القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حافِظ إِبراهِيم الكل
المجموع : 35
طَمَعٌ أَلقى عَنِ الغَربِ اللِثاما
طَمَعٌ أَلقى عَنِ الغَربِ اللِثاما / فَاِستَفِق يا شَرقُ وَاِحذَر أَن تَناما
وَاِحمِلي أَيَّتُها الشَمسُ إِلى / كُلِّ مَن يَسكُنُ في الشَرقِ السَلاما
وَاِشهَدي يَومَ التَنادي أَنَّنا / في سَبيلِ الحَقِّ قَد مِتنا كِراما
مادَتِ الأَرضُ بِنا حينَ اِنتَشَت / مِن دَمِ القَتلى حَلالاً وَحَراما
عَجِزَ الطُليانُ عَن أَبطالِنا / فَأَعَلّوا مِن ذَرارينا الحُساما
كَبَّلوهُم قَتَلوهُم مَثَّلوا / بِذَواتِ الخِدرِ طاحوا بِاليَتامى
ذَبَحوا الأَشياخَ وَالزَمنى وَلَم / يَرحَموا طِفلاً وَلَم يُبقوا غُلاما
أَحرَقوا الدورَ اِستَحَلّوا كُلَّ ما / حَرَّمَت لاهايُ في العَهدِ اِحتِراما
بارَكَ المَطرانُ في أَعمالِهِم / فَسَلوهُ بارَكَ القَومَ عَلاما
أَبِهَذا جاءَهُم إِنجيلُهُم / آمِراً يُلقي عَلى الأَرضِ سَلاما
كَشَفوا عَن نِيَّةِ الغَربِ لَنا / وَجَلَوا عَن أُفُقِ الشَرقِ الظَلاما
فَقَرَأناها سُطوراً مِن دَمٍ / أَقسَمَت تَلتَهِمُ الشَرقَ اِلتِهاما
أَطلَقوا الأُسطولَ في البَحرِ كَما / يُطلِقُ الزاجِلُ في الجَوِّ الحَماما
فَمَضى غَيرَ بَعيدٍ وَاِنثَنى / يَحمِلُ الأَنباءَ شُؤماً وَاِنهِزاما
قَد مَلَأنا البَرَّ مِن أَشلائِهِم / فَدَعوهُم يَملَئوا الدُنيا كَلاما
أَعلَنوا الحَربَ وَأَضمَرنا لَهُم / أَينَما حَلّوا هَلاكاً وَاِختِراما
خَبِّروا فِكتورَ عَنّا أَنَّهُ / أَدهَشَ العالَمَ حَرباً وَنِظاما
أَدهَشَ العالَمَ لَمّا أَن رَأَوا / جَيشَهُ يَسبِقُ في الجَريِ النَعاما
لَم يَقِف في البَرِّ إِلّا رَيثَما / يُسلِمُ الأَرواحَ أَو يُلقي الزِماما
حاتِمَ الطُليانِ قَد قَلَّدتَنا / مِنَّةً نَذكُرُها عاماً فَعاما
أَنتَ أَهدَيتَ إِلَينا عُدَّةً / وَلِباساً وَشَراباً وَطَعاما
وَسِلاحاً كانَ في أَيديكُمُ / ذا كَلالٍ فَغَدا يَفري العِظاما
أَكثِروا النُزهَةَ في أَحيائِنا / وَرُبانا إِنَّها تَشفي السَقاما
وَأَقيموا كُلَّ عامٍ مَوسِماً / يُشبِعُ الأَيتامَ مِنّا وَالأَيامى
لَستُ أَدري بِتَّ تَرعى أُمَّةٍ / مِن بَني التَليانِ أَم تَرعى سَواما
ما لَهُم وَالنَصرُ مِن عاداتِهِم / لَزِموا الساحِلَ خَوفاً وَاِعتِصاما
أَفلَتوا مِن نارِ فيزوفَ إِلى / نارِ حَربٍ لَم تَكُن أَدنى ضِراما
لَم يَكُن فيزوفُ أَدهى حِمَماً / مِن كُراتٍ تَنفُثُ المَوتَ الزُؤاما
إيهِ يا فيزوفُ نَم عَنهُم فَقَد / نَفَضَت إِفريقِيا عَنها المَناما
فَهيَ بُركانٌ لَهُم سَخَّرَهُ / مالِكُ المُلكِ جَزاءً وَاِنتِقاما
