المجموع : 48
لا سَقى اللَهُ بعلبك
لا سَقى اللَهُ بعلبك / كٍ مُلِثُّ الهَواطِلِ
بَلدَةٌ لَم تُعَدّ في ال / مُدنِ بَل في المَزابِلِ
إِنَّها شَرُّ بَلدَةٍ / شُحِنَت بِالأَراذِلِ
أَهلُها لَم يُفَرِّقوا / بَينَ قُسٍّ وَباقِلِ
دُمِّرَت حينَ دُبِّرَت / بِالظَلامِ بنِ راجِلِ
وَاِبنِ فَقيهٍ حَسَنِ الحالَة
وَاِبنِ فَقيهٍ حَسَنِ الحالَة / أُمَيرِدٍ قَد قَبَضَ الحالَة
ذو عِمَّةٍ بورِكَ فيها لَهُ / تُطلِعُ مِنهُ البَدرَ في هالَة
لَئِن عَزَّ أَقوامٌ وَكانوا أَذِلَّةً
لَئِن عَزَّ أَقوامٌ وَكانوا أَذِلَّةً / وَصارَ لَهُم مِن بَعدِ فَقرِهِمُ مالُ
فَما ذاكَ بِدعاً في دِمَشقَ لِأَنَّها / تَمَلَّكَها في سالِفِ الدَّهرِ زَبّالُ
أَهلُ دِمَشقٍ لَهُمُ جامِعٌ
أَهلُ دِمَشقٍ لَهُمُ جامِعٌ / لَيسَ عَلى ما فيهِ تَعويلُ
بِالجامِعِ الصَّحنُ وَلَكِنَّهُ / مِن كُلِّ ما يُؤكَلُ مَغسولُ
وَفيهِ أَشجارٌ وَلَكِنَّها / لَم يُجنَ مِنها الدَهرَ مَأكولُ
تُعَيِّرني بِالشَيبِ هِندٌ وَلَو دَرَت
تُعَيِّرني بِالشَيبِ هِندٌ وَلَو دَرَت / بِفَضلِ مَشيبي زالَ عَن قَلبِها الجَهلُ
وَما المَرءُ إِلا دَوحَةٌ ذاتُ رَونَقٍ / إِذا أَزهَرَت بِالشَيبِ فَالثَمَرُ العَقلُ
عَسى الدَّهرَ أَن يَنتاشَني وَلَعَلَّهُ
عَسى الدَّهرَ أَن يَنتاشَني وَلَعَلَّهُ / يَقولُ لِذي جَدٍّ عُثورٍ لَعاً لَهُ
أَرقدةُ أَهل الكَهفِ يا حَظِيَ انتَبِه / فَإِنّي حُرِمتُ النَّومَ إِلا أَقَلَّهُ
أَروني حَبيباً لَست أُمنَعُ وَصلَهُ / أَجَل وَخَليلاً لَستُ أُمنَحُ عَذلَهُ
وَبي قَمَرٌ يَعلو عَلى خوطِ بانَةٍ / شَكا خَصرُهُ إِذا آدَهُ الرِّدفُ ثِقلَهُ
لَهُ اللَحَظاتُ اللاءِ لَم لَم يَرنُ رامِياً / خَلِياً بِها إِلا تَكفّلنَ قَتلَهُ
وَما أَتَمَنّى خالِياً لثمَ كَفِّهِ / بَلى أَتَمَنّى أَن أُقَبِّلَ رِجلَهُ
تَوَلّى عَلى قَلبي وِلايَةَ قادِرٍ / فَلَم يَخشَ عَنها مُدَّةَ الدَّهرِ عَزلَهُ
وَما أَحَدٌ في الحُبِّ مِثلي قَناعَةً / رَضيتُ بِوَعدٍ مِنهُ يُكثِرُ مَطلَهُ
فَفي راحَتي مِن هَجرِهِ لَستُ طامِعاً / وَمِن تَعَبي أَن لَستُ آمَلُ وَصلَهُ
رَكِبتُ مِنَ العِشقِ المُبَرِّحِ وَعرَهُ / وَقَد رَكِبَ العُشّاقُ قَلبِيَ سَهلَهُ
وَقَد سَرَّني أَنّي خَيالٌ لِهَجرِهِ / لَعَلّي أَسري لِلزِّيارَةِ مِثلَهُ
عَدِمتُ اِصطِباري عَن حَبيبٍ مُدَلَّلٍ / يَهيمُ بِهِ القَلبُ الكَئيبُ المُدَلَّهُ
أَلِلدَهرِ ثَأرٌ فَهوَ يَطلُبُ ثَأرَهُ / لَدَيَّ فَمالي لا أُفارِقُ ذَحلَهُ
رَماني زَماني عَن قِسِيّ قَساوَةٍ / فَفي غَيرِ قَلبي ما يُسَدِّدُ نُبلَهُ
أَأُمنَعُ طَلَّ الخَيرِ مَعَ أَدَبي بِهِ / وَيُمنَحُ مِنهُ أَبلَهُ القَومِ وَبلَهُ
هُناكَ يَذُمُّ الفاضِلُ النَّدبُ فَضلَهُ / وَيَحمَدُ فيهِ الجاهِلُ النَّذلُ جَهلَهُ
سَأَشكُرُ دَهري يا اِبنَ شُكرٍ لأَنَّهُ / بِهِ تابَ حَتّى صارَ يُحسِنُ فِعلَهُ
وَزيرٌ حَوى العَلياء مِن كُلِّ وجهَةٍ / وَمُلِّكَ فَرضَ القَولِ عَفواً وَنَفلَهُ
إِمامٌ يؤُمُّ السابِقينَ إِلى العُلا / فَما أَحَدٌ في المَجدِ حَلَّ مَحَلَّهُ
يُبَيِّضُ وَجهَ الخَطبِ بَعد اِسوِدادِهِ / بِحُسنِ خِطابٍ قارَنَ النُّجحُ فَصلَهُ
فَلا عِلمَ إِلّا دونَ غايَةِ عِلمِهِ / وَلا فَضلَ في المِضمارِ يُدرِكُ فَضلَهُ
لَقَد أَصحبت لِلصّاحِبِ السوسُ خيفَةً / فَأَفواهُها في التُربِ تَلثُمُ نَعلَهُ
