المجموع : 65
من ذا يؤمّلُ بعدك الأيّاما
من ذا يؤمّلُ بعدك الأيّاما / ويروم في الدّنيا الغداة مراما
خلطت مصيبتك الولاةَ ونظّرَتْ / بين الرّجال وسوّتِ الأقداما
فاليومَ لا حرمٌ يُصان ولا شباً / يُخشى ولا عِزٌّ عليه يحامى
الملكُ زالَ دعامُهُ وقد اِلتوى / والجيشُ ضلّ دليلُهُ فأقاما
والرّأي مشتَرَكٌ بأيدي معشرٍ / لا يحسنون النّقضَ والإبراما
كانَت حَياتُك للزّمان حياتَه / وغدا زمانُك للزّمان حِماما
فَبُكاؤنا حِلٌّ عليك وطالما / كان البكاء على سواك حراما
ماذا الّذي صَنع الحِمام فإنّه / ما جَبَّ إلّا ذُرْوَهً وسناما
وهوى إلى مَطْوى الشّجاعِ فحازه / واِستلَّ مِن أَخياسه الضّرغاما
ما ضرّه لو كان قدّم غيره / لكنّه يتخيّر الأقواما
ومعوَّدٍ جَذْبَ الأزمّةِ في الورى / جذَب الرّدى منه إليه زماما
بلغ المُنى ويزلّ مَن بلغ المُنى / وَكَما اِعتبرتَ النّقصَ كان تماما
يجني الحِمامُ ونحن نُلحِي غيره / فاِذهبْ حِمامُ فقد كُفيتَ مَلاما
تَعدو على مَن شئتَ غيرَ مدافَعٍ / تَلِجُ البيوت وتدخل الآطاما
قُل للّذين بنَوْا عليه ضريحَه / وطَوَوْا عليه صفائحاً وسِلاما
لَم تدفنوه وإنّما واريتُمُ / في التُّربِ منه يَذْبُلاً وشَماما
وَكأنّما الجَدَثُ الّذي وُسِّدْتَه / جَفْنٌ تناول من يديَّ حساما
أرِجُ الجوانبِ لم أُصِبْهُ بمنْدَلٍ / لَدِنٍ ولم أشنُنْ عليه مُداما
ما زال والأوتارُ تحقر غيظَه / يُضوِي الحقودَ ويُسمنُ الأحلاما
وتراه يدّخر المكارمَ والعُلا / وسواه يذخر عسجداً أوْساما
إنّ الجيوش بلا عميدٍ بعده / فَوْضى كسِيد الدَّوِّ راع سَواما
يُغضون من غير العَوارِ عيونَهمْ / جوعاً له ويطأطئون الهاما
فضعوا السّيوفَ عن الكواهل خُشَّعاً / فحسامكمْ قد شامه مَن شاما
وإذا أرادكُمُ العدوّ فأَحجِموا / ذَهب الّذي يعطيكُمُ الإقداما
وإذا عقرتمْ فالجيادُ فلا فتىً / يبغيكُمُ الإسراجَ والإلجاما
كُبّوا الجِفانَ فليسَ تُملأ بعدهُ / للنّازلين من الضّيوفِ طعاما
وتعوّضوا عنه القُطوبَ فلن تَرَوْا / من بعده متبلِّجاً بَسّاما
والثَّغْرَ خافوه فقد أخذ الرّدى / مَن كان للثَّغرِ المخوفِ كِعاما
واِنسَوا نظامَ الأمر بعد وفاتهِ / بَطَلَ النّظامُ فما نحسّ نظاما
قد بصّرتنا الحادثاتُ وأيقظتْ / منّا العقولَ وإنّما نَتَعامى
وأرَتْ مصارعَنا مصارعُ غيرنا / لكننّا نَتَقَوَّتُ الأوهاما
يُفنِي البنينَ اليومَ مَن أفنى لهمْ / من قبله الآباءَ والأعماما
أين الّذين على التِّلاعِ قصورُهمْ / قطعوا السّنينَ وصرّموا الأعواما
من كلّ معتصبِ المفارقِ لم يزلْ / تعنو له قِممُ الرّجالِ غلاما
ومحكّمين على النّفوسِ كرامةً / حَكم الزّمانُ عليهمُ فأَلاما
لمّا بَنَوْا خُططَ العَلاءِ وشيّدوا / قَعدَ الرّدى فيما اِبتَنَوْهُ وقاما
سكنوا الوِهادَ من القبور كأنّهمْ / لم يسكنوا الأطوادَ والأعلاما
أَأَبا عليٍّ دعوةً مردودةً / هيهات يُسمعك الأنيس كلاما
ما لي أراك حللتَ دارَ إقامةٍ / من حيث لا تهوَى الرّجالُ مقاما
هبّ النّيامُ وفارقوا سِنَةَ الكَرى / وأراك مُلْقىً لا تهبّ مَناما
شِبْهَ السّقيمِ وليت ما بك من ردىً / نزلتْ به الأقدارُ كان سقاما
جادتْك كلُّ سحابةٍ هطّالةٍ / وحدا الغمامُ إلى ثراك غماما
وعداك ما كان الجَهامُ فلم تكنْ / لمُريغِ ما تحوي يداك جَهاما
وعليك من ماضٍ سلامُ مودِّعٍ / ويقلّ إهدائي إليك سلاما
مَنْ على هذه الدّيار أقاما
مَنْ على هذه الدّيار أقاما / أو ضفا ملبسٌ عليه وداما
عُجْ بنا نندبُ الّذين تولَّوْا / باِقتِيادِ المنونِ عاماً فعاما
فارَقونا كَهلاً وشيخاً وهِمّاً / ووليداً ويافعاً وغلاما
وشحيحاً جَعْدَ اليدين بخيلاً / وجواداً مخوِّلاً مِطعاما
سكنوا كلَّ ذُرْوَةٍ من أَشَمٍّ / يَحسرُ الطَّرْفَ ثمّ حلّوا الرَّغاما
يا لَحا اللَّهُ مُهْمِلاً حسبَ الدّه / رَ نَؤُومَ الجفونِ عنه فناما
وكأنّي لمّا رأيتُ بنى الدّه / ر غُفولاً رأيتُ منهمْ نياما
أيّها الموتُ كم حَطَطْتَ عَليّاً / ساميَ الطَّرْفِ أوْ جَبَبْتَ سَناما
وإذا ما حدرتَ خلفاً وظنّوا / نَجْوةً من يديك كنت أَماما
أَنتَ أَلحقتَ بالذكيِّ غبيّاً / في اِصطِلامٍ وبالدّنيِّ هُماما
ولقد زارني فأَرَّق عيني / حادثٌ أقعد الحِجى وأقاما
حِدتُ عنه فزادني حَيَدي عن / ه لصوقاً بدائه واِلتِزاما
