المجموع : 51
قد عَزَمْنا على التصّيد والنُّزْ
قد عَزَمْنا على التصّيد والنُّزْ / هَةِ والصّيدُ في التَّنَزُّه فَضْلُ
فيه ضَرْبٌ من السياسة والعَزْ / مِ وفيه لِلْحَزْمِ عَقْدٌ وحَلٌ
ولَدَيْنا من الجَوَارح للطَّيْ / رِ ضُروبٌ فهنّ للطير قَتِلُ
ولدَيْك البواشِقُ اللاءِ قَدْ رُحْ / نَ كما رُحْتَ ما لِفَضلِك مِثْلُ
فَتَفَضَّلْ بباشِقَ كُلُّ ما فِي / هِ جَناحٌ ومِخْلَبٌ فِيهِ نَصْل
طالَمَا طاردَ السُّماني وأَضحَى / دَمُها وهْوَ تَحتَ رِجلَيهِ نَعْل
وافِر الدَّسْتِ مُرْهَف الرِّيشِ لولا / صَدْرُه لم يكن له مِنه ثِقْلُ
واقتراحِي له عليكَ لِعلمي / أنني مخلِصٌ لديك مُدِلُّ
ضَمَّخوا الريحَ بالعَبِيرِ وقالوا
ضَمَّخوا الريحَ بالعَبِيرِ وقالوا / إنْ تَنَشَّقْتَها لِقيتَ الوصالا
نَشْرُها نَشْرنا فإن شِئتَ رؤيا / نا فلا تَعْدُ أن تُلاقِي الهِلالا
قد بَعَثْنا في الريح والشمسِ والبدْ / رِ إلى مُقْلَتَيك مِنّا مِثالا
فدعِ العذْلَ في الصدودِ فإنّا / لا نُطِيقُ الرقيبَ والعُذَّالا
لاحظتُه فرمتْ قلبِي لواحِظُه
لاحظتُه فرمتْ قلبِي لواحِظُه / بأسْهُمٍ ما لها رِيشٌ سِوى الكحَلِ
فبان في مُهْجَتي آلامُ أَسهُمِهِ / وبان لونُ دمِي في خَدِّه الخَجِلِ
فَلَيتَهُ إذ سقانِي سُمَّ مُقْلتِه / صِرفاً سقانِي مُدامَ الَّلحْظِ بالقُبَلِ
أَوليته صدَّ عن هَجْرِي ومَظْلمتِي / كمَا صَددتُ بقلبِي فيه عن عَذَلِ
بَعَثْتُها قَهْوةً صَفْرا مُعَتَّقَةً
بَعَثْتُها قَهْوةً صَفْرا مُعَتَّقَةً / حمراء تُنْبِت وَرْدَ الحُسْنِ للقُبَلِ
فاشربْ مُهَنًّا على رَغْم الحَسودِ لنا / واطْرَبْ مُغَنّىً فهذا أَحْسَنُ العَملِ
ويومٍ من الأيّام غابت عواذِلُه
ويومٍ من الأيّام غابت عواذِلُه / سَقانا به طَلٌّ السرورِ ووابِلُهْ
صفَتْ مثلَ صَفْوِ الخمرِ بالماءِ بَيْننَا / أَواخرُه حُسْناً وطابَتْ أَوائِلُهْ
فلمّا تعاطَيْنا المُدامَ وأَوْمَضَتْ / بُروقُ الصِّبا فينا وسُلَّتْ مَناصِلُهْ
دَهَتْنا صروفُ الدَّهرِ بالفَرَسِ الّذي / مَضى آبِقاً واسترجَعَ اللَّهْوَ باذِلُهْ
وبِتْنا على سُكْرَيْنِ مِن سُكْر قهوةٍ / وسكرٍ من الخَطِب الّذي جَلَّ نازلُهْ
فيا لكَ يوماً طاب صُبْحاً وغُدْوةً / وجاءتْ بأضدادِ السُّرورِ أصائِله
فبِتْنا كما لا نَشْتَهِي وقلوبُنا / رهائنُ فِكرٍ يُحْرِق الجمرَ داخِلُه
