المجموع : 54
وَفَقِيهٍ كَالبَدْرِ زَارَ بِلَيْلٍ
وَفَقِيهٍ كَالبَدْرِ زَارَ بِلَيْلٍ / فَجَلا نُورُهُ الدُّجَى إِذْ تَجَلَّى
مَا دَرَى مَوْضِعي وَلكِنَّ قَلْبِي / بِضِرَامِ الحَشَا هَداهُ وَدلَّا
وَعَجِيبٍ مِنْهُ فَقِيهٌ ذَكِيٌّ / بِمَحَلِّ النّزَاعِ كَيْفَ اسْتَدَلَّا
أَأَطْلُبُ يا مُحَمَّدُ أَنْ يَؤُولا
أَأَطْلُبُ يا مُحَمَّدُ أَنْ يَؤُولا / لِغَيرِكَ وِدُّ قَلْبي أو يَمِيلا
وَأَرجو غَيْرَ بابِكَ لي مَراماً / وأَقصِدُ غَيرَ رَبعِكَ لي مَقيلا
وأَخطِب غَير شَمسكَ أَن تُجَلَّى / وأَسأَل غَيْرَ مائِكَ أَنْ يَسِيلا
وَقَد أَنجَحت لي بِنَدَاكَ مَسْعىً / وَقَدْ حَقَّقْتَ لي أَملاً وَسُولا
جَعلْتَ بِجَاهِكَ العَلْياءَ دُوني / وَرُعْتَ بِبأْسِكَ الخَطْبَ المَهُولا
وَمَا أَنَا مُنْكِرٌ تِلْكَ العَطَايَا / وَمَا أَنا جَاحِدٌ ذَاكَ الجَمِيلا
وَلا أَنا قانِعٌ لَكَ مِنْ وِدَادٍ / بِأَنْ أُثْنِي عَلَيْكَ وَأَنْ أَقُولا
عَلى أَنّي فتىً فَطِنٌ بَليغٌ / بَلوغٌ ما سَلَكْتُ لَهُ سَبِيلا
بِأَلْفَاظٍ تَخِرُّ لَهَا القَوافِي / وَيَنْقَادُ القَريضُ لَهَا ذَلُولا
إذا مَرَّتْ عَلى أُذُنَيْ فَصيحٍ / سِوَاكَ يَعِضُّ إِصْبَعَه طَوِيلا
وَمَا أَنا بالغٌ بِكَثيرِ مَدْحِي / مِنَ الكَرمِ الَّذي تَحْوي قَليلا
وأَنْتَ أَعزّ أَنْ تُدْعَى عَزِيزاً / وأَنْتَ أَجَل أَنْ تُدْعَى جَلِيلا
وَأَنْتَ أَخٌ لِكُلّ غَريبِ دَارٍ / إِذا عَدِمَ القَرابةَ والخَلِيلا
يُسلّي لَفْظُكَ الصَّبَّ المُعَنَّى / وَيَشْفي ذِكْرُكَ الدَّنِفَ العَليلا
إِذَا وَهَبَ الإلهُ لنا عُقُولاً / وَهَبْتَ لِما وُهِبْنَاهُ عُقُولا
فِداؤُكَ مَنْ تَدِينُ لَهُ الأَماني / بِأَنْ يَلْقَى إِلَيْكَ لَهُ وُصُولا
وَمَنْ هُوَ دُونَ أَنْ يَرْنُو بِطَرْفٍ / إِلَيكَ فَكَيْفَ تَنْظُره عَدِيلا
تُرَى شَمْسُ الضُّحى إِبّان تَبْدُو / وَتُنْظَرُ حِينَ تُنْتَسبْ الأُصُولا
فَمَنْ وَافى يَعيبُ الشَّمْسَ يَوْماً / كَفاهُ على جَهَالتِهِ دَليلا
قَدْ كَانَ ما عَلِمَ اللَّاحِي وَمَا جَهِلا
قَدْ كَانَ ما عَلِمَ اللَّاحِي وَمَا جَهِلا / وَصَارَ ما كَتَمَ الوَاشِي وَمَا نَقَلا
