القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 32
وَلقد رجوتُ وصالكمْ فكأنَّني
وَلقد رجوتُ وصالكمْ فكأنَّني / حاولتُ شَحْطاً لا يُرامُ سحيقا
وعطفتُكم أُدنِي إليَّ وِصالَكم / فكأنّني أُدني به العَيُّوقا
ومن البليّةِ أنْ يؤمّلَ طافحٌ / سكرانُ من خمر الغرامِ مُفيقا
وَلو اِستطعتُ طرحتُ ثِقْلَ غرامكمْ / فلطالما عاد الأسيرُ طليقا
أرّقَ عيني طارقٌ
أرّقَ عيني طارقٌ / يا ليتَه ما طرقا
فبتُّ ليلِي ساهراً / أرقُبُ ذاك الفَلَقا
ملآنَ همّاً وشجاً / ولوعةً وحُرَقا
كأنّ ليلي موقَداً / بغير نارٍ مُحرقا
ليلُ لديغٍ مُوجَعٍ / ما نجعتْ فيه الرُّقى
أُغضِي وَكَم أغضَى الفتى / على قذىً وأطْرَقا
وأكتُمُ الدّمعَ وكمْ / جرى دماً واِستَبقا
لا صبرَ لِي وكلَّما / أمسكتُ صبراً مَرَقا
في ليلةٍ مرهوبةٍ / نادمتُ فيها الأَرَقا
أُنفِقُ من دمعٍ ومَنْ / أصابَ دمعاً أنفقا
وَطالَ همّي وَهوَ ما / طال عليَّ الغَسَقا
مِن نبأٍ أُنبِئْتُهُ / وددتُ أنْ لا يصدُقا
شككت فيه خدعةً / لمهجتي أو شفقا
وطالما شكّ اِمرؤٌ / في خُبْرِ ما تحقّقا
نَعَوْا إليَّ صاحباً / موافقاً موفّقا
يُخلصُ لِي حيث ترى / في كلّ صَفوٍ رَنَقا
فإنْ عرى خطبُ ردىً / فدي بنفسي ووقى
أو سلّ قومٌ في وغىً / عنِّيَ عَضْباً ذَلِقا
وإنْ يخُنْ قومٌ وفى / أو كذّبوني صدّقا
ما كنتُ فيه باِمرئٍ / أخجل لمّا وثقا
وفارجٌ بالقول إِذ / رأى مقاماً ضيّقا
كيف التّلاقي واللّقا / ءُ بيننا مُشفٍ لَقَى
ودوننا حِقْفُ لوىً / يُفضي إلى دِعْصِ نَقا
فإنْ قطعتُ أبرَقاً / وجدتُ دوني أَبْرَقا
قد كنتَ فينا جَدِلاً / محقّقاً مدقّقا
ما فاتك العلمُ ولا / ضَلَلْتَ فيه الطُّرقا
لحقتَ ما طلبتَه / كم طالبٍ ما لحقا
ما أطيبَ العيشَ وإنْ / كان لنا مرنَّقا
له نسيمٌ أرِجٌ / يُمسك منّا الرَّمَقا
لا تحرِمَنْ محرومَه / واِرحمْ به مَن رزقا
وَلا يَغرّنْك اِمرُؤٌ / في قُلَّةٍ تحَلَّقا
فَإنّه يَهبط مِنْ / عليائها كما رقى
يهوَى الفتى طولَ البقا / وللفنا قد خُلقا
اِنظر إلى الدّهر فكم / فرّق منّا فِرَقا
أخلَقَ كلَّ جِدَّةٍ / وهوَ الّذي ما أخلَقا
مُنتضلاً سهامه / تُصيب منّا الحَدَقا
أفنى اليمانين وقد / كانوا الجبال الشُّهَّقا
ومضرٌ جهّزها / إلى المنايا حِزَقا
أسْمَنَهمْ ثمّ اِنتقى / عظامَهمْ واِعتَرَقا
وَاِجتثّ مِن إعطائهمْ / مَن كان أعطى الوَرِقا
مِن بعد أن كانوا على ال / عافي بحوراً فُهَّقا
وقوَّدوا نحو طِلا / بِ العزّ جُرْداً سُبَّقا
واِستَمطَروا يوم الوغا / من العوالِي العلَقَا
واِستَفرَشوا ولبسوا الد / دِيباجَ والإستبرَقا
فما نلاقِي منهُمُ / إِلّا رَميماً مُخْلَقا
أيُّ نعيمٍ لم يزلْ / مُجَمَّعاً ما اِفترقا
وأيُّ ماشٍ بين أث / ناءِ الورى ما زلقا
سقاك ربّي رحمةً / ورأفةً إِذا سقى
ولا يزلْ قبرٌ به / أنتَ مضيئاً مشرقا
وإِنْ يُصِبْه صَيِّبٌ / لاطَفَهُ ورقَّقا
فاِذهبْ إِلى القوم الأُلى / كنتَ بهمْ مستوثِقا
وردْ ندى حوضهمُ / في الحشر يوم المُستَقَى
فلستُ مَعْ جاههمُ / عليك يوماً مُشفقا
علّ البخيلة أن تجود لعاشقٍ
علّ البخيلة أن تجود لعاشقٍ / ما زال يقنع بالخيال الطارقِ
صدّتْ وقد نظرتْ سوادَ قرونها / عنّي وقد نظرتْ سواد مفارقي
وتعجّبتْ من جُنحِ ليلٍ مظلِمٍ / أنّى رمى فيه الزّمانُ بشارقِ
وسوادِ رأسٍ كان رَبْعَ أحبّةٍ / رجع المشيبُ به طلولَ مُفارقِ
يا هندُ إنْ أنكرتِ لونَ ذوائبي / فكما عهدتِ علائقي وطرائقي