كَما خَضَعت كُلُّ المُلوكِ بِرَأيِهِ / لِمَخدومِهِ لا شَتَّتَ اللَهُ شَملَهُ
لَهُ مِنهُ قاضٍ هَذَّبَ العِلمُ فَرعَهُ / كَما طَيَّبَ المَجدُ المُؤَثَّلُ أَصلَهُ
فَما مِثلُهُ في الرَّأيِ يوجَدُ بَعدَهُ / وَلا مِثلَهُ فيهِ رَأى الناسُ قَبلَهُ
فَما حَلُّهُ مِمّا يَرى الدَهرُ عقدَهُ / وَلا عَقدُهُ مِمّا يَرى الدَهرُ حَلَّهُ
غَزيرُ العَطايا ما يُفارِقُ جِدَّهُ / كَريمُ السَجايا ما يُقارِفُ هَزلَهُ
مَناقِبُهُ لَم يُحصِها ذو بَلاغَةٍ / وَهَل أَحَدٌ يُحصي مِنَ البَحرِ رَملَهُ
إِلَيكَ صَفِيَّ الدينِ يَشكو مُعَطَّلٌ / عَنِ الشُغلِ فَاِنظُر حَيثُما شِئتَ شُغلَهُ
وَيا دَهرِيَ اِطوِ الجورَ وَيحَكَ وَاِتَّئِب / فَهَذا صَفِيُّ الدِّينِ يَنشُرُ عَدلَهُ
وَيا اِبنَ عَلِيّ قَد سَمَوتَ عَلى الوَرى / بِمَجدٍ أَثيلٍ أَثبتَ اللَهُ أَثلَهُ
أَتى رَجَبٌ يَسعى إِلَيكَ مُهَنِّئاً / بِوارِفِ سَعدٍ أَسبَغَ اللَهُ ظِلَّهُ
وَأَبدى هِلالاً في السَماءِ كَأَنَّما / بِبِشرِ مُحَيّاكَ الإِلَهُ أَهَلَّهُ
مُنَصِّلُ أَطراف العَوالي وَلَم يَكُن / قَديماً بِهِ ذو التِّبلِ يُدرِك تِبلَهُ
وَلا غَرو أَن نالَتكَ أَطرافُ وَعكَةٍ / كَما يوعَكُ الرِئبالُ إِذ كُنتَ شكلَهُ
كِتابُكَ مَن أَمسى وَأَصبَحَ عائِذاً / بِهِ يَلبَسُ الأَمنَ المُؤَمَّلَ كُلَّهُ
وَأَنتَ الَّذي ما زالَ في كُلِّ حالَةٍ / مَتى نَبلُهُ في حادِثٍ نَلقَ نُبلَهُ
وَما كُنتَ في نادي العُلومِ مُناظِراً / بِهِ حَفلَهُ إِلّا وَأَخرَستَ فَحلَهُ
كَفِلتَ بِكَسبِ الحَمدِ تَركَبُ وَعرَهُ / وَتَحمِلُ في كُلِّ المَواطِنِ كَلَّهُ
فَلا زالَتِ المُدّاحُ تُهدي بِمَدحِها / إِلَيكَ رَقيقَ الشِعرِ مِنها وَجزلَهُ
روحي مُذَلَّلَةٌ بِحُبِّ مُدَلَّلَه
روحي مُذَلَّلَةٌ بِحُبِّ مُدَلَّلَه / أَفلا تَرِقُّ مُعِزَّةٌ لِمُذَلَّلَه
إِن أَقبَلَت قَتَلَت وَإِن وَلت سَبت / بِأَبي الموَلِّيَةِ القَوام المُقبِلَه
أَنا في هَواها لَم أَزَل مُتَبَتِّلاً / بِهَوى الَّتي لإِهانَتي مُتَبَتِّلَه
عِندي مِنَ الوَجدِ المُدَلِّهِ وَالوَلَه / عِندَ المَلامَةِ في هَواها وَلوَلَه
عَن قَوسِ حاجِبِها رَمَت لَمّا رَنَت / قَلبي بِلَحظٍ سَهمُهُ ما أَقتَلَه
رَيّا المخَلخَلِ فَعمَةُ الأَردافِ مِث / لُ الخوطِ جَمَّشَهُ النسيمُ فَمَيَّلَه
ضَمِنَت لَها اللَّحَظاتُ أَلّا تَنتَحي / أَحَداً بِها إِلّا أَصابَت مَقتَلَه
قُلتُ اِقتُليني أَستَرِح مِن لَوعَةٍ / بِعَذابِ نَفسٍ بِالغَرامِ مُوَكَّلَه
قالَت عَذابُكَ قَبلَ قَتلِكَ بُغيَتي / عَمداً وَقَتلُكَ سُرعَةً ما أَسهَلَه
فَطِنَت لِحُكمِ الجَورِ فِطنَةَ سَيِّدِ ال / وُزَراءِ لِلحُكمِ الَّذي ما أَعدَلَه
فَبِلَحظَةٍ مِنهُ تَعودُ عُفاتُهُ / عَنهُ مُؤَمّلَةَ النَوالِ مُمَوَّلَه
وَإِلى صَفِيِّ الدينِ اِستَعدي عَلى / زَمَنٍ عَلَيَّ عَلا فَأَلقى كَلكَلَه
قَد أَصحَبَت لِلصاحِبِ بنِ عَلِيّ ال / دُنيا فَلَو جَمَحَت عَفَتها الزَلزَلَه
وَأَنا المُؤَمِّلُ مِن إِلَهي فَضلَهُ / فَهوَ الَّذي ما خابَ عَبدٌ أَمَّلَه
لِلَهِ في القاضي الوَزيرِ سَريرَةٌ / مِنها تَبَوَّأَ مِنهُ أَعلى مَنزِلَه
وَإِذا المَواهِبُ من سِواهُ أُجِّلَت / جاءَت مَواهِبُهُ الغِرارُ مُعَجَّلَه
لا يَعدَمُ الإِسلامُ يَوماً طولَهُ / بِالمَكرُماتِ وَطولَهُ وَتَطَوُّلَه
ما فَتَكاتُ البيضِ وَالسُّمرِ الأَسَل