كَانَ التَّكَتُّمُ يُرْجَى قَبلَ بَيْنِكُمُ / أَمَّا وَقَدْ حَكَمَتْ أَيْدِي الفِرَاقِ فَلا
وَفِي الرَّكَائِبِ مَنْ زَوَّدتُهُ نَظَراً / وَلَوْ أَمِنْتُ العِدَى زَوَّدتُهُ قُبَلا
أَوْدَى بِقَلْبِي عِذارٌ زَارَ وَجْنَتَهُ / حُسْناً وَمِنْ بَعْضِ نَبْتِ الرَّوْضِ مَا قَتَلا
سَرَى لأَرْضِ الكَرَى فَمَا وَصَلا
سَرَى لأَرْضِ الكَرَى فَمَا وَصَلا / وَرام كَتْمَ الهَوَى فَمَا حَصَلا
مُسْتَغْرِقُ الحالِ بالصَّبابةِ لَوْ / أَراد نُطْقاً بِغَيْرها جَهِلا
الناسُ فِيما تُحبُّه فِرَقٌ / مَا مِنْهُم مَنْ لِشأْنِهِ عَقَلا
فَكَمْ يُراعي وَكَمْ يُرَاعُ لَقَدْ / جَارَ عليهِ الغَرامُ مُذْ عَدَلا
طَالَ نِزاعُ العَذولِ فيهِ كَما / طالَ نِزاعُ الفُؤَادِ فَاعْتَدَلا
ما بالُ قَلْبِي وَشأْنُهُ عَجَبٌ / أَمَالَهُ الوَجْدُ حِينَ قُلْتُ سَلا
إِنَّ مِنَ العَذْلِ دَائِماً جَدلاً / لَيْسَ يُرَى في الهَوى بِهِ جَذِلا
يا صاحِبَ الصّدْقِ نَهْضَةٌ عُرِفَتْ / مِنْكَ فَقَدْ رُمْتَ حَادِثاً جَللا
يا ابن عُبَيْدٍ عُبَيْدُكَ الدَّنْفُ ال / مُشْتاقُ حَقِّقْ لَهُ بِكَ الأَمَلا
ما ليَ عِزٌّ إِلَّا بِجُودِ يَدٍ / مِنْكَ كحالِ السَّحَابِ إِنْ هَطَلا
يا مَنْ غَدا باهْتمامِهِ بَطَلا / بِغَيْرِ ما حَقٍّ مِنْهُ أو بَطَلا
مُذْ عُدِمَتْ عَيْنِي لَهُ مَثَلاً / أَرْسَلْتُ مَدْحِي بِجُودِهِ مَثَلا
لأَنْظِمَنَّ المَدِيحَ مِنْ دُرَرٍ / لَمْ تَدْرِ عَلْياكَ بَعْدَهُ عَطَلا
اليَوْمَ يَقْضِي الكَرِيمُ مَوْعِدَهُ / وَالحرّ لَوْ قَالَ ما عَسَى فَعَلا
بَانَ الخَيالُ وَإِنْ أَبَانَ نَزيلا
بَانَ الخَيالُ وَإِنْ أَبَانَ نَزيلا / وَسَرَى شَذاكَ وإِنْ مَنَعْتَ رَسُولا
فَهَمَمتُ أَنْ أَجْفُو خَيالَكَ غيرةً / فَمَنحْتُه قُبَلاً لَهُ وَقُبُولا
وَحَفِظْتُ نِسْبَتَهُ إِلَيْكَ مَحبّةً / مِنْ ظَنِّهِ أَنِّي أَرَاكَ بَدِيلا
وَزَعَمتُ أَنَّ العَهْدَ لَيْسَ بِضَائِعٍ / وَأَرى الصُّدُودَ لِضدِّ ذَاكَ دَلِيلا
وَوَعدْتَنِي بِاللَّحْظِ مِنْكَ زِيادةً / فَوَجدْتُ مِيعادَ العَلِيلِ عَلِيلا
للَّه عِيسُكَ يَوْمَ حَنَّتْ لِلنَّوى / لَمْ يُبْقِ مُطْلَقُها لَنَا مَعْقُولا