وكأنّي لما حملتُ به الثِّقْ / لَ تحمّلتُ يَذْبُلاً وشَماما
فخذِ اليومَ من دموعي وقد كن / نَ جموداً على المصابِ سجاما
إنّ شيخَ الإسلامِ والدّين والعلْ / م تولّى فأزعج الإسلاما
والّذي كان غُرّةً في دُجى الأي / يام أودى فأوحش الأيّاما
كم جَلَوْتَ الشّكوكَ تعرض في نصِّ / وصىٍّ وكم نصرتَ إماما
وخصومٍ لُدٍّ ملأتَهمُ بال / حقّ في حومَةِ الخصامِ خصاما
عاينوا منك مُصْمِياً ثُغرةَ النّح / ر وما أرسلتْ يداك سهاما
وَشجاعاً يَفرِي المرائر ما كل / لَ شُجاعٍ يفري الطُّلى والهَاما
من إذا مال جانبٌ من بناءِ الد / دين كانتْ له يداه دِعاما
وإذا اِزوَرَّ جائرٌ عن هداه / قاده نحوه فكان زماما
من لفضلٍ أخرجتَ منه خبيئاً / ومعانٍ فضضتَ عنها ختاما
من لسوءٍ ميّزتَ عنه جميلاً / وحلالٍ خلّصتَ منه حراما
من يُنيرُ العقولَ من بعدما كن / نَ هُموداً ويُنتجُ الأفهاما
مَن يُعير الصّديقَ رأياً إذا ما / سلّه في الخطوب كان حساما
فاِمضِ صِفْراً من العيوبِ فكم با / ن رجالٌ أثْرَوْا عيوباً وذاما
إِنَّ جِلداً أوضحتَ عاد بهيماً / وصباحاً أطلعتَ صار ظلاما
وزُلالاً أوْرَدتَ حال أُجاجاً / وشفاءً أورثتَ آل سَقاما
لن تراني وأنت من عدد الأمْ / واتِ إلّا تَجمُّلاً بسّاما
وإذا ما اِختُرِمتَ منّي فما أرْ / هب من سائر الأنامِ اِختِراما
إنْ تكن مجرماً ولستَ فقد وا / ليتَ قوماً تحمّلوا الأجراما
لَهُمُ في المَعادِ جاهٌ إذا ما / بسطوه كفّى وأَغنى الأناما
لا تَخَفْ ساعةَ الجزاء وإنْ خا / ف أُناسٌ فقد أخذتَ ذِماما
أَودع اللَّه ما حَللتَ من البَيْ / داءِ فيه الإنعامَ والإكراما
ولوى عنه كلّما عاقه التّرْ / بُ ولا ذاق في الزّمانِ أُواما
وقضى أن يكون قبرك للرّح / مَةِ والأمن منزلاً ومقاما
وإذا ما سقى القبورَ فروّا / ها رِهاماً سقاك منه سَلاما
خلِّها إنّها تريد الغميما
خلِّها إنّها تريد الغميما / طالما أنجد الصّحيحُ سقيما
ليس ترعى حتّى تقيمَ بواد ال / حبّ إلّا وجيفَها والرَّسيما
ليسَ إلّا نجران إنّا نرى من / نا قلوباً بآلِ نجرانَ هِيما
جنِّبوها التّعريسَ حتّى تروها / نازلاتٍ بحضرموتٍ جُثوما
يا ديارَ الأحبابِ لا أبصرَتْكِ ال / عينُ من بعد أن حللت رسوما
إنّ عيشاً لنا خلسناه من أَيْ / دِي الرَّزايا لديك كان نعيما
أَينَ ظبيٌ عهدتُه في نواحي / كِ دَخولاً حَبَّ القلوب هَجوما
أقصدتني عيناه يوم تلاقي / نا بفسحِ الحِمى وراح سليما
وَاِلتَقطنا من لفظه الدُّرَّ نثراً / وَرَأيناه باِبتسامٍ نظيما
وَاِعتَنقنا فكنتُ سقماً هضيماً / ذا نحولٍ وكان حُسناً هضيما
كَيفَ أبغي نَصْفاً وقلبِيَ ولّى / طائعاً للهوى عليَّ غَشوما
وإذا قلتُ قد سلوتُ وخلّي ال / حبّ عنّي لقيتُ منه عظيما
وشكوتُ الهوى وما صنع ال / حبُّ بقلبي فما وجدتُ رحيما
ليس يجدي ودمعُ عيني نَمومٌ / بالهوى أنْ ترى اللّسانَ كَتوما
ولقد قلتُ والجَوى يُخرس النُّطْ / قَ ذُهولاً وحَيْرَةً ووُجوما
كيف أمسيتَ راحلاً بفؤادي / عن بلادي ولم أرِمْها مقيما
لستَ يا أيّها العَذولُ عن الحب / ب كَليماً منه وتَبَّ كليما
لا تلمني فكلُّ مَن حَمَلَ الأشْ / جانَ يرضى بأن يكون مَلوما
أيُّ شيءٍ منّي على راقدِ الطَّرْ / فِ خَلِيٍّ إنْ بتُّ أَرعى النُّجوما
وَإِذا كنتُ بالهوى ذا اِعوجاجٍ / فاِهنَ دوني بأن تكون قويما
لا تزدني بذا الزّمان اِختباراً / فلقد كنتُ بالزّمانِ عليما
أين أهلُ الصّفاءِ كنّا جميعاً / ثمّ ولَّوْا إلفَ الرّياح هشيما
رُمتُهم بعد أن توفّاهُمُ الموْ / تُ فما أن أصبتُ إلّا رميما
مَن عذيري مِنَ الزّمان أخي عَوْ / جاءَ أَعيا عليَّ أنْ يستقيما
لَيسَ يُعطِي البقاءَ إلّا لِمَن يس / لُبنه ذلك البقاء حميما
كم أراني قصراً مشيداً فما لب / بثَ حتّى رأيتُه مهدوما
وغنيّاً ما زال صَرْفُ اللّيالي / يعتريه حتّى ثناه عديما
وسُعوداً جرّتْ إلينا نحوساً / وسروراً جنى علينا هموما
نَحنُ قومٌ إذا دُعي النّاس للفخ / رِ إفالاً نُدعى إليه قُروما
وَإِذا ما ثَوَوْا لدى العزّ في الأطْ / رافِ كنّا عند الصّميم صميما
ومتى عدّدوا محلَّةَ فخرٍ / لم تكنْ تلك زَمْزَماً وحطيما
من أُناسٍ كانوا كما اِقترح المج / دُ جُنوحاً عند الحِفاظِ لزوما
لم يحلّوا دارَ الهَوانِ وكانوا / في المعالي فوق النّجوم نجوما
