المجموع : 32
إنْ قَصَرتْ بي عنِ الأغراضِ أيّامي
إنْ قَصَرتْ بي عنِ الأغراضِ أيّامي / فليُعذَرِ السّهمُ في أنْ يُخطئ الرَّامي
لو ساعدَ الدّهرُ ما قضَّيتُ لي نفَساً / إلاّ بخدمةِ هذا المجلسِ السّامي
لكنَّ تعويقَ إلمامِ الحوادثِ بي / يَصُدُّ عنه معَ الأشواقِ إلمامي
هذا على أنَّني أُهدي لحَضْرته / على المَغيبِ ثَناءً نَشْرُه نام
ومِدحْةً ما تزالُ الدّهرَ شاردةً / سَيّارةً بين إنجادٍ وإتْهام
للهِ من ماجدٍ تَعْلو به همَمٌ / مَقْسومةٌ في المعالي أيَّ إقْسام
مُنزَّهُ الخُلْقِ عن جُبْنٍ وعن بَخَلٍ / مُخلَّصُ العِرْضِ من ذَمّ ومن ذام
تَظلُّ منه رقابُ المالِ خاضعةً / لكفّ أبيضَ ماضي الحَدِّ صَمْصام
في كلِّ أَنمُلةٍ منه على حِدَةٍ / منَ السَّماحةِ بَحْرٌ طافحٌ طام
هُنِّئْتَها يا زكيَّ الدَّولتَيْنِ عُلاً / تَخْتالُ ما بَيْنَ إجْلالٍ وإعْظام
مُذْ جئْتَ جَيّاً وقد فارقْتَها أخَذَتْ / لها أمانَيْنِ من ظُلْمٍ وإظْلام
وكان سُودَ ليالٍ كُلُّها فَعُني / بها الزّمانُ فصارتْ بيضَ أيّام
أسلْتَ أوديةً للنّاسِ من ذَهَبٍ / جَرتْ بها من نداكَ الهاملِ الهامي
حَملْتَ مالاً حمَيتَ المجْدَ منكَ به / والسّيفُ حلْيةُ كفّ الحاملِ الحامي
هوَ الكمالُ فدامَتْ عَيْنُه أبداً / مَصْروفةً عنكَ يا أسمي بني سام
تمامُ نعمةِ دنْياكَ الدَّوامُ لها / فزانَ نُعماكَ مُوليها بإتْمام
تَظلَّمَ من طَرْف ظَبْيٍ رَخييمٍ
تَظلَّمَ من طَرْف ظَبْيٍ رَخييمٍ / سَقيمٌ غدا شاكياً من سَقيمِ
فلم يَسْعَ ما بيننا للعتابِ / رَسولٌ يُشاكلُ غَيْرَ النَّسيم
سلامٌ به بعثَتْ من هوىً / وإنْ هي باتَتْ بلَيْلِ السّليم
على يدِ ريحِ صَباً رُوحَ صَبٍّ سَرتْ / إلى مُقلتَيْ رَشأٍ بالصَّريم
وعادَتْ إليّ بأنفاسِها / صَباحاً وهنَّ أواسي كُلوم
ضِعافُ الهُبوبِ ولكنْ بها / تَخرَّقَ عنّي غَمامُ الغُموم
ولولا النّسيمُ عَدِمْتُ الشِّفاءَ / فمَنْ ليَ من وَرْدكمْ بالشَّميم
سرى القَلبُ مِن أَضلُعي ظاعِناً / وَخَلَّفَ لاعَجَ شَوقٍ مقِيم
عَشِيَّةَ هاجَ الهَوى لائِمي / وسَحَّتْ جفونُ مَشوقٍ مَلوم
فيا عاذلي ثُمّ يا ناظري / لقد جئْتُماني بلَوْمٍ ولُوم
وعَهْدي بنَفْسي إذا ما حنَنْتُ / دُفعْتُ إلى مُقْعِدٍ لي مُقيم
ونَمَّ بسرِّ الهَوى أدمُعي / وما الدّمعُ إلاّ لسانُ الكَتوم
نظرتُ غداةَ اجتلَيْتُ المِراةَ / وفي عارضي حرْبُ زَنْجٍ وَرُوم
وأضعفَ مَرِّيَ مَرُّ الزَّمانِ / وبَدَّلَ وكْري غُراباً بِبُوم
فقُلْتُ لنَفْسيَ لمّا أسِفْتُ / لخَدٍّ بكفِّ مشيبي لَطيم
