المجموع : 91
أنَّى تشاغلتَ عن أبي حَسَنِكْ
أنَّى تشاغلتَ عن أبي حَسَنِكْ / مُستفسداً ما امتننتَ من مِنَنِكْ
أيَّ جناياته اضطغنتَ له / فليس هذا أوانَ مضطغنكْ
يا قادماً سرَّني بمَقْدمه / قد ساءني ما أراه من ظَعنِكْ
أشكيتني بعد نعمةٍ حَسَمَتْ / شكواي صرفَ الزمانِ في زمنِكْ
تركتني ضاحياً بمُرْتَمَضٍ / وكنتُ تحت الظليل من فَنَنِكْ
يا أعذبَ الماءِ لِمْ أسنتَ على / مَنْ حقُّه أن يُعاذَ من أسنِك
من ذا تنصَّحتَ من ثقاتِك في / صرمي وماذا أطعتَ من ظننِك
لأيّ جُرمٍ غدوتَ تَلْفظُني / وكنتُ أحلى لديك من وسنِك
متى تقاعستُ عن لجامِك أو / خلعتُ رأسَ المُطيع من رسنِك
ألم أكن في حروبِك البطل ال / مَبلِيَّ والمستشارَ في هُدنِك
ألم أكنْ من سيوفِك القَلعي / ياتِ وإن شئتَ كنتُ من جُننك
مبتذلاً أنفَسي وممتهناً / نفسي فيما هويت من مَهنِك
يا واسعَ العفْوِ والمذاهبِ في ال / إفضالِ أين الرحيبُ من عطنك
إلا يكنْ ما امتننت من مننٍ / في مُنَّتي حملُها ففي مُنَنك
يا حَسن الخلْقِ والخلائقِ وال / أفعالِ أنَّى عدلتَ عن سَننك
إن كنت أخطأتُ أو أسأتُ فلا / يظهر قبيحي كذا على حَسنك
غلِّبْ عليه جميلَ فعلِك بي / إنَّ هناتي تغيب في شحنك
أعْيَنُنا سيّدٌ لأحْوَصنا / منك ومنِّي فعدّ عن إحنك
إن كان غابَ الصوابُ عن حَوصي / فلن يغيبَ الجميلُ عن عَيَنِك
يا عجباً من لئيم مُمتحَني / إن عزّ يوماً كريمَ ممتحنك
قد زاد في شكوى إِطِّراحُك إي / يايَ وما كان ذاك من سُننِك
الحمدُ للَّهِ كنتَ من فِتني / ولم أكنْ عندَ ذاك من فِتنك
أصبحتَ فيما يُعدُّ من شجني / ولستُ فيما يُعدُّ من شجنك
طالت شكاتي فما اكترثتَ ولا / ألجاتَ كفَّ الأسى إلى ذقَنك
بل ظلتَ تستعرضُ البقاعَ ولا / تسخى بتعريجةٍ إلى سكنِكْ
موضعِ أسرارِكَ التي سُترتْ / وزيركَ المرتضي ومؤتمنِكْ
يا حسرتا ما أحطتُ معرفةً / بأنَّ شجوي يزيدُ في أرنك
وكنتُ أستوهبُ الإله ضنىً / لا بل نُحُولاً يزيد في سمنك
يا شاعراً يرْعوي لدِمنته / هلّا جعلتَ الصديق من دِمَنك
أما تلقَّنتْ عن أئمَّتك ال / زهرِ بذاك الصحيح من لَعَنِك
إنَّ أحقَّ امرئٍ حَزنْتَ له / من يستعيذُ الإلَهَ من حَزنِك
إن تكُ قد بِعْتَني فمن غَبني / أُبكَى وأبكي وليس من غبنك
تعتاضُ منّي وليس لي عِوضٌ / منك متى ما خرجتُ من قرنك
وأيُّ شيءٍ أدقُّ من ثمني / وأيُّ شيءٍ أجلُّ من ثمنِك
قد ارتهنتُ الفؤادَ عندك فاح / فظْهُ وأحسِنْ جوار مُرتَهنك
لا تمتحنّي بمنع وجهك عي / نيَّ فلا صبرَ لي على مِحنك
ليس من العدلِ أن تعذّبني / بالهجرِ بعد الظهورِ في زِينك
ونائلٍ منك قلتُ حسبيَ بال / لَهِ إلهاً فاعكُف على وَثَنك
