القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 35
وذي رونقٍ ترتْاعُ منه كأنّما
وذي رونقٍ ترتْاعُ منه كأنّما / عروسُ المنَايا فيه للعين تُجتلَى
صموتٍ عن النطقِ المبين لسانُهُ / فإن قَرَعَ البَيضْ اليمانِيَّ وَلوَلَا
جَرى وَالتَظى سلّاً فقلتُ تَعَجُّباً / مَتى فَجّرَتْ كفٌّ مِنَ النارِ جَدوَلا
لهامِ العِدى مِنهُ سجودٌ على الثّرى / إذا ما اغتدى منه ركوعٌ على الطلا
وأبيضَ تحسبُ فيه الفرندَ
وأبيضَ تحسبُ فيه الفرندَ / يثيرُ هباءً على جدوَلِ
إذا دُعيَ الموتُ بالهزّ منه / أجابَ بصلصلةِ الجلجَلِ
وما سُلَّ لِلضَّرْبِ إلّا أسالَ / عَلى خَدِّهِ أَدمعَ المقتلِ
ترى فيه عينُك غَوْلَ الحِمامِ / يهمّ بِأَكلِ يدِ الصيقلِ
وماءً به شرقاتُ الردى / تمَيّعَ في قَبَسٍ مُشْعلِ
تَقَلَّدَني إذ تَقَلَّدتُهُ / أَلا إِنَّني مُنْصُلُ المنصلِ
مُلْكٌ جديدٌ مثل طَبْعِ المُنصُلِ
مُلْكٌ جديدٌ مثل طَبْعِ المُنصُلِ / نَمشُ الفرندِ عَلَيهِ صنع الصيقلِ
ورياسةٌ عُلْوِيّةٌ ترنو إلى / زُهْرِ الكواكبِ إذ تَراءتْ من عَلِ
وسعادةٌ لو أنّها جُعِلتْ على / هَرِمٍ لعادَ إلى الشّبابِ الأوّلِ
هاتِ الحديثَ عن الزّمانِ وحُسْنِهِ / وَخُذِ الحديث من المُحدِّث عن علي
من ألحفَ الدنْيا جنَاحَيْ عدْلِهِ / وأجارَ من صرْفِ الخطوبِ المعضلِ
من مَهّدَ الملكَ العظيمَ وناهضاً / للمكرمات بكلّ عبءٍ مثقلِ
ملك تَفُلّ عداتَهُ عزماتُهُ / بصوارم قَدَرِيّةٍ لم تُفْلَلِ
برٌّ إذا عَمَلٌ خلا من نُصْحِهِ / ورجا التقيُّ قبولهَ لم يُعْمَلِ
شَرِبَتْ قلوبُ الناسِ مِنهُ محبَّةً / كَرْعَ الصوادي في عذوبةِ منهلِ
وقضى له بالنّجْحِ مبدأُ أمرِد / ويدلّكَ الماضي على المستقبلِ
وَسما يُحَلِّقُ في العلى بِعِداتِهِ / مثلَ البغاثِ خَشينَ وَقْعَ الأجدلِ
إِيّاكَ أَن يختالَ مِنهُم جاهلٌ / فحسامُهُ للجيدِ منه يختلي
إِنَّ الشريعةَ مِنهُ تُشْرِعُ عاملاً / من كلِّ باغٍ عامِلاً في المقتَلِ
وَرِثَ الممالِكَ مِن أَبيهِ فَحازَهَا / وتُراثَ مجدٍ في الصميم مُؤثَّلِ
حَسَمَ المظالمَ عادلاً فكأنّهُ / من سيرة العُمرَيْن جَدّدَ ما بَلي
كم قال من حيٍّ لِمَيْتٍ قُمْ ترى / ما نَحنُ فيه منَ التنَعُّم مُذْ ولي
إنَّ ابنَ يَحيى في المفاخِرِ ذِكرُهُ / مُتَضَوّعٌ منه فمُ المتمثّلِ
ملكٌ إذا خفقتْ عليه بنودُهُ / فالحافقانِ له جناحا جَحفَلِ
يَقتادُ كلَّ عَرَمْرَمٍ متَموِّجٍ / كالبحر تركُلُهُ نَوؤجُ الشّمألِ
وتريكَ في أُفْقِ العجاجِ رماحُهُ / شَرَرَ الأسنّةِ في رمادِ القسطلِ
في كُلِّ سابِغَةٍ كَأنَّ قَتيرَها / حدَقُ الجنادبِ في سَرابِ المجهَلِ
ماذيّةٌ يشكو لِكَثرَةِ لَحمِها / ضُرّاً بلا نفعٍ لسانُ المُنْصُلِ
كَغَمامَةٍ يَجلو عَلَيكَ بَريقُها / في السّرد لمعَ البارقِ المُتَهلِّلِ
يَفتَرُّ عَن ثغرِ الرئاسَةِ والرّدى / جَهْمٌ يلذّ بِعَضِّ نابٍ أعصلِ
إِن كرَّ في ضَربِ الكماةِ بِمرهَفٍ / قدّ الحديدَ على الكميّ بجدوَلِ
وتخالُ يومَ الطّعْنِ مهجةَ قِرنِهِ / تُجْري السليطَ على السنانِ المُشعَلِ
لا تَسأَلَنْ عَن بأسِهِ واقْرَأه في / صفةِ الحديدِ من الكتابِ المنزلِ
