المجموع : 38
سلامٌ على من لا نَمُرُّ ببالِهِ
سلامٌ على من لا نَمُرُّ ببالِهِ / فماذا تُرَى أطماعُنا في وِصالِهِ
ولم يكْفِهِ ما قد حَملْناهُ في الهَوى / منَ الذُلِّ حتَّى زادَ حِملَ خالِهِ
مليحٌ شَهِدنا أن ناراً بِخَدِّهِ / لأنَّا وجدنا بينها فَحْمَ خالهِ
أباحَ فُؤَادي للهَوى وهو باخلٌ / يَعِزُّ عليهِ نظرَةُ من جَمالِهِ
وكلُّ كريمُ النَّفسِ من مالِ غيرهِ / وقلَّ كريمُ النَّفسِ من نفسِ مالهِ
وما كان لم تَتْعَبْ عليهِ يمينُهُ / يهونُ عليهِ بذلُهُ بشمالِهِ
تكلَّفْتُ نظمَ الشِّعرِ كَهْلاً لأجلهِ / ويَكَهْلُ شعرُ المرْءِ عندَ اكتهالِهِ
فضاعَ كما ضاعَ الزَّمانُ وهكذا / نرى كلَّ أمرٍ لم يَجُلْ في مَجالِهِ
إذا ضلَّ عنكَ الشِّعرُ فاطلُبْهُ تلقَهُ / إلى غربِ لُبنانَ اهتَدَى من ضَلالِهِ
أمامَ بني رسلانَ طيبُ وقوفهِ / وعند بني رسلانَ حَطُّ رِحالهِ
تُصلِّي القوافي كلَّ يومٍ وليلةٍ / على وجهِ رسلانَ القديمِ وآلِهِ
على حيدرَ الشَّهمِ الكريمِ ومُلحِمٍ / وما حولَهُ من سَهْلِهِ وجبالِهِ
أبٌ ماجدٌ وابنٌ كريمٌ كخاتَمٍ / أتى نقشُهُ في طبعِهِ بمثالِه
إلى عملِ الإحسانِ أسبَقُ أهلِهِ / وفي خدمِةِ السُّلطانِ أمضى رِجالهِ
إذا مسَّتْ الحاجاتُ قام كلاهُما / إليهما كَجمر النَّار عندَ اشتعالِهِ
وإن جنَّ ديجورُ الخطوبِ تلقيَّا / دُجاهُ بصبحٍ شقَّ جيبَ ظِلالهِ
لكلِّ فتىً عيبٌ يشينُ بنفسهِ / سِوَى ملحمٍ سبحانَ معطي كَمالِهِ
وكلُّ ولاةِ الأمرِ تحتاجُ قاضياً / سِوى ملحمٍ عمِّ القضاءِ وخالِهِ
أغَرُّ خَصيبُ الرَّبع كلُّ زمانِهِ / زمانُ ربيعٍ في أوانِ اعتِدالهِ
ذكيُّ النُّهَى لولا رَصانةُ نفسهِ / لكانَ يجيبُ المرءَ قبلَ سُؤالِهِ
يقولونَ تهوَى آلَ رسلانَ قلتُ قد / تمتَّعْتُ من صافي الهَوَى بزُلالِهِ
هَوِيْتُ الأُلى يلقى الكرامةَ ضيفُهُم / وينسى غريبُ الدَّارِ ذِكرَ عيالِهِ
أرى الشِّعرَ يدعوني إلى نظمِ مدحِهم / فَيسمحُ مع ضَعفي بوَشْكِ ارتجالهِ
ولو لم أقلْ شِعراً بهم حالَ يقظةٍ / أتى هاتفاً في النَّوْمِ طيفُ خَيالهِ
ماذا التعلُّلُ في دُنياكَ بالأملِ
ماذا التعلُّلُ في دُنياكَ بالأملِ / هل في يمينكَ مِيثاقٌ من الأجَلِ
إن كُنتَ تعلَمُ أنَّ النَّفسَ خادِعةٌ / فحَّبذا لو قَرَنتَ العِلمَ بالعَملِ
