القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِحُ الدين الأَرَّجاني الكل
المجموع : 32
إنْ قَصَرتْ بي عنِ الأغراضِ أيّامي
إنْ قَصَرتْ بي عنِ الأغراضِ أيّامي / فليُعذَرِ السّهمُ في أنْ يُخطئ الرَّامي
لو ساعدَ الدّهرُ ما قضَّيتُ لي نفَساً / إلاّ بخدمةِ هذا المجلسِ السّامي
لكنَّ تعويقَ إلمامِ الحوادثِ بي / يَصُدُّ عنه معَ الأشواقِ إلمامي
هذا على أنَّني أُهدي لحَضْرته / على المَغيبِ ثَناءً نَشْرُه نام
ومِدحْةً ما تزالُ الدّهرَ شاردةً / سَيّارةً بين إنجادٍ وإتْهام
للهِ من ماجدٍ تَعْلو به همَمٌ / مَقْسومةٌ في المعالي أيَّ إقْسام
مُنزَّهُ الخُلْقِ عن جُبْنٍ وعن بَخَلٍ / مُخلَّصُ العِرْضِ من ذَمّ ومن ذام
تَظلُّ منه رقابُ المالِ خاضعةً / لكفّ أبيضَ ماضي الحَدِّ صَمْصام
في كلِّ أَنمُلةٍ منه على حِدَةٍ / منَ السَّماحةِ بَحْرٌ طافحٌ طام
هُنِّئْتَها يا زكيَّ الدَّولتَيْنِ عُلاً / تَخْتالُ ما بَيْنَ إجْلالٍ وإعْظام
مُذْ جئْتَ جَيّاً وقد فارقْتَها أخَذَتْ / لها أمانَيْنِ من ظُلْمٍ وإظْلام
وكان سُودَ ليالٍ كُلُّها فَعُني / بها الزّمانُ فصارتْ بيضَ أيّام
أسلْتَ أوديةً للنّاسِ من ذَهَبٍ / جَرتْ بها من نداكَ الهاملِ الهامي
حَملْتَ مالاً حمَيتَ المجْدَ منكَ به / والسّيفُ حلْيةُ كفّ الحاملِ الحامي
هوَ الكمالُ فدامَتْ عَيْنُه أبداً / مَصْروفةً عنكَ يا أسمي بني سام
تمامُ نعمةِ دنْياكَ الدَّوامُ لها / فزانَ نُعماكَ مُوليها بإتْمام
تَظلَّمَ من طَرْف ظَبْيٍ رَخييمٍ
تَظلَّمَ من طَرْف ظَبْيٍ رَخييمٍ / سَقيمٌ غدا شاكياً من سَقيمِ
فلم يَسْعَ ما بيننا للعتابِ / رَسولٌ يُشاكلُ غَيْرَ النَّسيم
سلامٌ به بعثَتْ من هوىً / وإنْ هي باتَتْ بلَيْلِ السّليم
على يدِ ريحِ صَباً رُوحَ صَبٍّ سَرتْ / إلى مُقلتَيْ رَشأٍ بالصَّريم
وعادَتْ إليّ بأنفاسِها / صَباحاً وهنَّ أواسي كُلوم
ضِعافُ الهُبوبِ ولكنْ بها / تَخرَّقَ عنّي غَمامُ الغُموم
ولولا النّسيمُ عَدِمْتُ الشِّفاءَ / فمَنْ ليَ من وَرْدكمْ بالشَّميم
سرى القَلبُ مِن أَضلُعي ظاعِناً / وَخَلَّفَ لاعَجَ شَوقٍ مقِيم
عَشِيَّةَ هاجَ الهَوى لائِمي / وسَحَّتْ جفونُ مَشوقٍ مَلوم
فيا عاذلي ثُمّ يا ناظري / لقد جئْتُماني بلَوْمٍ ولُوم
وعَهْدي بنَفْسي إذا ما حنَنْتُ / دُفعْتُ إلى مُقْعِدٍ لي مُقيم
ونَمَّ بسرِّ الهَوى أدمُعي / وما الدّمعُ إلاّ لسانُ الكَتوم
نظرتُ غداةَ اجتلَيْتُ المِراةَ / وفي عارضي حرْبُ زَنْجٍ وَرُوم
وأضعفَ مَرِّيَ مَرُّ الزَّمانِ / وبَدَّلَ وكْري غُراباً بِبُوم