لَو دَرَوا ما خَبَّأَ الشَرقُ لَهُم / آثَروا فيزوفَ وَاِختاروا المُقاما
تِلكَ عُقبى أُمَّةٍ غادِرَةٍ / تَنكُثُ العَهدَ وَلا تَرعى الذِماما
تِلكَ عُقبى كُلِّ جَبّارٍ طَغى / أَو تَعالى أَو عَنِ الحَقِّ تَعامى
لَو دَرَت رومَةُ ما قَد نابَها / في طَرابُلسَ أَبَت إِلّا اِنقِساما
وَأَبى كُلُّ اِشتِراكِيٍّ بِها / أَن يَرى التاجَ عَلى رَأسٍ أَقاما
أَعلَنوا ضَمَّ مَغانينا إِلى / مُلكِ فِكتورَ وَلَم يَخشَوا مَلاما
أَعلَنوا الضَمَّ وَلَمّا يَفتَحوا / قَيدَ أُظفورٍ وَراءً أَو أَماما
فَاِعجَبوا مِن فاتِحٍ ذي مِرَّةٍ / يَحسَبُ النُزهَةَ في البَحرِ صِداما
وَيَرى الفَتحَ اِدِّعاءً باطِلاً / وَاِفتِراءً وَاِحتِجاجاً وَاِحتِكاما
أَيُّها الحائِرُ في البَحرِ اِقتَرِب / مِن حِمى البُسفورِ إِن كُنتَ هُماما
كَم سَمِعنا عَن لِسانِ البَرقِ ما / يُزعِجُ الدُنيا إِذا الأُسطولُ عاما
عامَ شَهرَينِ وَلَم يَفتَح سِوى / هُوَّةٍ فيها المَلايينُ تَرامى
دَفَنوا تاريخَهُم في قاعِها / وَرَمَوا في إِثرِهِ المَجدَ غُلاما
فَاِطمَئِنّي أُمَمَ الشَرقِ وَلا / تَقنَطي اليَومَ فَإِنَّ الجَدَّ قاما
إِنَّ في أَضلاعِنا آفئِدَةً / تَعشَقُ المَجدَ وَتَأبى أَن تُضاما
أَيا صوفِيا حانَ التَفَرُّقُ فَاِذكُري
أَيا صوفِيا حانَ التَفَرُّقُ فَاِذكُري / عُهودَ كِرامٍ فيكِ صَلّوا وَسَلَّموا
إِذا عُدتِ يَوماً لِلصَليبِ وَأَهلِهِ / وَحَلّى نَواحيكِ المَسيحُ وَمَريَمُ
وَدُقَّت نَواقيسٌ وَقامَ مُزَمِّرٌ / مِنَ الرومِ في مِحرابِهِ يَتَرَنَّمُ
فَلا تُنكِري عَهدَ المَآذِنِ إِنَّهُ / عَلى اللَهِ مِن عَهدِ النَواقيسِ أَكرَمُ
تَبارَكتَ بَيتُ القُدسِ جَذلانُ آمِنٌ / وَلا يَأمَنُ البَيتُ العَتيقُ المُحَرَّمُ
أَيُرضيكَ أَن تَغشى سَنابِكُ خَيلِهِم / حِماكَ وَأَن يُمنى الحَطيمُ وَزَمزَمُ
وَكَيفَ يَذِلُّ المُسلِمونَ وَبَينَهُم / كِتابُكَ يُتلى كُلَّ يَومٍ وَيُكرَمُ
نَبِيُّكَ مَحزونٌ وَبَيتُكَ مُطرِقٌ / حَياءً وَأَنصارُ الحَقيقَةِ نُوَّمُ
عَصَينا وَخالَفنا فَعاقَبتَ عادِلاً / وَحَكَّمتَ فينا اليَومَ مَن لَيسَ يَرحَمُ
قَد مَرَّ عامٌ يا سُعادُ وَعامُ
قَد مَرَّ عامٌ يا سُعادُ وَعامُ / وَاِبنُ الكِنانَةِ في حِماهُ يُضامُ
صَبّوا البَلاءَ عَلى العِبادِ فَنِصفُهُم / يَجبي البِلادَ وَنِصفُهُم حُكّامُ
أَشكو إِلى قَصرِ الدُبارَةِ ما جَنى / صِدقي الوَزيرُ وَما جَبى عَلّامُ
قُل لِلمُحايِدِ هَل شَهِدتَ دِماءَنا / تَجري وَهَل بَعدَ الدِماءِ سَلامُ
سُفِكَت مَوَدَّتُنا لَكُم وَبَدا لَنا / أَنَّ الحِيادَ عَلى الخِصامِ لِثامُ
