِ إِعْلامُ
وَلا يَغُرَنَّكَ وَجْهٌ رَاقَ مَنْظَرُهُ / فَالنَّصْلُ فِيهِ الْمَنَايَا وَهْوَ بَسَّامُ
مَا كُلُّ ذِي مِنْسَرٍ فَتْخَاءَ كَاسِرةً / كَلَّا وَلا كُلُّ ذِي نَابَيْنِ ضِرْغَامُ
فَإِنْ يَكُنْ غرَّنِي حِلْمِي فَلا عَجَبٌ / إِنَّ الْحُسَامَ لَيَنْبُوا وَهْوَ صَمْصَامُ
ظَنَنْتُ خَيْراً وَلَمْ أُدْرِكْ عَوَاقِبَهُ / فَكَانَ شَرّاً وَبَعْضُ الظَّنِّ آثَامُ
فَيَا لَهَا ضِلَّةً مَا إِنْ أَبَهْتُ لَهَا / حَتَّى تَرَدَّتْ بِهَا فِي الشَّرِّ أَقْدَامُ
آلَيْتُ أَكْذِبُ نَفْسِي بَعْدَهَا سَفَهَاً / إِنَّ الْمُنَى عِنْدَ صِدْقِ النَّفْسِ أَوْهَامُ
فَيَا بْنَ مَنْ تَزْدَرِيهِ النَّفْسُ مِنْ ضَعَةٍ / فَمَا يُحَسُّ لَهُ وَجْدٌ وَإِعْدَامُ
دَعِ الْفَخَارَ وَخُذْ فِيما خُلِقْتَ لَهُ / مِنَ الصَّغَارِ فَإِنَّ الطَّبْعَ إِلْزَامُ
وَاذْكُرْ مَكَانَكَ مِنْ عَبَّاسَ حَيْثُ مَضَتْ / عَلَيْكَ فِي الدَّارِ أَعْوَامٌ وَأَعْوَامُ
تَبِيتُ مُرْتَفِعَاً فِي ظِلِّ دَسْكَرَةٍ / لِكُلِّ بَاغٍ بِهَا وجْدٌ وَتَهْيَامُ
وَفَوْقَ ظَهْرِكَ لِلأَنْفَاسِ مُعْتَرَكٌ / وَفِي حَشَاكَ لِنَارِ الْفِسْقِ إِضْرَامُ
وَيْلُمِّهَا خَزْيَة طارَتْ بِشُنْعَتِها / صَحَائِفٌ وَجَرَتْ بِالذَّمِّ أَقْلامُ
فَاخْسَأْ فَمَا الْكَلْبُ أَدْنَى مِنْكَ مَنْزِلَةً / وَاخْسَأْ لِمِثْلِكَ إِعْزَازٌ وَإِكْرَامُ
هَذَا الَّذِي تَكْرَهُ الأَبْصَارُ طَلْعَتَهُ / فَحَظُّها مِنْهُ إِيذَاءٌ وَإِيلامُ
فِي وَجْهِهِ سِمَةٌ لِلْغَدْرِ بَيِّنَةٌ / وَبَيْنَ جَنْبَيْهِ أَحْقَادٌ وَأَوْغامُ
لَهُ عَلَى الشَّرِّ إِقْدَامٌ وَلَيْسَ لَهُ / إِلَّا عَنِ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ إِحْجَامُ
كَأَنَّمَا أَنْفُهُ مِنْ طُولِ سَجْدَتِهِ / فِي حَانَةِ اللَّهْوِ حَرْفٌ فِيهِ إِدْغَامُ
كَعَقْرَبِ الْمَاءِ يَمْشِي مِشْيَةً صدَداً / فَخَلْفُهُ عِنْدَ جِدِّ الأَمْرِ إِقْدَامُ
أَبْدَى بِعَاتِقِهِ الْمنْدِيلُ سِيمتَهُ / وَحتَّ مَوْضِعَهُ مِنْ كَفِّهِ الْجَامُ
وَكَيْفَ يَصْلُحُ أَمْرُ النَّاسِ فِي بَلَدٍ / حُكَّامُهُ لِبناتِ اللَّهْوِ خُدَّامُ