فقُلْتُ لنَفْسيَ لمّا أسِفْتُ / لخَدٍّ بكفِّ مشيبي لَطيم
تَحامَيْ عنِ اللَّهْو لَهْوِ الشَّبابِ / وحَوْلَ الهوىَ بعْدَهُ لا تَحومي
فها أنا أعجِزُ عَجْزَ الفِصال / وإنْ كنتُ أهدْرُ هَدْرَ القُروم
فطَمْتُ عنِ الصَّبَواتِ الفُؤادَ / ولابدَّ من ضَجْرةٍ للفطيم
ومِن ذَكْرَةٍ لعهودِ الصِّبا / ومن لَفْتةٍ لسَلوبٍ رَؤوم
وشِعرٍ ألوكُ لساني بهِ / وأُعلنُ شَكْوَى الزّمانِ الظَّلوم
تَعلُّلَ صافنةِ الخيلِ في / عِراصِ الدّيارِ بلَوْكِ الشّكيم
وذِكْريَ أَهيفَ ساجي اللّحاظ / هَضومِ المُحبِّ بكَشْحٍ هَضيم
حكَى الخالَ في عَطْفةِ الصُّدْغِ منه / بِخطِّ يد الحُسْنِ مِسْكيَّ جِيم
رماني بعَيْنَيْهِ عندَ الوَداعِ / فللّه رامٍ بألْحاظِ ريم
فأبكَى وأضحكَ في مَوْقفٍ / غداةَ التقَيْنا بأعلَى الغَميم
بيومٍ بطلْعتهِ مُشْمسٍ / على المُجْتَلي وبجَفْني مُغيم
كيوم مؤيّد دين الهدى / ترى فيه طلعة حرٍّ عديم
فيَغْدو به مُشرِقاً ناظرٌ / بِبْشرٍ مُقارِنِ بِرٍّ عَميم
رحيبُ الذُّرا يأْمَنُ الجارُ في / هِ سَطْوةَ رَيْبِ الزّمانِ الغَشوم
ويُشْرِقُ بالوفْدِ حَوْمَ الحجيج / على مَشْعرَيْ زَمْزَمٍ والحطيم
وغيرُ وخيمٍ ذُرا ماجدٍ / له كلُّ خُلْقٍ كريمٍ وخيم
وأبلجُ من لغَطِ السّائلي / نَ لا بالمَلولِ ولا بالسَّؤوم
له أبداً من رياضِ العَلا / ء زُرْقُ الجمامِ وخُضْرُ الجَميم
أُديلَ به الفضلُ من دهرهِ / فباللهِ يا دولةَ الفضلِ دُومي
وحامَيْ حريمٍ لدينِ الهُدَى / فيا دينُ دمتَ منيعَ الحريم
حليمٌ عليمٌ بسرّ الزّمانِ / فأشْرِفْ به من حليمٍ عليم
ولم يكُ حُسْنُ رياضِ العلو / م إلاّ بجَنْبِ جبالِ الحُلوم
يُعِدُّ الخليفةُ يومَ الجدالِ / فتىً منهُ يُفحمُ لُدَّ الخُصوم
وعن حضرةِ القُدْسِ منه يَنوبُ / فيَحْمي حقيقةَ مُلْكٍ عَقيم
بأرقمَ يَلْثِمُ قرطاسَه / فَيتركُ سوداً به من رُقوم
إمامٌ ومحرابُه طِرْسُه / طَويلُ السُّجودِ برأْسٍ أَميم
إذا هو أَبدَى له سَجْدةً / بمَشْقٍ ولو قَدْرَ تدويرِ ميم
بهِ ائتَمَّ كلُّ الورَى ساجدِينَ / بهامٍ إلى رَشْفِ ما خَطَّ هِيم
فأعظِمْ به آيةً للكَريمِ / كما عُهدَتْ آيةٌ للكَليم
فكم بَهَر النّاسَ من مُعْجزٍ / بضَرْبَيْنِ من بُؤْسهِ والنّعيم
فبجّسَ صَخْرَ المليكِ الوَليّ / ويبّسَ بحرَ المليكِ الخَصيم
أيا سابقاً بذَّ شأْوَ الكرامِ / وأسهرَ ليلَ الحَسودِ اللَّئيم
فليس له ما عدا شبْلِه / من النّاسِ في مَجْدِه من قَسيم
نَزلْتُ به غَرَضاً للخُطوبِ / فأحيا رِمامي وأحيا رَميمي
وعاشَتْ بهِ همّتي إذْ رأتْ / مُحَيّاهُ عَيْني وماتَتْ هُمومي