بِنْتُمْ بِكُلّ حَمُولةٍ قَدْ أَوْدَعَتْ / قَلباً كَمَا شاءَ الغَرامُ حَمُولا
كَمْ لفظةٍ حَفَّتْ على الحادِي وَقَدْ / أَلْقَتْ جَوىً بينَ الضُّلوعِ ثَقِيلا
يا هِنْدُ لَمْ تَتْرُكْ جُفونُكِ بالحِمَى / إِلَّا جَريحاً مِنْكِ أَوْ مَقْتُولا
هَلْ أُوْدِعَتْ لأَبي المحاسِن يُوسُفٍ / فِيهنَّ أَحكامٌ قُسِمْنَ فُصُولا
مُذْ رَأَتْهُ الشَّمْسُ في الحَمَلِ
مُذْ رَأَتْهُ الشَّمْسُ في الحَمَلِ / لَمْ تَكَد تَبْدُو مِنَ الخَجَلِ
غُصْنُ بانٍ مُثْمِرٌ قَمَراً / يُخْجِلُ الأَغْصَانَ بِالمَيَلِ
وَرْدُ خَدَّيهِ يُضَرِّجُهُ / خَجَلٌ مِنْ نَرْجِسِ المُقَلِ
وَسِوَى ذا أَنَّ مَبْسَمَهُ / جَامِعٌ لِلخَمْرِ وَالعَسَلِ
مَنْ مُجِيري مِنْ لَواحِظِهِ / إِنّني مِنْهَا على وَجَلِ
كُلَّما سُلَّتْ صَوارِمُهَا / قَالَ قَلْبِي قَد دَنَا أَجَلي
مِنْ سِحْرِ طَرْفِكَ يا عَلي
مِنْ سِحْرِ طَرْفِكَ يا عَلي / قَلْبُ المُتَيَّمِ قَدْ بُلِي
يا زَهْرةً يا نُزْهَةً / لِلمُجْتَنِي والمُجْتَلِي
يَا مَنْ يَروقُ جَمالُهُ / لِنَواظِرِ المُتَأَمِّلِ
إِنْ لَمْ تَجُدْ لِي بِاللّقَا / كُنْ بِالوُعُودِ مُعَلِّلِي
يا سَاكِناً طُولَ المَدَى / فِي القَلْبِ لَمْ يَتَحَوَّلِ
أَهلاً بأَكْرَمِ نَازِلٍ / قَدْ حَلّ أَشْرَفَ مَنْزِلِ
قَابلْتُ عِزَّ هَواكُمُ بِتَذلُّلٍ
قَابلْتُ عِزَّ هَواكُمُ بِتَذلُّلٍ / مَعْ أَنَّني في ذَاكَ لَسْتُ بِأَوَّلِ
يَا جَائِرينَ وعَادِلينَ إلى النَّوَى / ما دُونَ مَعْدِلِ حُسْنِكُمْ مِنْ مَعْدِلِ
وَحَيَاتِكُمْ أَنْتُمْ عَلى إِعْراضِكُمْ / عِنْدِي أَعزّ مِنَ الشَّبَابِ المُقْبِلِ
إِنْ تَذْكُرُونَ فَإِنَّني لَمْ أَنْسَكُمْ / أَوْ تَسْمَحُونَ فَإِنَّني لَمْ أَبْخَلِ
يا عُلْوُ أَيْنَ زَمانُنَا إِذْ جَارُكُمْ / جَارِي وَمَنْزِلُكُمْ بِرامةَ مَنْزِلي
مَا كَانَ أَسْرَعَ ما تَقشَّعَ غَيْمُكُم / وَمَنَعْتُمُ الوَسْمِيَّ عَنِّي والوَلِي
كَمْ كُنْتُ أَخْشَى البَيْنَ قَبْلَ وُقوعِهِ / فَأتى الّذي حَاذَرْتُ في المُسْتَقْبَلِ
وَحَذِرْتُ سَهْمَ فِرَاقِكُمْ حَتَّى إِذَا / أَرْسَلْتُموه أَصَابَنِي في المَقْتَلِ
