المجموع : 72
سنةْ نبيْ مختارْ
سنةْ نبيْ مختارْ / فيها قيام الليلْ
طالت بها الأعمارْ / تعطى القوى والحيلْ
حوزوا بها أنوارْ / واحووا المنى والنيلْ
صلوها يا أبرارْ / عنكم يزول الويلْ
قد صدَّقَ الصدّيقْ / فيها أبو بكرِ
واختص بالتحقيقْ / حقاً بلا نكرِ
عنه الرضى توفيقْ / من أفضل الذكرِ
فارضوا بقلب شيقْ / فيه إليه ميلْ
أحيى لها الفاروقْ / نجل الفتى الخطابْ
من قدره العيّوقْ / في زمرة الأصحابْ
عنه الرضى منطوقْ / للسادة الأحبابْ
فارضوا فعنه النوقْ / ترضى وتمشي سيلْ
ثم اعتنى عثمانْ / في هذه السنَّهْ
من عنده نورانْ / من أعظم المنَّهْ
خصوه بالرضوانْ / عنه تروا الجنَّهْ
والله بالإحسانْ / يوفى لكم في الكيلْ
وارضوا عن الكرارْ / والصهر وابن العمْ
من خصَّ بالأسرارْ / حاوي العطاء الجمْ
مع جملة الأطهارْ / آل وصحب ثمْ
والأوليا الأخيارْ / فيهم يطول الذيلْ
إنا فهمنا عنه أمثالاً لنا
إنا فهمنا عنه أمثالاً لنا / هو ضاربٌ فينا بخلقٍ أكملِ
لم نضرب الأمثالَ نحن له ولم / نعدل عن النهج القويم الأعدلِ
ولهم ضربنا قوله الأمثالَ في / حق الذين تقدموا فتأمَّلِ
لا تضربوا الأمثال لله الذي / قد قال ذلك في الكتاب المنزلِ
فالله يعلم والبرية كلهم / لا يعلمون بمجمل ومفصَّلِ
ومتى رأينا عالماً في صورة / كونية قلنا هو الحق الجلي
رام الظهور بصورة في علمه / وبها توجه للحضيض الأسفل
والكل ذو علم ولو بحقيقة / فيما مضى والآن والمستقبل
والحق عنها قد تنزه قبلها / وهو المنزه بعدها عنها العلي
والحكم فيها قد أتى منه على / ما كان منها في القديم الأول
وهو الذي ما زال عن إطلاقه / وهي التي عن نفيها لم ننزل
لكنها ثبتت به منه له / كشفاً بعلمٍ ليس بالمتحوّل
وتخصُّصاً بإرادة وتقدُّراً / بالقدرة القصوى عن المتأمل
فاشهده منها مطلقاً في نفسه / ومقيداً بخصوصها المتأثِّل
أو شئت فاشهدها به معدومة / لما تزل وهو الشهيد لها الولي
إن الشهادة والولاية كانتا / للحق حتى صارتا بالحق لي
رُبَّ فوارةٍ خلال مروجٍ
رُبَّ فوارةٍ خلال مروجٍ / ماؤها ناثرٌ عقودَ لآلي
كلما قام ذلك الماء فيها / خرَّ للأرض ساجداً للحال
وهو في حالة السجود تراه / في هدير بذكره متوالي
ليس إلا هو الشخوص إذا ما / زال شخصٌ أتاه شخص تالي
جل يا ماء خالقٌ لك أجرى / دائماً فهو ربنا ذو الجلال
قم به هكذا بنفسك واقعد / في السواقي وصوت ذكرك عالي
عبرة للذي يرى بك منا / نفسه في تكوُّنٍ وزوال
مدة العمر فهو لله عبد / من أولي الأمر أمر مولى الموالي
خليلي ما بال القوافل هكذا
خليلي ما بال القوافل هكذا / عن الحق مصرفون وهو ضلالُ
يرون الوجود الحق للخلق ظاهراً / يُحققُ هذا عندهم ويقال
كأن الوجود الخلق صار محقَّقاً / وأما الوجود الحق فهو خيال
خيال لديهم ظاهر في نفوسهم / لهم غائب عنهم وذاك محال
فهم يعبدون الله فيما تخيلوا / وقد بان في كل العقول عقال
وإن الوجود الحق صار مقيداً / لديهم بأشيا تنمحي وتُزال
فمن أجل هذا أنكروه وقد بدا / وغاب وهامت في هواه رجال
به شُغلوا عنه وآثارُ صنعه / تقاديرُ حالت دونَه وظلال
فلا هم مع الأقوام فيما تحققوا / ولا هم على تحقيقهم فيخال
وجهل على جهل فجهل مركب / وليس لهم في دفع ذاك مجال
ربنا الله ذلك المتعالي