قَدْ يَمَّمَتْهُ الْمَخَازِي فَهْيَ نَازِلَةٌ / مِنْهُ بِحَيْثُ تَلاقى اللُّؤْمُ وَالذَّامُ
مَا إِنْ أَصَبْتُ لَهُ خُلْقاً فَأَحْمَدهُ / فَكُلُّ أَخْلاقِهِ لِلنَّفْسِ آلامُ
فَظٌّ غَلِيظٌ مِقيتٌ سَاقِطٌ وَجِمٌ / وَغْدٌ لَئِيمٌ ثَقِيلُ الظِّلِّ حَجَّامُ
جَاءَتْ بِهِ عَجُزٌ لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ / لَهَا بِمَدْرَجَةِ الْفَحْشَاءِ أَزْلامُ
مُسْتَيْقِظٌ لِلْمَخَازِي غَيْرَ أَنَّ لَهُ / طَرْفاً عَنِ الْعِرْضِ وَالأَوْتَارِ نَوَّامُ
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا مِنْ عَدَاوَتِهِ / فَإِنَّهَا لِجَلالِ اللَّهِ إِعْظَامُ
فَاذْهَبْ كَمَا ذَهَبَ الطَّاعُونُ مِنْ بَلَدٍ / تَقْفُوهُ بِاللَّعْنِ أَرْوَاحٌ وَأَجْسَامُ
وَهَاكَ مَا أَنْتَ أَهْلٌ فِي الْهِجَاءِ لَهُ / فَالْهَجْوُ فِيكَ لِنَقْضِ الْحَقِّ إِبْرَامُ
مِنْ كُلِّ قَافِيَةٍ فِي الأَرْضِ سَائِرَةٍ / لَهَا بِعِرْضِكَ إِنْجَادٌ وَإِتْهَامُ
شِعْرٌ لِوَجْهِ الْمَخَازِي مِنْهُ سَافِيَةٌ / بِحَاصِبٍ وَلأَنْفِ الْجَهْلِ إِرْغَامُ
تَبْلَى الْعِظَامُ وَيَبْقَى ذِكْرُهُ أَبَدَاً / فِي كُلِّ عَصْرٍ لَهُ سَجْعٌ وَتَرْنَامُ
هَجَوتُكَ غَيْرَ مُبْتَدِعٍ مَقَالاً
هَجَوتُكَ غَيْرَ مُبْتَدِعٍ مَقَالاً / سِوَى مَا فِيكَ مِنْ دَنَسٍ وَشُؤْمِ
فَإِنْ تَجْزَعْ فَمِنْ خَوَرٍ وَجُبْنٍ / وَإِنْ تَصْبِرْ فَمِنْ ضَعَةٍ وَلُؤْمِ
أَلا مَنْ مُعِينِي عَلَى صَاحِبٍ
أَلا مَنْ مُعِينِي عَلَى صَاحِبٍ / جَرَعْتُ بِصُحْبَتِهِ الْعَلْقَمَا
يَسُوءُ الْخَلِيلَ وَيُؤْذِي الْجَلِي / سَ وَيَأْنَفُ إِنْ زَلَّ أَنْ يَنْدَمَا
يَلُومُ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ جَرَى / وَيَغْضَبُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْهَمَا
فَإِنْ قُلْتُ مَهْلاً لَوَى شِدْقَهُ / وَإِنْ لَمْ أُجِبْ قَوْلَهُ بَرْطَمَا
لَهُ جَهَلاتٌ تُمِيتُ الرِّضَا / وَحُمْقٌ يَكَادُ يُسِيلُ الدِّمَا
يُكَابِرُ فِي الْحَقِّ إِنْ مَضَّهُ / وَلا يَدَعُ الظنَّ أَوْ يَأْثَمَا
