يَا غُصْنَ نَقاً يَمِيسُ في الأَوْرَاقِ / يَا بَدْرَ دُجىً يَطْلُعُ في الأَطْواقِ
إِنْ تَهْجُر أَوْ تَصُدّ يا بَدْرٌ أفلْ / ذَا هَجْرُكَ مَحْمُولٌ على الأَحْداقِ

يا ذَا القَمَرُ المُنيرُ في الآفاقِ / الصَّبْرُ فُنِي فِيكَ وَوَجْدِي باقي
كَمْ تَلْسَعني عَقْرَبُ صُدْغَيْكَ عَسَى / أَنْ تَسْمَحَ لي مِنْ فِيكَ بالدّرْياقِ

لَمَّا حَكَمَ الزَّمانُ بِالتَّفْرِيقِ / وَاسْتَبْطَنَ نادِيهِمْ ظُهُورَ النُّوقِ
أَطْلَقْتُ دُمُوعِي إِثْرَهُمْ في قَبَسٍ / مِنْ نارِ زَفِيري خَشْيِةَ التَّغْرِيقِ

يا قَمَراً رَأَيْتَهُ فِي مَأْتَمٍ / مِنْ حُزْنِهِ شَقَّ على شَقِيقِهِ
لا تَلْطُمِ الخَدَّ عَلَيْهِ أَسَفاً / فَرُبَّما شَقَّ على شَقِيقِهِ

هَذَا العَقيقُ فمَا لِقَلْبِكَ يَخْفِقُ / أَتراهُ مِنْ طَربٍ إِلَيْهِ يُصَفِّقُ
بانَتْ له بَاناتُ سَلْعٍ فَانْثَنَى / وَبِهِ إِلى نَسَماتهنَّ تَشَوّقُ
عَرِّج بنا عَن طِيبِهِنَّ فَإِنَّني / أَجِدُ الرَقيبَ لِعَرفِها يَستَنشِقُ
وَبأَيْمَنِ الوادي غَزالٌ ما بَدَا / إِلَّا وَيبْهَرني هَواهُ فَأُطْرِقُ
رَشأٌ نضارةُ وَجْهِهِ لَمْ تُبْقِ لي / رَمَقاً فَيا نَظَرِي إِلى كَمْ تَرْمُقُ
تَمْضِي لَواحِظُنا إِلى وَجَنَاتِهِ / إِنْ لاحَ ماءُ شَبابِه المُتَرقْرِقُ
قَدْ دبَّ مُخْضَرُّ العِذارِ بِخَدِّهِ / إِنِّي لَيُعْجِبُنِي القضيبُ المورِقُ
إِنْ قُلْتُ أَتْلفَني هَواكَ يَقولُ لي / مَنْ ذا الَّذي أَلجاك أَنَّكَ تَعْشَقُ

ما إن رأَى رُوحي تَحِنُّ لِقُرْبِهِ / حَتَّى تَعَجَّل بِالبُعادِ فِراقَهَا
تَاللَّهِ ما نَظرتْ عُيوني مُذْ نَأَى / أَبداً سِواهُ مِنَ الأَنَامِ فَراقَها

أَفْدِي الَّتي بَرَزَتْ كالشَّمْسِ في الأُفقِ / فَفاقَ بَدْرَ الدُّجَى في ظُلْمَةِ الغَسَقِ
لَمَّا بَدَتْ رَشَقَتْ قَلبي لَواحِظُها / مَنْ مُنْصِفي في الهَوى مِنْ أَسْهُمِ الحَدقِ

بِأَبي شَادِن غَدا الوَجْهُ مِنْهُ / يُخْجِلُ النيِّرينِ بالإِشْراقِ
سَلَبَ القُضْبَ لِينهَا فَهيَ غَيْظا / وَاقِفاتٍ تَشْكُوهُ بِالأَوْرَاقِ

أَتراهُ لَمَّا جَارَ في أَخْلاقِهِ / عَلِمَ الَّذي يَجْرِي على مُشْتَاقِهِ
ظَبْيٌ يَزيدُ عَلى الظُّبَى في فَتْكِهَا / وَعَلَى هِلالِ الأُفْقِ في إِشْرَاقِهِ
كَمْ حيّ صَبٌّ مُغْرَمٍ في حُبِّهِ / وَمُحِبُّهُ قَدْ مَاتَ في أَشْوَاقِهِ
أَسَرَ القُلوبَ بِأَسْرِهَا في حُبِّهِ / فَاللَّهُ يَحْفَظُهُ عَلى عُشَّاقِهِ