القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 88
إنَّ العقيقَ يزيدني خَبَلا
إنَّ العقيقَ يزيدني خَبَلا / إنْ زرتُه صبحاً وإنْ أُصُلا
ولقد وقفتُ عليه أسألُهُ / عن ملعب الأحباب ما فعلا
وقصيرِ عيشٍ فيه مُختَلَسٍ / ولَّتْ غضاضتُهُ وما كَمَلا
ومن السَّفاهةِ ظَلْتَ بعدهمُ / تبكي الرّسومَ وتندبُ الطَّلَلا
وعلى العقيقِ ربيبُ أفئدةٍ / ولّيْتُهُ أمري فما عدلا
دمثُ الشّمائِل بات يقتلني / وكأنّه من ضَعفه قُتلا
لمّا اِستَضاف إلى محاسنه / سَلَبَ الغزالَ الجيدَ والكَحَلا
قل للّذي مِن فَرْطِ غُرّتِهِ / ما زال حتّى حرّم القُبَلا
لا تعطني غبَّ المِطالِ فما / أعطاك ما تبغيه مَنْ مَطَلا
فبما هَدَأْتَ تركتني قَلِقاً / وبما أمِنْتَ أبتّنِي وَجِلا
يا طيفُ زُرنا إن نَشِطْتَ لنا / فالرّكبُ بالأبواءِ قد نَزَلا
عُدَّ النّهارَ مطيّةً لَغِبَتْ / وخذ الظّلامَ على السُّرى جَمَلا
ودع التعلّلَ فالحبيب إذا / مَلَّ الوِصالَ تطلّبَ العِلَلا
عجّل سُراك إلى مضاجعنا / وإذا حضرتَ فلا تغبْ عَجِلا
من أين يعلم من يحاذره / قطع الخيالُ الحبلَ أم وصلا
قالوا سَلَوْتَ فقلتُ حاشَ لمنْ / عشق الفضائلَ أنْ يقال سَلا
لا تعذِلوا فالمجدُ ليس لمن / سمع الملامَ وسوّغ العَذَلا
لِي يا عذولي في الهوى شَجَنٌ / لم يخش منّي في هوىً مَلَلا
لمّا اِنقطعتُ إلى مودّتِهِ / لم يُبقِ لِي عذلي به غَزَلا
لا تَحْفِلَنْ بالمرء تألفُهُ / أبداً لماء الوجهِ مُبتَذِلا
واِرتَدْ لودّك كلّ منخَرِقٍ / يهب الجديدَ ويلبس السَّمَلا
قد قلتُ للحادين أيقظهمْ / داعِي الرّحيلِ فأزعجوا الإبلا
أمّوا بها مَلْكَ الملوكِ فما / نبغِي به عوضاً ولا بدلا
عَقْراً لها أنْ لا تردّ بها / وأضلّها مقتادُها السُّبُلا
ورَعتْ فِجاجاً لا تُصيب بها ال / حَوْذانَ مكتهلاً ولا النَّفَلا
يا أيّها الملكُ العريضُ ندىً / في مُعتَفِيهِ والطّويلُ عُلا
واِبنَ الّذي بسديد سيرتِهِ / يُضحي المُحَنَّكُ يضرب المَثَلا
ما زال ثمّ قَفَوْتَ سُنّتَه / يطأ الهضابَ ويسكن القُلَلا
ومطالع الجوزاء قبلَكُمُ / ما داسها بشرٌ ولا اِنتعلا
اِسمعْ مديحاً ما أمنتُ به / لَولا اِهتِزازك عنده الزَّلَلا
وإذا رضيتَ القولَ من أحدٍ / حاز الرِّهانَ وأدرك المَهَلا
أمّا الّذي أَوْليتَنِيه بما / شرّفتَ من ذكرى فقد وصلا
مدحٌ تُفَضِّلُهُ ولو نُظِمتْ / أبياتُهُ لسواك ما فَضَلا
يَفديك مَن آمنتَ رَوْعتَه / وكفيته من أمره الجَلَلا
وأبَتَّهُ يَرِدُ الغِمارَ غِنىً / ولقد ثوى يَتَبرّض الوَشَلا
وإذا الملوك جَرَوْا إلى أمَدٍ / كنتَ اللَّبانَ وكانت الكَفَلا
لمّا تَلَوْتهُمُ سبقتَهمُ / فخراً وإنْ كانوا لنا أُوَلا
هذا وكم لك يومُ مَكْرُمةٍ / تروي الطِّلابَ وتُشبعُ الأملا
يومٌ تطيح به المعاذرُ وال / أقوالُ ترجُم وسْطَهُ العَمَلا
بذلٌ إِذا قسنا سواه به / فكأنّما بخل الّذي بذلا
للَّه دَرُّك يا اِبنَ بَجْدَتِها / تَقرِي السّيوفَ وتُولِغُ الأَسَلا
في موقفٍ حَمِيَ الحديدُ به / حتّى لو اِستَوقدتَه اِشتعلا
والخيلُ نازيةٌ كأَنّ بها / مَسّاً من الجِنّانِ أو خَبَلا
تَسْتَنُّ بالفرسانِ ناجيةً / كالوحشِ رِيعَ أو القطا جَفَلا
سوّمْ جِيادَك واِرمِ عن عُرُضٍ / جَيْحونَ بالأبطالِ منتضِلا
فَعَلى الّذي وصل النجاحَ بما / تَهواه ثمّ عليَّ أن تصلا
هي دولةٌ بيديك واحدةٌ / لا تجعلنْها عامداً دُوَلا
واِسعَد بيوم المِهْرَجانِ وخذْ / منه طويلَ العمرِ مُقتبلا
وإِذا لبستَ اللّيلَ تلبسُهُ / عَطِرَ الغلائِلِ بارداً خَضِلا
واِسلَمْ ولا سلب الزّمانُ لكمْ / ظِلّاً يفيءُ لنا ولا نَقَلا
وعيونُنا لا أبصرتْ أبداً / أمداً لأمركمُ ولا أجلا
واِحتلّتِ النَّعماءُ دارَكمُ / واِمتدّ فيها العزُّ واِتّصلا
فعلى الإلهِ إِجابتي لكُمُ / وعليَّ بِالإشفاقِ أن أَسَلا
رقدتِ وأسهرتِ ليلاً طويلا
رقدتِ وأسهرتِ ليلاً طويلا / وحمّلتِنا الحبَّ عِبْئاً ثقيلا
وكنتِ تعاصين قول الوشاةِ / فلمّا مللتِ أطعتِ العذولا
ولو كنتِ يومَ لِوى عالِجٍ / وقفتِ شكونا إليك الغليلا
فإنْ أنتِ أنكرتِ ما نَدّعيه / جعلنا النّحولَ عليه دليلا