فَلا أَنَا مِنْهُ أَرَى رَاحَةً / وَلا أَنَا عَنْهُ أَرَى مَنْسِمَا
تَبَدَّلَ أُنْسِي بِهِ وَحْشَةً / وَعَادَ نَهَارِي بِهِ مُظْلِمَا
فَلا رَحِمَ اللَّهُ يَوْماً جَرَى / عَلَيَّ بِهِ طَائِرَاً أَشْأَمَا
كَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ
كَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ / وَلَرُبَّ تَالٍ بَزَّ شَأْوَ مُقَدَّمِ
فِي كُلِّ عَصْرٍ عَبْقَرِيٌّ لا يَنِي / يَفْرِي الْفَرِيَّ بِكُلِّ قَوْلٍ مُحْكَمِ
وَكَفَاكَ بِي رَجُلاً إِذَا اعْتُقِلَ النُّهَى / بِالصَّمْتِ أَوْ رَعَفَ السِّنَانُ بِعَنْدَمِ
أَحْيَيْتُ أَنْفَاسَ الْقَرِيضِ بِمنْطِقِي / وَصَرَعْتُ فُرْسَانَ الْعَجَاجِ بِلَهْذَمِي
وَفَرَعْتُ نَاصِيَةَ الْعُلا بِفَضَائِلٍ / هُنَّ الْكَوَاكِبُ فِي النَّهَارِ الْمُظْلِمِ
سَلْ مِصْرَ عَنِّي إِنْ جَهِلْتَ مَكَانَتِي / تُخْبِرْكَ عَنْ شَرَفٍ وَعِزٍّ أَقْدَمِ
بَلِهٌ نَشَأْتُ مَعَ النَّبَاتِ بِأَرْضِهَا / وَلَثَمْتُ ثَغْرَ غَدِيرِهِ الْمُتَبَسِّمِ
فَنَسِيمُهَا رُوحِي وَمَعْدِنُ تُرْبِهَا / جِسْمِي وَكَوْثَرُ نِيلِهَا مَحْيَا دَمِي
فَإِذَا نَطَقْتُ فَبِالثَّنَاءِ عَلَى الَّذِي / أَوْلَتْهُ مِنْ فَضْلٍ عَلَيَّ وَأَنْعُمِ
أَهْلِي بِهَا وَأَحِبَّتِي وَكَفَى بِهِمْ / فَخْراً مَلَكْتُ بِهِ عِنَانَ الأَنْجُمِ
وَأَحَقُّ دَارٍ بِالْكَرَامَةِ مَنْزِلٌ / لِلْقَلْبِ فِيهِ عَلاقَةٌ لَمْ تَصْرَمِ
هِيَ جَنَّةُ الْحُسْنِ الَّتِي زَهَرَاتُهَا / حُورُ الْمَهَا وَهَزارُ أَيْكَتِهَا فَمِي
مَا إِنْ خَلَعْتُ بِهَا سُيُورَ تَمَائِمِي / حَتَّى لَبِسْتُ بِهَا حَمَائِلَ مِخْذَمِي
وَغَنِيتُ عَنْ قُلَتِي بِعَامِلِ أَسْمَرٍ / وَسَلَوْتُ عَنْ مَهْدِي بِصَهْوَةِ أَدْهَمِ
وَفَجَرْتُ يَنْبُوعَ الْبَيَانِ بِمَنْطِقٍ / عَذْبٍ رَوَيْتُ بِهِ غَلِيلَ الْحُوَّمِ
وَلَكَمْ أَثَرْتُ غَيَابَةً مِنْ قَسْطَلٍ / بِمُهَنَّدِي وَحَلَلْتُ عُقْدَةَ مُبْرَمِ
أَخْتَالُ طَوْرَاً فَوْقَ ذِرْوةِ مِنْبَرٍ / وَأَكُرُّ طَوْرَاً فَوْقَ نَهْدٍ شَيْظَمِ