وكم قلتُ للعَيْنِ في نَأْيه / لبَرْقِ ملوكِ الورَى لا تَشيمي
نذَرْتُ فيا عَيْنِ حتّى أراهُ / عن رُؤيةِ الخَلقِ ما عِشْتُ صُومي
فَعيّدْتُ يومَ لقائي له / وعاد سُروريَ بَعْدَ الوُجوم
فها أنا أَدعو دُعاءَ الوَدودِ / له وأُوالي وَلاءَ الحَميم
وأُثني عليه ثَناءَ امرئٍ / لأيّامِ دَولته مُستَديم
ثناءً شَبيهَ ثنايا الحسا / نِ مَنْسوقةً مِثْلَ عِقْدٍ نَظيم
سَما بيَ فوق مَناطَ السَّماء / وأَنعمَ فوق قطارِ الغُيوم
فقد تَركَتْني آلاؤهُ / وحاطَ الحديثُ لها بالقَديم
إذا سألونيَ من أنت قُلْ / تُ عبدُ الكريم ابْنِ عبدِ الكريم
ولستُ بطالبِ مَعْروفِه / ولا هو لي مُسعِفٌ بالمَروم
ولكنْ أفِرُّ فرارَ الغَريمِ / ويَلْزَمُني كلُزومِ الغَريم
كأنَّ ليَ الفضلَ أيضاً عليه / إذا عُدْتُ بالفضلِ منه الجَسيم
كذا مَنْ غدا في اللُّبابِ اللُّبابِ / منَ المجدِ أو في الصَّميمِ الصَّميم
كأنَّ بلوغَ المعالي يَقولُ / أرومُ منَ المرءِ طِيبَ الأُروم
أيا ماجداً جُبِلَتْ نَفْسُه / على خُلُقٍ لا يُبارَي عظيم
رقابُ الأنامِ خُيولُ الكرامِ / وفيها رُسومُهمْ كالوُسوم
وأكثرُ هذا الوَرى كالدّيارِ / وبالي رُسومهم كالرُّسوم
ولكن أياديكَ وهْيَ البحا / رُ نأتي عِدادَ قِطارِ الغُيوم
وفوقَ ندَى اليومِ يُرجَى غداً / نَدى ماجدٍ بالمعالي زَعيم
فما عَقْدُ مَعْروفِه بالضَّعيفِ / وما عَهْدُ عِرْفانِه بالذَّميم
نصَرْتَ مَضيمَ قوافٍ أقولُ / ونَفَّسْتَ عن أدَبٍ لي كَظيم
وما قام قَيسٌ وقَيسٌ معاً / لثأريهما مالكٍ والخَطيم
قِيامَكَ للفضلِ في ذا الزَّما / نِ حتّى أخذتَ بثأْرٍ مُنيم
فأنت المُرادُ بلَفْظِ الوَرى / وأنت الخُصوصُ لهذا العُموم
كأنّ المجَرّةَ وسْطَ السّماء / مَجَرٌّ لذَيْلكَ فوقَ النُّجوم
كأنّ الثُّريّا لبادي الظّلا / مِ كَفٌّ إلى نَهْجِ عَلْياكَ تُومي
كأنّ الهلالَ يُشيرُ أَمامَ / حُسامِ الورَى كسوارٍ فَصيم
فَخُذْها قريضاً وإنْ لم يكنْ / من العَيْبِ أيضاً بذاكَ السَّليم
بدائعَ لو قَدُمَتْ في الزّمانِ / رَواهَا من الحُسْنِ فَحْلا تَميم
قَبولُكَ يُزْهَى بهِ مِقْولي / لما فيك من خُلْقِ طَبْعٍ كريم
فيُصلِحُ فاسِدَهُ للعُيونِ / ويَكْشِفُ غامِضَه للفَهوم
كما الفَصُّ يَعْوَجُّ مكْتوبُه / ويُبدِلُه الشّمْعُ بالمُسْتَقيم
فعِشْ للعُلا قمراً في دُجَى / من الدَّهرِ أو غُرّةً في بهيم
وَمتّعْتَ بالعزِّ فيمَنْ تُحبْ / بُ ما اعْتيدَ جَوْبُ الفلا بالرَّسيم
وخَفَّ الحُسامُ بكفّ الكَميّ / وكأْسُ المُدامِ بكَفِّ النّديم
مَن رأَي قبلَ ثناياكِ مُداماً
