المجموع : 91
آلَ زَغلولَ حَسبُكُم مِن عَزاءٍ
آلَ زَغلولَ حَسبُكُم مِن عَزاءٍ / سُنَّةُ المَوتِ في النَبِيِّ وَآلِه
في خِلالِ الخُطوبِ ما راعَ إِلّا / أَنَّها دونَ صَبرِكُم وَجَمالِه
حَمَلَ الرُزءَ عَنكُمُ في سَعيدٍ / بَلَدٌ شَيخُكُم أَبو أَحمالِه
قَد دَهاهُ مِن فَقدِهِ ما دَهاكُم / وَبَكى ما بَكَيتُمُ مِن خِلالِه
فَكَما كانَ ذُخرُكُم وَمُناكُم / كانَ مِن ذُخرِهِ وَمِن آمالِه
لَيتَ مَن فَكَّ أَسرَكُم لَم يَكِلهُ / لِلمَنايا تَمُدُّهُ في اِعتِقالِه
حَجَبَت مِن رَبيعِهِ ما رَجَوتُم / وَطَوَت رِحلَةَ العُلا مِن هِلالِه
آنَسَت صِحَّةً فَمَرَّت عَلَيها / وَتَخَطَّت شَبابَهُ لَم تُبالِه
إِنَّما مِن كِتابِهِ يُتَوَفّى ال / مَرءُ لا مِن شَبابِهِ وَاِكتِهالِه
لَستَ تَدري الحِمامُ بِالغابِ هَل حا / مَ عَلى اللَيثِ أَم عَلى أَشبالِه
يا سَعيدُ اِتَّئِد وَرِفقاً بِشَيخٍ / والِهٍ مِن لَواعِجِ الثُكلِ والِه
ما كَفاهُ نَوائِبُ الحَقِّ حَتّى / زِدتَ في هَمِّهِ وَفي إِشغالِه
فَجَأَ الدَهرُ فَاِقتَضَبتُ القَوافي / مِن فُجاءاتِهِ وَخَطفِ اِرتِجالِه
قُم فَشاهِد لَوِ اِستَطَعتَ قِياماً / حَسرَةَ الشِعرِ وَاِلتِياعِ خَيالِه
كانَ لي مِنكَ في المَجامِعِ راوٍ / عَجَزَ اِبنُ الحُسَينِ عَن أَمثالِه
فَطِنٌ لِلصِحاحِ مِن لُؤلُؤِ القَو / لِ وَأَدرى بِهِنَّ مِن لَألائِه
لَم يَكُن في غُلُوِّهِ ضَيّقُ الصَد / رِ وَلا كانَ عاجِزاً في اِعتِدالِه
لا يُعادى وَيُتَّقى أَن يُعادى / وَيُخَلّي سَبيلَ مَن لَم يُوالِه
فَاِمضِ في ذِمَّةِ الشَبابِ نَقِيّاً / طاهِراً ما ثَنَيتَ مِن أَذيالِه
إِنَّ لِلعَصرِ وَالحَياةِ لَلَوماً / لَستَ مِن أَهلِهِ وَلا مِن مَجالِه
صانَكَ اللَهُ مِن فَسادِ زَمانٍ / دَنَّسَ اللومُ مِن ثِيابِ رِجالِه
سَيَقولونَ ما رَثاهُ عَلى الفَض / لِ وَلَكِن رَثاهُ زُلفى لِخالِه
أَيُّهُم مَن أَتى بِرَأسِ كُلَيبٍ / أَو شَفى القُطرَ مِن عَياءِ اِحتِلالِه
لَيسَ بَيني وَبَينَ خالِكَ إِلّا / أَنَّني ما حَييتُ في إِجلالِه
أَتَمَنّى لِمِصرَ أَن يَجري الخَي / رُ لَها مِن يَمينِهِ وَشِمالِه
لَستُ أَرجوهُ كَالرِجالِ لِصَيدٍ / مِن حَرامِ اِنتِخابِهِم أَو حَلالِه
كَيفَ أَرجو أَبا سَعيدٍ لِشَيءٍ / كانَ يُقضى بِكُفرِهِ وَضَلالِه
هُوَ أَهلٌ لِأَن يُرَدَّ لِقَومي / أَمرَهُم في حَقيقَةِ اِستِقلالِه
وَأَنا المَرءُ لَم أَرَ الحَقَّ إِلّا / كُنتُ مِن حِزبِهِ وَمِن عُمّالِه
رُبَّ حُرٍّ صَنَعتُ فيهِ ثَناءً / عَجِزَ الناحِتونَ عَن تِمثالِه
مالَ أَحبابُهُ خَليلاً خَليلا
مالَ أَحبابُهُ خَليلاً خَليلا / وَتَوَلّى اللِداتُ إِلّا قَليلا
نَصَلوا أَمسِ مِن غُبارِ اللَيالي / وَمَضى وَحدَهُ يَحُثُّ الرَحيلا
سَكَنَت مِنهُم الرُكابُ كَأَن لَم / تَضطَرِب ساعَةً وَلَم تَمضِ ميلا
جُرِّدوا مِن مَنازِلَ الأَرضِ إِلّا / حَجَراً دارِساً وَرَملاً مَهيلا
وَتَعَرَّوا إِلى البِلى فَكَساهُم / خُشنَةَ اللَحدِ وَالدُجى المَسدولا
في يَبابٍ مِنَ الثَرى رَدَّهُ المَو / تُ نَقِيّاً مِنَ الحُقودِ غَسيلا
طَرَحوا عِندَهُ الهُمومَ وَقالوا / إِنَّ عِبءَ الحَياةِ كانَ ثَقيلا
إِنَّما العالَمُ الَّذي مِنهُ جِئنا / مَلعَبٌ لا يُنَوِّعُ التَمثيلا
بَطَلُ المَوتِ في الرِوايَةِ رُكنٌ / بُنِيَت مِنهُ هَيكَلاً وَفُصولا
كُلَّما راحَ أَو غَدا المَوتُ فيها / سَقَطَ السِترُ بِالدُموعِ بَليلا
ذِكرَياتٌ مِنَ الأَحِبَّةِ تُمحى / بِيَدٍ لِلزَمانِ تَمحو الطُلولا
كُلُّ رَسمٍ مِن مَنزِلٍ أَو حَبيبٍ / سَوفَ يَمشي البِلى عَلَيهِ مُحيلا
