المجموع : 24
وحدتي فيلسوفة تمسح الدمع
وحدتي فيلسوفة تمسح الدمع / وتأبى عليّ حزنا سقيما
عانقتني كأنما أنا طفل / وحبتني التدليل والتكريما
واحتوتني وهدهدت حزنيَ البالغ / حتى استحال حزني نعيما
أي حون هذا وما كنت / بالهارب منه وقد أراه النديما
هو روحي الذي يثور على / الظلم ويأبى الخنوع والتسليما
هو قلبي الذي يرفرف كالطثير / على الحب آسيا أو رحيما
هو عقلي الذي تمثل / في الناس وأهى لهم رجاء مقيما
هو فني الذي تغلغل في / الفن وأعطى الحياة سرا عظيما
هوديني الذي تسامى على الدين / كما جاوز العبير النسيما
هو كل الغنى وكل / وجودي يا زماني فلن تراني العديما
من هموم الإنسان ثم
من هموم الإنسان ثم / أمانيه تألفت هيكلا لا ينام
يتوالى الإشعاع منه على الرغم / من اليأس واحتشاد الظلام
كلما أدجن الظلام تلألأت / كما شع فرقد مستهام
أنت أم الجميع لو يعقل / الناس ولو يدركون ويل الخصام
لائم بعد لائم لك منهم / وعلى الرغم تنشرين الوئام
كم أياد بذلتها وهي قد / ضاعت ضياع الإحسان بين اللئام
إن تبالي يهم وإن تنهريهم / فهو بر بهم لأم تلام
كل ما أسلفوا ذنوبا تناسوها / وحمّلتها كإرث مقام
عيدي وانصري الحقيقة لا تخشي / سواها ولو يسل الحسام
عبدي فالأنام موئلهم أنت / وإن لجّ جلهم بالخصام
عيّدي فالشعوب نحوك ما / زالت شخوصا نواشد الإلهام
عيدي للأنام في كل يوم / كيفما كنت لا لعام وعام
عيدي فالنجاح والفشل العارض / سيان إن خلقت السلام
وقفنا لدى الشلال وقفة عابد
وقفنا لدى الشلال وقفة عابد / ففيه لنا نور وفيه ضرام
تغازله الشمس الحيية مثلما / تغازله الأشجار حين تنام
وهذي نجوم أطلعت دون ليلها / وألوانها فوق الغصون مدام
ومن حولها الأدغال لكن تهذّبت / فلا ريبة للناظرين تشام
يغنّي خرير الماء عذبا كأنما / شدت خلفه حور ورف سلام
وهذي الظلال الناعسات تثاءبت / وأسكرها للحالمين غرام
نسيت مرور الوقت أو قول صاحبي / فما هو وقت ينقضي وكلام
هنا مظهر الجنات بل ذاك كنهها / وعما عداها في الحياة يصام
تطلعت مفتونا وحولي أمة / من النبت بل دنيا كذاك تقام
مشاهد شتى من أراض قصيّة / يجمعها للعارفين نظام
ويشملها دفء وأحسب أنها / بألفتها تغنى غنى وترام
تآخت وإن تنسب إلى كل موطن / وباعدها هم وبان خصام
فكيف بنو الإنسان وهو متوج / كأن ضياء العقل فيه ظلام
الصيف أين هو الحبيب فما أرى
الصيف أين هو الحبيب فما أرى / وهجا ينمّ عليه أو أحلاما
الجو تخنقه الدموع لوحشة / والشمس أرهقا الغمام خصاما
من صدّه عنا ونحن رعيّة / ولم أستبدّ بنا وكان إماما
أيجيء موعده بسخر جائر / ويكون مولده الأغر ظلاما
لمن الأزاهير الحسان تبرّجت / والنحل والحشرات إذ تتسامى
ولمن تعطّرت الطيوف وهوّمت / وتجاوبت بنفوسنا أنغاما
أمشرّد عنّا وتلك ربوعه / فعلام بشّرنا الربوع علاما
نهفو إلى الدفء الجميل فلا نرى / إلا الشتاء الساخر اللواما
وكأنما هذي المناظر كلها / وهم وتمثيل طغى وترامى