ودمعاً تحبّس قبل الفراقِ / ويومَ الفراقِ أصاب المَسيلا
سقى اللّهُ جيراننا بالكُحيلِ / وحيّا به الظَبْيَ أحوى كَحيلا
ولقّاهُمُ بالنّعيم الكثير / وإنْ لم يُنيلوكِ إلّا قليلا
ففي القلب منهم على ضَنِّهمْ / غرامٌ يماطلني أنْ يزولا
معاشرُ لا يألفون الوفاءَ / لصبٍّ ولا يعرفون الجميلا
إذا أمرضوا لم يعودوا المريضَ / وإنْ قتلوا لا يَدون القتيلا
وكم فيهمُ من مليحِ الدَّلا / ل تستلب العينُ منه العقولا
يُحيّيك بالورد من وجنتيهِ / ويسقيك من شفتيه الشَّمولا
ومِن شَعَفٍ ظَلْتَ من بعدهم / تُرَثِّي الرّسومَ وتبكي الطُّلولا
وتسأل كلَّ طويل الصُّمو / تِ يأبى له خلْقُه أنْ يقولا
ولولا شقاوةُ جَدِّ المحبّ / لحقنا على سَفَوانَ الحُمولا
عشيّةَ سرنا على كُثرهمْ / نُباريهمُ بوجيفٍ ذميلا
هنيئاً لنا في مليك الملو / ك أنْ ملك الأرض عَرضاً وطولا
دعوتَ الجبالَ فلم تمتنعْ / فكيف ترى لو دعوتَ السّهولا
وشمّاءَ كالنّجم مرفوعةٍ / تفوت المُنى وتُزِلُّ الوُعولا
سَمَوْتَ إليها وظنّ الغبي / يُ أنّك لا تستطيع الوصولا
فما رِمْتَ حتّى وَلْجَتْ الصَّميمَ / وغادرتَ ما عزّ منها ذليلا
وكانت وليس سبيلٌ إلى / معاقلها فنهجتَ السّبيلا
تغاضيتَ عنها صنيعَ البطيّ / فلمّا عزمتَ سبقتَ العجولا
لعَمْر أبيها لقد رامها / فتىً يركب الصّعبَ سَمْحاً ذَلولا
فتىً لا يبيتُ على رِيبَةٍ / وَلا يَأخذ الأمر إلّا جليلا
ولم يُرَ قبلك مستخرجاً / من الغِيلِ والأسدُ فيه الشُّبولا
وحيٍّ خبطتَ على غِرَّةٍ / فأبدلتَهمْ بالرُّغاءِ الصّهيلا
تأنّيتَهمْ موهناً كي يروا / صباحبهمُ مقبلاً والخيولا
عليهنّ كلُّ شجاعِ الجَنا / نِ لا يجد الذُّعرُ فيه مَقيلا
وكم لك من معجزٍ باهرٍ / نراه فننكر منّا العقولا
تجيء به واحداً لا تريد / معيناً ولا تستشير الخليلا
كليثِ العَرين يجرّ الفريسَ / إلى نفسه لا يريد الأكيلا
فللّه دَرُّك من مُعمِلٍ / سناناً طريراً وعضباً صقيلا
ومن واقفٍ فوق رجّافةٍ / تَزِلُّ الأخامصُ عنها زليلا
ويفديك كلُّ بخيل اليدين / يمنّ الكثيرَ ويُعطي القليلا
تَراه إذا ما اِستَحرّ الطّعانُ / كزَفِّ العوامل يمضي جَفولا
أَما والّذي زاره المحرمون / على أنْ يُنيلَهمُ أو يُقيلا
ولاذوا خضوعاً بأحجاره / وجرّوا بعَقْوَتهنّ الذُّيولا
وشُعثٍ تلاقَوْا على المَأزِمَيْنِ / يَزُجُّون صبحاً مَطيّاً كليلا
ومضطبعين ببيض الثّيابِ / تراهمْ على عَرَفاتٍ نزولا
لَقَد خَصّك اللَّه بالمأثُراتِ / إذا ما عُددن عدمن العديلا
وجاد الزّمانُ لنا فيكمُ / وكان الزّمان ضنيناً بخيلا
فيا غيثنا لا تَرِمْ أرضنا / ويا شمسَنا لا تجزنا أُفولا
ويا جبلَ اللَّهِ في أرضهِ / لرُوَّاده أعفنا أن تزولا
فأنتَ الّذي نلتُ منه المنى / ثناءً جميلاً ونيلاً جزيلا
وأسكنتني وصروفُ الزّما / نِ تُصحرني منك ظِلّاً ظليلا
وكنتُ البَهيمَ طويلَ الزّمان / فأوضحتَ لي غُرراً أو حُجولا
أنيروزَ مالكنا دُمْ له / وكنْ بالّذي يبتغيه كفيلا
وعدْ أبداً طارقاً بابَه / متى ما مضيتَ نويتَ القفولا
وإنْ أنتَ أفقدتنا غيرَه / فأَهدِ إليه البقاءَ الطّويلا
أمالَكَ من غرامٍ ما أمالا
أمالَكَ من غرامٍ ما أمالا / وزادَك نصحُ عاذلها خَبالا
ولو كانتْ وقد هجرتْ أرادتْ / دلالاً لاِحتَملتُ لها الدّلالا
وما زال العذول يقول حتّى / أذنتَ له فأسمعك المحالا
فما لك والحِجالَ وقد جعلتمْ / قلوبَ العاشقين لكمْ حجالا
وما أُلحي سوى قلبي وفيه / نُدوبٌ منك كيف إليك مالا
هجرتَ ونحن أيقاظٌ بوَجٍّ / وزرت بنَعفِ كاظمةٍ خيالا
وليس الهجرُ عن سببٍ ولكنْ / خلوتَ وما خلونا منك بالا
وطيفٌ منكمُ بجنوب نجدٍ / أراني من محاسنكمْ مثالا
أقام على مضاجعنا هُدُوّاً / فلمّا زال عنّا النّومُ زالا
لَهَوْتُ بِباطل الأحلامِ حتّى / ودِدْتُ لهنّ أنّ اللّيلَ طالا
ألَيْلَتَنا بكاظمةٍ أضِلِّي / بياضَكِ أنْ يلمّ بنا ضلالا
فليس الصّبحُ من أَرَبي وحسبي / ظِلالُ اللّيل أسكنه ظِلالا
ومعسولِ المراشف لو سقاني / سقاني من مُجاجته الزّلالا
متى يَفَتَرّ يبسم عن نقيٍّ / شَتيتِ الرَّصْفِ تحسبه سَيالا
