القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 87
بِهِ سِحرٌ يُتَيِّمُهُ
بِهِ سِحرٌ يُتَيِّمُهُ / كِلا جَفنَيكَ يَعلَمُهُ
هُما كادا لِمُهجَتِهِ / وَمِنكَ الكَيدُ مُعظَمُهُ
تُعَذِّبُهُ بِسِحرِهِما / وَتوجِدُهُ وَتُعدِمُهُ
فَلا هاروتَ رَقَّ لَهُ / وَلا ماروتَ يَرحَمُهُ
وَتَظلِمُهُ فَلا يَشكو / إِلى مَن لَيسَ يَظلِمُهُ
أَسَرَّ فَماتَ كُتماناً / وَباحَ فخانَهُ فَمُهُ
فَوَيحَ المُدنَفِ المَع / مودِ حَتّى البَثُّ يُحرَمُهُ
طَويلُ اللَيلِ تَرحَمُهُ / هَواتِفُهُ وَأَنجُمُهُ
إِذا جَدَّ الغَرامُ بِهِ / جَرى في دَمعِهِ دَمُهُ
يَكادُ لِطولِ صُحبَتِهِ / يُعادي السُقمَ يُسقِمُهُ
ثَنى الأَعناقَ عُوَّدُهُ / وَأَلقى العُذرَ لُوَّمُهُ
قَضى عِشقاً سِوى رَمَقٍ / إِلَيكَ غَدا يُقَدِّمُهُ
عَسى إِن قيلَ ماتَ هَوىً / تَقولُ اللَهُ يَرحَمُهُ
فَتَحيا في مَراقِدِها / بِلَفظٍ مِنكَ أَعظُمُهُ
بِروحِيَ البانُ يَومَ رَنا / عَنِ المَقدورِ أَعصَمُهُ
وَيَومَ طُعِنتُ مِن غُصنٍ / مُعَلِّمُهُ مُنَعِّمُهُ
قَضاءُ اللَهِ نَظرَتُهُ / وَلُطفُ اللَهِ مَبسِمُهُ
رَمى فَاِستَهدَفَت كَبِدي / بِيَ الرامي وَأَسهُمَهُ
لَهُ مِن أَضلُعي قاعٌ / وَمِن عَجَبٍ يُسَلِّمُهُ
وَمِن قَلبي وَحَبَّتِهِ / كِناسٌ باتَ يَهدِمُهُ
غَزالٌ في يَدَيهِ التي / هُ بَينَ الغيدِ يَقسِمُهُ
في مِهرَجانِ الحَقِّ أَو يَومَ الدَمِ
في مِهرَجانِ الحَقِّ أَو يَومَ الدَمِ / مُهَجٌ مِنَ الشُهَداءِ لَم تَتَكَلَّمِ
يَبدو عَلى هاتورَ نورُ دِمائِها / كَدَمِ الحُسَينِ عَلى هِلالِ مُحَرَّمِ
يَومُ الجِهادِ كَصَدرِ نَهارِهِ / مُتَمايِلُ الأَعطافِ مُبتَسِمُ الفَمِ
طَلَعَت تَحُجُّ البَيتَ فيهِ كَأَنَّها / زُهرُ المَلائِكِ في سَماءِ المَوسِمِ
لِم لا تُطِلُّ مِنَ السَماءِ وَإِنَّما / بَينَ السَحابِ قُبورُها وَالأَنجُمِ
وَلَقَد شَجاها الغائِبونَ وَراعَها / ما حَلَّ بِالبَيتِ المُضيءِ المُظلِمِ
وَإِذا نَظَرتَ إِلى الحَياةِ وَجَدتَها / عُرساً أُقيمَ عَلى جَوانِبِ مَأتَمِ
لا بُدَّ لِلحُرِيَّةِ الحَمراءِ مِن / سَلوى تُرَقِدُ جُرحَها كَالبَلسَمِ
وَتَبَسُّمٍ يَعلو أَسِرَّتِها كَما / يَعلو فَمَ الثَكلى وَثَغرَ الأَيِّمِ
يَومَ البُطولَةِ لَو شَهَدتُ نَهارَهُ / لَنَظَمتُ لِلأَجيالِ ما لَم يُنظَمِ
غَنَت حَقيقَتُهُ وَفاتَ جَمالُها / باعَ الخَيالِ العَبقَرِيِّ المُلهَمِ
لَولا عَوادي النَفيِ أَو عَقَباتُهُ / وَالنَفيُ حالٌ مِن عَذابِ جَهَنَّمِ
لَجَمَعتُ أَلوانَ الحَوادِثِ صورَةً / مَثَّلتُ فيها صورَةَ المُستَسلِمِ
وَحَكَيتُ فيها النيلَ كاظِمَ غَيظِهِ / وَحَكَيتُهُ مُتَغَيِّظاً لَم يَكظِمِ
دَعَتِ البِلادَ إِلى الغِمارِ فَغامَرَت / وَطَنِيَّةٌ بِمُثَقَّفٍ وَمُعَلِّمِ
ثارَت عَلى الحامي العَتيدِ وَأَقسَمَت / بِسِواهُ جَلَّ جَلالُهُ لا تَحتَمي
نَثرَ الكِنانَةَ رَبُّها وَتَخَيَّرَت / يَدُهُ لِنُصرَتِها ثَلاثَةَ أَسهُمِ
مِن كُلِّ أَعزَلَ حَقُّهُ بِيَمينِهِ / كَالسَيفِ في يُمنى الكَمِيِّ المُعلَمِ
لَم يُحجِموا في ساعَةٍ قَد أَظفَرَت / مَلِكَ البِحارِ بِكُلِّ قَيصَرَ مُحجِمِ
وَقَفوا مَطِيَّهُمو بِسُلَّمِ قَصرِهِ / وَالبَأسُ وَالسُلطانُ دونَ السُلَّمِ
وَتَقَدَّموا حَتّى إِذا ما بَلَّغوا / أَوحوا إِلى مِصرَ الفَتاةِ تَقَدَّمي
سالَت مِنَ الغابِ الشُبولُ غَلابِها / لَبَنُ اللُباةِ وَهاجَ عِرقُ الضَيغَمِ
يَومَ النِضالِ كَسَتكَ لَونَ جَمالِها / حُرِيَّةٌ صَبَغَت أَديمَكَ بِالدَمِ
أَصبَحتَ مِن غُرَرِ الزَمانِ وَأَصبَحَت / ضَحِكَت أَسِرَّةُ وَجهِكَ المُتَجَهِّمِ
وَلَقَد يَتَمتَ فَكُنتَ أَعظَمَ رَوعَةً / يا لَيتَ مِن سَعدِ الحِمى لَم تَيتَمِ
لِيَنَم أَبو الأَشبالِ مِلءَ جُفونِهِ / لَيسَ الشُبولُ عَنِ العَرينِ بِنُوَّمِ
مُصابُ بَني الدُنيا عَظيمٌ بِأَدهَمِ
مُصابُ بَني الدُنيا عَظيمٌ بِأَدهَمِ / وَأَعظَمُ مِنهُ حَيرَةُ الشِعرِ في فَمي
أَأَنطُقُ وَالأَنباءُ تَترى بِطَيِّبٍ / وَأَسكُتُ وَالأَنباءُ تَترى بِمُؤلِمِ
أَتَيتُ بِغالٍ في الثَناءِ مُنَضَّدٍ / فَمَن لي بِغالٍ في الرِثاءِ مُنَظَّمِ
عَسى الشِعرُ أَن يَجزي جَريئاً لِفَقدِهِ / بَكى التُركُ وَاليونانُ بِالدَمعِ وَالدَمِ
وَكَم مِن شُجاعٍ في العِداةِ مُكَرَّمٍ / وَكَم مِن جَبانٍ في اللِداتِ مُذَمَّمِ
وَهَل نافِعٌ جَريُ القَوافي لِغايَةٍ / وَقَد فَتَكَت دُهمُ المَنايا بِأَدهَمِ
رَمَت فَأَصابَت خَيرَ رامٍ بِها العِدى / وَما السَهمُ إِلّا لِلقَضاءِ المُحَتَّمِ
فَتىً كانَ سَيفَ الهِندِ في صورَةِ اِمرِئٍ / وَكانَ فَتى الفِتيانِ في مَسكِ ضَيغَمِ
لَحاهُ عَلى الإِقدامِ حُسّادُ مَجدِهِ / وَما خُلِقَ الإِقبالُ إِلّا لِمُقدِمِ
مُزَعزَعُ أَجيالٍ وَغاشي مَعاقِلٍ / وَقائِدُ جَرّارٍ وَمُزجي عَرمرَمِ
سَلوا عَنهُ ميلونا وَما في شِعابِهِ / وَفي ذِروَتَيهِ مِن نُسورٍ وَأَعظُمِ
لَيالِيَ باتَ الدينُ في غَيرِ قَبضَةٍ / وَزُلزِلَ في إيمانِهِ كُلُّ مُسلِمِ
وَقالَ أُناسٌ آخِرُ العَهدِ بِالمَلا / وَهَمَّت ظُنونٌ بِالتُراثِ المُقَسَّمِ
فَأَطلَعَ لِلإِسلامِ وَالمُلكِ كَوكَباً / مِنَ النَصرِ في داجٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ
وَرُحنا نُباهي الشَرقَ وَالغَربَ عِزَّةً / وَكُنّا حَديثَ الشامِتِ المُتَرَحِّمِ
سَلوا عَنهُ ميلونا وَما في شِعابِهِ / وَفي ذِروَتَيهِ مِن نُسورٍ وَأَعظُمِ