ما فَتَكاتُ البيضِ وَالسُّمرِ الأَسَل / يَسطو بِها يَومَ الوَغى كُلُّ بَطَل
أَفتَكُ مِن لَواحِظٍ غازَلنَنا / بِهِنَّ غُزلانٌ تَهادى في الكِلَل
مَرَّت بِنا يَومَ النَّقا جَآذِرٌ / بيضُ الطُلى حُمرُ الحُلى سودُ الحُلَل
كُلُّ فَتاةٍ كَالقَناةِ لَدنَةٌ / يقعدُها ناهِضَةً ثِقلُ الكَفَل
قُلوبُنا تُخزَمُ لا أُنوفُنا / وَكُلُّ خَطبٍ أَخطَأَ الأَنفَ جَلَل
عَن حَبَبٍ وَحُبِّ مُزنٍ وَلآ / لٍ وَأَقاحٍ يَبتَسِمنَ في الجَذَل
تِلكَ ثُغورٌ لَيسَ فيها كَسَسٌ / وَلا بِها مِن رَوَقٍ وَلا يَلَل
سارَت بِهِم حداتُهُم لَكِنَّني / أَوسَعتُهُم سَبّاً وَراحوا بِالإِبِل
مَهلاً بِقَلبي في الهَوى يا عاذِلي / مَه لا تَلُمني سَبقَ السَيفُ العَذَل
أَوقَعني طَرفِيَ في حَتفي فَلا / تَلُم فَمُكرَهٌ أَخوكَ لا بَطَل
لا ذُقتَ مِن ذاكَ اللَّمى يا عاذِلي / فَإِنَّ لِلَهِ لَجُنداً مِن عَسَل
ما كانَ لي في الصَبرِ مُذ بانوا وَلا ال / سُلُوِّ عَنهُم ناقَةٌ وَلا جَمَل
آلَيتُ لا أَسمَعُ فيهِم واشِياً / يُزَخرِفُ القَولَ وَمَن يَسمَع يَخَل
إِنّي لَمَيتٌ بَعدَ تَوديعِهِمُ / لَبِّث قَليلاً يَلحَقِ الهَيجا حَمَل
سُحّي جُفوني لا تَشِحّي وَاِهتِفي / بِأَدمُعي حَيّ عَلى خَيرِ العَمَل
بِحُبِّ مَن أَراهُ لا مثلَ لَهُ / في الحُسنِ يَوماً أَنا في الحُزنِ مَثَل
أَلحاظُهُ أَرمى إِذا غازَلَنا / بِهِنَّ في الأَحشاءِ مِن بَني ثُعَل
بَل لَفظُ مُحيي الدينِ أَمضى أَسهُماً / في صَدرِ مَن ناضَلَهُ إِذا استَدَل
حَبرٌ لَدَيهِ مَن وَراء النَّهرِ في ال / جِدالِ يَلقى البَحرَ بِالماءِ الوَشَل
خُصومُهُ مِثلُ البُغاثِ ذِلَّةً / وَهوَ يُرى الأَجدَلَ في عِلمِ الجَدَل
يَضرِبُ في كُلِّ العُلومِ بِاليَدِ ال / بَيضاءِ لا سوءَ بِها وَلا شَلَل
وَكُتبُهُ الكَتائِبُ الشُّهبُ إِذا / أَنشَأَها مُبتَدِهاً أَو مُحتَفِل
عِبارَةُ الفاضِلِ في كِتابِهِ / تَرمي سُطورَ اِبنِ هِلالٍ بِالخَجَل
أَبى المَعالِيَ اِمرُؤٌ لَم يَمتَدِح / أَبا المَعالي وَلَبِئسَ ما فَعَل
يَهتَزُّ لِلجَدوى اِهتِزازَ صارِمٍ / يَهتَزُّ يَومَ الرَوعِ في كَفِّ البَطَل
شاوِرهُ أَو حاوِرهُ أَو جاوِر تَجِد / قَيساً وَقُساً وَالسَمَوأَلَ الأَجَل
استَغفِر اللَهَ وَأَينَ مِنهُ في ال / سُؤدَدِ أَربابُ المَكارِمِ الأُوَل
يا اِبنَ عَلِيِّ القُرَشِيِّ يا مُحَم / مَدُ اِستَمِع ما قُلتُ غَيرَ مُنتَحَل
جاءَ كَرَوضِ الحَزنِ مَمطوراً بِصَو / بِ المُزنِ إِذ جادَ عَلَيهِ وَوَبَل
قَدمتَ خَيرَ مَقدَمٍ فَكُنتَ كَال / غَيثِ أَتى مِن بَعدِ جَدبٍ فَهَطَل
وَعايَنَ الظاهِرُ مِنكَ عالماً / في عالمٍ أدركَ بِالعِلمِ الأَمَل
أَغزَرُ مِن بَحرٍ خِضَمٍّ عِلمُهُ / وَحِلمُهُ أَرزَنُ مِن كُلِّ جَبَل
فَعِرضُهُ في حَرَمٍ وَمالُهُ / في حَرَبٍ مِمَّن عَراهُ فَسَأَل
يَفعَلُ خَيراً وَيَقولُ مِثلَهُ / وَكَم رَأَينا قائِلاً وَما فَعَل
قُدومُهُ سَرَّ دِمَشقَ بَعدَما / ساءَ وُجوه أَهلِها حينَ رَحَل
لَم يُرَ مِنهُم غَيرُ ما مُستَوحِشٍ / أَو مُنطَوٍ فُؤادُهُ عَلى وَجَل
فَالخَيرُ ساعٍ مَعهُ حَيثُ سَعى / مُصاحِباً وَنازِلٌ أَينَ نَزَل
يا حَلَبَ البَيضاءَ قَد وافاكِ مِن / مُحَمّدٍ في دَهرِنا خَيرُ الرُسُل
ذاكَ هُوَ القاضي الَّذي أَقلامُهُ / بِها الأَقاليمُ تُساسُ وَالدُوَل
كَم مُشكِلاتٍ حَلَّها بِبابِهِ / فَكانَ مِفتاحاً لما مِنها اِنقَفَل