رُبَّ ثُكلٍ أَساكَ مِن قُرحَةِ الثُك / لِ وَرُزءٍ نَسّاكَ رُزءاً جَليلا
يا بَناتَ القَريضِ قُمنَ مَناحا / تٍ وَأَرسِلنَ لَوعَةً وَعَويلا
مِن بَناتِ الهَديلِ أَنتُنَّ أَحنى / نَغمَةً في الأَسى وَأَشجى هَديلا
إِنَّ دَمعاً تَذرِفنَ إِثرَ رِفاقي / سَوفَ يَبكي بِهِ الخَليلُ الخَليلا
رُبَّ يَومٍ يُناحُ فيهِ عَلَينا / لَو نُحِسُّ النُواحَ وَالتَرتيلا
بِمَراثٍ كَتَبنَ بِالدَمعِ عَنّا / أَسطُراً مِن جَوىً وَأُخرى غَليلا
يَجِدُ القائِلونَ فيها المَعاني / يَومَ لا يَأذَنُ البِلى أَن نَقولا
أَخَذَ المَوتُ مِن يَدِ الحَقِّ سَيفاً / خالِدِيِّ الغِرارِ عَضباً صَقيلا
مِن سُيوفِ الجِهادِ فولاذُهُ ال / حَقُّ فَهَل كانَ قَينُهُ جِبريلا
لَمَسَتهُ يَدُ السَماءِ فَكانَ ال / بَرقَ وَالرَعدَ خَفقَةً وَصَليلا
وَإِباءُ الرِجالِ أَمضى مِنَ السَي / فِ عَلى كَفِّ فارِسٍ مَسلولا
رُبَّ قَلبٍ أَصارَهُ الخُلقُ ضِرغا / ماً وَصَدرٍ أَصارَهُ الحَقُّ غيلا
قيلَ حَلِّلهُ قُلتُ عِرقٌ مِنَ التِب / رِ أَراحَ البَيانَ وَالتَحليلا
لَم يَزِد في الحَديدِ وَالنارِ إِلّا / لَمحَةً حُرَّةً وَصَبراً جَميلا
لَم يَخَف في حَياتِهِ شَبَحَ الفَق / رِ إِذا طافَ بِالرِجالِ مَهولا
جاعَ حيناً فَكانَ كَاللَيثِ آبى / ما تُلاقيهِ يَومَ جوعٍ هَزيلا
تَأكُلُ الهِرَّةُ الصِغارَ إِذا جا / عَت وَلا تَأكُلُ اللَباةُ الشُبولا
قيلَ غالٍ في الرَأيِ قُلتُ هَبوهُ / قَد يَكون الغُلُوُّ رَأياً أَصيلا
وَقَديماً بَنى الغُلُوُّ نُفوساً / وَقَديماً بَنى الغُلُوُّ عُقولا
وَكَم اِستَنهَضَ الشُيوخَ وَأَذكى / في الشَبابِ الطِماحَ وَالتَأميلا
وَمِنَ الرَأيِ ما يَكونُ نِفاقاً / أَو يَكونُ اِتِّجاهُهُ التَضليلا
وَمِنَ النَقدِ وَالجِدالِ كَلامٌ / يُشبِهُ البَغيَ وَالخَنا وَالفُضولا
وَأَرى الصِدقَ دَيدَناً لِسَليلِ ال / رافِعِيّينَ وَالعَفافَ سَبيلا
عاشَ لَم يَغتَبِ الرِجالَ وَلَم يَج / عَل شُؤونَ النُفوسِ قالاً وَقيلا
قَد فَقَدنا بِهِ بَقِيَّةَ رَهطٍ / أَيقَظوا النيلَ وادِياً وَنَزيلا
حَرَّكوهُ وَكانَ بِالأَمسِ كَالكَه / فِ حُزوناً وَكَالرَقيمِ سُهولا
يا أَمينَ الحُقوقِ أَدَّيتَ حَتّى / لَم تَخُن مِصرَ في الحُقوقِ فَتيلا
وَلَوِ اِسطَعتَ زِدتَ مِصرَ مِنَ الحَق / قِ عَلى نيلِها المُبارَكِ نيلا
لَستُ أَنساكَ قابِعاً بَينَ دُرجَي / كَ مُكِبّاً عَلَيهِما مَشغولا
قَد تَوارَيتَ في الخُشوعِ فَخالو / كَ ضَئيلاً وَما خُلِقتَ ضَئيلا
سائِلِ الشَعبَ عَنكَ وَالعَلَمَ الخَفّا / قَ أَو سائِلِ اللِواءَ الظَليلا
كَم إِمامٍ قَرُبتَ في الصَفِّ مِنهُ / وَمُغَنٍّ قَعَدَتَ مِنهُ رَسيلا
تُنشِدُ الناسَ في القَضِيَّةِ لَحناً / كَالحَوارِيِّ رَتَّلَ الإِنجيلا
ماضِياً في الجِهادِ لَم تَتَأَخَّر / تَزِنُ الصَفَّ أَو تُقيمَ الرَعيلا
ما تُبالي مَضَيتَ وَحدَكَ تَحمي / حَوزَةَ الحَقِّ أَم مَضَيتَ قَبيلا
إِن يَفُت فيكَ مِنبَرَ الأَمسِ شِعري / إِنَّ لي المِنبَرَ الَّذي لَن يَزولا
جَلَّ عَن مُنشِدٍ سِوى الدَهرِ يُلقي / هِ عَلى الغابِرينَ جيلاً فَجيلا
يا ثَرى النيلِ في نَواحيكَ طَيرٌ
يا ثَرى النيلِ في نَواحيكَ طَيرٌ / كانَ دُنيا وَكانَ فَرحَةَ جيلِ
لَم يَزَل يَنزِلُ الخَمائِلَ حَتّى / حَلَّ في رَبوَةٍ عَلى سَلسَبيلِ
أَقعَدَ الرَوضَ في الحَياةِ مَلِيّاً / وَأَقامَ الرُبى بِسِحرِ الهَديلِ
يا لِواءَ الغِناءِ في دَولَةِ الفَن / نِ إِلَيكَ اِتَّجَهتُ بِالإِكليلِ
عَبقَرِيّاً كَأَنَّهُ زَنبَقُ الخُل / دِ عَلى فَرعِهِ السَرِيِّ الأَسيلِ
أَينَ مِن مَسمَعِ الزَمانِ أَغانِي / يُ عَلَيهِنَّ رَوعَةُ التَمثيلِ