حَتَّى رَبَأْتُ مِنَ الْمَعَالِي هَضْبَةً / شَمَّاءَ تُزْلِقُ أَخْمَصَ الْمُتَسَنِّمِ
نَشَأَتْ بِطَبْعِي لِلْقَرِيضِ بَدَائِعٌ / لَيْسَتْ بِنِحْلَةِ شَاعِرٍ مُتَقَدِّمِ
يَصْبُو بِهَا الحَكَمِيُّ صَبْوَةَ عَاشِقٍ / وَتَخِفُّ مِنْ طَرَبٍ عَرِيكَةُ مُسْلِمِ
قَوَّمْتُهُ بَعْدَ اعْوِجَاجِ قَنَاتِهِ / وَالرُّمْحُ لَيْسَ يَرُوقُ غَيْرَ مُقَوَّمِ
فِقَرٌ يَكَادُ السِّحْرُ يَبْلُغُ بَعْضَ مَا / فِي طَيِّهَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمِ
مُتَشَابِهُ الطَّرَفَيْنِ يُنْبِئُ صَدْرُهُ / عَمَّا تَلاحَقَ فَهْوَ بَادِي الْمَعْلَمِ
أَحْكَمْتُ مَنْطِقَهُ بِلَهْجَةِ مُفْلِقٍ / يَقِظِ الْبَدِيهَةِ فِي الْقَرِيضِ مُحَكَّمِ
يَبْتَزُّ أُهْبَةَ كُلِّ فَارِسِ بُهْمَةٍ / وَيَزُمُّ شِقْشِقَةَ الْفَتِيقِ الْمُقْرَمِ
ذَلَّلْتُ مِنْهُ غَوَارِبَاً لا تُمْتَطَى / وَخَطَمْتُ مِنْهُ مَوَارِنَاً لَمْ تُخْطَمِ
شِعْرٌ جَمَعْتُ بِهِ ضُرُوبَ مَحَاسِنٍ / لَمْ تَجْتَمِعْ قَبْلِي لِحَيٍّ مُلْهَمِ
فَإِذَا نَسَبْتُ فَتَنْتُ كُلَّ مُقَنَّعٍ / وَإِذَا نَأَمْتُ ذَعَرْتُ كُلَّ مُلَثَّمِ
كَالرَّوْضِ تَسْمَعُ مِنْهُ نَغْمَةَ بُلْبُلٍ / وَالْغِيْلُ تَسْمَعُ مِنْهُ زَأْرَةَ ضَيْغَمِ
أَدْرَكْتُ قَاصِيَةَ الْمَحَامِدِ وَالْعُلا / وَشَأَوْتُ فِيهَا كُلَّ أَصْيَدَ مُسْنِمِ
فَأَنَا ابْنُ نَفْسِي إِنْ فَخَرْتُ وَإِنْ أَكُنْ / لأَغَرَّ مِنْ سَلَفِ الأَكَارِمِ أَنْتَمِي
وَالْفَخْرُ بِالآبَاءِ لَيْسَ بِنَافِعٍ / إِنْ كَانَتْ الأَبْنَاءُ خُورَ الأَعْظُمِ
هَذَا وَرُبَّتَ لَذَّةٍ بِاشَرْتُهَا / فِي ظِلِّ أَخْضَرَ بِالْعَرَارِ مُنَمْنَمِ
طَفِقَ النَّسِيمُ يَحُوكُ وَشْيَ بُرُودِهِ / بِأَنَامِلٍ تَمْرِي خُيُوطَ الْمِرْزَمِ
فَبِكُلِّ أُفْقٍ مُزْنَةٌ فَيَّاضَةٌ / وَبِكُلِّ أَرْضٍ جَدْوَلٌ كَالأَرْقَمِ
هَاتِيكَ تَجْرِي فِي السَّمَاءِ كَأَنَّهَا / سُفُنٌ وَهَذَا فِي الْخَمَائِلِ يَرْتَمِي
فَالرَّوْضُ بَيْنَ مُوَشَّحٍ وَمُؤَزَّرٍ / وَالزَّهْرُ بَيْنَ مُدَنَّرٍ وَمُدَرْهَمِ
