المجموع : 37
هواهُ أقرَّ بالمكروهِ عيني
هواهُ أقرَّ بالمكروهِ عيني / وعلَّمني التعلُّلَ بالمحالِ
وغادرَ نشوةً في أمِّ رأسي / فلستُ أُفيقُ غابرةَ الليالي
أُسَرُّ بأن يبيتَ بخيرِ حالٍ / ولو أني أبِيتُ بشرِّ حالِ
وأعذرُه على غَضَبِ التَّجَنّي / وأشكُره لهجرانِ الدلالِ
وتُعجبُنِي المواعدُ كاذباتٍ / لتردادي إليه على المِطالِ
وواعدتُ بالسُّلوانِ قلبي وقد دَرى
وواعدتُ بالسُّلوانِ قلبي وقد دَرى / بأنيَ لا أسلُو وأنك لا تُسلى
فما هوَ حتى قادني نحوَك الهوى / على الرغم ما أحسنتُ هَجرا ولا وصلا
إِذا لم يكن لي منك بُدٌّ ولم يكنْ / سواك لدائي كان معتبتي فضلا
مظاهرٌ بين أثوابِ الجمال وقد
مظاهرٌ بين أثوابِ الجمال وقد / أغناهُ ذلك عن حَلْيٍ وعن حُلَلِ
كأنه بين أطمارٍ له قطعٍ / بدرٌ بدا من شقوقِ الغيم في سَمَلِ
قد قلتُ لما نبتْ عنه عيونُهُمُ / وهُم بطِمرَيْهِ عن خَدَّيهِ في شُغُلِ
لا تنظروا يا مجانينَ العقول إِلى / خُبْثِ الإناء فإنَّ الطِيبَ في العَسَلِ
كَحُلَّةٍ دكناءَ في حاشيةٍ
كَحُلَّةٍ دكناءَ في حاشيةٍ / منها طِرازٌ ذهبٌ مسلسلُ
غنيّةٍ من ذهب ولؤلؤٍ / قَطْرٌ يصوبُ ووميضٌ يُشعَلُ
إِذا ونتْ عِشارُها صاحَ بها / قاصفُ رعدٍ وحَدَتْها الشمألُ
وعاش وزيرُكمْ هذا زماناً
وعاش وزيرُكمْ هذا زماناً / فآذى الناسَ مدّتُهُ الطويلَهْ
وكان أبوك فوقَ الشمسِ نوراً / وقد كسفَتْهُ عقدتهُ الثقيلَهْ
خزائِنُهُ المصونةُ صِرْنَ نَهْباً / على يدهِ وعُدَّتُه الجزيلَهْ
فعاجِلْهُ بعزلٍ أو بقتلٍ / وَحِيٍّ فهيَ عادتُك الجميلَهْ
وكايلْ شُؤْمهُ صاعاً بصاعٍ / ومن يغلِبْ فإن له الفضيلَهْ
يا أيها السائل عن سرنا
يا أيها السائل عن سرنا / وفيه ترتيل وتأويلُ
فتش عن الباطن من كتبنا / فظاهر الكتب أضاليل
إن الزواييق وتركيبها / مع الكباريت أباطيلُ
والمعدنيات وأجسادها / رمز لدى القوم وتمثيلُ
حر وبرد بعده منهما / يبس ولين فيه تحليلُ
تركب الأركان منها وللا / أجناس بالأركان تحصيل
وودار أعلاها على سفلها / فتمّ تمزيج وتعديلُ
وامتزج الظلمة بالنور وال / أدوار فيهن الأفاعيلُ
طبائع من واحد أربع / قد طال فيها القال والقيلُ
فهذه من سرّنا جملة / لها شروح وتفاصيلُ
نحاسنا تغلنا وزئبقنا
نحاسنا تغلنا وزئبقنا / ما طار في طبخنا عن الثُّفلِ
وهو إذا ابيضّ فضة فإذا / ما احمرّ تبر فرخان من أصلِ
صنوان من واحد إذا امتزجا / في البحر حازا أكرم الفعلِ
والجسد اللين الضعيف هوال / حابس للآبقات بالثقلِ
والروح أباقة لخفتها / تطير في جوها وتستعلي
والناس بالزئبق الغرور وبال / كبريت والأوساخ في شغلِ
قد تركوا النور يستضيء به ال / ساري وساروا في ظلم الجهلِ
لنا أرض نشمّسها زمانا
لنا أرض نشمّسها زمانا / ونركبها ونجعلها ذللولا
ونسقيها من الماء المصفّى / لدى التعطيش ما يشفي العليلا
ونجعل ما يطير السحق عنها / هباءً لا يحس به ضئيلا
ونسلخ ظلها عنها برفق / يخفف من طبيعتها الثقيلا
ونأخذ ريعنا منها كثيراً / لبذر قد طرحناه قليلا
تعفَّرَ في بطون الأرض منها / وأطلع نبتها زهرا جميلا
غدت ألوانها سوداً وبيضاً / وحمراً لا نريد به بديلا
ونجعل حبَّ سنبلنا طحينا / نخمّره على مهل طويلا
ونعجن من خميرته سياقاً / يحدُّ علاجُها البصر الكليلا