من كانَ يجهلُ ما يأتي عليهِ غداً / يَستخبرُ الأمسَ عن أسلافهِ الأُوَلِ
كلٌّ على قَدَمِ الأسفارِ مرتحلٌ / في إثرِ مُرتَحِلٍ في إثر مُرتحِلِ
يا طالباً لَذَّةَ الدُّنيا وبَهجتَها / ما لَذَّةُ العَيشِ في الدُّنيا مع الوَجَلِ
لا يُغمِضُ المرءُ عيناً ثمَّ يفتَحُها / إلاّ على خوفِ موتٍ مُغمِضِ المُقَلِ
أمسى الخليلُ كغُصنِ البان مُعتدِلاً / والصُّبحُ صارَ هَشيماً غيرَ مُعتدِلِ
وباتَ كالبدرِ في إشراقِهِ فغَدا / في القبرِ أخفَى عن الأبصارِ من زُحَلِ
قد سارَ من حِضْنِ إبراهيمَ والدِهِ / وحلَّ في حِضْنِ إبراهيمَ بالعَجَلِ
فكان قد طابَ في الدَّارَين مَضجَعُهُ / إذ كانَ في حِضنِ إبراهيمَ لم يَزَلِ
في عمرِ إحدى وعشرينَ انقضتْ أسَفاً / أيَّامُهُ فَمَضى من أقربِ السُّبُلِ
لمَّا دعا اللهُ لبَّى صوتَهُ عَجَلاً / إذ لمْ يكنْ مِن ذوي الإهمالِ والكَسَلِ
بني مُسَدِّيةٍ أسدَى الإلهُ لكمْ / صبراً على هَوْلِ هذا الحادثِ الجَلَلِ
عَزُّوا المحابرَ والأقلامَ عن يدهِ / كما تُعَزُّونَ عنهُ خِدمَةَ الدُّولِ
كُنْ يا أباهُ كإبراهيمَ حينَ سَخا / لرَبِّهِ بابنهِ في ذلكَ الجَبَلِ
يا ليتَ هذا بنفسٍ مِن أحبَّتِهِ / يُفدَى كما قد فُدِيَ إسحاقُ بالحَملِ
لَسنا نُعزِّيكَ يا مَن لا عَزاءَ لَهُ / وإنْ سكتْنَا وَقَفْنا مَوْقِفَ الخَجلِ
إن الحزينَ إذا هوَّنتَ فجعتَهُ / زادتْ فكنتَ كمُطفي النارِ بالشَّعَلِ
فاعذِرهُ في ما تراهُ منهُ وادعُ لهُ / بالصَّبرِ فهوَ لهُ من أنفعِ الحِيَلِ
منازِلَ عُسفانٍ فدتكِ المنازِلُ
منازِلَ عُسفانٍ فدتكِ المنازِلُ / أراجعةٌ تلكَ اللَّيالي الأوائِلُ
وهل ظَبَياتُ اُلبانِ أصبحنَ بعدنا / أوانِسَ أم كالعهدِ هُنَّ جَوافِلُ
سَقَى الطَّلُّ هاتِيكَ الرُّبوعَ وإِن يكن / سقاني بها من صَيِّبِ الدَّمعِ وابلُ
يُسلسِلُ دمعي بارقُ الحيِّ مَوهِناً / وتُضرِمُ أنفاسي الصَّبا والشَّمائلُ
إذا ملكَتْ أيدي الهَوى قلبَ عاشقٍ / فأهوَنُ شيءٍ ما تقولُ العَواذِلُ
وأعذَبُ شيءٍ في الزَّمانِ أحبَّةٌ / تزورُكُ أو تأتيكَ مِنها رَسائلُ
اتتني بلا وعدٍ رسالةُ فاضلٍ / لهُ ولها حقَّتْ عليَّ فَواصِلُ
بيوتٌ مِن الأشواقِ فيها مجامِرٌ / ولكنَّها للأُنسِ عندي مَناهِلُ