أَينَ صَوتٌ كَأَنَّهُ رَنَّةُ البُلبُ / لِ في الناعِمِ الوَريفِ الظَليلِ
فيهِ مِن نَغمَةِ المَزاميرِ مَعنىً / وَعَلَيهِ قَداسَةُ التَرتيلِ
كُلَّما رَنَّ في المَسارِحِ إِن كُن / تُ اِنثَنى بِالهُتافِ وَالتَهليلِ
كَعِتابِ الحَبيبِ في أُذُنِ الصَب / بِ وَهَمسِ النَديمِ حَولَ الشَمولِ
كَيفَ إِخوانُنا هُناكَ عَلى الكَو / ثَرِ بَينَ الصَبا وَبَينَ القَبولِ
كَيفَ في الخُلدِ ضَربُ أَحمَدَ بِالعو / دِ وَنَفخُ الأَمينِ في الأَرغولِ
فَرَحٌ كُلُّهُ النَعيمُ وَعُرسٌ / كَيفَ عُثمانُ فيهِ كَيفَ الحَمولي
فَهَنيئاً لَكُم وَنِعمَةُ بالٍ / اِستَرَحتُم مِن ظِلِّ كُلِّ ثَقيلِ
إِنَّما مَنزِلٌ رُفاتُكَ فيهِ / لَبَقايا مِن كُلِّ فَنٍّ جَميلِ
ذَبُلَت في ثَراهُ رَيحانَةُ الفَن / نِ وَجَفَّت رَيحانَةُ التَمثيلِ
قامَ يَجزي سَلامَةً في ثَراهُ / وَطَنٌ بِالجَزاءِ غَيرُ بَخيلِ
قَد يوفي البِناءَ وَالغَرسَ أَجراً / وَيُكافي عَلى الصَنيعِ الجَليلِ
مُحسِنٌ بِالبَنينِ في حاضِرِ العَي / شِ وَفي سالِفِ الزَمانِ الطَويلِ
وَيُعِدُّ الضَريحَ مِن مَرمَرِ الخُل / دِ الكَريمِ المُهَذَّبِ المَصقولِ
يَدفُنُ الصالِحينَ في وَرَقِ المُص / حَفِ أَو في صَحائِفِ الإِنجيلِ
مِصرُ في غَيبَةِ المُشايِعِ وَالحا / سِدِ وَالحاقِدِ اللَئيمِ الذَليلِ
قامَتِ اليَومَ حَولَ ذِكراكَ تَجري / وَطَنِيّاً مِنَ الطِرازِ القَليلِ
مِن رِجالٍ بَنَوا لِمِصرَ حَديثاً / وَأَذاعوا مَحاسِناً لِلنيلِ
هُم سُقاةُ القُلوبِ بِالوُدِّ وَالصَف / وِ وَهُم تارَةً سُقاةُ العُقولِ
لَيسَ مِنهُم إِلّا فَتىً عَبقَرِيٌّ / لَيسَ في المَجدِ بِالدَعِيِّ الدَخيلِ
يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى
يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى / في ذَلِكَ الحُلمِ العَريضِ الطَويل
قَد قامَ غَليومٌ خَطيباً فَما / أَعطاكَ مِن مُلكِكَ إِلّا القَليل
شَيَّدَ في جَنبِكَ مُلكاً لَهُ / مُلكُكَ إِن قيسَ إِلَيهِ الضَئيل
قَد وَرَّثَ العالَمَ حَيّاً فَما / غادَرَ مِن فَجٍّ وَلا مِن سَبيل
فَالنِصفُ لِلجِرمانِ في زَعمِهِ / وَالنِصفُ لِلرومانِ فيما يَقول
يا رَبِّ قُل سَيفُكَ أَم سَيفُهُ / أَيُّهُما يا رَبِّ ماضٍ ثَقيل
إِن صَدَقَت يا رَبِّ أَحلامُهُ / فَإِنَّ خَطبَ المُسلِمينَ الجَليل
لا نَحنُ جِرمانُ لَنا حِصَّةٌ / وَلا بِرومانَ فَنُعطى فَتيل
يا رَبِّ لا تَنسَ رَعاياكَ في / يَومٍ رَعاياكَ الفَريقُ الذَليل
جِنايَةُ الجَهلِ عَلى أَهلِهِ / قَديمَةٌ وَالجَهلُ بِئسَ الدَليل
يا لَيتَ لَم نَمدُد بِشَرٍّ يَداً / وَلَيتَ ظِلَّ السِلمِ باقٍ ظَليل
جَنى عَلَينا عُصبَةٌ جازَفوا / فَحَسبُنا اللَهُ وَنِعمَ الوَكيل
حَبَّذا الساحَةُ وَالظِلُّ الظَليل
حَبَّذا الساحَةُ وَالظِلُّ الظَليل / وَثَناءٌ في فَمِ الدارِ جَميل
لَم تَزَل تَجري بِهِ تَحتَ الثَرى / لُجَّةَ المَعروفِ وَالنَيلِ الجَزيل
صُنعُ إِسماعيلَ جَلَّت يَدُهُ / كُلُّ بُنيانٍ عَلى الباني دَليل
أَتُراها سُدَّةً مِن بابِهِ / فُتِحَت لِلخَيرِ جيلاً بَعدَ جيل
مَلعَبُ الأَيّامِ إِلّا أَنَّهُ / لَيسَ حَظُّ الجِدِّ مِنهُ بِالقَليل
شَهِدَ الناسُ بِها عائِدَةً / وَشَجى الأَجيالَ مِن فِردي الهَديل
وَاِئتَنَفنا في ذَراها دَولَةً / رُكنُها السُؤدَدُ وَالمَجدُ الأَثيل
أَينَعَت عَصراً طَويلاً وَأَتى / دونَ أَن تَستَأنَفَ العَصرُ الطَويل
كَم ضَفَرنا الغارَ في مِحرابِها / وَعَقَدناهُ لِسَبّاقٍ أَصيل
كَم بِدورٍ وُدِّعَت يَومَ النَوى / وَشُموسٍ شُيِّعَت يَومَ الرَحيل
رُبَّ غَرسٍ مَرَّ لِلبِرِّ بِها / ماجَ بِالخَيرِ وَالسَمحِ المُنيل