ذو مُحتدٍ زاكٍ وَمَجدٍ بازِخٍ / وَمَنصِبٍ يَعلو كَما تَعلو القُلَل
نادَت أَياديهِ بِطُلّابِ النَدى / هَلُمَّ تَلقَوا عَلَلاً بَعدَ نَهَل
لِعَزمِهِ أَصحَبَ كُلُّ شامِسٍ / وَكُلُّ ما عَزَّ بِغَيرِ اللَهِ ذَل
يا مُحيي الدينِ اِبقَ في سَعادَةٍ / ما سارَ في البِلادِ رَكبٌ وَقَفَل
وَلا تَزَل في عاجِلِ النَصرِ مَدى ال / دَهرِ وَفي مُستَأخِرٍ مِنَ الأَجَل
في اِبنِكَ نِلتَ كُلَّ ما أَمَّلَهُ / أَبوكَ فيكَ مِن رَجاءٍ وَأَمَل
فَأَنتَ بَينَ العُلَماءِ كُلِّهِم / كَمِلَّةِ الإِسلامِ حسناً في المِلَل
كَأَنَّ أَهلَ الشامِ فيهِ مُقلٌ / ناظِرَةٌ وَأَنتَ نورٌ في المُقَل
مَن لامَ لأَن كَبَتِ البَغلَه
مَن لامَ لأَن كَبَتِ البَغلَه / فَلَذَلِكَ أَحمَقُ مِن رِجلَه
لِمَ لَم تُصعَق لَمّا حَمَلَت / تَفصيلَ العالَمِ وَالجُملَه
وَبِبَحرَ العِلمِ وَطَودِ الحِل / مِ كَبَت وَسِواهُ اخبر تَقلَه
فَهَنيئاً زَيدُ لَكَ اِطرِغشا / شُكَ وَاِبرِغشاشُكَ وَالمَهلَه
مَن شَكَّ بِأَنَّكَ سَيِّدُ أَه / لِ الفَضلِ فَذاكَ هُوَ الأَبلَه
ما أَسعَدَ مَن مِنهُم وافا / كَ وقَبَّلَ كَفَّكَ بِالقُبلَه
فَالعالَمُ كُلُّهُمُ عَينٌ / يا مَن هُوَ إِنسانُ المُقلَه
حَسَدَت بَغدادُ دِمَشقَ عَلَي / كَ وَثَورَةُ حاسِدُها دِجلَه
وَتُحِبُّ المَجدَ مَحَبَّةَ عَن / تَرَةَ العَبسِيِّ رِضى عَبلَه
أَنا من تَقصيرِيَ مُعتَذِرٌ / لا قُوَّةَ لي إِلا بِاللَه
كَم ذي حَسَدٍ وافاكَ فَعا / دَ شَديدَ العِلَّة وَالغُلَّه
وَثَبَتَّ لِأَعداءٍ وَثَبَت / فَكَبَت وَكَبَتَّ ذَوي الذِلَّه
آدابُكَ لَولا حِرفَتُها / صُيِّرتَ إِماماً لِلمِلَّه
إِذا جُزتُما بِالعيسِ دَورَةَ آبِلِ
إِذا جُزتُما بِالعيسِ دَورَةَ آبِلِ / فَداسَت بِأَيديها تُرابَ المَزابِلِ
أَعيرا يَسارَ الرَّكبِ لَفتَةَ ناظِرٍ / إِلى بَرَدى وَالرَوضِ ذاتِ الخَمائِلِ
هُنالِكُما نَهرٌ يُرى النيلُ عِندَهُ / إِذا فاضَ في مِصرٍ كَبَعضِ الجَداوِلِ
يُخالُ بِهِ النينوفَرُ الغَضُّ أَنجُماً / سَمَت في سَماءِ الماءِ غَيرَ أَوافِلِ
كَأَنَّ طُيورَ الماءِ فيهِ عَرائِسٌ / جُلينَ عَلى شاطيهِ خُضرَ الغَلائِلِ
إِذا كَرَعَت فيهِ تَيَقَّنتَ أَنَّها / تَزِقُّ فِراخاً وَهيَ زُغبُ الحَواصِلِ
وَكَم سَمَكٍ فيهِ عَلَيهِ جَواشِنٌ / مِنَ التِّبرِ صيغَت وَهوَ بادي المَقاتِلِ
جَريحٌ بِأَطرافِ الصَفا فَخَريرُهُ / أَنينٌ لَهُ مِن مَسِّ تِلكَ الجَنادِلِ
إِذا قابَلَ النَهرُ الدُجى بِنُجومِهِ / أَرانا بِقَعرِ الماءِ ضَوءَ المَشاعِلِ
يُغَلغِلُ في الوادي فَوافى كَفِيَّةً / مُنَعَّمَةً حَسناءَ لَيسَت بِعاطِلِ
فَعانَقَها حَتّى اِنثَنَت مُشمَعِلَّةً / تَفُكُّ عَلى ظَهرِ الصَفا بَطنَ حامِلِ
فَأَولَدَ عَينَ الفيجَةِ الأَنهُرَ الَّتي / دِمَشقُ بِها في أَبحُرٍ وَسَواحِلِ
أَلا إِنَّ في الوادي ظِباءً جُفونُها / بِها كَحَلٌ أَزرى بِما في المَكاحِلِ
وَبِالبُقعَةِ الفَيحاءِ عوجا فَإِنَّها / تَهيجُ لِرائيها رَسيسَ البَلابِلِ
وَبِالسَّفحِ مِن أَعلى سنيرٍ مَنازِلٌ / نَعِمتُ بِها واهاً لَها مِن مَنازِلِ
مَضَت بِمَضايا لي لَيالٍ حَميدَةٌ / جَنَيتُ الرِضى مِنها بِإِسخاطِ عاذِلي
لَياليكِ يا بُقّينُ بقينَ في الحَشا / هَوىً جارِياً مَجرى دَمي في مَفاصِلي
وَبِالزَبَداني زُبدَةُ العَيشِ جاءَني / بِها المَحضُ مِن مَحضِ الضُروعِ الحَوافِلِ