مَفاخِرُ لِلتاريخِ تُحصى لِأَدهَمٍ / وَمَن يُقرِضِ التاريخَ يَربَح وَيَغنَمِ
أَلا أَيُّها الساعونَ هَل لَبِسَ الصَفا / سَواداً وَقَد غَصَّ الوُرودُ بِزَمزَمِ
وَهَل أَقبَلَ الرُكبانُ يَنعونَ خالِداً / إِلى كُلِّ رامٍ بِالجِمارِ وَمُحرِمِ
وَهَل مَسجِدٌ تَتلونَ فيهِ رِثاءَهُ / فَكَم قَد تَلَوتُم مَدحَهُ بِالتَرَنُّمِ
وَكانَ إِذا خاضَ الأَسِنَّةَ وَالظُبى / تَنَحَّت إِلى أَن يَعبُرَ الفارِسُ الكَمي
وَمَن يُعطَ في هَذي الدَنِيَّةِ فُسحَةً / يُعَمَّر وَإِن لاقى الحُروبَ وَيَسلَمِ
عَلِيٌّ أَبو الزَهراءِ داهِيَةُ الوَغى / دَهاهُ بِبابِ الدارِ سَيفُ اِبنِ مُلجَمِ
فَروقُ اِضحَكي وَاِبكي فَخاراً وَلَوعَةً / وَقومي إِلى نَعشِ الفَقيدِ المُعَظَّمِ
كَأُمِّ شَهيدٍ قَد أَتاها نَعيُّهُ / فَخَفَّت لَهُ بَينَ البُكا وَالتَبَسُّمِ
وَخُطّي لَهُ بَينَ السَلاطينِ مَضجَعاً / وَقَبراً بِجَنبِ الفاتِحِ المُتَقَدِّمِ
بَخِلتِ عَلَيهِ في الحَياةِ بِمَوكِبٍ / فَتوبي إِلَيهِ في المَماتِ بِمَأتَمِ
وَيا داءُ ما أَنصَفتَ إِذ رُعتَ صَدرَهُ / وَقَد كانَ فيهِ المُلكُ إِن ريعَ يَحتَمي
وَيا أَيُّها الماشونَ حَولَ سَريرِهِ / أَحَطتُم بِتاريخٍ فَصيحِ التَكَلُّمِ
وَيا مِصرُ مَن شَيَّعتِ أَعلى هَمامَةٍ / وَأَثبَتُ قَلباً مِن رَواسي المُقَطَّمِ
سَلوا عَنهُ ميلونا وَما في شِعابِهِ / وَفي ذِروَتَيهِ مِن نُسورٍ وَأَعظُمِ
وَيا بَحرُ تَدري قَدرَ مَن أَنتَ حامِلٌ / وَيا أَرضُ صونيهِ وَيا رَبّي اِرحَمِ
هالَةٌ لِلهِلالِ فيها اِعتِصامُ
هالَةٌ لِلهِلالِ فيها اِعتِصامُ / كَيفَ حامَت حِيالَها الأَيّامُ
دَخَلَتها عَلَيكَ عُثمانُ في السِل / مِ وَقَد كُنتَ في الوَغى لا تُرامُ
وَإِذا الداءُ كانَ داءَ المَنايا / صَعَّبَتهُ لِأَهلِها الأَحلامُ
فَبُرَغمِ المُشيرِ أَن يَتَوَلّى / وَالخُطوبُ المُرَوِّعاتُ جِسامُ
وَيَدُ المُلكِ تَستَجيرُ يَدَيهِ / وَالسَرايا تَدعوهُ وَالأَعلامُ
وَبَنوهُ يَرجونَهُ وَهُمُ الجُن / دُ وَهُم قادَةُ الجُنودِ العِظامُ
مَثَّلَتهُم صِفاتُهُ لِلبَرايا / رُبَّ فَردٍ سادَت بِهِ أَقوامُ
بَطَلَ الشَرقِ قَد بَكَتكَ المَعالي / وَرَثاكَ الوَلِيُّ وَالأَخصامُ
خَذَلَ المُلكَ زِندُهُ يَومَ أَودَي / تَ وَأَهوى مِن راحَتَيهِ الحُسامُ
وَدَهى الدينَ وَالخِلافَةَ أَمرٌ / فادِحٌ رائِعٌ جَليلٌ جُسامُ
عَلَمُ العَصرِ وَالمَمالِكِ وَلّى / وَقَليلٌ أَمثالُهُ الأَعلامُ
سَل بِلَفنا أَكُنتَ تُدرَكُ فيها / وَلَوَ أَنَّ المُحاصِرينَ الأَنامُ
خَيَّمَ الروسُ حَولَ حِصنِكَ لَكِن / أَينَ مِن هامَةِ السِماكِ الخِيامُ
وَأَحاطَت بِعَزمِكَ الجُندُ لَكِن / عَزمُكَ الشُهبُ وَالجُنودُ الظِلامُ
كُلَّما جَرَّدَ المُحاصِرُ سَيفاً / قَطَعَ السَيفَ رَأيُكَ الصَمصامُ
وَإِذا كانَتِ العُقولُ كِباراً / سَلِمَت في المَضايِقِ الأَجسامُ
وَعَجيبٌ لا يَأخُذُ السَيفُ مِنكُم / وَيَنالُ الطَوى وَيُعطى الأُوامُ
فَخَرَجتُم إِلى العِدا لَم تُبالوا / ما لِأُسدٍ عَلى سُغوبٍ مُقامُ
تَخرِقونَ الجُيوشَ جَيشاً فَجَيشاً / مِثلَما يَخرِقُ الخَواءَ الغَمامُ
وَالمَنايا مُحيطَةٌ وَحُصونُ الرو / سِ تَحمي الطَريقَ وَالأَلغامُ
وَلِنارِ العَدُوِّ فيكُم قُعودٌ / وَلِسَيفِ العَدُوِّ فيكُم قِيامُ
جُرِحَ اللَيثُ يَومَ ذاكَ فَخانَ ال / جَيشَ قَلبٌ وَزُلزِلَت أَقدامُ
ما دَفَعتَ الحُسامَ عَجزاً وَلَكِن / عَجَّزتَ ضَيغَمَ الحُروبِ الكِلامُ
فَأَعادوهُ خَيرَ شَيءٍ أَعادوا / وَكَذا يَعرِفُ الكِرامَ الكِرامُ
فَتَقَلَّدتَهُ وَكُنتَ خَليقاً / سَلَبَتنا كِلَيكُما الأَيّامُ
ما لَها عَودَةٌ وَلا لَكَ رَدٌّ / نِمتَ عَنها وَمَن تَرَكتَ نِيامُ
إِنَّما المُلكُ صارِمٌ وَيَراعٌ / فَإِذا فارَقاهُ سادَ الطَغامُ
وَنِظامُ الأُمورِ عَقلٌ وَعَدلٌ / فَإِذا وَلَّيا تَوَلّى النِظامُ
وَعَجيبٌ خُلِقتَ لِلحَربِ لَبثاً / وَسَجاياكَ كُلُّهُنَّ سَلامُ
فَهيَ في رَأيِكَ القَويمِ حَلالٌ / وَهيَ في قَلبِكَ الرَحيمِ حَرامُ
لَكَ سَيفٌ إِلى اليَتامى بَغيضٌ / وَحَنانٌ يُحِبُّهِ الأَيتامُ
مُستَبِدٌّ عَلى قَوِيٍّ حَليمٌ / عَن ضَعيفٍ وَهَكَذا الإِسلامُ
وَاليَومَ فَوقَ مَشيدِ قَبرِكَ مَيتاً
وَاليَومَ فَوقَ مَشيدِ قَبرِكَ مَيتاً / وَجَدَ المُوَفَّقُ لِلمَقالِ مَقاما
الحَقُّ أَبلَجُ كَالصَباحِ لِناظِرٍ / لَو أَنَّ قَوماً حَكَّموا الأَحلاما
أَعَهِدتَنا وَالقِبطُ إِلّا أُمَّةٌ / لِلأَرضِ واحِدَةٌ تَرومُ مَراما
نُعلي تَعاليمَ المَسيحِ لِأَجلِهِم / وَيُوَقِّرونَ لِأَجلِنا الإِسلاما
الدينُ لِلدَيّانِ جَلَّ جَلالُهُ / لَو شاءَ رَبُّكَ وَحَّدَ الأَقواما
يا قَومُ بانَ الرُشدُ فَاِقصوا ما جَرى / وَخُذوا الحَقيقَةَ وَاِنبُذوا الأَوهاما
هَذي رُبوعُكُمُ وَتِلكَ رُبوعُنا / مُتَقابِلينَ نُعالِجُ الأَيّاما
هَذي قُبورُكُمُ وَتِلكَ قُبورُنا / مُتَجاوِرينَ جَماجِماً وَعِظاما
فَبِحُرمَةِ المَوتى وَواجِبِ حَقِّهِم / عيشوا كَما يَقضي الجِوارُ كِراما
إِلى اللَهِ أَشكو مِن عَوادي النَوى سَهما
إِلى اللَهِ أَشكو مِن عَوادي النَوى سَهما / أَصابَ سُوَيداءَ الفُؤادِ وَما أَصمى
مِنَ الهاتِكاتِ القَلبَ أَوَّلَ وَهلَةٍ / وَما دَخَلَت لَحماً وَلا لامَسَت عَظما
تَوارَدَ وَالناعي فَأَوجَستُ رَنَّةً / كَلاماً عَلى سَمعي وَفي كَبِدي كَلما