ضَحِكَ الأَيتامُ في لَيلَتِهِ / وَمَشى يَستَروِحُ البُرءَ العَليل
وَاِلتَقى البائِسُ وَالنُعمى بِهِ / وَسَعى المَأوى لِأَبناءِ السَبيل
وَمِنَ الأَرضِ جَديبٌ وَنَدٍ / وَمِنَ الدورِ جَوادٌ وَبَخيل
يا شَباباً حُنَفاءً ضَمَّهُم / مَنزِلٌ لَيسَ بِمَذمومِ النَزيل
يَصرِفُ الشُبّانَ عَن وِردِ القَذى / وَيُنَحّيهِم عَنِ المَرعى الوَبيل
اِذهَبوا فيهِ وَجيئوا إِخوَةً / بَعضُكُم خِدنٌ لِبَعضٍ وَخَليل
لا يَضُرَّنَّكُمو قِلَّتُهُ / كُلُّ مَولودٍ وَإِن جَلَّ ضَئيل
أَرجَفَت في أَمرِكُم طائِفَةٌ / تُبَّعُ الظَنِّ عَنِ الإِنصافِ ميل
اِجعَلوا الصَبرَ لَهُم حيلَتكُم / قَلَّتِ الحيلَةُ في قالَ وَقيل
أَيُريدونَ بِكُم أَن تَجمَعوا / رِقَّةَ الدينِ إِلى الخُلقِ الهَزيل
خَلَتِ الأَرضُ مِنَ الهَديِ وَمِن / مُرشِدٍ لِلنَشءِ بِالهَديِ كَفيل
فَتَرى الأُسرَةَ فَوضى وَتَرى / نَشأً عَن سُنَّةِ البِرِّ يَميل
لا تَكونوا السَيلَ جَهماً خَشِناً / كُلَّما عَبَّ وَكونوا السَلسَبيل
رُبَّ عَينٍ سَمحَةٍ خاشِعَةٍ / رَوَّتِ العُشبَ وَلَم تَنسَ النَخيل
لا تُماروا الناسَ فيما اِعتَقَدوا / كُلُّ نَفسٍ بِكِتابٍ وَسَبيل
وَإِذا جِئتُم إِلى ناديكُمو / فَاِطرَحوا خَلفَكُموا العِبءَ الثَقيل
هَذِهِ لَيلَتُكُم في الأَوبِرا / لَيلَةُ القَدرِ مِنَ الشَهرِ النَبيل
مِهرَجانٌ طَوَّفَ الهادي بِهِ / وَمَشى بَينَ يَدَيهِ جِبرَئيل
وَتَجَلَّت أَوجُهٌ زَيَّنَها / غُرَرٌ مِن لَمحَةِ الخَيرِ تَسيل
فَكَأَنَّ اللَيلَ بِالفَجرِ اِنجَلى / وَكَأَنَّ الدارَ في ظِلِّ الأَصيل
أَيُّها الأَجوادُ لا نَجزيكُمو / لَذَّةُ الخَيرِ مِنَ الخَيرِ بَديل
رَجُلُ الأُمَّةِ يُرجى عِندَهُ / لِجَليلِ العَمَلِ العَونُ الجَليل
إِنَّ داراً حُطتُموها بِالنَدى / أَخَذَت عَهدَ النَدى أَلّا تَميل
شَرَفاً نُصَيرُ اِرفَع جَبينَكَ عالِياً
شَرَفاً نُصَيرُ اِرفَع جَبينَكَ عالِياً / وَتَلَقَّ مِن أَوطانِكَ الإِكليلا
يَهنيكَ ما أُعطيتَ مِن إِكرامِها / وَمُنِحتَ مِن عَطفِ اِبنِ إِسماعيلا
اليَومَ يَومُ السابِقينَ فَكُن فَتىً / لَم يَبغِ مِن قَصَبِ الرِهانِ بَديلا
وَإِذا جَرَيتَ مَعَ السَوابِقِ فَاِقتَحِم / غُرَراً تَسيلُ إِلى المَدى وَحُجولا
حَتّى يَراكَ الجَمعُ أَوَّلَ طالِعٍ / وَيَرَوا عَلى أَعرافِكَ المِنديلا
هَذا زَمانٌ لا تَوَسُّطَ عِندَهُ / يَبغي المُغامِرُ عالِياً وَجَليلا
كُن سابِقاً فيهِ أَوِ اِبقَ بِمَعزِلٍ / لَيسَ التَوَسُّطُ لِلنُبوغِ سَبيلا
يا قاهِرَ الغَربِ العَتيدِ مَلَأتَهُ / بِثَناءِ مِصرَ عَلى الشِفاهِ جَميلا
قَلَّبتَ فيهِ يَداً تَكادُ لِشِدَّةٍ / في البَأسِ تَرفَعُ في الفَضاءِ الفيلا
إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَديدَ وَبَأسَهُ / جَعَلَ الحَديدَ لِساعِدَيكَ ذَليلا
زَحزَحتَهُ فَتَخاذَلَت أَجلادُهُ / وَطَرَحتَهُ أَرضاً فَصَلَّ صَليلا
لِمَ لا يَلينُ لَكَ الحَديدُ وَلَم تَزَل / تَتلو عَلَيهِ وَتَقرَأُ التَنزيلا
الأَزمَةَ اِشتَدَّت وَرانَ بَلاؤُها / فَاِصدِم بِرُكنِكَ رُكنَها لِيَميلا
شَمشونُ أَنتَ وَقَد رَسَت أَركانُها / فَتَمَشَّ في أَركانِها لِتَزولا
قُل لي نُصَيرُ وَأَنتَ بَرٌّ صادِقٌ / أَحَمَلتَ إِنساناً عَلَيكَ ثَقيلا
أَحَمَلتَ دَيناً في حَياتِكَ مَرَّةً / أَحَمَلتَ يَوماً في الضُلوعِ غَليلا
أَحَمَلتَ ظُلماً مِن قَريبٍ غادِرٍ / أَو كاشِحٍ بِالأَمسِ كانَ خَليلا
أَحَمَلتَ مِنّا بِالنَهارِ مُكَرَّراً / وَاللَيلِ مِن مُسدٍ إِلَيكَ جَميلا
أَحَمَلتَ طُغيانَ اللَئيمِ إِذا اِغتَنى / أَو نالَ مِن جاهِ الأُمورِ قَليلا