تَحامَيْ عنِ اللَّهْو لَهْوِ الشَّبابِ / وحَوْلَ الهوىَ بعْدَهُ لا تَحومي
فها أنا أعجِزُ عَجْزَ الفِصال / وإنْ كنتُ أهدْرُ هَدْرَ القُروم
فطَمْتُ عنِ الصَّبَواتِ الفُؤادَ / ولابدَّ من ضَجْرةٍ للفطيم
ومِن ذَكْرَةٍ لعهودِ الصِّبا / ومن لَفْتةٍ لسَلوبٍ رَؤوم
وشِعرٍ ألوكُ لساني بهِ / وأُعلنُ شَكْوَى الزّمانِ الظَّلوم
تَعلُّلَ صافنةِ الخيلِ في / عِراصِ الدّيارِ بلَوْكِ الشّكيم
وذِكْريَ أَهيفَ ساجي اللّحاظ / هَضومِ المُحبِّ بكَشْحٍ هَضيم
حكَى الخالَ في عَطْفةِ الصُّدْغِ منه / بِخطِّ يد الحُسْنِ مِسْكيَّ جِيم
رماني بعَيْنَيْهِ عندَ الوَداعِ / فللّه رامٍ بألْحاظِ ريم
فأبكَى وأضحكَ في مَوْقفٍ / غداةَ التقَيْنا بأعلَى الغَميم
بيومٍ بطلْعتهِ مُشْمسٍ / على المُجْتَلي وبجَفْني مُغيم
كيوم مؤيّد دين الهدى / ترى فيه طلعة حرٍّ عديم
فيَغْدو به مُشرِقاً ناظرٌ / بِبْشرٍ مُقارِنِ بِرٍّ عَميم
رحيبُ الذُّرا يأْمَنُ الجارُ في / هِ سَطْوةَ رَيْبِ الزّمانِ الغَشوم
ويُشْرِقُ بالوفْدِ حَوْمَ الحجيج / على مَشْعرَيْ زَمْزَمٍ والحطيم
وغيرُ وخيمٍ ذُرا ماجدٍ / له كلُّ خُلْقٍ كريمٍ وخيم
وأبلجُ من لغَطِ السّائلي / نَ لا بالمَلولِ ولا بالسَّؤوم
له أبداً من رياضِ العَلا / ء زُرْقُ الجمامِ وخُضْرُ الجَميم
أُديلَ به الفضلُ من دهرهِ / فباللهِ يا دولةَ الفضلِ دُومي
وحامَيْ حريمٍ لدينِ الهُدَى / فيا دينُ دمتَ منيعَ الحريم
حليمٌ عليمٌ بسرّ الزّمانِ / فأشْرِفْ به من حليمٍ عليم
ولم يكُ حُسْنُ رياضِ العلو / م إلاّ بجَنْبِ جبالِ الحُلوم
يُعِدُّ الخليفةُ يومَ الجدالِ / فتىً منهُ يُفحمُ لُدَّ الخُصوم
وعن حضرةِ القُدْسِ منه يَنوبُ / فيَحْمي حقيقةَ مُلْكٍ عَقيم
بأرقمَ يَلْثِمُ قرطاسَه / فَيتركُ سوداً به من رُقوم
إمامٌ ومحرابُه طِرْسُه / طَويلُ السُّجودِ برأْسٍ أَميم
إذا هو أَبدَى له سَجْدةً / بمَشْقٍ ولو قَدْرَ تدويرِ ميم
بهِ ائتَمَّ كلُّ الورَى ساجدِينَ / بهامٍ إلى رَشْفِ ما خَطَّ هِيم
فأعظِمْ به آيةً للكَريمِ / كما عُهدَتْ آيةٌ للكَليم
فكم بَهَر النّاسَ من مُعْجزٍ / بضَرْبَيْنِ من بُؤْسهِ والنّعيم
فبجّسَ صَخْرَ المليكِ الوَليّ / ويبّسَ بحرَ المليكِ الخَصيم
أيا سابقاً بذَّ شأْوَ الكرامِ / وأسهرَ ليلَ الحَسودِ اللَّئيم
فليس له ما عدا شبْلِه / من النّاسِ في مَجْدِه من قَسيم
نَزلْتُ به غَرَضاً للخُطوبِ / فأحيا رِمامي وأحيا رَميمي
وعاشَتْ بهِ همّتي إذْ رأتْ / مُحَيّاهُ عَيْني وماتَتْ هُمومي