اليَوْمَ لَسْتُ أُجابُ بَعْدَ سُؤَالِكُمْ / كَمْ كُنْتُ قَبْلُ أُجَابُ إِذْ لَمْ أَسْأَلِ
فَالدّارُ لَمْ تَبْعُدْ وَفَوْدِي لَمْ يَشِبْ / وَالمالُ لَمْ يَنْفدْ وَحُبُّكِ ما سُلِي
بِمَنْ أَباحَكَ قَتْلِي
بِمَنْ أَباحَكَ قَتْلِي / عَلامَ حَرَّمْتَ وَصْلي
فَكَيْفَ أَقْوَى لِهَجْرٍ / وَكَيْفَ أُصْغِي لِعَذْلِ
أَنَا لَكَ المُتَمنِّي / وَغَيْرِيَ المُتَمَلِّي
يَا أَكْرَمَ النَّاسِ عِنْدِي / قَدْ لَذِّ لِي فِيكَ ذُلِّي
مَلَكْتَ يا نُورَ عَيْني / قَلْبي وَلُبِّي وكُلِّي
يا نافِراً مُتَجَنٍّ / كُنْ سَافِراً مُتَجَلّي
يا أَحْسَن النّاس طُرّاً / فِي حُسْنِ خُلْقٍ وَشَكْلِ
في كُلّ نَوْعٍ وَجِنْسٍ / مِنَ الجَمَالِ وَفَضْلِ
أَرى مَعانيكَ تَبْدُو / حُسْناً فَتَحْجِبُ عَقلي
وَلَيْسَ مِثْلُكَ يَهْوى / في الحبّ هِجْرانَ مِثْلي
ما دُمْتَ تَهْوَى فَواصِلْ / فَذَا رَبيعٌ مُوَلِّي
حَسْبِي وَحَسْبُكَ ذَقْنٌ / تَأتي بِفُرْقَةِ شَمْلي
وَبَعْدَ ذاكَ إِذَا ما / رَأَيْتَ وَجْهِي فَولِّ
وَعُيُونٍ أَمْرَضْنَ جِسْمِي وَأَضْ
وَعُيُونٍ أَمْرَضْنَ جِسْمِي وَأَضْ / رَمْنَ بِقَلْبِي لَوَاعِجَ البَلْبَالِ
وَخُدودٍ مِثْل الرّياضِ زَوَاهٍ / مَا لأَيَّامِ حُسْنِهَا مِنْ زَوَالِ
لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا عَلِمَ اللّ / هُ وَإني بِحَرِّهَا اليَوْمَ صَالِي
خَياليّ أَخَافُ الهَجْرَ مِنْهُ
خَياليّ أَخَافُ الهَجْرَ مِنْهُ / وَلَسْتُ أَرَاهُ يَرْغَبُ في وِصَالي
وَكُنْتَ عَهِدْتَنِي قِدماً شُجاعاً / فَما لِي اليَوْمَ أَفْزَعُ مِنْ خَيَالِي
يَا ذَا الَّذي نَامَ عَنْ جُفُوني
يَا ذَا الَّذي نَامَ عَنْ جُفُوني / وَنَبَّهَ الوَجْدَ والجَوَى لِي
جَفْنِي خَراجِيُّهُ دُمُوعٌ / شَوْقاً إلى وَجْهِكَ الهِلالِي
قُلْتُ لِلائِمِ في الدَّمْ
قُلْتُ لِلائِمِ في الدَّمْ / عِ وَقَدْ نَمَّ بِحَالي
مُنْذُ أَحْبَبْتُ عَلِيّاً / صَارَ دَمْعِي مُتَوالي
أَراكَ تَشُمُّ الخَلّ في زَمَنِ الوَبَا
أَراكَ تَشُمُّ الخَلّ في زَمَنِ الوَبَا / فَخلِّ حَديثاً لِلأَطِبَّاءِ يا خِلِّي
فَإِنْ يَكُ بِالطَّاعُونِ رَبُّكَ قَدْ قَضَى / تَموتُ إِذاً رَغْماً وأَنْفُكَ في الخَلِّ