نُقسِّم كَأْساتِ التَّنَدُّمِ بيننا / ونَنْشُر شَجْواً ليس تَهْدَا مَراجِلُهْ
ونُفْكرِ مِنهُ في عواقبَ يرتضِي / بشاعَتَها مُبْدِي الشَّماتِ وحامِلُهْ
فلّما بدا وجُه الصَّباحِ وأَقبلَتْ / تَكُرُّ على وَفْدِ الظّلامِ قنابِله
أتتْنا بِه البُشْرَى فرَوَّحَ مُكْمَدٌ / وأَنْهل صادٍ بات حِبٌّ يُواصِله
فلو عاينَ الْمَلْكُ العزيزُ مَبِيتَنا / لخطبٍ دَهتَنْا بالفَظِيعِ كَلاكِله
لأَرْغَمَ أنفَ الدَّهِر عن أن يُصِيبنَا / كما لم يَزَلْ فِينا نَداه ونائِلهْ
إمامٌ كأنَّ اللهَ أَنْزَلَ فَضْلَه / قُراناً فما خَلقٌ من النّاس جاهِلُهْ
ونهارٍ أَرَقَّ صُبْحاً من الرّا
ونهارٍ أَرَقَّ صُبْحاً من الرّا / حِ وأَحْلَى من الأَمانِي أصيلا
ظَلْتُه بين قَيْنةٍ ومُدامٍ / أَجْتَني وَجْنةً وأُسْقَى شَمولا
وكأنّ السحابَ والبرقَ فيه / مُطْرَفٌ أَدْكَنٌ يَهُزُّ نُصولا
سَقّياني فلستُ أُصْغِي لعَذْلِ
سَقّياني فلستُ أُصْغِي لعَذْلِ / ليس إلاّ تَعِلَّةَ النفسِ شُغْلِي
أَأُطيع العذولَ في ضِدّ ما أَهْ / وَى كأنّي أتَّهمتُ رأي وعَقْلي
عَلِّلاني بها فقد أَقبلَ اللَّيْ / لُ كَلَونِ الصدودِ مِنْ بعدِ وَصْل
وانجلَى الغَيْمُ بعدَ ما أَضحك الرو / ضَ بكاءُ السّحابِ فيه بوبْلِ
عن هلالٍ كصَوْلجَانِ نُضارِ / في سماءٍ كأنها جامُ ذَبْلِ
ما نسيناكُمُ عَلَى كلِّ حالِ
ما نسيناكُمُ عَلَى كلِّ حالِ / لا ولا زِلْتُمُ حُضوراً ببالِي
فعَلاَمَ أتَّركْتُمُ حين غِبْنا / حِفْظَنا وافتقادَنا بالسُّؤالِ
أَمَلِلتُمْ وِدادَنا فَسَلوتُمْ / تركُ تَسآلِكُمْ دليلُ المَلالِ
نحن راعون حافظون مُجازُو / نَ على الصَّدِّ منكُمُ بالوِصال
سوف نشكو إذا التَقَيْنا جَفَاكُمْ / لِهواكُمْ وَقَوْلَكمْ للِفعال
إذا لم أُصدِّقْ ظَنِّ كُلِّ مُؤَمِّلٍ
إذا لم أُصدِّقْ ظَنِّ كُلِّ مُؤَمِّلٍ / ولم أحْمِ عِرْضي بالسَّماحةِ والبَذْلِ
ولم أُطِع المعروفَ والبِرَّ والعُلا / وأَعْصِ ذواتِ الحُسنِ والأَعُينِ النُّجْل
فلستُ ابنَ من عزَّت به كُلُّ دولةٍ / ونجلَ النبيّ المصطفَى خاتَمِ الرُّسْل
ولستُ أَعُدُّ الفضلَ فَضْلاً والعُلا / إذا لم يَسُدَّ الخافِقين بها فِعْلِي
وكم جاحِدٍ فَضْلِي لإسقاطِ فَضْله / ذَوُو النَّقْصِ مذ كانوا أعادي ذوي الفضِل
غَيْري رَمَيْنَ ذواتُ الأَعْين النُّجُل