صَلْتُ الجبينِ على أسِرّةِ وجههِ / نورٌ يشيرُ إلى الظلامِ فينجلي
ثبتَتْ رصانةُ حِلْمِهِ فكأنّما / أرساهُ خالقُهُ بِهَضْبَةِ يَذْبُلِ
ما زلتَ في رُتَبِ العُلا متنقّلاً / وكذا انتقالُ البَدر في الفَلكِ العلي
وموفّقُ الأعمالِ تحسبُ رأيَهُ / صُبْحاً يقدّ أديمَ ليلٍ أليْلِ
وتكادُ تُرْدي في الغمودِ سيوفُهُ / وتبيدُ أسهُمُهُ وإن لم تُرْسَلِ
دُمْ للمعالي أيّها الملك الذي / أسْدَى الأماني من يمينَيْ مفضلِ
نِعَمٌ تُنَوِّرُ في الأَكُفِّ كَما سقى / عينَ الرياض حَيَا السحابِ المُسْبَلِ
وَفَدَتْ عَلَيكَ سعودُ عامٍ مُقْبِلٍ / فَتَلَقَّهُ بِسعودِ عِزٍّ مقبلِ
أَهْدَى التحيَّةَ واستعارَ لنُطْقِهِ / من كلّ ممتدح فصاحةَ مِقْولِ
وَسعَى بِأَرضِكَ واضِعاً فَمَهُ على / تُرْبٍ بأفواهِ الملوكِ مُقَبَّلِ
وكَأَنَّهُ بِكَ لِلأنامِ مهنّئٌ / ومبشّرٌ لك في علوّ المنزلِ
بمراتبٍ تُبْنى وبأسٍ يُتّقَى / وسعادةٍ تَنْمى وكعبٍ يعتلي
نَهَتِ الكواشحَ عنه والعُذّالا
نَهَتِ الكواشحَ عنه والعُذّالا / فَكَأنَّما ملأتْ يديه وصالا
أَتَظُنّها رَحِمَتْهُ من أَلمِ الجَوَى / بِمُخَلخَلٍ يَستَرحِمُ الخِلخَالا
ظَمآنُ يَستسقي أُجاجَ دموعِهِ / من عارِضِ البَرِد الشنيبِ زلالا
حَتّى إذا لَذَعَ الغَرامُ فؤادَهُ / شربَ الغليلَ وأُشرِبَ البِلبالا
مُضْنىً أزارتْهُ خيالاً عائداً / فكأنّما زارَ الخيالُ خيالا
لا يستجيبُ لسائلٍ فكأنّهُ / طَلَلٌ وهل طللٌ يجيبُ سُؤالا
كَم سامِعٍ بِالعَينِ مِن آلامِهِ / قِيلاً بأفواهِ الدموعِ وقالا
إِنّي طُرِفْتُ بِأَعينٍ في طَرفِها / سِحْرٌ يَحُلُّ مِنَ العقولِ عِقالا
وَفَحَصتُ عَن سَببٍ عَصَيتُ بِهِ النّهى / فَوَجدتُهُ ذُلّاً يُطيعُ دلالا
وَأَنا الَّذي صَيَّرْتُ عِلْقَ صبابتي / بصبابَتي للغانِيات مُذالا
فتَصيَّدَتنِي ظبيةٌ إنسِيّةٌ / وَأَنا الَّذي أَتَصَيَّدُ الرّئبالا
تُجري الأراكَ على الأقاح وظَلمُها / ريقٌ أذُقْتَ الشَّهدَ والجِريالا
وتريكَ ليلاً في الذوائب يجتلي / نوراً عليك ظلامُهُ وصقالا
وإذا تداولتِ الولائدُ مَشْطَهُ / عَرُضَ السُّرى بالمشطِ فيه وطالا
وتَنَفَّسَتْ بِالندِّ فيهِ فَخَيَّمتْ / نَارٌ مواصِلَةٌ بِهِ الإِشعالا
يا هَذِهِ لَقَدِ انفَرَدتِ بِصورَةٍ / لِلحُسنِ صُوِّرَ خَلقُها تِمثالا
أمّا الجفونُ فقد خَلَقْنَ مقَاتِلاً / مِنّي فَكَيفَ خَلَقْنَ مِنكِ نِبالا
هَل تطلعينَ عليَّ بدراً عن رضىً / فأراكِ عن غضَبٍ طلعتِ هلالا
ألفيتُ بَرْقَكِ في المَخِيلَةَ خُلّباً / ويمينَ عَهدكِ في الوفاءِ شمالا
ما هذه الفتكات في مهجاتنا / هَل كانَ عِندَكِ قَتلهنَّ حلالا
لِم لا ترقُّ لَنا بِقَلبِكَ قَسوَة / أَخُلِقْتِ إِلّا غادَة مِكسالا
وظُباكِ تصرعُ دائباً أهلَ الهَوى / وَظُبا عليٍّ تَصرَع الأبطالا
مَلكٌ لِنصر اللَّه سَلَّ مجاهداً / عَضْباً تَوَقّدَ بالمتونِ وسالا
وإذا شدا في الهام خلتَ صليلَهُ / عمَلاً وَهَزّ غِرارِهِ استِهلالا
وَكَأنَّهُ مِن كُلِّ دِرعٍ قَدَّها / يُغْري بأحداقِ الجرادِ نَمالا
مَلكٌ إِذا نَظَمَ المِكارِمَ مَثَّلتْ / يدُهُ بها التتميمَ والإيغالا
فَدَعِ الهبات إِذا ذَكَرْتَ هِباته / تُنْسي البحورُ بِذِكرها الأوشالا