كأنّ به سحيقَ المسك وُهْناً / تناثر أو عقيقَ الخمر سالا
وكان الدّهرُ ألْبَسَنِي سواداً / أَروعُ به الغزالةَ والغزالا
نعمتُ بصبغِهِ زمناً قصيراً / فلمّا حالتِ الأعوامُ حالا
بفخر الملك أعتبتُ اللّيالي / وعاد أُجاجُنا عَذْباً زلالا
وسالمنا الزّمانُ به وكانتْ / حروبُ صُروفه فينا سِجالا
وأصبحتِ العراقُ بخير حالٍ / وكانتْ أسْوَأَ الأمصار حالا
دخلتُ عليه مجلسَه فأدنى / وأعلاني مكاناً لا يُعالى
وأثقلني ولم أكُ طولَ عمري / حملتُ لغيره المِنَنَ الثّقالا
بإكرامٍ إذا عظمتْ وجلّتْ / لدى قلبي أوائِله تَوَالى
وقولٍ كلّما اِضطربتْ قلوبٌ / بحظّي منه أعْقَبَهُ فِعالا
وبِشْرٍ يأخذ الأقوامُ منه / أمامَ نوالِ راحته النّوالا
ولمّا أنْ دعاك إليه بدرٌ / سبقتَ إلى تداركه العُجالى
فأحزنتَ السهولَ حمىً وجُرْداً / محصّنةً وأسهلتَ الجبالا
وأبصرها هِلالٌ خارقاتٍ / ذيولَ النَّقْعِ يحملن الهلالا
عوابس كلّما طرحت قتيلاً / جَعلن ضَفير لمّتهِ قِبالا
عليهنّ الأُلى جعلوا العوالي / وما طالتْ بأيديهمْ طوالا
كأنّ على قُنِيّهمُ نجوماً / خَرَرْن على القوانس أو ذُبالا
ومذ صقلوا سيوفهمُ المواضي / بأعناق العِدا هجروا الصّقالا
تُمَدُّ الحربُ منك بلَوْذَعِيٍّ / يسعّرها إذا خَبَتِ اِشتعالا
وقلبُك يا جريء القلب قلبٌ / كأنّك ما شهدتَ به القتالا
وذي لَجَبٍ تألّق جانباه / كأنّ به على الآفاقِ آلا
وفيه كلُّ سَلْهَبَةٍ جَموحٍ / يعاسلن المثقّفةَ الطِّوالا
فَلَوْتَ بكلّ أبيضَ مشرفيٍّ / بكَبَّتِهِ رؤوساً لا تُفالى
ومَنْ لولاك زوّارُ الأعادي / إذا ملّوك زدتَهمُ ملالا
وشاهقةٍ حماها مُبتنيها / وطوّلها حذاراً أن تُنالا
وحصّنها وعند اللَّه علمٌ / بأنّك لم تدع فيها عِقالا
تراها تستدقّ لمن علاها / كأنّ بها وما هُزِلَتْ هُزالا
وقُلَّتُها تمسّ الأُفقَ حتّى / تقدّرها بخدّ الشّمسِ خالا
ظفرتَ بها وضيفك من بعيدٍ / يرى ما كان فيه إليك آلا
وما كان الزّمانُ يرى عليها / لغير الطير جائلةً مجالا
نقلتَ بما نقلتَ قلوبَ قومٍ / ويحسبك الغنيُّ نقلتَ مالا
وسقتَ إلى قوام الدّين فتحاً / يرى كلّ الفتوح له عيالا
وكم لك قبله من قاطعاتٍ / مدى الآفاق لم تَخَفِ الكلالا
إذا ما بات يقلب جانبيها / قوامُ الدين تاه بها وصالا
فخذها فوق ما تهواه منها / عطاءً ما لقيتَ به مِطالا
ومجدِك إِنّه قسمٌ جليلٌ / لقد أتعبتَ في الدّنيا الرّجالا
إذا طلبوك فُتَّهُمُ جميلاً / وإنْ رَمَقوك رُعْتَهمُ جمالا
فما لَكَ ليس ترضى عن محلٍّ / كأنّك بعدُ لم تُصبِ الكمالا
أَلَسْتَ أتمَّنا خُلُقاً وخَلْقاً / وأبسطَنا يميناً أو شمالا
فما يبغي الّذي يضحي ويُمسِي / وقد جمع المهابةَ والجَلالا
ومَن لولاه كان الناسُ فَوْضى / وكان الأمر مُطّرَحاً مُذالا
فدمْ يا فخرَ ملك بني بُوَيْهٍ / دواماً لا نريد به زوالا
وقبلك مَن حرامٌ فيه مدحي / فخذه اليوم مبذولاً حلالا
نَوِّلِينا منكِ الغداةَ قليلا
نَوِّلِينا منكِ الغداةَ قليلا / وصِلِينا فقد هجرتِ طويلا
ودعينا من المَلالِ فما نَعْ / رفُ مولىً في الحبّ إلّا ملولا
وأطيعي فينا العذولَ فما زِلْ / تِ تطيعين في المحبّ العذولا
وعِدِينا فربّما علّل ال / وعد في الماطلين قلباً عليلا
قد مررنا على الدّيار تبدّلْ / ن دثوراً بِجِدّةٍ وخمولا
نَكِرتْها منّا العيونُ فما تعر / رفُ إلّا رسومَها والطّلولا
وبوادي البَشامِ مَن لو رشفنا / ه شفينا من الفؤاد غليلا
جمع الحسنَ وجهُه فتولّى / يحسبَ العارَ كلَّه أن يُنيلا
قلْ لمُغْرٍ بالصّبر وهو خليٌّ / وجميلُ العذول ليس جميلا
ما جهلنا أنّ السُّلوّ مريحٌ / لو وجدنا إلى السّلوِّ سبيلا
جزعت للمشيب جانيةُ الشّي / بِ وقالت بئس النّزيلُ نزيلا
ورأتْ لِمّةً كأنّ عليها / صارماً من مشيبها مسلولا
راعها لونُه ولم تَرَ لولا / عَنَتُ الغانياتِ منه مهولا
عاينتْ منه والحوادثُ يُنكِرْ / ن طلوعاً لم ترجُ منه أُفولا
لا تذمّيه فالمشيبُ على طو / ل بقاءِ الفتى يكون دليلا
إنّ لون الشّباب حال لو اِمتد / دَ زمانٌ أنّى لها أن تحولا
لو تخيّرتُ والسّوادُ ردائي / ما أردتُ البياض منه بديلا