ربنا الله ذلك المتعالي / عن جميع الأشباه والأمثالِ
عزَّ في ملكه وجلَّ فصارت / عنه معقولةً عقول الرجال
لا بذكرٍ يدرونه أو بفكر / أو بوهم ولا خطور ببال
فهو غيب كل الورى سبَّحتْه / بتصاويرها وبالأشكال
وهو مع ذاك التنزه بادٍ / يتجلى بسافل وبعالي
وقريبٌ للشيء من كل شيء / وبعيدٌ بعزة وجلال
حركات الجميع مع سكنات / كلها منه عنه في كل حال
ما لشيء سواه تأثير فعل / أبداً غير نسبة الأفعال
عرفته به أولوا العلم منا / بعد محو النفوس باضمحلال
حيث لم يتركوا لهم فيه دعوى / أثر من تحرك أو مقال
وله أسلموا به فرأوه / فاعلاً عين فعلهم بالتوالي
ولهم محض نسبة الفعل أبقى / للعبودية التي للكمال
كلَّفتهم أحكامه أن يروها / فهي منهم له على الإجمال
ظاهر عندهم بهم وهو عنهم / باطن غائب بغير زوال
فهو من حيث ذاته في خفاء / وهو من حيث وصفه في تلالي
واتصال لهم به حيث عنه / وجدوا ثم هم به في انفصال
إن ترم أن تعرف الأحوالْ
إن ترم أن تعرف الأحوالْ / والذي فيه أنا في الحالْ
والذي أشهده مني / دائماً في الحل والترحالْ
والذي نفسي تحدثني / فيه بالإكثار والإقلال
أنا ذاتيْ والصفات كذا / سائر الأقوال والأفعال
من عبادات وعصيان / ومباحات لها إحلال
واعتقادات مؤكدة / والذي يخطُرُ لي في البال
من علوم الدين والدنيا / في بكور العمر والآصال
واشتغال الفكر ملتهياً / والخطا والسهو والإغفال
كل هذا دائماً أبداً / هو في الماضي وفي استقبال
خلق ربي لي فينسب في / رؤيتي للخالق الفعال
تارة عندي فأشهده / فعل ربي ما به إشكال
فأراه كله مِنَناً / من إلهي وهو لي إقبال
وهو إحسان إليَّ به / وهو للإكرام والإجلال
فالذي من قسم طاعات / محض إنعامٍ بلا إهمال
والمباح القلب يقلبه / طاعة بالقصد للإكمال
والذي من قسم معصية / بدَّلته توبة استعجال
وهو بالطاعات منقلب / حسناً من أحسن الأعمال
ثم إني كل ذاك أرى / أنه فعلي على استقلال
وهو منسوب إليَّ كما / جاء في التكليف باسترسال
طبق ما التشريع جاء به / عن رسول الله ذي الأفضال
وهو مني كله شكر / وثناء ما به إخلال
للإله الحق خالقنا / منجح المقصود والآمال
وإذا فعلٌ تكون له / نسبتانِ الأمرُ فيه مجال
سائغ لا شرع يمنعه / لا ولا للعقل فيه عقال
نسبة لله جل كذا / نسبة للعبد كيف يقال
وحقيقيّان أمرهما / لا مجازٌ ذا وليس محال
فأنا ما بين رؤية ذا / فرط إنعامٍ من المفضال
وأراه تارة مني / شكر ربي الخالق المتعال
هذه في الله حالتنا / فاسمعوا يا أيها العذال
قد ذكرناها لرؤيتنا / إنها تخفى على الجهال
فيظنون الطريق إلى / علم غيب الله محض مقال
أو بفكر ذاك يحصل أو / بتعاني ذكره المتوال
إنما بالله جل إذا / لازم التقوى بلا إهمال
واقتفى آثار من سلفوا / مع دوام الصدق والإقبال
لله في كل ما يبديه تعليلُ
لله في كل ما يبديه تعليلُ / والخلق تكثيرُه في الأمر تقليلُ
صح الجواب لقوم يسألون وما / صح الجواب لأن الفعل توكيل
في كل شيء له سر الوكالة إذ / لم يخرج الشيء عنه فهو تأصيل
وإن أردتم جواباً واحداً فقفوا / هنا فما هذه قيلَ التماثيل
معنى يراد ومعنى لا يراد سرت / حقائق الكل فيما فيه تكميل
كعبة الحسن أسفرت بالجمالِ
كعبة الحسن أسفرت بالجمالِ / وتبدَّت لصاحب الأحوالِ