طَلْقُ الْجَبِينِ تَبَسَّمَتْ أَزْهَارُهُ / عَنْ دُرِّ قَطْرٍ كَالْعُقُودِ مُنَظَّمِ
عَبِقُ الإِزَارِ كَأَنَّمَا جَرَتِ الصَّبَا / فِيهِ بِجُؤْنَةِ عَنْبَرٍ لَمْ تُخْتَمِ
صَبَحَ الْغَمَامُ غُصُونَهُ فَتَرَنَّحَتْ / طَرَباً لِرَجْعِ الطَّائِرِ الْمُتَرَنِّمِ
فَنَسِيمُهُ أَرِجٌ وَطَائِرُ أَيْكِهِ / هَزِجٌ وَجَدْوَلُهُ بَرُودُ الْمَبْسِمِ
يَسْتَوْقِفُ الأَلْبَابَ حُسْنُ رُوَائِهِ / وَيَصِيدُ عَيْنَ النَّاظِرِ الْمُتَوَسِّمِ
وَالْمَرْءُ طَوْعُ يَدِ الزَّمَانِ يَقُودُهُ / قَوْدَ الْجَنِيبِ لِغَايَةٍ لَمْ تُعْلَمِ
فَلَكٌ يَدُورُ وَأَنْجُمٌ لا تَأْتَلِي / تَبْدُو وَتَغْرُبُ فِي فَضَاءٍ أَقْتَمِ
صُوَرٌ إِذَا نَادَيْتَهَا لَمْ تَسْتَجِبْ / أَوْ رُمْتَ مِنْهَا النُّطْقَ لَمْ تَتَكَلَّمِ
فَدَعِ الْخَفِيَّ وَخُذْ لِنَفْسِكَ حَظَّهَا / مِمَّا بَدَا لَكَ فَهْوَ أَهْنَأُ مَغْنَمِ
لا يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ يَبْلُغ مَا نَأَى / عَنْهُ وَلَوْ صَعِدَ السَّمَاءَ بِسُلَّمِ
بَيْنَا يَشقُّ بِهِ الْجِوَاءَ تَرَفُّعَاً / أَهْوَى بِهِ فِي كِسْرِ بَيْتٍ مُظْلِمِ
إِنَّ الْحَيَاةَ شَهِيَّةٌ مَا لَمْ تَكُنْ / غَرَضاً لإِمْرَةِ ظَالِمٍ لَمْ يَرْحَمِ
لا أَرْتَضِي عَيْشَ الْجَبَانِ وَلا أَرَى / فَضْلاً لِذِي حَسَبٍ إِذَا لَمْ يُقْدِمِ
وَلَرُبَّ مَلْحَمَةٍ سَرَيْتُ قِنَاعَهَا / عَن وَجْهِ نَصْرٍ بِالْغُبَارِ مُلَثَّمِ
لَوْ كَانَ لِلإِنْسَانِ عِلْمٌ بِالَّذِي / فِي الْغَيْبِ لَمْ يَفْرَحْ وَلَمْ يَتَنَدَّمِ
فَدَعِ الأُمُورَ إِلَى مُدَبِّر شَأْنِهَا / وَارْغَبْ عَنِ الدُّنْيَا بِنَفْسِكَ تَسْلَمِ
بِأَيِّ غَزَالٍ فِي الْخُدُورِ تَهِيمُ
بِأَيِّ غَزَالٍ فِي الْخُدُورِ تَهِيمُ / وَغِزْلانُ نَجْدٍ مَا لَهُنَّ حَمِيمُ
يَقُدْنَ زِمَامَ النَّفْسِ وَهْيَ أَبِيَّةٌ / وَيَخْدَعْنَ لُبَّ الْمَرْءِ وَهْوَ حَكِيمُ
فَإِيَّاكَ أَنْ تَغْشَى الدِّيَارَ مُخَاطِرَاً / فَدُونَ حِمَاهَا لِلأُسُودِ نَئِيمُ
فَوَارِسُ لا يَعْصُونَ أَمْرَ حَمِيَّةٍ / وَلا يَرْهَبُونَ الْخَطْبَ وَهْوَ عَظِيمُ