ووراءَ ما شَنِئتهُ عينُك ضَلَّةً / ما شئتِ من خُلُقٍ يسرّك رائقِ
أوَميضُ شيبٍ أم وميضُ بواترٍ / قَطَّعْنَ عند الغانياتِ علائقي
وكأنّ طَلعة شيبةٍ في مَفْرقٍ / عندَ الغواني ضربةٌ من فالِقِ
ومعيّري شيبَ العِذار وما درى / أنّ الشّبابَ مطيّةٌ للفاسقِ
ويقول لو غيّرتَ منه لونَه / هيهات أُبدِلُ مؤمناً بمنافقِ
والشّيبُ أملأ للصّدور وإن نَبتْ / عن لونه في الوجه عينُ الرّامقِ
وإذا ليالي الأربعين تكاملتْ / لِلمرءِ فهو إلى الرّدى من حالقِ
ولقد صحوتُ من الهوى وسلوته / أيّامَ ريعان الشّباب مُفارقي
وكفيتُ عذّالِي فليس يشوقني / من كان يوماً قبل ذلك شائقي
من بعد أن أَوْضَعتُ في سَنَنِ الصِّبا / وأخذتُ في اللّذّاتِ خَصْل السابِقِ
ومشيتُ مُلتاثَ الإزارِ كأنّما / ساورتُ قهوةَ صابحٍ أو غابقِ
تنزو بِيَ النشواتُ كلَّ عشيّةٍ / نَزْوَ الجنادب في متونِ حدائقِ
وأخٍ رميتُ إخاءَه لمّا نَبَتْ / أخلاقُهُ عنّى بفرقةِ طالقِ
وتركته لمّا وجدتُ أديمَه / متفرّقاً من قبل فَريِ الخالِقِ
يرمي إليَّ وقد ملأتُ ضميره / نَدَماً على ما فات لَحْظَ مُسارِقِ
وَأَنا الّذي علمتْ نِزارٌ كلُّها / من بيتها في رأسِ أرعَنَ شاهقِ
وَإذا تتابعت السّنون فلن ترى / أستارنا مسدولةً من طارِقِ
وترى على كَلَبِ الزّمانِ جفانَنا / وتعاقُبِ الأضيافِ جِدَّ فواهقِ
وتخال طالعةَ الكواكبِ وسْطَها / قد مُنطقَتْ من نظمها بمناطِقِ
وإِذا تشاجرت الرّماحُ رأيتني / رَحْبَ الخُطا في المأزقِ المتضايقِ
وعليَّ مِن نَسْجِ الأسنّةِ نَثْلَةٌ / وعلى كُماةِ الرَّوْعِ نسجُ يَلامِقِ
في ظهر سابقةٍ تفيءُ عروقُها / يومَ الجِراءِ إلى الوَجيهِ ولاحِقِ
وإذا جَرتْ فالبرقُ ليس بمسرعٍ / إيماضُهُ والطَّرْفُ ليس بسابقِ
أُنمى إلى بيت العُلا من هاشمٍ / من ذلك الأصلِ الأشمِّ الباسِقِ
قومٌ إذا حَمِيَ الحديدُ عليهمُ / يَرِدون أوديةَ النّجيعِ الدّافِقِ
وإذا هَوَوْا من نجدةٍ في خُطَّةٍ / لم يَثْنِهمْ عنها نعيقُ النّاعقِ
وهُمُ غيوثُ صنائعٍ ومجاوعٍ / وهُمُ ليوثُ مواقفٍ ومآزقِ
وهُمُ صدورُ محافلٍ ومجالسٍ / وهُمُ بدورُ مواكبٍ وفيالِقِ
مَن مُبلغٌ عنّي بنِي جُشَمٍ وإِنْ / كانوا على حكمِ الزَّمانِ أَصَادقي
كم في صدوركُمُ لنا من إحْنَةٍ / برزتْ فموّهَهَا لسانُ الناطقِ
ولَكَمْ لكمْ بِشْرٌ تكشّف غِبَّه / عن شرّ عاقبةٍ كخُلَّبِ بارقِ
ومتى أُصِخْ سمعاً لرجع جوابكمْ / فإلى كلامِ مُواربٍ ومماذِقِ
إنّي مَرَيْتُكُمُ فكنتُ كمن مَرى / جَدّاء لا تسخو بدَرّةِ حالِقِ
ما في عهودكُمُ وإنْ وثّقتُمُ / شَطَنٌ تَعلَّقُهُ يمينُ الواثقِ
والجارُ بين بيوتكمْ كَثِبٌ على الْ / أعداءِ نَصْبَ جوائحٍ وبوائقِ
يسري إِليه ضراركم وخُصصتمُ / من دونه بمنافعٍ ومرافقِ
ومتى تفكّر في عطائكمُ اِمرؤٌ / لم يدرِ أسخطه قضاءُ الرّازقِ
ودرى بأنّ النُّجحَ ليس لعاقلٍ / فينا وأنَّ الحظَّ حظُّ المائقِ
هل العزُّ إلّا في متونِ السّوابقِ
هل العزُّ إلّا في متونِ السّوابقِ / تصرّفها قِدْماً حُماةُ الحقائقِ
وما أَرَبِي إلّا لقاءُ عصابةٍ / ذوي مُهَجاتٍ ما حَلَوْنَ لذائقِ
يسود فتاهمْ لم يُوَفَّ شبابُهُ / ويُدعى إلى الجُلّى ولمَّا يراهِقِ
صفحتُ عنِ الأهواءِ إلّا اِرتياحةً / تَعارَضُ من قلبٍ إلى المجد تائقِ
أُنقِّبُ إِلّا عن عَضِيهةِ صاحبٍ / وَأَسأَل إلّا عَن خدور العواتقِ
أَتُستَلَبُ الأيَّامُ لم يروِ غُلّتِي / دِراكُ طعانٍ في صدور الفيالقِ