فَما هَتَفا حَتّى نَزا الجَنبُ وَاِنزَوى / فَيا وَيحَ جَنبي كَم يَسيلُ وَكَم يَدمى
طَوى الشَرقَ نَحوَ الغَربِ وَالماءَ لِلثَرى / إِلَيَّ وَلَم يَركَب بِساطاً وَلا يَمّا
أَبانَ وَلَم يَنبِس وَأَدّى وَلَم يَفُه / وَأَدمى وَما داوى وَأَوهى وَما رَمّا
إِذا طُوِيَت بِالشُهبِ وَالدُهمِ شَقَّةٌ / طَوى الشُهبَ أَوجابَ الغُدافِيَّةَ الدُهما
وَلَم أَرَ كَالأَحداثِ سَهماً إِذا جَرَت / وَلا كَاللَيالي رامِياً يُبعِدُ المَرمى
وَلَم أَرَ حُكماً كَالمَقاديرِ نافِذاً / وَلا كَلِقاءِ المَوتِ مِن بَينِها حَتما
إِلى حَيثُ آباءُ الفَتى يَذهَبُ الفَتى / سَبيلٌ يَدينُ العالَمونَ بِها قِدما
وَما العَيشُ إِلّا الجِسمُ في ظِلِّ روحِهِ / وَلا المَوتُ إِلّا الروحُ فارَقَتِ الجِسما
وَلا خُلدَ حَتّى تَملَأَ الدَهرَ حِكمَةً / عَلى نُزَلاءِ الدَهرِ بَعدَكَ أَو عِلما
زَجَرتُ تَصاريفَ الزَمانِ فَما يَقَع / لِيَ اليَومَ مِنها كانَ بِالأَمسِ لي وَهما
وَقَدَّرتُ لِلنُعمانِ يَوماً وَضِدَّهُ / فَما اِغتَرَّتِ البوسى وَلا غَرَّتِ النُعمى
شَرِبتُ الأَسى مَصروفَةً لَو تَعَرَّضَت / بِأَنفاسِها بِالفَمِّ لَم يَستَفِق غَمّا
فَأَترِع وَناوِل يا زَمانُ فَإِنَّما / نَديمُكَ سُقراطُ الَّذي اِبتَدَعَ السُمّا
قَتَلتُكَ حَتّى ما أُبالي أَدَرتَ لي / بِكَأسِكَ نَجماً أَم أَدَرتَ بِها رَجما
لَكِ اللَهُ مِن مَطعونَةٍ بِقَنا النَوى / شَهيدَةَ حَربٍ لَم تُقارِف لَها إِنما
مُدَلَّهَةٍ أَزكى مِنَ النارِ زَفرَةً / وَأَنزَهِ مِن دَمعِ الحَيا عَبرَةَ سَحما
سَقاها بَشيري وَهيَ تَبكي صَبابَةً / فَلَم يَقوَ مَغناها عَلى صَوبِهِ رَسما
أَسَت جُرحَها الأَنباءُ غَيرَ رَفيقَةٍ / وَكَم نازِعٍ سَهماً فَكانَ هُوَ السَهما
تَغارُ الحُمّى الفَضائِلُ وَالعُلا / لِما قَبَّلَت مِنها وَما ضَمَّتِ الحُمّى
أَكانَت تَمَنّاها وَتَهوى لِقاءَها / إِذا هِيَ سَمّاها بِذي الأَرضِ مَن سَمّى
أَلَمَّت عَلَيها وَاِتَّقَت ثَمَراتِها / فَلَمّا وُقوا الأَسواءَ لَم تَرَها ذَمّا
فَيا حَسرَتا أَلّا تَراهُم أَهِلَّةً / إِذا أَقصَرَ البَدرُ التَمامُ مَضَوا قُدما
رَياحينُ في أَنفِ الوَلِيِّ وَما لَها / عَدُوٌّ تَراهُم في مَعاطِسِهِ رَغما
وَأَلّا يَطوفوا خُشَّعاً حَولَ نَعشِها / وَلا يُشبِعوا الرُكنَ اِستِلاماً وَلا لَثما
حَلَفتُ بِما أَسلَفتِ في المَهدِ مِن يَدٍ / وَأَولَيتِ جُثماني مِن المِنَّةِ العُظمى
وَقَبرٍ مَنوطٍ بِالجَلالِ مُقَلَّدٍ / تَليدَ الخِلالِ الكُثرَ وَالطارِفَ الجَمّا
وَبِالغادِياتِ الساقِياتِ نَزيلَهُ / مِنَ الصَلَواتِ الخَمسِ وَالآيِ وَالأَسما
لَما كانَ لي في الحَربِ رَأيٌ وَلا هَوىً / وَلا رُمتُ هَذا الثُكلَ لِلناسِ وَاليُتما
وَلَم يَكُ ظُلمُ الطَيرِ بِالرِقِّ لي رِضاً / فَكَيفَ رِضائي أَن يَرى البَشَرُ الظُلما
وَلَم آلُ شُبّانَ البَرِيَّةِ رِقَّةً / كَأَنَّ ثِمارَ القَلبِ مِن وَلَدي ثَمّا
وَكُنتُ عَلى نَهجٍ مِنَ الرَأيِ واضِحٍ / أَرى الناسَ صِنفَينِ الذِئابَ أَوِ البَهما
وَما الحُكمُ إِلّا أولي البَأسِ دَولَةً / وَلا العَدلُ إِلّا حائِطٌ يَعصِمُ الحُكما
نَزَلتُ رُبى الدُنيا وَجَنّاتِ عَدنِها / فَما وَجَدَت نَفسي لِأَنهارِها طَعما
أَريحُ أَريجَ المِسكِ في عَرَصاتِها / وَإِن لَم أُرِح مَروانَ فيها وَلا لَخما
إِذا ضَحِكَت زَهواً إِلَيَّ سَماوَها / بَكَيتُ النَدى في الأَرضِ وَالبَأسَ وَالحَزما
أُطيفُ بِرَسمٍ أَو أُلِمُّ بِدِمنَةٍ / أَخالُ القُصورَ الزُهرَ وَالغُرَفَ الشُمّا
فَما بَرَحَت مِن خاطِري مِصرُ ساعَةً / وَلا أَنتِ في ذي الدارِ زايَلتِ لي هَمّا
إِذا جَنَّني اللَيلُ اِهتَزَزتُ إِلَيكُما / فَجَنحا إِلى سُعدى وَجَنحا إِلى سَلمى
فَلَما بَدا لِلناسِ صُبحٌ مِنَ المُنى / وَأَبصَرَ فيهِ ذو البَصيرَةِ وَالأَعمى
وَقَرَّت سُيوفُ الهِندِ وَاِرتَكَزَ القَنا / وَأَقلَعَتِ البَلوى وَأَقشَعَتِ الغُمّى
وَحَنَّت نَواقيسٌ وَرَنَّت مَآذِنٌ / وَرَفَّت وُجوهُ الأَرضِ تَستَقبِلُ السُلمى
أَتى الدَهرُ مِن دونِ الهَناءِ وَلَم يَزَل / وَلوعاً بِبُنيانِ الرَجاءِ إِذا تَمّا
إِذا جالَ في الأَعيادِ حَلَّ نِظامَها / أَوِ العُرسِ أَبلى في مَعالِمِهِ هَدما
لَئِن فاتَ ما أَمَّلتِهِ مِن مَواكِبٍ / فَدونَكِ هَذا الحَشدَ وَالمَوكِبَ الضَخما
رَثَيتُ بِهِ ذاتَ التُقى وَنَظَمتُهُ / لِعُنصُرِهِ الأَزكى وَجَوهَرِهِ الأَسمى
نَمَتكِ مَناجيبُ العُلا وَنَمَيتِها / فَلَم تُلحَقي بِنتاً وَلَم تُسبَقي أُمّا
وَكُنتِ إِذا هَذي السَماءُ تَخايَلَت / تَواضَعتِ وَلَكِن بَعدَ ما فُتِّها نَجما
أَتَيتِ بِهِ لَم يَنظُمِ الشِعرَ مِثلَهُ / وَجِئتِ لِأَخلاقِ الكِرامِ بِهِ نَظما
وَلَو نَهَضَت عَنهُ السَماءُ وَمَخَّضَت / بِهِ الأَرضُ كانَ المُزنَ وَالتِبرَ وَالكَرما
لَكَ في الأَرضِ وَالسَماءِ مَآتِم
لَكَ في الأَرضِ وَالسَماءِ مَآتِم / قامَ فيها أَبو المَلائِكِ هاشِم
قَعدَ الآلُ لِلعَزاءِ وَقامَت / باكِياتٍ عَلى الحُسَينِ الفَواطِم
يا أَبا العِليَةِ البَهاليلِ سَل آ / باءَكَ الزُهرَ هَل مِنَ المَوتِ عاصِم
المَنايا نَوازِلُ الشَعَرِ الأَب / يَضِ جاراتُ كُلِّ أَسوَدَ فاحِم
ما اللَيالي إِلّا قِصارٌ وَلا الدُن / يا سِوى ما رَأَيتَ أَحلامَ نائِم
اِنحِسارُ الشِفاهِ عَن سِنِّ جَذلا / نَ وَراءَ الكَرى إِلى سِنِّ نادِم