وحسامُ الشبابِ غير صقيلٍ / هو أشهى إِليَّ منه صقيلا
قد طلبنا فما وجدنا عن الشّي / بِ محيصاً يُجيرنا أو مُميلا
إنّ فخر الملوك والدّين والدّو / لةِ ألقى عليَّ مَنّاً ثقيلا
نلتُ منه فوق المُنى وعُدمنا / قبله مَن يبلّغِ المأمولا
فمتى ما مَثَلْتُ بين يديه / مدّ ضَبْعِي حتّى شأَوْتُ المُثولا
وقراني والشّاهدون كثيرٌ / منه ذاك التّرحيبَ والتأهيلا
ثمّ أدنى إلى المحلّ الّذي ين / ظر نحوي فيه المساقون حُولا
كلّ يومٍ له صنيعٌ كريمٌ / كان للدّهر غُرّةً وحجولا
وأيادٍ جاءتْ وما بعث العا / في إليها من الطِّلاب رسولا
مُشرقاتٍ كما نظرتَ الثُّريّا / أَرِجاتٍ كما نشقتَ الشَّمولا
وولوعٍ بالجود يُجزِلُ إن أع / طى نفيساً وإنْ أجاب سؤولا
ترك العذرَ للبخيل وكم نح / حى اِعتذاراً من الملام بخيلا
سلْ به إنْ جهلتَ أيّامه الغر / رَ اللّواتي علّمن فيه الجهولا
مَن سطا باِبن واصلٍ بعد أنْ كا / ن لملك الملوك خطباً جَليلا
لَزَّه في قَرارةٍ تخذ اللُّج / جةَ منها كهفاً له ومَقيلا
في سفينٍ ما كنّ بالأمسِ في أَرْ / بَقَ إلّا نَجائباً وخيولا
وأَلالاً مَذْروبة ودروعاً / ورماحاً خطّارةً ونُصولا
مستجيراً بغمرةِ الماء لا ين / وي مقاماً ولا يريد رحيلا
كره الموتَ في النّزالِ عزيزاً / فاِنثنى هارباً فمات ذليلا
والجبال اللّاتي اِعتَصَمْن على كل / لِ مُريغٍ جعلتهنّ سهولا
لَم تَنلها ختلاً وشرٌّ من الخَيْ / بةِ في الأمر أن تكون خَتولا
وأبيها تلك القِلالُ لقد ما / طَلْن من بأسك الشّديد مُطولا
لم يؤاتين طيّعاتٍ ولكنْ / زُلْن لمّا أعيَيْتها أن تزولا
وهلالٌ أرادها غِرَّةً من / ك فولّى وَما أَصاب فتيلا
زار وَهْناً كما تزور ذئاب ال / قاع ليلاً فسالةً ونكولا
وَرأى نفسه تهاب من الحر / بِ جَهاراً فاِختان حرباً غَلولا
فتلقّيتَه كمنتظرٍ من / هُ طلوعاً وكان يرجو الغُفولا
في رجال شمٍّ إِذا رئموا الضَّي / مَ أسالوا من الدّماءِ سيولا
ألِفوا الطّعنَ في التّرائب واللَّب / باتِ شِيباً وصبْيَةً وكهولا
فثوى بعد أن مَنَنْتَ عليه / في إسارٍ لولاه كان قتيلا
لابساً رِبْقَةَ الحياةِ وقد كا / ن قطوعاً عِقْدَ الحياةِ حَلولا
يا أعزّ الورى نِجاراً وخِيماً / وَمحلّا وجانباً وقبيلا
والّذي عاد كلُّ صعبٍ من السُّؤْ / دُدِ والمجد في يديه ذَلولا
شكر اللَّه منك أنّك سَهّل / ت إلى بيته العتيق الوصولا
ورفاق الحجيج لولاك ما كا / نوا على المشعر الحرامِ نزولا
لا ولا عقّروا بخَيْفِ مِنىً نِي / باً وجرّوا على المقام ذيولا
أنتَ شاطرتهمْ مقيماً بأوطا / نك ذاك التّكبير والتّهليلا
إنّ عيد النّحرِ المبارك قد جا / ء سريعاً بما تحبّ عجولا
فاِغشَه ناعمَ الجوانح جَذْلا / نَ شروداً في الطيّباتِ دَخولا
لا جفاك السّعودُ من كلّ يومٍ / وتلقّاك بكرةً وأصيلا
وَقَضى اللَّه في بقائك في عز / زٍ عزيزٍ مَرامُه أن يطولا
ثمّ أعطاك في الأعزّ وفي الأش / رفِ ذاك الرّجاءَ والتّأميلا
فلئن أنجبا وطابا فروعاً / فبما طبتَ إذ نجبت أصولا
وعلى مثل ما عهدنا ليوثُ ال / غاب تمضي قِدْماً عهدنا الشُّبولا
على المزمعين البين منّا عشيّةً
على المزمعين البين منّا عشيّةً / سلامٌ وإن كان السّلامُ قليلا
وما ضرّهمْ لمّا أرادوا ترحُّلاً / عن الجِزْع لو داوَوْا هناك عليلا
ولو أنّني ودّعتهمْ يوم بينهمْ / قضيتُ ديوناً أو شفيتُ غليلا
ولمّا وقفنا بالدّيار الّتي خلتْ / بكينا على سكانهنّ طويلا
وكانت دموع النّاشجين عليهمُ / بوادٍ جَفَتْهُ المعصِراتُ سيولا
وعزّ على طرفي بأنْ كان بعدهمْ / يرى أرْبُعاً حلّواً بهنّ طلولا
فَلا تَطلبوا منّي دليلاً على الهوى / كفى بِضنى جسمي عليه دليلا
وَلا تَحملوا ثِقْلاً عليَّ منَ الهوى / كفى بالهوى حَمْلاً عليَّ ثقيلا
أحبُّ الّتي ضنّتْ عليَّ بلحظةٍ / وقد أزمع الحيُّ الحلول رحيلا
وظنّ بغاةُ الشّرّ أنّي أملّها / وهيهات قلبي أن يكون ملولا
خليلِيَ علّلْنِي على الحبّ بالمُنى / إذا كنتُ لا أرضى سواك خليلا
وقلْ لِيَ فيما أنتَ حيّيتَ قائلاً / لعلّ ضنيناً أن يجود ضئيلا
أيا ملك الأملاك خذْ ما سألتَه / فَما زلتَ للَّه الكريم سَؤولا