لستَ ترى الشمسَ غيرَ مُظلمةٍ / فلا انجلى ناظراكَ من كمنك
ولفَّكَ اللَّهُ في لفائفِ غم / مائكَ حتى تُلفَّ في كفنك
ذاك جوادٌ أراكَ مجتهداً / تطلبه واطئاً على ثُنَنك
يا عجباً من مُفاخرٍ حَمقٍ / يقيسُ أحفاشَهُ إلى حَضنك
أنَّى يُساميك في صليبة أح / رارِك أو مُعتفيكِ من يمنِكْ
ومن يسامي امرأً ومُعتقُهُ / كسيفٍ المِقْوَلِ ابنِ ذي يزنِك
دُونَكَهَا ناظراً بغَفْلَتكَ ال / حرَّةِ لا الألمعيِّ من طبنِك
واعذرْ حميداً إذا أذِنتَ لها / واغفرْ خطيئاتها لدى أذنِكْ
يقولُ فيك المديحَ قائلُنا / وأينَ ذاك الضِّياح من لَبنِك
فيغتدي سُبحةً لفيك ولو / شِئتَ بحقٍّ لكان من لُعَنك
عجْبتُ من ناسجٍ نسائجَهُ / جهَّزَ أبرادَهُ إلى عَدَنك
لا بل من العادلين عنك وإن / حاكوا خِلاف الرضيّ من يُمُنِك
يُهدِي لك الآبداتِ ممتدحٌ / وإنما الآبداتُ من فِطنك
فتكتسيهنّ ماجداً عِطر ال / طِينةِ لا يشتكينَ من درنِك
طوبى لمُهدٍ إليك خِلْعتَهُ / طوبى لمنشورةٍ على بدنك
لا زلتَ للناس موْرداً غَدِقاً / دلْوُكَ للمستقين في شَطنك
تُقرضنا العرفَ بالثناءِ وتع / تدُّ زكيَّ القروضِ من عَيَنك
كم غُرْبةٍ آنستْك في وطنٍ / للمجدِ آثرتَها على وطنك
علِمتَ أن الخيار في بِطَن ال / أضيافِ فاخترتها على بِطَنك
أقول للدهر إذ بصرتُ بمك / نونِك مثل الجميلِ من عَلَنك
يا دهرُ زوِّجه من كرائمك ال / نَعماءَ وادفعْ أذاكَ عن خَتَنك
قدْحي فقيرٌ إلى رياشك مس / تغنٍ بما قد براه من سَفَنكِ
فامنحنيَ العطفَ في جوابك لي / وأعفني إن رأيت من لَسَنك
لا عرتك الخطوبُ يا ابنَ حريثٍ
لا عرتك الخطوبُ يا ابنَ حريثٍ / لا ولا نالكَ الفناءُ الوشيكُ
فلعمري ما حاتمٌ بمُدانٍ / لك لولا الشَّنارُ والتهتيكُ
أنت شيخٌ عطاؤه حيوانٌ / إذ عطاياهُمُ الجمادُ السبيكُ
يا ضعيفاً في رأسه ألفُ قرنٍ / عدداً كلُّها غليظٌ سميك
يا فتى حينَ يلبسُ الكشخَ غرَّ / وبه دون فلْسِهِ تحنيك
لم تزل نسوةٌ لديه قِراهُ / منذ ناغَى ثُديَّها التفليك
ليمَ في أختِه فقال مجيباً / تِلك نعلٌ وحقُّها التشريك
منحَ اللَّه جدَّةَ الشُّركِ الشي / خَ ولا انفكَّ ذلك التفكيك
هكذا يفضحُ الرجالُ لعمري / وكذا يحلمُ السفيهُ الركيك
ولقد لامها فأربت عليه / ورُقاهُ في مثلها لا تُحيك
قال ما لي متى حَبِلتِ فقالت / لك لطمٌ أخفُّهُ التتريك
تلك أختٌ فمَنْ بلاكَ بعرسٍ / قل لنا أيها السمين الوديك
بع بُناناً فأنت عنها غنيٌّ / إنما يقتني الدجاجة ديك
لا وجُردانِكَ المُطلِّ عليه / ذلك البطنُ لا استطعتَ تنيك
ومحالٌ قبول عِرسكَ منك ال / خسف ما لم يَشْركك فيها شريك