فهُمُ للزّمانِ أوضاحُهُ الغُر / رُ ولولاهُمُ لكان بَهيما
وإذا اِستُلّتِ الجيادُ وأبْكَيْ / ن جلوداً أَو اِعتَصرن حميما
ورأيتَ الرّماحَ يجعلن يوم ال / قرِّ بالطّعنِ في النّحورِ جحيما
لبسوا البِيض والرّماحَ دروعاً / لَم يَصونوا إلّا بهنّ الجسوما
كلّ مُستبسلٍ تَراه لدى الحر / ب سفيهاً وفي النَّديِّ حليما
لا يحبّ الحياةَ إلّا لأنْ يُغ / ني فقيراً أو أنْ يصون حريما
وتراه مكلَّماً وصفيحُ ال / هند يزداد بالضِّراب ثُلوما
قد حفظنا ما كان جِدَّ مضاعٍ / ودعمنا ما لم يكنْ مدعوما
وَبِنا اِستنتج الرّجاءُ وقد كا / ن رجاءُ الرّجال قبلُ عقيما
وإذا هبّت الخطوبُ ولم تك / فِ كَفَيْنا العظيم ثمّ العظيما
سلْ بنا أيُّنا وقد وُزِن الأمْ / جادُ أسنى مجداً وأكرمُ خِيما
وإذا شانتِ القروفُ أديماً / من أُناسٍ من ذا أصحُّ أديما
ولنا عزمةٌ بها نمطر المظ / لومَ عدلاً ونرزق المحروما
والفتى من إذا يهبّ على العا / في سَموماً قومٌ يهبّ نسيما
كم أُداري وقلّما نفع التّعْ / ليلُ هَمّاً لا يبرح الحَيْزوما
لم أجدْ مسعداً عليه ومن ذا / مسعدٌ في الورى الحُسامَ الخَذوما
وإذا ما دعوتُ قوماً إلى الهب / بَةِ فيه لم أدعُ إلّا نَؤوما
ولَخَيْرٌ مِن أنْ تعيش غبيّاً / باخسَ الحَظِّ أن تموت كريما
إِذا شِئتما أنْ تبكياني صبابةً
إِذا شِئتما أنْ تبكياني صبابةً / فكرّا على قلبي حديثاً تقدّما
تصرّم عنّي رغم أنفي وذكرُهُ / عَلى القلبِ منّي جاثمٌ ما تصرّما
ترثّ اللّيالي كلَّ شيءٍ وإنّما / يزيد عليها جِدَّةً وتصرّما
ولا تعجبا من دمعتي وتعجّبا / لعينِيَ إنْ لم تجرِ من بعدها دما
إنّ على رَمْلِ العقيق خِيَما
إنّ على رَمْلِ العقيق خِيَما / زوّدني مَنْ حلّهنَّ السَّقَما
بِنّا فما نأمل من لقائِنا / ذاتَ الثّنايا الغُرِّ إلّا الحُلُما
أَهوى وإِن كان لنا تعلَّةً / طيفاً يوافي منكم مسلِّما
يبذل لِي من بعد أن ضَنَّ به / وشافعي النومُ العِذارَ والفما
وجاد حِلّاً والدُّجى شعارُنا / بنائلٍ لو كان صبحاً حَرَما
حُبَّ بها إِلْمَامةً مأمونةً / وزَوْرَةً يُزيحُ فيها التُّهما
وجَدْتُ فيها كلّما أحببتُه / لكنَّ وجداناً يضاهي العَدَما
ما علمتْ نفسي بماذا حُبِيَتْ / ولا الّذي جاد عليها عَلِما
عجبتِ يا ظَمْياءُ من شيبٍ غدا / مُنتَشِراً في مَفْرَقي مبتسما
لو كان لي حكمٌ يُطاعُ أمرُهُ / حميتُ منه لمّتي واللِّمَما
تَهوَيْنَ عن بيضٍ برأسي سُودَه / وعن صباحٍ في العِذارِ الظّلَما
قَليْتِ ظلماً كالثَّغامِ لونُهُ / ولونُ ما تبغين يحكي الفحما
صِبغُ الدّجى أبعدُ عن فاحشةٍ / ولم يزلْ صبغُ الدُّجى متّهما
مَنْ عاش لم تجنِ عليه نُوَبٌ / شابتْ نواحي رأسه أم هرما
أَما تَرى صاحِ اِلتِماعَ بارقٍ / طالعني وميضُهُ من الحِمى
مُعَصْفَرَ الأرْفاغِ مَوْشِيَّ المَطا / مضرَّجاً إمّا دماً أو عَنْدَما
لَولا اِختِلاسي في الدّجى لوَمْضِهِ / رأيت منه في صُحارٍ إِضَما
لم أدرِ ما جَدواهُ إلّا أنّه / أذكرني إلمامُهُ ذاتَ اللَّمى
عجبتُ من سهمٍ له أقْصَدَني / ولم يَسِلْ لي مقتلٌ منه دما
وَعاج مَن أودى الهَوى فؤادَه / بحبّها يعجب ممّن سَلِما
قلْ لبني الحارث خلّوا نَعَمي / فلستُمُ ممّنْ يَشُلّ النّعَما
يشلّها كلُّ غلامٍ مُنْتَمٍ / يوم الوغى إلى القنا إنِ اِنتمى
تراه إنْ خِيف الرّدى ضلالةً / صَبّاً بأسبابِ الرّدى متيّما
كتمتُمُ البغضاءَ دهراً بيننا / فالآن قد شاع الّذي تكتّما
وخلتمونا شحمةً منبوذَةً / يأخذها مَن شاءَها ملتقما
لو كنتُمُ باعدتُمُ شِرارَكمْ / عن يابس العَرْفَجِ ما تضرّما
وطالما كنّا وأنتُمْ نُكَّصٌ / نَجْبَهُ إِمّا عاملاً أو لَهْذَما
ضاغمتمونا جَهْلَةً وإنّما / ضاغمتُمُ مَن كان منكمْ أضغما
وإنّما طُلتمْ بما جُدْنا به / ولم نَذَرْه عندنا مخيِّما
فعاد ما صُلتم به وطُلْتمُ / قد رَثَّ أو أخلَقَ أو تهدّما
فَما الّذي أطعمكمْ ولم تكنْ / أهلاً لأطماعكمُ وما رَمَى
تركتُمُ أعراضَكمْ مبذولةً / وصُنتمُ دينارَكمْ والدِّرهما
وقلتمُ إنّ النِّجارَ واحدٌ / كم من أديمٍ فاق فضلاً أُدُما
في كلّ يومٍ ليَ منكم صاحبٌ / أضاء في وداده وأظلما
أقسَمَ أنْ يَفْضُلني وطالما / في مفخرٍ أحنثتُ منه قسما
وذو اِعوجاجٍ كلّما محّصني / صادفَ منّي صاحباً مقوِّما