أَحَمَلتَ في النادي الغَبِيِّ إِذا اِلتَقى / مِن سامِعيهِ الحَمدَ وَالتَبجيلا
تِلكَ الحَياةُ وَهَذِهِ أَثقالُها / وُزِنَ الحَديدُ بِها فَعادَ ضَئيلا
أَبولّو مَرحَباً بِكِ يا أَبولّو
أَبولّو مَرحَباً بِكِ يا أَبولّو / فَإِنَّكِ مِن عُكاظِ الشِعرِ ظِلُّ
عُكاظُ وَأَنتِ لِلبُلَغاءِ سوقٌ / عَلى جَنَباتِها رَحَلوا وَحَلّوا
وَيَنبوعٌ مِنَ الإِنشادِ صافِ / صَدى المُتَأَدِّبينَ بِهِ يُقَلُّ
وَمِضمارٌ يَسوقُ إِلى القَوافي / سَوابِقُها إِذا الشُعَراءُ قَلّوا
يَقولُ الشِعرَ قائِلُهُم رَصيناً / وَيُحسِنُ حينَ يُكثِرُ أَو يُقِلُّ
وَلَولا المُحسِنونَ بِكُلِّ أَرضِ / لَما سادَ الشُعوبُ وَلا اِستَقَلّوا
عَسى تَأتينَنا بِمُعَلَّقاتٍ / نَروحُ عَلى القَديمِ بِها نُدِلُّ
لَعَلَّ مَواهِباً خَفِيَت وَضاعَت / تُذاعُ عَلى يَدَيكِ وَتُستَغَلُّ
صَحائِفُكِ المُدَبَّجَةُ الحَواشي / رُبى الوَردِ المُفَتَّحِ أَو أَجَلُّ
رَياحينُ الرِياضِ يُمَلُّ مِنها / وَرَيحانُ القَرائِحِ لا يُمَلُّ
يُمَهِّدُ عَبقَرِيُّ الشِعرِ فيها / لِكُلِّ ذَخيرَةٍ فيها مَحَلُّ
وَلَيسَ الحَقُّ بِالمَنقوصِ فيها / وَلا الأَعراضُ فيها تُستَحَلُّ
وَلَيسَت بِالمَجالِ لِنَقدِ باغٍ / وَراءَ يَراعِهِ حَسَدٌ وَغِلُّ
صارَ شَوقي أَبا عَلي
صارَ شَوقي أَبا عَلي / في الزَمانِ التَرَلَّلي
وَجَناها جِنايَةً / لَيسَ فيها بِأَوَّلِ
لَمّا دَعا داعي أَبي الأَشبالِ
لَمّا دَعا داعي أَبي الأَشبالِ / مُبَشِّراً بِأَوَّلِ الأَنجالِ
سَعَت سِباعُ الأَرضِ وَالسَماءِ / وَاِنعَقَدَ المَجلِسُ لِلهَناءِ
وَصَدَرَ المَرسومُ بِالأَمانِ / في الأَرضِ لِلقاصي بِها وَالداني
فَضاقَ بِالذُيولِ صَحنُ الدار / مِن كُلِّ ذي صوفٍ وَذي مِنقارِ
حَتّى إِذا اِستَكمَلت الجَمعِيَّه / نادى مُنادي اللَيثِ في المَعِيَّه
هَل مِن خَطيبٍ مُحسِنٍ خَبير / يَدعو بِطولِ العُمرِ لِلأَمير
فَنَهَضَ الفيلُ المُشيرُ السامي / وَقالَ ما يَليقُ بِالمَقام
ثُمَّ تَلاهُ الثَعلَبُ السَفيرُ / يُنشِدُ حَتّى قيلَ ذا جَرير
وَاِندَفَعَ القِردُ مُديرُ الكاسِ / فَقيلَ أَحسَنتَ أَبا نُواسِ
وَأَومَأَ الحِمارُ بِالعَقيرَة / يُريدُ أَن يُشَرِّفَ العَشيرَه
فَقالَ بِاِسمِ خالِقِ الشَعير / وَباعِثِ العَصا إِلى الحَمير
فَأَزعَجَ الصَوتُ وَلِيَّ العَهدِ / فَماتَ مِن رَعدَتِهِ في المَهدِ
فَحَمَلَ القَومُ عَلى الحِمارِ / بِجُملَةِ الأَنيابِ وَالأَظفارِ
وَاِنتُدِبَ الثَعلَبُ لِلتَأبين / فَقالَ في التَعريضِ بِالمِسكين
لا جَعَلَ اللَهُ لَهُ قَراراً / عاشَ حِماراً وَمَضى حِمارا
كانَ فيما مَضى مِنَ الدَهرِ بَيتٌ
كانَ فيما مَضى مِنَ الدَهرِ بَيتٌ / مِن بُيوتِ الكِرامِ فيهِ غَزالُ
يَطعَمُ اللَوزَ وَالفَطيرَ وَيُسقى / عَسَلاً لَم يَشُبهُ إِلّا الزُلالُ
فَأَتى الكَلبَ ذاتَ يَومٍ يُناجي / هِ وَفي النَفسِ تَرحَةٌ وَمَلالُ
قالَ يا صاحِبَ الأَمانَةِ قُل لي / كَيفَ حالُ الوَرى وَكَيفَ الرِجالُ
فَأَجابَ الأَمينُ وَهوَ القَئولُ الصا / دِقُ الكامِلُ النُهى المِفضالُ
سائِلي عَلى حَقيقَةِ الناسِ عُذراً / لَيسَ فيهِم حَقيقَةٌ فَتُقالُ
إِنَّما هُم حِقدٌ وَغِشٌّ وَبُغضٌ / وَأَذاةٌ وَغَيبَةٌ وَاِنتِحالُ
لَيتَ شِعري هَل يَستَريحُ فُؤادي / كَم أُداريهِم وَكَم أَحتالُ
فَرِضا البَعضِ فيهِ لِلبَعضِ سُخطٌ / وَرِضا الكُلِّ مَطلَبٌ لا يُنالُ
وَرِضا اللَهِ نَرتَجيهِ وَلَكِن / لا يُؤَدّي إِلَيهِ إِلّا الكَمالُ
لا يَغُرَّنكَ يا أَخا البيدِ مِن مَو / لاكَ ذاكَ القَبولُ وَالإِقبالُ