إِنَّ المَراجِلَ شَرُّها لا يُتَّقى / حَتّى يُنَفِّسَ كَربَهُنَّ صِمامُ
لَم يَبقَ فينا مَن يُمَنّي نَفسَهُ / بِوِدادِكُم فَوِدادُكُم أَحلامُ
أَمِنَ السِياسَةِ وَالمُروءَةِ أَنَّنا / نَشقى بِكُم في أَرضِنا وَنُضامُ
إِنّا جَمَعنا لِلجِهادِ صُفوفَنا / سَنَموتُ أَو نَحيا وَنَحنُ كِرامُ
وَدَعا عَلَيكَ اللَهَ في مِحرابِهِ / الشَيخُ وَالقِسّيسُ وَالحاخامُ
لاهُمَّ أَحيِ ضَميرَهُ لِيَذوقَها / غُصَصاً وَتَنسِفَ نَفسَهُ الآلامُ
بَنَيتُم عَلى الأَخلاقِ آساسَ مُلكِكُم
بَنَيتُم عَلى الأَخلاقِ آساسَ مُلكِكُم / فَكانَ لَكُم بَينَ الشُعوبِ ذِمامُ
فَما لي أَرى الأَخلاقَ قَد شابَ قَرنُها / وَحَلَّ بِها ضَعفٌ وَدَبَّ سَقامُ
أَخافُ عَلَيكُم عَثرَةً بَعدَ نَهضَةٍ / فَلَيسَ لِمُلكِ الظالِمينَ دَوامُ
أَضَعتُم وِداداً لَو رَعَيتُم عُهودَهُ / لَما قامَ بَينَ الأُمَّتَينِ خِصامُ
أَبَعدَ حِيادٍ لا رَعى اللَهُ عَهدَهُ / وَبَعدَ الجُروحِ الناغِراتِ وِئامُ
إِذا كانَ في حُسنِ التَفاهُمِ مَوتُنا / فَلَيسَ عَلى باغي الحَياةِ مَلامُ
حَوِّلوا النيلَ وَاِحجُبوا الضَوءَ عَنّا
حَوِّلوا النيلَ وَاِحجُبوا الضَوءَ عَنّا / وَاِطمِسوا النَجمَ وَاِحرِمونا النَسيما
وَاِملَئوا البَحرَ إِن أَرَدتُم سَفيناً / وَاِملَئوا الجَوَّ إِن أَرَدتُم رُجوما
وَأَقيموا لِلعَسفِ في كُلِّ شِبرٍ / كُنسُتَبلاً بِالسَوطِ يَفري الأَديما
إِنَّنا لَن نَحولَ عَن عَهدِ مِصرٍ / أَو تَرَونا في التُربِ عَظماً رَميما
عاصِفٌ صانَ مُلكَكُم وَحَماكُم / وَكَفاكُم بِالأَمسِ خَطباً جَسيما
غالَ أَرمادَةَ العَدُوَّ فَفُزتُم / وَبَلَغتُم في الشَرقِ شَأواً عَظيما
فَعَدَلتُم هُنَيهَةً وَبَغَيتُم / وَتَرَكتُم في النيلِ عَهداً ذَميما
فَشَهِدنا ظُلماً يُقالُ لَهُ العَد / لُ وَوُدّاً يَسقي الحَميمَ الحَميما
فَاِتَّقوا غَضبَةَ العَواصِفِ إِنّي / قَد رَأَيتُ المَصيرَ أَمسى وَخيما
سَعَيتُ إِلى أَن كِدتُ أَنتَعِلُ الدَما
سَعَيتُ إِلى أَن كِدتُ أَنتَعِلُ الدَما / وَعُدتُ وَما أُعقِبتُ إِلّا التَنَدُّما
لَحى اللَهُ عَهدَ القاسِطينَ الَّذي بِهِ / تَهَدَّمَ مِن بُنيانِنا ما تَهَدَّما
إِذا شِئتَ أَن تَلقى السَعادَةَ بَينَهُم / فَلا تَكُ مِصرِيّاً وَلا تَكُ مُسلِما
سَلامٌ عَلى الدُنيا سَلامَ مُوَدِّعٍ / رَأى في ظَلامِ القَبرِ أُنساً وَمَغنَما
أَضَرَّت بِهِ الأولى فَهامَ بِأُختِها / فَإِن ساءَتِ الأُخرى فَوَيلاهُ مِنهُما
فَهُبّي رِياحَ المَوتِ نُكباً وَأَطفِئي / سِراجَ حَياتي قَبلَ أَن يَتَحَطَّما