فإنْ فخرتمْ بذوي تنعّمٍ / فقومُنا لم يعرفوا التَّنَعّما
باتوا قياماً في الدّجى وبِتُّمُ / من بعد سوْآتٍ مضين نُوَّما
ولم يكونوا في ضُحىً وأنتُمُ / في كِظَّةِ الإكثارِ إلّا صُوَّما
لا تَأمنوا اللّيثَ على إطْراقِهِ / قد يعزم اللّيثُ إذا ما أرزما
وحاذروا عازمَ قومٍ آده / فوتُ المُنى ففاعلٌ من عزما
إلى متى أنتَ على سَمْتِ الأذى / تَكظِم داءً قد أبى أنْ يُكظَما
هل نِلتَ إنْ نِلْتَ الأمانِيَّ الّتي / تَروم إلّا مَشرباً أو مطعما
إنّا مقيمون بدار ذلّةٍ / نُسقى بها في كلِّ يومٍ علْقما
ومُهْمَلون لا يُجازى محسنٌ / ولا يَخاف جرمَه من أجرما
نَهْضاً إلى العزّ فمن عاف القَذى / ولم يَهبْ وِرْدَ الحِمام أقدما
كأنّني بهنّ أعجاز السُّرى / يلُكْن عن لَوْكِ العَلِيق اللُّجُما
يخبطن غِبَّ الضّرب والطّعنِ وقد / سَئِمْنَ إمّا لِمَّةً أو أعظما
وَفَوقهنّ كلّ مرهوبِ الشّذا / إِذا همَى اِنهلّ وإن زاد طما
مِن مَعشرٍ إنْ حاربوا أو غالبوا / لم يعرفوا مَلالةً أو سَأَما
أَهِلَّةُ النّادي وآسادٌ إذا / كان القنا في الرَّوْع منهم أَجَما
هُمْ طَردوا الإِمْلاقَ عن دِيارهمْ / وأمطروا في المُعتَفين النِّعَما
دَعْ شَجرَ القاعِ لمن يَخبِطُهُ / يَخْبِطُ إمّا نَشَماً أو سَلَمَا
فَما الفتى كلُّ الفتى إلّا اِمرُؤٌ / زمَّ خياشِيمَ الهوى أو خطما
والرّزق يأتيك ولم تبسط له / كفّاً ولم تَسْعَ إليه قدما
لا نزل الرّزقُ على مستمطرٍ / لِرزقه من المخازي دِيَما
ولا ثوى اليُسْرُ بدارِ باخلٍ / متى يُسَلْ بذل اليَسارِ جَمْجَما
ولا رعى اللَّهُ أخا مَكْرُمَةٍ / أوسعها من بعد فوْتٍ نَدَما
لقاؤكِ يا سلمى وإنْ كان دائماً
لقاؤكِ يا سلمى وإنْ كان دائماً / يعزّ علينا أنْ يكون لماما
وقد كانْ صبحاً يملأ العينَ قرّةً / فعاد بقول الكاشحين ظلاما
كلا الهَجر منكِ الطّرف أن لا تعرّجي / على الحيّ أيقاظاً وزرتِ نياما
ولم يشفِ ذاك القربُ وهو مرَجَّمٌ / من القوم سُقماً بل أثار سُقاما
وَما كانَ إلّا باطلاً غير أنّنا / كفينا به ممّن يلوم ملاما
إنْ كنتَ يا عمرو قد أسأتَ فقد
إنْ كنتَ يا عمرو قد أسأتَ فقد / رأيت فيك العدوَّ محتكما
في ساعةٍ لو رآك في يده / أقسى عدوٍّ لرقّ أو رحما
قُتِلتَ بالذُّلِّ والمهانةِ وال / قتلُ مريحٌ إذا أسال دما
فإن تعشْ برهةً فأنت بما / رُمِيتَ مَيْتٌ لم تسكن الرَّجَما
وإنْ تكن ناجياً من الموتِ فال / موتُ مُنى مَن يعالجُ السَّقما
لم تنجُ منه كما علمتَ ومَنْ / سلّمه الإتّفاقُ ما سلما
شُلَّتْ يدا من رمى فلم تُصمك الر / رَميةُ لمّا لم يدر كيف رمى
إنّ الأُلى في صدورهمْ حَنَقٌ / لم تعفُ آثارُهُ ولا اِنصرما
همّوا ولم يفعلوا لعائقةٍ / وفاعلٌ للأمور مَن عزما
ألَمَّ سوءٌ وما أتمَّ وكمْ / أنشبَ أظفارَه وما عدما
فاِخشَ لها عودةً فجارمُها / صَبٌّ بها ليس يعرف النّدما
إنّ الّذي أنت غُنْمُ بُغْيتِهِ / ما ظَفِرتْ كفُّهُ وما غنما
وَقد قَضى اللَّهُ أن يزيل لنا / نعمةَ من ليس يشكر النِّعما
ما شكّ قومٌ قُذِفتَ وسْطَهُمُ / أنّ جنوناً بالدّهر أو لمَمَا
أخَفْتَنِي ثمّ ما أمنتَ فلا / يأمن منّا من خاب أو نَدِما
فقل لقومٍ غُرّوا بفتنتِه / إِنّ أديماً دبغتُمُ حَلُما
ظننتُمُ أنّه ينير لكمْ / فَزادكم فَوق ظُلمةٍ ظُلَما
وَإِنْ أبَيْتُمْ إلّا عِبادَتَه / فقد رأينا من يعبد الصَّنمَا
وقلتُمُ إنّه أخو كرمٍ / وَما رَأينا فيكم لَه كَرما
وقال قومٌ أعطى فقلتُ لكمْ / إِنْ كانَ أَعطى فطالما حرما
قد ثلم الدّهرُ ما بناهُ لكُمْ / وتاب ممّا جناه واِجترما
فلا تروموا مثلَ الّذي / كان فذاك الشّبابُ قد خُرِما
بالجِدِّ نلتُ الّذي بلغتُ ولم / تعملْ إليه كفّاً ولا قدما
ولا أساسٌ لما بنيتَ فما / نُنكر منهُ أَن زال واِنهدما
فَقد سَئِمناك والمدى كَثِبٌ / ومن ثَوَى الرّيفَ جانَبَ السَّأَما
وإنْ تُصَبْ بالرّدى فليس ترى / دمعاً لعينٍ عليك مُنسَجِما
وَإِنْ تَغبْ فالّذي به غُصَصٌ / منك بواقٍ يقول لا قَدِما
فَلا سَقى اللَّهُ وادياً حلّه الس / سوءاتُ لمّا حللتَه الدِّيَما
ولا هَناك الّذي أتاك ولا / أمنتَ فيما جنيتَه النِّقَما
وَماءُ قومٍ حلَلتَ بينهُمُ / لا كان عَذْباً لهمْ ولا شَبما
فلا يَرُعني منك الوعيد فما / زلتُ أُولِّيهِ مِنّيَ الصَّمَما