أَنتَ في الأَسرِ ما سَلِمتَ فَإن تَم / رَض تُقَطَّع مِن جِسمِكَ الأَوصالُ
فَاِطلُبِ البيدَ وَاِرضَ بِالعُشبِ قوتاً / فَهُناكَ العَيشُ الهَنِيُّ الحَلالُ
أَنا لَولا العِظامُ وَهيَ حَياتي / لَم تَطلُب لي مَعَ اِبنِ آدَمَ حالُ
وَقَفَ الهُدهُدُ في با
وَقَفَ الهُدهُدُ في با / بِ سُلَيمانَ بِذِلَّه
قالَ يا مَولايَ كُن لي / عيشَتي صارَت مُمِلَّه
متُّ مِن حَبَّةِ بُرٍّ / أَحدَثَت في الصَدرِ غُلَّه
لا مِياهُ النيلِ تُروي / ها وَلا أَمواهُ دِجلَه
وَإِذا دامَت قَليلاً / قَتَلَتني شَرَّ قتلَه
فَأَشارَ السَيِّدُ العالي / إِلى مَن كانَ حَولَه
قَد جَنى الهُدهُدُ ذَنباً / وَأَتى في اللُؤمِ فَعلَه
تِلكَ نارُ الإِثمِ في الصَد / رِ وَذي الشَكوى تَعِلَّه
ما أَرى الحَبَّةَ إِلّا / سُرِقَت مِن بَيتِ نَملَه
إِنَّ لِلظالِمِ صَدراً / يَشتَكي مِن غَيرِ عِلَّه
كانَ لِبَعضِهِم حِمارٌ وَجَمَل
كانَ لِبَعضِهِم حِمارٌ وَجَمَل / نالَهُما يَوماً مِنَ الرِقِّ مَلَل
فَاِنتَظَرا بَشائِرَ الظَلماءِ / وَاِنطَلَقا مَعاً إِلى البَيداءِ
يَجتَلِيانِ طَلعَةَ الحُرِّيَّه / وَيَنشِقانِ ريحَها الزَكِيَّه
فَاِتَّفَقا أَن يَقضِيا العُمرَ بِها / وَاِرتَضَيا بِمائِها وَعُشبِها
وَبَعدَ لَيلَةٍ مِنَ المَسيرِ / اِلتَفَتَ الحِمارُ لِلبَعيرِ
وَقالَ كَربٌ يا أَخي عَظيمُ / فَقِف فَمشي كُلُّهُ عَقيمُ
فَقالَ سَل فِداكَ أُمّي وَأَبي / عَسى تَنالُ بي جَليلَ المَطلَبِ
قالَ اِنطَلِق مَعي لِإِدراكِ المُنى / أَو اِنتَظِر صاحِبَكَ الحُرَّ هُنا
لا بُدَّ لي مِن عَودَةٍ لِلبَلَدِ / لِأَنَّني تَرَكتُ فيهِ مِقوَدي
فَقالَ سِر وَاِلزَم أَخاكَ الوَتِدا / فَإِنَّما خُلِقتَ كَي تُقَيَّدا
كانَ عَلى بَعضِ الدُروبِ جَمَلُ
كانَ عَلى بَعضِ الدُروبِ جَمَلُ / حَمَّلَهُ المالِكُ ما لا يُحمَلُ
فَقالَ يا لِلنَحسِ وَالشَقاءِ / إِن طالَ هَذا لَم يَطُل بَقائي
لَم تَحمِلِ الجِبالُ مِثلَ حِملي / أَظُنُّ مَولايَ يُريدُ قَتلي
فَجاءَهُ الثَعلَبُ مِن أَمامِه / وَكانَ نالَ القَصدَ مِن كَلامِه
فَقالَ مَهلاً يا أَخا الأَحمالِ / وَيا طَويلَ الباعِ في الجِمالِ
فَأَنتَ خَيرٌ مِن أَخيكَ حالا / لِأَنَّني أَتعَبُ مِنكَ بالا
كَأَنَّ قُدّامِيَ أَلفَ ديكِ / تَسأَلُني عَن دَمِها المَسفوكِ
كَأَنَّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنَبِ / إِذا نَهَضتُ جاذَبتني ذَنَبي
وَرُبَّ أُمٍّ جِئتُ في مُناخِها / فَجعتُها بِالفَتكِ في أَفراخِها
يَبعَثُني مِن مَرقَدي بُكاها / وَأَفتَحُ العَينَ عَلى شَكواها
وَقَد عَرَفتَ خافِيَ الأَحمالِ / فَاِصبِر وَقُل لِأُمَّةِ الجِمالِ
لَيسَ بِحملٍ ما يَمَلُّ الظَهرُ / ما الحِملُ إِلّا ما يُعاني الصَدرُ
الأَمرُ آل أَحسَنَ المآلِ
الأَمرُ آل أَحسَنَ المآلِ / بِيُمنِ إِبراهيمَ رَأسِ الآلِ
فَتى العَفافِ وَالحجى وَالنائِلِ / وَمَعدِنِ الأَخلاقِ وَالفَضائِلِ
دَعى القرى لِأَمره فَلبّتِ / وَحضنَ الدَعوَةَ حَتّى شَبّتِ
وَماتَ لا أَقولُ في أَثنائِها / بَل وَهِيَ عِندَ مُنتَهى بِنائِها
نالَته في ناديهِ لِلقَوم يَدُ / وَصِيدَ في وَاديهِ وَهُوَ الأَصيَدُ
أُلقِيَ في السجن فَكانَ حُفرَتَه / أَماته اللَه وَأَحيا أُسرَتَه
بَينا بِهِ تَهامَسُ النُعاةُ / إِذ بِأَخيهِ هَتف الدُعاةُ
بويع في الكُوفة لِلسفّاحِ / في ثَبَج الدَعوة وَالكِفاحِ
نَعى أَخاهُ وَنَعى أُمَيّه / وَقامَ بِالدَولة هاشِميّه
في جُمعة مَشهودَةٍ هِيَ المُنى / هَشّ إِلَيها عَرَفاتُ وَمِنَى
فَكانَتِ الكُوفَةُ مَبزَغَ القَمَر / قَد طَلَع السَعدُ بِهِ عَلى الزُمَر
بُويعَ فيها النَفَرُ الأَعلامُ / وَنالَ عُليا الدُولِ الإِسلامُ