يَصُونُونَ فِي حُجْبِ الأَكِلَّةِ ظَبْيَةً / لَهَا نَسَبٌ بَيْنَ الْحِسَانِ صَمِيمُ
مِنَ الْهِيفِ أَمَّا نَعْتُ مَا فِي إِزَارِهَا / فَرَابٍ وَأَمَّا خَصْرُهَا فَهَضِيمُ
أَنَاةٌ بَرَاهَا اللَّهُ فِي الْحُسْنِ آيَةً / يَدِينُ إِلَيْهَا جَاهِلٌ وَحَلِيمُ
يَمِيلُ بِهَا سُكْرُ الشَّبَابِ إِذَا مَشَتْ / كَمَا مَالَ بِالْغُصْنِ الرَّوِيِّ نَسِيمُ
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي أَدُمْيَةُ بِيعَةٍ / تَرَدَّدَ فِيهَا الْحُسْنُ أَمْ هِيَ رِيمُ
يَلُومُونَنِي أَنْ هِمْتُ وَجْداً بِحُسْنِهَا / وَأَيُّ امْرِئٍ بِالْحُسْنِ لَيْسَ يَهِيمُ
وَهَلْ يَغْلِبُ الْمَرْءُ الْهَوَى وَهْوَ غَالِبٌ / وَيُخْفِي شَكَاةَ الْقَلْبِ وَهْوَ كَلِيمُ
فَإِنْ أَكُ مَحْسُورَاً بِهَا فَلَرُبَّمَا / مَلَكْتُ عِنَانَ الْقَلْبِ وَهْوَ كَظِيمُ
وَكَابَدْتُ فِيهَا مَا لَوِ انْقَضَّ بَعْضُهُ / عَلَى جَبَلٍ لانْهَالَ مِنْهُ قَوِيمُ
فَيَا رَبَّةَ الْبَيْتِ الْمَنِيعِ جِوَارُهُ / أَمَا مِنْ مُسَامٍ عِنْدَكُمْ فَأُسِيمُ
بَخِلْتِ عَلَيْنَا بِالسَّلامِ ضَنَانَةً / وَجَدُّكِ مَطْرُوقُ الْفِنَاءِ كَرِيمُ
فَكَيْفَ تَلُومِينِي عَلَى مَا أَصَابَنِي / مِنَ الْحُبِّ يَا لَيْلَى وَأَنْتِ غَرِيمُ
وَقَدْ عِشْتُ دَهْرَاً لا أَدِينُ لِظَالِمٍ / وَلَمْ يَحْتَكِمْ يَوْماً عَلَيَّ زَعِيمُ
فَأَنْتِ الَّتِي مَرَّهْتِ عَيْنِيَ بِالْبُكَا / وَأَسْقَمْتِ هَذَا الْقَلْبَ وَهْوَ سَلِيمُ
تَنَامِينَ عَنْ لَيْلِي وَعَيْنِي قَرِيحَةٌ / وَتُشْجِينَ قَلْبِي وَهْوَ فِيكِ مُلِيمُ
مَنَحْتُكِ نَفْسِي وَهْيَ نَفْسٌ عَزِيزَةٌ / عَلَيَّ وَمَا لِي مِنْ هَوَاكِ قَسِيمُ
فَإِنْ يَكُ جِسْمِي عَنْ فِنَائِكِ رَاحِلٌ / فَإِنَّ هَوَى قَلْبِي عَلَيْكِ مُقِيمُ
شَكَوْتُ إِلَى مَنْ لَيْسَ يَرْحَمُ بَاكِياً / وَمَا كُلُّ مَنْ يُشْكَى إِلَيْهِ رَحِيمُ
فَحَتَّامَ أَلْقَى فِي الْهَوَى مَا يَسُوؤُنِي / وَأَحْمِل عِبْءَ الصَّبْرِ وَهْوَ عَظِيمُ
وَإِنِّي لَحُرٌّ بَيْنَ قَوْمِي وَإِنَّمَا / تَعَبَّدَنِي حُلْوُ الدَّلالِ رَخِيمُ