ومَن ترى أنّني أهاب أذىً / فمبصرٌ في منامه حُلُما
سَلْ عَن صُخوري مَن كان يقرعها / وَعن قناتي اِمرءاً لها عَجَما
فلم أكنْ شحمةً لمُزْدَرِدٍ / كلّا ولا مضغةً لمن ضغما
قد كنتُ سيلاً وكنتمُ وَهَداً / وكنتُ ناراً وكنتمُ فحما
للَّه قَومٌ رأيتُ قبلك فو / ق العرش من هذه البِنا جُثُما
كانوا بسِلمٍ إنْ سادَ في حومة ال / حربِ أسودٌ إِفراسةً حَطما
لم يك فيهمْ ولا لهمْ أحدٌ / خالٍ بسوءِ الفِعالِ متَّهما
من كلِّ قَرْمٍ يشفي إذا شهد ال / حومةَ بالبِيض والقنا القَرَما
يرهب في عرضة الملام ولا / يرهب يوماً في جسمه الألما
كأنّني بالخيول ثائرةً / مُعجَلَةً أنْ تَقَلَّدَ اللُّجُما
مثلُ الدَّبا إذْ يقول مبصرها / شلَّ اليمانون بالقنا النَّعَما
وفوقهنّ الكماةُ حاملةٌ / سُمْراً طِوالاً وبُتَّراً خُذُما
لم ينثروا بالسّيوفِ مصلتةً / في الحربِ إلّا الأجسادَ والقِمما
فلا غَبَت منِّيَ المعارِضُ فالت / تعْريض مثلُ التّصريحِ إنْ فُهِما
وربّما ساعد اللّسان فلمْ / أحبسْ لساناً عن نطقه وفما
فطالما لم يخفْ رجالٌ من ال / أَسْيافِ كَلْماً وحاذروا الكَلِما
خذها ومن بعدها نظائرها / فلستُ للصّدق فيك مُحتشما
فأغبنُ النّاسِ كلِّهمْ رجلٌ / هاج لساناً أو نَبَّهَ القَلما
ربِّ كنْ لي منها لباساً حصيناً
ربِّ كنْ لي منها لباساً حصيناً / إنّها دون ما كفيتَ قديما
أنتَ أطْلقتني وكنتُ أسيراً / ثمّ داويتَ من أموري سقيما
أنتَ ألقيتني على ذِرْوةِ الأَمْ / نِ وقد كان لِي الحِذارُ نديما
أَنتَ نكّبْتَ عنِّيَ الخُطَطَ الجُو / نَ ظماءً إلى ذِرارِيَ هِيما
أنتَ نجّيتَني ومن حولِيَ الأُسْ / دُ سِغاباً هَرتَ الشُّدوقِ سليما
ورفعتَ الملامَ عنّي وقد كن / تُ لَدَى كلِّ مَن أراه مُليما
وتلافيتَ بِي اِعوجاجاً إلى الشر / رِ فأصبحتُ من لَدُنْك قويما
كم أراد العُداةُ ثَلمي وقدّر / تَ سواه فلم يَرَوْني ثليما
كم أرادوا بِيَ الشّقاءَ فأبْدَلْ / تَ بما حاولوه منّي نعيما
كم عظيمٍ حملتَ عنِّيَ لولا / نصرةٌ منك ما حملتُ عظيما
لستُ أَنسى وهم يهبّون لي كل / ل سمومٍ لمّا هببتَ نسيما
لا تُضِعْنِي وقد جعلتُك في الأخ / طار حِرْزاً من الأذى وحريما
وأجبْ منِّيَ النّداءَ فلم تَحْ / رِمْ سؤالاً ولا مَطَلْتَ غريما
كنّا جميعاً ثمّ فرّق بيننا
كنّا جميعاً ثمّ فرّق بيننا / قَدَرٌ إذا ما كفّ صمّ وصمّما
فارقْتُ منه طِيبَ عيشي كلَّه / ورُزِئْتُهُ فرُزِئْتُ منه الأنعما
وحملتُ كلَّ عظيمةٍ من بعدها / خُولِسْتُ مَن كان الأجلَّ الأعظما
وكأنّني من بعد أنْ فارقتُه / كفٌّ يفارق ساعداً أو مِعصما
ما نلتقي من بعد أن صار الثّرى / مَثْواك إلّا أنْ أعوج مسلِّما
والوصلُ كان محلَّلاً حتّى اِهتدتْ / طُرُقاته البَلْوى فصار محرّما
وعليك من ربّ السلام تحيّة / وسقاك منحلّ العَزالِي مفعما
وعليَّ إهداءُ المراثي شُرَّداً / في كلّ يومٍ عشتُهُ متكلّما
مَنْ رأى لي في الدّجى ذا خَطَلٍ
مَنْ رأى لي في الدّجى ذا خَطَلٍ / أقْدَمَ الأشواقَ لمّا قَدِما
لاح منه طَرَفٌ ذو مَلَّةٍ / لم ينرْ في الأفق حتّى اِلتَأَما
كلّما قلتُ أتى ولَّى وإنْ / ضاء لِي شيئاً قليلاً أظلما
خِلتُه مُقتَبِساً ذا عجلٍ / أو فماً من عَجَبٍ مُبتَسِما
أَو جَباناً هابَ من إقدامِه / أو لساناً عن مقالٍ جَمْجَما
أَوْ تَقيّاً وَرِعاً ذا عِفَّةٍ / كُلّما همَّ بِذَنبٍ نَدِما
أوْ حُساماً ردّه مَنْ سَلَّهُ / أو فتىً أفْصحَ ثمّ اِستعجما
فهو النّاكصُ عن زَوْرَتِهِ / وهو الرّاجع عمّا غرما
عَصْفَرَ الأفقَ فقلنا إنّه / أمْطَر الجوَّ عن الأرضِ دما
كانَ سُقمي قَد مضى من جسدي / فأزار البرق جسمي السَّقَما
حَلفتُ بمعشرٍ عَسَفوا المطايا
حَلفتُ بمعشرٍ عَسَفوا المطايا / يريدون البنيّةَ من تِهامَهْ
وكلِّ مُعَرَّقٍ كالنِّسْعِ ضُمْراً / له رَتَكٌ ولا رَتَكُ النّعامَهْ
أتوا جَمْعاً وقد وقفوا جميعاً / على عَرَفات يا سُقِيَتْ مُقامَهْ
عِراصٌ مَن يزرْ منهنّ شِعباً / فقد أمِنَ الملامةَ والنّدامَهْ
وما هَرَقوه عند مِنىً يُبارِي / بجَرْيَتِهِ بها ماءَ الغمامَهْ
وأحجار قُذفن تُقىً وبِرّاً / كما قُذفتْ بإصبعها القُلامَهْ
وأقدامٌ يُطفْن على أشمٍّ / يُطِلْن وقد علقن به اِستلامَهْ