وحاشا دعاءً منك يصدر في ضحىً / وعند مساءٍ أن يخيب قبولا
وَما كانَ إلّا اللَّهَ لا شيءَ غيره / برجع الّذي غلّوه منك كفيلا
ولمّا تراخى منك نصرٌ عهدتَه / وظنّوا جواداً بالنّجاحِ مَطولا
وَكانَتْ هَناةٌ باعد اللَّه شرّها / وكان عليها راعياً ووكيلا
رَكِبتَ منَ النّصر الّذي قد عهدتَه / منَ اللَّه عَوْداً للرّجال ذَلولا
وَلَم تك إلّا ساعةً ثمّ أسفرتْ / كما رفعتْ أيدٍ هناك سُدولا
فَعاود رمح اللَّه منك مثقّفاً / وَعاد حسامُ اللَّه منك صقيلا
وقد علم الباغون أنّك زرتَهم / تجرّ رَعيلاً نحوهمْ ورعيلا
فَلَم يَسمعوا إلّا صهيل صواهلٍ / وإلّا لصكاّتِ الحديدِ صليلا
وَحولك طلّاعونَ كلَّ ثنيّةٍ / إِلى الموت صِرْفاً صِبْيَةً وكهولا
كأنّهُمُ أُسْدُ الشّرى حول غابةٍ / حَمَيْن وقد جدّ النِّزالُ شبولا
وَمُحتَقرين للحِمامِ تخالهمْ / هجوماً على غير الحِمامِ نزولا
وكلّ جريء البأس مثل حياته / إِذا خاف ذلّاً أنْ يموت قتيلا
فما صدّقوا حتّى رأوا جانب الفَلا / يفيض رجالاً نُسَّلاً وخيولا
وظنّوا نجاةً منك والبَغْيُ صائرٌ / قيوداً لهم لا تنثني وكُبولا
سلبتَ الرّجالَ المقدمين نفوسَهمْ / وكلَّ النّساءِ المُحْجَباتِ بُعولا
فَلم يك إلّا في التّراب مُجَدَّلاً / وَإِلّا مُقاسٍ في يديه جَديلا
فللّه يومُ القاع أوسعَ من ردىً / وساق إلى خَطْمِ الفحول فحولا
حَسِبناه وَالآسادُ من خَلَلِ القنا / تَضَارَبُ فيه بالصّوارمِ غِيلا
ولمّا رأوها رايةً مَلَكِيَّةً / تولّوْا كسِرْبِ الرَّيْدِ مرّ جفولا
وألقوا جميعاً كلَّ ما في أكفّهمْ / أعِنَّةَ جُرْدٍ سُبَّقٍ ونُصولا
وَما أَسرعوا إلّا لِكَرْع حُتوفهمْ / كما أسهلَ الموتُ الزّؤامُ وُغُولا
لعمرُ أبيها فتنةٌ لم تَصِرْ لنا / وليّاً على طول الزّمان قتيلا
وعادتْ على مَن كان أضرم نارها / وبالاً وحَيْناً لا يُعاجُ وَغُولا
وكانتْ جبالاً شاهقاتٍ ودستَها / فغادرتها بيداً لنا وسهولا
فلا تطعموا في مثلها بعد هذه / فمن عزّ لا بالحقّ عاد ذليلا
أمِنْ بعد نعماءٍ عليكْم عريضةٍ / جررتَ لها بين الأنام ذيولا
وكان لساحات الجرائم طاوياً / صَفوحاً وساعات العثار مُقيلا
تعرّيتَ منه بعدما كنتَ تنتمِي / إليه ولا تبغي سواه بديلا
فَلو أَنتَ بُلّغتَ الّذي قد بَغَيتَه / لما كان عذرٌ جاء منك جميلا
وَكيفَ بُلوغٌ للّذي سوّلتْ به / لك النّفس مغروراً ولستَ عديلا
ولمّا كسوتَ الجِذْعَ منك بشِلْوِه / رَأَينا رجاءً لِلقلوبِ وسولا
وَأَطعمتَ منه الطّيرَ رَغماً لأنفهِ / وكان طعاماً يَجْتَويه وبيلا
فإنْ لعبتْ يمناه فينا فإنّه / بملعبةٍ للعاصفاتِ مُثولا
تصرّفه أيدي الرّياح فتارةً / جَنوباً وأخرى بالعشيِّ شُمولا
ولم يُبقِ فيه ما رأته عيونُنا / تِراتٍ لنا مطوِيَّةً وذُحولا
هنيئاً بهذا العيد والفتح بعده / وبالمِهْرَجانِ غُدْوَةً وأصيلا
ولا زال هذا الملك ملكُك سرمداً / ودار مقامٍ رغدةً ومقيلا
وإنْ ذبلتْ أغصان قومٍ فلا رأتْ / لغصنك عينٌ للزّمان ذبولا
ولا زلتَ فينا آمراً متحكّماً / عزيزاً قؤولاً في الأنامِ فعولا
قُل للنّوائب قد أصبتِ المقتلا
قُل للنّوائب قد أصبتِ المقتلا / وسقيتِنا فيما جنيتِ الحنظلا
أثكلتِ مَنْ لمّا جزعنا ثُكلَه / أنسيتِنا من قبله ما أثكلا
فالعينُ يجرى ماؤها لا للصّدى / والقلبُ يُوقَدُ جمرُهُ لا للصَّلى
عادات هذا الدّهر أن يستلّ من / نا الأمثَلُ المأمولَ ثمّ الأمثلا
إنّا نبدّل كلَّ يومٍ حالةً / بخلافها من قبل أن تُستبدلا
ويُنَقّل الإنسانُ عن حالاتِهِ / ولِداتِه من غير أن يتنقّلا
نبني المعاقلَ للخطوب فإنْ أتتْ / رُسُلُ الحِمامِ فما اِبتنينا معقلا
كم ذا لنا تحت التّرابِ محاسنٌ / تُرمى على عمدٍ إلى نحو البِلى
والمرءُ في كفّ الزّمان وديعةٌ / كي تقُتضى وحديقةٌ كي تُختَلى
ماذا البكاءُ على الّذي ولّى وقد / جُعلتْ له جنّاتُ عَدْنٍ منزلا
وعلى مَ نُسقَى الصّابَ فيه وإنّه / يُسقى هناك كما يشاء السَّلْسَلا
ملكَ الملوكِ أصخ لقولةِ ناصحٍ / حُكْمُ الصَّوابِ لمثلها أن تَقْبَلا
إنْ كنت حُمّلْتَ الثّقيلَ فلم تزلْ / للحزم أنهض للثّقيل وأحملا