مَلكَتها الفحولُ دونك يا شي / خُ جهاراً ولم يقع تمليك
ليُبرِّد حشاكَ أن شواها / فوق أعناقهم وأنت المليك
وليسكِّنْ جواك إذ حلقَتْهُ / أنْ سيدمي خُصاهُمُ التشويك
قد صدقناك عن بُنانك يا شي / خُ فلا يستفزَّك التشكيك
كلَّ يومٍ لها بغيرك عُرسٌ / لك منه الدعاء والتبريك
ولماذا تردُّها عن هواها / جثةٌ فَدْمةٌ وعقلٌ نهيك
وقرونٌ يسير في سَمكها القم / لُ حِثاثاً والسير حَوْلٌ دكيك
هي في شأنها وأنت فريدٌ / في هوانٍ ضجيعك التدليكُ
يا ثقيلَ القرونِ يا جبلَ العا / رِ أما يستفزك التحريكُ
وكنتُ إذا أنفذْتُ فيكَ قصيدةً
وكنتُ إذا أنفذْتُ فيكَ قصيدةً / فأنجزتُها استغفرتُ ربي هنالكا
فيحسبُ قومي ذاك مني تأثُّماً / ومن خشيةِ التقصيرِ أفعلُ ذلكا
أستغفر اللَّه من هجائيكا
أستغفر اللَّه من هجائيكا / وليس هاجيك آثماً فيكا
لكنني أتقِي وأشفقُ من / تقصير ما قلتُ عن مخازيكا
يا خالدَ اللؤمِ غيرَ مُؤتشبٍ / سبقْتَ باللؤم من يُجاريكا
أنت صريحُ اللئام لا كذباً / وهم إذا حُصّلوا مواليكا
أصبحتَ يا بن حريث اللؤم مُرتبكاً
أصبحتَ يا بن حريث اللؤم مُرتبكاً / مثل الغطاطةِ في أنشوطة الشَّرَكِ
فإن نزتْ نَشَقَتْ فيها أو اختنقتْ / وإن ونتْ وتراخَتْ فهي للدَّركِ
فلا السكونُ ينجّيها متى سكنتْ / ولا يُنفّسُ عنها شدةُ الحركِ
كذاك أنت إذا استحميتني ابتركت / فيك القوافي ابتراكاً غير متَّركِ
وإنْ سكتَّ ذليلاً غير منتصرٍ / ورتْك وارِيَةُ الأحقاد والحسكِ
يا يومَ إسحاقَ بنَ عبدِ الملكْ
يا يومَ إسحاقَ بنَ عبدِ الملكْ / لم تُبقِ لي صبراً ولم تتَّركْ
يا يوم إسحاقَ الذي غالهُ / أيَّ حريمٍ ليَ لم تَنْتهكْ
جرَّعتني دونَ الورى ثُكلَهُ / بل كلُّهمْ في ثُكلِهِ مشتركْ
من ذا الذي لم يُبكه فقدُهُ / من حدثٍ غرّ ومن مُحتنِكْ
لمَّا أتاني نعيُهُ بغتةً / كاد حجابُ القلبِ أن ينهتكْ
كيف عزائي عن فتىً لا يُرى / شبيهُهُ في أيّ فجّ سُلك
كأنه في كل أحوالِهِ / من ذهبٍ لا شكَّ فيه سُبك
يا لهف نفسي أن أرى يومَه / وأنْ أرى بيتاً له ما سُمك
يا لهفَ نفسي أن أرى ماله / مقتسماً من بعدِه قد مُلك
مالُ امرئٍ ما كان قُفلاً له / بل كان في تفريقهِ مُنهمك
سقياً لأخلاقٍ له لا تُرى / في سوقةِ الناسِ ولا في مَلك
أيُّ سماحٍ ضُمَّ في قبرهِ / وماءِ وجهٍ في ثراهُ سُفِك
مضى ولم يُفتَك به إذ مضى / لكن بروحي وبجسمي فُتك
قد كان حسبي من بني آدمٍ / لو أنه عُمّرَ لي أو تُرك
يا قمراً كان إذا ما بدا / بين نجومِ الليل لم تشتبك
أصبحتُ مذ غُيّبتَ عن ناظري / كأنني في حَيرةٍ مرتبك
يرحمكَ الرحمنُ من هالك / لو تُقبَل الفدية غاليتُ بك