قامَ أَبو العَباس بِالإِمامه / ابن جلا المُسوَّد العَمامَه
فَتى تَضاءَلُ الفُتِيُّ حَولَه / داعٍ لِمُلكٍ داعِمٌ لِدوله
كَالبَدر في سَمائه بَل أَجمَلُ / لَو كانَ فَوقَ الأَرض بَدرٌ يُكملُ
قَد رَجع الأَمر بِهِ لِلأَربعِ / وَاِجتَمَع الأَمر لَهُ في أَربَعِ
إِبنُ الغَيوث لَم يَعِد إِلّا صَدق / وَلَم يَجُد إِلّا اِستَهَلّ وَغَدَق
أَلينُ مِن صَمصامةٍ وَأَقطَعُ / لا يَعرِفُ الرَحمَةَ حِينَ يُقطَعُ
قَد كانَ بَينَ الدَولَتين يَومُ / عزّ بِهِ قَومٌ وَذَلَّ قَومُ
التَقَتِ الأَحزابُ بِالأَحزابِ / وَاِقتَتَل الجَمعان حَولَ الزاب
نَهرٌ جَرى الأَمرُ العَظيمُ حَولَه / عُبور دَولَةٍ وَنَشأُ دَولَه
وَكانَ مَروان أَتمّ فَيَلقا / وَجُندُ عَبد اللَهِ أَوفى في اللُقا
فَأَجزَل اللَه مِن الإِظهار / وَالنَصرِ لابن السادة الأَطهارِ
ما غَربت شَمسُ نَهار الباس / حَتّى بَدَت شَمسُ بَني العَباسِ
هُم أَمّلوا كيوشعَ الإِداله / وَالنَصرَ قَبل غَيبة الغَزالَه
فَكانَت النيةُ ذات شَأنِ / وَكادَت الشَمس لَهُم تَستأني
تَصرمت دَولة عَبدِ شَمسِ / وَدَبرت أَيامُهُم كَأمسِ
بِعَبد شَمسٍ فازَ عَبدُ المطلِب / لا كفءَ لِلغالب إِلا مَن غُلِب
فَمُذ خَلا الجَوُّ لِسَيفِ هاشِم / هَبّ هَبوب المُستَبدِّ الغاشِم
المستبيح في دُخول البَيتِ / هَلاكَ حَيٍّ وَاِنتِهاكَ مَيت
فَهتك القُبورَ وَهِيَ حُرمه / مَن ماتَ فاِترُك لِلمَميت جُرمه
وَمَنيت أُميةُ بِساطِ / أَبدلها النِطعَ مِن البِساطِ
وَكُلّ جُرمٍ واقِعُ العِقاب / وَلَو عَلى الأَنسالِ وَالأَعقابِ
ثُمَ قَضى مُقتبِلَ الشَبابِ / عَن دَولة مُقبلِةِ الأَسباب
فَفَقدت بِهِ القَرى حَياها / وَماتَ بِالأَنبار مَن أَحياها
ما وَصلُ مَن تَهوى عَلى أنسَةٍ
ما وَصلُ مَن تَهوى عَلى أنسَةٍ / بِالبَدرِ في ظِلِّ الرَبيعِ الظَليل
عَلى بِساطٍ نَسَجتهُ الرُبى / شَتّى الحُلى وَالوَشي غضٍ طَليل
أَبدى الرَياحينَ وَأَهدى الشَذا / وَجَرَّ أَذيالَ النَسيمِ العَليل
وَاِستَضحَكَ الماءُ فَهاجَ البُكى / في كُلِّ خِدرٍ لبناتِ الهَديل
بِالمَجلِسِ المُمتعِ ما لَم تَزِد / فيهِ اِبنةَ الكرمِ وشعرَ الخَليل
شِعرٌ جَرى مِن جَنَباتِ الصِبا / يا طيبَ واديهِ وَطيبَ المَسيل
فيهِ رِواياتُ الصبا وَالهَوى / تَسَلسَلَت أَشهى مِنَ السَلسَبيل
قَد صانَها الشاعِرُ عَن خُلوةٍ / في مُفضِلٍ أَو مُرةٍ في بَخيل
شَيبوبُ ديوانُك باكورَةٌ / وَفجرُكَ الأَوَّلُ نورُ السَبيل
الشِعرُ صنفانِ فباقٍ عَلى / قائِلِهِ أَو ذاهِبٌ يومَ قِيل
ما فيهِ عصرِيٌّ وَلا دارسٌ / الدَهرُ عمرٌ لِلقريضِ الأَصيل
لَفظٌ وَمعنىً هُوَ فَاِعمَد إِلى / لَفظٍ شَريفٍ أَو لِمَعنى نَبيل
وَاِخلُق إِذا ما كُنتَ ذا قُدرَةٍ / رب خَيالٍ يخلقُ المُستَحيل
ما رَفَعَ القالَةَ أَو حَطَّهُم / إِلا خيالٌ جامدٌ أَو منيل
مَن يَصِفِ الإِبلَ يَصِف ناقةً / طارَت بِهِم وَاِرتَفَعَت أَلفَ ميل
سائِل بني عصرِكَ هَل مِنهُم / مَن لَبِسَ الإِكليلَ بَعدَ الكَليل
وأَيُّهُم كالمُتَنَبّي اِمرُؤٌ / صَوّاغُ أَمثالٍ عزيزُ المَثيل
وَاللَه ما موسى وَلَيلاتُهُ / وَما لِمَرتين وَلا جيرزيل
أَحَقُّ بالشِعرِ وَلا بِالهَوى / مِن قَيس المَجنونِ أَو مِن جَميل
قَد صَوَّرا الحُبَّ وَأَحداثَهُ / في القَلبِ مِن مُستَصغَر أَو جَليل
تَصويرَ مَن تَبَقّى وَمَن شِعرُه / في كُلِّ دَهرٍ وَعَلى كُلِّ جيل
بين السيوف والخناجر
بين السيوف والخناجر / على الجبال
تلقى الجراكسة عشاير / هم الرجال
يحمو النساء الحراير / مع الجمال
ومن عجب حكم جاير / فيهم محال
وليس ناهٍ وآمر / غير القتال