ولم تُرَ خيلي شُرَّعاً في كتيبةٍ / تُغيّبُ أشخاصَ الجبال الشَّواهقِ
ولو شئتُ والحاجاتُ منّي قريبةٌ / منعتُ بياضَ الشيبِ أخذَ مفارقي
سقطتُ وراءَ الحزمِ إِنْ لم أَشُنَّه / على الجَوْرِ يوماً مستطيرَ البوائقِ
مليئاً بتشييد المعالي إذا مضى / أقام بِناهُ في بطون المهارِقِ
تخوّفني الخرقاءُ أوْبَةَ خائفٍ / وما الحزمُ سلطاناً على كلّ عائقِ
لحَا اللَّهُ أحداثَ الزّمان فإنّها / ركائبُ لم تُسنَدْ إِلى حفظ سائقِ
رَأيتُ اِضطِرابَ المرء والجدُّ عاثرٌ / كما اِضطرب المَخنوق في حبل خانقِ
وما نَقَصَ المقدورُ من حظّ عاقلٍ / بِقدرِ الّذي أَسناه من حظّ مائقِ
خليليَّ ما لي لا أَعافُ مجانباً / فأصرِمَه إِلّا بهجو موافقِ
ألا جنّباني ما نبا بخلائقي / وحسبُكما ما كان وَفْقَ خلائقي
ولا تسألا عن خبرةٍ بات علمها / يصدّع ما بيني وبين الأصادقِ
أراني متى جرّبتُ ودَّ مواصلٍ / تَقارب سعيي في اِتّباع مفارقِ
يخالسني هذا العَلاءَ معاشرٌ / ولكنّ قولاً يُهتدى غيرُ صادقِ
ولمّا بدا لِي الكاشحون فصرّحوا / تمنّيتُ أيّام العدوّ المنافقِ
بني عمّنا لا تبعثوها ذميمةً / تقرّب صفوَ الكأس من كفّ ماذقِ
أضنّاً بتأثيل المودّةِ بيننا / وبذلاً لتقطيع القوى والعلائقِ
وَفَيْنا على تلك الهَناتِ وأعرضَتْ / طرائقنا عن بعض تلك الطّرائقِ
وما بدّلَتْ منّا الولايةُ شيمةً / لِنَاءٍ بعيدٍ أو قريبٍ ملاصقِ
وقد كان فيما كان خرقٌ لنافذٍ / وسَوْمٌ لمستامٍ وقولٌ لناطقِ
وهَمٌّ كتكرارِ المَلامِ شباتُهُ / تَغَلْغَلُ في قلبٍ قليل المرافقِ
يطوّحني في كلّ عرضِ تنوفةٍ / ويقذفني من حالقٍ بعد حالقِ
وَبينَ وجيفِ اليَعْمَلاتِ وَوَخدِها / بلوغٌ لباغٍ أَو سلوٌّ لعاشقِ
أما وأبي الفتيانِ ما اِلتَثْتُ فيهمُ / وقد جزعوا بالعِيسِ هَوْلَ السّمالِقِ
ولمّا رفعناهنّ من جوّ ثَهْمَدٍ / يُعارضن أصواتَ الحَصا بالشّقاشق
بدأْن السُّرى واللّيلُ لم يَقْنَ لونُهُ / وقد شَحُبَتْ منه وجوه المشارقِ
إِلى أنْ تبدّى الصّبحُ يجلو سوادَه / فلم يبق منه غيرُ ثوبٍ شُبارِقِ
ولولا اِبنُ موسى ما اِهتدين لطيِّهِ / ولو وُصِلَتْ أبصارُها بالبوارقِ
فَتىً لا يُجِمُّ المالَ إِلّا لِمَغْرَمٍ / ولا يستعدُّ الزّادَ إلّا لطارقِ
تجاوز آمالَ العُفاةِ وأشرفتْ / يداه على فيض الغيوث الدّوافق
إِذا همّ لم يسترجع الرّيثُ همَّهُ / ولم تُعتَرضْ حاجاتُه بالعوائقِ
يحيط بأقطار الأمور إذا سعى / وكم طالبٍ أعجازَها غيرُ لاحقِ
وما ضَلّ وَجهُ الرّأي عنه وإنّما / تقاضاه من وجه الظُّنونِ الصّوادِقِ
وقد ساورته النّائباتُ فأقشعتْ / وَما حَظِيَتْ إلّا بنَهْلَةِ شارقِ
لك الفَعَلاتُ البِيضُ ما غُضّ فضلُها / بتالٍ ولم تُغلَبْ عليها بسابقِ
تفرّدْتَ في إبداعها واِتّباعُها / يفوتُ إذا رامَتْه طَوْلُ الحزَائقِ
معالمُ تستقصي الثّناءَ وتنتمِي / إلى شَرَفٍ فوق السّماكين سامقِ
ولمّا رأى الأعداءُ سِلْمَك مَغْنَماً / خرقتَ لهمْ بالحربِ سُحْبَ الصّواعقِ
ضِرابٌ كشقّ الثّاكلاتِ جيوبَها / وطعنٌ كأفواه المَزادِ الفواهِقِ
بِكلّ فتىً يغشى الهِياجَ وصدرُه / فَسيحُ النَّواحي بين تلك المضائقِ
فإنْ هربوا أهدَوْا عيوباً لعائبٍ / وإنْ أقدموا أهدَوْا رؤوساً لفالقِ
يَهابُ الرّدى مَن لم تُعِرْه صرامةً / وَجأشاً على خَوض الرّدى غيرَ خافقِ
وما زلتَ والحالاتُ شتّى بأهلها / هلالَ نديٍّ أو غمامةَ بارقِ
أبَى العيدُ إلّا أن يعود صباحُه / كما عاد موموقٌ إلى قربِ وامقِ