وَمازالَ ربعُ الأُنسِ مِن كَفرِ عامِرٍ / يُرى عامِرَ الأَرجاءِ عَذبَ المَناهِلِ
وَكَم فُزتُ في الكُبرى بِكُبرى المُنى مِن ال / زَمانِ وَصُغراها بِتِلكَ المَحافِلِ
وَفي عَينِ حورٍ حورُ عينٍ فَواتِكُ ال / لِحاظِ فِصاحُ اللَّفظِ خرسُ الخَلاخِلِ
وَبِالدُلَّةِ الحُسنُ البَديعُ مُخَيِّمٌ / لَهُ أَثَرٌ فيها قَوِيُّ الدَّلائِلِ
وَدَيرُ قُبَيسٍ جَنَّةٌ أَيُّ جَنَّةٍ / مَشارِبُها مَشفوعَةٌ بِالمَآكِلِ
وَزورا بلودانَ المَنيفَةَ تَظفَرا / بِعَيشٍ هَنيءٍ رَبعُهُ غَيرُ ماحِلِ
أَحِنُّ إِلى أَفياءِ أَسحارِ دُمَّرٍ / وَأَصبو إِلى الظِلِّ الظَّليلِ بِآبِلِ
وَيا حَبَّذا تِلكَ الجُدَيِّدَةُ الَّتي / مَرابِعُها مَعمورَةٌ بِالمَناهِلِ
مَرابِعُ قَد أَلقى الرَبيعُ جِرانَهُ / بِها مُقسِماً أَن لَيسَ عَنها بِراحِلِ
أَلا هَل إِلى الخِلِّ الوَصولِ وُصولُ
أَلا هَل إِلى الخِلِّ الوَصولِ وُصولُ / فَمِن بَعد ما الصَبرُ الجَميلُ جَميلُ
وَبي غُلَّةٌ جِسمي بِها حِلفُ عِلَّةٍ / فَهَل لي إِلى وِردِ الشِّفاءِ سَبيلُ
يُحَلِّئُني عَنهُ الفِراقُ وَسَبسَبٌ / عَريضٌ كَأَيّامِ الصُدودِ طَويلُ
وَهَل بِسِوى قُربِ الحَبيبِ وَوَصلِهِ / يُبَلُّ غَليلٌ أَو يُبِلُّ عَليلُ
أَأَحبابَنا أَمّا الأَسى فَهوَ عِندَنا / كَثيرٌ وَأَمّا الصَبرُ فَهوَ قَليلُ
إِذا شَمَلَت ريحٌ سَكِرتُ صَبابَةً / وَوَجداً فَهَل ريحُ الشَمالِ شَمولُ
وَأَرتاحُ إِن هَبَّت قَبولاً وَكَم جَرَت / قَبولٌ لَها عِندَ القُلوبِ قُبولُ
أُليحُ إِذا البَرقُ الحِجازِيُّ لاحَ لي / عَلى القَلبِ مِن وَجدٍ عَلَيهِ يَصولُ
فَألزمُهُ بِالعَشرِ عَشر أَنامِلي / وَيَنفُضُها حَتّى يَكادُ يَزولُ
إِذا اِفتَخَرَت مِصرٌ عَلَينا بِنيلِها / فَدَمعي فُراتٌ في دِمَشقَ وَنيلُ
يَزيدُ يَزيدُ القَلب شَوقاً إِلَيكُمُ / وَثَورا أَسيرُ الوَجدِ فَهوَ جَليلُ
وَأَبكي لَدى باناسَ لِلبَينِ وَالأَسى / وَمِن بَرَدى حُرُّ الفِراقِ دَخيلُ
وَفَوقَ غُصونِ البانِ وُرقٌ هَواتِفٌ / تَمايَدُ بِيَ الأَشواقُ حينَ تَميلُ
تَبوحُ بِشَكواها وَتَكتُمُ دَمعَها / وَأَكتُمُ وَجدي وَالدُموعُ تَسيلُ
كِلانا قريحٌ بِالفِراقِ فُؤادُهُ / فَلي وَلَها إِلفٌ نَأى وَهَديلُ
أَلا فَاِعذُروني في مَقالي فَإِنَّني / لَفي دَهشَةٍ لَم أَدرِ كَيفَ أَقولُ
عَلَيكُم سَلامٌ يَحسُدُ المِسكُ عَرفَهُ / وَنَشرُ الخُزامى وَالنَسيمُ عَليلُ
بِقَلبيَ مِن حَرِّ الفِراقِ غَليلُ
بِقَلبيَ مِن حَرِّ الفِراقِ غَليلُ / فَهَل لي إِلى رَوحِ الوِصالِ وُصولُ
جُفوني قِصارٌ مِثلُ أَيّامِ وَصلِكُم / وَلَيلي كَأَيّامِ الفِراقِ طَويلُ
وَأَقبَحُ ما عِندي المَلامَةُ في الهَوى / وَما عِندِيَ الصَبرُ الجَميلُ جَميلُ
بَكَينا لِيَومِ البَينِ حينَ بَكى لَنا / حَسودٌ وَواشٍ رَحمَةً وَعَذولُ
فَلا عَين إِلّا وَهيَ عَينٌ مَعينَةٌ / وَلا خَدَّ إِلّا خدَّ فيهِ مَسيلُ
وَساروا وَوَلَّينا وَمِنّا وَمِنهُمُ ال / عُيونُ الصَحيحاتُ النَّواظِرِ حولُ
وَكُلٌّ لَهُ وَخدٌ يخالِفُ سَيرَهُ / يُمَيِّلُهُ تِلقاءهُ فَيَميلُ
رَعى اللَهُ أَيّاماً مَضَت بِاجتِماعِنا / وَلَمّا يَرُعنا بِالفِراقِ رَحيلُ
وَلَيلَةَ وافانا الحَبيبُ وَهَبَّتِ ال / شَمالُ كَأَن مِنها تُدارُ شَمولُ
تَقابَلَ جِسمي وَالنَسيمُ وَلَحظُهُ / فَكُلٌّ عَلى حُكمِ القِياسِ عَليلُ
مَتى يُرَ مَعشوقٌ يودعُ عاشِقاً / فَما ذاكَ إلّا قاتِلٌ وَقَتيلُ