ألا شمس يا حسنا / ءُ غنينا بموّال
يلهّينا إلى أن يأ / تي السيد بالمال
إنما المبلغ الذي قلت عنه
إنما المبلغ الذي قلت عنه / لك لم يبق منه غير القليل
أخذ البيك نصف ذلك مني / لاصطناع الرفاق عند الرحيل
وأتاني محمد أخذ الرب / ع ببأس حلو وعنف جميل
وصرفنا ثلاثة وبما يبق / قى نرجِّى قضاء دين ثقيل
وأنا اليوم قد كبرت فمالي / في الوكالات فابحثي عن وكيل
رضاكم بالعلاقة لي كفيل
رضاكم بالعلاقة لي كفيل / وقربكم الزمان وما ينيل
هجرتم فاحتملت لكم فعدتم / وشحناء المحبة لا تطول
وما جاملتموا أهلا ولكن / ذهبتم مذهبا وهو الجميل
وكنت إذا التمست لكم بديلا / أعاتبكم به عز البديل
حفظت الودّ والودّ انتقال / وإن الحافظين له قليل
وبت أصون في الحب اعتقادي / ورأى لا تغيره أصيل
فيا كتبي أياديك الأيادي / ويا رسلي جميلكم الجميل
ويا أملي سأذكر طول أنسى / بوجهك حين أوحشني الخليل
ويا دهري شكرت وكان منى / لما قد مر نسيان طويل
ويا عصري و للممدوح تنمى / لك الغرر السنية والحجول
أرى سبل الرجاء إليه شتى / ولكن خيرها هذا السبيل
أمهما قام عزمك أو تصدى / دنا الأقصى ودان المستحيل
وتعلم أن بالحساد داء / وأن شفاءهم في أن يقولوا
تزينت المنازل واستعدّت / فأهلا أيها القمر الجليل
تودّ العين لو زيدت سوادا / وأنك في سوادَيها نزيل
هرعنا والقلوب يثبن وثبا / وللعبرات بالبشرى مسيل
فهلل حيث كل العز يسعى / وحيث الفضل جملته يميل
ونبسط أيدى النجوى كأنا / سراة هزها النجم الدليل
بات المعنّى والدجى يبتلى
بات المعنّى والدجى يبتلى / والبرح لا وانٍ ولا منجلي
والشهب في كل سبيل له / بموقف اللُّوّام والعذل
إذا رعاها ساهيا ساهرا / رعينه بالحدق الغفّل
يا ليل قد جرت ولم تعدل / ما أنت يا أسود إلا خلى
تالله لو حكِّمت في الصبح أن / تفعل خفت الله لم تفعل
أو طلت سيفا في جيوش الضحى / ما كنت للأعداء ما أنت لي
أبيت أشقى ويدير الجوى / والكأس لا تفنى ولا تمتلي
والخدّ من دمعي ومن فيضه / يشرب من عين ومن جدول
والشوق نار في رماد الأسى / والفكر يذكي والحشا يصطلى
والقلب قوّام على أضلعي / كأنه الناقوس في الهيكل
غدت برب النفس من شِقوتي / وبالركاب الأسعد المقبل
أهلا برب النيل رب القرى / رب البطاح الكثر مما يلى
الجامع العرشين في واحد / واللابس التاجين في المحفل
والساحب الذيل على عصره / على ملوك الزمن الأوّل
أهلا بمولانا وسهلا به / ومرحبا بالسيد المفضل
الممتطى متن السها عزة / فلو أشار الدهر لم ينزل
المنعم المجزل عن نفسه / عن جدّه عن جدّه المجزل
الجاعل الأمة من عدله / والفضل بين الظل والمنهل
عاصمة النيل أزدهِى وأنجلي / واتخِذي اليوم صنوف الحلى
واستعرضي الخيل ومدّى الع / يد بالجحفل فالجحفل
وأنت يا قصر ابتهج وابتهل / وأهد الملا بالعلم المرسل
وأزلف الوفد إلى ربهم / وظلل السدّة واظّلل
ويا بني مصر أهرعوا وأضرعوا / بحفظ مولى مصر والموئل
هذا لكم وجه الندى والهدى / فاستقبلوه خير مستقبل
آشيم يا من بحبه نعلو
آشيم يا من بحبه نعلو / ومن أديم السهى له نعل
عزت مع الشوق نحو السبل / وبات صعبا لقاؤك السهل
يا ليت شعري والبعد مجلبة / للتَّرك والعيش كله شغل
أذاكرٌ أنت أم نسيت لنا / إذ نحن طفلان والهوى طفل
إذ تعجب الهند والديار بنا / ويعجب الناظرون والأهل
وإذ يدب الغرام مجتهدا / ونحن لا فكرة ولا عقل
ما نحن قلنا فالحب قائله / وما فعلنا فللهوى الفعل
وإن نقلنا لبقعة قدما / فللهوى لا البقعة النقل
فإن تكن يا أمير ناسيَنا / فنحن ما ننسى وما نسلو
تلك سماء الهند شاهدة / وأرضها والجبال والسهل
وأنجم الهند ما طلعن لنا / وما رعتنا عيونها النجل
إنى على العهد ما حييت فإن / خلوت تبقى العهود لا تخلو