سَنَةٌ أَفرَحَت وَأُخرى أَساءَت / لَم يَدُم في النَعيمِ وَالكَربِ حالِم
المَناحاتُ في مَمالِكِ أَبنا / ئِكَ بَدرِيَّةُ العَزاءِ قَوائِم
تِلكَ بَغدادُ في الدُموعِ وَعَمّا / نُ وَراءَ السَوادِ وَالشامُ واجِم
وَالحِجازُ النَبيلُ رَبعٌ مُصَلٍّ / مِن رُبوعِ الهُدى وَآخَرُ صائِم
وَاِشتَرَكنا فَمِصرُ عَبرى وَلُبنا / نُ سَكوبُ العُيونِ باكي الحَمائِم
قُم تَأَمَّل بَنيكَ في الشَرقِ زَينُ ال / تاجِ مِلءُ السَريرِ نورُ العَواصِم
الزَكِيّونَ عُنصُراً مِثلَ إِبرا / هيمَ وَالطَيِّبونَ مِثلَ القاسِم
وَعَلَيهِم إِذا العُيونُ رَمَتهُم / عُوَذٌ مِن مُحَمَّدٍ وَتَمائِم
قَد بَنى اللَهُ بَيتَهُم فَهوَ باقٍ / ما بَنى اللَهُ ما لَهُ مِن هادِم
دَبَّروا المُلكَ في العِراقِ وَفي الشا / مِ فَسَنّوا الهُدى وَرَدّوا المَظالِم
أَمِنَ الناسُ في ذَراهُم وَطابَت / عَرَبُ الأَرضِ تَحتَهُم وَالأَعاجِم
وَبَنوا دَولَةً وَراءَ فِلَسطي / نَ كَعابَ الهُدى فَتاةَ العَزائِم
ساسَها بِالأَناةِ أَروَعُ كَالدا / خِلِ ماضي الجِنانِ يَقظانُ حازِم
قُبرُصٌ كانَتِ الحَديدَ وَقَد تَن / زِلُ قُضبانَهُ اللُيوثُ الضَراغِم
كَرِهَ الدَهرُ أَن يَقومَ لِواءٌ / تُحشَرُ البيدُ تَحتَهُ وَالعَمائِم
قُم تَحَدَّث أَبا عَلِيٍّ إِلَينا / كَيفَ غامَرتَ في جِوارِ الأَراقِم
لَم تُبالِ النُيوبَ في الهامِ خُشناً / وَتَعَلَّقَت بِالحَواشي النَواعِم
هاتِ حَدِّث عَنِ العَوانِ وَصِفها / لا تُرَع في التُرابِ ما أَنا لائِم
كُلُّنا وارِدُ السَرابِ وَكُلٌّ / حَمَلٌ في وَليمَةِ الذِئبِ طاعِم
قَد رَجَونا مِنَ المَغانِمِ حَظّاً / وَوَرَدنا الوَغى فَكُنّا الغَنائِم
قَد بَعَثتَ القَضِيَّةَ اليَومَ مَيتاً / رُبَّ عَظمٍ أَتى الأُمورَ العَظائِم
أَنتَ كَالحَقِّ أَلَّفَ الناسَ يَقظا / نَ وَزادَ اِئتِلافَهُم وَهوَ نائِم
إِنَّما الهِمَّةُ البَعيدَةُ غَرسٌ / مُتَأَنّي الجَنى بَطيءُ الكَمائِم
رُبَّما غابَ عَن يَدٍ غَرَسَتهُ / وَحَوَتهُ عَلى المَدى يَدُ قادِم
حَبَّذا مَوقِفٌ غُلِبتَ عَلَيهِ / لَم يَقِفهُ لِلعُربِ قَبلَكَ خادِم
ذائِداً عَن مَمالِكٍ وَشُعوبٍ / نُقِلَت في الأكُفِّ نَقلَ الدَراهِم
كُلُّ ماءٍ لَهُم وَكُلُّ سَماءٍ / مَوطِئُ الخَيلِ أَو مَطارُ القَشاعِم
لِمَ لَم تَدعُهُم إِلى الهِمَّةِ الشَم / ماءِ وَالعِلمِ وَالطِماحِ المُزاحِم
وَرُكوبِ اللِجاجِ وَهيَ طَواغٍ / وَالسَمَواتِ وَهيَ هوجُ الشَكائِم
وَإِلى القُطبِ وَالجَليدُ عَلَيهِ / وَالصَحاري وَما بِها مِن حَمائِم
اِغسُلوهُ بِطَيِّبٍ مِن وَضوءِ ال / رُسلِ كَالوَردِ في رُباهُ البَواسِم
وَخُذوا مِن وِسادِهِم في المُصَلّى / رُقعَةً كَفِّنوا بِها فَرعَ هاشِم
وَاِستَعيروا لِنَعشِهِ مِن ذُرى المِن / بَرِ عوداً وَمِن شَريفِ القَوائِم
وَاِحمُلوهُ عَلى البُراقِ إِنِ اِسطَع / تُم فَقَد جَلَّ عَن ظُهورِ الرَواسِم
وَأَديروا إِلى العَتيقِ حُسَيناً / يَبتَهِل رُكنُهُ وَتَدعو الدَعائِم
وَاِذكُروا لِلأَميرِ مَكَّةَ وَالقَص / رَ وَعَهدَ الصَفا وَطيبَ المَواسِم
ظَمِئَ الحُرُّ لِلدِيارِ وَإِن كا / نَ عَلى مَنهَلٍ مِنَ الخُلدِ دائِم
نَقِّلوا النَعشَ ساعَةً في رُبا الفَت / حِ وَطوفوا بِرَبِّهِ في المَعالِم
وَقِفوا ساعَةً بِهِ في ثَرى الأَق / مارِ مِن قَومِهِ وَتُربَ الغَمائِم
وَاِدفُنوهُ في القُدسِ بَينَ سُلَيما / نَ وَداوُدَ وَالمُلوكِ الأَكارِم
إِنَّما القُدسُ مَنزِلُ الوَحيِ مَغنى / كُلِّ حَبرٍ مِنَ الأَوائِلِ عالِم
كُنِّفَت بِالغُيوبِ فَالأَرضُ أَسرا / رٌ مَدى الدَهرِ وَالسَماءُ طَلاسِم
وَتَحَلَّت مِنَ البُراقِ بِطُغَرا / ءَ وَمِن حافِرِ البُراقِ بِخاتِم
تاجَ البِلادِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ
تاجَ البِلادِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ / رَدَّتكَ مِصرُ وَصَحَّتِ الأَحلامُ
العِلمُ وَالمُلكُ الرَفيعُ كِلاهُما / لَكَ يا فُؤادُ جَلالَةٌ وَمَقامُ
فَكَأَنَّكَ المَأمونُ في سُلطانِهِ / في ظِلِّكَ الأَعلامُ وَالأَقلامُ
أَهدى إِلَيكَ الغَربُ مِن أَلقابِهِ / في العِلمِ ما تَسمو لَهُ الأَعلامُ
مِن كُلِّ مَملَكَةٍ وَكُلِّ جَماعَةٍ / يَسعى لَكَ التَقديرُ وَالإِعظامُ
ما هَذِهِ الغُرَفُ الزَواهِرُ كَالضُحى / الشامِخاتُ كَأَنَّها الأَعلامُ
مِن كُلِّ مَرفوعِ العَمودِ مُنَوِّرٍ / كَالصُبحِ مُنصَدِعٌ بِهِ الإِظلامُ
تَتَحَطَّمُ الأُمِّيَةُ الكُبرى عَلى / عَرَصاتِهِ وَتُمَزَّقُ الأَوهامُ
هَذا البِناءُ الفاطِمِيُّ مَنارَةٌ / وَقَواعِدٌ لِحَضارَةٍ وَدِعامُ
مَهدٌ تَهَيَّأَ لِلوَليدِ وَأَيكَةٌ / سَيَرِنُّ فيها بُلبُلٌ وَحَمامُ
شُرُفاتُهُ نورُ السَبيلِ وَرُكنُهُ / لِلعَبقَرِيَّةِ مَنزِلٌ وَمُقامُ
وَمَلاعِبٌ تُجري الحُظوظُ مَعَ الصِبا / في ظِلِّهِنَّ وَتوهَبُ الأَقسامُ
يَمشي بِها الفِتيانُ هَذا مالَهُ / نَفسٌ تُسَوِّدُهُ وَذاكَ عِصامُ
أَلقى أَواسيهِ وَطالَ بِرُكنِهِ / نَفسٌ مِنَ الصَيدِ المُلوكِ كِرامُ
مِن آلِ إِسماعيلَ لا العَمّاتُ قَد / قَصَّرنَ عَن كَرَمٍ وَلا الأَعمامُ
لَم يُعطَ هِمَّتَهُم وَلا إِحسانَهُم / بانٍ عَلى وادي المُلوكِ هُمامُ
وَبَنى فُؤادُ حائِطَيهِ يُعينُهُ / شَعبٌ عَنِ الغاياتِ لَيسَ يَنامُ
اُنظُر أَبا الفاروقِ غَرسَكَ هَلَ دَنَت / ثَمَراتُهُ وَبَدَت لَهُ أَعلامُ
وَهَل اِنثَنى الوادي وَفي فَمِهِ الجَنى / وَأَتى العِراقُ مُشاطِراً وَالشامُ