غَيْري رَمَيْنَ ذواتُ الأَعْين النُّجُل / إِذْ رِشْنَ نَبلَ فُتورِ اللّحظ بالْكَحَلِ
مَن راحَ صَبّاً بحبّ الغانياتِ فلي / قَلْبٌ بحبِّ المعالِي راحَ في شُغُل
وكم صبوتُ إلى وَرْدِ الخدود ولم / أَرْضِ العذولَ الذِي قد لجّ في العَذَل
لم يَحْم مَنِّيَ خَدّاً لَدْغُ عَقْرَبهِ / ولا ثَنَتْنِي سهامُ اللّحظِ عن مُقِل
ولا نَهْتني حُلَى ألفاظِ غانيةٍ / عن رَشْفِ ما في ثَناياها من العَسَل
ولا قَنِعتُ بزور الْوَعْدِ من رَشَإٍ / دون التّعانُقِ والتَّجميش والقُبَلِ
ما زلتُ أَخلع في رَبْعِ الصِّبا رَسَنِي / لَهْواً وأسحبُ فيه رَيْطةَ الغَزَلِ
فالآن لمّا قَضَتْ نَفْسي مآربهَا / ونِلتُ من كلّ شيءٍ غايةَ الأَملِ
أَقصرتُ يا سَلْمَ عمّا تَعلمِين فما / أَصْبُو لَربْع ولا أَبْكي على طَلَل
لمّا بَلغتُ أشُدِّي بعدما انْقَرَضَتْ / بعد الثّلاثين خَمْسٌ مِن زمانِيَ لي
راجعتُ حِلمي وآثرتُ الوَقَار وَمن / يَحْلُمْ يُوَقَّرْ ومَنْ يَسْتَحْي يُنتضلِ
كما أطعتُ شبابي في الصِّبا فكذا / أُطيع في صالح الأعمال مُكْتَهلي
يا شهْرَ مُفْترضِ الصَّوْمِ الذي خَلَصَتْ / فيه الضمائُر بالإخلاصِ في العمل
أَرْمَضْتَ يا رمضانُ السِّيئاتِ لنا / بُشْر بِنا للتُّقَى عَلاَّ على نَهَلِ
صَومٌ وبِرٌّ ونُسْكٌ فِيك مُتّصِلٌ / بِصالحٍ وخشوعٍ غيرِ منفصِل
يا ليت شهركَ حَوْلٌ غيرُ مُنْقَطِع / وليت ظِلِّك عنّا غيرُ مُنْتقِل
ما أنت في أشهرِ الحَوْلِ الّتِي سَلفتْ / إلاّ كمثِلِ نِزارٍ في بني الرُّسُلِ
مَلْكٌ إذا سِيلَ أَغْنَى السائِلين له / وإن هُمُ سكَنوا أعْطَى ولم يُسَل
تَلقاه في الحربِ كَرَّاراً إذا اسْتَعَرتْ / وحامَ طيرُ الرَّدَى بالمعشِر النُّزُلِ
حَسّام ما مِنْ عِظماتِ الأُمور أَبَيْ / نَ الحَسْمَ وَصَّالُ ما مِنهنّ لم يَصِل
لا بالضعيف قُوَي الآراءِ عن حَدَثٍ / يُرْدِي الأنامَ ولا الهِّيابةِ الوْكَلِ
يَنال بالسيف ما تَعْيا السيوفُ به / وبالنَّباهة ما يُعِيي ذوِي الحِيَلِ
يقظانُ حِين ينامُ الحزمُ مُحْتَرِسٌ / مُتَرَّفٌ شَرِسٌ عَجْلانُ ذُو مَهَلِ
زِنْت الخلافةَ مذ أُلْبِسْتَ خِلْعَتَها / وزدْت دَوْلَتَها عِزّاً على الدُّوَل
لولاكَ كانتْ بِلا جِيد ولا جَيَد / ولا جفونٍ ولا كُحْلٍ ولا كَحَلِ
نَظَمتَ بالعدلِ تيجانَ البهاءِ لها / وبالسماحةِ وَشْيَ الْحَلْي والحُلَلِ
فالدِّينُ غيرُ مهِيض إذ نهضتَ به / وَفَيْلَقُ الجودِ منصورٌ على البَخَلِ