ففكر في الذي قلناه واصبر / عليه تستفد رمزاً جميلا
إنّ الألى ضربوا لنا مثلاً
إنّ الألى ضربوا لنا مثلاً / في البيض قالوا الحق في المثلِ
جعلوه من تدبيرهم وسطاً / والبدء محذوفا من العمل
حضنوه أياما لها عددٌ / جمٌّ بلا سأم ولا مللِ
واستخرجوا منها فراخهمُ / ألوانها شتى على مهل
فيهن طاووسية نجت / حلل الغراب ودكنة الحجل
ماءٌ ومحٌ صار قشرُهما / كنفاً وواقية من الخلل
مثل ضربناه فَضًلَّ به ال / جهّالٌ أهل النوك والخبلِ
النور في العُلو له معدن
النور في العُلو له معدن / ومعدن الظلمة في الأسفلِ
والحر وهو النور من شأنه / في سائر الأحوال أن يعتلي
تباعدت أطراف قطريهما / فاختلفا في الأبعد الأطولِ
فراسب بالطبع لا يرتقي / وصاعد بالطبع لم ينزلِ
ودارت الأفلاك واستخرجت / أسرارنا في سفلها من علِ
تلحم بالظلمة نوراً وبال / غلظة لطفاً وهي لا تأتلي
والتحمت منها تراكيبنا / حتى انتهت منها إلى الأفضلِ
الزئبق الشرقي في سرنا ال
الزئبق الشرقي في سرنا ال / مكتوم يدعى الزئبق الأعلى
والزئبق الأسفل سر لنا / دعوه في آخره ثفلا
والزئبق الأصل هو الزئبق ال / غربي جسم طار فاستعلى
بطن حديث وهو مستنبط / من أرضنا إن نجلت نجلا
بين السماء والأرض تدعونه ال / مصلح والصمغة والمقلا
نجل كريم جاء من برّه / عذراء قد وافقت البعلا
اخلط بمائك صمغنا فهما
اخلط بمائك صمغنا فهما / رطبان يلتزقان في العملِ
فإذا هما اتحدا نظرت إلى / جسد صحيح الوزن معتدلِ
أجمده بالأجساد فهو بها / يقوى وفيه السر بالثقلِ
والصمغ يجمع ذات بينهما / حتى تفوز بغاية الأملِ
عَلّمِ الماءَ قتالَ الن
عَلّمِ الماءَ قتالَ الن / نار بالطبخ الطويلِ
واخلطِ الزئبق بالنف / سِ يكن خير عديلِ
فهما الرطبان والزو / جان ذابا في الثقيل
ثم اجمِد ذاك بالكح / لِ النحاسيّ الثقيلِ
تجدِ الأركان شيئا / واحدداً عما قليلِ
واستعن في العلم والأع / مالِ بالصبرِ الجميلِ
جرى بين هرمس والشمس في
جرى بين هرمس والشمس في / قديم الزمان كلام طويلُ
وإخوانه وهمُ خمسة / وأختاه بين يديه حلولُ
وهرمس أقدمهم كلهم / وأكبرهم وهو شيخ نبيلُ
فقال لهم إنني قد نظرت / وفكري صحيح ورأيي أصيلُ
فلم أرَ أجدر يا شمس منك / بذا الملك وهوالمحل الجليلُ
فنحن نوليك فالطف بنا / فمن عند مثلك يرجى الجميلُ
ونرقى بك اليوم فوق الجميع / ومالي عمانراه عدولُ
وأعلم أنك لي قاتل / وآنيَ عما قليل قتيلُ
فقال له الشمس نعم القرين / لعمري أنت ونعم الخليلُ
فغن كنت مستيقنا إنني / بقربك مني حسني يزولُ
فقال له بي تزداد نسلاً / ومن قوة منك عمري يطولُ
فقال له الشمس إنّ الجميع / لي ولأمرك طوع ذلولُ
سوي آرس إنه كاره / لحكمك وهو الشقي الخدول
فقال له إنّ ذاك الجفاء / ظل يزول وحال تحولُ
إذا أنا أرضعته مدة / وداريته فهو بَرٌ وصولُ
فقال له الشمس إياك أن / تغيب عني غالتك غول
فإنك إن غبتَ عني قتلتُ / وكان لملكي وبال وبيلُ
وفرّقتَ بيني وبين الرفاق / فالعقد مني ومنهم سحيل
فقال له أحسنِ الظن بي / فبي سوف تجمع تلك الشكولُ
فقال له الشمس إن صَحَّ ذا / فحظك منيَ حظ جزيلُ
وإلا فعندي لكم كلكم / من النار والله سيف صقيلُ
فقال والله ربي حلفت / لا زلت ما عشت عما أقولُ