مَن رأَي قبلَ ثناياكِ مُداماً / جَعلوا مَنزِلَها الدُّرَّ فداما
تَمترِي من عارضٍ إيماضُه / يخطِفُ القلبَ إذا أبدَى ابتساما
عارِضٌ تَجلوهُ نُعْمٌ غُدوةً / غَيرةَ العارِضِ تَحدوهُ النَّعامى
كلّما شِيمَ سقاني أَدمُعي / وسقَى المِسكَ سِواكاً والمُداما
قاتلَ اللهُ أراكاً بالحِمَى / أبداً يُملي على القلْبِ الغراما
يَصِفُ الثَّغْرَ لها يابِسُه / ويُحاكي رَطْبُه منها القَواما
يا أراكَ الجِزْعِ هَبْ لي رِيقَها / ولأطرافِكَ فاستَسْقِ الغَماما
أَرِدُ الماءَ وتَمَتاُح اللُّمَى / ساء هذا يا ابنةَ القومِ اقْتِساما
لو قضَى بالعدلِ قاضٍ بَيْنَنا / وكِلانا ذابِلٌ يشكو الأُواما
لسَقاهُ القَطْرُ ما سُقِّيتُه / وسَقاني الثّغْرُ ما يَسْقي البَشاما
بأبي من سرِّ قيس غادة / قرط الناس لها أذني الملاما
غالَطَتْني إذْ كَستْ جسمي الضّنَى / كُسوةً عَرَّتْ من اللّحْمِ العظاما
ثمّ قالت أنت عندي في الهوَى / مثلُ عَيْني صدَقتْ لكنْ سَقاما
كنتُ من قَتْلَي ليالي هَجْرِها / حُشِيَتْ منهنَّ أحشائي كِلاما
خِفْتُهُ حتّى إذا ما لَيْلُه / نالَ منها الطَّرْفُ ثأراً فأناما
قلتُ لمّا قتلتْني في الهوَى / حلَّتِ الخمرُ وقد كانت حراما
هل تَرى الرَّكبَ بشَرقيّ الحِمَى / يَشرَئبّونَ إلى وادي الخُزامى
كُلَّما لاحتْ لهمْ أطلالُه / جاذَبتْ راكِبَها العِيسُ الزِّماما
يأْمَنُ السَّيْرَ بنا أَعلامُها / ولقد تَشْجو الدِّيارُ المُسْتَهاما
فنَبذْنا نظْرةً نحوَ الحِمَى / ثُمَّ أَهدَيْنا منَ البُعْدِ السَّلاما
لا نِساءُ الحَىّ حيًّتْنا ولا / بخيامِ الحَيّ شَبَّهْنا الخِياما
طَرْبةٌ تَشْهَدُ كَفّي بَعْدَها / أنّها مرَّتْ على عَيْني مَناما
لم يكنْ غيرَ ليالٍ وَصلُها / كم عسى أنْ يُجْتَلى البدْرُ التِّماما
قُلْ لأحبائي وإنْ شَطَّ النَّوى / بعد عيشٍ ناعمٍ لو كانَ داما
كيف أَتاكُمْ ووَجْدي دائباً / يَسكبُ الدّمعَ على خَدّي سِجاما
كلّما أذكرُ يوماً لكمُ / لم يَطُلْ عنديَ أن أبكيهِ عاما
مِن مُديرٍ كأسَ دمع ساهراً / مغرماً قد رقَدتْ عنه النَّدامى
كلّما حنَّ إلى ذاتِ الغَضا / أنشأَتْ أنفاسُه فيها اضْطِراما
ذاكراً أحورَ مِن سِرْبِ المَها / لا يُوافي طَيْفُه إلاّ لِماما
حلَّ من قلبيَ بَيْتاً فارغاً / فهْو فردٌ فيه لا يَخْشَى زِحاما
فاتِلاً من صُدْغهِ أطْنابَه / ناصباً من قَدّهِ فيه دِعاما
حاطَهُ القلبُ وقد أسلَمني / فإلامَ الغدْرُ يا قلبُ إلاما
هكذا الدَّهرُ رماني صَرْفُه / بهمُومٍ قد أقامَتْ ما أقاما
رجَعَ الأيّامُ فيما وهبَتْ / لُؤْمَ طَبْعٍ ومتى كانتْ كراما