والكفرُ في شَظَفٍ والدينُ في شَرَف / والجودُ في سَرَفٍ والناس في جَذَلِ
فانْعَمْ بعيدٍ تركتَ المسلِمينَ به / سِلْماً وغادرتَ أَهل الكفِر في جَدَلِ
نصرتَ مِلّةَ جَدَّيك الَّلذَيْ سلَفا / حتى غدتْ بك تَسْتَعلي على المِلل
لئن أتى العِيد مِن لُقياكَ في فَرحٍ / لقد مَضَى الصومُ مِن منآك في ثَكل
برزتَ فيه بروزَ الشمسِ طالعةً / وقد أَعاد الضُّحاءَ النَّقْعُ كالطَّفَل
والبيضُ تَزْهَرُ والأَعلامُ خافقةٌ / والأرضُ في رَهَج والجوُّ في زَجَلِ
فليس يَصْرِف لحظَ العين مُرْسِلُه / إِلاّ إلى سابحٍ في الأرِض أو بطلِ
والشمسُ فوقَ مَدارِ الجِيشِ قد حُجِبتْ / في جَوِّها بمُتون البِيضِ والأَسَلِ
حتى بلغتَ المُصَلّى خاشعاً نَسِكاً / خشوعَ جَدِّك في أَزمانِه الأُولِ
فقمتَ فيهم خطيباً مِصْقعاً لَسِناً / بكلّ مُنْفَصِلٍ نَثْراً ومُتَّصِل
فَأيُّ قلبٍ جلِيدٍ لَم يرِقَّ لهمْ / وأيُّ موعِظَةٍ غَرَّاءَ لَم تُقَلِ
بلاغَةٌ نبوِيٌ النَّظمِ مُحْكَمُها / وخُطْبَةٌ لم يَنْلها مُهْمَلُ الخَطَلِ
أَبنْتَ بالحقِّ ما قد كان مُشْتَبِهاً / من الهُدَى فَتَجَلَّى كُلُّ مُشْتَكِل
برهانُ صِدْقٍ شَفَيتَ الأَولياءَ بِه / وسُقْتُه بين رَيْثِ القَول والعَجَلِ
نالوا بما سمِعوا الزُّلفَى فما افْترقُوا / إلاّ وهُمْ من رِضا الرّحمانِ في جُمَلِ
صلَّوا وراءَك والأَملاكُ خلفَهُمُ / مُبَلَّغين لأَعَلى السُّؤْلِ والأَملِ
ومَحَّصَ الله ما كانوا قد اقْترفوا / حتى تَبَّروا من الآثام والزَللِ
وما تَأخرّتُ من زهد خسرتُ به / أجري ولا غبت عن رؤياك من مَلَلِ
ومَن يبيعُ نهاراً مُشْرِقاً بدُجىً / ومن يَخُوصُ ضُحَى الإِصباح للطَّفَل
لكن تخلّفتُ من سُقْمٍ ومِن أَلمٍ / طِفقْتُ بينهما كالهائِم الخَبِل
داءٌ يذودُ عن العينين نومَهُما / وعِلَّةٌ بِيَ قد زادَتْ على العِلل
فإن تكن قَصَّرتْ بِي عنك إذ سَقِمَتْ / رِجلِي فإنّي صحيحُ الودّ والعملِ
لا وجُه نُصْحي وطاعاتي بمُنْصَرِفٍ / عَمّا عهِدتَ ولا قلبي بمُنْتَقِل
إنِّي بحبّك ممزوجٌ كما مَزَجَتْ / أيِدي السُّقاة مِزاجَ الماء بالعَسلِ
صلّى عليك وأعطاك السعادةَ مَنْ / حَباك بالنّصرِ والتأخيرِ في الأَجل
خلِيليّ هَلْ دير القُصَيرِ مُحَرِّكي
خلِيليّ هَلْ دير القُصَيرِ مُحَرِّكي / على الطَّرَبِ المُحْتَثِّ والخُلُقِ السَّهْلِ