في كُلِّ عاصِمَةٍ وَكُلِّ مَدينَةٍ / شُبّانُ مِصرَ عَلى المَناهِلِ حاموا
كَم نَستَعيرُ الآخَرينَ وَنَجتَدي / هَيهاتَ ما لِلعارِياتِ دَوامُ
اليَومَ يَرعى في خَمائِلِ أَرضِهِم / نَشءٌ إِلى داعي الرَحيلِ قِيامُ
حُبٌّ غَرَستَ بِراحَتَيكَ وَلَم يَزَل / يَسقيهِ مِن كِلتا يَدَيكَ غَمامُ
حَتّى أَنافَ عَلى قَوائِمِ سوقِهِ / ثَمَراً تَنوءُ وَراءَهُ الأَكمامُ
فَقَريبُهُ لِلحاضِرينَ وَليمَةٌ / وَبَعيدُهُ لِلغابِرينَ طَعامُ
عِظَةٌ لِفاروقٍ وَصالِحِ جيلِهِ / فيما يُنيلُ الصَبرُ وَالإِقدامُ
وَنَموذَجٌ تَحذو عَلَيهِ وَلَم يَزَل / بِسَراتِهِم يَتَشَبَّهُ الأَقوامُ
شَيَّدتَ صَرحاً لِلذَخائِرِ عالِياً / يَأوي الجَمالُ إِلَيهِ وَالإِلهامُ
رَفٌّ عُيونُ الكُتبِ فيهِ طَوائِفٌ / وَجَلائِلُ الأَسفارِ فيهِ رُكامُ
إِسكَندَرِيَّةُ عادَ كَنزُكِ سالِماً / حَتّى كَأَن لَم يَلتَهِمهُ ضِرامُ
لَمَّتهُ مِن لَهَبِ الحَريقِ أَنامِلٌ / بَردٌ عَلى ما لامَسَت وَسَلامُ
وَآسَت جِراحَتَكَ القَديمَةُ راحَةٌ / جُرحُ الزَمانِ بِعُرفِها يَلتامُ
تَهَبُ الطَريفَ مِنَ الفَخارِ وَرُبَّما / بَعَثَت تَليدَ المَجدِ وَهوَ رِمامُ
أَرَأَيتَ رُكنَ العِلمِ كَيفَ يُقامُ / أَرَأَيتَ الاِستِقلالَ كَيفَ يُرامُ
العِلمُ في سُبُلِ الحَضارَةِ وَالعُلا / حادٍ لِكُلِّ جَماعَةٍ وَزِمامُ
باني المَمالِكِ حينَ تَنشُدُ بانِياً / وَمَثابَةُ الأَوطانِ حينَ تُضامُ
قامَت رُبوعُ العِلمِ في الوادي فَهَل / لِلعَبقَرِيَّةِ وَالنُبوغِ قِيامُ
فَهُما الحَياةُ وَكُلُّ دورِ ثَقافَةٍ / أَو دورِ تَعليمٍ هِيَ الأَجسامُ
ما العِلمُ ما لَم يَصنَعاهُ حَقيقَةً / لِلطالِبينَ وَلا البَيانُ كَلامُ
يا مِهرَجانَ العِلمِ حَولَكَ فَرحَةٌ / وَعَلَيكَ مِن آمالِ مِصرَ زِحامُ
ما أَشبَهَتكَ مَواسِمُ الوادي وَلا / أَعيادُهُ في الدَهرِ وَهيَ عِظامُ
إِلّا نَهاراً في بَشاشَةِ صُبحِهِ / قَعَدَ البُناةُ وَقامَتِ الأَهرامُ
وَأَطالَ خوفو في مَواكِبِ عِزِّهِ / فَاِهتَزَّتِ الرَبَواتُ وَالآكامُ
يومي بِتاجٍ في الحَضارَةِ مُعرِقٍ / تَعنو الجِباهُ لِعِزِّهِ وَالهامُ
تاجٌ تَنَقَّلَ في العُصورِ مُعَظَّماً / وَتَأَلَّفَت دُوَلٌ عَلَيهِ جِسامُ
لَمّا اِضطَلَعتَ بِهِ مَشى فيهِ الهُدى / وَمَراشِدُ الدُستورِ وَالإِسلامُ
سَبَقَت مَواكِبُكَ الرَبيعَ وَحُسنَهُ / فَالنيلُ زَهوٌ وَالضِفافُ وِسامُ
الجيزَةُ الفَيحاءُ هَزَّت مَنكِباً / سُبِغَ النَوالُ عَلَيهِ وَالإِنعامُ
لَبِسَت زَخارِفَها وَمَسَّت طيبَها / وَتَرَدَّدَت في أَيكِها الأَنغامُ
قَد زِدتَها هَرَماً يُحَجُّ فِناؤُهُ / وَيُشَدُّ لِلدُنيا إِلَيهِ حِزامُ
تَقِفُ القُرونُ غَداً عَلى دَرَجاتِهِ / تُملي الثَناءَ وَتَكتُبُ الأَيّامُ
أَعوامُ جُهدٍ في الشَبابِ وَراءَها / مِن جُهدِ خَيرِ كُهولَةٍ أَعوامُ
بَلَغَ البِناءُ عَلى يَدَيكَ تَمامُهُ / وَلِكُلِّ ما تَبني يَداكَ تَمامُ
نَبَذَ الهَوى وَصَحا مِنَ الأَحلامِ
نَبَذَ الهَوى وَصَحا مِنَ الأَحلامِ / شَرقٌ تَنَبَّهَ بَعدَ طولِ مَنامِ
ثابَت سَلامَتُهُ وَأَقبَلَ صَحوُهُ / إِلا بَقايا فَترَةٍ وَسَقامِ
صاحَت بِهِ الآجامُ هُنتَ فَلَم يَنَم / أَعَلى الهَوانِ يُنامُ في الآجامِ
أُمَمٌ وَراءَ الكَهفِ جُهدُ حَياتِهِم / حَرَكاتُ عَيشٍ في سُكونِ حِمامِ
نَفَضوا العُيونَ مِنَ الكَرى وَاِستَأنَفوا / سَفَرَ الحَياةِ وَرِحلَةَ الأَيّامِ
مَن لَيسَ في رَكبِ الزَمانِ مُغَبِّراً / فَاِعدُدهُ بَينَ غَوابِرِ الأَقوامِ
في كُلِّ حاضِرَةٍ وَكُلِّ قَبيلَةٍ / هِمَمٌ ذَهَبنَ يَرُمنَ كُلَّ مَرامِ
مِن كُلِّ مُمتَنِعٍ عَلى أَرسانِهِ / أَو جامِحٍ يَعدو بِنِصفِ لِجامِ
يا مِصرُ أَنتِ كِنانَةُ اللَهِ الَّتي / لا تُستَباحُ وَلِلكِنانَةِ حامِ
اِستَقبِلي الآمالَ في غاياتِها / وَتَأَمَّلي الدُنيا بِطَرفٍ سامِ
وَخُذي طَريفَ المَجدِ بَعدَ تَليدِهِ / مِن راحَتَي مَلِكٍ أَغَرَّ هُمامِ
يُعنى بِسُؤدُدِ قَومِهِ وَحُقوقِهِم / وَيَذودُ حياضَهُم وَيُحامي
ما تاجُكِ العالي وَلا نُوّابُهُ / بِالحانِثينَ إِلَيكِ في الإِقسامِ
جَرَّبتِ نُعمى الحادِثاتِ وَبُؤسَها / أَعَلِمتِ حالاً آذَنَت بِدَوامِ
عَبَسَت إِلَينا الحادِثاتُ وَطالَما / نَزَلَت فَلَم تُغلَب عَلى الأَحلامِ
وَثَبَت بِقَومٍ يَضمِدونَ جِراحَهُم / وَيُرَقِّدونَ نَوازِيَ الآلامِ
الحَقُّ كُلُّ سِلاحِهِم وَكِفاحِهِم / وَالحَقُّ نِعمَ مُثَبِّتُ الأَقدامِ
يَبنونَ حائِطَ مُلكِهِم في هُدنَةٍ / وَعَلى عَواقِبِ شِحنَةٍ وَخِصامِ
قُل لِلحَوادِثِ أَقدِمي أَو أَحجِمي / إِنّا بَنو الإِقدامِ وَالإِحجامِ
نَحنُ النِيامُ إِذا اللَيالي سالَمَت / فَإِذا وَثَبنَ فَنَحنُ غَيرُ نِيامِ
فينا مِنَ الصَبرِ الجَميلِ بَقِيَّةٌ / لِحَوادِثٍ خَلفَ العُيوبِ جِسامِ
أَينَ الوُفودُ المُلتَقونَ عَلى القِرى / المُنزَلونَ مَنازِلَ الأَكرامِ
الوارِثونَ القُدسَ عَن أَحبارِهِ / وَالخالِفونَ أُمَيَّةً في الشامِ
الحامِلو الفُصحى وَنورِ بَيانِها / يَبنونَ فيهِ حَضارَةَ الإِسلامِ
وَيُؤَلِّفونَ الشَرقَ في بُرهانِها / لَمَّ الضِياءُ حَواشِيَ الإِظلامِ
تاقوا إِلى أَوطانِهِم فَتَحَمَّلوا / وَهَوى الدِيارِ وَراءَ كُلِّ غَرامِ
ما ضَرَّ لَو حَبَسوا الرَكائِبَ ساعَةً / وَثَنوا إِلى الفُسطاطِ فَضلَ زِمامِ
لِيُضيفَ شاهِدُهُم إِلى أَيّامِهِ / يَوماً أَغَرَّ مُلَمَّحَ الأَعلامِ