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ الْمُسَالِمَ فِي الْهَوَى / لَذُو تُدْرَإ فِي النَّائِبَاتِ خَصِيمُ
أَفُلُّ شَبَاةَ الْخَصْمِ وَهْوَ مُنَازِلٌ / وَأَرْهَبُ كَرَّ الطَّرْفِ وَهْوَ سَقِيمُ
أَلا قَاتَلَ اللَّهُ الْهَوَى مَا أَلَذَّهُ / عَلَى أَنَّهُ مُرُّ الْمَذَاقِ أَلِيمُ
طَوَيْتُ لَهُ نَفْسِي عَلَى مَا يَسُوؤُهَا / وَأَصْبَحْتُ لا يَلْوِي عَلَيَّ حَمِيمُ
فَمَنْ لِي بِقَلْبٍ غَيْرِ هَذَا فَإِنَّنِي / بِهِ عِنْدَ رَوْعَاتِ الْفِرَاقِ عَلِيمُ
كَأَنِّي أُدَارِي مِنْهُ بَيْنَ جَوَانِحِي / لَظَىً حَرُّهَا يَكْوِي الْحَشَا وَيَضِيمُ
بَلَوْتُ لَهُ طَعْمَيْنِ أَمَّا مَذَاقُهُ / فَعَذْبٌ وَأَمَّا سُؤْرُهُ فَوَخِيمُ
وَجَرَّبْتُ إِخْوَانَ الصَّفَاءِ فَلَمْ أَجِدْ / صَدِيقاً لَهُ فِي الطَّيِّبَاتِ قَسِيمُ
لَهُمْ نَزَوَاتٌ بَيْنَهُنَّ تَفَاوُتٌ / وَعَنٌّ عَلَى طُولِ اللِّقَاءِ ذَمِيمُ
بِمَنْ يَثِقُ الإِنْسَانُ وَالْغَدْرُ شِيمَةٌ / لِكُلِّ ابْنِ أُنْثَى وَالْوَفَاءُ عَقِيمُ
فَلا تَعْتَمِدْ إِلَّا عَلَى اللَّهِ فِي الَّذِي / تَوَدُّ مِنَ الْحَاجَاتِ فَهْوَ رَحِيمُ
وَلا تَبْتَئِسْ مِنْ مِحْنَةٍ سَاقَهَا الْقَضَا / إِلَيْكَ فَكَمْ بُؤْسٍ تَلاهُ نَعِيمُ
فَقَدْ تُورِقُ الأَشْجَارُ بَعْدَ ذُبُولِهَا / وَيَخْضَرُّ سَاقُ النَّبْتِ وَهْوَ هَشِيمُ
إِذَا مَا أَرَادَ اللَّهُ إِتْمَامَ حَاجَةٍ / أَتَتْكَ عَلَى وَشْكٍ وَأَنْتَ مُقِيمُ
سَبَقْتَ بِالْفَضْلِ فَاسْمَعْ مَا وَحَاهُ فَمِي
سَبَقْتَ بِالْفَضْلِ فَاسْمَعْ مَا وَحَاهُ فَمِي / فَأَنْتَ أَوْلَى بِهَذَا الدُّرِّ مِنْ كَلِمِي
يَا رَائِدَ الْوُدِّ قَدْ صَادَفْتَ مُنْتَجَعَاً / بَيْنَ الْجَوَانِحِ فَانْزِلْهُ وَلا تَرِمِ
أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ فَضْلاً قَدْ مَلَكْتَ بِهِ / قَلْبِي فَهَاكَ يَدِي فِي الْوُدِّ فَاحْتَكِمِ
إِنَّ الْمَوَدَّةَ إِنْ صَحَّتْ غَدَتْ نَسَباً / بَيْنَ الأَبَاعِدِ تُغْنِيهِمْ عَنِ الرَّحِمِ
فَثِقْ بِذِمَّةِ عَهْدٍ فِيكَ صَادِقَةٍ / فَلَيْسَ كُلُّ خَلِيلٍ صَادِقَ الذِّمَمِ