غدا كلُّ ذي شعرٍ يُدل بشعرِهِ
غدا كلُّ ذي شعرٍ يُدل بشعرِهِ / وماليَ إدلالٌ بغيرِ نَداكا
رجوتُ رجائي فيكَ لا ببلاغتي / ولكن بجودٍ حالفتْهُ يداكا
على أن ذا الإبلاغَ فيك رأيتُه / إذا هو أسرى يهتدي بهداكا
فليس بمحمودٍ لأن صوابَهُ / جَداً منك يأتيه أمام جَداكا
وما حمدُ من سدَّدتَه ورفدتَه / وما قال إلا ما يقول عداكا
وما قولهم إلا الجميل لأنهم / متى أهْجروا كذَّبتهم بسَداكا
شهرُ القيام وإن عظمت حرْمَته
شهرُ القيام وإن عظمت حرْمَته / شهرٌ طويلٌ ثقيلُ الظلّ والحركَهْ
يمشي الهُوَيْنا وأمَّا حين يَطْلِبُنا / فلا السُّلَيْكُ يدانيه ولا السُّلَكَهْ
كأنه طالبٌ ثأراً على فرسٍ / أجدَّ في إثر مطلوبٍ على رَمَكَهْ
أذمُّهُ غيرَ وقتٍ فيه أحمدُهُ / منذُ العِشاءِ إليهِ أن تسقَعَ الدِّيَكَهْ
وكيف أحمدُ أوقاتاَ مذممّةً / بين الدُّؤوب وبين الجوع مشتركَهْ
يا صدقَ من قال أيامٌ مباركةٌ / إن كان يكنى عن اسم الطول بالبركَهْ
لو كان عمري طريقاً ما لقيتُ به / إلا الصيامَ وإلا شهرهُ نبكَهْ
شهرٌ كأنّ وقوعي فيه مِنْ قلقي / وسوءِ حالي وقوعُ الحوتِ في الشَّبكَهْ
لو كان مولىً وكنا كالعبيد له / لكان مولىً بخيلاً سَيِّئَ الملَكَهْ
قد كاد لولا دفاعُ اللَّهُ يُسلِمُنا / إلى الرَّدى ويُؤدينا إلى الهَلَكَهْ
ما أحسن العفوَ من المالكِ
ما أحسن العفوَ من المالكِ / لا سيما عن هائمٍ هالكِ
يا أيُّها السالكُ من مُهجتي / مسالكاً أعيتْ على السالكِ
محكْتَ في هجرِك لي ظالماً / ولسْتُ في حُبّك بالماحِك
يا قمراً أوْفى على سَرْوةٍ / وسرْوَةً أوفت على عانِك
عبدُك منهوكٌ بسُقْمِ الهَوى / فداوِهِ من سُقْمِك الناهِك
كم قد شكا منك إلى ذاهلٍ / وكم بكى منك إلى ضاحِكِ
ثم غدا من بعدِ ذا كلّه / أعْطَفَ مملوكٍ على مالِك
كذَّبْتَ مني مَدْمعاً صادِقاً / لقولِ واشٍ كاذبٍ آفك
فصِرْتَ تلقاني على ذِلَّتي / بمثْلِ حَدّ الصارم الباتِك
يا فِضَّةً بيضاءَ مسْبُوكةً / جادتْ وصفَّتْها يدُ السابِك
بالصُّبْحِ من غُرَّتك المُجْتَلى / واللَّيْلُ من طُرَّتِك الحالِكِ
لا تَتْرُكَنّي رحمةً بعدما / هتكْتَني أفديك من هاتِكِ
يكفيك أن أصبحتُ يا سيّدي / أُحْدُوثةَ الناسِكِ والفاتِكِ
لا لذَّةُ الفاتِكِ مَوْجُودةٌ / عندي ولا لي سلوةُ الناسِكِ
تركتني فرْداً فكم قائلٍ / يا شَغَفَ المتروكِ بالتَّارك
أصبحْتُ أهواك وأنت الذي / ما لِدَمي غيرُك من سافِك
إذا ما مدَحْتَ المرءَ تطلب رفدَه
إذا ما مدَحْتَ المرءَ تطلب رفدَه / ولم تَرج فيه الخيرَ إلا بِذَلكا
فأنت له أهْجَى البريَّة نيَّةً / وإن كنتَ قد أطريْتَهُ في مقالِكا