فإنّي أَراني كُلِّما زرتُ أَرضَه / وجدتُ ارتياحي فيه مُجْتَمِع الشَّملِ
رُباً كلّما هَزَّ النسيمُ مُتونَها / أقامتْ برَيّاها التّصابِي على رِجْلِ
قُلْ لمن تاهُ بالجما
قُلْ لمن تاهُ بالجما / لِ ومَنْ دلّ بالكمالْ
لا تَتَيهِوا ولم تَرَوْ / نِي فإنّي بلا مِثالْ
قد قَضَتْ لي بأنّها / أَمتي الشمسُ والهِلالْ
والإمامُ العزيزُ فِيَّ / قَؤُولٌ بذا المقالْ
إنما تَكْرُمُ الطِّباعُ إذا ما
إنما تَكْرُمُ الطِّباعُ إذا ما / كَرُمَتْ قبلها طباعُ الأَصولِ
وكبارُ النفوسِ يا بْنَ مَعَدٍّ / ليس تَرْضَى إلاّ بفعل الجميل
وكذا قالت الأَوائلُ قِدْماً / لا تَضِيعُ العلومُ عندَ العقول
أيُّ فَضْل لم يُعْطِكَ اللهُ منهُ / رتبةً لم يَجُدْ بها لِفَضيل
إن نَسَبْناك كنتَ في شَرَفٍ الأنْ / ساب يا بنَ الوصيِّ وابنَ الرّسولِ
أو سألناك كنتَ أَنْدَى من الغَيْ / ث وأَعْطَى لكلِّ شيءِ جزيل
أو هَزَزْناك للخطوبِ هَزَزْنا / شَفْرَةَ الصّارِم الحُسامِ الصَّقيل
شهرُ الصّيامِ أَجلُّ شَهْرٍ مُقْبِلِ
شهرُ الصّيامِ أَجلُّ شَهْرٍ مُقْبِلِ / وبه يُمَحَّصُ كُلُّ ذَنْبٍ مَثْقِلِ
وكذاكَ أنت أَبَرُّ من وَطِيءَ الحصَا / وأَجلُّ أبناءِ النّبيّ المرسَل
يا حُجّة الرحمانِ عند عباده / وشِهابَهُ في كلّ أمرٍ مُشْكِلِ
من لم يكن في صَوْمِه مُتَقَرِّبا / بك للإلهِ فَصَوْمُه لم يُقْبَل
فسلمِتُ للإسلامِ تَحْمِي شَرْعَهُ / بالمَشْرَفيّةِ والرِّماح الذُّبِّل
يا من بفَضْل زمانِه وطِباعِه / شهِدتْ براهينُ الكتابِ المنزَل
لولاك لم يَصْفُ الزمان ولم تُنَلْ / فيه أفانِينُ النعيم الْمُكْمَلِ
فجزاكَ عَنَّا اللهُ أَفْضَلَ ما جَزَى / مَلِيكاً وخَصَّك بالبقاءِ الأَطَولِ
وأَذَلَّ مَن عاداك ذِلّةَ راغمٍ / ورماه بالحدَثِ المهِمِّ المُعْضِلِ
وكذاك من أَضْحَى يُكِّدر نِعمةً / لك عِندنا لا زالَ أَسْفَلَ أَسفَلِ
ما زلتَ فينا مُنْعِماً متَفَضِّلاً / أَبِشرْ بنَصْرِ المنعِم المتفضّل
كُحِلت عُيونٌ حُسَّدٌ لَكَ بالقَذَى / كي لا تَرَى وفُقِئْنَ إن لم تُكْحَلِ
وعليكَ صلّى الله يا بنَ نَبِيِّهِ / وأحَلَّ مَجْدَك فوقَ أَرْفَعِ منزِل
لَجُّوا فَلَجَّ غرامي فيكَ إذْ عَذَلوا
لَجُّوا فَلَجَّ غرامي فيكَ إذْ عَذَلوا / ولِلمُحِبّ لَجاجُ يَغْلِبُ العَذَلاَ
قالوا سلاَ عنكَ فاسْلُ عن مَحَبَّته / فقلتُ مَنْ لي بأَنْ أَسْلُوه حينَ سَلاَ