أَدامَ اللَّهُ أَيامَ الوِصَالِ
أَدامَ اللَّهُ أَيامَ الوِصَالِ / وَخَلَّدَ عُمْرَ هَاتِيكَ اللَّيالي
وَأَسْبَغَ ظِلَّ أَغْصانِ التَّداني / وَزَادَ قُدُودَها حُسْنَ اعْتِدالِ
وَلا زالتْ ثِمَارُ الأنسِ فِيهَا / تَزيدُ لطافةً في كُلّ حالِ
وَلا بَرِحَتْ لَنَا فيها عُيونٌ / تُغازِلُ مُقْلتي خَشْفِ الغَزَالِ
لَقَدْ مَرَّتْ لَنَا فيها ليالٍ / كَأَنَّ نِظَامَهَا عِقْدُ اللآلي
أَقَمْنَا في جَنَابِ أَميرِ حُسْنٍ / عُقِدْنَ عَليهِ أَلوِيَةُ الجَمالِ
طَالَتْ إِلَيْكَ رَسَائِلِي وَوَسَائِلِي
طَالَتْ إِلَيْكَ رَسَائِلِي وَوَسَائِلِي / يا ذَا المَلاحَةِ والعِذَارِ السَّائِلِ
أَنْجِزْ بِوَصْلٍ مِنْكَ لِي فَإِلى مَتَى / يَا نُورَ عَيْنِي بِالوُعُودِ مُماطِلي
لَوْ رُمْتَ إِبْقَاءَ الوِدَادِ بِحالِهِ
لَوْ رُمْتَ إِبْقَاءَ الوِدَادِ بِحالِهِ / لَمْ تُغْرِ طَرْفَكَ بِارْتِيادِ نِبَالِهِ
أَمّا وَقَدْ سَلَّمْتَ نَفْسَكَ لِلْهَوَى / فَأَتَتْ بِما تَلْقَاهُ مِنْ أَهْوَالِهِ
حَدَقُ الجَآذِرِ كُنَّ أَوَّلَ شَافِعٍ / لِلْعَقْلِ حَتَّى فُكَّ أَسْرُ عِقَالِهِ
يَا مَنْ يَلُومُ الصَّبَّ فِي بُرَحَائِهِ / إِبْغِ السَّلامَة لاَ بُلِيتَ بِحَالِهِ
مَنْ شُغْلُهُ بِالحُبّ عَنْ مَحْبُوبِهِ / كَيْفَ الفَرَاغُ لَهُ إِلى عُذَّالِهِ
هُوَ ذَلِكَ القَمَرُ الَّذي القمرُ الَّذي / مُتَنَاقِضٌ بَدْرُ الدُّجَى لِكَمَالِهِ
لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ خَدَّهُ أَفْنَيْتُهُ / بِاللَّثْمِ أَوْ أَذْبَلْتُ وَرْدَ جَمَالِهِ
الحَرْبُ بَيْنَ عُهُودِهِ وَوَفَائِهِ / كَالسِّلْمِ بَيْنَ وُعُودِهِ وَمُطَالِهِ
طَالَتْ مَسافَةُ هَجْرِهِ فَكَأَنَّهَا / مِنْ لَيلِ عَاشِقِهِ وَمِنْ آمَالِهِ
دَاني المَزارِ يَرُوعُ قَلْبي صَدُّهُ / يَا قُرْبَ شُقَّتِهِ وَبُعْدَ مَنالِهِ
كَيْفَ الخَلاصُ لِمَنْ تَقَسَّمَ قَلْبُهُ / ما بَيْنَ بَدْرِ المُنْحَنَى وَغَزالِهِ
بِاللَّه يا رِيح الشّمالِ رِسَالةً / فَسِوَاكِ لَمْ أَرْكُنْ إِلى إِرْسَالِهِ
قُولي لِتيَّاهِ الشَّمائِلِ لَمْ يَزَلْ / يُبْدِي لَنَا مَلَلاً بِشَرْعِ مِطالِهِ