فَما عَصَمَتني مِن زَماني فَضائِلي / وَلَكِن رَأَيتُ المَوتَ لِلحُرِّ أَعصَما
فَيا قَلبُ لا تَجزَع إِذا عَضَّكَ الأَسى / فَإِنّكَ بَعدَ اليَومِ لَن تَتَأَلَّما
وَيا عَينُ قَد آنَ الجُمودُ لِمَدمَعي / فَلا سَيلَ دَمعٍ تَسكُبينَ وَلا دَما
وَيا يَدُ ما كَلَّفتُكِ البَسطَ مَرَّةً / لِذي مِنَّةٍ أَولى الجَميلَ وَأَنعَما
فَلِلَّهِ ما أَحلاكِ في أَنمُلِ البِلى / وَإِن كُنتِ أَحلى في الطُروسِ وَأَكرَما
وَيا قَدَمي ما سِرتِ بي لِمَذَلَّةٍ / وَلَم تَرتَقي إِلّا إِلى العِزِّ سُلَّما
فَلا تُبطِئي سَيراً إِلى المَوتِ وَاِعلَمي / بِأَنَّ كَريمَ القَومِ مَن ماتَ مُكرَما
وَيا نَفسُ كَم جَشَّمتُكِ الصَبرَ وَالرِضا / وَجَشَّمتِني أَن أَلبَسَ المَجدَ مُعلَما
فَما اِسطَعتِ أَن تَستَمرِئي مُرَّ طَعمِهِ / وَما اِسطَعتُ بَينَ القَومِ أَن أَتَقَدَّما
فَهَذا فِراقٌ بَينَنا فَتَجَمَّلي / فَإِنَّ الرَدى أَحلى مَذاقاً وَمَطعَما
وَيا صَدرُ كَم حَلَّت بِذاتِكَ ضيقَةٌ / وَكَم جالَ في أَنحائِكَ الهَمُّ وَاِرتَمى
فَهَلّا تَرى في ضيقَةِ القَبرِ فُسحَةً / تُنَفِّسُ عَنكَ الكَربَ إِن بِتَّ مُبرَما
وَيا قَبرُ لا تَبخَل بِرَدِّ تَحِيَّةٍ / عَلى صاحِبٍ أَوفى عَلَينا وَسَلَّما
وَهَيهاتَ يَأتي الحَيُّ لِلمَيتِ زائِراً / فَإِنّي رَأَيتُ الوُدَّ في الحَيِّ أُسقِما
وَيا أَيُّها النَجمُ الَّذي طالَ سُهدُهُ / وَقَد أَخَذَت مِنهُ السُرى أَينَ يَمَّما
لَعَلَّكَ لا تَنسى عُهودَ مُنادِمٍ / تَعَلَّمَ مِنكَ السُهدَ وَالأَينَ كُلَّما
طوفوا بِأَركانِ هَذا القَبرِ وَاِستَلِموا
طوفوا بِأَركانِ هَذا القَبرِ وَاِستَلِموا / وَاِقضوا هُنالِكَ ما تَقضي بِهِ الذِمَمُ
هُنا جَنانٌ تَعالى اللَهُ بارِئُهُ / ضاقَت بِآمالِهِ الأَقدارُ وَالهِمَمُ
هُنا فَمٌ وَبَنانٌ لاحَ بَينَهُما / في الشَرقِ فَجرٌ تُحَيّي ضَوءَهُ الأُمَمُ
هُنا فَمٌ وَبَنانٌ طالَما نَثَرا / نَثراً تَسيرُ بِهِ الأَمثالُ وَالحِكَمُ
هُنا الكَمِيُّ الَّذي شادَت عَزائِمُهُ / لِطالِبِ الحَقِّ رُكناً لَيسَ يَنهَدِمُ
هُنا الشَهيدُ هُنا رَبُّ اللِواءِ هُنا / حامي الذِمارِ هُنا الشَهمُ الَّذي عَلِموا
يا أَيُّها النائِمُ الهاني بِمَضجَعِهِ / لِيَهنِكَ النَومُ لا هَمٌّ وَلا سَقَمُ
باتَت تُسائِلُنا في كُلِّ نازِلَةٍ / عَنكَ المَنابِرُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ
تَرَكتَ فينا فَراغاً لَيسَ يَشغَلُهُ / إِلّا أَبِيٌّ ذَكِيُّ القَلبِ مُضطَرِمُ
مُنَفَّرُ النَومِ سَبّاقٌ لِغايَتِهِ / آثارُهُ عَمَمٌ آمالُهُ أَمَمُ