وأمْدَحُ ما تُلْفَى لمن أنتَ سائلٌ / إذا ما طرحْتَ المَدْحَ عند سُؤالكا
وطالبْتَ جدْاوه بغيرِ وسيلةٍ / كما طالبتْ يُمْناكَ ما في شِمالكا
مُدِلّاً عليه واثِقاً بسماحِهِ / ترى مالهُ دلّاً عليه كمالِكا
هل المدحُ إلا تركُك المدحَ مُلقياً / على كرمِ المسئولِ عبء اتِّكالكا
ترى جودَهْ يُغنيك عن كل وُصْلةٍ / وعن كُلِّ ما تُدْلي به من حِبالكا
ولا تتمارى في إحاطةِ علمِهِ / بمَكْنون ما أخطرْتَ فيه ببالكا
فتمدحُهُ بالفَهم والجودِ صامتاً / ولم يحتفلْ ذو منطق كاحتفالكا
هنالك أسْمَعْتَ القلوبَ مديحَهُ / وإن أنتَ لم تُسْمِعْهُ أذْناً هنالكا
مديحاً يعيه القلبُ لا السمعُ سالكاً / مسالكَ ليس القولُ فيهنَّ سالِكا
يا أبا العباسِ قرضٌ
يا أبا العباسِ قرضٌ / ليَ مُذْ حينٍ لديْكا
وقضاءُ القرْضِ فرضٌ / يا أخا المجدِ عليكا
فاقْضني ديْناً حميداً / مكَّنَ اللَّهُ يديكا
حُقَّ بالإنصافِ خصمٌ / رفعَ العَدْوَى إليكا
أنجِز الوعدَ إنَّ خيرَ مواعي
أنجِز الوعدَ إنَّ خيرَ مواعي / دِك ما جاءَ خَلْفه مصداقُكْ
لا تَدَعْ منْ وعدْتَه حين تلقا / هُ قذاةً تُجيلُها آماقُكْ
هو بغْلٌ وعدْتَنِيهِ فإن أخْ / لَفْتَ ضاهَتْ أخلاقَهُ أخلاقُك
فاتَّق اللَّه أن يشينَك خُلفٌ / فالمعالي وأهلُها عشاقُك
لا تلوَّنْ تلوُّنَ البغل في البغ / لِ ولا يَخْتلف عليّ مذاقُك
فيسير القصيدُ فيك بذمٍّ / مُرْمِضٍ جَرَّهُ لك استحقاقُك
إنَّ طولَ المِطالِ يُغري بإرها / قِكَ من لا يَسُرُّه إرهاقُك
فتخيَّرْ من اثنتيْن ولا يُغْ / لِق عليكَ المذاهبَ استغلاقُك
قودَكَ البغلَ أو إباقكَ في الأر / ضِ عليه وأين مني إباقُك
والقوافي إذا طلبنك يوماً / غيرُ ما معجزٍ لهن لَحاقُك
ليس منّي وإن فررتَ مَفرٌّ / أنا شيءٌ إليه منهُ مساقُك
لا سلاليمُك الطّوال تُنجّي / ك من سَطْوَتي ولا أنفاقُك
إنّ خيراً من ارتفاقِكَ بالْبغ / لِ إذا عُدَّتِ الأمور ارتفاقُك
شُكْرُ حُرٍّ إذا جَرَى بك شأواً / نحو علياءَ برَّزتْ أطلاقُك
أو لحقْتَ المبرّزينَ فأصبحْ / تَ قليلاً إلى العُلا سُبَّاقُك
يَبلُغُ الشُكْرُ والثناءُ بك الغا / يةَ لا ينتهي إليها عتاقُك
وبناتُ الحميرِ أوْلى بتحلي / فِك عنها إذا مَرَتْهنَّ ساقُك
ليت شعري وأنتَ غَيْثٌ مُغيثٌ / دائمٌ للمؤمّلين انبعاقُك
واحدٌ في الفِعال يُغْرِق مُدَّا / حُك من قبل أن يُرى إغراقُك
هل يرى الناسُ بعدما حقَّقُوني / بك حتى لقيلَ لي إسحاقُك
أنَّ قدْري لديْكَ مَنْعِيَ بَغْلاً / ذاك أمْرٌ أبَتْهُ لي أعْراقُك
مَنْ أخَفْ خُلْفَهُ فما زال ميعا / دُك عندي كأنَّه ميثاقُك
فاهْتِك المَطْلَ بالوفاءِ كما يه / تِك مُحْلَولِكَ الدُّجَى إشراقُكْ