قَليلُ الهَوى عِندي كَثيرٌ وَوَصفُهُ / وَإِن أَسهَبَ العُذّالُ فيهِ قَليلُ
مَتى يَشتَفي بِالقُربِ قَلبي مِنَ النَوى / وَتُطفَأُ نيرانُ الجَوى فَتَزولُ
فَوا جَزَعي في الحُبِّ مِن لَوعَةِ الأَسى / فَهَل لي عَلى حُسنِ العَزاءِ دَليلُ
أَظُنُّ لَيالي البَينِ لا دَرَّ دَرُّها / لَها عِندَ قَلبي المُستَهامِ ذُحولُ
ذَلَلتُ وَقَد كُنتُ العَزيزَ صَبابَةً / وَكُلُّ عَزيزٍ لِلغَرامِ ذَليلُ
هَلِ الحَدَقُ السودُ الَّتي لَحَظاتُها / صَوارِمُ بيضٌ ما بِهنّ فُلولُ
نَبَضنَ سِهاماً عَن قِسِيٍّ حَواجِبِ / لَهُنَّ بِحَبّاتِ القُلوبِ نُصولُ
كَم أَشتَكي في الهَوى مَلالَك
كَم أَشتَكي في الهَوى مَلالَك / وَأَشتَهي خالِياً وِصالَك
يا خوطَ بانٍ في الحِقفِ قَدّاً / اِعدِل فَما أَحسَنَ اِعتِدالَك
زَيِّن بِفِعلِ الجَميلِ يا مَن / حازَ جَمالَ الوَرى جَمالَك
فَأَنتَ بَدرٌ ما نَقصُ حالي / إِلّا لِأَنّي أَهوى كَمالَك
يا كاسِفاً في الزَمانِ بالي / لا كَسَفَ اللَهُ فيهِ بالَك
أَجِر مُحِبّاً أَطالَ لَمّا / جَفَوتَهُ ضارِعاً سُؤالَك
أَنجِز فَمَطلُ الغَنِيِّ ظُلمٌ / أَطَلتَ يا ذا الغِنى مِطالَك
ما حَرَّكَ الشَوقُ ذِكراً مِنكَ بِالبالِ
ما حَرَّكَ الشَوقُ ذِكراً مِنكَ بِالبالِ / إِلّا وَزادَ بِهِ وَجدي وَبَلبالي
وَطيبُ ذِكراكَ لي أُنسٌ أَلذُّ بِهِ / فَما أُرى عَنهُ بِالساهي وَلا السالي
وَلَستُ أَذكُرُ هَذا كَي أَمُنَّ بِهِ / عَلى الَّذي مَوطِنُ الذِكرى لَهُ لا لي
فَحَظُّهُ كُلّ إِعزازٍ لَدَيَّ وَإِن / جَفا فَحَظّي لَدَيهِ كُلُّ إِذلالي
لَم يُعنَ يَوماً بِعانٍ في هَواهُ وَلَم / يُنقِذ بِوَصلٍ مُعَنَّىً بِاللَّظى صالي
هُوَ المُقيمُ عَلى هَجرِ المُقيمِ وَما / جَنا قِيامَةَ لُوّامٍ وَعُذّالِ
يُستَحسَنُ الخالُ في الخَدِّ المَليحِ وَكَم / في ذا العِذارِ فَدَتكَ النَّفسُ مِن خالِ
يا صاحِ دَعني مِنَ الجُردِ الخُدودِ فَما / أَهوى رِياضَ المُنى تُمنى بِإِمحالِ
أَما تَرى حُسنَ مِسكِيِّ العِذارِ حَكى / مَدَبَّ ذَرٍّ فُوَيقَ الأَرضِ مُنهالِ
لَو كُنتَ تَقرَأُ خَطّاً زانَ عارِضَهُ / ما كُنت في حُبِّهِ يَوماً بِعَذّالِ
إِنَّ الخُدودَ بِلا نَبتٍ يُزَيِّنُها / رَبعُ الأَحِبَّةِ مِن سُكّانِهِ خالِ
لا تَحسَبَنّي رَخيصاً إِن خَضَعتُ لِمَن / أَهوى فَإِنَّ الهَوى قَد يُرخِصُ الغالي
بي أَهيفٌ ضامِرُ الكَشحَينِ مُعتَدِلُ ال / قَوامِ لا ذاتُ أسوارٍ وَخَلخالِ
مَتى اِنثَنى اِستَحيَتِ الأَغصانُ مِنهُ وَإِن / رَنا رَمى الريمَ مَذعوراً بِأَحجالِ
ما العَيشُ إِلّا هَوى أَحوى أَغَنَّ غَضي / ضِ الطَرفِ مِن كُلِّ حُسنٍ رائِعٍ حالي
يَزينُ حُسناً بِإِحسانٍ وَيرقُمُ حُل / لَةَ الجَمالِ لِمَن يَهوى بِإِجمالِ
يَجنيكَ مِن خَدِّهِ وَرداً يَمُجُّ نَدىً / وَمِن لَماهُ رضاباً مِثلَ سَلسالِ
ما بالُ أَجفانِهِ سَكرى مُعَربِدَةً / يَصرَعنَنا بِفُتورِ اللَحظِ في الحالِ
وَالراحُ تَطويهِ أَحياناً وَتَنشُرُهُ / وَرِدفُهُ بَينَ إِعناتٍ وَزَلزالِ
ما كَسَّرَت مِنهُ جَفناً غَيرَ مُنكَسِرٍ / وَلا أَمالَت قَضيباً غَيرَ مَيّالِ
لَكِن تَلاطَمَ مِنها خَطوُهُ فَمَشى / بَينَ النَدامى نَزيفاً مَشيَ مُختالِ
لَولا التِذاذُ نَداماهُ بِرُؤيَتِهِ / لَما اِشرَأَبّوا إِلى تَشرابِ جِريالِ
بِكاظِمَةٍ قِفوا وَسَلوا
بِكاظِمَةٍ قِفوا وَسَلوا / أَقامَ الحَيُّ أَم رَحَلوا