وكم قلتُ للعَيْنِ في نَأْيه / لبَرْقِ ملوكِ الورَى لا تَشيمي
نذَرْتُ فيا عَيْنِ حتّى أراهُ / عن رُؤيةِ الخَلقِ ما عِشْتُ صُومي
فَعيّدْتُ يومَ لقائي له / وعاد سُروريَ بَعْدَ الوُجوم
فها أنا أَدعو دُعاءَ الوَدودِ / له وأُوالي وَلاءَ الحَميم
وأُثني عليه ثَناءَ امرئٍ / لأيّامِ دَولته مُستَديم
ثناءً شَبيهَ ثنايا الحسا / نِ مَنْسوقةً مِثْلَ عِقْدٍ نَظيم
سَما بيَ فوق مَناطَ السَّماء / وأَنعمَ فوق قطارِ الغُيوم
فقد تَركَتْني آلاؤهُ / وحاطَ الحديثُ لها بالقَديم
إذا سألونيَ من أنت قُلْ / تُ عبدُ الكريم ابْنِ عبدِ الكريم
ولستُ بطالبِ مَعْروفِه / ولا هو لي مُسعِفٌ بالمَروم
ولكنْ أفِرُّ فرارَ الغَريمِ / ويَلْزَمُني كلُزومِ الغَريم
كأنَّ ليَ الفضلَ أيضاً عليه / إذا عُدْتُ بالفضلِ منه الجَسيم
كذا مَنْ غدا في اللُّبابِ اللُّبابِ / منَ المجدِ أو في الصَّميمِ الصَّميم
كأنَّ بلوغَ المعالي يَقولُ / أرومُ منَ المرءِ طِيبَ الأُروم
أيا ماجداً جُبِلَتْ نَفْسُه / على خُلُقٍ لا يُبارَي عظيم
رقابُ الأنامِ خُيولُ الكرامِ / وفيها رُسومُهمْ كالوُسوم
وأكثرُ هذا الوَرى كالدّيارِ / وبالي رُسومهم كالرُّسوم
ولكن أياديكَ وهْيَ البحا / رُ نأتي عِدادَ قِطارِ الغُيوم
وفوقَ ندَى اليومِ يُرجَى غداً / نَدى ماجدٍ بالمعالي زَعيم
فما عَقْدُ مَعْروفِه بالضَّعيفِ / وما عَهْدُ عِرْفانِه بالذَّميم
نصَرْتَ مَضيمَ قوافٍ أقولُ / ونَفَّسْتَ عن أدَبٍ لي كَظيم
وما قام قَيسٌ وقَيسٌ معاً / لثأريهما مالكٍ والخَطيم
قِيامَكَ للفضلِ في ذا الزَّما / نِ حتّى أخذتَ بثأْرٍ مُنيم
فأنت المُرادُ بلَفْظِ الوَرى / وأنت الخُصوصُ لهذا العُموم
كأنّ المجَرّةَ وسْطَ السّماء / مَجَرٌّ لذَيْلكَ فوقَ النُّجوم
كأنّ الثُّريّا لبادي الظّلا / مِ كَفٌّ إلى نَهْجِ عَلْياكَ تُومي
كأنّ الهلالَ يُشيرُ أَمامَ / حُسامِ الورَى كسوارٍ فَصيم
فَخُذْها قريضاً وإنْ لم يكنْ / من العَيْبِ أيضاً بذاكَ السَّليم
بدائعَ لو قَدُمَتْ في الزّمانِ / رَواهَا من الحُسْنِ فَحْلا تَميم
قَبولُكَ يُزْهَى بهِ مِقْولي / لما فيك من خُلْقِ طَبْعٍ كريم
فيُصلِحُ فاسِدَهُ للعُيونِ / ويَكْشِفُ غامِضَه للفَهوم
كما الفَصُّ يَعْوَجُّ مكْتوبُه / ويُبدِلُه الشّمْعُ بالمُسْتَقيم
فعِشْ للعُلا قمراً في دُجَى / من الدَّهرِ أو غُرّةً في بهيم
وَمتّعْتَ بالعزِّ فيمَنْ تُحبْ / بُ ما اعْتيدَ جَوْبُ الفلا بالرَّسيم
وخَفَّ الحُسامُ بكفّ الكَميّ / وكأْسُ المُدامِ بكَفِّ النّديم
مَن رأَي قبلَ ثناياكِ مُداماً