عَانِ التَّعَطُّفِ حِينَ تُبْصِرُ عَانياً / وَإِذَا ظَفَرْتَ بِوَالهٍ بِكَ والهِ
يَجْني عَليَّ كمَا جَنَى الأَثْمَارَ مَنْ / أَمَّ ابْنَ يَعْقُوبٍ عَلى إِقْلالِهِ
لَوْلا التُّقَى وَهُوَ الَّذي وَهَبَ التُّقَى / لَعَبدْتُهُ وَعَبَدتُ حُسْنَ خِلالِهِ
وَجْهٌ تَغارُ الشَّمْسُ مِنْهُ إِذَا بَدَا / وَتَودُّ لَوْ طُبِعَتْ عَلى أَمْثالِهِ
مُتَهلِّلُ القَسَمَاتِ يُؤْذِنُ بِالرِّضَا / وَجْهُ الكَريمِ يبينُ عَنْ أَفْعَالِهِ
سَمَتِ العُلَى عِشْقاً لَهُ وَدَنَا لَهَا / مُتَواضِعاً فَتَمَنَّعْت بِوِصَالِهِ
إِنْ رُمْتَ مَجْداً فاسْتَدِلّ بِفعلِهِ / أَوْ رُمْتَ رُشْداً فاسْتَفِدْ بِمَقالِهِ
أَوْ حَارَبَتْكَ صُرُوفُ دَهْرِكَ فاسْتَتِرْ / بِحِمَاهُ مِنْهَا وَاعْتَصِمْ بِحِبالِهِ
أَوْ شِئْتَ تَلْقَى البَحْرَ عِنْدَ هِياجِهِ / فَانْظُرْ إِلَيْهِ تَجِدْهُ يَوْمَ جِدَالِهِ
يَدْرِي مَقالَ الخَصْمِ قَبْلَ سَماعِهِ / لِكَلامِهِ فَيُجِيبُ قَبْلَ سُؤَالِهِ
لِمحَمّدٍ في المَجْدَ مُعْجِزُ سُؤْدَدٍ / عَجزَتْ بِهِ الأَيّامُ عَنْ أَمْثالِهِ
بِمُبَخّلٍ في عِرْضِهِ وَذِمَامِهِ / سَمْحِ اليَدَين بِجَاهِهِ وَبِمَالِهِ
مُغْضٍ عَنِ الفَحْشاءِ يَشْفَعُ حِلْمُهُ / حِذْقُ الذكيِّ بِغَفْلَةِ المُتَبَالِهِ
ويُمَارِسُ الدُّنْيَا بِهِمَّة مَنْ يَرى / أَيَّامَهَا شَرَفاً لِوَقْعِ نِصَالِهِ
أَنَّى التفتُّ رَأَيْتُ مِنْ إِحْسانِهِ / أَثراً مُشاهَدَةً وَمِنْ إِجمالِهِ
مَنْ مُقْتَدٍ بِكَمالِهِ أَوْ مُهْتَدٍ / بِجَلاله أَوْ مُجْتَدٍ لِسُؤالِهِ
اللّيْثُ بَيْنَ أَمامِهِ وَوَرَائِهِ / وَالبَحْرُ بَيْنَ يَمينِهِ وَشِمالِهِ
أَعْطَى بَنِيهِ حُسْنَ سِيرتِهِ الَّتي / عَنْ وَالِدَيْهِ فاعْتَجِبْ لِفَعالِهِ
شَهِدَتْ مَنَاقِبُ آلِه في مَجْدِهِ / مَعْنَى مَنَاقِب مَجْدِهِ في آلِهِ
مِنْ مَعْشَرٍ يُهْدَى الدَّلِيلُ بنُورِهِمْ / وَيَضِلُّ رُشْداً عَنْ طَريقِ ضَلالِهِ
وَإذَا اسْتَعَنْتَ بِهِمْ عَلى كَيْدِ العِدا / نَهضُوا بِأَبْطالٍ عَلى إِبْطَالِهِ
جَلَسُوا عَلى الفَلَكِ المُحيطِ وَدُونَهُمْ / هَذا الزَّمانُ بِشَمْسِهِ وَهِلالِهِ
مِن كُلِّ مَنْ يَلْقَاكَ قَبْلَ لِقَائِهِ / مَا شَاءَ بَلْ مَا شِئْتَ مِنْ أَفْضَالِهِ