أَبَرْقَ مَبْسِمِه أَنْسَى ولُؤْلُؤَهُ / أم قَدّه مائلاً طَوْراً ومُعْتَدِلا
أَمْ لَفْظهُ عَجِلاً أَم خدّهُ خَجِلاً / أمْ طَرْفَه كَحِلاً أَم لَحْظَهُ ثَمِلا
أَمْ صدَّه وجِلاً أَمْ دَمْعَه خَضِلاً / أَمْ شَعْرُه رَجِلاً أمْ خَطْوَه كَسِلاَ
أمْ كِبْرَه صَلفاً أم لِينَهُ تَرَفاً / أم خَصْرَه هَيفاً أم رِدفَهُ ثِقَلا
ظَبْيٌ غدا الحسنُ بين الناسِ مُفْتَرِقا / وراح فيه وفي أعطافه جُمَلا
من لي بتَقْبِيلِ خَدّيْه وَوَرْدُهُما / مِن لُطْفِ رِقَتِهِ لا يَحْمِل القُبَلا
لَهْفِي على الظًّبيْ الّذِي
لَهْفِي على الظًّبيْ الّذِي / تُدْمِي سوالِفَه القُبَلْ
تَحْكي عذوبةُ رِيقهِ / خَمْراً تُعَلُّ بماءِ طَلّ
حَلَفَ الهوَى لا يَنْتهِي / حَتَّى يُصَيِّرنِي مَثَلْ
لَم أفارِقْكُما اختِياراً وهَلْ تَخْتا
لَم أفارِقْكُما اختِياراً وهَلْ تَخْتا / ر يُمْنَى اليدينِ فَقْدَ الشِّمالِ
حاشَ للهِ مِنْ قِلىً وصُدودٍ / وسُلُوٍّ وجَفْوَةٍ ومَلالِ
أنتما نورُ ناظِرَيَّ وهل في النْ / نَاسِ خَلْقٌ لنور عَيْنَيه قالي
غير أنّ الزمان أَبْخَلُ مِن أَنْ / يتمادَى على إدامةِ حالِ
شأْنُه نقصُ ما اسْتَتَمَّ مِن الأَمْ / رِ وإفْسَادُ ما انتهى مِن كمالِ
فاعْذِرَا من عَذَلْتُماه على الْبُعْ / دِ ولُومَا في الْبُعْد جَوْرَ اللِّيالي
لا أُهنّيكما بعِيدٍ لأَنّ ال / عيدَ نَقْصٌ لَنا مِن الآجالِ
إنما عِيدُنا العزِيزُ الّذي نِل / نا بنُعْماه مُنْتَهَى الآمالِ
كلُّ يومٍ نِلنا بِجَدْوى أَبِي المن / صورِ عيدٌ مُجَدَّدُ الإقبالِ
مَلِكٌ من بَنِي الوصيِّ عَزِيزٌ / نَبَويٌ الهُدَى كَرِيم الفِعَالِ
ما اسْتُحسِنَ الحُبُّ حتى اسْتُقْبِحَ الْعَذَلُ
ما اسْتُحسِنَ الحُبُّ حتى اسْتُقْبِحَ الْعَذَلُ / فاكْفُفْ فَلُوْمُك كُحْلٌ والهَوَى كَحَلُ
إنّ اللّواتي غَدَا حِنَّاؤُهن دَمِي / هُنّ الّلواتي عليهنّ الحشَا كِلَلُ
كَأَنَ كلَّ فَتيقٍ يومَ بَيْنِهِم / بأَسوِد القلبِ والعينينِ مُنْتَعِل
أَتْبَعْتُهُمْ من دُموعي كُلِّ مُنهمِر / يُرْضي الغَرامَ وإنْ لَمْ تَرْضَهُ المُقَلُ
حتّى سَقَى دارَهُمْ من صَوْبِه دِيَماً / فِيها لغُلَّةِ أكبادِ الثَّرَى عَلَلُ
ما في الخُدورِ سِوى الأَقمارِ طالعة / من البراقِعِ والأَغْصانِ تَنْتَقِل
أَبْدَيْنَ بْرقَ ثُغورٍ دُون مَلْثِمَها / لحظٌ جِراحٌ ظُباهُ لَيْسَ تَنْدَمِلُ