مَن رأَي قبلَ ثناياكِ مُداماً / جَعلوا مَنزِلَها الدُّرَّ فداما
تَمترِي من عارضٍ إيماضُه / يخطِفُ القلبَ إذا أبدَى ابتساما
عارِضٌ تَجلوهُ نُعْمٌ غُدوةً / غَيرةَ العارِضِ تَحدوهُ النَّعامى
كلّما شِيمَ سقاني أَدمُعي / وسقَى المِسكَ سِواكاً والمُداما
قاتلَ اللهُ أراكاً بالحِمَى / أبداً يُملي على القلْبِ الغراما
يَصِفُ الثَّغْرَ لها يابِسُه / ويُحاكي رَطْبُه منها القَواما
يا أراكَ الجِزْعِ هَبْ لي رِيقَها / ولأطرافِكَ فاستَسْقِ الغَماما
أَرِدُ الماءَ وتَمَتاُح اللُّمَى / ساء هذا يا ابنةَ القومِ اقْتِساما
لو قضَى بالعدلِ قاضٍ بَيْنَنا / وكِلانا ذابِلٌ يشكو الأُواما
لسَقاهُ القَطْرُ ما سُقِّيتُه / وسَقاني الثّغْرُ ما يَسْقي البَشاما
بأبي من سرِّ قيس غادة / قرط الناس لها أذني الملاما
غالَطَتْني إذْ كَستْ جسمي الضّنَى / كُسوةً عَرَّتْ من اللّحْمِ العظاما
ثمّ قالت أنت عندي في الهوَى / مثلُ عَيْني صدَقتْ لكنْ سَقاما
كنتُ من قَتْلَي ليالي هَجْرِها / حُشِيَتْ منهنَّ أحشائي كِلاما
خِفْتُهُ حتّى إذا ما لَيْلُه / نالَ منها الطَّرْفُ ثأراً فأناما
قلتُ لمّا قتلتْني في الهوَى / حلَّتِ الخمرُ وقد كانت حراما
هل تَرى الرَّكبَ بشَرقيّ الحِمَى / يَشرَئبّونَ إلى وادي الخُزامى
كُلَّما لاحتْ لهمْ أطلالُه / جاذَبتْ راكِبَها العِيسُ الزِّماما
يأْمَنُ السَّيْرَ بنا أَعلامُها / ولقد تَشْجو الدِّيارُ المُسْتَهاما
فنَبذْنا نظْرةً نحوَ الحِمَى / ثُمَّ أَهدَيْنا منَ البُعْدِ السَّلاما
لا نِساءُ الحَىّ حيًّتْنا ولا / بخيامِ الحَيّ شَبَّهْنا الخِياما
طَرْبةٌ تَشْهَدُ كَفّي بَعْدَها / أنّها مرَّتْ على عَيْني مَناما
لم يكنْ غيرَ ليالٍ وَصلُها / كم عسى أنْ يُجْتَلى البدْرُ التِّماما
قُلْ لأحبائي وإنْ شَطَّ النَّوى / بعد عيشٍ ناعمٍ لو كانَ داما
كيف أَتاكُمْ ووَجْدي دائباً / يَسكبُ الدّمعَ على خَدّي سِجاما
كلّما أذكرُ يوماً لكمُ / لم يَطُلْ عنديَ أن أبكيهِ عاما
مِن مُديرٍ كأسَ دمع ساهراً / مغرماً قد رقَدتْ عنه النَّدامى
كلّما حنَّ إلى ذاتِ الغَضا / أنشأَتْ أنفاسُه فيها اضْطِراما
ذاكراً أحورَ مِن سِرْبِ المَها / لا يُوافي طَيْفُه إلاّ لِماما
حلَّ من قلبيَ بَيْتاً فارغاً / فهْو فردٌ فيه لا يَخْشَى زِحاما
فاتِلاً من صُدْغهِ أطْنابَه / ناصباً من قَدّهِ فيه دِعاما
حاطَهُ القلبُ وقد أسلَمني / فإلامَ الغدْرُ يا قلبُ إلاما
هكذا الدَّهرُ رماني صَرْفُه / بهمُومٍ قد أقامَتْ ما أقاما
رجَعَ الأيّامُ فيما وهبَتْ / لُؤْمَ طَبْعٍ ومتى كانتْ كراما