ماضٍ على هَوْلِ الوقائعِ مُقْدِمٌ / كَالسيفِ صَمّمَ وَالغَضَنفرِ صالا
يرمي بثالثَةِ الأثافي قِرْنَهُ / فَالأَرْضُ مِنها تَشتَكي الزلزالا
فَبِأَيِّ شَيءٍ تَتَّقي من بأسِهِ / ما لو رَمَى جبلاً به لانهالا
يصْلى حرورَ الموْت مَنْ مَدّتْ له / يمناهُ من وَرَقِ الحديدِ ظلالا
هَدّ الضّلالَ فلم تقُمْ عُمُدٌ له / وأقامَ من عمد الهدى ما مالا
من سادةٍ أخلاقُهُمْ وحلومُهُمْ / تتعرّضانِ بسائطاً وجبالا
أقْيَالُ حِمْيَرَ لا يَرُدّ زمانُهُمْ / لَهمُ بما أمرُوا بِه أقْوَالا
وإذا الكريهةُ بالحتوفِ تسعّرَتْ / وغدتْ نواجذُها قناً ونصالا
واستَحضَرَ اللَّيلُ النّهارَ بظلمةٍ / طلعتْ بها زُهْرُ النجوم إلالا
نَبذوا الدّروعَ وقاربت أعمارهم / نيل اللّهاذم والظُّبا الآجالا
حَتّى كَأَنَّهُمُ بِهَجرِ حَياتِهمْ / يَجِدونَ مِنها بالحِمامِ وِصالا
فهمُ همُ أُسْدُ الأسود براثناً / وأرقّ أبناءِ الملوكِ نِعالا
يا مَنْ تَضَمّنَ فضْلُهُ إفْضالَهُ / والفضلُ ما يَتَضَمّنُ الإفضالا
عَيّدْتَ بالإسْلامِ مُهْتبِلاً لهُ / في زينةٍ خلعتْ عليه جمالا
ولبستَ فيه على شِعارِكَ بالتُّقى / من ربّكَ الإعظامَ والإجْلالا
قدّمْتَ عدّ بنيك فيه لمن يَرى / ليثَ الكفاح يُرَشّحُ الأشبالا
في جحفلٍ ملأ الهواءَ خوافقاً / والسّمْعَ رِكْزاً والفَضاءَ رعالا
وكأنّ أطراف الذوابلِ فوقَه / تُذْكي لإطفاءِ النّفوس ذُبَالا
بالخَيْلِ جُرداً والسيوف قواضباً / والبزْلِ قُوداً والرماح طوالا
وبعارِضِ الموتِ الذي في طيِّهِ / وَبْلٌ يَصُبُّ على عِداكَ وبالا
تَرَكَتْ ثَعابينُ القفارِ شِعابَها / وأُسودُها الآجام والأغيالا
وأتت معوّلةً على جيفِ العدى / وحسبنَ سِلْمَكَ بالعجاج قتالا
خَفَقَتْ بنودٌ ظَلَّلت عَذَباتها / بُهَماً سيوفُها الضُّلّالا
من كلّ جسمٍ يَحتْسي من ريحِهِ / روحاً يقُيم بخلقهِ أشكالا
وكأنّ أجياداً حباك جيادَهُ / فكسوتَهُنّ من الجَلالِ جُلالا
من كلّ وَرْدٍ رائقٍ كسميِّهِ / فتخالُ من شَفَقٍ له سربالا
أَو أَشقَرٍ كَالصبحِ يَعقِلُ رادعاً / هَيْقَ الفلاةِ وجأبها الذيّالا
أو أشعلٍ كالسّيد عَرّضَ سابحاً / فحسبته بالأيطلَينِ غزالا
أو مُشْبِهٍ لعس الشفاهِ فكُلَّما / رَشَفَتْهُ بالنّظَرِ العيونُ أحالا
أو لابسٍ ثوباً عليه مُرَيَّشاً / وصلتْ قوائمه به أذيالا
أَو أَدهَمٍ كاللَّيلِ أَمّا لونه / فَلَكَم تَمنّى الحسنُ منه خيالا
يَطَأُ الصفا بالجزع منه زبرجدٌ / فيثيرهُ في جوّه قَسْطالا
والبُزْلُ تجنحُ بالقِبابِ كأنّها / سُفُنٌ مدافعةٌ صَباً وشمالا
وكأنّما حملت رُبى قد نوّرَتْ / وَسُقِينَ من صَوْبِ الربيع سجالا
وَكَأَنَّما زُفَّتْ لَهُنَّ عَرائِساً / لِتَحلّ مَغْنَى عِزِّك المحلالا
بَكَرَت تَعالى للهِلالِ وما انثَنَتْ / حَتّى رَأيتَ لَها الهلالَ تَعالى
صَلّيتَ ثمَّ نحرتَ في سُنَنِ الهدى / بُدْناً كنحرِكَ في الوغى الأقتالا
وَتَبِعتَ سُنَّةَ أَحمدٍ وأريتنا / مِنْ فِعْلِهِ في الفعلِ منك مثالا
ثمَّ انصرفتَ إلى قصورك تبتني / مجداً وتهدمُ بالمكارمِ مالا
وتؤكّد الأسماءَ في ما تشتهي / من هِمَةٍّ وَتُصَرِّفُ الأفعالا
مُلاعِبَ البيض بين البيض والأسَلِ