إِنّي أَرى وَفُؤادي لَيسَ يَكذِبُني / روحاً يَحُفُّ بِها الإِكبارُ وَالعِظَمُ
أَرى جَلالاً أَرى نوراً أَرى مَلَكاً / أَرى مُحَيّاً يُحَيّينا وَيَبتَسِمُ
اللَهُ أَكبَرُ هَذا الوَجهُ أَعرِفُهُ / هَذا فَتى النيلِ هَذا المُفرَدُ العَلَمُ
غُضّوا العُيونَ وَحَيّوهُ تَحِيَّتَهُ / مِنَ القُلوبِ إِذا لَم تُسعِدِ الكَلِمُ
وَأَقسِموا أَن تَذودوا عَن مَبادِئِهِ / فَنَحنُ في مَوقِفٍ يَحلو بِهِ القَسَمُ
لَبَّيكَ نَحنُ الأُلى حَرَّكتَ أَنفُسَهُم / لَمّا سَكَنتَ وَلَمّا غالَكَ العَدَمُ
جِئنا نُؤَدّي حِساباً عَن مَواقِفِنا / وَنَستَمِدُّ وَنَستَعدي وَنَحتَكِمُ
قيلَ اِسكُتوا فَسَكَتنا ثُمَّ أَنطَقَنا / عَسفُ الجُفاةِ وَأَعلى صَوتَنا الأَلَمُ
قَدِ اِتُّهِمنا وَلَمّا نَطَّلِب جَلَلاً / إِنَّ الضَعيفَ عَلى الحالَينِ مُتَّهَمُ
قالوا لَقَد ظَلَموا بِالحَقِّ أَنفُسَهُم / وَاللَهُ يَعلَمُ أَنَّ الظالِمينَ هُمُ
إِذا سَكَتنا تَناجَوا تِلكَ عادَتُهُم / وَإِن نَطَقنا تَنادَوا فِتنَةٌ عَمَمُ
قَد مَرَّ عامٌ بِنا وَالأَمرُ يَحزُبُنا / آناً وَآوِنَةً تَنتابُنا النِقَمُ
فَالناسُ في شِدَّةٍ وَالدَهرُ في كَلَبٍ / وَالعَيشُ قَد حارَ فيهِ الحاذِقُ الفَهِمُ
وَلِلسِياسَةِ فينا كُلَّ آوِنَةٍ / لَونٌ جَديدٌ وَعَهدٌ لَيسَ يُحتَرَمُ
بَينا نَرى جَمرَها تُخشى مَلامِسُهُ / إِذا بِهِ عِندَ لَمسِ المُصطَلي فَحَمُ
تُصغي لِأَصواتِنا طَوراً لِتَخدَعَنا / وَتارَةً يَزدَهيها الكِبرُ وَالصَمَمُ
فَمِن مُلايَنَةٍ أَستارُها خُدَعٌ / إِلى مُصالَبَةٍ أَستارُها وَهَمُ
ماذا يُريدونَ لا قَرَّت عُيونُهُمُ / إِنَّ الكِنانَةَ لا يُطوى لَها عَلَمُ
كَم أُمَّةٍ رَغِبَت فيها فَما رَسَخَت / لَها عَلى حَولِها في أَرضِها قَدَمُ
ما كانَ رَبُّكَ رَبُّ البَيتِ تارِكَها / وَهيَ الَّتي بِحِبالٍ مِنهُ تَعتَصِمُ
لَبَّيكَ إِنّا عَلى ما كُنتَ تَعهَدُهُ / حَتّى نَسودَ وَحَتّى تَشهَدَ الأُمَمُ
فَيَعلَمَ النيلُ أَنّا خَيرُ مَن وَرَدوا / وَيَستَطيلَ اِختِيالاً ذَلِكَ الهَرَمُ
هَذا الغِراسُ الَّذي والَيتَ مَنبِتَهُ / بِخَيرِ ما والَتِ الأَضواءُ وَالنَسَمُ
أَمسى وَأَضحى وَعَينُ اللَهِ تَحرُسُهُ / حَتّى نَما وَحَلاهُ المَجدُ وَالشَمَمُ
فَاُنظُر إِلَيهِ وَقَد طالَت بَواسِقُهُ / تَهنَأ بِهِ وَلِأَنفِ الحاسِدِ الرَغَمُ
يا أَيُّها النَشءُ سيروا في طَريقَتِهِ / وَثابِروا رَضِيَ الأَعداءُ أَو نَقِموا
فَكُلُّكُم مُصطَفى لَو سارَ سيرَتَهُ / وَكُلُّكُم كامِلٌ لَو جازَهُ السَأَمُ
قَد كانَ لا وانِياً يَوماً وَلا وَكِلاً / يَستَقبِلُ الخَطبَ بَسّاماً وَيَقتَحِمُ