ولُثْنَ أَردِيَةَ الْوَشِي الرِّقاقَ علَى / قَناً تَمِيلُ بِكُثْبانٍ وتَعْتَدِلُ
أَثقَلْنهنّ فلا الأَرْدَاف مائدةٌ / ولا الخُصُورُ من التَّهْييفِ تَنْخزِل
تَضادد الحُسْنُ في أَبْشَارهنّ بما / تَمَّتْ لهنّ بِه الأَوصاف والجُمَل
فلا العيونُ من التّفْتِير فاترةٌ / ولا الخدودُ من التَّضْرِيج تَشْتَعِل
أَلْثَمْننا بَرَداً زادَ الجوى لَهَباً / كَأّنما بَرْدُه في حَرّه شُعَلُ
فما ارْتَشَفنا شِفاهاً قَبْلها كَشَرَتْ / عن لُؤْلُؤٍ يُجْتَنَى من لَثْمِه عَسَلُ
ولا رأَينا رِماحَ الخَطّ تُثْمِرُ ما / يصبو إلى قَطْفِهِ التَّجْمِيشُ والقُبَل
مالِي وللِدّهر يَهْوَى ما أُساءُ به / فكلّ يومٍ لِمن أَهواه مُرْتَحَل
وأَعظُم الُّرزْءِ عِندي أَن أُصاب بما / ينأَى بِه عنِّيَ الخُلاّن والخلل
تالله لا لُمُت أَيّاماً وآونةً / حَسَدنَها فِي العزيزِ الأَعصُرُ الأُوَل
ألقتْ مَقاليدَها الدُّنيا لراحتِه / وأَمَّهُ المجدُ واستَعْلَى به الأَمل
إنّ الخلافةَ مُذْ لاذت بحَوْزَته / لم يطمع النقصُ فيها لا ولا الزَّلَل
نِيطَت بَأَحزَمِ مَن يُرْجَى لنائبةٍ / رأْياً وأَكرم من يعفو ومن يَصِلُ
أَلْفَتْهُ كُفْؤاً وأَلفاها مُشَرَّدةً / إذْ عَزّها عَدَمُ الأَكفاءِ والعضَلُ
عادَتْ بلُقْيَاهما الدّنيا لرَوْنقِها / كالشمس لمّا تَلَقّى نورَها الحَمَلُ
جَلاَ الزمانَ فما في ليلةِ غَسَقٌ / ولا لِشمسِ الضُّحى في أُفقْهِا طَفَل
ورَدَّ للدِّين والدّنيا شَبابَهُما / فالدِّين مستأْسِدٌ والدهرُ مُقْتَبِل
كأَنّما مُلْكُه في جِيده جَيَدٌ / وحُسْنُ سِيرتِهِ في عَيْنهِ كَحَلُ
خلافةٌ يُعْضُدُ القولَ الفَعالُ بها / ويسبِق الوعدَ للمستْصِرخ العَجَل
فإن تكن هاشِمٌ سادتْ وسادَهُمُ / آباؤك الخلفاءُ القادةُ الفُضُل
فأنت آخِرُهُم عَصْراً وَأفضلُهم / وبالأَواخِر يزكو القولُ والعملُ
سادُوا ولم يَبلُغوا ما أنتَ بالغُه / كذلِك الأرَض فيها السهل والجبل
فقل لمن رام منهم نَيْلَ خُطّتِهِ / متى حوى ما حوتْ شمسُ الضّحى زُحَلُ
لا يُبْطِرَنَّكُمُ أَنْ كان جَدُّكمُ / وَجَدُّهُ خَيْرَ من تَسْمُو به الرُّسُلُ
فما ثُغورُ العَذَارى كُلُّها عَطِرٌ / ولا عيونُ الغوانِي كُلُّها نُجُلُ
خليفةَ الله سُدْ واشْرُفْ وَجُدْ كَرماً / وافْخَر وصِل واعْلُ واظْفرْ إنك البطلُ