وبناتُ الدَّهرِ في غَدْرَتها / كبَنيهِ لا يُراقبْنَ ذِماما
كم أُناسٍ خلْتُهمْ لي جُنَناً / يومَ رَوْعٍ فغدَوا فيَّ سهاما
أمَّهُمْ دهريَ فائتَمّوا بهِ / هل أبٌ لم يَرْضَهُ الاِبْنُ إماما
تَبِعَ الظّلَّ يُحاكي غُصْنَه / كيفما مالَ لرِيحٍ واسْتَقاما
يا أخا الغَوْثِ وما الغَوْثُ سوى / أنْ يُلَفَّ الغَوْرُ بالنَّجْدِ اعْتزاما
إنّما وُدِّي وقد جَرّبْتَه / عُروةٌ وُثْقَى فلا تَخْشَ انْفِصاما
وإذا كان المَودّاتُ جَناحاً / لم يكنْ أقدامُها إلاّ القُدامى
فاخْشَ يا صاحِ أحاديثَ غَدٍ / إنْ تَصاحَبْنا ولا تَخْشَ الحِماما
نحن رِدْآنِ وأضحَى واحداً / قرْنُنا الدَّهرُ فلا تَرْضَ انْهزاما
كنْ ليَ الماءَ إذا خفْتُ صدىً / وسَنا النّارِ إذا خُضْتُ الظَّلاما
رَجُلاً يُوقظْهُ تحْريكُه / إنّما الطِّفْلُ إذا حُرّكَ ناما
إنْ تُرِدْ والمجدُ رَوضٌ عازبٌ / في ذُرا العزّ جميماً وجِماما
فأثِرْها حاكياتٍ في الفَلا / حينَ يَعْصِفُنَ نُعامَى أو نَعاما
لا سنامَ الأرضِ أبقَى وَخْدها / لا ولا الأرضُ لها أبقَتْ سَناما
أفنَتِ الأرضُ قصاصاً مَتْنَها / حينَ أفنَى مَتْنَها النِّضوُ لِطاما
تُودِعُ السَّيْرَ نهاراً خائناً / يأكلُ الظّلَّ إذا ما هو صاما
أو دُجَى ظلماءَ تُمسي بَطْنُها / من جَنينِ الصُّبْحِ للسّاري عَقاما
أخطأ المطلَعَ ذا الصُّبْحُ فهل / عَمِيَ النّاظرُ منه أو تَعامى
ما اعتلَى الأفْقَ رداءٌ بل هَوَى / منه فاعتمَّ به رأسي اعْتماما
أنا والدِّهرُ كقِرنَيْ مَعْرَكٍ / فتبصَّرْ أيُّنا أوفَى انْتِقاما
حينَ أبدَتْ يَدُه من شَيْبتي / صارماً منّي على المَفْرَقِ شاما
سَلَّ منصوراً على أحداثِه / من حُسامِ الدّينِ تأميلي حُساما
مُخْبِراً عن أثْرِه آثارُه / ماضياً يَغْتَنِمُ الحمدَ اغْتناما
صَقَل البِشْرُ مُحَيّا وجهه / فَجلا عن ناظرِ الحُرِّ القَتاما
مُشْرِعاً بحراً إذا مدَّ يداً / مُطْلِعاً بدراً إذا حَطَّ اللّثاما
كُلّما اهتزَّ به نادى النَّدَى / أشمسَ الوافدُ منه وأغاما
بأبي الخَطّابِ لي مُنتَصَرٌ / من خطوبِ الدّهرِ إن جُرْنَ احتكاما
وحُسامٌ ماسحٌ أعناقَها / عكْسُه وَصفٌ له دُرّي اهْتماما
بحُسامٍ قد نَماهُ عَضُدٌ / ثمَّ أوطاهُ منَ الأكفاء هاما
لن تَرَى نَدْباً هُماماً كاملاً / غيرَ مَنْ عُدَّ أباً نَدْباً هُماما
يا ابْنَ مَنْ شُدَّتْ يدُ المُلْكِ بهِ / فغدا يحمي من الجُنْدِ السّواما
وكفاهُمْ منه أن يَجْمَعَهُمْ / عارِضٍ يغدو من الجودِ رُكاما
عارِضٌ والجيشُ كالقَطْرِ له / يَمْطُرُ النَّعْماءَ والموتَ الزُّؤاما