ولَليوم ما تَلْقَى المطايا مُشيحةً / تَقَلْقَلُ في أكوارها والنّمارقِ
بركبٍ أراق السّير ماءَ وجوههمْ / ولوّحَها تهجيرُهمْ في الودائقِ
وَما هو إلّا نازلٌ طلب القِرى / فعقِّرْ له بالبِيضِ حُمْرَ الأيانقِ
ما رأَتْنِي عيناكَ يومَ الفراقِ
ما رأَتْنِي عيناكَ يومَ الفراقِ / أخدع القلبَ باِدّكار التّلاقي
وأُطفّي بالدّمعِ نارَ غرامٍ / كان عوناً لها على الإحراقِ
مائلاً بين نهضةٍ ومَقامٍ / حاكماً بين سلوةٍ واِشتياقِ
أُذكِرُ الشّوقَ بالصُّدود ليخفى / وأُداري اللّحاظَ بالإطراقِ
كلّ شيءٍ أدنى إليَّ منَ الصّب / رِ وصبرُ المشوق عينُ النّفاقِ
يا خليليَّ من ذؤابةِ قَيْسٍ / في التّصابي رياضةُ الأخلاقِ
غَنّيانِي بِذِكرِهم تُطْرِباني / واِسقياني دَمعي بكأسٍ دِهاقِ
وخُذا النّومَ من جفوني فإنّي / قد خلعتُ الكرى على العُشّاقِ
واِسأَلا لِي الشّمالَ عن نَشْرِ أَرضٍ / كنتُ أَحْيي بطيبه أرماقي
إنّها إنْ مشتْ بوادي الخُزامى / صَنعتْ فيه صنعةَ السُّرّاقِ
لِي زمانٌ ظامٍ إِلى ماءِ وجهي / يَمْتَرِيهِ بكلِّ ما إملاقِ
يتمنّى بَسْطِي يميني لِيَسْتَمْ / طر فيها عَزالِيَ الأرزاقِ
دون ما رامه جِماحُ أبِيٍّ / شمّرِيِّ الجنانِ مُرِّ المَذاقِ
تَتناهى عنه الخطوبُ إذا ما / عانَقتْ كفّه نحورَ العِتاقِ
قد تمرّستُ باللّيالي فحسبي / ما أرى لِي في ودّها من خَلاقِ
لغناها أقوى ذَريعةِ عُسْرٍ / وبلوغُ المُرادِ بالإخفاقِ
كَم مقامٍ مَلأتُ فيه فمَ الصُّبْ / حِ بجيشٍ عَرَمْرَمٍ غَيْداقِ
سَتَرَ الجوَّ بالعَجاج فعينُ الش / شَمسِ مَطْرُوفةٌ عن الإشراقِ
في رجالٍ يسابقون ظُباهمْ / عند وَثباتها إلى الأعناقِ
كلُّ غَضٍّ يرى المنايا حياةً / والعوالِي إلى المعالِي مَراقِ
أنتَضِيهِمْ على صُروفِ ليالي / يَ فأُغنى عن المواضي الرِّقاقِ
قد سحبتُ القنا بكلّ طريقٍ / سَئِم السَّيْرَ فيه صبرُ النّياقِ
أنا تِرْبُ الظَّبا رفيقُ العَوالِي / حربُ هذي الطُّلى عدوُّ التَّراقي
فاِلقياني الرّدى فإنّي رَداهُ / واِزجُرا بِي النُّجومَ في الآفاقِ
وَإلى أحمدَ الّذي ظلّ عودُ ال / مَجدِ لمّا اِستهلَّ في إيراقِ
جذبتنِي وسائلٌ للعُلا في / هِ غَرامي لأَسرها في وَثاقِ
لَبِستْ منه حَلْيَها فاِستَهامتْ / بِالتَحَلِّي بهِ عن الأحداقِ
ذاك مُوهِي عِقْدِ الخطابِ إذا ما اِعْ / تَلَجَ القولُ في لَها المِسْلاقِ
رابطُ الجَأشِ في جليلِ الرّزايا / شاردُ الفِكْرِ في المعاني الدِّقاقِ
لَستُ أَرضى بِأَنْ أَقول هو البّدْ / رُ ومُذْ تَمّ لم تُصَبْ بمحاقِ
فُتّ بالبِرّ بالمعالي بَنيها / فاِنظرنْ هل ترى لهمْ من لِحاقِ
كنتُ أقضي على الورى بخلاف ال / مجدِ حتّى قيّدتَ مِن إطلاقي
كيف لا أجتنِي له ثَمَر المَد / حِ وتلك الأعراقُ مِن أعراقي
واقفٌ عنده جوادُ سباقي / وإلى هذه المعالي سِباقي
لستُ أسخو لكلّ شخصٍ بلحظي / ولو اِنّ القَتادَ في آماقي
ولَباعي غالٍ على كلّ جِيدٍ / لَيس إلّا لقدر رمحي عِناقي
جاءَك العيدُ ضامناً رِيَّ آما / لك من مَنْهَلٍ له رَقْراقِ
فاِلقَه بالمُنى وناشده شعري / تَجدَنه إِليه بالأشواقِ
وَاِشفِقَنْ عَن ضميره تُلْفِ حبّي / رافلاً بين خِلْبِهِ والصِّفاقِ
لا اِطمأنَّ الرّدى إِليك ولا زِلْ / ت تَلَقَّى جماعةً بفراقِ
وأطاع الزّمان فيك المعالي / فاللّيالي معروفةٌ بالشّقاقِ
يا ثاوِياً خَلفَ الرّتاجِ المُطْبقِ
يا ثاوِياً خَلفَ الرّتاجِ المُطْبقِ / أَعزز عليَّ بِأنّنا لا نلتقي