مُلاعِبَ البيض بين البيض والأسَلِ / تلاعبتْ بك حُورُ الأعينِ النُّجُلِ
فَخُذْ من الرّمْحِ في حرْبِ المها عِوَضاً / فالطعنُ بالسّمْرِ غيرُ الطّعْنِ بالمقلِ
كم للعلاقةِ من هيجا رأيتَ بها / ضراغمَ الغيل قَتْلى من مها الكللِ
وكم غزالةِ إنْسٍ أنْحلَتْ جسدي / بِالهجرِ حَتَّى حَكى ما رقّ من غَزَلِ
ممشوقةً ملْتُ عن حِلْمي إلى سَفَهي / منها بقدّ مقيمِ الحسن في المَيَلِ
تصدّ بالنفس عن سلوانها بهوى / عينٍ تكحّل فيها السحرُ بالكحلِ
خداعةُ الصبّ بالآمالِ مرسلةٌ / إليّ بالعضّ في التفّاحِ والقُبَلِ
وناطقُ الوجدِ منّي لا يكلِّمُهُ / منها إذا ما التقينا ساكتُ المللِ
يا هَذِهِ ونِدائي دُمْيَةً طَمَعٌ / في نطقها من فقيدِ اللبِّ مُخْتَبِلِ
أرى سِهامَ لحاظٍ منكِ تَرْشُقُني / أفي جُفونكِ رامٍ من بني ثُعَلِ
بل ضَعْفُ طرفك في سفكِ الدماءِ له / أضعافُ ما للظُّبا والنّبْلِ والأسَلِ
إِنِّي امرؤٌ في ودادي ذو محافظةٍ / فما يَرَى في وفائي الخلُّ من خلَلِ
وعارِضٍ مَدّ عَرْضَ الجوِّ وانسَبَلَتْ / في وجنةِ الأرضِ منه أدْمُعُ السَّبلِ
ثرِّ الشّآبيبِ أَصواتُ الرعودِ بِهِ / كَأَنَّهُنَّ هَديرُ الجُلَّةِ البُزُلِ
كَأَنَّما الأَرضُ تَجلو مِن حَدائِقها / عرائساً في ضُرُوبِ الحَلْي والحللِ
أَحيا الإِلهُ بها التربَ المَواتَ كما / أحيا سفاقسَ يحيى بالهمام علي
كفؤٌ كَفَى اللَّه في الدهرِ الغشيمِ به / خَطْباً يخاطبُ منه ألْسُنَ العُضَلِ
أَقرَّ فيها أُناساً في مَواطِنِهم / لمّا تَنادَوْا لِتَوْديعٍ ومرتحلِ
وَأَثبَتَ اللَّه أَمْناً في قلوبِهِمُ / بَعدَ التقلُّبِ في الأحشاءِ من وجلِ
بِيُمْنِ أكبرَ لا عابٌ يُنَاطُ به / يُمنَاهُ منشأُ صوبِ العارضِ الهطِلِ
قومٌ تسوس رعاياه رعايتهُ / بالرّفْقِ والعدلِ لا بالجوْرِ والعَذَلِ
من يُتْبِعُ القولَ من إحسانه عملاً / والقولُ يورقُ والإثمارُ للعمَلِ
له رَجاحَةُ حِلْمٍ عند قُدْرَتِهِ / أرسَى إذا طاشتِ الأحلامُ من جَبَلِ
في دولةٍ في مقرِّ العزِّ ثابتةٍ / تُمْلي العلى من سجاياهُ على الدوَلِ
أغرّ كالبدر يعلو سرجَهُ أسَدٌ / أظفارُهُ حُمْرُ أطرافِ القَنَا الذبلِ
بادي التبسم والهيجاءُ كالحةٌ / لا يتّقي العضّ من أنيابها العصلِ
تَرى السلاهِبَ من حولَيهِ ساحبةً / ذيلَ العجاج على الأجسادِ والقلَلِ
مِن كلِّ ذي ميعةٍ كالبحرِ تَحسبُ منْ / أزبادِهِ سُرِدَتْ ماذيَّةُ البطلِ
تَنضو بِهِ مِلَّةُ الإِسلامِ مرهَفَةً / بِضَربِهِنَّ الطلى تَعلو على المللِ
قَديمةٌ طَبَعَتْهُنَّ القيونُ على / ماضي العزائم من آبائه الأولِ
من كلّ أبيضَ في يمناهُ سَلّتُهُ / كالبرقِ يخطفُ عُمْرِ القِرْن بالأجلِ
جداولٌ تَرِدُ الهيجا فهل وَرَدَتْ / ماءَ الطلى عن تباريحٍ من الغُلَلِ
نَدبٌ تُدَاوي مِنَ الأَقوامِ شيمتُهُ / بالبأس والجود داءَ الجُبنِ والبَخَلِ
مستهدَفُ الرَّبع بالقصّادِ تقصدُهُ / في البحرِ بالفُلكِ أو في البرِّ بالإبلِ
مُنَزَّهُ النّفسِ سمحٌ ما لَهُ أمَلٌ / إلّا مَكارِمُ يَحويها بنو الأملِ
أَطاعَني زَمَني لَمّا اعتَصَمتُ بِهِ / حَتّى حَسِبتُ زَماني عادَ مِنْ خولي
وما تيَقّنتُ أنّي قبل رُؤيَتِهِ / ألْقَى كرامَ البرايا منه في رجلِ