وبناتُ الدَّهرِ في غَدْرَتها / كبَنيهِ لا يُراقبْنَ ذِماما
كم أُناسٍ خلْتُهمْ لي جُنَناً / يومَ رَوْعٍ فغدَوا فيَّ سهاما
أمَّهُمْ دهريَ فائتَمّوا بهِ / هل أبٌ لم يَرْضَهُ الاِبْنُ إماما
تَبِعَ الظّلَّ يُحاكي غُصْنَه / كيفما مالَ لرِيحٍ واسْتَقاما
يا أخا الغَوْثِ وما الغَوْثُ سوى / أنْ يُلَفَّ الغَوْرُ بالنَّجْدِ اعْتزاما
إنّما وُدِّي وقد جَرّبْتَه / عُروةٌ وُثْقَى فلا تَخْشَ انْفِصاما
وإذا كان المَودّاتُ جَناحاً / لم يكنْ أقدامُها إلاّ القُدامى
فاخْشَ يا صاحِ أحاديثَ غَدٍ / إنْ تَصاحَبْنا ولا تَخْشَ الحِماما
نحن رِدْآنِ وأضحَى واحداً / قرْنُنا الدَّهرُ فلا تَرْضَ انْهزاما
كنْ ليَ الماءَ إذا خفْتُ صدىً / وسَنا النّارِ إذا خُضْتُ الظَّلاما
رَجُلاً يُوقظْهُ تحْريكُه / إنّما الطِّفْلُ إذا حُرّكَ ناما
إنْ تُرِدْ والمجدُ رَوضٌ عازبٌ / في ذُرا العزّ جميماً وجِماما
فأثِرْها حاكياتٍ في الفَلا / حينَ يَعْصِفُنَ نُعامَى أو نَعاما
لا سنامَ الأرضِ أبقَى وَخْدها / لا ولا الأرضُ لها أبقَتْ سَناما
أفنَتِ الأرضُ قصاصاً مَتْنَها / حينَ أفنَى مَتْنَها النِّضوُ لِطاما
تُودِعُ السَّيْرَ نهاراً خائناً / يأكلُ الظّلَّ إذا ما هو صاما
أو دُجَى ظلماءَ تُمسي بَطْنُها / من جَنينِ الصُّبْحِ للسّاري عَقاما
أخطأ المطلَعَ ذا الصُّبْحُ فهل / عَمِيَ النّاظرُ منه أو تَعامى
ما اعتلَى الأفْقَ رداءٌ بل هَوَى / منه فاعتمَّ به رأسي اعْتماما
أنا والدِّهرُ كقِرنَيْ مَعْرَكٍ / فتبصَّرْ أيُّنا أوفَى انْتِقاما
حينَ أبدَتْ يَدُه من شَيْبتي / صارماً منّي على المَفْرَقِ شاما
سَلَّ منصوراً على أحداثِه / من حُسامِ الدّينِ تأميلي حُساما
مُخْبِراً عن أثْرِه آثارُه / ماضياً يَغْتَنِمُ الحمدَ اغْتناما
صَقَل البِشْرُ مُحَيّا وجهه / فَجلا عن ناظرِ الحُرِّ القَتاما
مُشْرِعاً بحراً إذا مدَّ يداً / مُطْلِعاً بدراً إذا حَطَّ اللّثاما
كُلّما اهتزَّ به نادى النَّدَى / أشمسَ الوافدُ منه وأغاما
بأبي الخَطّابِ لي مُنتَصَرٌ / من خطوبِ الدّهرِ إن جُرْنَ احتكاما
وحُسامٌ ماسحٌ أعناقَها / عكْسُه وَصفٌ له دُرّي اهْتماما
بحُسامٍ قد نَماهُ عَضُدٌ / ثمَّ أوطاهُ منَ الأكفاء هاما
لن تَرَى نَدْباً هُماماً كاملاً / غيرَ مَنْ عُدَّ أباً نَدْباً هُماما
يا ابْنَ مَنْ شُدَّتْ يدُ المُلْكِ بهِ / فغدا يحمي من الجُنْدِ السّواما
وكفاهُمْ منه أن يَجْمَعَهُمْ / عارِضٍ يغدو من الجودِ رُكاما
عارِضٌ والجيشُ كالقَطْرِ له / يَمْطُرُ النَّعْماءَ والموتَ الزُّؤاما