عمرٌ قصيرٌ ما اِنقَضى حتّى قضى / فينا بأنّ لك البقاءَ الأطولا
يا حاملاً أثقالنا حوشيتَ أنْ / تَعْيا بأمرٍ كارثٍ إِنْ أعضلا
ما إنْ عهدنا الدّهرَ إلّا فارجاً / بك ضيّقاً أو موضحاً بك مشكلا
فدعِ التفجُّعَ والتوجُّعَ والأسى / وخذ الأجلَّ من الفتى والأجملا
خيرٌ من الماضي لنا الباقي ومِنْ / ثاوٍ تعجّلَهُ الرّدى من أُجِّلا
فَلئنْ هوى جبلٌ فقد أثوى لنا / خَلَفاً له ملأَ الكِنانة أنصُلا
لا تعجبوا منه يصاب فإنّما / ندعو إلى ثِقْلِ الرّحالِ الأبْزَلا
إِنّ العواصفَ لا تنال من البنا / إِلّا بناءً كان منها أطوَلا
فاِصبرْ لها فلَطالما أوْسَعتنا / في المعضلاتِ تجلّداً وتحمُّلا
وَإِذا جَزعتَ من المصاب فقل لنا / مَن ذا يكون إذا جزعنا المَوْئلا
فتعزَّ بالباقي عن الفاني ردىً / وبمن ثوى وله الهوى عمّن خلا
أَخذ الّذي أَعطى وبقّى بعدهُ / أوفى وألبَقَ بالبقاء وأجملا
وَإِذا قَضى اللَّه القضاءَ فكنْ إلى / بَغْتاتِهِ مستأنساً مسترسلا
لا تألمنَّ بنافعٍ لك دهرَه / يُعطي المرادَ ولا تُجَوِّر أعدلا
ما إنْ ترى في العمر سوءاً بعدها / فاِقبَل من الدّهر المسيء تَنَصُّلا
كم ذا شققت إلى بلوغ إرادةٍ / قَلْبَ الخميس وخضت فيه القَسْطَلا
وقطعتَ في أَرَبٍ بهيماً مظلماً / وركبتَ في طَلَبٍ أغرَّ مُحَجَّلا
للَّه دَرُّك في مكانٍ ضيّقٍ / أرضيتَ لمّا أنْ غضبتَ المُنْصَلا
والذّابلُ العسّالُ يأبى كلّما / طعن الشّواكلَ والكُلى أنْ يذبلا
والخيلُ يخبطن الجماجمَ كلّما / خبطتْ خيولُ النّاكلين الجَرْوَلا
لا راعنا فيك الزّمان ولا رأتْ / عينُ اِمرئٍ شِعْباً حللتَ مُعَطّلا
وَعَلتْ ديارَك كلُّ هَوجاءِ الخُطا / تدع الكميَّ معفَّراً ومجدَّلا
وإذا تحَلْحَلَ يَذْبُلٌ عن جانبٍ / أرسى به جُنِّبْتَ أنْ تتحَلْحَلا
وبقيتَ فينا آمراً متحكّماً / ومعظّماً بين الأنامِ مُبَجَّلا
وسقى الإلهُ ترابَ مَن كانتْ على / رغم الأنوف بنا الغمامَ المُسْبِلا
أسيَّدَنا الشريفَ عَلَوْتَ عن أنْ
أسيَّدَنا الشريفَ عَلَوْتَ عن أنْ / تضاف إليك أوصافُ الجلالَهْ
لأنّك أوْحَدٌ والنّاسُ دونٌ / ومَن يسمو لمجدك أنْ ينالَه
وفُتَّ وزدتَ فضلاً إنّ فضلاً / كفضلك لا تحيط به مقالَه
ولي أمَلٌ سأُدركه وشيكاً / بعون اللَّه فيك بلا محالَه
وليس على مُوَالاتي مزيدٌ / لأنّي لم أرثْها عن كلالَه
متى يُبدِي الكثيبُ لنا غزالَه
متى يُبدِي الكثيبُ لنا غزالَه / ويُدني من أنامِلنا منالَهْ
وكيف يُنيلنا مَن ليس نَلقى / وقد وعد النّدى إلّا مِطالَهْ
أراد زيارتي غلطاً فلمّا / مددتُ لنيلها كفِّي بدا لَهْ
ولمّا أنْ جفا عيني نهاراً / رضيت بأنْ أرى ليلاً خيالَهْ
وعِفتُ حرامَه فأنال عيني / وقلبي في الدُّجى منه حلالَهْ
يُرِي عيني الكرى أنِّي أراه / ولم أرَ في الكرى إلّا مِثالَهْ
عدمتُ صحيحَه فرضيتُ قَسْراً / بأنْ ألقى على سِنَةٍ مُحالَهْ
وقولٍ زارني فوددتُ أنّي / وقيتُ بمهجتي مَن كان قالَهْ
ذكرتُ به التّصابي والغواني / وأيّامَ الشّبيبةِ والبطالَهْ
وكيف ألومُ إمّا لمتُ دهراً / ضللتُ به فأطلعَ لِي هِلالَهْ
ولمّا أنْ ظمئتُ به سقاني / عذوبتَه وأوْرَدَني زُلالَهْ
وكان من العِدا قلبي نفوراً / على حَذَرٍ فكان له الحِبالَهْ
غفرتُ له ذنوبَ الدّهرِ لمّا / أَتى كفّي فأعلقها وصالَهْ
وَما أَنا مصطفٍ إلّا خَليلاً / رضيتُ على تجاربه خلالَهْ
تركتُ بجانبِ الوادي ثُماماً / فلم أعرض له وجنيتُ ضالَهْ
وإنّك من أُناسٍ ما رأينا / لهمْ إلّا الرّياسةَ والجلالَهْ
علَوْا قُلَلَ الكلام الجَزْلِ فينا / وحلّوا كيفما شاؤوا جبالَهْ
وكم رام اِمرؤٌ بهمُ لُحوقاً / بطرقِ المأثُراتِ فما اِستوى لَهْ
وما زالوا بيوم ندىً سيولاً / لمفخرةٍ ويوم وغىً نِصالَهْ
وكم ماضي البيان رددتَ منه / غبيَّاً لا تبين له مقالَهْ
وذى لَسَنٍ رجعتَ به صَموتاً / وذى جَدَلٍ عكستَ له جِدالَهْ
فخذها اليومَ قافيةً شروداً / تجوب بها البلادَ ولا ضلالَهْ
فإنْ قَصُرَتْ فقد أغنتْك منها / إِشاراتٌ لَطُفْن عن الإطالَهْ
فلا مَلَلٌ لقلبي منك دهراً / وحاشا اللَّهَ قلبي من مَلالَهْ