يا صاحبَ الحلمِ والسيفِ الَّذي خمدتْ / نارُ المنيّة فيه عن ذوي الزللِ
لو أنّ عزمك حدٌّ في الكَهَام لما / قدّ الضرائبَ إلّا وهوَ في الخللِ
كأنّ ذكرَكَ والدنْيا به عَبَقَتْ / في البأس والجودِ مخلوعٌ عَنِ المثَلِ
فَاسلَمْ لِمَدحِكَ واقنَ العزَّ ما سَجَعَتْ / سواجعُ الطير بالأسحارِ والأُصُلِ
مَتى صَدَرَت عَيناكِ عن أرض بابلِ
مَتى صَدَرَت عَيناكِ عن أرض بابلِ / فَسِحرُهُما في اللَّحظِ بادي المَخايِلِ
عجبتُ لرامٍ كيفَ أنشبَ منهما / بسهمين نَصْلاً واحداً في مقاتلي
أَأَنتِ الَّتي سَقَّيتِني سَمّ حيّةٍ / وخَيّلتِ عندي أنّه شَهْدُ عاسلِ
فيا نارَ وجدي كيف عشتِ تضرّماً / بماءٍ من الأجفان للنّار قاتلِ
ويا رَفْعَ أشواقي لقلبي وخَفْضَها / متى كان للأشواقِ فعلُ العوامِلِ
وذي جَهْلَةٍ بالحبّ أعلمتُهُ بما / ثناهُ عذيري بعدما كان عاذِلي
وقلتُ لهُ إِنَّ الهوى لأَخو الوغى / ولا بُدّ فيه للفتى من مُنازلِ
حذارِ حساماً حدُّهُ لحظةٌ فما / يُسَمّى غِشاءُ العينِ جفناً لباطِلِ
وأكثر ما تَرْوي السيوفُ الَّتي نضا / بها من عقولِ الناس فتحَ المعاقِلِ
أقارعةً سمعي بِثِقْلِ عتابِها / يخفّ على سمعي سماعُ الثّقائِلِ
مَتى يَتسلّى عنكِ صَبٌّ فؤادُهُ / كأنّ الهوى مُغْرىً بِهِ غَيرُ ذاهِلِ
وَكَيفَ وَفي عَينَيكِ قانِصُ فِتنَةٍ / تَقَنّصَني من غير نَصْبِ حبائِلِ
أرَى شَعَرَاتي السودَ قادتْك في الصبا / وَقَطَّعْتِ في عَصرِ المشيبِ سَلاسِلي
فَهَلّا وَشَعْري لصبْغَةٍ / لها ابتسمتْ عيناك صبْغ المكاحِلِ
وَعِبْتِ لَبوسي إذ غدا دونَ هِمّتي / وكم شَمْلَةٍ فيها كريمُ الشّمائلِ
وهل يُحْمَدُ الهنديّ من حليةٍ له / إذا لم يؤثّر في الطُّلى والكواهِلِ
وَما أَرَّقَ الأجفانَ إِلّا بَلابِلٌ / تُسامِرُها بَينَ الضلوعِ بَلابِلي
رَقيقَةُ أَطرافِ الغناءِ كَأَنَّهُ / إِذا طافَ بالأسماعِ جرسُ الخلاخِلِ
تَنالُ صغارَ الحَبّ لَقطاً وتحتسي / بشقّاتِ أقلامٍ ثمادَ المناهِلِ
لدى روضةٍ كالمسك في أنْفِ ناشقٍ / وكالعَصْبِ ذي التسهيمِ في عينِ نائِلِ
سَقَاها الحيا فَاستَوعَبَتْ مِنهُ ريّها / وأمسكَ عنها قطرَهُ غَيرَ باخِلِ
كأنّ لها بالحَزْنِ حِجْرَ أمينةٍ / تنوّمُ فيه خشفَها كلُّ خاذِلِ
يَنامُ كَوَقْفِ العاجِ فُصّلَ مَتْنُهُ / وطالَ به إهمالُ بعض العقائِلِ
وتَخشَى عَلَيهِ الخطفَ مِن كلِّ كاسِرٍ / إذا لم تُذِقْهُ الحتفَ كِفّةُ حابِلِ
حديقةُ نَوْرٍ دامعِ العين ضاحكٍ / كنشوانَ ذي جيدٍ من السُّكْرِ مائِلِ
وَرَبعِيَّةِ الأَزمانِ طَلقٍ هَواؤها / تَمُجُّ نَدى الأَشجارِ عِندَ الأَصائلِ
كأنّ ابن يحيى والحيا صنوُ جودِهِ / سقى تُرْبَها صَوْبَ الغوادي الهواطِلِ
مليكٌ له في الملكِ سَمْتٌ مُوَقَّرٌ / وهيبةُ مرهوبٍ وسيرةُ عادِلِ
عَظيمُ رَمادِ المَندَلِ الرّطبِ نارُهُ / تَرى الجَوَّ مِنها في دُخانٍ مُواصِلِ
وجزلُ الأيادي مُغمِدٌ لعُفاتِهِ / سيوفَ الأماني في رقابِ الفواضلِ
وتلك بحورٌ من عطاياه أُنشِئَتْ / لها سُفُنُ الآمال لا للجداوِلِ
أَبيٌّ أبَى إلّا انتِصاراً لدينِهِ / بصاعقةٍ محمولةٍ في الحمائِلِ
هوَ اللَّيثُ إِلّا أنّ رِفعةَ تاجهِ / على قمرٍ في هالةِ المُلْكِ كامِلِ