عُوِّدَ الصّبْرَ على إعْناتِهمْ / مثْلَما لا يُسأمُ الرُّكْنُ اسْتلاما
تأخذُ الأقوامُ من آدابه / وأبَى القابسُ أن يَجني الضِّراما
لو جلا عن وجهِ أدْنَى عِلْمِه / لانْثَنى نَقْصُ بني الدَّهْرِ تماما
يُتَهادَى كُلُّ ما فاهَ بهِ / فهو الدُّرُّ انْتِشاراً وانْتظاما
بَهَرتْ آياتُها فانْقَسَمَ ال / حُسْنُ بينَ اللّفظِ والمعنى انْقساما
رُتَبّ منها و من عَلْيائها / تَملِكُ الحاسدَ أنفاً ورَغاما
يا إماماً جاعلاً سُدَّتَه / طالبَ الفضلِ لعَيْنَيْهِ إماما
ملكَ الفضلَ فحامَى دُونَه / وكذا مَن أصبحَ المسالكَ حامى
هاكَها مِن واردٍ عن ظَمأ / بعدما لابَ بها دهراً وحاما
قُرطُ آذانِ الأُلَى أصغَوا لها / مُلِئِ اللُّؤْلُؤَ فَذّاً وتُؤاما
ويَراها حاسدٌ من حَسَدٍ / صَمَماً في الأذْن منها وصماما
فاْبَق للمجدِ والعَلْياء ودُمْ / في ظلالِ العزِّ والنُّعْمَى دَواما
مُبْلياً غِمْدَ اللّيالي عِزّةً / تَصدُقُ الضّربَ ولا تَخْشَى انْئلاما
لا تَفخرَنَّ بألقابٍ تُدِلُّ بها
لا تَفخرَنَّ بألقابٍ تُدِلُّ بها / فإنّ ذلك لم يُكسبْكَ تَفْخيما
شرَيْتَهنّ فما كانتْ مباركةً / بمالِ كلِّ يتيمٍ ظلَّ مَظْلوما
وإنّما سَخِرَ الكُتّابُ منك بها / وألّفوا لك ألقاباً مَياسيما
قُمْ فاحذِفِ الفاءَ من فَخْرٍ ومن شَرَفٍ / وخُذْ عماداً واجعلْ عَيْنَها جِيما
تُصرفُ أحوالي على حُكْمِ أيّامي
تُصرفُ أحوالي على حُكْمِ أيّامي / فأقلِلْ عتابَ السَّهم في خَطأ الرّامي
فلو أنّ أيّامَ الزّمانِ تُطيعُني / لمَا عشْتُها إلاّ بمَجْلسِكَ السّامي
ولكنّ إلمامَ الحوادثِ منه بي / يَقلُّ به منّي مع الشّوقِ إلمامي
على أنّ ذِكْري بالمغيبِ لفَضْله / أمامَ ثناء طيبهُ أبداً نام
ومدْحٌ إذا ما قلتُ غُرَّ بيوته / غَدَتْ مُتَهاداةً بأفواه أقوْام
وكيف بصبري عنك يا مَن لقاؤه / طليعةُ إسعادي على حَرْبِ أيامي
وما حُلْتُ عن عَهْد من البِشْرِ سابقٍ / فتَشمتَ بي حاشا معاليك لُوّامي
وما أنا من خُطّابِ بشْرٍ بذلّةٍ / ومُدّاحِ أملاكٍ كعُبّادِ أصنام
فإنّ الّذي يَنتابُ بعدَك بعضُهمْ / لكالمُشْتَري في الدّينِ كُفْراً بإسْلام
وأكثرُ هذا النّاسِ لَغْوٌ كأنّهمْ / إذا عَبَروا بالسّمعِ تاآتُ تَمتام
من الجهلِ أنعامٌ وتَرْعَى وإنّما / أخو الذُّلِّ مَنْ يَشْقَى بإنْعامِ أنعام
فلا نَفْعَ فيهم غيرَ أنْ يُفتَدَى بهم / وإن هم أتَوهُ بينَ طَوعٍ وإرغام
أجل قد فَدى اللهُ الذَّبيحَ بمثْلهم / فما في فِدَى النّاسِ إيّاك من ذام
إذا ما تَناهَى كُلُّ مَولىً برَهْطِه / فأنت أعزَّ النّاسِ جانبُ خُدّام