لقد فَضَل القبائلَ آلُ موسى / كما فضلتْ على العَطَبِ السَّلامَهْ
هُمُ دعموا قِبابَ المجد فينا / ولولاهمْ لكان بلا دِعامَهْ
وهمْ دأَبوا إلى طُرُقِ المعالي / وما حَفِلوا بشيءٍ من سَآمَهْ
وما أيمانُهمْ إلّا لبيضٍ / يبلّغْنَ الفتى أبداً مَرامَهْ
وسُمرٍ مثل أرْشِيَةٍ طوالٍ / يَقُدْن إلى الكَمِيِّ بها حمامَهْ
وما أموالُهمْ إلّا لجودٍ / وإلّا للحَمالةٍ والغرامَهْ
وفيهمْ عرّست وبهمْ أقامتْ / شريداتُ الشّجاعةِ والصّرامَهْ
وعَرْفُهُمُ يضوع على البرايا / كما طابتْ لناشِقها المُدامَهْ
ولولا أنّهمْ فينا لكانتْ / رباعُ العزِّ ليس بها إقامَهْ
جزعتْ أمامَةُ من مشيب الر
جزعتْ أمامَةُ من مشيب الر / رَأسِ إذ سفهتْ أُمامَهْ
وتنكّرَتْ بعد الصُّدو / دِ وقد ألَمَّ بنا لِمامَهْ
واِستعبرتْ لمّا رأتْ / في لِمَّتِي منه اِبتسامَهْ
ورأَتْ على ظُلَمِ المفا / رِقِ من تَوَضّحِهِ علامَهْ
مثلُ الثّغامة لونُها / لكنّها غيرُ الثّغامَهْ
وتظلَّمتْ منه على / أنْ ليس تنفعها الظُّلامَهْ
وَلَقد أَقول لَها وكمْ / من قائلٍ أَمِنَ المَلامَهْ
لا تُنكِرِي ثَمَرَ المشي / ب فإنّه ثَمَرُ السَّلامَهْ
قلْ لمنْ خدُّهُ من اللّحظِ دامٍ
قلْ لمنْ خدُّهُ من اللّحظِ دامٍ / رقّ لِي من جوانحٍ فيك تُدْمى
يا سقيمَ الجفون من غيرِ سُقْمٍ / لا تَلُمنِي إنْ متُّ منهنّ سُقْما
أنا خاطرتُ في هواك بقلبٍ / ركب البحرَ فيك أَباً وأُمّا
ألَمَّتْ بنا بعد الهدوِّ وربّما
ألَمَّتْ بنا بعد الهدوِّ وربّما / ألمَّ بنا من ليس نرجو لِمامَهُ
فيا لكَ مِن يومٍ شَحَطْتَ بياضَهُ / فلم يَعْدُني حتّى رضيتُ ظلامَهُ
ومِنْ مُغرَمٍ يَقْلِي لذيذَ اِنتباهِهِ / ويَهْوى لما جرّ المنامُ منامَهُ
ومِنْ مُسعِفٍ جُنْحاً بطيبِ عناقِهِ / وكم حَرَمَ العُشّاقَ صُبحاً كلامَهُ
فإنْ لم يكن حقّاً فقد بات مُغرَمٌ / يداوٍي بتلك الباطلاتِ سَقامَهُ
فحُبَّ به من باذلٍ لي حلالَهُ / وفادٍ بذاك البذل منّي حرامَهُ
ومِنْ مُلْتَقىً عَذْبِ المَذاقِ وتحتَهُ / فلم يرضَ لي حتّى رَبِحتُ أَثامَهُ
ولا عيبَ فيه غيرَ قربِ زوالِهِ / على أَنَّ مُشتاقاً أراد دوامَهُ
أَيا ظبيةً في رُبى جاسِمِ
أَيا ظبيةً في رُبى جاسِمِ / سُقيتِ حَيا واكفٍ ساجِمِ
طلعتِ لنا في خلالِ الهضابِ / فبُحتِ بسرِّ اِمرئٍ كاتِمِ
تناهَى العواذلُ في عَذْلهِ / وأعيا على رُقْيَةِ اللّائِمِ
فللّهِ حلمُكَ يا ابنَ الحسي / نِ يوم اِلتَقينا على واقِمِ
وقد ضمّنا موقفٌ للوداع / خلا للمحبّين من زاحِمِ
كأنّي أُجيلُ لفقد اليقي / نِ في صَحْنِهِ مُقْلَتَيْ حالِمِ
وَبيض الوجوه سباط الأكف / فِ في السِّرِّ والبيتُ من هاشمِ
سَرَوْ يخبطون الدّجى والظّلا / مَ غمد الفتى البطلِ الصارمِ
أقول وقد بشّروا بالوزيرِ / ألا مرحباً بك من قادمِ
وردتَ ورودَ زُلالِ السّحا / بِ شُنَّ على كَبِدِ الحائمِ
وكنّا وأنتَ بعيدُ المَزا / رِ نثراً فرادى بلا ناظمِ
نُصانعُ فيك عيونَ العُداةِ / ونحذر من قبضةِ الظّالمِ
فمن مظهرٍ شوقَهُ بائحٍ / ومن كاتمٍ وجْدَه كاظمِ
إِذا اِضطرَب الشوق في قلبهِ / تمايلَ كالغُصُنِ النّاعمِ
أطِلْ عَجَباً من خطوب الزّمان / ودُنياً تَلاعَبُ بالعالمِ
ولا تحسَبَنْ أنّ صرْفَ الزّما / ن تنبو ظُباهُ عن الحازمِ
فلو كان نَصْفاً أنامَ القيام / وقام بكلّ فتىً نائمِ
وكم فيه من عادمٍ عائمٍ / ومن واجدٍ للغِنى آجمِ
وإنّي أُشيرُ برأيٍ يضمُّ / إلى النُّصْحِ تَجْرِبَةَ العالمِ
أقِمْ حيث يُشجى بك الحاسدون / وخلِّ الهوادَةَ للنّادِمِ
وكن غُصّةً في لَهاةِ العدوِّ / ورغماً على مَعْطِسِ الرّاغمِ
ولا تبعُدَنْ عن نداءِ الصّريخِ / وعن هبّةِ الثّائرِ العازِم
فلا بدّ من وثْبٍة للذّئا / بِ طُلْساً إلى الغنمِ السّائمِ
ولستُ بمستبطئٍ للزّمان / وقد ضمنوا سرعةَ السّالمِ
ولولاك كنتُ نَفورَ الجَنا / نِ لا أستنيمُ إلى رائِمِ
ولمّا بلَوْتُ الورى أنكرتْ / وَما ظلمتْ إصبعي خاتمي
صارَمتُ بعدكَ أَشجاني فَلا تَلُمِ
صارَمتُ بعدكَ أَشجاني فَلا تَلُمِ / وَبِعتُ وعرَ الهَوى بِالمنهجِ الأممِ
لا تَحسَبنّي أَضفت الحبّ في كَبدي / إلّا وَللحزمِ منّي أَكبر الهممِ
ما غادَرَت شَرفَ العلياء في وَطري / بقيّةٌ للتصابي باِبنةِ الحلمِ
جَنيتَ منّي ثماراً لَستَ مُنبِتَها / تاللَّه ما أَينعت إلّا عَلى ديمِ