دخل الزّمانُ كما كرهنا بيننا / وَرمَى اِجتِماعاً بيننا بتفرّقِ
وودِدْتُ لمّا قلتُ قد فارقتُهُ / تحتَ الجَنادل أنّنِي لم أصدقِ
وطرحتُه متسربلاً نَسْجَ الثّرى / في قعر مُسودّ الجوانبِ ضيّقِ
وفعلتُ فيه وإنّنِي شَفِقٌ به / لمّا يئستُ فِعالَ غيرِ المشفقِ
ورجعتُ عنه كأنّنِي لم ألقه / وكأنّنِي بنسيمه لم أعْبَقِ
أبكي وليس يردّ ميتاً ماضياً / جَزَعي عليه ولا طويلُ تحرُّقي
وسَرقتُه مِنْ بين مَنْ حرّمته / ففقدتُه فوددتُ أنْ لم أسرِقِ
أَينَ الّذينَ بَنوا رفيعاتِ البنا / مِن بارقٍ وسَدِيرِه وخَوَرْنَقِ
ومَنِ اِبتني الهَرَمين ثمَّ علاهما / بالعَصْب والدّيباج والإستبرقِ
أم أين مَن أعلا بنا إيوانِهِ / عزّاً كَنجمٍ في السّماءِ محلّقِ
وَتَرى اللّيالي بكرةً وعشيّةً / خَضِلَ الأصائلِ منه غضَّ الرَّونَقِ
كانت تفتّحُ للثّرا أبوابُه / فثناه مصرعُه ببابٍ مُغلَقِ
وَلَكَمْ تَوسّد في القِلالِ نمارقاً / فالآن نوسدُه صَعيدَ الأبرقِ
ومتوّجٍ بمرصّعٍ من عَسْجَدٍ / بوغاؤه في اللحْدِ تاجُ المَفْرَقِ
تَهتَزّ فوق شَواتِه في حفرةٍ / من بعد ألْوِيَةٍ غُصونُ العِشْرِقِ
سوَّى الرّدى بين الرّجال فباسلٌ / كمجبّنٍ ومُمَوَّلٍ كالمُمْلِقِ
وَإِذا مَضوا حِزَقاً إلى حُكمِ البِلى / نُبذوا إلى كَفّي سفيهٍ أَخْرَقِ
فجلودُهمْ ببنانِ كلِّ ممزِّقٍ / وعظامهمْ في ماضِغَيْ متعرِّقِ
كانوا الحلولَ بكلِّ قصرٍ شاهقٍ / فهمُ الحلولُ بكلّ قفرٍ سَمْلَقِ
وكأنّ فارسَهمْ لِطِرْفٍ ما علا / وخطيبَهمْ في مَحفلٍ لم ينطقِ
قُل للّذي كَنز الكنوزَ لغيره / جَهلاً وجمّع ماله لمفرّقِ
إِنْ كنتَ ما أنفقتَه ضنّاً به / أضحى برغمك في أناملِ مُنفقِ
وإذا البخيل حمى لضنٍّ نفسه / من رزقه فكأنّه لم يُرزَقِ
وَنعى إليَّ الشُّمسيَّ مُخْبِّرٌ / فوددتُ أنّ لسانَه لم يُخلَقِ
وجَهَدتُ كلَّ الجهْدِ وهو مُحقّقٌ / لمقاله أنْ كان غيرَ محقَّقِ
فبليتُ من نجواه لا ناجى بها / بمسهِّدٍ طولَ الدُّجى ومؤرّقِ
وسُلبتُ منه كلَّ خُلْقٍ مُعجِبٍ / وفَقدتُ منه كلَّ شيءٍ مونِقِ
وطلبتُه بين الرّجالِ فلم يكنْ / ولربّ مطلوبٍ بنا لم يلحقِ
وكأنّنِي من بعده ذو قفرةٍ / صَفِرَتْ إداوتُهُ كليلُ الأنيُقِ
ولقد محا آدابَه وعلومَه / منّا الرّدى بالرّغْمِ مَحْوَ المُهْرَقِ
فَكَأنّنا لِكلامِهِ لم نستمعْ / وكأنّنا لعبيره لم ننشَقِ
ولوِ الرّدى ممّا يدافعه الفتى / لدفعتُ عنه بكلّ غالٍ أرْوَقِ
وبكلّ خوّارِ المهزّةِ باترٍ / عَضْبٍ رقيقِ الشَّفْرَتين مُذَلَّقِ
وحطمتُ في دفعي رداك أسنَّةً / فوق الجياد الضُّمَّراتِ السُّبَّقِ
حتّى ألفَّ مثلّماً بمثلَّمٍ / ومن الوشيج مدقّقاً بمدقَّقِ
في غُلْمَةٍ متسرّعين إلى الرّدى / متهجّمين على المقامِ الضيّقِ
من كلّ وضّاح الجبين كأنّه / قمرٌ وممتدِّ القناةِ عَشَنَّقِ
مُتزاحمين فَمنْسِرٌ في مَنْسِرٍ / أو فَيْلَقٍ بضرابه في فيلقِ
لم يشربوا إلّا كؤوسَ قِسِيّهِمْ / أَو يَطعموا إلّا لحومَ المأْزقِ
لِقناهُمُ بين الأضالعِ في الوغى / زَجَلٌ ولا زجلُ الأَباءِ المُحْرَقِ
وإِذا هُمُ طعنوا تريبَ مُجَرَّدٍ / أضحى بنسجِ نقيعه في فَيلقِ
وَصحبتنِي وأنا اِمرؤٌ متدرِّعٌ / درعَ الشّبابِ وبُرْدَةً لم تَخلُقِ
لم تُمحَ مِنّي جِدَّتي ونضارتي / كلّا ولا نَضُبَتْ غضارةُ رونقي
جادتْ عليك سحائبٌ مُنهلَّةٌ / من كلِّ منفتِقِ الكُلى متخرِّقِ
صَخْبِ الرُّعودِ له زماجرُ أخجلتْ / باللّيلِ زَمْجَرَةَ الهِزَبْرِ المُحنَقِ