ولها مقلة من الحجر الأس / ود ترنو ببهجة ودلال
ريقها زمزم يمج بعذب / سائغ للمتيمين زلال
وحطيمٌ محبُّها بغرام / صبّ ميزابه بفرط جلال
نظرتها عيونها بعيون ال / عاشق الواله البعيد المجال
وإذا كنت عابداً فهي سلمى / لبست ثوبَ هيبة وكمال
وأشارت إلى الطواف بوجه / يفضح البدر بالسنا والتلالي
ويرى الزاهد المجرد بيتاً / ملأته مهابة الإفضال
اطلب العلم كالذباب إذا ما
اطلب العلم كالذباب إذا ما / طردوه يعود في كل حالِ
واشتغل بالمطالعات لما في / كتب العلم أنت طول الليالي
وإذا أشكلت عليك أمور / سل خبيراً ولا تقف في السؤال
وإذا لم تجد خبيراً فدعها / لوجود الخبير ذي الإفضال
إن هذا هو السعادة أما / غير هذا فمحض قيل وقال
آلة الشكر هذه الأموالُ
آلة الشكر هذه الأموالُ / تترقى بها النسا والرجالُ
فاجمعوها لتنفقوها على من / تنفقوها عليه وهي حلال
واقصدوا وجه ربكم لتنالوا / كل خير وليس منكم سؤال
درهم تنفقونه فيه ينمو / وبه يدفع الردى والضلال
وبه الله عنك راض إذا كا / ن حلالاً تنال مالا ينال
واحذر احذر أن تقتفي كرماً في / غير شكر الإله فهو وبال
أو بمال محرم فهو إثم / وخصوصاً فيما عساه يقال
إنما الشكر فرض عين علينا / وهو منا الأقوال والأفعال
كل ما كان طاعة فهو شكر / والمعاصي كفران ما لا يزال
من تناويع نعمة الله ما لم / تُحصَ فالله محسن مفضال
ألا فتحقق أن كل استقامة
ألا فتحقق أن كل استقامة / بغير اعوجاج ما عليها معوَّلُ
فإن اعوجاج القوس لا شك أنه اس / تقامته عن تلك لا يتحول
وما مقصدي بالإعوجاج سوى الذي / يراه بساهي عينه المتقول
أعد نظرا في الصالحين ولا تكن / بمنكر ما يأتون فهو المؤول
فإن عليهم عين حفظ قديمة / من الله عما قد نهى يا مُسوِّل
عِمْ صباحاً أيها الطللُ
عِمْ صباحاً أيها الطللُ / رسمُ أمرٍ كلُّه جللُ
أمر مولى عنه قد ظهرت / كل روح ما بها خلل
وهو شأن الحق يسفر عن / نشأة بالنقص تكتمل
كل يوم قال خالقنا / هو في شأن ولا ملل
يا عظيم الخطب أنت لها / لا يُمِلْكَ القصدُ والأمل
جامع للكل منفرد / ما سيأتي فيك والأول
وعليكم جاء أنفسَكم / فاستمعها أيها البطل
وتأمل من سواك ومن / هو أنت الكل قد بطلوا
ثم إن الغيب عنك بقي / ما له عما به حِوَل
ليس إلا مظاهرٌ ومجالي
ليس إلا مظاهرٌ ومجالي / فاتركونا نَجُلْ بهذا المجالِ
ما مع الله في الوجود سواه / إنما نحن فرضه للمحال
من قديم أحبنا فأحبي / ناه والحب مثبت في الخيال
صوراً تختفي وتظهر طوراً / في محل بين الحبيبين خالي
فافهموا يا عقول معنى كلامي / وترقوا به لأوج المعالي
إنما الحق للجميع محب / فتراه مصور الأمثال
لكن الحب منه لا منك يا من / هو عنه في غفلة واشتغال
أسرته لضعفه شهواتٌ / من حرام لذيذةٌ وحلال
فلو انزاح فيه عن كل شيء / لرآه عليه في إقبال
ثق بمولاك واشتغل في رضاه / وتحقق واترك جميع الموالي
إنما الكل فتنة لك فاعلم / أنه ذوالإكرام والإجلال
غير الوجود محالُ
غير الوجود محالُ / عليه أنت محالُ
فافطن له وتأمل / فالعقل فيه عقال
هو الهدى للبرايا / وما سواه ضلال
يا واحداً وكثيراً / بما عليه يحال
من كل تقدير شيء / في العلم منه مثال
قَدَّرتَنا من قديمٍ / فنحن شيءٌ محال
فرضتنا فظهرنا / بك العراض الطوال
وأنت أنت وجود / ونحن نحن خيال