أدَلُّوا بآدابٍ لهم فوصَلْتَهُم / كأنّهم منها أدلُّوا بأرحام
فهل لك أنْ تُحيي رَميمي بنَظرةٍ / مُعاودةِ الحُسنَى وتُحكِمَ أرمامي
وَتكفِيَني رَجْعَ السُّؤالِ فقد تَرَى / هناك وفكْري خالقُ الشِّعرِ إقحامي
وإنّي لَمِمَّنْ يَكتمُ النّارَ في الحشا / ليُصْفيَ منّي الماءَ في الوجه إجمالي
إذا ما تَراءى الذُّلُّ في دَرَكِ الغِنَى / فلا عَدِمَتْ عَيْنايَ عِزّي وإعدامي
وكم قد نُقلُّ الحمدَ حلْيةَ مُكْثِرٍ / ولا يَهْدِمُ العَلياءَ مُجْتاب إهدام
فَزِعتُ بآمالي منَ القوم كُلّهم / إلى مانعٍ عن ذِمّةِ الجارِ مِقْدام
أجلِّ الوَرى في فَصْلِ رَأْيٍ وفِكرةٍ / وأوفاهُمُ في كُلِّ نَقْضٍ وإبرام
فحتّامَ كالطّرْفِ الجَنيبِ يُسارُ بي / فلا عِزَّ إجراء ولا رُوحَ إجْمام
أدَقُّ همومي يَملأُ القلبَ كُلَّه / وأقصَرُ أيّامي من العامِ كالعام
ولو مَلَكتْ كَفّي لوجهي وقايةً / تقدَّمتُ قوماً أُدخِلوا البابَ قُدّامي
لعلَّ كمالَ المُلْك يرتاحُ مَرّةً / لأنْ يَصِلَ الإنعامُ منه بإتمام
فلولاه ما مَرَّتْ بغيرِ ديارِهم / ركابي ولا بالسّاكِنينَ أوهامي
ولا أنشُدُ الحادي وراء ركائبي / إلى أين مَسْراها على الأيْنِ يا عام
بحيثُ هَوادي الرّكبِ مِيلٌ من الكرى / على شُعَبِ الأكوارِ حائمةُ الهام
على كُلِّ مَسْبوقٍ به الطَّرْفُ ناعج / يَروحُ لإنجادٍ ويَغْدو لإتهام
إذا الخَذْمةُ السّمراءُ سالَتْ لعَطْفةٍ / سَرى البرقُ من حيثُ التقاها بإخْذام
أتيتُكَ من كُلِّ الوسائلِ عارياً / ودَمْعي من التّقصيرِ في وَجْنتَيْ هام
وكنتَ لأبناء المَطالبِ كعبةً / فلم ألقَها إلاّ على زِيِّ إحرام
وآمُلُ عنها أن أعودَ بجاهِها / على أثَرِ الإحرام في زيّ إكرام
فكُنْ لي كظَنّي فيكَ واغتَنم الّتي / تُخَلِّدُ هذا الشُّكْرَ عاماً على عام
وإنْ تكُنِ الأخرى الّتي لستُ أهلَها / فَعُدَّ ذَمائي هامةً طار في الهام
فلا تبكِ بَعدي للكريمِ ندامةً / على حينَ لا يُوفي قَتيلٌ ببِسطام
فلا زال مولانا الوزيرُ وبابُه / به الدّهْرَ أفواهٌ مَواضعَ أقدام
ولا زلتَ أنت الدَّهرَ في ظلِّ رأيه / تَسوسُ أقاليماً بآثارِ أقلام
مُعوَّدةً في الجودِ والبأسِ والعُلا / لكُلِّ افتخارٍ وانتقامٍ وإنعام
ومُصْلتةً بالكَفِّ من كُلِّ مُرْهَفٍ / مُصمَّمٍ حَدٍّ في الوقائعِ صَمْصام
حَميتَ بهِ العلياءَ لمّا حَملْتَه / وما السّيفُ إلاّ حِليةُ الحاملِ الحامي
أعلى العهدِ القَديمِ
أعلى العهدِ القَديمِ / شِيَمُ الظَّبْيِ الرَّخيمِ
أم جفاني إذ رآني / واللَّيالي من خُصومي