وَيَرى وَيَسمَعُ كَيفَ عادَ حَقيقَةً / ما كانَ مُمتَنِعاً عَلى الأَوهامِ
مِن هِمَّةِ المَحكومِ وَهوَ مُكَبَّلٌ / بِالقَيدِ لا مِن هِمَّةِ الحُكّامِ
مِصرُ اِلتَقَت في مِهرَجانِ مُحَمَّدٍ / وَتَجَمَّعَت لِتَحِيَّةٍ وَسَلامِ
هَزَّت مَناكِبَها لَهُ فَكَأَنَّهُ / عُرسُ البَيانِ وَمَوكِبُ الأَقلامِ
وَكَأَنَّهُ في الفَتحِ عَمّورِيَّةٌ / وَكَأَنَّني فيهِ أَبو تَمّامِ
أَسِمُ العُصورَ بِحُسنِهِ وأَنا الَّذي / يَروي فَيَنتَظِمُ العُصورَ كَلامي
شَرَفاً مُحَمَّدُ هَكَذا تُبنى العُلا / بِالصَبرِ آوِنَةً وَبِالإِقدامِ
هِمَمُ الرِجالِ إِذا مَضَتَ لَم يَثنِها / خِدَعُ الثَناءِ وَلا عَوادي الذامِ
وَتَمامُ فَضلِكَ أَن يَعيبَكَ حُسَّدٌ / يَجِدونَ نَقصاً عِندَ كُلِّ تَمامِ
المالُ في الدُنيا مَنازِلُ نُقلَةٍ / مِن أَينَ جِئتَ لَهُ بِدارِ مُقامِ
فَرَفَعتَ إيواناً كَرُكنِ النَجمِ لَم / يُضرَب عَلى كِسرى وَلا بَهرامِ
صَيَّرتَ طينَتَهُ الخُلودَ وَجِئتَ مِن / وادي المُلوكِ بِجَندَلٍ وَرَغامِ
هَذا البِناءُ العَبقَرِيُّ أَتى بِهِ / بَيتٌ لَهُ فَضلٌ وَحَقُّ ذِمامِ
كانَت بِهِ الأَرقامُ تُدرَكُ حِسبَةً / وَاليَومَ جاوَزَ حِسبَةَ الأَرقامِ
يا طالَما شَغَفَ الظُنونَ وَطالَما / كَثُرَ الرَجاءُ عَلَيهِ في الإِلمامِ
ما زِلتَ أَنتَ وَصاحِباكَ بِرُكنِهِ / حَتّى اِستَقامَ عَلى أَعَزِّ دِعامِ
أَسَّستُمو بِالحاسِدينَ جِدارَهُ / وَبَنَيتُمو بِمَعاوِلِ الهَدّامِ
شَرِكاتُكَ الدُنيا العَريضَةُ لَم تُنَل / إِلّا بِطولِ رِعايَةٍ وَقِيامِ
اللَهُ سَخَّرَ لِلكِنانَةِ خازِناً / أَخَذَ الأَمانَ لَها مِنَ الأَعوامِ
وَكَأَنَّ عَهدَكَ عَهدَ يوسُفَ كُلُّهُ / ظِلٌّ وَسُنبُلَةٌ وَقَطرُ غَمامِ
وَكَأَنَّ مالَ المودِعينَ وَزَرعَهُم / في راحَتَيكَ وَدائِعُ الأَيتامِ
ما زِلتَ تَبني رُكنَ كُلِّ عَظيمَةٍ / حَتّى أَتَيتَ بِرابِعِ الأَهرامِ
مَعالي العَهدِ قُمتَ بِها فَطيما
مَعالي العَهدِ قُمتَ بِها فَطيما / وَكانَ إِلَيكَ مَرجِعُها قَديما
تَنَقَّل مِن يَدٍ لِيَدٍ كَريماً / كَروحِ اللَهِ إِذ خَلَفَ الكَليما
تَنحّى لِاِبنِ مَريَمَ حينَ جاءَ / وَخَلّى النَجمُ لِلقَمَرِ الفَضاءَ
ضِياءٌ لِلعُيونِ تَلا ضِياءً / يَفيضُ مَيامِناً وَهُدىً عَميما
كَذا أَنتُم بَني البَيتِ الكَريمِ / وَهَل مُتَجَزِّئٌ ضَوءُ النُجومِ
وَأَينَ الشُهبُ مِن شَرَفٍ صَميمِ / تَأَلَّقَ عِقدُهُ بِكُمو نَظيما
أَرى مُستَقبَلاً يَبدو عُجابا / وَعُنواناً يُكِنُّ لَنا كِتابا
وَكانَ مُحَمَّدٌ أَمَلاً شِهابا / وَكانَ اليَأسُ شَيطاناً رَجيما
وَأَشرَقَتِ الهَياكِلُ وَالمَباني / كَما كانَت وَأَزيَنَ في الزَمانِ
وَأَصبَحَ ما تُكِنُّ مِنَ المَعاني / عَلى الآفاقِ مَسطوراً رَقيما
سَأَلتُ فَقيلَ لي وَضَعَتهُ طِفلاً / وَهَذا عيدُهُ في مِصرَ يُجلى
فَقُلتُ كَذَلِكُم آنَستُ قَبلا / وَكانَ اللَهُ بِالنَجوى عَليما
بِمُنتَزَهِ الإِمارَةِ هَلَّ فَجرا / هِلالاً في مَنازِلِهِ أَغَرّا
فَباتَت مِصرُ حَولَ المَهدِ ثَغرا / وَباتَ الثَغرُ لِلدُنيا نَديما
لِجيلِكَ في غَدٍ جيلِ المَعالي / وَشَعبِ المَجدِ وَالهِمَمِ العَوالي
أَزُفُ نَوابِغَ الكَلِمِ الغَوالي / وَأَهدي حِكمَتي الشَعبَ الحَكيما
إِذا أَقبَلتَ يا زَمَن البَنينا / وَشَبّوا فيكَ وَاِجتازوا السِنينا
فَدُر مِن بَعدِنا لَهُمو يَمينا / وَكُن لِوُرودِكَ الماءَ الحَميما
وَيا جيلَ الأَميرِ إِذا نَشَأنا / وَشاءَ الجَدُّ أَن تُعطى وَشِئتا
فَخُذ سُبُلاً إِلى العَلياءِ شَتّى / وَخَلِّ دَليلَكَ الدينَ القَويما
وَضِنَّ بِهِ فَإِنَّ الخَيرَ فيهِ / وَخُذهُ مِنَ الكِتابِ وَما يَليهِ
وَلا تَأخُذهُ مِن شَفَتَي فَقيهِ / وَلا تَهجُر مَعَ الدينِ العُلوما
وَثِق بِالنَفسِ في كُلِّ الشُؤونِ / وَكُن مِمّا اِعتَقدتَ عَلى يَقينِ
كَأَنَّكَ مِن ضَميرِكَ عِندَ دينٍ / فَمِن شَرَفِ المَبادِئِ أَن تُقيما
وَإِن تَرُمِ المَظاهِرَ في الحَياةِ / فَرُمها بِاِجتِهادِكَ وَالثَباتِ
وَخُذها بِالمَساعي باهِراتِ / تُنافِسُ في جَلالَتِها النُجوما
وَإِن تَخرُج لِحَربٍ أَو سَلامِ / فَأَقدِم قَبلَ إِقدامِ الأَنامِ
وَكُن كَاللَيثِ يَأتي مِن أَمامِ / فَيَملَأُ كُلَّ ناطِقَةٍ وُجوما
وَكُن شَعبَ الخَصائِصِ وَالمَزايا / وَلا تَكُ ضائِعاً بَينَ البَرايا
وَكُن كَالنَحلِ وَالدُنيا الخَلايا / يَمُرُّ بِها وَلا يَمضي عَقيما
وَلا تَطمَح إِلى طَلَبِ المُحالِ / وَلا تَقنَع إِلى هَجرِ المَعالي
فَإِن أَبطَأنَ فَاِصبِر غَيرَ سالِ / كَصَبرِ الأَنبِياءِ لَها قَديما
وَلا تَقبَل لِغَيرِ اللَهِ حُكماً / وَلا تَحمِل لِغَيرِ الدَهرِ ظُلما
وَلا تَرضَ القَليلَ الدونَ قِسما / إِذا لَم تَقدِرِ الأَمرَ المَروما
وَلا تَيأَس وَلا تَكُ بِالضَجورِ / وَلا تَثِقَنَّ مِن مَجرى الأُمورِ
فَلَيسَ مَعَ الحَوادِثِ مِن قَديرِ / وَلا أَحَدٌ بِما تَأتي عَليما
وَفي الجُهّالِ لا تَضَعِ الرَجاءَ / كَوَضعِ الشَمسِ في الوَحَلِ الضِياءَ
يَضيعُ شُعاعُها فيهِ هَباءَ / وَكانَ الجَهلُ مَمقوتاً ذَميما
وَبالِغ في التَدَبُّرِ وَالتَحَرّي / وَلا تَعجَل وَثِق مِن كُلِّ أَمرِ
وَكُن كَالأُسدِ عِندَ الماءِ تَجري / وَلَيسَت وُرَّداً حَتّى تَحوما
وَما الدُنيا بِمَثوىً لِلعِبادِ / فَكُن ضَيفَ الرِعايَةِ وَالوِدادِ