له نُورُ بشرٍ تُتّقَى سطواتُهُ / وكالنارِ في الإحراقِ ماءُ المفاصِلِ
يُوَجِّهُ وَجْهَ الحربِ نَحوَ عُداتِهِ / ويحشو حَشَاها بالقَنَا والقَنائِلِ
وما عقَدَ الرايات إلّا تَحلّلَتْ / به عُقَدُ الآراءِ بين القبائِلِ
لَهُ عَمَلٌ يَستَغرِقُ القَولَ في العُلى / وكم في الوَرَى من قائلٍ غيرِ عامِلِ
وَرَفع إِلَيهِ كلُّ عِيسٍ تَيَمّمَتْ / مَعالمَهُ بِعدَ اعتِسافِ المَجاهِلِ
وَكلُّ سَفينٍ تَحرثُ الماءَ عُوّماً / إذا هي شَقّتْ لُجّةً بالكلاكِلِ
فتىً لا يُحَيّي القِرْنَ إلّا بِضَربةٍ / تَسُلّ لسانَ السيف عن شِدْقِ بازِلِ
يَشُقُّ أَضَاةَ الدرعِ فَوقَ كَمِيِّها / بجدولِ بأسٍ منه لُجَّةُ نائِلِ
تَرى ضَيغَمَ الأَبطالِ يَعنو لِعِزِّهِ / ذَليلاً كَما استَخذى أَكيلٌ لآكلِ
ويصعبُ بعدَ الضّرْبِ إغْمادُ سيفِهِ / لِكُلِّ دَمٍ في مَتْنِهِ غَير سائِلِ
أَلا إِنَّ آسادَ الوَقائِعِ حِمْيَرٌ / نِعِمّا وهمْ غرّ الملوك الأوائِلِ
غطارفةٌ شُمّ العرانين قادةٌ / يَعُلّونَ أطرافَ الرّماحِ النواهِلِ
إذا ما سَطَوْا سرّوا بكفّ شذَاتِهمْ / وإن حاربوا جرّوا ذيولَ الجحافِلِ
كَأَنَّ نَدى أَيمانِهِم نَوَّرَت بِهِ / ذَوابِلُهُم فاعجَب لِنَورِ ذَوابِلِ
وما هي إلّا مشرَعاتٌ أسنّةٌ / عِطاشٌ تُرَوّى في حياضِ المقاتِلِ
إليك حدا الإنشادُ كلَّ نجيبةٍ / مُرَحَّلَةٍ إرقالها في المحافِلِ
ومدحُكَ منها خصّ كلّ لطيمةٍ / بمسكٍ مقيمٍ في التأرّج راحِلِ
وقَدرُكَ أعلى من مدائحِنا الَّتي / أبَرّتْ على إِحسانِ مِصْقَعِ وائِلِ
وإن قَصّرَتْ عن غايةٍ فلعلّها / تصيّرُ تحجيلاً لغرِّ الفضائِلِ
وإِن نَنظمِ الدرّ الَّذي أنت بحرُهُ / ففضلُكَ ألقاهُ لنا في السواحِلِ
فلا زالتِ الأعيادُ في كلّ عَوْدَةٍ / ترى الدينَ من مغناك في ظلِّ كافِلِ
حركاتٌ إلى السكونِ تؤولُ
حركاتٌ إلى السكونِ تؤولُ / كلُّ حالٍ مع الليالي تَحُولُ
لا يصحّ البقاءُ في دار دنيا / وَمَتى صحّ في النّهَى المستحيلُ
والبرايا أغراضُ نَبْلِ المنايا / وهي أُسْدٌ لها من الدهرِ غِيلُ
كيف لا تسْلبُ النفوسَ وتُرْدي / ولها في الحياة مرعىً وبيلُ
ماتَ من قبلِ ذا أبوكَ بداءٍ / أَنت من أجلِه الصحيحُ العليلُ
وإذا أجتُثّ أصلُ فرعٍ تَبَقّى / فيه ماءٌ من الحياةِ قليلُ
ما لنا نتبعُ الأمانيّ هلّا / عَقَلَتْنا عن الأَماني العقولُ
كم جريحٍ تعلّقَ الرّوحُ منه / بالتمنّي والجسمُ منه قتيلُ
وبطيءُ الآمال يَسْعى بحرْصٍ / خَطَفَ العيشَ منه حَتْفٌ عجولُ
عَمِيَ الخلقُ عن تعادي خُيولٍ / ما لها في الهواءِ نَقْعٌ مَهيلُ
تنقلُ الناسَ من حياةٍ إلى مو / تٍ على ذاكَ مرّ جيلٌ فجيلُ
وَبِدهمٍ تمرّ منها وشهبٍ / أمِنَ الليلِ والنهارِ خيولُ
سَهّلوا من نفوسهمْ كلّ صعبٍ / فالرّدى لا يُقيلُ مَنْ يَسْتقيلُ
واستدلّوا على النفادِ بعادٍ / يُذْهبُ الشكَّ باليقينِ الدليلُ
أيّ رزءٍ حكاهُ مِقْوَلُ ناعٍ / صمّ هذا الزمانُ عمّا يقولُ
فلقد فتّتَ القلوبَ وكادتْ / راسياتُ الجبالِ منه تَزُولُ
لم يمتْ أحمد أخو البأسِ حتّى / ماتَ ما بيننا العزاءُ الجميلُ
يومَ قامتْ بفقْدهِ نائحاتٌ / في لَبُوسٍ من حُزْنِهِنّ يَهُولُ