سقياً لمن لم يمشّ الرّأيُ مُهجتهُ / في فائتٍ بينَ طرقِ العذرِ والندمِ
إِذا اِمرؤٌ أَخلَفت أنواءُ خلّتهِ / سَقاك مِن ودّه بِالوابلِ العرمِ
يا ربّ نافِر ودٍّ بتُّ أُونِسهُ / وَأنتضي قَلبهُ من خلّةِ السّقمِ
ما زِلت أُغري بهِ حِلمي وَأمنحهُ / عَزمي وَأَقري هَواهُ الصفوَ من هممي
حتّى فككتُ ذِمامَ المَجدِ مِن عُنُقي / فيهِ وَبرّأَني مِن عهدةِ الكرمِ
ما لي وَللدّهرِ يُصديني لأنقَعَ مِن / حِياضهِ دونَ ما ينويهِ شربُ دَمي
شَرَقتُ منك بِكأسِ الضّيمِ إِن وقعت / نَجواك مِن أُذني إلّا عَلى صممِ
سَلني عن الزّمن المَعسولِ منهلهُ / فربَّ قولٍ جَلا عن ناظر الفهمِ
رَكبتُ منهُ جموحاً لا تكفكفهُ / عَن بعدِ غايَته مَذروبةُ اللُّجُمِ
وَسرّني بِمعانٍ لَم تَرِث بيَدي / فَما حَصلتُ بِها إلّا عَلى الوكمِ
قَد كانَ يَطغى عليَّ الدّهر من خلقٍ / فَاِنظُر إِليهِ وقَد أَرضعته شِيَمي
حَسبي منَ العيشِ ما لا تَستَكينُ لَه / نَفسي ولا أَتقاضاهُ على قَدمي
فَلو تَكون العَطايا وفقَ مُنيتها / جَرت ينابيعُ وفرِ الجاشعِ القرمِ
وَما أُبالي إِذا ما كنتُ مجتهداً / ألّا أَفوزَ بِما أَهوى من القسمِ
للَّه نَفسي تَقاضى إربةً عجباً / مِنها تبسّم ثغرُ الشيبِ في اللِّممِ
وربّما أَدركَ الإنسانُ ثَروتَهُ / ممّا يراهُ الورى أَدنى إلى العدمِ
وَما اِنتِفاعي ببردِ الماءِ أَشربهُ / وَبينَ جنبيّ قلبٌ لَيس بالشبِمِ
دَعني أقلقلُ أَحشاءَ البلادِ فَما / غَضارةُ العَيشِ إلّا مِن ذرا الألمِ
إِذا أَطارَت يَميني عُنقَ مُرهَفِها / فَلا ذِمامَ على الأجسادِ للقممِ
وَإِن عَلَت نَبعَتي أَكتافَ بادِرَتي / فَقُل لِصرفِ الرّدى إِن شئتَ فَاِقتحمِ
حَسبُ المَعالي بِأنّي نِلتُ غايَتها / وَأنّني زيرُها مِن سائرِ الأممِ
وَكيفَ لا تُلهِبُ الأفلاكَ هاجرتي / وَمِن زنادِ اِبن موسى يَعتلي ضرمي
فرعٌ قَفا إِثر أُولاه فَأَدرَكها / كَما قَفت طلعةُ الإِصباحِ للظلمِ
مَن كَالحُسين إِذا ما الخيلُ أَطربها / قَرعُ الفَوارسِ بِالهنديّةِ الخذمِ
وَذوّب الصّبر في أَحشاء حاملةٍ / وَهجٌ منَ المَوتِ أَو مسٌّ منَ السأمِ
يَمضي لأوّلِ عَزمٍ زارَ هاجِسَهُ / لا يَستَريحُ لإِحجامٍ إلى التُّهمِ
بِكلِّ نَصلٍ عَلى الآجالِ متّهمٍ / لَكِنّه في المَعالي غيرُ متَّهمِ
تَقَسُّمُ البيضِ في الهَيجاءِ عادتُهُ / فالدَّمُّ للتربِ وَالأشلاءُ للرخمِ
لا يَبتَغي ذِمّةً مِن غَيرِ نَجدتهِ / إنّ الشّجاعَةَ فيها أَوثقُ الذممِ
كَم مَوردٍ شَجَتِ الأَبطالَ جَرعتُهُ / أَشبعتَ سغبَ الظّبا فيه من البهمِ
وَموقفٍ تستزلُّ الرِّجلَ جمرتُهُ / أَرشدتَ عُميَ القنا فيه إلى اللقمِ
تَخوضُ بَحرَ الرّدى وَالمجدُ ساحِلهُ / بِوَجهِ مُغتفرٍ أَو فعلِ منتقمِ
إِذ لا حُشاشةَ إلّا في فَمٍ حنقٍ / وَلا يدٌ للرّدى إلّا عَلى كظمِ
لا يُحرزُ العزّ إلّا كلّ مُنصلتٍ / يَرمي الوغى بِجنانٍ غيرِ مُحتَشمِ
مُجذّبِ الفكرِ في العَلياءِ مقتَسِمٍ / لَن يَجمع المَجد إلّا كلّ مقتسمِ
يا مَن أمالَ لهُ الآمالَ سُؤددهُ / كَما تُميلُ الصّبا خرعوبةَ السلمِ
لا تَرضَ لي بِالهوَينا لَستُ صاحِبها / القلُّ لِلقلِّ وَالإعظامُ للعظمِ
هَل يُنسَبُ النّاسُ عَضباً لا تحكّمُهُ / في شاهِقاتِ الطّلى إلّا إِلى الهممِ
لهان خطبُ لِيوثِ الغابِ ما رَضِيَت / تأبّداً في بطونِ الغيلِ والأجمِ
يَأبى لَكَ اللَّه إلّا مثلَ عادَتهِ / في حاسِديك فَدم في شكرها تَدُمِ
قَد أَفرغوا الكيدَ لَو أَملى القضاءُ لهم / وَاِستَيقَظوا غيرَ أنّ الحينَ لم ينمِ
وَفّاهُمُ البَغيُ أَجرَ العاملينَ بِهِ / وَزارِعُ البغيِ يجني خوطَة النِّقمِ
ما روّعوا مِنكَ إلّا غَيرَ مُنتهرٍ / وَلا رَموا منكَ إلّا غَير مُنهدمِ
تَهنّ يَوماً سَقاك اللَّه مِن يدهِ / غَيثاً تروّض منهُ مَنبتُ النِّعمِ
وَاِعقر بِذا العيد آمال العُداةِ لَنا / فَإنّها بالرّدى أَولى منَ النعمِ
فَطالَما رَفَلت فينا عَساكِرهُ / وَأنتَ ترفلُ في مُستودعِ الحرمِ
بِالشّعرِ مَفخرُ مَن قلّت فَضائلهُ / وَمفخرُ الشعرِ أَن حلّيتُهُ كلمي
لَولاك لم أَجرِ طرفي في سَرارتهِ / وَلا أَدرتُ لَه للسامِعين فَمي
أَلا يا نَسيمَ الرّيحِ مِن أَرض بابلٍ