لَعِبْنَ بقلبي إذ حَلَلنَ بمِسمَعِي / كما لَعبت بالمُعرَباتِ العوامِلُ
ذكرتُ الحريريَّ الذي اليومَ عندنا / تلوحُ على الصوفيِّ منهُ شَمائِلُ
لهُ النَّظمُ والنَّثرُ الذي طابَ لفظُهُ / ومَعناهُ لُطفاً فهْو للحُسْنِ شامِلُ
حكمنا لهُ بالمَكرماتِ على هُدىً / من الحقِّ إذ قامت لَدينا الدَّلائلُ
سَبوقٌ إلى الغاياتِ قصَّرتُ دُونَهُ / وكيفَ يُباري فارسَ الخيلِ راجِلُ
تفضَّلَ بالمدحِ الذي هُوَ أهلُهُ / كريمٌ إلى أوجِ الكراماتِ واصِلُ
وأثنَى بما فيهِ فكانَ كأنَّهُ / بذاكَ يُناجي نفسَهُ وَهْوَ غافِلُ
ثناءٌ أراهُ باطِلاً غيرَ أنَّني / أرى سَوْءَةً لو قلتُ ذلكَ باطِلُ
فأسكُتُ عن هذا وذاك تأدُّباً / وكم من سكوتٍ قد تمنَّاهُ قائِلُ
اذا أعيت مكأفأةُ الجميلِ
اذا أعيت مكأفأةُ الجميلِ / فلا تَغفُلْ عن الشُّكر الجزيلِ
وأوفَى الشُّكرِ ما أعلنتَ خَطّاً / فذاكَ يدومُ جيلاً بعد جيلِ
عليَّ ديونُ شكرٍ ليسَ تُقضى / لو قُسمَت على دهرٍ طويلِ
ولكن ربُّها سَمْحٌ كريمٌ / فيعَذِرُني ويَرضَى بالقليلِ
على القدسِ الشَّريفِ لنا سلامٌ / يُرَدَّدُ في الصَّباحِ وفي الأصيلِ
لقد نزلَ الشَّريفُ على شريفٍ / فأكرِمْ بالمَنازِلِ والنَّزِيلِ
رسولٌ لو جَهِلنا مُرسِليهِ / أرانا فضلَهم فضلُ الرَّسولِ
وهل يَخفَى الصَّباحُ على بصيرٍ / فيحتاجَ النَّهارُ إلى دليلِ
لنا من فَيضِ غَيرتهِ رِواقٌ / نَعِمنا منهُ في ظِلٍّ ظليلِ
يَفيضُ بكلِّ عامٍ نيلُ مِصرٍ / ومنهُ كُلَّ يومٍ فيضُ نيلِ
وليسَ الجودُ بالأموال جوداً / ولكن بالبَشاشةِ والقَبُولِ
إذا كان الكريمُ عَبُوسَ وجهٍ / فما أحلَى البَشاشَةَ في البخيلِ
لَعَمرُكَ ليسَ في الدُّنيا خليلُ
لَعَمرُكَ ليسَ في الدُّنيا خليلُ / يدومُ ولا يُقيمُ بها نزيلُ
فُرادَى أو جُموعاً كلَّ يومٍ / لنا عنها إلى الأُخرَى رحيلُ
لنا في أرضِنا عُمرٌ قصيرٌ / ولكن عندنا أَملٌ طويلُ
وآمالُ الفتَى أوهامُ فكرٍ / تلوحُ لهُ ويمتنعُ الحصولُ
رحيلٌ مُمكِنٌ في كلِّ يومٍ / يُعارِضُهُ بقاءٌ مُستحيلُ
وكلٌّ حينَ دَعْوتهِ يُلبِّي / إذا ما جاءَهُ ذاكَ الرَّسولُ
كما لملوكنا دُوَلٌ علينا / عليهم للقَضَا دُوَلٌ تَدُولُ