غُمِستْ في السواد بيضُ وجوهٍ / فكأنّ الطلوعَ فيه أُفُولُ
وعلى مجلسِ التنعّمِ بُؤسٌ / فبديلُ السّماعِ فيهِ العويلُ
وَتَولَّتْ عِندَ التناهي افتراقاً / ومضى ربّهُ الوفيّ الوَصُولُ
أسمعَ الرعدُ فيه صرخةَ حُزْنٍ / ملْءُ ليل الحزين فيه أَليلُ
ودموعُ السماءِ في كلّ أرْضٍ / فوقَ خد الثرى عليهِ تَجُولُ
وحشا الجوِّ حَشْوُه نارُ برقٍ / إنّه في ضلوعِهِ لَغَلِيلُ
أترى الغيثَ بات يبكي أخاهُ / فبكاءُ العُلى عَلَيهِ طَويلُ
قائدَ الخيلِ بالكماةِ سِرَاعاً / والضحى من قَتامِهنّ أصيلُ
أيّ فضلٍ نبكيه منكَ بدمعٍ / ساكبٍ فيه كلّ نفسٍ تسيلُ
أَعَفافاً أم نجدةً كنت فيها / قَسْوَرَ الغيل والكريهةُ غولُ
أم شباباً كأنّما كان روضاً / ناضراً فاغتدى عليهِ الذبولُ
وَاكتسى في ثرىً تغيّبَ فيه / صدأً ذلكَ الجبينُ الصقيلُ
كنت كالسِّيد للعدى والمنايا / مقبلاتٌ كأنَّهُنَّ سيولُ
ولِصَوْبِ السهامِ حوْليكَ وَبْلٌ / لاخضرار الحياةِ مِنهُ ذُبولُ
طارَ صَرفُ الرّدى إِلَيكَ بِرَشقٍ / خفّ والخطبُ في شباهُ ثقيلُ
سَهمُ غَربٍ أصابَ ضَيغَمَ حربٍ / خاضَ في العيشِ منه نَصلٌ قَتولُ
هابكَ الموتُ إذ رآك مِسَحّاً / بطلاً لا يصولُ حَيثُ تَصولُ
لَو بَدا صورةً إِلَيكَ لَأضْحَى / في ثرَى القبرِ وهو منكَ بديلُ
فَرَمَى عن دُجُنَّةِ النقعِ نَحراً / منكَ والجوّ بالظلامِ كَحيلُ
وإذا خافَ من شجاعٍ جبَانٌ / غَالَهُ منه جاهداً ما يَغولُ
كنتَ سهمَ البلاءِ يرْفع سهمٌ / فيه للنفسِ بالحِمامِ رسولُ
كم جوادٍ بكاكَ غيرَ صبورٍ / فنياحٌ عليكَ منه الصّهيلُ
وحسامٍ أطالَ في الجَفْنِ نوماً / لم يُنَبّهْهُ بالقرَاعِ الصّليلُ
أيّها القائدُ الأبيّ عزاءً / فثواءُ المقيمِ منّا رحيلُ
وجليلٌ مُصَابُ أحمدَ لكنْ / يُصْبِرُ النفسَ للجليلِ الجليلُ
حرِّر لمعناكَ لفظاً كي تُزَانَ به
حرِّر لمعناكَ لفظاً كي تُزَانَ به / وقلْ من الشعرِ سحراً أو فلا تَقُلِ
فالكحلُ لا يفتنُ الأبصارَ منظرُهُ / حتى يُصَيَّرَ حَشْوَ الأعينِ النُّجُلِ
ومديدِ الخطى كأنّكَ منه
ومديدِ الخطى كأنّكَ منه / تضعُ اللّبْدَ فوق تيّارِ سَيْلِ
قيدُ وحشٍ ملاذُ خائرِ وهنٍ / وقرى معقلٍ وحارسُ ليلِ
أسْبِقُ الريحَ فوقه فإذا ما / فتّها أمسكتْ بفضلةِ ذيلي
أرى الموتَ مرتعُهُ في الفحول
أرى الموتَ مرتعُهُ في الفحول / وأعننت للأخطئات الأملْ
وَرُبَّتما سالَ بعضُ النُّفوسِ / وبعضٌ لها بالمُنى مُشْتَغَل
أيا ربّ عفواً عن ظلومٍ لنفسهِ
أيا ربّ عفواً عن ظلومٍ لنفسهِ / رَجاكَ وإن كان العفافُ به أولى
مقيمٌ على فِعْلِ المعاصي مُخالِفٌ / توالى عليه الغيّ فاستولى
سألتُكَ يا مولى المَوَالي ضرَاعَةً / وقد يَضْرَعُ العبدُ الذليلُ إلى المولى
لِتُصلحَ لي قلباً وتغفرَ زلّةً / وتقبل لي توْباً وتسمعَ لي فِعْلا
ولا عَجَبٌ فيما تمنّيْتُ إنّني / طويل الأماني عند مَن يحسن الطولا
أيّ رَوْحٍ ليَ في الرّيحِ القَبولِ
أيّ رَوْحٍ ليَ في الرّيحِ القَبولِ / وَسُرَاها من رسومي وطلولي
وظباءٍ أمِنَتْ من قانصٍ / لم ينلها الصيدُ في ظلّ المقيلِ
نشرتْ عنديَ أسرارَ هوى / كنتُ أطويهنّ عن كلّ خليلِ
وأشارتْ بالرّضى رُبّ رضىً / عنك يبدو في شهادات الرسولِ