إِن اِرتَحَلوا فَعَن قَلبي / هَواهُم لَيسَ يَرتَحِلُ
فُؤادي فيهِ مُشتَغِلٌ / وَفَودي فيهِ مُشتَعِلُ
وَلَستُ أَشُحُّ يَوماً أَن / أَسُحَّ الدَمعَ يَنهَمِلُ
هُمُ وَصَلوا إِلى قَتلي / بِبَينِهِمُ وَما وَصَلوا
بَكَيتُ بِرَبعِهِم حَتّى / بَكا مِن رَحمَتي الطَلَلُ
فَفي قَلبي لِبَينِهِمُ / جُروحٌ لَيسَ تَندَمِلُ
وَكَم لي حيَّةٍ مِن حَر / رِها تَتَأَوَّهُ الإِبِلُ
أَبَوا أَن يَرحَموا حالي / فَقَد ضاقَت بِيَ الحِيَلُ
وَأَحناءُ الضُلوعِ عَلى / لَهيبِ النارِ تَشتَمِلُ
فَإِن داموا عَلى هَجري / فَلا سَهلٌ وَلا جَبَلُ
نَأَوا فَأَقامَ في قَلبي ال / هَوى وَالوَجدُ وَالوَجَلُ
وَقيلَ اِصبُر فَقُلتُ أَخا / فُ أَن لا يَصبِرَ الأَجَلُ
وَمَهما صُنتُ مِن سِرٍّ / فَبِالأَجفانِ يُبَتَذَلُ
وَغُزلانٍ حِسانٍ في / سِواها يَقبُحُ الغَزَلُ
هَزَزنَ وَقَد مَشَينَ لَنا ال / قُدودَ فَحارَتِ الأَسَلُ
وَما فَعَلَت سُيوفُ الهن / دِ ما فعلت بِنا المُقَلُ
وَأَغناها عَنِ التَكحي / لِ في أَجفانِها الكَحَلُ
فَلِلتُفّاحِ مِن تِلكَ ال / خُدودِ سَوافِراً خَجَلُ
أَما وَشِفاهُهُنَّ اللُع / سُ مِنها يُجتَنى العَسَلُ
شِفاهٌ فازَ مَن أَمسَت / تُشافِهُهُ بِها القُبَلُ
لَو اَنَّ العاذِلينَ رَأَوا / مَحاسِنَهُنَّ ما عَذَلوا
فَلي عَن كُلِّ شُغلٍ في / بَني الدُنيا بِها شُغُلُ
يُخامِرُ ريقَهُنَّ الخَم / رُ مِنها العَلُّ وَالنَهَلُ
فَفي لَحَظاتِها سُكرٌ / وَفي أَعطافِها ثَمَلُ
لَحَظاتُ طَرفِكَ أَم نُصولُ
لَحَظاتُ طَرفِكَ أَم نُصولُ / فَعَلى القُلوبِ بِها تَصولُ
وَصَلَت إِلى قَلبي وَلَي / سَ إِلى وِصالِكَ لي وُصولُ
وَهَلِ الشَمائِلُ هَزَّها / مَرُّ الشَّمالِ أَم الشَمولُ
تِلكَ الفُروعُ قَواتِلي / عَمداً بِها تِلكَ الأُصولُ
مِنها حَصَلتُ عَلى الغَرا / مِ وَفاتَني مِنكَ الحُصولُ
أَنتَ الَّذي في حُبِّهِ / عُقِلَت عَنِ الصَبرِ العُقولُ
أَنتَ الَّذي حازَ الجَما / لَ وَما لَهُ فِعلٌ جَميلُ
أَصبَحتُ أَعشَقُ مَن هَوا / هُ قاتِلي وَأَنا القَتيلُ
ما مَسَّ نَرجِسَ مُقلَتَي / هِ وَوَردِ خَدَّيهِ ذُبولُ
اعدِل بِحبِّكَ قَبلَ أَن / يَمضي فَقَد حانَ الرَحيلُ
صِلني بِذي الدُنيا فَإِن / نَ مُقامَنا فيها قَليلُ
لَيلي وَشَعرُكَ فاحِما / نِ كِلاهُما وَحفٌ طَويلُ
بي أَكحَلُ الأَجفانِ يَح / سُدُ طَرفَهُ الرَشَأُ الكَحيلُ
فَرُضابُهُ العَسَلُ المُصَف / فى وَالشَرابُ السَلسَبيلُ
ما لي إِلى السُلوانِ عَنهُ / وَإِن كَوى كَبِدي سَبيلُ
هَبَّ نَسيمٌ بِالطَلِّ مَبلولُ
هَبَّ نَسيمٌ بِالطَلِّ مَبلولُ / مِنهُ نِظامُ الرِياضِ مَحلولُ
مَرَّ بِرَيحانِها تَنَفُّسُهُ / بَينَ البَساتينِ وَهوَ مَطلولُ
يَنتَشِرُ التِبرُ وَاللُجَينُ مَعاً / بِمرِّهِ وَالياقوتُ وَاللولو
وَالدَّوحُ فيهِ الغُصونُ مائِلَةٌ / فَكُلُّهُ فاعِلٌ وَمَفعولُ
وَالنَرجِسُ الغَضُّ طَرفُهُ غَنِجٌ / بِصُفرَةِ الزَّعفَرانِ مَكحولُ
وَقَد تَبَدّى شَخصُ البَنَفسَجِ في / بُردٍ يَمانٍ وَالبُردُ مَعسولُ
وَفي أَكُفِّ المَنثورِ مُنتَظِماً / مِن كُلِّ لَونٍ يَروقُ مَعمولُ
وَالطَيرُ فَوقَ الغُصونِ صادِحَةً / كَأَنَّها نِسمَةٌ مَثاكيلُ
وَالنَبتُ مِنهُ عَلى الثَّرى نُشِرَت / مِن كُلِّ زَهرٍ زاهٍ مَناديلُ
وَالصُّبحُ رومِيُّهُ أَغارَ عَلى / زِنجِيِّ لَيلٍ وَالسَّيفُ مَسلولُ