وَأَنتَ يا قَبرُ قَد جِئنا عَلى ظَمَإٍ / فَجُد لَنا بِجَوابٍ جادَكَ الدِيَمُ
أَينَ الشَبابُ الَّذي أودِعتَ نَضرَتَهُ / أَينَ الخِلالُ رَعاكَ اللَهُ وَالشِيَمُ
وَما صَنَعتَ بِآمالٍ لَنا طُوِيَت / يا قَبرُ فيكَ وَعَفّى رَسمَها القِدَمُ
أَلا جَوابٌ يُرَوّي مِن جَوانِحِنا / ما لِلقُبورِ إِذا ما نودِيَت تَجِمُ
نَم أَنتَ يَكفيكَ ما عانَيتَ مِن تَعَبٍ / فَنَحنُ في يَقظَةٍ وَالشَملُ مُلتَئِمُ
هَذا لِواؤُكَ خَفّاقٌ يُظَلِّلُنا / وَذاكَ شَخصُكَ في الأَكبادِ مُرتَسِمُ
لا مَرحَباً بِكَ أَيُّهَذا العامُ
لا مَرحَباً بِكَ أَيُّهَذا العامُ / لَم يُرعَ عِندَكَ لِلأُساةِ ذِمامُ
في مُستَهَلِّكَ رُعتَنا بِمَآتِمٍ / لِلنافِعينَ مِنَ الرِجالِ تُقامُ
عَلَمانِ مِن أَعلامِ مِصرَ طَواهُما / فيكَ الرَدى فَبَكَتهُما الأَهرامُ
غَيَّبتَ شُكري وَهوَ نابِهُ عَصرِهِ / وَأَصَبتَ إِبراهيمَ وَهوَ إِمامُ
خَدَما رُبوعَ النيلِ في عَهدَيهِما / وَالطِبُّ نَبتٌ لَم يَجُدهُ غَمامُ
وَالناسُ بِالغَربِيِّ في تَطبيبِهِ / وَلِعوا عَلى بُعدِ المَزارِ وَهاموا
حَتّى اِنبَرى شُكري فَأَثبَتَ سَبقُهُ / أَنَّ اِبنَ مِصرَ مُجَرِّبٌ مِقدامُ
وَأَقامَ إِبراهيمُ أَبلَغَ حُجَّةٍ / أَنَّ العَرينَ يَحُلُّهُ ضِرغامُ
وَتَرَسَّمَ المُتَعَلِّمونَ خُطاهُما / فَاِنشَقَّ مِن عَلَمَيهِما أَعلامُ
قَد أَقسَموا لِلطِبِّ أَن يَسموا بِهِ / فَوقَ السِماكِ فَبَرَّتِ الأَقسامُ
وَغَدَت رُبوعُ الطِبِّ تَحكي جَنَّةً / فيها لِبُقراطَ الحَكيمِ مَقامُ
وَرَأى عَليلُ النيلِ أَنَّ أُساتَهُ / بَذّوا الأُساةَ فَلَم يَرُعهُ سَقامُ
يا مِصرُ حَسبُكِ ما بَلَغتِ مِنَ المُنى / صَدَقَ الرَجاءُ وَصَحَّتِ الأَحلامُ
وَمَشى بَنوكِ كَما اِشتَهَيتِ إِلى العُلا / وَعَلى الوَلاءِ كَما عَلِمتِ أَقاموا
وَمَدَدتِ صَوتَكِ بَعدَ طولِ خُفوتِهِ / فَدَعا بِعافِيَةٍ لَكِ الإِسلامُ
وَرَفَعتِ رَأسَكِ عِندَ مُفتَخَرِ النُهى / بَينَ المَمالِكِ حَيثُ تُحنى الهامُ
كَم فيكِ جَرّاحٌ كَأَنَّ يَمينَهُ / عِندَ الجِراحَةِ بَلسَمٌ وَسَلامُ
قَد صيغَ مِبضَعُهُ وَإِن أَجرى دَماً / مِن رَحمَةٍ فَجَريحُهُ بَسّامُ
وَمُوَفَّقٍ جَمِّ الصَوابِ إِذا اِلتَوى / داءُ العَليلِ وَحارَتِ الأَفهامُ
يُلقي بِسَمعٍ لا يَخونُ إِذا هَفَت / أُذُنٌ وَخانَ المِسمَعَينِ صِمامُ
وَإِذا عُضالُ الداءِ أَبهَمَ أَمرُهُ / عَرَفَت خَفِيَّ دَبيبِهِ الإِبهامُ
يَستَنطِقُ الآلامَ وَهيَ دَفينَةٌ / خَرساءُ حَتّى تَنطِقَ الآلامُ
كَم سَلَّ مِن أَيدي المَنايا أَنفُساً / وَثَنى عِنانَ المَوتِ وَهوَ زُؤامُ