عجبي كيفِ اهتدتْ مُهْدِيَةٌ / خَصَرَ الرِيِّ إلى حرّ الغليلِ
ما درت مضجَعَ نومي إنّما / دلّها ليلي عليه بأليلي
لستُ أبغي لسقامي آسياً / فَبُلولي منه بالريح البَليلِ
طرْفُهُ أشعثُ كالسيفِ سَرَى / حدّهُ بين مضاءٍ ونحولِ
عَبَرَتْ بحراً إليه واتّقتْ / حوله بحراً من الدمع الهمولِ
يا قَبُولاً قد جلا صيقَلُهُ / صدأً عن صفحةِ الماءِ الصقيلِ
عاوِدي منكِ هُبُوباً فيه لي / وَجَدَ البُرْءَ عليلٌ بعَليلِ
كرياحٍ عَلّلَتْني بِمنىً / كِدْنَ يُثْبِتنَ جوازَ المستحيلِ
أصَباً هَبّتْ بريحانِ الصِّبا / أو شمال أسْكَرَتْني بالشَّمولِ
حيثُ غنّتني شوادي روضةٍ / مطرباتٍ بخفيفٍ وثقيلِ
في أعاريضَ قصارٍ خَفِيَتْ / دِقّةً في الوَزْنِ عن فهمِ الخليلِ
ولحونٍ حارَ فيها مَعْبَدٌ / وله علمٌ بِموسيقى الهَديلِ
والدّجَى يرنُو إلى إصباحِهِ / بعيونٍ من نجومِ الجوّ حُولِ
خافَ من سيلِ نهارٍ غَرَقاً / فتولّى عنه مبلول الذيولِ
زرعَ الشَّيبُ بفوديّ الأسى / فنما منه كثيرٌ من قليلِ
فحسِبتُ البيضَ منها أنجماً / عن بياضٍ لاذَ منّي بالأفولِ
كلّ مَن يَنظُرُ من عِطْفِ الصّبا / نَظَرَ المُعْجَبِ بالخلقِ الجميلِ
فَجوازي باضطِرارٍ عِندَها / كجوازِ الفتح في الحرفِ الدخيلِ
كيف لي منها إذا ما غَضِبَتْ / بَرَّحتني محنةُ السّخطِ القَتولِ
غادةٌ يأخذُ منها بابلٌ / طرَفَ السحرِ عنِ الطرفِ الكحيلِ
فإذا قابلَ منها لحظَها / فلّلَتْ منه حديداً بكليلِ
لكلّ محِبٍّ نظرَةٌ تَبعثُ الهوَى
لكلّ محِبٍّ نظرَةٌ تَبعثُ الهوَى / ولي نَظرةٌ نحوَ القَتول هي القتلُ
تُرَدَّد بالتكريهِ رُسْلُ نواظري / ومن شيمَ الإِنصافِ أن تكرَم الرّسلُ
ركبتُ نوىً جوّابةَ الأرض لم يعشْ / لراكبها عيسٌ تخبّ ولا رجلُ
أسائلُ عن دارِ السماحِ وأهْلِهِ / ولا دارَ فيها للسماح ولا أهلُ
ولولا ذُرَى ابن القاسمِ الواهب الغنى / لما حُطّ منها عند ذي كَرَم رحلُ
تُخَفَّضُ أقدارُ اللئامِ بلؤمهم / وَقَدْرُ عليّ من مكارِمِهِ يعلو
فتى لم يُفارِقْ كفَّهُ عَقْدُ مِنّةٍ / ولا عِرْضَهُ صونٌ ولا مالهُ بذلُ
له نِعَمٌ تخضَرّ منها مَوَاقِعٌ / ولا سِيَما إن غَيّرَ الأفقَ المحلُ
ورَحبُ جَنابٍ حين ينزلُ للقِرى / وفصلُ خطابٍ حين يجتمع الحفلُ
وَوجهٌ جميلُ الوجه تحسبُ حرّهُ / حساماً له من لحظ سائله صقلُ
مُرَوَّعَةٌ أموالُهُ بعَطَائِهِ / كأنّ جنوناً مَسّها مِنْهُ أو خَبْلُ
وأيّ أمانٍ أو قرارٍ لخائفٍ / على رأسه من كفّ قاتله بصلُ
لقد بَهَرَتْ شهبَ الدراري منيرةً / مآثرُ منكمْ لا يكاثِرُهَا الرّمْلُ
ورثتمْ تراثَ المجدِ من كلّ سيّدٍ / على منكبيه من حقوقِ العلا ثقلُ
فمنْ قَمرٍ يُبقي على الأفق بَعْدَهُ / هلالاً ومن ليث خليفته شبلُ
وأصبحَ منكم في سلا الجور أخرساً / وقام خطيباً بالّذي فيكمُ العدلُ
ملكتُ القوافي إذ توخيتُ مدحكمْ / ويا رُبّ أذوادٍ تَمَلّكها فَحْلُ
زادَتْ على كحْلِ العيونِ تَكَحّلاً
زادَتْ على كحْلِ العيونِ تَكَحّلاً / ويسمُّ نَصْلُ السّهْمِ وهو قَتولُ
قد طَيّبَ الآفاقَ طيبُ ثنائِهِ
قد طَيّبَ الآفاقَ طيبُ ثنائِهِ / حتى كأنّ الشمسَ تذكي المَندلا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025