عُوِّدَ الصّبْرَ على إعْناتِهمْ / مثْلَما لا يُسأمُ الرُّكْنُ اسْتلاما
تأخذُ الأقوامُ من آدابه / وأبَى القابسُ أن يَجني الضِّراما
لو جلا عن وجهِ أدْنَى عِلْمِه / لانْثَنى نَقْصُ بني الدَّهْرِ تماما
يُتَهادَى كُلُّ ما فاهَ بهِ / فهو الدُّرُّ انْتِشاراً وانْتظاما
بَهَرتْ آياتُها فانْقَسَمَ ال / حُسْنُ بينَ اللّفظِ والمعنى انْقساما
رُتَبّ منها و من عَلْيائها / تَملِكُ الحاسدَ أنفاً ورَغاما
يا إماماً جاعلاً سُدَّتَه / طالبَ الفضلِ لعَيْنَيْهِ إماما
ملكَ الفضلَ فحامَى دُونَه / وكذا مَن أصبحَ المسالكَ حامى
هاكَها مِن واردٍ عن ظَمأ / بعدما لابَ بها دهراً وحاما
قُرطُ آذانِ الأُلَى أصغَوا لها / مُلِئِ اللُّؤْلُؤَ فَذّاً وتُؤاما
ويَراها حاسدٌ من حَسَدٍ / صَمَماً في الأذْن منها وصماما
فاْبَق للمجدِ والعَلْياء ودُمْ / في ظلالِ العزِّ والنُّعْمَى دَواما
مُبْلياً غِمْدَ اللّيالي عِزّةً / تَصدُقُ الضّربَ ولا تَخْشَى انْئلاما
لا تَفخرَنَّ بألقابٍ تُدِلُّ بها
لا تَفخرَنَّ بألقابٍ تُدِلُّ بها / فإنّ ذلك لم يُكسبْكَ تَفْخيما
شرَيْتَهنّ فما كانتْ مباركةً / بمالِ كلِّ يتيمٍ ظلَّ مَظْلوما
وإنّما سَخِرَ الكُتّابُ منك بها / وألّفوا لك ألقاباً مَياسيما
قُمْ فاحذِفِ الفاءَ من فَخْرٍ ومن شَرَفٍ / وخُذْ عماداً واجعلْ عَيْنَها جِيما
تُصرفُ أحوالي على حُكْمِ أيّامي
تُصرفُ أحوالي على حُكْمِ أيّامي / فأقلِلْ عتابَ السَّهم في خَطأ الرّامي
فلو أنّ أيّامَ الزّمانِ تُطيعُني / لمَا عشْتُها إلاّ بمَجْلسِكَ السّامي
ولكنّ إلمامَ الحوادثِ منه بي / يَقلُّ به منّي مع الشّوقِ إلمامي
على أنّ ذِكْري بالمغيبِ لفَضْله / أمامَ ثناء طيبهُ أبداً نام
ومدْحٌ إذا ما قلتُ غُرَّ بيوته / غَدَتْ مُتَهاداةً بأفواه أقوْام
وكيف بصبري عنك يا مَن لقاؤه / طليعةُ إسعادي على حَرْبِ أيامي
وما حُلْتُ عن عَهْد من البِشْرِ سابقٍ / فتَشمتَ بي حاشا معاليك لُوّامي
وما أنا من خُطّابِ بشْرٍ بذلّةٍ / ومُدّاحِ أملاكٍ كعُبّادِ أصنام
فإنّ الّذي يَنتابُ بعدَك بعضُهمْ / لكالمُشْتَري في الدّينِ كُفْراً بإسْلام
وأكثرُ هذا النّاسِ لَغْوٌ كأنّهمْ / إذا عَبَروا بالسّمعِ تاآتُ تَمتام
من الجهلِ أنعامٌ وتَرْعَى وإنّما / أخو الذُّلِّ مَنْ يَشْقَى بإنْعامِ أنعام
فلا نَفْعَ فيهم غيرَ أنْ يُفتَدَى بهم / وإن هم أتَوهُ بينَ طَوعٍ وإرغام
أجل قد فَدى اللهُ الذَّبيحَ بمثْلهم / فما في فِدَى النّاسِ إيّاك من ذام