وَمُطَبِّبٍ لِلعَينِ يَحمِلُ ميلُهُ / نوراً إِذا غَشّى العُيونَ قَتامُ
وَكَأَنَّ إِثمِدَهُ ضِياءٌ ذَرَّهُ / عيسى بنُ مَريَمَ فَاِنجَلى الإِظلامُ
وَمُطَبِّبٍ لِلطِفلِ لَم تَنبُت لَهُ / سِنٌّ وَلَم يَدرُج إِلَيهِ فِطامُ
يَشكو السَقامَ بِناظِرَيهِ وَما لَهُ / غَيرُ التَفَزُّزِ وَالأَنينِ كَلامُ
فَكَمِ اِستَشَفَّ وَكَم أَصابَ كَأَنَّما / في نَظرَتَيهِ الوَحيُ وَالإِلهامُ
وَمُوَلِّدٍ عَرَفَ الأَجِنَّةُ فَضلَهُ / إِن أَعسَرَت بِوِلادِها الأَرحامُ
كَم قَد أَنارَ لَها بِحالِكَةِ الحَشا / سُبُلاً تَضِلُّ سُلوكَها الأَوهامُ
لَولا يَداهُ سَطا عَلى أَبدانِها / كَربُ المَخاضِ وَشَفَّها الإيلامُ
فَبِهَؤُلاءِ الغُرِّ يا مِصرَ اِهنَئي / فَبِمِثلِهِم تَتَفاخَرُ الأَيّامُ
وَعَلى طَبيبَيكِ اللَذَينِ رَماهُما / رامي المَنونِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ
عَلَمانِ مِن أَعلامِ مِص
عَلَمانِ مِن أَعلامِ مِص / رَ عَدا الرَدى فَطَواهُما
حَسَنٌ وَزُهدي لَم يُمَت / تَع بِالشَبابِ كِلاهُما
سَلَكا سَبيلَ الحَقِّ ما / عاشا وَما أَولاهُما
داسَ الأَثيمُ حِماهُما / تَحتَ الدُجى وَدَهاهُما
فَرَمى النُهى وَالفَضلَ مُج / تَمِعينَ حينَ رَماهُما
إِن تَذكُروا هِمَمَ الرِجا / لِ فَقَدِّموا ذِكراهُما
أَو تَسأَلوني عَن شَهي / دَي مَبدَإٍ فَهُما هُما
أُعَزّي فيكَ أَهلَكَ أَم أُعَزّي
أُعَزّي فيكَ أَهلَكَ أَم أُعَزّي / عُفاةَ الناسِ أَم هِمَمَ الكِرامِ
وَما أَدري أَرُكنُ الجاهِ أَودى / وَقَد أَودَيتَ أَم رُكنُ الشَآمِ
عيدٌ هُنا وَهُناكَ قامَ المَأتَمُ
عيدٌ هُنا وَهُناكَ قامَ المَأتَمُ / مَلِكٌ يَنوحُ وَتابِعٌ يَتَرَنَّمُ
عَجَباً أَرى تِلكَ الدِماءَ فَهاهُنا / دَمُ فَرحَةٍ وَهُناكَ لِلقَتلى دَمُ
سَخَّرَ العِلمَ لِيَبني آيَةً
سَخَّرَ العِلمَ لِيَبني آيَةً / فَوقَ شَطِّ النيلِ تَبدو كَالعَلَم
هِيَ ذِكرٌ خالِدٌ لَكِنَّهُ / عابِسُ الوَجهِ إِذا الذِكرُ اِبتَسَم
كُلُّ ما فيها عَلى إِعجازِها / أَنَّها قَبرٌ لِجَبّارٍ حُطَم
لَيتَهُ سَخَّرَ ما في عَهدِهِ / مِن قُوىً في غَيرِ تَقديسِ الرِمَم
مِن فُنونٍ أَعجَزَت أَطواقَنا / وَعُلومٍ عِندَها الفِكرُ وَجَم
وَبَنانٍ مُبدِعاتٍ صَوَّرَت / أَوجُهَ العُذرِ لِعُبّادِ الصَنَم
أَبدَعَت ما أَبدَعَت ثُمَّ اِنطَوَت / وَعَلى أَسرارِها الدَهرُ خَتَم
قَد غَفَونا وَاِنتَبَهنا فَإِذا
قَد غَفَونا وَاِنتَبَهنا فَإِذا / نَحنُ غَرقى وَإِذا المَوتُ أَمَم
ثُمَّ كانَت فَترَةٌ مَقدورَةٌ / غَرَّ فينا الدَهرُ ضَعفٌ فَهَجَم