لسْتَ مِمَّن له وثاقٌ من البُخْ / لِ فأدعو بأنْ يَفُكَّ وثاقُك
قد قرضناك في التقاضي بمزحٍ / ليس من مثلِه يضيقُ خِناقُك
فاحتمِلْنا فكَمْ سماحٍ وحِلْمٍ / واحتمالٍ يُظَلُّ منها رِوَاقُكْ
لم يظلم الدهْرُ أنْ توالتْ
لم يظلم الدهْرُ أنْ توالتْ / فيكم مُصيباتُه دِراكا
كُنْتُمْ تجيرُون مَنْ يُعادَى / منْه فعاداكُمُ لِذاكا
أيُّها الأعورُ لِمْ جشَّمْتَني
أيُّها الأعورُ لِمْ جشَّمْتَني / أن أشُقَّ الرمسَ عن والدتِكْ
بئسما بدَّلتَها في لحدِها / بالذي رجَّتْهُ من عائدتِكْ
إن تكن ثبَّجتَ شعري ظالماً / فرماكَ اللَّهُ في واحدتِك
بظلامٍ تُسلم الكفَّ له / أبدَ الدهرِ إلى قائدتك
قد رمينا ما تبرّدْتَ به / بلظى ذوَّبٍ من جامدتك
بدرت بادرةٌ من شرري / ألهبتْ ناري في خامِدَتك
بعدما أتْرزَ أرواح الورى / برْدُ ما لاقوهُ من واردتك
فاستعاذوا لك من بادرتي / واستعاذوا بيَ من باردَتِك
أيا ابن المُعلَّى كن معلَّىً ولا تكنْ
أيا ابن المُعلَّى كن معلَّىً ولا تكنْ / حريصاً على تضييعكَ اسمَ أبيكا
وصدّقْ أناساً فضَّلوك فأطنبوا / وكذّب من الحُسّادِ مُنْتقِصيكا
منحتُكَ مصباحاً فأعشاك ضوؤُهُ / وقد كان ظَنّي أنه سَيُريكا
جعلتك في حظٍّ شريكاً فخنتني / ولو شئتُ لم أجعلكَ فيه شريكا
أمن حُبّك الآدابَ خالفتَ حُكمَها / فخُنتَ بظهر الغيبِ مؤتمنيكا
نسختَ كتابي ثم كافأتَ نَسْخَهُ / بتضييعهِ أخلفتَ ظَنّي فيكا
فقلتُ أَعِرني ما نسختَ أردُّه / على إثْر نَسْخِيْهِ فلم تَر تيكا
فقلتُ فكلِّف منْ رأيتَ انتساخَهُ / فماطَلْتني حَولاً بذاك دكيكا
أفِقْ أيها النَّشْوانُ قبل ملامةٍ / تُعضُّك أطرافَ البنانِ وشيكا
أيرضى مُعيرٌ من كتابٍ بنسخِه / وتأبى عليه ذاك جُرتَ مليكا
فلا تكُ إما خائناً أو مُضيّعاً / ولكنْ أميناً حافظاً كذويكا
ووكّلْ يديك السمْحتين بحاجتي / وهَبْ لي يوماً من شهورِ سنيكا
وقِسْ راحةً تجني عليك مسبَّةً / بمَتْعَبةٍ تَحْميكَها وتقيكا
أخوكَ فلا تجعلْهُ ضدَّك والتمسْ / لضدّك ما يُلفَى له كأخيكا
أبقِ من مالك الممزْ
أبقِ من مالك الممزْ / زَقِ حظّاً لآملِكْ
ما مِنَ العدلِ والتُّقى / أن ترى قتلَ سائلِكْ
أنا إن مِتُّ لا أشْك / كُ قتيلٌ لنائلكْ
أيُّها البحرُ طال بي / ظمئي في سواحلكْ
كم ترى العينُ حسرةً / ريُّها في جداولكْ
سيدي كم تذودُني / حُرمتي عن مناهلكْ
قد غدا كلُّ معدم / واجداً من فواضلكْ
مثلما كلُّ واحد / معدم من فضائلكْ
غيرَ حُرٍّ منعتَهُ / فرضَهُ من نوافلكْ
خائفٌ أن ينالَ جُو / دُكَ قصوى عقائلكْ
وَهْوَ في غير طائلٍ / فأغِثْهُ بطائلكْ
لا تَلمْهُ فإنه / خائفٌ من أناملكْ