ليس ذا الدّهرُ على خُلْ / قٍ لخَلْقٍ بمُقيم
زائرٌ زارَ منَ البَحْ / رِ به وَفْدُ الغُيوم
ثُمَّ لمّا أنْ مَلا فا / هُ من الدُّرِّ اليَتيم
قبَّل الأرضَ به بَيْ / نَ يدَيْ عبدِ الرَّحيم
لا ترَى غيرَ كريمٍ / عارفاً قدْرَ كريم
أتَعرِفُ أعلَى اللهُ أمرَكَ أمرَها
أتَعرِفُ أعلَى اللهُ أمرَكَ أمرَها / لديكَ وإهْدائي إليكَ المُنَظَّما
ورَفْعَ يَدي أدعو إلى الله مُخْلصاً / بعَوْدِكَ من رَيْبِ الزَّمانِ مُسلَّما
رَجَوْتُ لكَ العلْيا ولي عند الغِنَى / رَجاءً فكلتا الحالَتَيْنِ مُقَسِّما
فأمّا الّذي أمّلتَ فيه فنِلْتَهُ / وأمّا الّذي أمّلْتُ فيكَ فَرُبَّما
شام برقاً من أقاصي الشّآمِ
شام برقاً من أقاصي الشّآمِ / مُستَطيراً من نَشاصِ الغَمامِ
لم يَجِدْ دمعاً فأكثرَ لَمْعاً / خَوْفَ أنْ يُسْمَى بجَهْمٍ جَهام
كُلّما طولبَ بالقَطْرِ وَهْناً / وهْو لا يَملِكُ غيرَ ابْتسام
غَرِمَتْ عنه جُفوني فجادَتْ / إنّما يَغْرَمُ أهلُ الغَرام
قُلْ لإلْفٍ باتَ يَمْطُرُ خَدّي / مُذْ نأى عنّي غَمامُ اغْتِمام
طَرْفُه قد قاسمَ السُّقْمَ جَفْني / فاقْتَسمْنا أطْرَفَ الاقْتسام
أثَّر السُّقْمُ به وبجِسْمي / من سَقامِ العَيْنِ عَيْنُ السَّقام
ما شِفائي منه لو كان يُرجَى / غيرُ لَثْمي ما وراءَ اللِّثام
أسهرَ النّاظرَ بعضُ اللّيالي
أسهرَ النّاظرَ بعضُ اللّيالي / وأنام الأمْنُ كُلَّ الأنام
عاقدٌ طَوْقَ الحَمامِ ظُباهُ / للعِدا مَوْضعَ طَوْقِ الحَمام
كُلُّ مَجْبولٍ على الطّعْنِ طَبْعاً / يَرْضَعُ الصَّعْدةَ يومَ الفِطام
وغريبُ الخَطِّ يَجْعَلُ لاماً / ألِفَ الخَطَيِّ في كُلِّ لام
يا أمينَ اللهِ دُمتَ مَلاذاً / للورَى غيرَ ذَميمِ الذِّمام
حالياً من كلِّ جُودٍ وبَأْسٍ / خالياً من كُلِّ ذَمٍّ وذام
صار للهِ الخليفةُ فيها / قائماً بالحَقِّ أيِّ القِيام
أقْمَر والبدرَ طالعَيْنِ معاً
أقْمَر والبدرَ طالعَيْنِ معاً / فقلتُ وجهُ الحبيبِ أيُّهما
وأشْرَقا في ذوائبٍ ودُجىً / فزالَ في العَيْنِ فَرْق بَيْنَهُما
وما لَيْلُنا إلاّ سَواءٌ وإنّما
وما لَيْلُنا إلاّ سَواءٌ وإنّما / تَفاوُتُه أنّا سَهرْنا ونمْتُمُ
لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ لسَرَّني
لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ لسَرَّني / جَهْلي كما قد ساءني ما أعلَمُ
كالصَّعْوِ يَرتَعُ في الرِّياضِ وإنّما / حُبسَ الهَزارُ لأنّه يتَرنَّم
مَنْ لي بعَيْشِ الأغبياء فإنّه / لا عيشَ إلاّ عيشُ مَن لا يَفْهَم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025