ألا يا أحسنَ الثَقَلَيْنِ عَبْلاً
ألا يا أحسنَ الثَقَلَيْنِ عَبْلاً / أنيلي اليومَ مَن يهواك نيلا
يميل إليك من كَلَفٍ ولكنْ / إِلى مَن لا يميل إليه ميلا
فإنْ لم يأتِهِ منكمْ رسولٌ / نهاراً فاِجعلوه إليه ليلا
وقد قَطَر الجفاءُ فأوْسَعوه / فَسالَ عليَّ بعد القَطْر سيلا
ولو كنتُ الممكَّنَ من مُرادي / جررتُ على الطريق إِليك ذيلا
فإنْ لم آتكمْ في ظهر طِرْفٍ / رَكبتُ أخامصي نُجُباً وخيلا
ألا لا تصِدْني بإطماعةٍ
ألا لا تصِدْني بإطماعةٍ / فلستُ على طمعٍ مقبلا
فإنّيَ ممّنْ إِذا سمتَه / قبيحاً يُذَمُّ به قال لا
وما ليَ في الذّلِّ من موطنٍ / ولا أجعل الفُحشَ لي منزلا
ومُرٍّ بلا دَنَسٍ أصطفيه / على ما به دَنسٌ إِنْ حَلا
أُصيبتْ مقاتلُ كلّ الرّجال / وما أن أصابوا لِيَ المقتَلا
وكم ذا فرجتُ لهمْ ضيّقاً / وكم ذا كفيتُ لهمْ مُعضِلا
وزَوْرٍ زارني واللَّيلُ داجٍ
وزَوْرٍ زارني واللَّيلُ داجٍ / فعلّلني بباطله وولّى
سقاني ريقَهَ مَن كنت دهراً / مَذوداً عن مراشفه مُحَلّا
وأولى فوق ما أهواه منه / وما يدري بما أعطى وأولى
وأرخص قربَه باللّيل مَن لو / سألنا قربه بالصّبحِ أغلى
نعمنا بالحبيب دجىً فلمّا / تولّى واِضمحلّ لنا اِضمحلّا
فإِنْ يك باطلاً فسقيم حبٍّ / أفاقَ به قليلاً أو أبَلّا
تلاقٍ لا نخاف ولا نبالي / بمن أوحى به وعليه دلّا
ولو أنّ الصَباحَ يُطيع أمري / لما كشف الظّلامَ ولا تجلّى
إِنْ كنتُ أزمعتُ عن وجدى بكم هرَباً
إِنْ كنتُ أزمعتُ عن وجدى بكم هرَباً / فلا سقاني الظّما عَلّاً ولا نَهَلا
ليس التبدّلُ في الأهواءِ مِن خُلُقِي / ولو تبدّلتُ منكمْ لم أجدْ بدلا
من غير جرمٍ ولا عذرٍ لمعتذرٍ / مللتُمُ كَلِفاً لا يعرف المَلَلا
إنْ كان طيفُك زارنا
إنْ كان طيفُك زارنا / فلقد تَجَنَّبَنا طويلا
علّلتُمُ بطُروقكمْ / ومحالكم قلباً عليلا
ما كان يرضى بالكثي / ر وبعدكمْ رضيَ القليلا
فهو الغداةَ كفاقدٍ / أحبابَه نَدَب الطُّلولا
أوجدتموه إلى الأما / ني في لقائكمُ السَّبيلا
أَسيفَ الدّين قد حمّلتَ ظهري
أَسيفَ الدّين قد حمّلتَ ظهري / عوارفَ لا أُطيق لها اِحتمالا
ثقائلَ لو حُملنَ على شَرَوْرى / لزال بها شَرَوْرى أوْ لمَالا
هززتُك صارماً لم ينبُ عنّي / لأمرٍ ما اِرتضيتُ له الرّجالا
فَكنتَ إليَّ أَسرعَ من غمَامٍ / تبجّسَ أو مسيلَ الشِّعْبِ سالا
ولمّا أنْ سألتُك في مهمٍّ / وجدتُك قد سقبتَ به السُّؤالا
ومهما كنتَ لِي درعاً حصيناً / فما أخشى المثقّفَةَ الطِّوالا
وإمّا كنتَ لِي جبلاً منيعاً / فلم ينل العِدا مِنّي مَنالا
وإنّك من أُناسٍ إنْ أغذُّوا / بطُرْقِ الفضل لم يجدوا الكَلالا
فإنْ تقصُرْ فإنْ لها وشيكاً / كما تهواه أمثالا طوالا
وَلمّا حزتُمُ أملِي أَمرتمْ / لساني أنْ يقول لكمْ فقالا
وَمَن لم يدّخر عنِّي فعالا / كريما كيف أذخُرُه المقالا
أَما تَرى الرُّزْءَ الّذي أَقبلا
أَما تَرى الرُّزْءَ الّذي أَقبلا / حمَّلَ قلبي الحَزَنَ الأثقلا
بُليتُ والسّالمُ رهنٌ على / قضيّةِ الدّهر بأنْ يُبْتَلى
مُجَرَّحاً لا حاملٌ جارحي / بِكفّه رمحاً ولا مُنْصُلا
يُقرَعُ مَرْوي بأكفّ الرّدى / يردعني من قبل أنْ ينزلا
وإنْ تأمّلتُ أوانَ الردى / رأيتُ ليلاً دونه أَلْيلا
كأنّني أعشى وإنْ لم أكنْ / أعشى من الأمر الّذي أَثْكلا
يا بؤسَ للإنسان في عيشه / يُسلُّ منه أوّلاً أوّلا
يَنْأى عن الأهل وما ملّهمْ / ويُبدل الحيَّ وما اِستَبدلا
بين ترى في ملأٍ دارَه / حتّى تراه في صَعيدِ المَلا
فقل لقومٍ زرعُهمْ قائمٌ / زرعُكمْ لابدّ أنْ يُخْتَلى
وقلْ لمن سُرّ بتخويله / خُوِّل مَنْ يأخذ مَنْ خَوَّلا
وقلْ لماشٍ في عِراصِ الرّدى / أنسيتَ مَن يستعثر الأرجلا
أسْمَنَك الدّهرُ فلم تخشَه / وإنّما أسمن مَن أهزلا
إنْ تُلفِهِ للمرء مستركباً / فهوَ الّذي تَلقاه مُستنزلا
أوْ صانه عن بذله مرّةً / فَهوَ الّذي يَرجعُ مُستبذلا
فَلا يَغرّنْك وميضٌ له / ما لاح في الآفاقِ حتّى اِنحلى
ولا تصدّقْ مائناً دَأْبُهُ / أن يَكذِبَ القولَ وأنْ يَبْطُلا
وكلّنا يَكرع صِرْفَ الرّدى / إمّا طويلَ اللَّبْثِ أو مُعْجَلا