وقد يتقدَّمُ المَلِكُ المُعَلَّى / وقد يتَأَخرَّ العبدُ الذَّليلُ
مَللِتُ نَوائبَ الأيَّامِ حتَّى / غَضَبِتُ بها عَلَى عيشٍ يطولُ
حياةٌ شابَها كَدَرٌ كثيرٌ / وفي أثنائِها صفوٌ قليلُ
وكنتُ تركتُ نظمَ الشِّعرِ دهراً / لحالٍ دونَ مأخذِهِ تحولُ
وما أنا والقريضُ وصِرتُ شَطراً / فراحَ هناكَ ميزانِي يَعولُ
ولم يكْفِ النَّوائبَ شَطرُ جِسمي / فقلبي اليومَ مشطورٌ عليلُ
لقد نُعِيَ الخليلُ صباحَ يومٍ / بهِ كَثُرَ التَّلهُّفُ والعَويلُ
خليلٌ كانَ لي نِعْمَ المُصافي / تَلاقَى الأنُسُ فيهِ والجميلُ
وكانَ وِدادُهُ الذَّهبَ المصفَّى / يزيدُ جِلاءَهُ الزَّمَنُ المُحيلُ
أفَلْتَ اليومَ يا نَجمَ الدَّياجي / على عَجَلٍ وما حانَ الأُفولُ
دهاكَ البينُ في أندَى شَبابٍ / كغُصنِ البانِ أدرَكَهُ الذُّبولُ
تركتَ بني مُشاقةَ في نُواحٍ / عليهِ الصُّبحُ يَمضي والأصيلُ
بَكَوكَ بأدمُعٍ نَفِدَتْ وجَفَّتْ / فكانَ من الدِّماء لها بديلُ
ومِثلُكَ مَن يَقِلُّ الدَّمعُ فيهِ / ولو أنَّ السَّحابَ لهُ مَسِيلُ
عَهِدُتكَ ليسَ تَغفُلُ عن مُنادٍ / إذا ما نابَهُ الخَطبُ الثَّقيلُ
وتَجهَدُ في مَنافعِ كُلِّ داعٍ / كأنَّكَ بالنَّجاحِ لهُ كفيلُ
وفيكَ معَ الشَّبابِ وَقارُ نفسٍ / رَصينٌ ليسَ تبلُغُهُ الكُهولُ
وجاهٌ عندَ أهلِ الجاهِ يسمو / ومنزِلةٌ لها شأنٌ جليلُ
سَليلُ أبيكَ إبراهيمَ حَسْبي / وحَسْبُكَ حيثُ أنتَ لهُ سَليلُ
حَيا بكَ ذِكرُهُ المشهورُ فينا / فزالَ وذِكرُهُ ما لا يزولُ
وبينَكُما مَعَ النَّسَبِ اشتراكٌ / بتسميةٍ لها الشَّرَفُ الجَزيلُ
فكُنتَ نظيرَهُ قبلاً وأمسَى / بفِردَوسِ البَقا لكما حُلولُ
فقُلتُ مؤرِّخاً بأجَلِّ دارٍ / أمامَ العرشِ قد قامَ الخليلُ
دَعوتُ جِنحَ الدُّجَى مولايَ مُبتَهِلا
دَعوتُ جِنحَ الدُّجَى مولايَ مُبتَهِلا / وَهْوَ المجيبُ لمن نادَى ومَن سألا
يا أرحمَ الراحمينَ المستغاثُ بهِ / عندَ البلاءِ الذي قد ضَيَّقَ السُّبُلا
إنِّي على جودِكَ الطَّامي اتكَّلتُ وهل / يخيبُ عبدٌ على ألطافِكَ اتَّكَلا
أنت القديرُ الذي تُخشَى مَهابتُهُ / وتَرجُفُ الأرضُ منهُ والسَّما وجَلا
مَن ذا الذي ليسَ يخشَى منكَ مرتعِداً / خوفاً ولو كانَ يحكي قلبُهُ الجَبَلا