إنما خافَ من سما / حِك لا من غوائلكْ
ألا يا ابن القنوطِ عجبتُ جدّاً
ألا يا ابن القنوطِ عجبتُ جدّاً / لمُستدعاكَ شرّي والتِماسِكْ
وكيف طمعتَ في استضعافِ ليثٍ / مخالبُهُ شوارع لاختلاسِك
وثبْتَ على الهزبر وأنت كلبٌ / ولم تحسِبْه ينشطُ لافتراسِكْ
فدونَكَ قد بُليتَ به مليئاً / بحطم قناةِ ظهرك وانتهاسكْ
وكنتَ مُكلَّفاً تعتسُّ شراً / فقد صادفت حتفك في اعتساسك
وأجدِرْ باحتراقكْ حين تعشو / إلى نارٍ وأبْعِدْ باقتباسك
إذا نحن انتضينا مُنصلَينا / عرفت حديدَ قرنِك من نُحاسك
ضمنتُ لك احتباسَ الحلمِ حتى / أطيل على الهوان مدى احتباسك
أتاني عنك أنك عِبتَ شعري / وما زلتَ المضلَّل في قياسك
فقلتُ عساهُ كان به نُعاسٌ / وعندي ما يُطيِّر من نعاسك
هجاء إن سكنتَ له تمادى / وإن شامَسْتَ ذلَّل من شِماسك
تفوحُ له فواتحُ منك تحكي / صديدك ميتاً عند انبجاسك
أقِلني لا عَدِمتَ أخاً عَفُوّاً / يُقيلُكَ عند عَثْرِك وانتكاسك
جهلتُ الآبنوسَ فقلتُ غصنٌ / ولم أحسبه بعضَ قرون راسك
وقد فهمتني فرجعتُ عمّا / نكرتَ عليَّ فاكففْ حدَّ باسك
وأنتَ فتىً أحطتَ بكل علمٍ / لغوصك في است أمك واغتماسك
وقد نُوظرتَ في أشياء شتَّى / فلم تعرف فُساءك من عُطاسك
لم أُفسّر غريبها لك لكنْ
لم أُفسّر غريبها لك لكنْ / لامرئ يجهل الغريبَ سواكا
أنت أعلى من أنْ تُعلَّم علماً / ويُداني مدَى عليمٍ مداكا
غير أني أمّلتُ حُظوة شعرِي / حين ترعى رياضَهُ عيناكا
فشرحتُ الغريب فيه رجاءً / أن يُروّاهُ ذاتَ يومٍ فتاكا
أو سِواهُ من أهلِ وُدّكَ ممَّنْ / ليس في العلمِ جارياً مجراكا
لا لعُجب قدّرتُ ذاك ولكن / ني أرجّي بحسن رأيك ذاكا
فابسِط العذرَ لي وأنت حميدٌ / مع ما أنت باسطٌ من نداكا
دحداحةٌ مِحراكُها مسواكُها
دحداحةٌ مِحراكُها مسواكُها / قد هرمتْ ولم يُخَلْ إداركُها
واقعتُها شائلةً أوراكُها / فصادفتْ فيشلتي أحناكُها
قُبحاً لها من طفسٍ مناكُها / يسوطُ حُشَّاً مُنتناً محراكُها
ما زال يتلو عُرسها إملاكُها / دائرةٌ في فِسقها أفلاكُها
كأنما إيمانُها إشراكُها / هِمَّتُها الإضجاعُ أو إبراكُها
ونَيْكَةٌ عاتيةٌ تُناكُها / لا برحَتْ مُستعِراً حُكاكُها
يسْبكُ فيها نُطفةً سبَّاكُها / لا عُوفيتْ من شوكةٍ تُشاكُها
ولا نأى عنْ نفسِها هلاكُها /
قل للمُسوِّد حينَ شيَّبَ هكذا
قل للمُسوِّد حينَ شيَّبَ هكذا / غِشُّ الغواني في الهوى إيّاكا
هيهات غرَّك أن يُقال غرائرٌ / أيُّ الدُّهاةِ كدهْيَهنَّ دهاكا
لا تحسبَنْك خدعتهنَّ بخُدعةٍ / بل أنت ويْحك خادَعَتْك مُناكا
كذب الغوانيَ في سواد عذاره / فكذبْنَه في وُدّهن كذاكا