عَلى ظُبى السَّيفِ حُمرَةٌ شَهِدَت / يا صاحِ أَنَّ الزِنجِيَّ مَقتولُ
أَدرَكَهُ وَهوَ راكِبٌ سَحَراً / طِرفاً لَهُ غُرَّةٌ وَتَحجيلُ
فَمَكَّنَ السَيفَ مِن مَفارِقِهِ / فَهوَ قَتيلٌ لَم يُبكَ مَطلولُ
فَهاتِ كَأسَ المُدامِ مُترَعَةً / كَأَنَّها في الظَلامِ قِنديلُ
حَبابُها لِلهُمومِ إِن طَرَقَت / من عَبَّ فيها طَيرٌ أَبابيلُ
رامِيَةً في هامِ الهُمومِ سُطاً / حِجارَةً أَصلُهُنَّ سِجّيلُ
فَهُنَّ صَرعى مِنَ المُدامِ وَقَد / شُبِّهنَ بِالعَصفِ وَهوَ مَأكولُ
راحٌ تَوَلّى السُرورُ شارِبَها / فَاِنصَرَفَ الهَمُّ وَهوَ مَعزولُ
وَبابِلِيِّ اللَحظِ حُلوِ اللَمى
وَبابِلِيِّ اللَحظِ حُلوِ اللَمى / في خَدِّهِ الوَردُ الَّذي لا يَحول
بِرِدفِهِ ثقلُ غَرامي بِهِ / وَخَصرُهُ مِثلي براهُ النُحول
أَحالَني طَرفي عَلى خَدِّهِ / بِقُبلَةٍ فيهِ وَكَيفَ الوُصول
فَقالَ لا أَقبَلُ وَالشَرعُ لا / يُحكَمُ فيهِ بِاِشتِراطِ القَبول
وَهوَ عَلى ذا التيهِ لا أَنثَني / عَنهُ بِما فيهِ يَقولُ العَذول
تَمَتَّع بِأَنفاسِ الضُحى وَالأَصائِلِ
تَمَتَّع بِأَنفاسِ الضُحى وَالأَصائِلِ / وَحُثَّ كُؤوسَ الراحِ حُمرَ الغَلائِلِ
وَجَوسَقِ بُستانٍ أَنيقٍ كَأَنَّهُ / أَرانا مِنَ الفِردَوسِ خَيرَ المَنازِلِ
وَمُطَّرِدِ الأَمواجِ مُضطَرِبِ الحَشى / كَأَنَّ حَشاهُ جُرِّحَت بِالجَنادِلِ
تَثاءَبَ ظِلُّ المَوجِ في صَفَحاتِهِ / فَذَرَّ عَلَيهِ مِن جَنِيِّ المَكاحِلِ
وَلِلذَّهَبِيّاتِ اِصفَرارُ ذَوي هَوىً / أَطَلَّ عَلَيهِم في الجُسومِ النَواحِلِ
صَواعِقُ مِن مَسِّ الهَوى كَذي هَوىً / يَخِرُّ صَريعاً مِن مَقالِ العَواذِلِ
يُجاوِدُ صَوبَ المُزنِ حينَ نُضوبها / نثيرُ اللآلي مِن جُفونٍ هَوامِلِ
كَأَنَّ سَقيطَ الدَمعِ مِنها مَدامِعُ ال / مُحِبِّ جَرَت حُزناً لِتَوديعِ راحِلِ
وَنَغمَةِ شادٍ تَرقُصُ الروحُ كُلَّما / تَرَنَّمَ في أَعضائِنا وَالمَفاصِلِ
يُجاوِبُ صَوتَ العودِ في الدَّوحِ إِن شَدا / عَلى عَذَباتِ البانِ صَوتُ البَلابِلِ
هَل شَرِبَ البانُ شَمولاً فَمال
هَل شَرِبَ البانُ شَمولاً فَمال / أَم هَزَّهُ مُرُّ نَسيمِ الشَمال
هَزَّ قُدودَ الغَيدِ إِذ جاذَبَت / أَعطافَها أَردافُهُنَّ الثِقال
في رَوضَةٍ تُرخِصُ أَنفاسُها / نافِحَةً سِعرَ الغَوالي الغَوال
وَالنَّرجِسُ الغَضُّ عَلى السُندس ال / أَخضَرِ مِنهُ بُسطُهُ وَالزِلال
كَالشَمعِ الأَخضَرِ قُضبانُهُ / وَالنّورُ فيهِ نورُهُ وَالذُبال
وا خَجلَةَ الوَردِ وَأَغصانِهِ / مِن وَجنَتَي قاتِلَتي بِالدَلال
غَريرَةٌ تَفرقُ مِن ظِلِّها / وَطَرفُها المدنَفُ يَدعو نَزال
مَتى رَنَت مُتلِعَةً جيدَها / وَالتَفَتَت فَاللَيثُ صَيدُ الغَزال
ما اِبتَسَمَت إِلّا اِنثَنَت تَشتَكي / مِن ثَغرِها الغَيرَةَ بيض اللآل
وَما رَأَينا اِمرَأَةً قَبلَها / بِلَحظِها تَسبي قُلوبَ الرِجال
تُحَرِّمُ الوَصلَ وَلَكِن تَرى / سَفكَ دَمِ العُشّاقِ عَمداً حَلال
صورَتُها يا رَبَّنا فِتنَةٌ / لَنا فَسُبحانَكَ يا ذا الجَلال
كَالبَدرِ يَبدو كامِلاً وَجهُها / حُسناً وَقاهُ اللَهُ عَينَ الكَمال
وَبي إِلَيها غُلَّةٌ لَم يَكُن / يَنقَعُها شُربِيَ ماءً زُلال
وَلَّت لَيالي الوَصلِ محمودَةً / بِها فَيا لَهفي لَها مِن لَيال
كَأَنَّها عِندي بَعيدُ المُنى / يانِعَةً أَغصانُها بِالوِصال
وَلَّت فَمَن لي بَعدها أَن أَرى / أَينَ أَمَدَّ اليَومَ طَيفُ الخَيال