وَكأنّه متراكماً صُمٌّ هَوَتْ / من شاهقٍ أو جِلّةٌ من دَرْدَقِ
وسقاك ربُّك ليس ما يسقي به / بمُصَرَّدٍ كلّا ولا بمرنَّقِ
ورثيتُ منك أخا فضائلَ لم تزلْ / كالشّمسِ أو كالكوكبِ المتألّقِ
عجزتْ يدي عن أنْ تَبَرَّكَ ميّتاً / فخذ المبرَّةَ كلّها من منطقي
ما كان يومُك يا أبا إسحاقِ
ما كان يومُك يا أبا إسحاقِ / إلّا وداعي للمُنى وفراقي
وأشدّ ما كان الفراقُ على الفتى / ما كان موصولاً بغير تلاقِ
ولقد أتاني من مصابك طارقٌ / لكنّه ما كان كالطرّاقِ
فالنّارُ يوقدها الأسى في أضلُعِي / لا للصِّلى والماءُ من آماقي
ما كان للعينين قبلك بالبكا / عهدٌ ولا الجنبين بالإقلاقِ
وأطَقْتُ حملَ النّائباتِ ولم يكنْ / ثِقْلٌ برُزئِك بيننا بمطاقِ
لولا حِمامُك ما اِهتَدى همٌّ إلى / قلبي ولا نارٌ إلى إحراقي
وسُلبتُ منك أجلَّ شطْرَيْ عيشتي / وفُجعتُ منك بأنفسِ الأعلاقِ
وقَذِيتُ في قلبي بفقدك والقذى / في القلبِ يُنسينا قَذاةَ الماقِ
لمّا رأيتُك فوق صهوةِ شَرْجَعٍ / بيد المنايا أظلمتْ آفاقي
وكأنّنِي من بعد ثُكلك ذو يدٍ / جذّاءَ أو غصنٌ بلا أوراقِ
أو راكبٌ في القفر دَفَّيْ جَسْرَةٍ / غَرْثي بلا شَثٍّ ولا طُبّاقِ
إنّي عليك لما ذهبتَ لموجَعٌ / وإليك لمّا غبتَ بالأشواقِ
يا نافعي والجلدُ منّي ضيّقٌ / برزِيَّتِي أَلّا يَضيقَ نطاقي
كم من ليالٍ لي قصارٍ بعده / طُوِّلْنَ بالإيجاِع والإيراقِ
ولو اِفتُديتَ فداك بادرةَ الرّدى الْ / أقوامُ بالمهجاتِ والأحداقِ
وَبكلّ ممتلئِ الضّلوِع بسالةً / هادٍ إِلى طُرُقِ الهدى سبّاقِ
تهمي دماً من كفّه سحبُ الوغي / من غير إرعادٍ ولا إِبراقِ
وتراه يهوي في التّراب إلى ظُباً / مسلولةٍ وإلى ظهورِ عِتاقِ
وإلى سِنانٍ فوق هامةِ ذابلٍ / هتّاكِ كلِّ تريبةٍ خرّاقِ
أين الرّجالُ المالكو رِبَقِ الورى / والمُرْتقون إلى أعزِّ مراقِ
والطّاردون بجودهم وعطائهم / في المُملقين عوادِيَ الإملاقِ
ولهمْ أكفٌّ ما تولّتْ وحدَها / في النّاسِ إِلّا قِسمةَ الأرزاقِ
وإذا هُمُ لبسوا المحاسِنَ أهْوَنوا / بملابسِ التِّيجانِ والأطواقِ
سيقوا إلى حُفَرِ القَواءِ كأنّهمْ / ذَوْدٌ تصرّفُه يدا سوّاقِ
وتطارحوا في قعر مظلمةِ الهُوى / محجوبةِ الإصباح والإشراقِ
واِستُنزِلوا عن كلّ شاهقةِ البِنا / من حيث لا ترقى أخامصُ راقِ
فهُمُ وقد كان الفضاءَ محلُّهم / ما بين أطباقٍ وفي أعماقِ
ما ذا الغرورُ من الزّمان بكاذبٍ / نَغْلِ المودّةِ في الهوى ملّاقِ
في كُلِّ يَومٍ ينثنِي عنه الّذي / يرجوه مملوءاً من الإخفاقِ
وإذا مددتُ إلى الزّمانِ أنامِلي / وشددتُ في أسْرِ الطّماع وَثاقي
فالأمرُ موكولٌ إلى متجرّمٍ / والعظمُ مرميٌّ إلى عرّاقِ
ما إنْ وَنَتْ سكناتُ قلبك برهةً / فيه بساعة جأْشك الخفّاقِ
ومن البليّةِ أنّنا كَلِفون مِنْ / هذي الحياةِ بِمنْكَحٍ مِطْلاقِ
في كلّ يومٍ نرتوي من شرّها / مائين من حَذَرٍ ومن إشفاقِ
وأنا الأسيرُ لها فمن هذا الّذي / يسعى إلى الأيّام في إطلاقي
إِنْ لم تكن من عنصري فَلأَنْتَ بال / آداب من أهلي وبالأخلاقِ
ومودّةٌ بين الرّجالِ تضمُّهمْ / وتلفُّهمْ خيرٌ من الأعراقِ
مَن ذا نضا عنّا شعارَ جمالنا / ورمى هلالَ سمائنا بمحاقِ
مَن ذا لوانا والصّدا عَلِقٌ بنا / عن وِرْدِ ذاك المَنْهَلِ الرَّقْراقِ
فلئنْ خرِستَ عن البيان فطالما / حكّمتَ أنّى شئتَ بالإنطاقِ
ولئنْ مُنعت عن البَراحِ فبعد ما / جوّلتَ أو طوّفتَ في الآفاقِ