إذا ما تَناهَى كُلُّ مَولىً برَهْطِه / فأنت أعزَّ النّاسِ جانبُ خُدّام
أدَلُّوا بآدابٍ لهم فوصَلْتَهُم / كأنّهم منها أدلُّوا بأرحام
فهل لك أنْ تُحيي رَميمي بنَظرةٍ / مُعاودةِ الحُسنَى وتُحكِمَ أرمامي
وَتكفِيَني رَجْعَ السُّؤالِ فقد تَرَى / هناك وفكْري خالقُ الشِّعرِ إقحامي
وإنّي لَمِمَّنْ يَكتمُ النّارَ في الحشا / ليُصْفيَ منّي الماءَ في الوجه إجمالي
إذا ما تَراءى الذُّلُّ في دَرَكِ الغِنَى / فلا عَدِمَتْ عَيْنايَ عِزّي وإعدامي
وكم قد نُقلُّ الحمدَ حلْيةَ مُكْثِرٍ / ولا يَهْدِمُ العَلياءَ مُجْتاب إهدام
فَزِعتُ بآمالي منَ القوم كُلّهم / إلى مانعٍ عن ذِمّةِ الجارِ مِقْدام
أجلِّ الوَرى في فَصْلِ رَأْيٍ وفِكرةٍ / وأوفاهُمُ في كُلِّ نَقْضٍ وإبرام
فحتّامَ كالطّرْفِ الجَنيبِ يُسارُ بي / فلا عِزَّ إجراء ولا رُوحَ إجْمام
أدَقُّ همومي يَملأُ القلبَ كُلَّه / وأقصَرُ أيّامي من العامِ كالعام
ولو مَلَكتْ كَفّي لوجهي وقايةً / تقدَّمتُ قوماً أُدخِلوا البابَ قُدّامي
لعلَّ كمالَ المُلْك يرتاحُ مَرّةً / لأنْ يَصِلَ الإنعامُ منه بإتمام
فلولاه ما مَرَّتْ بغيرِ ديارِهم / ركابي ولا بالسّاكِنينَ أوهامي
ولا أنشُدُ الحادي وراء ركائبي / إلى أين مَسْراها على الأيْنِ يا عام
بحيثُ هَوادي الرّكبِ مِيلٌ من الكرى / على شُعَبِ الأكوارِ حائمةُ الهام
على كُلِّ مَسْبوقٍ به الطَّرْفُ ناعج / يَروحُ لإنجادٍ ويَغْدو لإتهام
إذا الخَذْمةُ السّمراءُ سالَتْ لعَطْفةٍ / سَرى البرقُ من حيثُ التقاها بإخْذام
أتيتُكَ من كُلِّ الوسائلِ عارياً / ودَمْعي من التّقصيرِ في وَجْنتَيْ هام
وكنتَ لأبناء المَطالبِ كعبةً / فلم ألقَها إلاّ على زِيِّ إحرام
وآمُلُ عنها أن أعودَ بجاهِها / على أثَرِ الإحرام في زيّ إكرام
فكُنْ لي كظَنّي فيكَ واغتَنم الّتي / تُخَلِّدُ هذا الشُّكْرَ عاماً على عام
وإنْ تكُنِ الأخرى الّتي لستُ أهلَها / فَعُدَّ ذَمائي هامةً طار في الهام
فلا تبكِ بَعدي للكريمِ ندامةً / على حينَ لا يُوفي قَتيلٌ ببِسطام
فلا زال مولانا الوزيرُ وبابُه / به الدّهْرَ أفواهٌ مَواضعَ أقدام
ولا زلتَ أنت الدَّهرَ في ظلِّ رأيه / تَسوسُ أقاليماً بآثارِ أقلام
مُعوَّدةً في الجودِ والبأسِ والعُلا / لكُلِّ افتخارٍ وانتقامٍ وإنعام
ومُصْلتةً بالكَفِّ من كُلِّ مُرْهَفٍ / مُصمَّمٍ حَدٍّ في الوقائعِ صَمْصام
حَميتَ بهِ العلياءَ لمّا حَملْتَه / وما السّيفُ إلاّ حِليةُ الحاملِ الحامي
أعلى العهدِ القَديمِ
أعلى العهدِ القَديمِ / شِيَمُ الظَّبْيِ الرَّخيمِ