وَلا تَستَكثِرَنَّ مِنَ الأَعادي / فَشَرُّ الناسِ أَكثَرُهُم خُصوما
وَلا تَجعَل تَوَدُّدُكَ اِبتِذالاً / وَلا تَسمَح بِحِلمِكَ أَن يُذالا
وَكُن ما بَينَ ذاكَ وَذاكَ حالا / فَلَن تُرضي العَدُوَّ وَلا الحَميما
وَصَلِّ صَلاةَ مَن يَرجو وَيَخشى / وَقَبلَ الصَومِ صُم عَن كُلِّ فَحشا
وَلا تَحسَب بِأَنَّ اللَهَ يُرشى / وَأَنَّ مُزَكّياً أَمِنَ الجَحيما
لِكُلِّ جَنىً زَكاةً في الحَياةِ / وَمَعنى البِرِّ في لَفظِ الزَكاةِ
وَما لِلَّهُ فينا مِن جُباةِ / وَلا هُوَ لِاِمرِئٍ زَكّى غَريما
فَإِن تَكُ عالِماً فَاِعمَل وَفَطِّن / وَإِن تَكُ حاكِماً فَاِعدِل وَأَحسِن
وَإِن تَكُ صانِعاً شَيئاً فَأَتقِن / وَكُن لِلفَرضِ بَعدَئِذٍ مُقيما
وَصُن لُغَةً يَحُقُّ لَها الصِيانُ / فَخَيرُ مَظاهِرِ الأُمِّ البَيانُ
وَكانَ الشَعبُ لَيسَ لَهُ لِسانُ / غَريباً في مَواطِنِهِ مَضيما
أَلَم تَرَها تُنالُ بِكُلِّ ضَيرٍ / وَكانَ الخَيرُ إِذ كانَت بِخَيرِ
أَيَنطِقُ في المَشارِقِ كُلُّ طَيرِ / وَيَبقى أَهلُها رَخَماً وَبوما
فَعَلِّمها صَغيرَكَ قَبلَ كُلِّ / وَدَع دَعوى تَمَدُّنِهِم وَخَلِّ
فَما بِالعِيِّ في الدُنيا التَحَلّي / وَلا خَرَسُ الفَتى فَضلاً عَظيما
وَخُذ لُغَةَ المُعاصِرِ فَهيَ دُنيا / وَلا تَجعَل لِسانَ الأَصلِ نَسيا
كَما نَقَلَ الغُرابُ فَضَلَّ مَشياً / وَما بَلَغَ الجَديدَ وَلا القَديما
لِجيلِكَ يَومَ نَشأَتِهِ مَقالي / فَأَمّا أَنتَ يا نَجلَ المَعالي
فَتَنظُرُ مِن أَبيكَ إِلى مِثالٍ / يُحَيِّرُ في الكَمالاتِ الفُهوما
نَصائِحُ ما أَرَدتُ بِها لِأَهدي / وَلا أَبغي بِها جَدواكَ بَعدي
وَلَكِنّي أُحِبُّ النَفعَ جَهدي / وَكانَ النَفعُ في الدُنيا لُزوما
فَإِن أُقرِئتَ يا مَولايَ شِعري / فَإِنَّ أَباكَ يَعرِفُهُ وَيَدري
وَجَدُّكَ كانَ شَأوي حينَ أَجري / فَأَصرَعُ في سَوابِقِها تَميما
بَنونا أَنتَ صُبحُهُمُ الأَجَلُّ / وَعَهدُكَ عِصمَةٌ لَهُمو وَظِلُّ
فَلِم لا نَرتَجيكَ لَهُم وَكُلٌّ / يَعيشُ بِأَن تَعيشَ وَأَن تَدوما
عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما
عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما / وَيَندُبُهُم وَلَو كانوا عِظاما
وَأَكرَمُ مِن غَمامٍ عِندَ مَحلٍ / فَتىً يُحيِ بِمِدحَتِهِ الكِراما
وَما عُذرُ المُقَصِّرِ عَن جَزاءٍ / وَما يَجزيهُمو إِلى كَلاما
فَهَل مِن مُبلِغٍ غَليومَ عَنّي / مَقالاً مُرضِياً ذاكَ المَقاما
رَعاكَ اللَهُ مِن مَلِكٍ هُمامٍ / تَعَهَّدَ في الثَرى مَلِكاً هُماما
أَرى النِسيانَ أَظمَأَهُ فَلَمّا / وَقَفتَ بِقَبرِهِ كُنتَ الغَماما
تُقَرِّبُ عَهدَهُ لِلناسِ حَتّى / تَرَكتَ الجَيل في التاريخِ عاما
أَتَدري أَيَّ سُلطانٍ تُحَيّي / وَأَيَّ مُمَلَّكٍ تُهدي السَلاما
دَعَوتَ أَجَلَّ أَهلِ الأَرضِ حَرباً / وَأَشرَفَهُم إِذا سَكَنوا سَلاما
وَقَفتَ بِهِ تُذَكِّرُهُ مُلوكاً / تَعَوَّدَ أَن يُلاقوهُ قِياما
وَكَم جَمَعَتهُمو حَربٌ فَكانوا / حَدائِدَها وَكانَ هُوَ الحُساما
كلام للبرية داميات / وَأَنتَ اليَومَ مَن ضَمَدَ الكلاما
فَلَمّا قُلتَ ما قَد قُلتَ عَنهُ / وَأَسمَعتَ المَمالِكَ وَالأَناما
تَساءَلَتِ البَرِيَّةُ وَهيَ كَلمى / أَحُبّاً كانَ ذاكَ أَمِ اِنتِقاما
وَأَنتَ أَجَلُّ أَن تُزري بِمَيتٍ / وَأَنتَ أَبَرُّ أَن تُؤذي عِظاما
فَلَو كانَ الدَوامُ نَصيبَ مَلكٍ / لَنالَ بِحَدِّ صارِمِهِ الدَواما
بِأَرضِ الجيزَةِ اِجتازَ الغَمامُ
بِأَرضِ الجيزَةِ اِجتازَ الغَمامُ / وَحَلَّ سَماءَها البَدرُ التَمامُ
وَزارَ رِياضَ إِسماعيلَ غَيثٌ / كَوالِدِهِ لَهُ المِنَنُ الجِسامُ
ثَنى عِطفَيهِما الهَرَمانِ تيهاً / وَقالَ الثالِثُ الأَدنى سَلامُ
حَلُمّي مَنفُ هَذا تاجُ خوفو / كَقُرصِ الشَمسِ يَعرِفُهُ الأَنامُ
نَمَتهُ مِن بَني فِرعَونَ هامٌ / وَمِن خُلَفاءِ إِسماعيلَ هامُ
تَأَلَّقَ في سَمائِكِ عَبقَرِيّاً / عَلَيهِ جَلالَةٌ وَلَهُ وِسامُ
تَرَعرَعَتِ الحَضارَةُ في حُلاهُ / وَشَبَّ عَلى جَواهِرِهِ النِظامُ
وَنالَ الفَنُّ في أُولى اللَيالي / وَأُخراهُنَّ عِزّاً لا يُرامُ
مَشى في جيزَةِ الفُسطاطِ ظِلٌّ / كَظِلِّ النيلِ بُلَّ بِهِ الأُوامُ
إِذا ما مَسَّ تُرباً عادَ مِسكاً / وَنافَسَ تَحتَهُ الذَهَبَ الرَغامُ
وَإِن هُوَ حَلَّ أَرضاً قامَ فيها / جِدارٌ لِلحَضارَةِ أَو دِعامُ
فَمَدرَسَةٌ لِحَربِ الجَهلِ تُبنى / وَمُستَشفى يُذادُ بِهِ السَقامُ
وَدارٌ يُستَغاثُ بِها فَيَمضي / إِلى الإِسعافِ أَنجادٌ كِرامُ
أُساةُ جِراحَةٍ حيناً وَحيناً / مَيازيبٌ إِذا اِنفَجَرَ الضِرامُ
وَأَحواضٌ يُراضُ النيلُ فيها / وَكُلُّ نَجيبَةٍ وَلَها لِجامُ
فَقَوِّ حَضارَةَ الماضي بِأُخرى / لَها زَهوٌ بِعَصرِكَ وَاِتِّسامُ
تَرفُّ صَحائِفُ البَردِيِّ فيها / وَيَنطُقُ في هَياكِلِها الرُخامُ
رَعَتكَ وَوادِياً تَرعاهُ عَنّا / مِنَ الرَحمَنِ عَينٌ لا تَنامُ
فَإِن يَكُ تاجُ مِصرَ لَها قِواماً / فَمِصرُ لِتاجِها العالي قِوامُ
لِتَهنَأ مِصرُ وَليَهنَأ بَنوها / فَبَينَ الرَأسِ وَالجِسمِ اِلتِئامُ
لُبنانُ مَجدُكَ في المَشارِقِ أَوَّلُ
لُبنانُ مَجدُكَ في المَشارِقِ أَوَّلُ / وَالأَرضُ رابِيَة وَأَنتَ سَنامُ
وَبَنوكَ أَلطَفُ مِن نَسيمِكَ ظلُّهُم / وَأَشَمُّ مِن هَضَباتِكَ الأَحلامُ
أَخرَجتَهُم لِلعالَمينَ جَحاجِحاً / عُرباً وَأَبناءُ الكَريمِ كِرامُ