أَلا يا نَسيمَ الرّيحِ مِن أَرض بابلٍ / تحمّل إِلى أَهل الخيامِ سلامي
وَقُل لِحَبيبٍ فيك بعضُ نَسيمِهِ / أَما آنَ أَن تَسطيع رَجعَ كلامي
رَضيتُ وَلولا ما عَلِمتُم مِنَ الجَوى / لَما كنتُ أَرضى مِنكُمُ بلِمامِ
وَكيفَ أُطيقُ الصبرَ عمّن غَرامهُ / جَرى في عظامي وهيَ غيرُ عِظامِ
وَإنّي لأَهوى أَن أَكونَ بِأَرضِكُم / عَلى أنّني مِنها اِستَفدت سَقامي
تُريدونَ أَن أَرضى وَما كنتُ راضِياً / بِأنّكمُ في غَيرِ دارِ مقامِ
وَقد كُنتُ كالعقدِ المنظّم فيكُمُ / فَها أَنا ذا سِلكٌ بِغيرِ نظامِ
فَلا برقَ إلّا خلّبٌ بَعد بَينِكم / وَلا عارِضٌ إلّا بياضُ جهامِ
أَشَيباً ولمّا تَمضِ خَمسونَ حجّةً
أَشَيباً ولمّا تَمضِ خَمسونَ حجّةً / وَلا قارَبتني إنّ هَذا منَ الظلمِ
وَلَو أَنصفتني الأربعون لَنَهنَهَت / مِنَ الشيبِ زَوراً جاءَ من جانبِ الهمِّ
قَرعتُ لَه سنّي وَلَو أَستَطيعُهُ / قَرعتُ لَه ما لَم تَر العينُ مِن عظمي
يَقولونَ لا تَجزع منَ الشيبِ ضلّةً / وَأسهُمُهُ إِيايَ دونَهمُ تصمي
وَقالوا أَتاه الشّيب بِالحلمِ وَالحجى / فَقُلتُ بما يَبري وَيعرُق من لحمي
وَما سرّني حِلمٌ يَفيءُ إِلى الرّدى / كَفانِيَ ما قَبلَ المَشيبِ من الحلمِ
إِذا كانَ ما يُعطينِيَ الحزمُ سالِباً / حَياتي فَقُل لي كيفَ يَنفعني حَزمي
وَقَد جرّبت نَفسي الغداةَ وقارَه / فَما شدّ مِن وَهني وَلا سدّ مِن ثَلمي
وَإِنّي مُذ أَضحى عذاري قرارَهُ / أَعاد بلا سُقمٍ وَأَجفى بلا جرمِ
وسيّان بَعد الشيبِ عندَ حَبائبي / وَقَفنَ عليه أَو وَقفن على رسمِ
وَقد كنتُ ممّن يَشهدُ الحربَ مرّةً / وَيُرمى بِأَطراف الرماحِ كما يرمي
إِلى أَن علا هَذا المشيبُ مفارقي / وَلَم يَدعُني الأقوامُ إِلّا إِلى السلمِ
عَليكَ وليّ نِعمَتِنا سَلامي
عَليكَ وليّ نِعمَتِنا سَلامي / وَفيكَ مَدائحي وَبك اِعتِصامي
وَفي النّعمِ الّتي جَلّلتَنيها / مَرادي في العَشيرة أَو مَسامي
أَخَذنَ عَليَّ مُطّلَعَ الأماني / وَزِدنَ ولم يَرُمنَ عَلى مرامي
فَضَلتَ عَلى المُلوكِ وَقَد تَدانَوا / كَما فَضل الصباحُ على الظلامِ
بِإِقدامٍ يهابُ اللّيثُ منهُ / وَإنعامٍ يبرِّحُ بِالكرامِ
فَكَم أَغنيتَ أَرضاً حلّ فيها / غَمامةُ راحَتَيك عَن الغمامِ
وَكَم رُمناكَ لِلجَدوى علينا / فَما رُمناك ممتنع المرامِ
وغرثان الجوانح من قبيحٍ / وظمآن الجوارح من حرامِ
تُضلُّ سَبيلَه كَلِمُ الدَّنايا / وَتَنبو عنهُ أَخلاقُ اللّئامِ
تَلفّت يا مَليكَ النّاس شرقاً / وَغَرباً هَل تَرى لك من مسامِ
وَهَل أَبقى الإلهُ لَكم عدوّاً / يُحاذَرُ منه في هَذا الأنامِ
وَولِّ عَظيمَ شُكرك مَن تولّى / لَك النَّفَحات بِالنّعمِ العظامِ
وَما النّيروزُ إِلّا خَيرُ يومٍ / أَتَت بُشراهُ فيك بِخَيرِ عامِ
يخبّر في عطائِك بِالأماني / وَيُؤذنُ في بقائِكَ بالدوامِ
وَعيشٍ كالزّلالِ العذبِ لمّا / رَماهُ المزنُ صُفِّقَ بالمُدامِ
فَلا طَرَقت بِما تَخشى اللّيالي / وَلا همّت عُهودك بِاِنصِرامِ
وَلا بَرِحت شُؤونك كلّ يومٍ / تقلّبُ في كمالٍ أَو تَمامِ
فَلَيسَ على الزمانِ إِذا تَجافت / نَوائبُهُ حريمك مِن مَلامِ
عُج بوادي البشامِ علّك أَن تق
عُج بوادي البشامِ علّك أَن تق / ضِيَ فيهِ حقّاً لأهل البشامِ
فَهوَ مَأوى الهوى وَمُستودع الحب / بِ ومرعى الظباء والآرامِ
وَمعاذي في صَبوتي وَاِفتِتاني / وَمَلاذي في شرّتي وعُرامي
وَمَتى اِستَسرفوا نُحولَك جَهلاً / منَّ أَصحابهم بفعلِ الغرامِ
فَأَجِب لا تُحاشِهِم كلّ هَذا / ما جَنَيتم بصدّكم مِن سَقامي
إِنّ قَلبي يا قَومُ أَصبَحَ منّي / شارِداً بينَ أربُعٍ وخيامِ
بَينَ قَومٍ حرامُ قتل المحبي / نَ عَلى ما يرون غير حرامِ
مَنَعونا وِردَ الشّفاه وفيهم / ما أَحبّوا مِنَ البحورِ الطوامي
ما عَلَيكُم ممّن يَروح وَيَغدو / قانِعاً مِن نَوالِكم بِالسلامِ
جامِحَ القلبِ لَيسَ يَحفِلُ فيكم / بِمَقالِ العُذّالِ واللّوّامِ
أَيُّ شَيءٍ يَكون أَحسن من مو / لىً رَفيقٍ في مُلكهِ بِالغلامِ
وَلَقَد زارَني عشيّة جمعٍ / مِنكُمُ زائرٌ على الأحلامِ
كِدتُ لمّا حللتُ بينَ تَراقي / هِ حَراماً أحلّ من إحرامي
وَسَقاني مِن ريقهِ فَسَقاني / مِن زُلالٍ مُصفّقٍ بمدامِ
غَيرَ أنّي شَككتُ لمّا تولّى / أَوَرائي طَريقُهُ أَم أمامي