أم جفاني إذ رآني / واللَّيالي من خُصومي
ليس ذا الدّهرُ على خُلْ / قٍ لخَلْقٍ بمُقيم
زائرٌ زارَ منَ البَحْ / رِ به وَفْدُ الغُيوم
ثُمَّ لمّا أنْ مَلا فا / هُ من الدُّرِّ اليَتيم
قبَّل الأرضَ به بَيْ / نَ يدَيْ عبدِ الرَّحيم
لا ترَى غيرَ كريمٍ / عارفاً قدْرَ كريم
أتَعرِفُ أعلَى اللهُ أمرَكَ أمرَها
أتَعرِفُ أعلَى اللهُ أمرَكَ أمرَها / لديكَ وإهْدائي إليكَ المُنَظَّما
ورَفْعَ يَدي أدعو إلى الله مُخْلصاً / بعَوْدِكَ من رَيْبِ الزَّمانِ مُسلَّما
رَجَوْتُ لكَ العلْيا ولي عند الغِنَى / رَجاءً فكلتا الحالَتَيْنِ مُقَسِّما
فأمّا الّذي أمّلتَ فيه فنِلْتَهُ / وأمّا الّذي أمّلْتُ فيكَ فَرُبَّما
شام برقاً من أقاصي الشّآمِ
شام برقاً من أقاصي الشّآمِ / مُستَطيراً من نَشاصِ الغَمامِ
لم يَجِدْ دمعاً فأكثرَ لَمْعاً / خَوْفَ أنْ يُسْمَى بجَهْمٍ جَهام
كُلّما طولبَ بالقَطْرِ وَهْناً / وهْو لا يَملِكُ غيرَ ابْتسام
غَرِمَتْ عنه جُفوني فجادَتْ / إنّما يَغْرَمُ أهلُ الغَرام
قُلْ لإلْفٍ باتَ يَمْطُرُ خَدّي / مُذْ نأى عنّي غَمامُ اغْتِمام
طَرْفُه قد قاسمَ السُّقْمَ جَفْني / فاقْتَسمْنا أطْرَفَ الاقْتسام
أثَّر السُّقْمُ به وبجِسْمي / من سَقامِ العَيْنِ عَيْنُ السَّقام
ما شِفائي منه لو كان يُرجَى / غيرُ لَثْمي ما وراءَ اللِّثام
أسهرَ النّاظرَ بعضُ اللّيالي
أسهرَ النّاظرَ بعضُ اللّيالي / وأنام الأمْنُ كُلَّ الأنام
عاقدٌ طَوْقَ الحَمامِ ظُباهُ / للعِدا مَوْضعَ طَوْقِ الحَمام
كُلُّ مَجْبولٍ على الطّعْنِ طَبْعاً / يَرْضَعُ الصَّعْدةَ يومَ الفِطام
وغريبُ الخَطِّ يَجْعَلُ لاماً / ألِفَ الخَطَيِّ في كُلِّ لام
يا أمينَ اللهِ دُمتَ مَلاذاً / للورَى غيرَ ذَميمِ الذِّمام
حالياً من كلِّ جُودٍ وبَأْسٍ / خالياً من كُلِّ ذَمٍّ وذام
صار للهِ الخليفةُ فيها / قائماً بالحَقِّ أيِّ القِيام
أقْمَر والبدرَ طالعَيْنِ معاً
أقْمَر والبدرَ طالعَيْنِ معاً / فقلتُ وجهُ الحبيبِ أيُّهما
وأشْرَقا في ذوائبٍ ودُجىً / فزالَ في العَيْنِ فَرْق بَيْنَهُما
وما لَيْلُنا إلاّ سَواءٌ وإنّما
وما لَيْلُنا إلاّ سَواءٌ وإنّما / تَفاوُتُه أنّا سَهرْنا ونمْتُمُ
لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ لسَرَّني
لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ لسَرَّني / جَهْلي كما قد ساءني ما أعلَمُ
كالصَّعْوِ يَرتَعُ في الرِّياضِ وإنّما / حُبسَ الهَزارُ لأنّه يتَرنَّم
مَنْ لي بعَيْشِ الأغبياء فإنّه / لا عيشَ إلاّ عيشُ مَن لا يَفْهَم