تَتَأَخَّرُ القُبُلاتُ عَنْ أَقْدامِهِ / مِنْ هَيْبَةٍ فَتَؤُمُّ تُرْبَ نِعَالِهِ
مُسْتَغْرِقٌ بِاللَّهِ يُظْهِرُ بَعْضَهُ / لِلعالمينَ ظُهُورَ طَيْفِ خَيَالِهِ
لَوْلا مَهابتهُ الَّتي ثَنَتِ الوَرَى / عَنْ قُربِه صَلُّوا عَلى أَذْيالِهِ
لا يَعْرِفُ الفَحْشَاءَ لا عَنْ ركَّةٍ / بَلْ عَنْ تَكَرُّمِهِ وَعَنْ إِهْمَالِهِ
أَغْناهُ عَنْ وَصْفِ الشَّجَاعَةِ نُبْلُهُ / لا عَاجِزٌ ما رَامَ في إِهْمَالِهِ
وَلمنْ يُحارِبُ في الأَنَامِ بِأَسْرِهِمْ / عُتَقاءُ رَأْفَتِهِ وَبَعْضُ عِيالِهِ
هَيْهَاتَ يَبْلُغ وَصْفَهُ مَدْحٌ وَلَوْ / أَفْنَى البَليغُ الجُهْدَ في أَفْعالِهِ
يَا مَنْ لَهُمْ هِمَمٌ تَفِلُّ شَبا الظُّبَى / ظُبَةُ الحُسَامِ بِحَدِّه وَصقالِهِ
خُذْ شَهْرَك الآتي بِبَهْجَةِ عَالِمٍ / بِنِهَايةِ الأقْبالِ في إِقْبَالِهِ
شَهْراً حَوَيْتَ ثَوابَهُ وَحَكَيْتَ ما / في حُسْنِ مَقْدَمِه وَشِبْهِ هِلالِهِ
وَقَرنْتَهُ بِالبرِّ في شَعْبانِهِ / وَبِهِ يَكونُ الزَّادُ في شَوَّالِهِ
لَوْ لَمْ يُؤمّل عَوْدَهُ لَكَ ثانِياً / لَمْ يَرْضَ مِنْكَ بِبَيْنه وَزَوَالِهِ
خُذْ بِنْتَ لَيْلَتِهَا ومَهّدْ عُذْرَ مَنْ / لَمْ يَسْتَفِقْ لِلنَّظْمِ مِنْ أَشْغَالِهِ
مُصْفِي الوِدادَ يَعُدُّ بأْسَكَ قُوّةً / وَيَعُدُّ ذِكْرَكَ فُرْصَةً في فَالِهِ
بِصِفَاتِك العُلْيَا مَحَطُّ رَجَائِهِ / وَبِبَابِكَ الأَعْلَى مَحَطُّ رِحَالِهِ
ما شِئْتَ مِنْ عِبْءِ الغَرامِ وحَمْلِهِ
ما شِئْتَ مِنْ عِبْءِ الغَرامِ وحَمْلِهِ / دَعْ عَنْكَ وَبْلاً لا يَقُومُ بِطلِّهِ
يا مُسْعِدي في حَمْل أَثْقَالِ الهَوَى / مُتَجَمِّلاً تَبْغي مَعُونةَ حَمْلِهِ
هَوِّنْ عَلَيْكَ مِنَ التَّكَلُّفِ واسْتَرِحْ / لَيْسَ الفَقِيدُ كَمَنْ يَنُوحُ بجُعلِهِ
يَا مَنْ لَهُ سَوْق الجمالِ يُدلّه / في حُبّ مَعْشُوقِ الفؤادِ بدلِّهِ
مُتَحَكّمٌ أَعْطاهُ مُلْكَ جَوانِحِي / مَلِكُ الجمالِ أَقلّه وأجلّهِ
يا بَدرُ رقّ لِذي وِدَادٍ صَادقٍ / لَمْ تُبْلهِ الأَشْجَانُ لَوْ لَمْ تُبْلهِ
فَبماءِ حُسْنٍ قَدْ عَززْتَ بِصَوْنِهِ / وَبِماءِ دَمْعٍ قَدْ ذَلَلْتُ بِبَذْلِهِ