ولئنْ كَبَوْتَ عن المدا بعد الرَّدى / فبما سبقتَ غداةَ يومِ سباقِ
ولئنْ تحمّلْتَ التّرابَ فطالما / قد كنتَ محمولاً على الأعناقِ
فليمضِ بعدك مَن أُحِبُّ فقد مضى / منك الحمامُ ببُغْيَتِي ووفاقي
ما لي اِنتِفاعٌ بعد فقدك صاحباً / حلوَ المذاقةِ في الورى بمذاقِ
نسَجتْ عليك رياضُ كلِّ بلاغةٍ / وسقاك منها ما تشاء السّاقي
وعصتْ على كلّ الرّجالِ فقُدتَها / لرضاك بالأرسانِ والأرباقِ
وملكتَها طولَ الزّمانِ وإنّما / فازتْ وقد وُوريتَ بالإعتاقِ
طلبوا مداك ففتَّهمْ وسبقتَهمْ / رَكْضاً ولم تسمحْ لهمْ بِلحاقِ
فالآن بعد اليأسِ منها أيقنوا / أنّ البلاغةَ في يدِ الرزّاقِ
ولْيسقِ قبرَك كلُّ مُنخرقِ الكُلى / مِرعادُ كلّ عشيّةٍ مِبْراقِ
فإذا جفا التُّربَ السحابُ فعنده / ما اِختَرتَ مِن سحٍّ ومِن إطباقِ
لم يُفْنِ دهرٌ مَن نأى وله بنا / كَلِمٌ على مرّ الزّمان بواقِ
وإذا مضيتَ وفيك فضلٌ باهرٌ / فيمنْ نسلتَ فأنتَ حيٌّ باقِ
من كان لا ترضيه منك مودّةٌ
من كان لا ترضيه منك مودّةٌ / فاِحذرْ عداوتَه بكلّ طريقِ
فعدوُّ ما تُولاهُ غيرُ مُغيَّرٍ / وحسودُ ما تُعطاهُ غيرُ مفيقِ
وإذا طلبتَ مودّةً ترضى بها / لم تُلْفِها من بين كلّ فريقِ
عنّ الخيالُ لنا ليالي الأبرقِ
عنّ الخيالُ لنا ليالي الأبرقِ / والرَّكبُ بين مسهَّدٍ ومؤرَّقِ
ومصرّعين من الكلال كأنّهمْ / صبحوا وما صبحوا بكلّ مروَّقِ
متوسّدين وقد أَمالَ رقابهمْ / سُكرُ الكرى لهمُ خدودَ الأينُقِ
إن كان زوراً باطلاً فَلَطعمهُ / حلوٌ شهيٌّ في فم المتذوّقِ
لم ينهَهَ عنّي تقوُّسُ صَعْدَتي / والشّيبُ يضحك ثغرُه في مَفْرَقي
ومرشّفِ الوجناتِ لولا حسنُهُ / سَلَتِ القلوبُ معاً فلم تتعشّقِ
يَسبِي العيونَ بحُسنِ خدٍّ مونقٍ / حاز الجمالَ وغضِّ قَدٍّ مورقِ
وافى وَهاماتُ الكواكبِ مُيَّلٌ / والصُّبحُ قد ألقى يداً في المشرقِ
واللّيلُ في بُرْدٍ رقيقٍ أزرقٍ / سَمَلٍ ولكنْ بعدُ لم يتخرّقِ
بَرَدَتْ زيارتُهُ غليلَ تحرُّقي / وشفتْ وما علمتْ طويلَ تشوّقي
ما زدتُه شيئاً وبين جوانحي / لهبُ الغرامِ على الحديثِ المونقِ
يا لائِمي في الحبِّ لو قاسيتَه / لعلمتَ أنّك كاذبٌ لم تَصدُقِ
ما كنتَ للعذل الّذي لم تُلفِني / أُصغِي إِليه من الصّبابةِ مُعنِقي
فدع الملامةَ لا مفيقٌ من هوىً / فينا ولا في رأيه من مُفْرِقِ
قل للوزير أبي المعالي واِبنِها / وسليلِ كلِّ نجيبةٍ لم تُخفِقِ
يا سيِّدَ الوزراءِ من ماضٍ ومِن / آتٍ ومخلوقٍ ومن لم يُخلَقِ
لازلتَ بين تملّكٍ وتحكّمٍ / أبداً وبين تصعُّدٍ وتحلُّقِ
في خَفضِ عيشٍ لا يزول نطاقُهُ / عن ساحتيك وظلّ عزٍّ مُحدِقِ
للَّهِ دَرُّك حيث تَشتجِرُ القنا / تحت العجاج على ظهور السُّبَّقِ
واليومُ غصّانٌ بكلِّ مجدَّلٍ / فوق الثّرى وبأذرعٍ وبأسْوُقِ
والموتُ يستلب النّفوسَ بطعنةٍ / أو ضربةٍ فكأنّما لم تُخلَقِ
أوقَدْتَه حتّى اِستَطار شرارُه / وغمرتَ فيه فَيْلقاً في فَيْلَقِ
وعصابةٍ مَرَقَتْ فرُضْتَ جِماحَها / حتّى اِلتَوى فكأنّما لم تمرُقِ
أنزلتها قَسْراً على حكم الظُّبا / وقضيّةِ العالي الأشُمِّ الأزرقِ
والبِيضُ بين مُسلَّمٍ ومثلَّمٍ / والسُّمرُ بين مصحّحٍ ومدقَّقِ
لا تَحْفَلَنْ بالغابطين على الّذي / أُوتيتَ من بحر الفخارِ المُفهَقِ
وقهرتَهمْ بمحلّةٍ لا ترتَقى / وبهرتَهمْ في جودك المتدفّقِ
ودعِ الحَسودَ يقول ما هو أهلُهُ / فالقولُ بين مكذَّبٍ ومصدَّقِ