بَينَ الرِياضِ وَبَينَ أُفقٍ زاهِرٍ / طَلَعَ المَسيحُ عَلَيهِ وَالإِسلامُ
هَذا أَديبُكَ يُحتَفى بِوِسامِهِ / وَبَيانُهُ لِلمَشرِقَينِ وِسامُ
وَيُجَلُّ قَدرُ قِلادَةٍ في صَدرِهِ / وَلَهُ القَلائِدُ سِمطُها الإِلهامُ
صَدرٌ حَوالَيهِ الجَلالُ وَمِلؤُهُ / كَرَمٌ وَخَشيَةُ مومِنٍ وَذِمامُ
حَلّاهُ إِحسانُ الخِديوِ وَطالَما / حَلّاهُ فَضلُ اللَهِ وَالإِنعامُ
لِعُلاكَ يا مُطرانُ أَم لِنُهاكَ أَم / لِخِلالِكَ التَشريفُ وَالإِكرامُ
أَم لِلمَواقِفِ لَم يَقِفها ضَيغَمٌ / لَولاكَ لَاِضطَرَبَت لَهُ الأَهرامُ
هَذا مَقامُ القَولِ فيكَ وَلَم يَزَل / لَكَ في الضَمائِرِ مَحفِلٌ وَمَقامُ
غالى بِقيمَتِكَ الأَميرُ مُحَمَّدٌ / وَسَعى إِلَيكَ يَحُفُّهُ الإِعظامُ
في مَجمَعٍ هَزَّ البَيانُ لِواءَهُ / بِكَ فيهِ وَاِعتَزَّت بِكَ الأَقلامُ
اِبنُ المُلوكِ تَلا الثَناءَ مُخَلَّداً / هَيهاتَ يَذهَبُ لِلمُلوكِ كَلامُ
فَمِنَ البشير لِبَعلَبَكَّ وَبَينَها / نَسَبٌ تُضيءُ بِنورِهِ الأَيّامُ
يَبلى المَكينُ الفَخمُ مِن آثارِها / يَوماً وَآثارُ الخَليلِ قِيامُ
أَقسَمتُ لَو أَمَرَ الزَمانُ سَماءَهُ
أَقسَمتُ لَو أَمَرَ الزَمانُ سَماءَهُ / فَسَعَت لِصَدرِكَ شَمسُها وَنُجومُها
ليُنيلَ قَدرَكَ في المَعالي حَقَّهُ / شَكَتِ المَعالي أَنَّهُ مَظلومُها
ذي هِمَّةٌ دونها في شَأوِها الهِمَمُ
ذي هِمَّةٌ دونها في شَأوِها الهِمَمُ / لَم تَتَّخِذ لا وَلَم تَكذِب لَها نعَمُ
بَلَّغتَني أَمَلاً ما كُنتُ بالِغَهُ / لَولا وَفاؤُكَ يا مَظلومُ وَالكَرَمُ
وِدادُكَ العِزُّ وَالنعَمى لِخاطِبِهِ / وَوُدُّ غَيرِكَ ضِحكُ السِنِّ وَالكَلمُ
أَكُلَّما قَعَدَت بي عَنكَ مَعذِرَةٌ / مَشَت إِلَيَّ الأَيادي مِنكَ وَالنِعَمُ
تُجِلُّ في قَلَمِ الأَوطانِ حامِلَهُ / فَكَيفَ يَصبِرُ عَن إِجلالِكَ القَلَمُ
قالوا تَمايَزَ حَمزَةُ
قالوا تَمايَزَ حَمزَةُ / قُلتُ التَمايُزُ مِن قَديمِ
لَو لَم يَميزوهُ بِها / لَاِمتازَ بِالخُلُقِ العَظيمِ
رُتَبٌ كَرائِمُ في العُلا / وُجِّهنَ مِنكَ إِلى كَريمِ
فَاِهنَأ أَخي بِوُفودِها / وَتَلَقَّ تَهنِئَةَ الحَميمِ
وَاِرقَ المَنازِلَ كُلَّها / حَتّى تُنيفَ عَلى النُجومِ
مَرَّ الغُرابُ بِشاةٍ
مَرَّ الغُرابُ بِشاةٍ / قَد غابَ عَنها الفَطيمُ
تَقولُ وَالدَمعُ جار / وَالقَلبُ مِنها كَليمُ
يا لَيتَ شِعرِيَ يا اِبني / وَواحِدي هَل تَدومُ
وَهَل تَكونُ بِجَنبي / غَداً عَلى ما أَرومُ
فَقالَ يا أُمَّ سَعدٍ / هَذا عَذابٌ أَليمُ
فَكَّرتِ في الغَدِ وَالفِك / رُ مُقعِدٌ وَمُقيمُ
لِكُلِّ يَومٍ خُطوبٌ / تَكفي وَشُغلٌ عَظيمُ
وَبَينَما هُوَ يَهذي / أَتى النَعِيُّ الذَميمُ
يَقولُ خَلَّفتُ سَعداً / وَالعَظمُ مِنهُ هَشيمُ
رَأى مِنَ الذِئبِ ما قَد / رَأى أَبوهُ الكَريمُ
فَقالَ ذو البَينِ لِلأُم / مِ حينَ وَلَّت تَهيمُ
إِنَّ الحَكيمَ نَبِيٌّ / لِسانُهُ مَعصومُ
أَلَم أَقُل لَكِ توا / لِكُلِّ يَومٍ هُمومُ
قالَت صَدَقتَ وَلَكِن / هَذا الكَلامُ قَديمُ
فَإِنَّ قَومِيَ قالوا / وَجهُ الغُرابِ مَشومُ
كانَتِ النَملَةُ تَمشي
كانَتِ النَملَةُ تَمشي / مَرَّةً تَحتَ المُقَطَّم
فَاِرتَخى مَفصِلُها مِن / هَيبَةِ الطَودِ المُعَظَّم
وَاِنثَنَت تَنظُرُ حَتّى / أَوجَدَ الخَوفُ وَأَعدَم
قالَتِ اليَومَ هَلاكي / حَلَّ يَومي وَتَحَتَّم
لَيتَ شِعري كَيفَ أَنجو / إِن هَوى هَذا وَأَسلَم
فَسَعَت تَجري وَعَينا / ها تَرى الطَودَ فَتَندَم
سَقَطَت في شِبرِ ماءٍ / هُوَ عِندَ النَملِ كَاليَم
فَبَكَت يَأساً وَصاحَت / قَبلَ جَريِ الماءِ في الفَم
ثُمَّ قالَت وَهيَ أَدرى / بِالَّذي قالَت وَأَعلَم
لَيتَني لَم أَتَأَخَّر / لَيتَني لَم أَتَقَدَّم
لَيتَني سَلَّمتُ فَالعا / قِلُ مَن خافَ فَسَلَّم
صاحِ لا تَخشَ عَظيما / فَالَّذي في الغَيبِ أَعظَم
سَقَطَ الحِمارُ مِنَ السَفينَةِ في الدُجى
سَقَطَ الحِمارُ مِنَ السَفينَةِ في الدُجى / فَبَكى الرِفاقُ لِفَقدِهِ وَتَرَحَّموا
حَتّى إِذا طَلَعَ النَهارُ أَتَت بِهِ / نَحوَ السَفينَةِ مَوجَةٌ تَتَقَدَمُ
قالَت خُذوهُ كَما أَتاني سالِماً / لَم أَبتَلِعهُ لِأَنَّهُ لا يُهضَمُ
كانَ اِبنُ داوُدٍ يُقَر
كانَ اِبنُ داوُدٍ يُقَر / رِبُ في مَجالِسِهِ حَمامَه
خَدَمَتهُ عُمراً مِثلَما / قَد ساءَ صِدقاً وَاِستِقامَه
فَمَضَت إِلى عُمّالِهِ / يَوماً تُبَلِّغُهُم سَلامَه
وَالكُتبُ تَحتَ جَناحِها / كُتِبَت لَها فيها الكَرامَه
فَأَرادَتِ الحَمقاءُ تَع / رِفُ مِن رَسائِلِهِ مَرامَه
عَمَدَت لِأَوَّلِها وَكا / نَ إِلى خَليفَتِهِ برامَه
فَرَأَتهُ يَأمُرُ فيهِ عا / مِلَهُ بِتاجٍ لِلحَمامَه
وَيَقولُ وَفّوها الرِعا / يَةَ في الرَحيلِ وَفي الإِقامَه
وَيُشيرُ في الثاني بِأَن / تُعطى رِياضاً في تِهامَه
وَأَتَت لِثالِثِها وَلَم / تَستَحي أَن فضَّت خِتامَه
فَرَأَتهُ يَأمُرُ أَن تَكو / نَ لَها عَلى الطَيرِ الزَعامَه
فَبَكَت لِذاكَ تَنَدُّماً / هَيهاتَ لا تُجدي النَدامَه
وَأَتَت نَبِيَّ اللَهِ وَه / يَ تَقولُ يا رَبِّ السَلامَه
قالَت فَقَدتُ الكُتبَ يا / مَولايَ في أَرضِ اليَمامَه
لِتَسَرُّعي لَمّا أَتا / ني البازُ يَدفَعُني أَمامَه
فَأَجابَ بَل جِئتِ الَّذي / كادَت تَقومُ لَهُ القِيامَه
لَكِن كَفاكِ عُقوبَةً / مَن خانَ خانَتهُ الكَرامَه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025