ومَن يحُلُّ أُموراً أنتَ عاقدُها / ومَن يرُدُّ قضاءً مِنكَ قد نَزلا
أنت الكريمُ الذي من فضلِ نِعمتِهِ / يُرجَى العطاءُ وأمَّا مِن سِواكَ فلا
أنت الحليمُ الذي يُرجى تجاوُزُهُ / عن جهل عبدٍ أساءَ القولَ والعَمَلا
مَن رامَ أن يَبتَنِي قصراً يدومُ لهُ / فلْيَبْنِ عِندَكَ قصراً في السَّماءِ عَلا
ومَن أرادَ الغِنَى الباقي لهُ أبداً / يَطلُبْ غِناكَ ولا يَبغي بهِ بَدَلا
عليكَ بالعلمِ فاطلُبْهُ بلا كَسَلِ
عليكَ بالعلمِ فاطلُبْهُ بلا كَسَلِ / واعمَلْ فإنَّ حياةَ العِلمِ بالعَمَلِ
عِلمٌ بلا عَمَلٍ لا تستفيدُ بهِ / ولا تُفيدُ فتَمضي خائِبَ الأمَلِ
ما أشرَفَ العِلمَ في الدُّنيا وأجمَلَهُ / فذاكَ خيرٌ مِن الأملاكِ والخَوَلِ
النَّاسُ تحتاجُ أهلَ العلمِ قاطبةً / وأكثرُ النَّاسِ تَستغني عنِ الدُّوَلِ
كم من غنيٍّ جميعُ النَّاسِ تَجهَلُهُ / وعالمٍ صِيتهُ في السَّهلِ والجَبَلِ
وكم مُلوكٍ تقَضَّى ذِكرُها ومَضَى / وذِكرُ ذي العِلمِ بينَ النَّاسِ لم يَزَلِ
قُلْ للذي باتَ في الأموالِ مُشتغِلاً / إنِّي عنِ الشُّغلِ بالأموالِ في شُغُلِ
لا يَطلبُ المرْءُ عِلماً للغِنَى فإذا / طلبتَ علماً فعنْ دُنياكَ لا تَسَلِ
ما يَصنَعُ القومُ بالمالِ الذي جَمَعوا / بعدَ الحُصولِ على الأقواتِ والحُلَلِ
أميرٌ أهامَ الفضلَ في ما بذاتهِ
أميرٌ أهامَ الفضلَ في ما بذاتهِ / مِن الفضلِ حُرٌّ اسمُهُ الفضلُ في المَلا
لهُ دُرُّ نظمي قد أتاهَ قريحتي / أغرُّ حكى نظمَ القلائدِ بالطُّلا
قبرٌ لانطونَ ابنِ أرقَشَ مَن قَضَى
قبرٌ لانطونَ ابنِ أرقَشَ مَن قَضَى / غَضَّ الصِّبا كالبدرِ في استقبالهِ
من فوقهِ التأريخُ قال مُنادياً / بدرٌ أتاهُ الخَسْفُ عندَ كمالِهِ
اقولُ ليوسُفَ المسعودِ مَهلاً
اقولُ ليوسُفَ المسعودِ مَهلاً / فقد أسرعتَ في شَدِّ الرِّحالِ
لئن خَلَتِ المنازلُ منكَ يوماً / فإن القلبَ أرَّخَ غيرُ خالِ
كُنَّا نُؤَمِّلُ أن نُهنِّئ نِعمةً
كُنَّا نُؤَمِّلُ أن نُهنِّئ نِعمةً / فإذا التَّهاني بالتَّعازِ تُبدَّلُ
أخلفتَ ما نرجو وليستْ عادةٌ / لبَنِي الجُبيلي أن يخيبَ مُؤَمِّلُ
ولقد تركتَ العالمَ الفاني لنا / وطَلَبتَ ما يَبقَى وذاكَ الأجملُ
فلكَ الهناءُ كما يؤرَّخُ دائمٌ / إكليلُ ربِّكَ بالسَّعادةِ أفضَلُ