ليس الحسودُ وإنْ تموَّه أمرُهُ / في النّاس إلّا كالعدوِّ المُحنَقِ
أَنَا في بني عبد الرّحيم مُخَيَّمِي / وإذا علقتُ فمنهمُ متعلَّقِي
وبنشرهمْ عَبِقٌ ولولا أنّه / يا صاحبي نشرٌ لهمْ لم أعْبَقِ
أعطيتُهمْ ودّي ولو بيدِي المنى / شاطرتُهمْ من مدّتي ما قد بِقي
ولو اِنّ في كفّي الشّبابَ وقد مضى / لبذلتهُ وخصصتُهمْ بالريّقِ
في أيّ شِعْبٍ من شعوبِ مُرادهمْ / حتّى أُتاهِمَ لم أخِبَّ وأعنِقِ
فبأيّ أمرٍ فيهمُ لم ألْتَبِسْ / وبأيّ حبلٍ منهمُ لم أعلَقِ
كم أنقذوا من حتفِ كربٍ واسعٍ / أو أخرجوا من كفّ خطبٍ ضيّقِ
ورقَوْا منَ العلياء ما لا يُرتقى / وأتوا من الغايات ما لم يُلحَقِ
ومتى رأيتَهمُ رأيتَ تقرّبي / من دارهمْ وتخصّصِي وتحقّقِي
لا باعد اللَّهُ اللِّقاءَ ولا رمى / شملاً يضمّ جميعَنا بتفرّقِ
قد زارنا التّحويلُ يُخبر أنّه / أبداً يقابلنا بوجهٍ مُشرقِ
صقلَ الإلهُ حسامَه وأزارَه / طَلْقاً بكلِّ تهلُّلٍ وتألُّق
كم ذا لنا أملٌ به متنظَّرٌ / شوقاً ومن قلبٍ به متعلّقِ
وكساه من حُلَلِ القبول مجاسداً / ما كنّ من وشْىٍ ومن إستَبْرَقِ
وبه مفاخرُ دهرِنا وعلاؤه / دون الدّهور على الجبال الشُّهَّقِ
وَإِذا اِستمعتَ فلا تُصِخْ إلّا إلى / كَلِمٍ جلبن على الورى من منطقي
في رونقٍ بَهِجٍ وليسَ برائقٍ / ما لم يكن عَذْباً ولا ذا رونقِ
ومُنَمَّقٍ طبعاً وكلُّ مُنَمَّقٍ / بتعسّفٍ يلقاك غيرَ مُنَمَّقِ
وإذا نطقتُ بغير مدح فضائلٍ / جُمعتْ لكمْ فكأنّني لم أنطِقِ
بقلبيَ منكِ الهمُّ والحزنُ والأسى
بقلبيَ منكِ الهمُّ والحزنُ والأسى / وقلبُكِ ما يدري بما أنَا لاقِ
وعندكِ رِقّي والهوى أنتِ كلُّهُ / ولكنّني عبدٌ مَنَيْتِ إباقي
وَما أَنتِ إِلّا فرقةٌ بعد أُلْفَةٍ / وإلّا فَإِعراضٌ مكانَ فراقِ
وليلةَ زرتنا واللّيلُ داجٍ
وليلةَ زرتنا واللّيلُ داجٍ / على عَجَلٍ ونحن على البِراقِ
وجُدتَ لنا بتقبيل الثّنايا / على رغم الوشاةِ وبالعناقِ
تلاقينا بأرواحٍ ظماءٍ / عشيّةَ ما لأجسادٍ تلاقِ
ولمّا أن تفرّقنا رجعنا / إلى ما نحن فيه من الفراقِ
فإنْ يكُ باطلاً لا حقَّ فيه / فكم من باطلٍ حُلْوِ المذاقِ
يا جالباً للأرَقِ
يا جالباً للأرَقِ / ومورثاً للحُرَقِ
ومَن إليه وحده / خوفاً عليه قَلَقِي
وهاجري في فَلَقٍ / وزائري في الغَسَقِ
هل نافعي عذبُك يا / عذبٌ ومنه شَرَقي
كيف تضِنُّ بالهوى / بموعدٍ لم يصدُقِ
ونظرةٍ يسرقها / مَن لم يُزَنْ بالسَّرَقِ
تسيءُ تعويلاً على / تعويلِك المُلَفَّقِ
طيفُكَ ما أبصرَهُ / بقَطْعِ ذاكَ الأَبرَقِ
خيّل أنّا نلتِقي / زُوراً وليس نَلْتقي
وافى إِلينا والكرى / يُثنى إليه عُنُقي
عينُ رقيبٍ مُشفقٍ / مُوَكّلٍ بالحَدَقِ
كأنّها ساهرةٌ / حائرةٌ لم تُطرِقِ
أعجبْ بها زيارةً / لعانِفٍ لم يَرْفُقِ
باطلةً كأنّها / هناك من محقِّقِ
كأنّ شوقاً قادها / وهي كمن لم يشتقِ
بتُّ بها أُغلوطةً / أُمِسكُ منها رَمَقِي
وُمخفقٍ كأنّه / من طمعٍ لم يُخفقِ
لمّا دنا الصّبحُ إلى / وِسادِه كاليَقِقِ
أضحى يعضّ كفَّه / على الدّجى مِن حَنَقِ
في فتيةٍ تعوّدوا / بالسّيف ضربَ المَفْرقِ
وطعنَ كلِّ ثُغرَةٍ / من أسمرٍ بأزرقِ
كأنّهمْ أُسْدُ الشّرى / أو جِنَّةٌ من سَمْلَقِ
من كلّ ركّابٍ إلى ال / هولِ ظهورَ السُّبَّقِ
وصادمٍ بفيلقٍ / يوم الوغى لفَيْلَقِ
في كلّ يومٍ يعتلِي / ظَهْرَ عُلاً ويرتقي
كأنّه من كرمٍ / إلى ندىً لم يُسبَقِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025