وَاعْذِرْ إِذَا لَمْ أَجِدْ فِي الْقَوْلِ مُتَّسَعاً / فَالْمَرْءُ لا يَبْلُغُ الأَفْلاكَ بِالْهِمَمِ
لا زِلْتَ تَرْفُلُ فِي أَثْوَابِ عَافِيَةٍ / مَوْشِيَّةٍ بِطِرَازِ الْحَمْدِ وَالنِّعَمِ
خَلِّ الْعِتَابَ فَلَوْ طَلَبْتَ مُهَذَّبَاً
خَلِّ الْعِتَابَ فَلَوْ طَلَبْتَ مُهَذَّبَاً / أَعْيَاكَ مَطْلَبُهُ بِهَذَا الْعَالَمِ
إِنْ كَانَ لِي ذَنْبٌ إِلَيْكَ جَرَى بِهِ / قَدَرٌ فَإِنِّي مِنْ سُلالَةِ آدَمِ
سُكُوتِي إِذَا دَامَ الْحَدِيثُ كَلامُ
سُكُوتِي إِذَا دَامَ الْحَدِيثُ كَلامُ / وَتَقْلِيبُ عَيْنِي فِي الْوُجُوهِ مَلامُ
وَصَبْرِي عَلَى الأَيَّامِ لا مِنْ مَذَلَّةٍ / وَلَكِنْ يَدٌ مَغْلُولَةٌ وَحُسَامُ
أُلامُ عَلَى أَنِّي صَبَرْتُ وَهَلْ فَتَىً / عَلَى الصَّبْرِ إِنْ قَلَّ الْمُعِينُ يُلامُ
يَا بَانَةً مَنْ لِي بِضَمِّكْ
يَا بَانَةً مَنْ لِي بِضَمِّكْ / يَا زَهْرَةً مَنْ لِي بِشَمِّكْ
يَا بِنْتَ سَيِّدَةِ النِّسَا / ءِ تَرَفَّقِي بِحَيَاةِ أُمِّكْ
مَا فِيَّ مَنْبِتُ شَعْرَةٍ / إِلَّا بِهِ أَثَرٌ لِسَهْمِكْ
كَلَّا وَلا فِي مُهْجَتِي / مِنْ طُولِ صَدِّكِ غَيْرُ هَمِّكْ
أَصْبَحْتُ مُمْتَنِعَ الْكَرَى / لَمَّا جَفَانِي بَدْرُ تَمِّكْ
إِنْ لَمْ تَجُودِي بِاللِّقَا / ءِ عَلَى الْمُحِبِّ وَلا بِلَثْمِكْ
فَتَسَامَحِي لِي مَرَّةً / حَتَّى أَفُوزَ بِلَثْمِ كُمِّكْ
دَعِ الْهَزْلَ وَاحْذَرْ تُرَّهَاتِ الْمُنَادَمَهْ
دَعِ الْهَزْلَ وَاحْذَرْ تُرَّهَاتِ الْمُنَادَمَهْ / فَكَمْ مِنْ غَوِيٍّ قَدْ أَسَالَ الْمُنَى دَمَهْ
فَمَهْ لا تَفُهْ بِالْقَوْلِ قَبْلَ انْتِقَادِهِ / فَرُبَّ كَلامٍ فَضَّ مِنْ قَائِلٍ فَمَهْ
لا تَعْذِلَنِّي عَلَى وَفْرٍ سَمَحْتُ بِهِ
لا تَعْذِلَنِّي عَلَى وَفْرٍ سَمَحْتُ بِهِ / لِلْمُعْتَفِينَ فَإِنِّي مَاجِدُ الشِّيَمِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى جُودٌ يَسُدُّ بِهِ / مَفَاقِرَ الصَّحْبِ فَالْمَثْرَاةُ كَالْعَدَمِ
فَإِنْ يَكُنْ قَلَّ مَالِي بَعْدَ وَفْرَتِهِ / فَإِنَّ مَالِيَ لا يَقْوَى عَلَى كَرَمِي