مهلاً بني النَّحلوسِ إنَّ فقيدَكم
مهلاً بني النَّحلوسِ إنَّ فقيدَكم / في أوجِ فِردَوسِ النعيم نزيلُ
ولأجلهِ كَتَبَ المؤرِّخُ حُكمَهُ / في أرفَعِ الدَّرَجاتِ ميخائيلُ
لقد رَحلَت عن بيتِ عودَةَ مريمٌ
لقد رَحلَت عن بيتِ عودَةَ مريمٌ / بلا عَودةٍ في الدَّهرِ يُرجَى مَنالُها
فمِن بيتِ إبراهيمَ أرَّختُ عاجِلاً / إلى حِضْنِ إبراهيمَ جَدَّ اُنتِقالُهُا
مَضى عنَّا محمَّدُ في صِباهُ
مَضى عنَّا محمَّدُ في صِباهُ / كخَسفِ البَدرِ في وقتِ الكمالِ
وباتَ مُجاوِرَاً رباً كريماً / تُحيطُ بهِ مَلائكةُ الأعالي
فقُلْ لبَنِي حمادَةَ لا جَزِعتمْ / فإنَّ الصَّبرَ مِن شِيَمِ الرِّجالِ
سَيفنى الكلُّ بالتأريخِ حقاً / ويبقى وجهُ ربِّكَ ذو الجَلالِ
تشكو الكنيسةُ فَقْدَ خُورِيْهَا الذي
تشكو الكنيسةُ فَقْدَ خُورِيْهَا الذي / أمسَى ينوحُ عليهِ صدرُ الهيكلِ
مِن بيتِ رزقِ اللهِ في البرِّ اقتَدَى / بسَمِيِّهِ الخِضْرِ الشَّهيدِ الأفضلِ
أرضَى بسيرتهِ الإلهَ فنالَ ما / يرضاهُ في دارِ النَّعيمِ الأجملِ
وهُنالِكَ التأريخُ جاءَ مُنادياً / حُزتَ الرِّضَى يا كاهِنَ اللهِ العَلِي
لا تجزَعوا يا بني الضَبَّاطِ واصطبِروا
لا تجزَعوا يا بني الضَبَّاطِ واصطبِروا / لفَقْدِ شخصٍ جميلِ القولِ والعَملِ
قد كانَ غُصناً نضيراً في شَبيبَتِهِ / فخانَهُ البينُ في قصفٍ على عجَلِ
مضَى إلى ربِّهِ الغفَّار مُبتهِجاً / فنالَ ما كانَ يرجوهُ مِن الأمَلِ
هُناكَ أقلامُ ذي التَّاريخِ قد رَقَمتْ / إنَّ اُنْدَراوُسَ قد أُحصِي مَعَ الرُسُلِ
عزيزُ بني مُسدِّيَةٍ جميلٌ
عزيزُ بني مُسدِّيَةٍ جميلٌ / يحقُّ لفَقدِهِ الصَّبرُ الجميلُ
دعاهُ إليهِ خالِقُهُ فلَّبى / مُطِيعاً حينَ ناداهُ الرَّسولُ
بعامٍ أنشدَ التَّأريخُ فيهِ / إلى باريهِ قد ذَهَبَ الخليلُ
بها يُوسُفُ العبسيُّ أوصَى لَدَى القَضَا
بها يُوسُفُ العبسيُّ أوصَى لَدَى القَضَا / جمالاً لبيتِ الله قد رَاقَ شَكْلهُ
فتىً مِن كرامِ النَّاسِ قد شاعَ ذِكرُهُ / بحُسنِ سجاياهُ كما بانَ فضُلهُ
قَضَى عُمرَهُ في طاعةِ اللهِ سالِكاً / سبيلَ التُّقَى في مَسلَكٍ هُوَ أهلُهُ
بَنَى قُبَّةً بيضاءَ في الأرضِ أرِّخوا / وفي القُبِّةِ الزَّرقاءِ أضحَى مَحلُّهُ