أقيم لديك إلى أن يصير / جسمك روحا ونعم البديل
فقال له الشمس إني حلفت / يمينا شهودي عليها عدولُ
فإن صح قولك ذا لا برحت / إلا وجسمي إليك ثقيلُ
فقالوا جميعا رضينا بذا / فكل بما نحن قلنا كفيل
فقال لهم إخوتي كلكم / يريد الإباقَ فماذا تقولُ
وأنت فتحت لهم في الإباقُ / وذلك من طبعهم مستحيلُ
فإن أنت أبَّقتَهُم لي يكن / لنسل بقاء ولا لي حويلُ
وأهلكت ملكي وأهلكتني / وأتلفت من إخوتي من يعولُ
فقال له اعمل برأيي فإني / نصيح وللنصح يرجى القبول
عليك بإغلاق ناموسنا / ففيه المبيت وفيه المقيلُ
وأحكم مغاليق أبوابه / إلى أن يسد عليه السبيلُ
ومن قيّم الأمر لا تذهلن عني / فأصل الفساد الذهولُ
لأستخرج الروح من إخوتي / فطوعي شبابهم والكهولُ
واجعله لك تاجاً به / تُباهي الملوكَ وتُسبي العقولُ
وارفع ذكرك في الغابرين / وذاك لمثلك عندي قليلُ
فيا حسن ذلك من مجلس / ويا طيب ماضمنته الفصولُ
حكيت لكم كل ما قد وعيت / وحسبيَ ربي ونعم الوكيلُ
الملك الشيخ العقيم الذي
الملك الشيخ العقيم الذي / تحت يديه الحزن والسهلُ
قد طلب النسل بأكثاره / وطء عذارى مالها بعلُ
فعقمت تلك العذارى ولم / يولد له في عمره نجل
حتى إذا استيأس لا طفلة / تقرّ عينيه ولا طفل
فَرَّ إلى الله فمحرابه / من دمعة الواكف مخضل
وجاءه الوحي بأن هذه ال / عقدة وَسطَ البحر تنحلُ
قم فاركب البحر وأمواجه / هائلة تسفل أو تعلو
ملجّجاً فيه ففي وسطه / جزيرة ضاق بها السيلُ
فيها العقاقير التي لا يرى / في سائر الدنيا لها مثلُ
وشربها ماء الحياة الذي / ينزل منه الوبل والطلُّ
فم دواها وعقاقيرها / شرابك السائغ والأكلُ
تلبث فيها مستحماً بها / يمضي عليك الفصل والفصلُ
حتى إذا ما دبَّ في جسمك النور / ولم يبقَ له ظلُ
تخرج منها وعلى رأسك التاج / الذي ليس له عِدلُ
مضاعف الحسن فمن نوره / المشرق والمغرب لا يخلو
فأنت إن لامستَ من بعده / تلك العذارى كثر النسلُ
فامتثل الأمر الذي جاءه / والوحي حتم حكمه فصلُ
فانتشر النسل وضاق الفضا / بهم وطاب الفرع والأصلُ
وبقي الملك لأعقابه / فمنهم الإحسان والعدلُ
فالحمد لله العلي الذي / من عنده الأفضال والفضلُ
ولما حللنا جميع الرموز
ولما حللنا جميع الرموز / ولم يبق من حلنا مشكلُ
وما قاله هرمس أولا / وجاء به آخراً هرقلُ
ورمز بليناس وهو الذي / تضمنه السَّرَب المعقلُ
وما جاء في حكم الأولين / ووافقه المحكم المنزلُ
وما رام إغماضه جابر / وهوّل فيه كما هوَلوا
سمحنا بما بخلوا كلهم / به وشرحنا الذي أجملوا
وبحنا بأسرارهم في الذي / جمعنا وجئنا بما أهملوا
مفاتيح مشحونة بالعلوم / بها يفتح القفل المعطل
قريب بها من أقاويلهم / مصابيح زاهرة تشعلُ
كما بان ما جاءنا آخر / بأمثالها لا ولا أولُ
وهذي المقاطيع فيها اختصا / ر جميع العلوم الذي طوّلوا
من الناس من لم يكن عارفاً
من الناس من لم يكن عارفاً / بسر الطريق وأحواله
فلما توسّطَ ذاك الطريقَ / عارضه بعضُ أهواله
ولو كان يعرف ما خلطُه / بألوانه أو بأشكاله
وكان له خبرة بالدواء / وانعقاده ويجراله
وكيف يدبّره بالندى / وبالشمس ضناً بأفعاله
عليما بأيام تدبيره / بأشهره أو بأحواله
وتبييضُه مثل تحميره / ولا تغفلنَّ بإغفاله
ولا تضجرنَّ بطول الزمان / فالصبرُ مفتاحُ أقفاله