فَتَماسَكنا فَكانَت قُوَّةٌ / زَلزَلَت رُكنَ اللَيالي فَاِنهَدَم
كانَ في الأَنفُسِ جُرحٌ مِن هَوىً / نَظَرَ اللَهُ إِلَيهِ فَاِلتَأَم
فَنَشَدنا العَيشَ حُرّاً طَلَقاً / تَحتَ ظِلِّ اللَهِ لا ظِلِّ الأُمَم
وَحَقيقٌ أَن يُوَفّى حَقَّهُ / مَن بِحَبلِ اللَهِ وَالصَبرِ اِعتَصَم
آفَةُ المَرءِ إِذا المَرءُ وَنى / آفَةُ الشَعبِ إِذا الشَعبُ اِنقَسَم
لَيسَ مِنّاً مَن يَني أَو يَنثَني / أَو يَعُقُّ النيلَ في رَعيِ الذِمَم
نَشءَ مِصرٍ نَبِّئوا مِصراً بِكَم / تَشتَرونَ المَقصِدَ الأَسمى بِكَم
بِنِضالٍ يُصقَلُ العَزمُ بِهِ / وَسُهادٍ في العُلا حُلوِ الأَلَم
أَنا لا أَفخَرُ بِالماضي وَلا / أَحسَبُ الحاضِرَ يُطرى أَو يُذَم
كُلُّ هَمّي أَن أَراكُم في غَدٍ / مِثلَ ما كُنتُم أُسوداً في أَجَم
فَالفَتى كُلُّ الفَتى مَن لَو رَأى / في اِقتِحامِ النارِ عِزّاً لَاِقتَحَم
لا تَظُنّوا العَيشَ أَحلامَ المُنى / ذاكَ عَهدٌ قَد تَوَلّى وَاِنصَرَم
هُوَ حَربٌ بَينَ فَقرٍ وَغِنىً / وَصِراعٌ بَينَ بُرءٍ وَسَقَم
هُوَ نارٌ وَوَقودٌ فَإِذا / غَفَلَ الموقِدُ فَالنارُ حَمَم
فَاِنفُضوا النَومَ وَجِدّوا لِلعُلا / فَالعُلا وَقفٌ عَلى مَن لَم يَنَم
لَيسَ يَجني مَن تَمَنّى وَصلَها / وانِياً أَو وادِعاً غَيرَ النَدَم
وَالأَماني شَرُّ ما تُمنى بِهِ / هِمَّةُ المَرءِ إِذا المَرءُ اِعتَزَم
تَحمِدُ العَزمَ وَتَثني حَدَّهُ / فَهيَ كَالماءِ لِإِخمادِ الضَرَم
وَاُنظُروا اليابانَ في الشَرقِ وَقَد / رَكَّزَت أَعلامَها فَوقَ القِمَم
حارَبوا الجَهلَ وَكانوا قَبلَنا / في دُجى عَميائِهِ حَتّى اِنهَزَم
فَاِسأَلوا عَنها الثُرَثّا لا الثَرى / إِنَّها تَحتَلُّ أَبراجَ الهِمَم
هِمَمٌ يَمشي بِها العِلمُ إِلى / أَنبَلِ الغاياتِ لا تَدري السَأَم
فَهيَ أَنّى حاوَلَت أَمراً مَشَت / خَلفَها الأَيّامُ في صَفِّ الخَدَم
لا تُبالي زُلزِلَت مِن تَحتِها / أَم عَلَيها النَجمُ بِالنَجمِ اِصطَدَم
تَخِذَت شَمسَ الضُحى رَمزاً لَها / وَكَفى بِالشَمسِ رَمزاً لِلعِظَم
فَهيَ لا تَألو صُعوداً تَبتَغي / جانِبَ الشَمسِ مَكاناً لَم يُرَم
هَدِيَّةٌ مِن شاعِرٍ بائِسٍ
هَدِيَّةٌ مِن شاعِرٍ بائِسٍ / إِلى الدِمِرداشي وَلِيِّ النِعَم
يُشرِكُ بِاللَهِ وَلا يَشتَرِك / في نُسخَةٍ فيها ضُروبُ الحِكَم
رِياضُ الأَزبَكِيَّةِ قَد تَحَلَّت
رِياضُ الأَزبَكِيَّةِ قَد تَحَلَّت / بِأَنجابٍ كِرامٍ أَنتَ مِنهُم
فَهَبها جَنَّةً فُتِحَت لِخَيرٍ / وَأَدخِلنا مَعَ المَعفُوِّ عَنهُم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025