جُدْ لِي بِعَيْشٍ بالرِّضَا مِنْكَ انْقَضَى / وَإِذَا اسْتَحَالَ بِعَيْنِهِ فَبِمِثْلِهِ
قَدْ كُنْتُ أَشْكُو مِنْ صُدُودِكَ بَعْضَهُ / فَالآنَ كَيْفَ وَقَدْ بُلِيتُ بِكُلِّهِ
يا مَوْقِفَ البَيْنِ الَّذي قَدْ كَانَ لِي / عَلَماً بِثاراتِ الهَوَى مِنْ قَبْلِهِ
كَمْ لَيْلَةٍ قَضَّيْتُهَا بِشِكايةٍ / أَخَذتْ عَلى لَيْلي مَجَامِعَ سَبْلِهِ
مُتَنَصِّلاً مِنْ ذا الزَّمَانِ وَجَوْرِهِ / مُتَوصِّلاً لابْنِ الأثير وَعَدْلِهِ
حَتَّى نَفَى ظُلْمَ الضَّلالِ بِشَمْسِهِ / عَنّي وَحَرَّ الحَادثاتِ بِظلِّهِ
عَرِّفْ بِهِ الشَّرفُ المُنِيفُ بِبابِهِ / لِتكُونَ جِئْتَ بِجنْسِهِ وَبِفَصْلِهِ
المُحْسِنينَ لِمنْ أَساء زَمَانُهُ / وتغرَّبتْ أَوْطانُهُ عَنْ أَهْلِهِ
في الفَرْعِ ما في أَصْلِهِ وَزيادَة / كَالغُصْنِ خُصَّ بِما جَنَى مِنْ أُكْلِهِ
وَالسَّهْمُ يُرْسِلُه الَّذي يَرْمي بِهِ / فإِذا أَصابَ رَمِيَّةً فَبِنَصْلِهِ
في غَزَلي مِنْ لَحْظِ ذَاكَ الغَزالْ
في غَزَلي مِنْ لَحْظِ ذَاكَ الغَزالْ / أَخْبَارُ صَبٍّ قَتَلتْهُ النِّبالْ
غُصْنٌ سَقَتْهُ أَدْمُعِي ثُمَّ مَا / أَثْمَرَ لَمَّا مَالَ إِلّا المَلالْ
وَهَبْتُه ياقُوتَ دَمْعي وَلا / يَسْمَحُ لي مَبْسَمُهُ بِاللآلْ
حَلَّ ثلاثاً يَوْمَ حَمَّامِهِ / ذَوَائِباً تَعْبُق مِنْهَا الغَوَالْ
فَقُلْتُ والقَصْدُ ذُؤَاباتُهُ / يا سَهَرِي في ذِي اللَّيالِ الطِّوالْ
أَسيرُ أَلْحاظٍ بِخَدٍّ أَسيلْ
أَسيرُ أَلْحاظٍ بِخَدٍّ أَسيلْ / كَليمُ أَحْشاءٍ بِطَرْفٍ كَلِيلْ
في حُبِّ مَنْ حَظِّي مِنْ شَعْرِهِ / لَكِنْ قَصيرٌ ذَا وهَذا طَوِيلْ
لَيْسَ خَليلاً لي وَلَكِنَّهُ / أَضْرَمَ في الأَحْشاءِ نَارَ الخَلِيلْ
ظَبْيٌ مِنَ التُّرْكِ هَضِيمُ الحشَا / يَهُزُّ عِطْفَيْهِ دَلالاً جَمِيلْ
ذُو وَجْنَةٍ تَوْرِيدُها شاهِدٌ / إِنْ أَنْكَرَتْ قَتْلِي بِطَرْفٍ كَحيلْ
تَلاعُبُ الشَّعْرِ على رِدْفِهِ / أَوْقَعَ قلبي في العَرِيضِ الطويلْ
كَمْ قُلْتُ مِنْ وَجْدِي بِهِ مُشْفِقاً / وَلي حَشا مِنْ هَجْرِهِ في غليلْ
يا ردْفَهُ جُرْتَ على خَصْرِهِ / رِفْقاً بِهِ ما أَنْتَ إِلّا ثَقِيلْ