فَما الّذي يُجْزِعُ من طارقٍ / إنْ لم يزرْ يوماً فما أمْهلا
نعى إلى قلِبيَ شطراً له / من حقّه أنْ يلقم الجندلا
فقلتُ ما أحسنتَ بلْ يا فتى / ما أحسن الدّهرُ ولا أجملا
يا دهرُ كم تنقل ما بيننا / مَن ليس نهوى فيه أن ينقلا
تأخذ مِنّا واحداً واحداً / بل تأخذ الأمْثَلَ فالأمثلا
أفنيتَ بالأمسِ شقيقاً له / فَاِنظرْ إلى حَظّك ما أجزلا
فعدتَ تستهلك ما حُزتَه / صبراً فصبرٌ غايةُ المُبتَلى
قالوا تسلَّ اليومَ عن فائتٍ / فقلتُ بُعْداً لفؤادٍ سلا
لا تَعذلوا المُعْوِلَ حُزْناً له / فخيرُكم مَن ساعد المُعْوِلا
أيُّ فتىً فارقنا عَنْوَةً / رُحِّلَ عنّا قبلَ أن نرحلا
لا الجِدُّ مملولٌ لديه ولا / يُخاف في الخَلوَةِ أنْ يَهزِلا
وذو عَفافٍ كلّما سامه / ذو الغشّ منه مرّةً قال لا
لا تألفُ الرِّيبةُ أبوابَه / ولا خلا في سيّئٍ إنْ خلا
يا غائباً عنّي ولولا الرّدَى / ما غاب عنّي الزَّمنَ الأطْوَلا
سَرْبَلَني ما لا بديلٌ له / وربّما اِستبدل مَن سربلا
لا أخطأتْ قبرَك هطّالةٌ / ولا عداك المُزْنُ إنْ أسبلا
وجانبٌ أنتَ به ساكنٌ / لا عدم القطرَ ولا أمْحلا
ولا يزلْ والجدبُ في غيره / مُرَوَّضاً حَوْذانُه مُبْقِلا
واِمضِ إلى حيث مضى معشرٌ / كانتْ لهم في الدّرجاتِ العُلا
وصِرْ لما صاروا فأنت الّذي / أعددتَهمْ في حَذَرٍ مَوْئِلا
فهمْ شفيعٌ لك إنْ زلّةٌ / كانتْ وإنْ بعضُ عثارٍ خلا
وجنّةُ الخُلدِ لهمْ إذْنُها / وموقَداتُ النّارِ لا للصِّلا
وحبُّهمْ والفوزُ في حبّهمْ / أخرج مَن أخرج أو أدخلا
أَمَلَلْتَني وَزَعمتَ أن
أَمَلَلْتَني وَزَعمتَ أن / نَك خائفٌ منّي الملالَهْ
وأطعتَ فيَّ وما أطعْ / تَ محرِّفاً أبداً مقالَهْ
وعلمتَ منّي ما علمْ / تَ فلِمْ علمتَ على الجهالَهْ
يا مَنْ جفاني في الضّحى / وأَزارني وهْناً خيالَهْ
وحُرِمتُ منه صحيحَه / وقبلتُ مضطرّاً مُحالَهْ
هل ضامنٌ منكمْ لنا / ضمن الجميل فما بَدا لَهْ
لم تدعْ لِي نُوَبُ الأي
لم تدعْ لِي نُوَبُ الأي / يامِ في الخَلْقِ خليلا
أنا صِفْرٌ مِن أخلّا / ئي وما كنتُ مَلولا
فمتى يسمح لِي الدّهْ / رُ وقد كان بخيلا
بخليلٍ جُبتُ في تَحْ / صيلهِ البُعدَ الطَّويلا
أَخَذَتْه مِنّيَ الأق / دارُ صَعْباً وذَلولا
وطَوَتْه عنِّيَ الأرْ / ضُ اِغتِصاباً وغُلولا
فمتى اِستبدلتُ عنه / لم أجدْ عنه بديلا
يا طالبَ الدّنيا على ذلٍّ بها
يا طالبَ الدّنيا على ذلٍّ بها / أعززْ عليّ بأن أراك ذليلا
ما لِي أَراك حَمَلْتَ في طلبِ الغِنى / ولربّما صَغُرَتْ يداك ثقيلا
لو كنتَ تعقل أو تشاور عاقلاً / كان الكثير وقد ذَلَلْتَ قليلا
ذلّ اِمرؤٌ جعل المذلَّةَ دهرَه / طَلَبَ المغانِمِ منزلا مأهولا
عدِّ المطامِعَ كيفَ شئتَ وخذْ بها / مِلْءَ اليدين من العفاف بديلا
وإذا فجعتَ بماء وجهك لم يُفِدْ / إنْ نلتَ من أيدي الرّجال جزيلا
لعنةُ اللَّه على مَنْ
لعنةُ اللَّه على مَنْ / كان بالودّ بخيلا
وإذا آثر نَيْلاً / كان للشّرِّ مُنيلا
وإذا جرّبتَ منه / مَضْرِباً كان كَليلا
وكثيراً فإذا اِستَنْ / صرتَهُ عاد قليلا
وجميلَ الوجه لو كن / تَ ترى منه الجميلا
وصحيحاً فإذا سِي / مَ ندىً كان عليلا
لَيس حَظّي وهْوَ حظّي / في الورى إلّا قليلا
قِطُّهُ الرّاحة لو أن / ن إلى الروح سبيلا
دع الغِنى لبنيهِ
دع الغِنى لبنيهِ / إِنْ شئتَ أنْ لا تذلّا
كم ذا تعلّقُ ظِلّاً / مزايلاً مُضْمَحلّا
إنْ أنتَ أعرضتَ عنه / جثا إليك وحلّا
وإنْ رآك حريصاً / عليه يوماً تولّى
مَنْ فكّ رِبقةَ حِرْصٍ / فإنّما فكّ غُلّا
ومَنْ يجلّ صنيعاً / كان الأعزّ الأجلّا
مَن ملَّ حَمْلَ ثقيلٍ / من الرّجالِ أُمِلّا
ومن تكثّر يوماً / بالنّاسِ ذلَّ وقلّا
لا تطلبنَّ دواءً / للدّاءِ كان المُعِلّا
وَلا تبعْ بحرامٍ / من المعيشةِ حِلّا
للَّهِ نَدْبٌ جريءُ / رأى الغبينةَ ذُلّا
وعَدَّ ما في يديهِ / ثِقْلاً عليه وكَلّا
وَاِستلّ بين رجالٍ / من العَضِيهةِ سَلّا
ما العيشُ إلّا كبرقٍ / أو عارضٍ يتجلّى
بعطيك جزءاً ويأبى / شُحّاً فيأخذ كُلّا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025