أستغفر الله إن ال / خيال شيء يخال
بل نحن لا شيء لكن / هذا كلام يقال
لأجل تقريب قوم / في العقل منه خبال
قد اعتنوا بالمعاني / وهم سراب وآل
فحاولوا الحق فيها / وليس فيها ينال
يا للبرية إن قلبي ما ارتوى
يا للبرية إن قلبي ما ارتوى /
ممن معي لا زال يظهر بالقوى /
وأنا الذي أشكو المحبة والجوى /
وأمر ما لاقيتُ من ألم النوى / قرب الحبيب وما إليه وصولُ
يدنو فأحسب أنه أني وما /
هو غير قرب والجهول له العمى /
فاعجب لنور فيه كوني أظلما /
كالعيس في البيداء يقتلها الظما / والماء فوق ظهورها محمولُ
دع من يجادل أو يماطلْ
دع من يجادل أو يماطلْ / واعلم بأن الكلَّ باطلْ
والحق حق واحدٌ / وبه غبار الكون ساطل
يا من يعدده ولا / يدريه خاطٍ أنت خاطل
يا غافلون تنكبوا / عنا فغيث الفتح هاطل
هذا الذي لا تعرفو / ن ولو جريتم في القساطل
وقفوا بأرض عقولكم / إن الذي تدرون عاطل
ما حظكم غير السوى / منه وما فزتم بناطل
الله أكبر هذه / ذكرى لأفئدة العواطل
ظهر الوجود الحق في مرآتنا
ظهر الوجود الحق في مرآتنا / إذ نحن في العدم المقدر لم نزلْ
فوجودنا هو صورة لوجوده / لا أنه ذاك الوجود علا وجلّْ
وكذا ظهرنا نحن في مرآته / مع أننا عدم ومنه على وجل
وهو المقدر بالصفات ذواتنا / وصفاتنا من غير بدء في الأزل
إذ نحن أجمعنا هو العدم الذي / ما شم رائحة الوجود إذا نزل
فظهوره فينا بقول قل انظروا / ماذا الذي هو في السما والأرض هل
وكذاك وهو الله قال بأنه / هو في السما والأرض من يجحده زل
وظهوره فينا بحكم كلامه / في كل شيء هالك إلا الأَجَلّْ
مع أننا نحن العوالم كلها / موجودة فافهم وفصِّل ما انجمل
واحذر تظن تغيراً وتبدُّلاً / في ربنا عما عليه فما انتقل
وكذلك احذر أن تظن بأننا / عما عليه لنا التغير والبدل
فإذا رآنا فهو راء نفسه / لا أننا هو أو بنا حاشاه حَلّْ
وإذا رأيناه فأنفسنا نرى / لا غير فاكشف عن سنا هذا المحل
هذا هو العرفان وهو أجل ما / يأتي به بشر وحققه الأمل
إرث النبيِّ محمد وهو الذي / جاءت به ساداتنا القوم الأول
إنما وحدة الوجود لدينا
إنما وحدة الوجود لدينا / وحدة الحق فافهموا ما نقولُ
وحدة الله وحدة لا سواها / شهدتها منا الكبار الفحول
وسواء قلنا الوجود أو الح / ق فلا فرق عندنا يا جهول
لا تظن الوجود حيث ذكرنا / ه هو الخلق عندنا المبذول
هو حق بعد الفنا عن سواه / يتجلى فتضمحل العقول
ولهذا كان الفنا هو شرطاً / عندنا للمريد فيه حلول
وهو طهر الأرواح من نجس قد / حلَّ فيها من الكثيف يجول
لطخ الروحَ حين خالطها إذ / جهلته وغاب عنها القبول
واعتراها أيضاً هنا حدث من / كل معنى به الحجى مشغول
فالنجاسات مانعات المصلِّي / وكذاك الأحداث حين تحول
بين ربي وبينه فارفعوها / بعلوم السما يكون الوصول
أقبل ودع عنك الكسلْ
أقبل ودع عنك الكسلْ / وكن الذباب على العسلْ
وإذا طردت فعد إلى / ما كنت تطلبه وسل
واعلم بأنك قاتل / فالنصل في طول الأسل
والحب يخرج مثله / والبزر أشجاراً نسل
ومتى تركت تركت لا / طهر الإناء ولا انغسل
إياك إياك ربكْ تفهمو بالعقلْ
إياك إياك ربكْ تفهمو بالعقلْ / فإن ذا فيك نابتْ مثل نبت البقلْ
وأنت والعقل فاني والذي في الحقلْ / واعده في الغيبْ واتبعْ ما أتى في النقلْ