فكم سَرَيْت إلى الأَعداءِ إذْ جَنَبُوا / وكم غدوتَ رَبيطَ الجَأشِ إذ فَشِلوا
وكم سبقتَهُمُ للمجد إذ فَتَروا / وكم هَدَيْتَهُمُ للحقّ إذ جهلوا
وكم نهضتَ إلى العَلْياءِ إذ عَجَزُوا / وكم أَفضْتَ بِحارَ الجُودِ إذْ بَخلوا
لولاك ما جَرَّدُوا البِيضَ التِي اشْتَمَلوا / ولا أَطالوا قَنَا الخَطّ التي اعْتَقَلوا
بك استردَّ بنوا الزَّهراءِ حَقَّهُمُ / بعد اغْتِصابٍ وأُعطوا كُلَّ ما سأَلوا
حتى مَشَوا فوقَ قَرْنِ الشمسِ فاهتبلوا / من العِدا فوق ما كان العِدا اهْتَبَلوا
ما ضَرَّهمْ مِنْ عَلِيٍّ جدّهِمْ بعَدٌ / لما رَأَوك فأنت الجِدُّ لا الهَزَل
إن لم يكن رجلاً من أنت سابِقُه / فليس إلاّك في هذا الورى رَجُل
إنّ الأُلَى من ذوِي التَفْضِيل لو نُشِروا / وعايَنوا مِنكَ هذا الفضلَ ما فَضَلوا
رُعْتَ الحوادثَ حتى لم تَرُعْ أحداً / واعتلتَها فهي سِلمٌ ما لها غِيَل
وحُطْتَ مُلكَك حتى اشتدّ مَعقِلُه / عِزّا وطالت به في عصرِك الطِوَل
خلافٌ قد أذلّت من يخالفها / ودولةٌ عَبَّدتْ أَيَّامَها الدُّوَل
فبأسُ يُسْراك للأرواح محْترِمٌ / وجودُ يُمناك للأموال مبتذل
رِضىً وسخط إذا دَرَّا لمُحْتَلِبٍ / تَخالَفا فاسْتُدِرّ الصاب والعسل
جيشاك إمّا القنا والبِيضُ مُشْرَعَة / يومَ اللقاءِ وإِما الرأيُ والحِيَل
كم نِلتَ بالمَهْلِ ما تعيا السيوفُ به / ونلت بالسيف ما يَعيْا به المَهَلُ
فليس إلاّ على جَدْواك مُتَّكَلٌ / وليس إلاّ إلى مَغناك مرتحَل
شُغِلُت بلّذةِ القُبَلِ
شُغِلُت بلّذةِ القُبَلِ / وَوَعْدِ الكُتْب والرُّسُلِ
ومعشوقٍ يُواصِلني / بلا مَطْلٍ ولا عِلَل
أتى عجِلاً يِطير به / جناح الخوفِ والوجَلِ
وندمانٍ يساعِدني / ويَسقِيني ويشرب لي
مُضَرَّجَةً إذا أَضْرَمْ / تَها ترمِيك بالشُّعلِ
مُوَرَّدَةً إذا مُزِجَتْ / كَوردِ الخدّ مِن خَجلِ
شُغِلت بِخِلسة المُقَلِ
شُغِلت بِخِلسة المُقَلِ / ومَزْجِ الكُحْل بالكَحَلِ
وما اعتلَّتْ به الألحا / ظُ فِي أجفانها النُّجُلِ
ومعشوقٍ يكاد يذو / ب خَدّاه من القُبَل
يُعاتِبني ويُعْتِبني / ويغُضبني ويغَضب لي
تلاقَيْنا بِلا وَعْدٍ / ولا كُتُبٍ ولا رسُل
يُشَجِّعنا تَعاشُقُنا / وتَخذُلنا يد الوَجَل
فألثَمَني حَصَى بَرَدٍ / تَفَجَّرَ مِن جَنَى عسل
وبَرْقَعَ وَجْهَهُ عني / بِظاهِر خُمْرةِ الخجَل
غزال لم أَرُحْ يوماً / بِه خِلْواً من الوجَلِ